mai saad
Well-Known Member
الحداء
إذا كنا لا نزال نرى راكب الجمل أو الناقة يشغل وقته في رحلته متغنيا ( بالطبع اخوتى من أهل الحضر لم يروا هذا المنظر )، فنحن على يقين أن هذا الراكب كان يفعل ذلك من القدم وقد قيل أن الحداء أقدم أنواع الشعر والغناء، وقطعا هنا أريد أن أناقش الحداء كموضوع مميز ومحبب للرجاز وهو سبب الدراسة، إلا أن الحداء في حد ذاته قد استهواني لذا أردت أيضا أن أوضح بعض إغراضه، لذلك ستجدون بعض التفكك في هذا المقال إذ أنى لم أستطيع أن أوفق الجمع بين الاثنين فأطلب منكم أن تتحملوني وتسامحوني على هذا التقصير، وتذكروا كلما ابتعدتم مع ناقة الحادي أن الرجز كفن شعبي هو أساس هذا الموضوع.
وإذ كنا نرى في وصف الإبل موضوعا محببا عند الشعراء الجاهليين، فأن الظن يخامرنا أن هذا الوصف احد ثمار الحداء. الذي تطور وصار شعر فنيا خالصا.
لم يكن الحادي شاعرا محترفا، إنما كان اى فرد في القافلة صالحا، وجدير به وله الحق فيه إذا ما كان قادرا عليه.
وكان الحادي في كثير من الأحيان يرتجل ما يقول دون إعداد سابق، لذلك تراه يعالج ما يتعلق بسفره، وما يطرأ عليه من أحوال.ومن الطبيعي إن الصق شأ بشعوره وافكاره هو ورحلته نفسها، فكان الحادي يصور ألرحله، والأماكن التي قطعها، والأرض التي يسير فيها، والأحوال التي تقلبت عليها مطيته بين نشاط وتعب، وسره وبطء، وسمن وهزال.....
قال حاد يصف ناقته التي اهزلها العطش، وسير الليالى، وطول الرحله، حتى صارت كالقوس
كأنها وقد براها الاخماس
ودلج الليل وهاد قياس
شرائج السبع براها القواس
وقد يعبر الحادي عن شوقه إلى الاحبه الذين فارقهم، وشوقه الذي استبد به، ويخلع كل هذه المشاعر على ناقته، فهما سواء في انفعالاتهما، يعين كل منهما الأخر، لكنهما مختلفان في مراهما، فهي تعلن الشوق وهو يخفيه...قال
دع المطايا تنسم الجنوبا
ان لها لنبأ عجيبا
حنينها ومااشتكت لغوبا
يشهد إن قد فارقت حبيبا
وما حملت إلا فنا كئيبا
يسر مما أعلنت نصيبا
لو ترك الشوق لنا قلوبا
إذن لاثرنا بهن النيبا
ان الغريب يسعد الغريبا
وقد يترك الحادي ألرحله ووصفها ، ويتناول أمورا تتعلق بغرضه من ألرحله . قيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة في ألعمره التي قام بها بعد صلح الحديبية بعام، دخلها وعبد الله بن رواحه اخذ بخطام ناقته يقول:
خلوا بنى الكفار عن سبيله
خلوا فكل الخير في الرسول
يارب أنى مؤمن بقيله
اعرف حق الله فى قبوله
كما إن الحادي يمكن أن يتغنى بما حققه فدى رحلته ، فهذا عدى بن أبى الزغباء يحدو بجيش المسلمين فى عودته منتصرا من بدر ، ويقول:
اقم لها صدورها يابسبس
ليس بذى الطلح لها معرس
ولا بصحراء غمير محبس
ان مطايا القوم لا تخيس
فحملها على الطريق اكيس
قد نصر الله وفر الاخنس
وكان الحادي أحيانا لا يعالج اى ذا صله برحلته، ويعبر عن مشاعره وأفكاره الخاصة فيصور ملذات الدنيا في رأيه قائلا
لولا ثلاث هن عيش الدهر
الماء ، والنوم ، وأم عمرو
لما خشيت من مضيق الفقر
أو يأخذ في فخر طويل عريض بقبيلته ونفسه. فهذا هو حادي بنى همدان حين وفدوا على الرسول ، يدعى إن بنى همدان خير الناس رعيه كانوا ام ملوك، فلا مثيل لقبيلته ، فموطنها الهضاب ، ورجالها الابطال .....
همدان خير سوقه واقيال
ليس لها فى العالمين امثال
محلها الهصب ومنها الابطال
لها اطابات بها واكال
واستجد فى العصور التاليه من فجر الاسلام _ فى مااظن – الحداء بالمدح ، قيل ان حاديا حدا بعبد الملك بن مروان ، فقال
ياايها البكر الذى اراكا
عليك سهل الارض فى ممشاكا
ويحك هل تعلم من علاكا
ان ابن مروان على ذراكا
خليفه الله الذى امتطاكا
لم يعل بكرا مثل ماعلاكا