العبادة و الخلافة في فكر المسلم .. ( سلسلة .. فكر المسلم .. ( 2 ) .. ) .

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على أشرف خلق الله
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا و أنت سبحانك تجعل الحزن إذا شئت سهلا ..
لقد وقفنا في فقرة المقدمة على سؤال عريض : ما الغاية من وجودنا في هذه الحياة ؟
إن الله عز و جل خلقنا في هذه الحياة القصيرة لمقصد أصلي و هو العبادة .. و كلفنا بمهمة فرعية و هي الخلافة .. " و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون " .. " إني جاعل في الأرض خليفة " ..
فهناك حياة طويلة و حياة قصيرة ..
أما حياة الإنسان الطويلة فبدايتها منذ أن نفخ الله الروح في آدم عليه السلام و أودع أرواح ذريته في ظهره بعد أن أشهدهم على أنفسهم " ألست بربكم " و شهدوا بذلك " قالوا بلى شهدنا " .. ثم تنقلنا من أصلاب آبائنا إلى أرحام أمهاتنا حتى بدأت الحياة الثانية بولادة الواحد منا ثم تنتهي بوفاته .. ثم تبتدئ الحياة الثالثة ( و هي حياة البرزخ ) بالوفاة و تنتهي بقيام الساعة .. ثم تبتدئ الحياة الرابعة بعد أن ينفخ إسرافيل في الصور نفخة ثانية فيبعث الله الأموات ليوم الفصل .. إلى أن يدخل أهل الجنة إلى الجنة و أهل النار إلى النار .. و العياذ بالله .. فتبتدئ الحياة الخامسة إلى ما لا نهاية ..

فحياتنا طويلة جدا .. جزءها القصير الذي نعيشه الآن هو أخطر مراحلها .. لأن ما قبله كان تهيئة له .. و ما بعده هو ثمرة له ..
إن أكثر اهتمام الناس اليوم محصور على هذه الفترة القصيرة من الحياة .. و عندما ينحصر الإنسان في فكره على هذه الحياة القصيرة يجهل المهمة التي خلقه الله من أجلها " و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ".. و يخل بالوظيفة و المهمة التي كلفنا الله بها " إني جاعل في الأرض خليفة ..
فالعبادة هي كيف نعامل الله عز و جل .. و الخلافة هي كيفية معاملة الخلق ..

إن ضعف هذا الفهم اليوم هو أحد الأسباب .. بل الأساس .. في التدهور الذي يعيشه المسلمون اليوم ..
أما الجهل الذي حصل للناس في فهم العبادة أنهم حصروها في الصلاة و في الالزكاة و في الصيام و في الحج و في تلاوة القرآن و في شيء من الصدقة و على محض الذكر .. فصار مفهوم العبادة هو شعائر يؤدونها ..
و صار مفهوم الخلافة منحصرا عند كثير من المسلمين على الحكم ..
و هذا التخلف أخر المسلمين كثيرا عن أن يقوموا بدورهم في هذه الحياة ..

" و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون " .. الاستثناء إذا جاء بعد النفي كان غاية في التأكيد .. إذن ليس لنا مقصد في هذه الحياة إلا العبادة .. فإذا كان الأمر كذلك .. فهل يعقل أن تنحصر العبادة في دقائق موزعة في اليوم بين الصلوات ( من أصل 24 ساعة ) و في صيام شهر في السنة ( من أصل 12 شهرا ) و في إخراج ربع العشر من المال أو نصف العشر أو العشر على حسب أنواع الزكاة ... و المساحة الكبيرة من عمرنا .. و الباقي من أموالنا .. أليس له ارتباط بالشيء الذي خلقنا الله من أجله ؟.. هذا لا يتوافق مع حكمة الله .. فهو فهم لا يستقيم ..

يقابله فهم آخر منتشر بين كثير من الناس .. تقول لأحدهم قم لنصلي .. أو ترغبه في حضور مجلس علم.. فيقول .. أنا عندي عمل .. و العمل عبادة .. نعم العمل عبادة .. و الكلمة صحيحة .. لكن الفهم الذي ترتب على هذه الكلمة فهم خاطئ يحتاج إلى تصويب ..
إذا كان التسبب الدنيوي لمجرده هو العبادة .. فأعبد الناس اليوم هم الكفار و الملحدون و الأقل تدينا لأنهم صاروا الأكثر جهدا في هذا الجانب .. و هذا غير صحيح ..
العمل عبادة .. هذا مقصد و مطلب أن يتحول كل عمل من أعمالنا إلى عبادة .. و لكي يحصل ذلك .. فكل عمل له اتصال بالخلق يجب أن يرتبط بمهمتنا في الخلق .. و هي الخلافة ..
فصلتنا بالله عبادة و صلتنا بالخلق على منهج الله خلافة ..

إن استقراء واقع الأمة يفرز لنا ثلاث توجهات عامة عند الخلق .. هناك من يعيش لنفسه .. و هناك من يعيش للخلق .. و هناك من يعيش لله عز و جل ..
و هي توجهات نقف معها في المحور القادم بإذن الله ..
رب اغفر لي و لوالدي و لمن دخل بيتي مؤمنا و للمؤمنين و المؤمنات ..[/
 


جزاك الله خيرا اخي مهدي...​
 


فحياتنا طويلة جدا .. جزءها القصير الذي نعيشه الآن هو أخطر مراحلها .. لأن ما قبله كان تهيئة له .. و ما بعده هو ثمرة له ..
إن أكثر اهتمام الناس اليوم محصور على هذه الفترة القصيرة من الحياة .. و عندما ينحصر الإنسان في فكره على هذه الحياة القصيرة يجهل المهمة التي خلقه الله من أجلها " و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ".. و يخل بالوظيفة و المهمة التي كلفنا الله بها " إني جاعل في الأرض خليفة ..
فالعبادة هي كيف نعامل الله عز و جل .. و الخلافة هي كيفية معاملة الخلق ..
عبارات صادقة وكلمات صافية كالماء العذب السلسبيل
تستحق أن تكتب بماء الذهب
كما تستحق أن تحفظ في الصدور لا في غيرها
جزاك الله خيراً أخي الكريم مهدي وبارك لك وعليك
واصل بارك الله فيك
في انتظار موضوعاتك القيمة كماً وكيفاً
دمت في حفظ الرحمن وأمنه !!..
 


السلام عليكم و رحمة الله

أخي أبو قصي ..
كتب الله اسمكم في أهل طاعته و مودته .. و غمركم بفضله .. و جعلنا و إياكم ممن طهر قلوبهم فصلحت للوقوف بين يديه ..
 
عودة
أعلى