.. وقفة تأهب لسبرأغوار النفس .. الفطرة .. و الغبش .. كيف الخلاص ؟ ( 5 ) .

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على أشرف خلق الله

أود قبل أن أنتقل إلى المحاور الموالية أن أجدد الدعوة إلى العلو فوق الانتسابات الضيقة و التخلص من التشنجات التي تنشأ عن الميل العاطفي في الغالب إلى مدرسة فكرية أو الانتماء إلى طائفة أو مدرسة أو مذهب .. ذلك الانتماء الذي كثيرا ما يصم الآذان و يعمي الأبصار من جراء فرعونية خفية تتلبس بعقل المرء و قلبه فتبرز لديه ثقافة الإقصاء و سطوة " الأنا " فيتشرب روح " ما أريكم إلا ما أرى " التي تتمظهر في ردود فعل غاضبة صادقة كاذبة .. صادقة لأنها تنبع عن غيرة حقيقية على مقومات المعتقد و القناعة .. و كاذبة لأنها تخفق في تصريف هذه المقومات عبر المسالك الناجعة من حوار هادئ و مراعاة لآداب الاختلاف و بناء رصين للحجة.. و يلتبس عليها الانتصار للحق مع الانتصار للنفس و الأنا ..
لست أقصد في كلامي هذا فئة معينة .. فالخلق كلهم إما تربطني بهم علاقة أخوة الانتساب إلى دين و عقيدة و تصور و فهم .. فهم إخوة لي في هذا المضمار .. و إما تربطني بهم علاقة دعوة إلى ما أنا عليه من الصواب دون أن أغفل أن بعض ما لم تثبت لدي عليه حجة قاطعة لا تزعزعها العوادي يحتمل الخطأ كما يحتمل الصواب .. و مسلكي في ذلك آداب الحوار التي تقربني من محاوري و لا تبعدني عنه .. و تجعلني أتلمس الصواب في رأيه راغبا في أن يجري الله الحكمة على لسانه .. متهما نفسي الأمارة بالسوء و مقدما حسن الظن بغيري مسترشدا في ذلك بالتوجيه الرباني .. " و إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين .. قل لا تسألون عما أجرمنا و لا نسأل عما تعملون " ..
إن حديث النفس الذي يموقع صاحبه عاليا و يضع غيره سافلا هو الحجاب السميك المعتم الذي يحول بين القلب و تلقيه لواردات أنوار الحق .. فالسماء الزاخرة بالأرزاق المادية و المعنوية ( " و في السماء رزقكم و ما توعدون " )تنتفع من عطائها الأرض المذللة الخاضعة لجلال ربها .. و أما الجبال المنتصبة فوق السحب فلا يصلها من ذلك نصيب ..
فلا سبيل إلى سبر أغوار النفس عند من تركبه نفسه .. و لا مسلك إلى جلاء الأفهام و صفاء الفطرة إلا بصدق الطلب و صدق الوجهة ..
" و لا يزال المرء يصدق و يتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا " ..
و أضع بين يدي أحبتي تمهيدا للبحث عن حقيقة الفطرة آية كريمة نتأملها لتكون منطلقا لنا في محورنا القادم بإذن الله عز و جل .. " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين .. إلا ..."
رزقنا الله و إياكم حسن الظن بالعباد .. و حقيقة الخضوع لرب العباد ..
 


مواضيعك عبارة عن جرعة لمراجعة النفس وتغذيتها وسط هذا الزمن المزدحم
فاشكرك بقوة
دمت بكل ود وساحاول قد جهدي ان اتابع مواضيعك لان فيها المفيد
دمت بكل ود
 


إن حديث النفس الذي يموقع صاحبه عاليا و يضع غيره سافلا هو الحجاب السميك المعتم الذي يحول بين القلب و تلقيه لواردات أنوار الحق .. فالسماء الزاخرة بالأرزاق المادية و المعنوية ( " و في السماء رزقكم و ما توعدون " ) تنتفع من عطائها الأرض المذللة الخاضعة لجلال ربها .. و أما الجبال المنتصبة فوق السحب فلا يصلها من ذلك نصيب ..
بالفعل رأينا ذلك وعايشناه حقيقة وعانينا منه كثيراً
فقد ابتلينا في السنوات الأخيرة بفئة عوراء البصر والبصيرة
لا ترى إلا في اتجاه واحد فقط ( إتجاه الأنا المقيت )
تريد أن تحتكر الحق لنفسها ونفسها فقط
وليت الأمر وقف عند هذا الحد
ولكنهم للأسف لم يتركوا جماعة ولا عالماً ولا داعية ولا شيخاً إلا
بدعوه وفسقوه وأخرجوه من حظيرة الإيمان
ثم لم يمض كثير وقت حتى ( انقلب السحر على الساحر )
فصاروا يبدعون ويفسقون ويكفرون بعضهم البعض
وما كل ذلك إلا نتيجة حتمية لداءٍ ومرضٍ قاتل وفتاك
حذرنا منه المعصوم صلى الله عليه وسلم
ألا وهو الإعجاب بالرأي !!!
هذا الداء اللعين قد يبدأ بسيطاً ولكنه ينتهي بصاحبه عند
{ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ }
فلا يعد المصاب بهذا الداء العضال يرى إلا نفسه وجماعته وحزبه !!!
ولا حول ولا قوة إلا بالله !!!!!
يقولون هذا عندنا غير جائز *** فمن أنتمُ حتى يكون لكم عندُ
عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أنه قيل له :
كيف تقول في هذه الآية { عليكم أنفسكم } فقال :
أما والله لقد سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
( بل ائتمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر حتى إذا رأيت
شحاً مطاعاً وهوى متبعاً وإعجاب كل ذي رأي برأيه ،
فعليك بنفسك ودع عنك أمر العوام ) أبو داود والترمذي
بارك الله فيك وعليك أخي الكريم أستاذ مهدي
وواصل سيرك الطيب وسلسلتك المباركة على بركة الله
 


السلام عليكم أخي أبو قصي

أحيي في شخصك الكريم هذه المواظبة الطيبة على التجاوب مع عناصر هذه السلسلة .. و أثمن ملاحظاتك و ردودك .. بل صدقني أخي .. إني أستسبقها قبل أن أفتح صفحة المنتدى .. ذلك لأن الأرواح إذا تعارفت تآلفت .. و القلوب إذا صدقت في الطلب أصدقها الله في الإجابة ..
بارك الله فيك و في علمك و إيمانك .. و جعلنا و إياك من المتحابين فيه سبحانه ..
 
عودة
أعلى