وقفة مع النفس .. مطالب النفس أول ما يبرز لدى الإنسان .. ( 6 )

بسم الله و الحمد لله و الصلاة والسلام على أشرف خلق الله

قال تعالى .. " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين ..." .. و قال صلى الله عليه و سلم " كل مولود يولد على الفطرة ..." ( الحديث ) .
فالله عز و جل خلق الإنسان على الفطرة السوية .. و هذه الفطرة مودعة في قلب الإنسان و في عقله و في روحه و في نفسه و في كلياته .. فالأصل في الإنسان الاستقامة لا الاعوجاج و الصواب لا الخطأ ..
لكن .. مع نشأة الإنسان .. منذ ولادته .. أول ما يبرز عند المولود مطالب النفس .. قبل مطالب العقل و قبل مطالب الروح و القلب .. قبل أن تتفتح مداركه .. و الفرق بين مطالب النفس و مطالب العقل أن مطالب العقل تقوم على إدراك و تمييز و اختيار من الإنسان .. و مطالب النفس تقوم على استجابة لهوى مرتبط بغريزة أو بشهوة من طعام أو التفات إلى حب منزلة أو سيطرة أو غير ذلك ..
إن الصراخ عند المولود هو أول تعبير عن طلب النفس للتخلص من ألم أو تعب أو جوع .. فما أن يلتقم المولود ثدي أمه و يرتشف من لبنها حتى يهدأ و يكف عن الصراخ ..
و معالجة هذا الأمر في سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يكون بتلبية طلب هذه النفس مباشرة .. بل سن لنا قبل ذلك أن نؤذن للمولود في أذنه اليمنى و نسمعه الإقامة في الأذن اليسرى .. و لذلك دلالات سيأتي الحديث عنها لاحقا .. إذن فالطفل يصرخ بمطالب نفسه و السنة تقابل ذلك بمخاطبة روحه التي لا يشعر الإنسان بصراخها و لا بصياحها .. و لو أذن لها أن تسمع صراخها و هي لا تزال في الجسد لما تحمل الخلق صراخها و هي تطلب مطالبها .. و لهذا جاء أن الذي يعذب في القبر يصرخ صرخة يسمعها كل من في الأرض إلا الثقلين .. و لو سمعوها لصعقوا ..
و لقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أول ما يستقبل المولود الشيطان الذي يغمزه في خاصرته فيصرخ الطفل .. فالطفل هنا غير مكلف و لم يعص بعد و لم يرتكب ذنبا .. و هو لا يزال عاجزا .. فما دلالة ذلك ؟ هذا تنبيه لنا إلى أن مدخل الشيطان على الإنسان يكون عندما تبدأ مطالب النفس .. و بذلك يوسوس للإنسان .. و لهذا نجد الرسول صلى الله عليه و سلم أكثر ما يحذر منه الغضب .." يا رسول الله أوصني .. قال لا تغضب ( ثلاث مرات ) ".. فالغضب جندي من جنود هوى النفس .. فإذا غضب ابن آدم نفخ الشيطان في أوداجه فثارت ثائرته و صارت النفس هي التي تتكلم .. لهذا يحسن بالمؤمن إذا غضب أن يغير وضعه .. فإذا كان قائما قعد .. و إذا كان جالسا اضطجع .. و يحسن به أيضا أن يقوم قيتوضأ .. لأنه إذا تكلم فسيخطئ .. فالزمام لم يعد بيد العقل و إنما أصبح الزمام هنا بيد النفس ..
لنا متابعة للموضوع بإذن الله ..
و الحمد لله رب العالمين ..
 


إن الصراخ عند المولود هو أول تعبير عن طلب النفس للتخلص من ألم أو تعب أو جوع .. فما أن يلتقم المولود ثدي أمه و يرتشف من لبنها حتى يهدأ و يكف عن الصراخ ..
و معالجة هذا الأمر في سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يكون بتلبية طلب هذه النفس مباشرة .. بل سن لنا قبل ذلك أن نؤذن للمولود في أذنه اليمنى و نسمعه الإقامة في الأذن اليسرى .. و لذلك دلالات سيأتي الحديث عنها لاحقا .. إذن فالطفل يصرخ بمطالب نفسه و السنة تقابل ذلك بمخاطبة روحه التي لا يشعر الإنسان بصراخها و لا بصياحها ..
وهذا مثال جيد وبارع منك أخي الكريم نسترشد به ونستضيئ بسناه في حياتنا ...
فربط ( ما تهواه الأنفس ) بحقائق الوجود الكبرى هو أول التفاتة مهمة ...
ينبغي التنبيه عليها والتفطن لها دوماً وباستمرار إذا كنا نبغي الوصول ...
الوصول لعلاج ناجح وناجع لأدواء النفس ( الأمارة بالسوء ) من شبهات وشهوات ...
ثم قد تأتي بعد ذلك خطوات أخرى ووسائل أخرى من تربية وتخلية وتحلية وتزكية وغيرها ...
نحافظ بها على الصبغة الربانية .. على الفطرة السليمة التي فطرنا عليها الخالق جلَّ وعلا ...
مما لا أريد أن أستبق به سلسلتك المباركة ومواضيعك القيمة والهادفة ...
بوركت أخي الكريم مهدي ، وسلمت يمينك ، وجزاك الله كل خير ...
واصل سلسلتك الرائعة البديعة اخي الحبيب ...
ودمت في رعاية الله وعنايته !!..
 


السلام عليكم و رحمة الله

زادك الله أدبا و حياء ..
أكون سعيدا أخي إذا سبقتني لبعض محاور السلسلة و تناولت بعض جوانبها .. فإني واثق أننا نستقي من مشكاة واحدة .. فلا حرج في الأمر ..
فشأن التربية كما فهمت مما قرأت لك له ارتباط بصفاء هذه اللطائف و حسن تلقيها لما يتناسب مع طبيعة المدركات المنوطة بها .. و هو شأن عظيم ييسره الله لمن تكرم عليه بمربي عارف بالله .. و لي مرشد .. " من يهد الله فهو المهتدي و من يضلل فلن تجد له وليا مرشدا " ..
و لنا إن شاء الله وقفات مع التربية و متعلقاتها ..
بارك الله فيكم .. و نفع بكم ..
 
عودة
أعلى