التناضح أو الإسموزية Osmosis هو الإسم الذي يطلق على عملية انتقال المذيب عبر غشاء شبه مسامي إلى المذاب ،وهو في المعنى كلمة مشتقة من الإغريق OSMOS والتي تعني النبض .
تستخدم تقنية التناضح العكسي في تحلية مياه البحر والمياه قليلة الملوحة وكذلك في تحلية مياه الصرف الصحي المعالج ثنائيا او ثلاثيا، حيث يمكن تقليل ملوحة هذه المياه وتخليصها من معظم انواع البكتيريا والفيروسات والمواد الضارة الأخرى، كما تستخدم هذه التقنية في الصناعات الغذائية ومنتجات الألبان وتركيز عصير الفواكه وغيره.
مفهوم التناضح العكسي
تعتمد طريقة التناضح العكسي على الخاصية الاسموزية، حيث تستخدم الضغوط المسلطة على اسطح الاغشية للتغلب على الضغط الاسموزي الطبيعي للماء، فاذا وضع غشاء شبه نفاذ بين محلولين متساويين في التركيز تحت درجة حرارة وضغط متساويين لا يحدث اي مرور للمياه عبر الغشاء نتيجة تساوي الجهد الكيميائي على جانبيه، واذا ما اضيف ملح قابل للذوبان لاحد المحلولين ينخفض الضغط ويحدث تدفق اسموزي للماء من الجانب الأقل ملوحة الى الجانب الأكثر ملوحة حتى يعود الجهد الكيميائي الى حالة التوازن السابقة. ويحدث هذا التوازن عندما يصبح فرق الضغط في حجم السائل الأكثر ملوحة مساويا للضغط الاسموزي، وهي خاصية من خواص السوائل ليس لها علاقة بالغشاء.
وعند توجيه ضغط مساو للضغط الاسموزي على سطح المحلول الملحي يتم التوصل ايضا الى حالة التوازن ويتوقف سريان المياه من خلال الغشاء.
واذا رفع الضغط الى اكثر من ذلك فان الجهد الكيميائي للسائل سيرتفع ويسبب تدفقا عكسيا للماء من المحلول الملحي باتجاه المحلول الاقل ملوحة وهو ما يعرف بالتناصح العكسي وفاعلية طريقة التناضح العكسي في التخلص من الاملاح ممتازة تصل الى اكثر من 99% وكذلك فان أغشية التناضح العكسي لها قدرة على التخلص من البكتيريا والجراثيم والعناصر الضارة الموجودة في المياه.
وتقوم طرق تحلية المياه بالأغشية بتقنية التناضح العكسي على استخدام الخواص الطبيعية لأنواع مختلفة من الاغشية المصنعة بعضها من بوليمرات شبه منفذة تسمح بمرور الماء فقط دون ايونات الاملاح الذائبة تحت تأثير ضغط هيدروليكي .
ومن الناحية التطبيقية يتم ضخ مياه التغذية في وعاء مغلق حيث يضغط على الغشاء ، وعندما يمر جزء من الماء عبر الغشاء تزداد محتويات الماء المتبقي من الملح . وفي نفس الوقت فإن جزءا من مياه التغذية يتم التخلص منه دون أن يمر عبر الغشاء . وبدون هذا التخلص فإن الازدياد المطرد لملوحة مياه التغذية يتسبب في مشاكل كثيرة ، مثل زيادة الملوحة والترسبات وزيادة الضغط الأسموزي عبر الأغشية . وتتراوح كمية المياه المتخلص منها بهذه الطريقة ما بين 20 إلى 70% من التغذية اعتمادا على كمية الأملاح الموجودة فيها .
تعتمد تقنية التناضح العكسي على أربعة مراحل أساسية من المعالجات وهي :
-مرحلة المعالجة الأولية .
-مرحلة الضغط (مضخة ذات ضغط عال ) .
-مرحلة الفصل بواسطة الأغشية (مجمع أغشية) .
-معالجة نهائية ( مرحلة التثبيت ).
مرحلة المعالجة الأولية
يتم خلال هذه المرحلة ( العملية ) تنظيم مياه التغذية لتكون أكثر انسجاما مع الشروط الأساسية لعمل الأغشية ، حيث يتم تنقية مياه التغذية من العوالق الصلبة من خلال الفلاتر الرملية ووحدات الخراطيش الميكرونية ، ويتم خلالها أيضا ضبط الرقم الهيدروجيني ، وإضافة مواد كيميائية خاصة مثل ( كالسيوم سولفايت )التي تمنع حدوث تكلسات في العمليات اللاحقة .
والمعالجة الأولية مهمة لأن مياه التغذية يجب أن تمر عبر ممرات ضيقة أثناء العملية ، كذلك يجب إزالة العوالق ومنع ترسب الكائنات الحية ونموها على الأغشية . وتشمل المعالجة الكيمائية التصفية وإضافة حامض أو مواد كيميائية أخرى لمنع الترسيب.
مرحلة الضغط
يتم خلال هذه العملية أو المرحلة رفع الضغط على المياه المعالجة أوليا الى المستوى المناسب لنوع الأغشية ونسبة الأملاح المنحلة في المياه المطلوب معالجتها .
والمضخة ذات الضغط العالي تعمل على رفع الضغط الهيدروليكي لمياه التغذية الى الحد الكافي للتغلب على الضغط الاسموزي الطبيعي وبزيادة تكفي لانتاج الكمية المطلوبة من المياه العذبة ، وبالتالي توفرهذه المضخة الضغط اللازم لعبور الماء من خلال الأغشية وحجز الأملاح ،
وتتناسب الضغوط المطلوبة تناسبا طرديا مع درجة ملوحة مياه التغذية.حيث تتراوح ما بين 17 إلى 27 بارا ( 250 – 400 رطل على البوصة المربعة ) في حالة المياه قليلة الملوحة التي تتراوح ملوحتها بين 2000 - 10000 جزء في المليون، بينما تتراوح الضغوط المطلوبة بين 45 إلى 80 بارا ( 800 – 1180 رطل على البوصة المربعة ) لمياه البحار المالحة مثل مياه الخليج العربي والتي تصل فيها الملوحة الى 45000 جزء في المليون .
مرحلة الفصل بواسطة الأغشية
تقوم الأغشية في هذه المرحلة بالسماح للمياه العذبة أو النقية بالمرور خلال الثقوب الميكروية للغشاء ، بينما تمنع الأملاح الذائبة من المرور ، حيث يتم تحويلها الى خط الصرف ذو التركيز الملحي العالي ، بينما تتمكن نسبة قليلة من الأملاح من عبور الأغشية والسبب في ذلك يعود الى عدم كمال الأغشية النسيجية .
ويتكون مجمع الأغشية من وعاء ضغط وغشاء يسمح بضغط الماء عليه كما يتحمل الغشاء فارق الضغط فيه . والأغشية نصف المنفذه قابلة للتكسر وتختلف في مقدرتها على مرور الماء العذب وحجز الأملاح . وليس هناك غشاء محكم إحكاما كاملا في طرد الأملاح ، ولذلك توجد بعض الأملاح في المياه المنتجة .
تعمل هذه الأغشية على إزالة أكثر من 75 % من الأملاح إضافة الى معظم أنواع العضويات ، الدقائق virus ، والكثير من الملوثات الكيميائية ، وتتراوح قياسات المسامات في الأنواع المختلفة من الأغشية بين (10 انغستروم - 100 ميكرون ) .
وتصنع أغشية التناضح العكسي من أنماط مختلفة ، وهناك اربعة أنواع من نظم اغشية المعروفة وهي الاغشية المسطحة والاغشية الأنبوبية والاغشية الشعرية المجوفة والأغشية الحلزونية، ولكل من هذه الأغشية مقدرة معينة على انتاج المياه العذبة وإمرار الأملاح واحتجازها.
وهناك اثنان ناجحان تجاريا وهما اللوح الحلزوني والألياف ( الشعيرات الدقيقة المجوفة) ، ويستخدم هذين النوعين لتحلية كل من مياه الآبار ومياه البحر على الرغم من اختلاف تكوين الغشاء الإنشائي ووعاء الضغط اعتمادا على المصنع وملوحة الماء المراد تحليته .
مرحلة التثبيت ( مابعد المعالجة )
يتم في هذه المرحلة ضبط حموضة المياه العذبة الناتجة من خلال عملية الضبط الكيميائية للرقم الهيدروجيني للمياه PH Adjustment برفعها من حوالي الرقم 5 الى 7.5 .
ويتم خلال هذه المرحلة أيضا إضافة الكلور للحفاظ على المياه معقمة من الدقائق الحية والبكتيريا التي قد تصلها خلال فترات التخزين والضخ عبر الشبكة .
وتهدف المرحلة النهائية هذه للمحافظة على خصائص الماء واعداده للتوزيع ، وربما شملت هذه المعالجة إزالة الغازات مثل سلفايد الهايدروجين وتعديل درجة القلوية.
المراحل الأساسية التي تمر بها عملية المعالجة بالتناضح العكسي
وتتميز طرق التحلية بالأغشية عموما بانخفاض الطاقة المستخدمة مقارنة بطرق التحلية الحرارية وذلك نظرا لعدم الحاجة الى احداث تغيير في الحالة الطبيعية للماء من حيث التحول من الحالة السائلة الى الحالة البخارية وبالعكس.
وهناك تطوران ساعدا على تخفيض تكلفة تشغيل محطات التناضح العكسي أثناء العقد الماضي هما : تطوير الغشاء الذي يمكن تشغيله بكفاءة عند ضغوط منخفضة ، وعملية استخدام وسائل استرجاع الطاقة . وتستخدم الأغشية ذات الضغط المنخفض في تحلية مياه الآبار على نطاق واسع.
وتتصل وسائل استرجاع الطاقة بالتدفق المركز لدى خروجه من وعاء الضغط . ويفقد الماء أثناء تدفقه المركز من 1 إلى 4 بارات ( 15 – 60 رطل على البوصة المربعة ) من الضغط الخارج من مضخة الضغط العالي ، ووسائل استرجاع الطاقة هذه ميكانيكية وتتكون عموما من توربينات أو مضخات من النوع الذي بوسعه تحويل فارق الضغط إلى طاقة محركة .
أحرزت تحلية مياه البحر باستخدام تقنية التناضح العكسي قبولا مطردا كطريقة اقتصادية معتمدة، وكأفضل نظام مكمل وبديل لتقنيات التحلية الحرارية (التبخير الوميضي متعدد المراحل والتبخير متعدد المؤثرات) وذلك بسبب:
1- تدني استهلاك الطاقة بالمقارنة مع اغلب نظم التقطير، وذلك نظرا لعدم وجود تغيير في الصورة الفيزيائية للماء .
أما متطلبات طريقة التناصح العكسي من الطاقة، فهي تتراوح بين 6 - 8 كيلووات ساعة/ الف غالون من الماء العذب المنتج من مياه قليلة الملوحة. وتتراوح هذه النسبة في حالة تحلية مياه البحر بين 35 - 40 كيلووات ساعة/ الف غالون من الماء العذب، ويمكن خفض مقدار الطاقة المستهلكة بتركيب جهاز لاسترجاع الطاقة المهدورة في ماء تدفق المحلول الملحي المركز الناتج عن التحلية، والذي يتراوح ضغطه ما بين 750 - 950 رطلا على البوصة المربعة.
ويبلغ استهلاك طريقة التحلية بالتناضح العكسي من الطاقة ثلث الى نصف ما هو عليه في حالة التقطير الوميضي متعدد المراحل، وفضلا عن ذلك فان التناصح العكسي يحتاج الى ثلث ما يحتاجه التقطير الوميضي من مياه التغذية لانتاج نفس الكمية من الماء العذب. وبالطبع ينعكس ذلك على الطاقة اللازمة لتشغيل المضخات وحجمها وتصميم مآخذ المياه.
2- تدني المساحة التي يشغلها بالمقارنة بنظم التحلية الأخرى.
3- انخفاض معدل حدوث الترسبات والتآكل فيه بالمقارنة بنظم التحلية الأخرى.
4- مدة انجاز مشاريع التناضح العكسي اقل مما هي الحال عليه بالنسبة لوحدات التقطير.
5- قلة تكلفة معظم مكونات النظام لكونها بلاستيكية الصنع.
6- سهولة تجميع وتشغيل وصيانة النظام وذلك لتكونه من وحدات قائمة بذاتها.