( مدخل إلى الأدب الإسلامي ) دراسة منهجية هادفة (2) ..

أبو قصي

ضيف شرف
طاقم الإدارة
إخواني الأعزاء وأحبابي الكرام :
نستعرض سوياً في هذه الحلقة من سلسلتنا ( دراسة منهجية هادفة ) الفصل الأول من الكتاب الجليل القدر ( مدخل إلى الأدبي الإسلامي ) وفي نهاية هذا الفصل الرائع من الكتاب يخلص المؤلف ( رحمه الله ) إلى أن المفهوم الشامل للأدب الإسلامي أنه :
  • تعبير فني جميل مؤثر ..
  • نابع من ذات مؤمنة ..
  • مترجمٌ عن الحياة والإنسان والكون ..
  • وفق الأسس العقائدية للمسلم ..
  • وباعث للمتعة والمنفعة ..
  • ومحرك للوجدان والفكر ..
  • ومحفز لاتخاذ موقف والقيام بنشاط ما ..
ـ والآن تعالوْا معي نستعرض بشئ من التفصيل ماكتبه الدكتور نجيب الكيلاني
( رحمه الله ) في مفهوم الأدب الإسلامي :-
mod69hs2.gif

( مدخل إلى الأدب الإسلامي ) دراسة منهجية هادفة (2) ..

مفهوم الأدب الإسلامي

--------------------------------

الأدب بصفة عامة لون من ألوان الفنون ، وهو أكثرها شيوعاً وتأثيراً وشعبية لأنه يضم الشعر وأنواع النثر الفني كالقصة والمسرحية والمقالة والخاطرة وترجمة الحياة وغيرها ، وعلى الرغم من اختلاف التعاريف التي وضعت للأدب في مختلف العصور ، إلا أننا نستطيع أن نستخلص منها سمات أساسية للعمل الفني الأدبي ، فهناك ( الصورة الفنية ) المؤثرة التي تتشكل من عناصر عدة أولها اللغة المنتقاة حيث تؤدي اللفظة الموحية المؤثرة وظيفة خاصة مميزة ، هذه اللفظة لا تقوم بذلك وحدها ، ولكن بارتباطها العضوي مع باقي الألفاظ في نسق معين ، وبما تعكسه من فكرة وتثيره من خيال ، وبما تحركه من عاطفة وتولده من اندماج ، فالصورة الفنية تكاد تكون تجربة حية يحدث فيها نوع من التمازج بين الأديب والمتلقى ، ولوناً من ألوان الحوار الحار والتفاعل الخصب ، تلك التجربة الحياتية في إطار هذه الصيغة الفنية تبدو جديدة شيقة ، وتكشف الكثير عما غمض في حياتنا العامة وعلاقاتنا العديدة المتشابكة ، وتضفي على وجودنا ثراء ومعرفة ومتعة ، ومن الوهم أن نتصور أن هذا الأثر الجمالي هو كل شيء ، إنه وثيق الصلة بنفوسنا وحركتها وبعواطفنا وتوجيهاتها وبأفكارنا ونموها وبأرواحنا وسموها ، وإذا كان إحساسنا بالمتعة والجمال في حد ذاته أثراً إيجابياً ، إلا أنه يظل فردي النزعة محصور الطاقة محدود الفاعلية ، إلا إذا حرك في داخلنا البحيرات الراكدة وأشعل النيران الخامدة ، فانطلقنا إلى مواقف جديدة ، وبدأنا الرحيل إلى آفاق وعوالم أكثر حيوية ودفئاً وحاولنا أن نتفيأ ظلال واقع يمور بالحركة والتطلع ، وتلك هي الإيجابية بمعناها الواسع الصحيح ، فالمتعة المجردة الساكنة المنطوية ، تحمل في ثناياها على نفسية تمضي بصاحبها إلى الإنطواء والعزلة وأحلام اليقظة العليلة ..
ولقد حاول الدارسون أن يجعلوا من الأدب مضموناً وشكلاً ، وعلى الرغم من صعوبة الفصل بين الشكل والمضمون إلا أن هذا التبسيط أو التصور يبدو ضرورياً في بعض الأحيان توارثناه عن الفلسفات القديمة التي تحاول التجزئة أو التشريح من أجل الوصول إلى إدراك أوضح للأمور المعقدة ، والمسائل التجريدية ، ألا يمكن أن يكون في الفكرة نفسها جمال من نوع ما ؟؟ ثم ألا يوحي الشكل أو الصورة الأدبية المركبة بطريقة فريدة ألا توحي بانطباعات وتصورات تساهم في اكتمال المعنى وبلورة الفكرة وتجسيد المفاهيم ؟؟ ومع ذلك فإن هذا التقسيم للعمل الأدبي إلى شكل ومضمون يبدو ( كما ألمحنا ) ضرورة ، وليس أدل على ذلك من أن جميع المدارس الأدبية ، تحاول أن توضح جذورها الفكرية والفلسفية ، أو تترجم تصوراتها عن الإنسان والكون والحياة إلى وقائع في القصة أو الرواية أو العمل المسرحي ، بل وفي الشعر أيضاً ، وتجعل من شخصيات العمل الدرامي بالذات نماذج معبرة ( في حوارها وسلوكها وعلاقاتها ) عن المضامين الفلسفية التي تؤمن بها أو تروج لها ..
ولقد كان لتقسيم الأدب إلى عنصري الشكل والمضمون أثر سلبي لا يمكن تجاهله ، فلقد احتفى بعض الأدباء احتفاءً زائداً بالفكرة على حساب الشكل الفني ، فاختلت الموازين الفنية وضعف التأثير وقلت المتعة وكان ذلك واضحاً أشد الوضوح في ( الآداب الموجهة ) ـ بفتح الجيم وتشديدها ـ فتحول الأدب إلى نشرات سياسية ، تنطق باسم حزب من الأحزاب ، أو شعارات طنانة تهتم وتهتف باسم زعيم من الزعماء ، أو أبواقاً إعلامية تتغنى بمجد حكومة من الحكومات ، وتوارت القيم الفنية ، فتعطلت وظيفة الأدب الأساسية في السمو بالأرواح والأذواق ، وفقدت الأفكار حيويتها وجاذبيتها ، وتضعضعت القيم الإبداعية ، وأصبح الأدباء في ذيل الموكب للحاق بركب المنفعة ولم تعد لهم الريادة والقيادة ، فلم يكن غريباً أن تتدهور آدابنا المعاصرة ، وتتمرغ في أوحال الذلة والهوان ..
وهناك فئة أخرى من الأدباء المعاصرين .. حاولوا الإفلات من جحيم الحصار والقهر فاحتموا بغابات الإبهام والغموض السوداء ، وأغرقوا في الرمز والهروب حتى يحافظوا على نقائهم الفكري ، وقيمهم الإبداعية ، فتقوقعوا في عالم خاص بهم ، وأداروا الحوار الخاص بينهم وبين أنفسهم ، ففقدوا الصلة المقدسة التي تقيم العلاقات بينهم وبين الآخرين ، ولم يعد لهم التأثير المأمول في حركة الحياة وتحريك العواطف واتخاذ المواقف ..
وقد عبر أحد الشعراء المحدثين عن هذه المأساة بقوله :
(( شاعركم جبان ..
يخاف من ترجمة الإفصاح ..
لذا تراه يختفي خلف حلكة العبارة ..
ينسجها من أغرب الرموز ..
يملؤها بالليل والأشباح ..
وكل قطعة تلوح كالمغارة ..
مغلقة على عجائب الكنوز )) !!..
ـ نكتفي بهذا القدر مؤقتاً ونستكمل استعراض هذا الفصل الهام من كتاب ( مدخل إلى الأدب الإسلامي ) بعد رؤية بعض من ردودكم ومداخلاتكم والتي ستثري بلا شك موضوعنا ودراستنا المنهجية الهادفة بإذن الله .......
 


وأنت بارك الله فيك وعليك أخي الحبيب سامو ...
أشكرك جزيلاً أخي الكريم على مرورك العطر وعلى تشريفك الندي ...
رزقك الله من خيري الدنيا والآخرة بغير حساب ...
دمت في حفظ الرحمن وأمنه !!..
 


فالصورة الفنية تكاد تكون تجربة حية يحدث فيها نوع من التمازج بين الأديب والمتلقى
وهذا هو الابداع

تلك التجربة الحياتية في إطار هذه الصيغة الفنية تبدو جديدة شيقة ، وتكشف الكثير عما غمض في حياتنا العامة وعلاقاتنا العديدة المتشابكة ، وتضفي على وجودنا ثراء ومعرفة ومتعة

وهذا برأي اسلوب الادب الرصين والمتجدد دائما
وهنا بعض الابيات التي تصف ذلك​

 


وهذا هو الابداع


وهذا برأي اسلوب الادب الرصين والمتجدد دائما
وهنا بعض الابيات التي تصف ذلك​



70769_1202145185.gif
جزاكِ الله خيراً أختي الفاضلة الكريمة مريم ...
بارك الله فيكِ وعليكِ وبارك لكِ في علمكِ وفي عمركِ ...
كل الشكر لكِ أختي الكريمة على مروركِ العطر وعلى تشريفكِ المتلألئ ...
كما أشكركِ جزيلاً على اهتمامكِ الدائم وعلى إضافاتك المثرية والواعية ...
أتمنى لكِ كل توفيق ونجاح وسعادة في الدنيا والآخرة ...
رزقكِ الله من كل خير ...
ودمتِ في حفظ الرحمن وأمنه !!..
 


الاستاذ الكبير الفاضل ابا قصي
تحية الاسلام
ان كل مفردات ثقافتي
لا تفيك حقك من الشكر والتقدير
لك مني عاطر التحية واطيب المنى
دمت بخير
 


الاستاذ الكبير الفاضل ابا قصي
تحية الاسلام
ان كل مفردات ثقافتي
لا تفيك حقك من الشكر والتقدير
لك مني عاطر التحية واطيب المنى
دمت بخير
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ...
العفو والدي الحبيب وأستاذي الكبير ...
جزاك الله خيراً أديبنا الغالي ...
بارك الله فيك وعليك وبارك لك في علمك وفي عمرك وفي بيتك وأسرتك ...
مرورك العطر يسعدني ويزيدني فخراً وشرفاً ...
كل الشكر لك والدي الغالي على اهتمامك الكبير وعلى تشريفك الحاني ...
لك مني عاطر التحية وأطيب المنى ...
دمت في حفظ الرحمن وأمنه !!..
 


113923_1211406332.gif


جزاك الله خيرا أخي الكريم أبو قصي على هذا الطرح القيم والهادف ، وفعلا موضوع في غاية الأهمية والجدية فالشرط الأساسي في الأدب الإسلامي أن يكون المعيار الإبداعي راجحا، وأن يكون الأثر الذي يتركه في النفس محمودا، وأن يرغب القارئ في الإسلام بمبادئه وقيمه السامية، باعثا له على الإقتراب منه، وليس المقصود بالأدب الإسلامى أن يكون تاريخا أو بحثا فقهيا، ولا تفسير آية أو شرح حديث، فهذه الأنماط من الكتابة ليست أدبا.
لكن الذي يجب أن نؤكد عليه وننبه إليه أولا و أخيرا، هو أن الأدب الإسلامي رهين بالإسلام، وموقوف على الأديب المسلم، وبعبارة ثانية نقول: إن الحديث عن الأدب الإسلامي في غياب العقيدة الإسلامية والذات المسلمة يعد ضربا من المستحيل؛ فنحن لا نتفق جملة وتفصيلا مع من يرى بأن الأدب الإسلامي يشمل كل نص أدبي، شعرا كان أم نثرا، يتحقق فيه المعنى الإسلامي، وإن كان صاحب النص لا يدين بالإسلام، ولا يلتزم به في واقع حياته.

113923_1211406446.gif


 


لكن الذي يجب أن نؤكد عليه وننبه إليه أولا و أخيرا، هو أن الأدب الإسلامي رهين بالإسلام، وموقوف على الأديب المسلم، وبعبارة ثانية نقول: إن الحديث عن الأدب الإسلامي في غياب العقيدة الإسلامية والذات المسلمة يعد ضربا من المستحيل ..
جزاك الله خيراً أخي الحبيب محمد راقي على مداخلتك القيمة هذه ...
كلامك الراقي أخي الغالي في الإقتباس بالأعلى أصاب كبد الحقيقة ...
فالأدب الإسلامي الأصيل والعقيدة الإسلامية الخالصة لا ينفكان ولا ينفصلان أبداً ...
والأديب المسلم في إبداعاته لا يمكن له أن يبتعد بأي حال عن مبادئ الإسلام وثوابته ...
وهذه الإضافات المثرية والمنسجمة مع أصل الموضوع أشكرك عليها جداً جداً ...
ولله درك أيها الحبيب راقي عندما توضح المعيار الصحيح والراجح للإبداع ...

فالشرط الأساسي في الأدب الإسلامي أن يكون المعيار الإبداعي راجحا، وأن يكون الأثر الذي يتركه في النفس محمودا، وأن يرغب القارئ في الإسلام بمبادئه وقيمه السامية، باعثا له على الإقتراب منه، وليس المقصود بالأدب الإسلامى أن يكون تاريخا أو بحثا فقهيا، ولا تفسير آية أو شرح حديث، فهذه الأنماط من الكتابة ليست أدبا.
بالفعل نحن في أمس الحاجة في زماننا هذا لإبداعٍ يرغبنا في الإسلام وقيمه السامية ...
في أمس الحاجة لإبداع باعثٍ لنا لنقترب أكثر وأكثر من الطريق الصحيح ...
في أمس الحاجة لإبداع نرى فيه بديلاً وعوضاً عن :
هذا الكم الهائل من ركام الزيف والهراء والغثاء ...
الذي يقدم لشبابنا وفتياتنا في وسائل الإعلام والثقافة المختلفة ...
والمسمى زوراً وبهتاناً بالفن والأدب ...
ونحن كنا ومازلنا وسنظل متمسكين بالأمل بعون الواحد المعبود سبحانه ...
الأمل الكبير فيكم أنتم ( وأمثالكم كثر ) .. راقي .. شتيوي .. مسلمة .. بادو .. مياسي ...
ومعكم بالطبع أستاذنا الكبير لطفي الياسيني ...
ننتظر منكم الكثير والكثير والكثير ..
في اتجاه العودة بالآداب والفنون إلى أصالتها ورصانتها ...
العودة إلى نبع الإسلام الصافي والخالص من الشوائب والأدران ...
بوركت راقي وبوركتم جميعاً !!..
 


ـ نستكمل سوياً بعون الله استعراض هذاالفصل الهام من كتاب ( مدخل إلى الأدب الإسلامي ) حيث يكمل الدكتور نجيب الكيلاني ( رحمه الله ) كلامه السابق فيقول :
إن الغموض والإبهام الذي ساد الآداب المعاصرة أمر مخيف بالنسبة للحاضر والمستقبل ، إنه ضرب من الشذوذ ، وقد أصبح قاعدة بل فلسفة يروج لها النقاد في مختلف الأنحاء ، ويعتبرونها معيار الحداثة والإبداع ، فإذا كانت الحياة المعقدة في الغرب والخواء الروحي والتخمة المادية والنمط الميكانيكي للحركة اليومية والتفكك الأسري وطغيان الفردية والفوضى الفكرية والسلوكية تحت شعار الحرية والأمراض النفسية الفتاكة ، إذا كان هذا كله قد أفرز في الغرب آداباً وفنوناً معتلة ، فما معنى أن نختط لحياتنا في الشرق تصوراً شبيهاً لما يجري في هذا الغرب ؟؟ أيمكن القول : أن السلطة القاهرة الجائرة قد خلقت جوًّا مناسباً شبيهاً لما يجري في الغرب !! لقد أشرنا فيما سبق إلى فئة من الأدباء نحت ذلك المنحى وتوفرت لديها مبررات كافية للإغراق في الغموض ، لكن البناء النفسي للشعوب الإسلامية وطبيعة تكوينها ومثلها العقائدية والإجتماعية يمكن أن تقيها شر هذا الفساد ، ولا بد أن نجهز على الفكرة القائلة بأن الإبداع هو الغموض والصور الفنية المبهمة التي تتدفق من تيار الوعي واللاوعي ، فمسؤولية الكلمة ( إن كنا نؤمن بها ) تقتضي الوضوح دون إهدار للقيم الفنية الجمالية ..
ولنتوقف عند هذه النقطة الجوهرية ، فالقرآن ( قمة البيان ) ، وصورة الأدب الخالدة واضح ميسر : ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) ( القمر :17 ) ، فالكلمة رمز يحمل رسالة ما ، هذا في المجال العام ، لكن هذه الرسالة ( في المجال العلمي ) محدودة ولا تحتمل التأويل ، ولا تحفل بقيم جمالية ، لكنها في مجال الأدب تتوقد حيوية وإثارة ، وتتسم بالجمال والمتعة ، فالكلمة وسيلة ، بل اللغة كلها وسيلة ، وبالإضافة إلى ذلك فهي من وجهة النظر الإسلامية مسؤولية ، يخضع مبدعها للحساب كالفعل تماماً ، وتتحدد المسؤولية بداهة فيما تحمله الكلمة من معنى ، وما تخلفه من انطباع أو تأثير ، فقد ربطت المسؤولية بين مبدع الكلمة ومتلقيها ، وبالتبعية الحركة ( أو الديناميكية ) التي تشعلها الكلمة أو تغرسها في نفس وروح وفكر الآخرين ، وقد يظن ظان أن المسؤولية هنا مع الغموض ، فالرسالة المبهمة عبث ، ولكن الواقع غير ذلك إذ أن ( الصورة الفنية ) الغامضة قد تنقل إلى ذهن المتلقي وروحه اضطراباً أو تحركاً أعمى أو انفعالاً طائشاً بلا فهم أو هدف ، ولا يتولد عنها إلا التمرد العشوائي أو الرفض الجنوني ، هذا الإنطباع المختل أو الأثر المشتت يعد خروجاً على النسق البديع الذي تشربناه مع قيم الإسلام ومبادئه ، وخلاصة الأمر أن المسؤولية تقتضي الوضوح ، ولكنها لا تتعارض مع القيم الجمالية ، وتقتضي الأثر الهادف البناء ، كما لا تهدر المتعة ، وإصرارنا على هذه النقطة بالذات مرتبط بأهمية اعتبار الأدب ضرورة حياتية تخص الناس جميعاً ، وحق المنفعة والمتعة ميراث مشاع لمختلف المستويات ، إن هناك معنى يريد أن يعبرعنه الأديب ، ولن تتوافر للتعبير عوامل النجاح ما لم يكن مفهوماً وقادراً على جلب المتعة والمنفعة ، وهذا التصور من ناحية أخرى يرتبط بقيم الصدق والأمانة ، فإذا كان بعضهم في جزء من هذا العالم أو آخر يعاني من التيه والتخبط والحيرة ، فلا معنى لأن نعالج أساه بمزيد من الآداب المضطربة المبهمة التي تزيد من أساه وتؤكد عذابه ، وتنقل إليه مزيداً من الحيرة ، وإلا كنا كما قال الشاعر : ( وداوني بالتي كانت هي الداءُ ) ..
لكن هل الغموض ضرورة عصرية ، تترجم عن عصر أوغل في البذاءة والضلالة ؟؟ ليكن .. إنها قد تقدم أعراضاً لمرض العصر ، لكن أين موقف الأديب القادر على المساهمة في صنع حياة أفضل وأجمل ؟؟ وإذا كان الأديب يعبر عن الحياة خلال نفسه وفكره ، ويبدع لها صورة مؤثرة أخّاذة ترتبط بذاته وخصوصياته فتبدو متفردة جديدة ، تضيف إلى عالم المتلقي كائنات وعلاقات وانفعالات مستحدثة جذابة ، فلا بد أن يكون الهدف من وراء ذلك تفجير طاقات بناءة في داخل الإنسان ، وإشعاره بالرضى والإمتاع ، وإثراء وجوده بحيوات أخرى قد لا تتيسر له في واقع الحياة التي يعيشها ، وهكذا لا يقعد به الخيال كسيراً كسيحاً بل ينهض به إلى آفاق أسمى وأروع ، وبذلك تتوقف الطاقات الإنسانية وتتحفز ، وتلعب دورها الفعال في صنع حياة أفضل ، ولا يتيسر ذلك إلا من خلال تصور صحيح للإنسان والكون والحياة والعلاقات التي تنسق مسيرة المخلوقات ، والقيم الأصلية التي ترسخ خطى السائرين في طريق الخير والنماء والحق والحرية والجمال ، الأدب الإسلامي أدب مسؤول ، والمسؤولية الإسلامية إلتزام نابع من قلب المؤمن وقناعاته ، إلتزام تمتد أواصره إلى كتاب الله الذي جاء ( بلسان عربي مبين ) ، ولا يصح أن ننخدع بالتزام الوجوديين وغيره ( فسارتر ) يقرر أن حريته تبدأ عندما يموت الإله ( والعياذ بالله ) لأن فلسفته تقوم أساساً على رفض الأديان والقيم والأعراف السابقة ، أي أن التزامه يبدأ بعدم الإلتزام بأي قيم سابقة ، وبالطبع فقد أصبح كل وجودي ( وليس سارتر وحده ) صاحب قيم جديدة يصنعها لنفسه وبنفسه ، وهكذا أصبح التفلت شعاراً ، ووجد في عالم الوجوديين أنبياء زائفون بعددهم ، واستهوت البدعة هذه الفارغين واليائسين ، واستمالت المتحللين من القيم والأخلاق والمبادئ ، ولم لا وقد فهموا أن معنى ذلك هو قمة الحرية ..
إن ارتباط الأدب الإسلامي بالمسؤولية النابعة من صميم الإسلام ، يقي أجيالنا المحاصرة من السقوط في براثن تيه الفلسفات التي تعد بالمئات .. إن الفلسفة الوجودية مثلاً لم تعد فلسفة واحدة بل عشرات ، وحتى مدرسة التحليل النفسى انقسمت إلى مدارس عدة ، والمادية الجدلية تفرعت وتنوعت وخاصة في مجال التطبيق والممارسة ، وما كان بالأمس يعد فتحاً جديداً بل ديناً حديثاً ، أصبح الإستمساك به كفراً بواحاً ، وصدق الله العظيم إذ يقول في كتابه الكريم : ( إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً ) ( النجم : 28 ) ، وشتان بين الظن والحق ، وفي إطار هذا الحق ( لا الظن ) يتحرك الأدب الإسلامي ، وسلاحه الكلمة الطبية : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ) ( إبراهيم 24 ـ 25 ) ..
يقول أحد النقاد المعاصرين : ( علاوة على الدور المدرك للفن ، هناك مغزاه التعليمي ، ولكن الفن يثقف المتفرج ( أو المتلقي ) بطرقه الخاصة إنه يؤثر أول ما يؤثر على إحساسنا ، ويستحوذ على انفعالاتنا ويطوقها ، فالفن الأصيل يكون دوماً أخلاقياً ما دام قد أملته قناعة الفنان الروحية الحية ، ليخدم الخير ويكافح الشر ) ..
ـ نتوقف قليلاً لرؤية ردودكم ومداخلاتكم ثم نستكمل سوياً موضوع ( مفهوم الأدب الإسلامي ) في أقرب فرصة بإذن الله ......
 


أنا لم أقرأ غير الجزء المكتوب بالأعلى وسأعلق على بعض منه

جميع المدارس الأدبية ، تحاول أن توضح جذورها الفكرية والفلسفية ، أو تترجم تصوراتها عن الإنسان والكون والحياة إلى وقائع في القصة أو الرواية أو العمل المسرحي ، بل وفي الشعر أيضاً ، وتجعل من شخصيات العمل الدرامي بالذات نماذج معبرة ( في حوارها وسلوكها وعلاقاتها ) عن المضامين الفلسفية التي تؤمن بها أو تروج لها ..

هنا يحضرنى بيت شعر لشوقى يقول فيه :
أَحرامٌ عَلى بَلابِلِهِ الدَو ... حُ حَلالٌ لِلطَيرِ مِن كُلِّ جِنسِ
فإنه فى عصرنا الحالى , كل ملحد وكل زنديق , وكل من يؤمن بتصورات فلسفية عقيمة , وهرطقات منطقية ذميمة , مسموح له بالكلام , والتعبير عما يعتلج فى صدره , ويدور فى خاطره من وجهات نظر , ورؤى وتصورات
فإذا حاول الاديب المسلم التعبير عن مكنونات شعوره فإنه يحجب ويمنع , ويُصد ويردع , كأنا ارتكب جُرما , وأتى إثما

إذن فعلينا فى الأدب الإسلامى أن نعبر عن قضايانا وأمورنا وتصورتنا التى هى من صميم الشرع المطهر , المعصوم من الزيغ والضلال ..

وكما قال أخى محمد راقى - وانا أوافقه - فى قوله :
لكن الذي يجب أن نؤكد عليه وننبه إليه أولا و أخيرا، هو أن الأدب الإسلامي رهين بالإسلام، وموقوف على الأديب المسلم، وبعبارة ثانية نقول: إن الحديث عن الأدب الإسلامي في غياب العقيدة الإسلامية والذات المسلمة يعد ضربا من المستحيل؛ فنحن لا نتفق جملة وتفصيلا مع من يرى بأن الأدب الإسلامي يشمل كل نص أدبي، شعرا كان أم نثرا، يتحقق فيه المعنى الإسلامي، وإن كان صاحب النص لا يدين بالإسلام، ولا يلتزم به في واقع حياته.
إنه لرأى جدير بالاحترام

- ولكن يخطئ بعض الادباء الإسلاميين حين يجعل شعره كأنه نشرة سياسية , وعريضة رسمية , لا رائحة فيها للأدب وتعبيراته الرجراجة التى تحرك النفوس , وتهيج العواطف
أما كان أسلافنا من الشعراء يتحدثون فى قضايا فتوحات الخلفاء , وهى قضايا قمة فى التعقيد , ولكنها مزجوها بعواطفهم , فجاء الشعر مزيجا محمودا من الفكرة الطيبة , والأدب الرقيق

ومثال ذلك أبيات من بائية ابى تمام فى مدح المعتصم فاتح عمورية , وكيف يتحدث ابو تمام عن بطلان التكهن والتنجيم بأسلوب قمة فى الروعة :
أَينَ الرِوايَةُ بَل أَينَ النُجومُ وَما ... صاغوهُ مِن زُخرُفٍ فيها وَمِن كَذِبِ
تَخَرُّصاً وَأَحاديثاً مُلَفَّقَةً ... لَيسَت بِنَبعٍ إِذا عُدَّت وَلا غَرَبِ
عَجائِباً زَعَموا الأَيّامَ مُجفِلَةً ... عَنهُنَّ في صَفَرِ الأَصفارِ أَو رَجَبِ
وَخَوَّفوا الناسَ مِن دَهياءَ مُظلِمَةٍ ... إِذا بَدا الكَوكَبُ الغَربِيُّ ذو الذَنَبِ
وَصَيَّروا الأَبرُجَ العُليا مُرَتَّبَةً ... ما كانَ مُنقَلِباً أَو غَيرَ مُنقَلِبِ
يَقضونَ بِالأَمرِ عَنها وَهيَ غافِلَةٌ ... ما دارَ في فُلُكٍ مِنها وَفي قُطُبِ
لَو بَيَّنَت قَطُّ أَمراً قَبلَ مَوقِعِهِ ... لَم تُخفِ ما حَلَّ بِالأَوثانِ وَالصُلُبِ


بارك الله فيك
واتمنى أن أرى باقى الفصل فى حلقة مستقلة لأن الأعضاء لن ينتبهوا إلى أن ثمة جديد يُطرح

والسلام
 


فإذا حاول الاديب المسلم التعبير عن مكنونات شعوره فإنه يحجب ويمنع , ويُصد ويردع , كأنا ارتكب جُرما , وأتى إثما
إذن فعلينا فى الأدب الإسلامى أن نعبر عن قضايانا وأمورنا وتصورتنا التى هى من صميم الشرع المطهر , المعصوم من الزيغ والضلال ..
- ولكن يخطئ بعض الادباء الإسلاميين حين يجعل شعره كأنه نشرة سياسية , وعريضة رسمية , لا رائحة فيها للأدب وتعبيراته الرجراجة التى تحرك النفوس , وتهيج العواطف ..
جزاك الله خيراً أخي الكريم شتيوي على هذه الإضافات والإستنباطات المثرية ...
بارك الله فيك وعليك وبارك لك في علمك وفي عمرك ...
أشكرك جزيلاً وكثيراً على متابعتك واهتمامك ...
رزقك الله من كل خير ...

واتمنى أن أرى باقى الفصل فى حلقة مستقلة لأن الأعضاء لن ينتبهوا إلى أن ثمة جديد يُطرح ..

أوافقك الرأي في ذلك ولكن المشكلة هي : كيف سيتم تجزئة العنوان المجزأ أصلاً ؟؟
أشر عليّ يا زعيم !!
بوركت شتيوي وسلمك الله من كل مكروه !!..
 


بسيطة جدا

اجعل العنوان الداخلى كالآتى :
مفهوم الادب الإسلامى (1)
مفهوم الادب الإسلامى (2)
مفهوم الادب الإسلامى (3)
... إلخ

بينما يظل العنوان الخارجى كما هو
 


اجعل العنوان الداخلى كالآتى :
مفهوم الادب الإسلامى (1)
مفهوم الادب الإسلامى (2)
... إلخ
أوافقك في ذلك من حيث التنسيق الداخلي ولكن :

بينما يظل العنوان الخارجى كما هو ..
إذا ظل العنوان الخارجي كما هو ...
فإنَّ ذلك لن يكون مفيداً ولا مناسباً حيث أنَّ :

الأعضاء لن ينتبهوا إلى أن ثمة جديد يُطرح ..
فما هو الأنسب إذن ؟؟..
 


لا يا سيدى

أنا اقصد أنك ستبقى عنوان السلسلة كما هو
لكن تضع كل جزء من أجزاء الموضوع فى موضوع مستقل

المهم أن تكون الفكرة مترابطة بغض النظر عن حجمها
ولا مشكلة من ان تكون مجزأة مادم عنون واحد يجمعها

بوركت
 
عودة
أعلى