لمـــــاذا نحــــــن المسلمـــون مختلفـــــــون ؟ ....

محمد راقي

New Member
لماذا نحن المسلمون مختلفون ؟

إن الله سبحانه ذم الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ( كل حزب بما لديهم فرحون ) وهؤلاء هم أهل التقليد بأعيانهم , بخلاف أهل العلم ، فإنهم وإن اختلفوا لم يفرقوا دينهم ولم يكونوا شيعا , بل أمة واحدة متفقة على طلب الحق , وإيثاره عند ظهوره , وتقديمه على كل ما سواه , فهم طائفة واحدة قد اتفقت مقاصدهم وطريقهم ; فالطريق واحد , والقصد واحد , والمقلدون بالعكس : مقاصدهم شتى , وطرقهم مختلفة , فليسوا مع الأئمة في القصد ولا في الطريق .
أن الله سبحانه ذم الذين تقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون , والزبر : الكتب المصنفة التي رغبوا بها عن كتاب الله وما بعث الله به رسوله , فقال تعالى : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ) فأمر تعالى الرسل بما أمر به أممهم : أن يأكلوا من الطيبات , وأن يعملوا صالحا , وأن يعبدوه وحده , وأن يطيعوا أمره وحده , وأن لا يتفرقوا في الدين ; فمضت الرسل وأتباعهم على ذلك , ممتثلين لأمر الله , قابلين لرحمته , حتى نشأت خلوف قطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب مما لديهم فرحون , فمن تدبر هذه الآيات ونزلها على الواقع تبين له حقيقة الحال , وعلم من أي الحزبين هو , والله المستعان .
أن الله سبحانه قال : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) فخص هؤلاء بالفلاح دون من عداهم , والداعون إلى الخير هم الداعون إلى كتاب الله وسنة رسوله , لا الداعون إلى رأي فلان وفلان .
ولقد ذم من إذا دعي إلى الله ورسوله أعرض ورضي بالتحاكم إلى غيره , وهذا شأن أهل التقليد , قال تعالى : ( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ) فكل من أعرض عن الداعي له إلى ما أنزل الله ورسوله إلى غيره فله نصيب من هذا الذم ; فمستكثر ومستقل .
أن دين الله واحد , وهو ما أنزل الله به كتابه وأرسل به رسوله وارتضاه لعباده , كما أن نبيه واحد وقبلته واحدة , فمن وافقه فهو المصيب وله أجران , ومن أخطأه فله أجر واحد على اجتهاده لا على خطئه " .
ومن المعلوم بالاضطرار أن الصحابة لم يكونوا يعرضون ما يسمعون منه صلى الله عليه وسلم على أقوال علمائهم , بل لم يكن لعلمائهم قول غير قوله , ولم يكن أحد منهم يتوقف في قبول ما سمعه منه على موافقة موافق أو رأي ذي رأي أصلا , وكان هذا هو الواجب الذي لا يتم الإيمان إلا به , وهو بعينه الواجب علينا وعلى سائر المكلفين إلى يوم القيامة .
ومعلوم أن هذا الواجب لم ينسخ بعد موته , ولا هو مختص بالصحابة ; فمن خرج عن ذلك فقد خرج عن نفس ما أوجبه الله ورسوله .
لقد أسس الرسول صلى الله عليه وسلم الأمة الواحدة والمجتمع الواحد ووضع اللبنة الأساسية لها والدستور القويم المحكم والمنزه عن كل تحريف وتغيير ، وجاء النداء الإلهي يخاطب الضمير والأفئدة المؤمنة قائلا سبحانه وتعالى : ( إن هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاتقون )، وقد صان القرآن وحدتها بوضع آلية للبت في المنازعات والخلافات التي قد تمزقها، لما قال تعالى: ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) ( أي كتاب الله وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام ) ، فالآية تأمر الأمة أن تعرض نزاعاتها على القرآن الذي انزل ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، كإجراء يهدف إلى فض المنازعات والبت في الاختلافات ووضع حدا يمنع من تطور الخلافات الناشبة إلى صراعات وحروب وانقسامات تمزق وحدة الأمة.
إن تحكيم الكتاب في الخلافات الذي تطرحه الآية المتقدمة هو مشروع قرآني رباني لحل النزاع والخلاف بين أطراف الأمة، كما اسندت كلمة الفصل في تلك المنازعات والخلافات إلى القرآن المرجعية الدستورية التي تصون وحدة الأمة، باعتباره أن الخلاف والشقاق في صفوف الأمة ناجم عن مخالفة الكتاب، عندما يقوم البعض بعطف هدي القرآن على آراءهم، بذلك يفرغون القرآن من مضمونه في الوقت الذي يبدون إنهم يعملون به، بينما في الحقيقة أن الوحدة والتئام الصف ناتج عن الالتزام بالكتاب باستنطاقه، فذلك هو الذي يجعل مضامين القرآن قادرة على ان تترجم إلى واقع قائم على الأرض وان جذور فتنة الفرق في الأمة تستند إلى ظهور رجال يعملون بأهوائهم ويخالفون كتاب الله فيبتدعون سبل غير سبيل الله يضلون بها الأمة ...
إن مشروع تحكيم الكتاب لا يمكن إنتاجه ألا باعتماد التأويل منهجا لفقه القرآن والاستنباط منه يدل على ذلك خاتمة خطاب قوله تعالى: ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) ، فكان التحاكم إلى الكتاب يتطلب تطبيق قواعد علم التأويل على خطابات الكتاب والسنة النبوية الشريفة. وهو المنهج الذي نص عليه الكتاب عندما قال تعالى: ( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ) ، وقال تعالى: ( ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون، هل ينظرون إلا تأويله ) ، فكان اعتماد علم التأويل منهجيا هو السبيل الذي من شأنه ان يمنح القرآن خصائصه ليكون قادرا على التفصيل في الموضوع ليخرجه من حيز الالتباس إلى حيز البيان والوضوح: ( ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون، هل ينظرون إلا تأويله ). فيخرج القرآن من صفة الإجمال الذي فرضه عليه المتأخرون.
ثم البيان الشامل: ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ). فالقرآن بيان شامل، صمم ليستوعب ما كان وما يكون وما هو كائن من أحداث الحياة، إلا ان ذلك يتوقف على التأويل الذي هو علم تصريف آيات الكتاب على وجوهها التي فيظهر القرآن وقد حوى علم الأولين والآخرين.
ثم المعيار الفاصل في قوله تعالى: ( وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ) يدل على إن الوظيفية الأساسية للكتاب هي في قدرته على الحكم في الاختلافات فيكون بيانه فصل الخطاب وهذا لا يتحقق إلا بوجود المنهج المنضبط الذي يحيّد هوى الباحث من جهة ويفصل مجملات الخطاب من جهة أخرى، فيقود التفصيل إلى إظهار كلمة الفصل في الاختلاف عندما يفكك الالتباس والذي يستند إليه الاختلاف.
وإذا كانت أجيال المذاهب التي خلفها الوضع التاريخي وورثها تراثه الفرقي هي من الأجيال المخدوعة وهو الوصف الذي يحتمل انطباقه على جميع المذاهب دون استثناء، وليست على أجيال الآباء الذين أسسوا المذاهب فعمدوا إلى التمسك بالباطل وهم يعلمون بباطلهم ويعرضون عن الحق ظلما وعدوانا، فان ذلك يجعل الوضع الراهن هو الوضع الأمثل لإعادة طرح مشروع تحكيم كتاب الله تعالى ، والوقوف على سنته الطاهرة إن نحن أردنا أن ننتصر على اليهود وأعوانهم ، وأردنا أن نؤسس المجتمع المسلم الواحد ، وأردنا النصر من الله تعالى ، وأردنا الفلاح في الدنيا والآخرة .............ومن غير الوحدة الإسلامية ، ومن غير الالتفاف حول صف واحد وقرآن واحد وسنة واحدة لا تتبدل ولا تتغير سنبقى غثاءا كغثاء السيل لا ينفع ولا يضر ولا يرتجى منه خير ولا نفع .

محمد راقي

 


122189_1210015321.gif
 


جزاك الله خيراً أخي الحبيب محمد راقي على هذا الموضوع المتميز والنافع بإذن الله ...
بارك الله فيك وعليك أخي الغالي وبارك لك في علمك وفي عمرك ...
ولله در من قال :
" الجماعة أن تكون على الحق ولو كنت وحدك " ...
أخي الكريم راقي :
صدقني أخي الحبيب أني بحث عن جملة أو عبارة في موضوعك لأقتبسها وأعلق عليها فلم أفلح !!
أتدري لماذا أخي الغالي ؟؟
لأنني وجدت نفسي سأقتبس الموضوع بكامله من أول كلمة لآخر كلمة ...
وما ذاك إلا دليل على شدة تماسك الموضوع وروعته !!
موضوعك أخي الحبيب كالماء العذب السلسبيل ...
أو هو السهل الممتنع ( كما يقولون ) ...
دمت في حفظ الرحمن وأمنه !!..
 


أخي الحبيب أبو قصي شرفني مرورك وتعليقك النبيل ، ونسأل الله تعالى أن يمن على هذه الأمة شيئا من الوعي والمسؤولية والتبصر لتستيقظ من سباتها ورقودها ، وترجع عن غفلتها وضعف فطنتها ، وتتمسك بما جاء به الرسول الأمين والمرشد القويم وهو يصرخ في أمته ويقول : ( تركتم على المحجّة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلاّ هالك ) ..؟!

113923_1211751445.gif
 


اشكرك أخي محمد راقي على طرحك الطيب والراقي ...
بارك الله فيك

الاختلاف هو من صفات المغضوب عليهم وهم " يهود"
كما ورد في الاية الكريمة " تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى "

اما المسلمون فهذا عرض اصاب الامة بسبب انشغالها في المجاهرة بالمعاصي بكل انواعها وهذه هي النتيجة اُستبيح حياض الاسلام و نجح العدو في شعر و تصديع البناء المسلم ولكن لم يقتل ولم ينزع الاسلام وتعاليمه من القلوب فالله المستعان .

فالعلاج هو
الالتفاف حول صف واحد وقرآن واحد وسنة واحدة لا تبديل ولا تغيير
 


الاختلاف هو من صفات المغضوب عليهم وهم " يهود"
كما ورد في الاية الكريمة " تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى "

اما المسلمون فهذا عرض اصاب الامة بسبب انشغالها في المجاهرة بالمعاصي بكل انواعها وهذه هي النتيجة اُستبيح حياض الاسلام و نجح العدو في شعر و تصديع البناء المسلم ولكن لم يقتل ولم ينزع الاسلام وتعاليمه من القلوب فالله المستعان .
بارك الله فيك أختي مريم على مرورك الكريم وكلماتك الطيبة ، لكن الملاحظ أختي الكريمة أن المسلمون ومنذ عصور خلت ، تركوا المحجة البيضاء وازلقوا نحو البدع والخزعبلات والمعتقدات الخاطئة إما عن قصد أو قبلية وطائفية أو عن سوء فهم وإدراك ، ونقص علم ودين .
غير أن المصيبة العظمى والطامة الكبرى أن نجد أناسا أخذوا من العلم ذروته ونهلوا من المعرفة والدين مجمله ، وعرفوا الفرق بين طريق الحق والهداية ، والبدع والغواية ، ومع ذلك اسلخوا من قيمهم ومعتقداتهم الواجبة عليهم اتباع طريقها والمضي في سبيلها ، واتبعوا السبل الضالة المضلة من صوفية وقادرية وتيجانية ووووووووووووووووووووووو ... إلى غير ذلك من الفرق الضالة البعيدة كل البعد عن السنة المحمدية ، والمصيبة أنهم يسدون آذانهم عن الحق كلما ناداهم وعن الحقيقة كلما كشفت لهم ، ويجادلونك بالباطل ولا يستسلمون ، ويقارعونك بالحجج الواهية ولا يتعضون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
 
عودة
أعلى