mai saad
Well-Known Member
الروح القبلية في الشعر الجاهلي
هذه دراسة أقدمها لكل من لازال مفهوم القومية العربية يجول بخاطره....
أولا وقبل البدء لنتفق على ان الشعر كان يمثل الصوت الاعلامى الاول فى ذاك العصر .... لذا سوف اتخذه هنا كبرنامج او فلم وثائقى يتحدث ابطاله عن حياتهم ...
لا يحتاج الباحث الى بذل جهد ، ليعثر على هذه النزعه القبليه فى الشعر الجاهلى، فما اكثره عند كل شاعر . والحق ان المجتمع لا يعرف الافراد بل الجماعات فلا فواصل بين الفرد والقبيله ، فأذا لحقت اهانه بفرد كانت اهانه للقبيله والعكس بالعكس ، لذلك شاع بينهم المثل القائل انصر اخاك ظالما او مظلوما ، ... ايضا قال الشاعر ( قريظ بن انيف)
لا يسألون اخاهم حين يندبهم *** فى النائبات على ماقال برهانا
وقال جاهلى اخر (سلامه بن جندل ):
كنا اذا مااتانا صائح فزع *** كان الصراخ له قرع الظنابيب
هذا طبعا على صعيد القبيله الواحده ، اما على صعيد القبيله وجارتها كانت العدائيه هى السمه الغالبه ، لذا كان اهتمامهم بأدوات الحرب هو فى المقام الاول وترى ذلك جليا فى قول بن رشيق ( كانت القبيله من العرب اذا نبغ فيها شاعر اتت القبائل الحليفه فهنئتها ، فهو حمايه لأعراضهم ، وذب عن احسابهم ، وتخليد لمأثرهم ، واشاده بزكرهم. فكانوا لا يهنئون الا بغلام يولد ، او شاعر ينبغ ، او فرس تنتج ).
اذن فهم لا يهنئون الا بأدوات الحرب ، الخيل التى يمتطونها للأغاره ، والغلمان الذين يعدون للحرب من صغرهم ، والشعراء وهم ادوات الحرب القوليه .
فأذا ماظهرت نذر العداء بين قبيله واخرى واخذت كل منها ترمى بسهام الوعيد والتهديد انبرى المحارب الاول ( اقصد الشاعر ) ليقول ( وداك بن نميل المازنى):
رويدا بنى شيبان بعض وعيدكم *** تلاقوا غدا خيلى على سفوان
تلاقوا جيادا لا تحيد عن الوغى *** أذا ما غدت فى المازق المتدانى
عليها الكماه الغر من ال مازن *** ليوث طعان عن كل طعان
.........
........
اذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهم *** لأيه حرب ام بأى مكان
واذا وقعت الحرب وانتصرت القبيله ، اشاد بألانتصار ، وملأ الاسماع بالماثر ، واذاع المفاخر . قال ( بشامه بن حزن النهشلى ):
انا بنى نهشل لا ندعى لأب *** عنه ولا هو بالابناء يشرينا
ان نبتدر غايه يومالمكرمه ***تلق السوابق منا والمصلينا
وليس يهلك منا سيدا ابدا *** الا افتلينا غلاما سيدا فينا
اذا ماتركنا هذا الشعر القبلى الواضح القبليه ، والتفتنا الى القصائد التى عدها النقاد اسمى مانتجه الجاهلون واعنى بقولى هذا المعلقات السبع ، وجدناها لا تخلوا من هذه الصبغه القبليه ، فهى تضم قصيدتان لم يقلهما شاعريهما تعبيرا عن نفسه ، انما كانت تعبرا عن قبيلته ، اريد هنا معلقتى عمرو بن كلثوم والحارث بن حلزه .فقد قال الحارث قصيدتهمدافعا بها عن قبيلته بكر ، ويعيب خصومها من قبيله تغلب ، ويشيد بأيام الانتصارات التى حققتها بكر على القبائل الاخرى ، ويعير تغلب الايام التى انهزمت فيها. قال:
هل علمتم ايام ينتهب الناس *** غوارا لكل حى عواء
اذ رفعنا الجمال من سعف البحرين *** سيرا حتى نهاها الحساء
ثم ملنا على تميم فأحرمنا *** وفينا بنات قوم اماء
لايقيم العزيز فى البلد السهل *** ولا ينفع الذليل النجاء
وكثير من اجزاء هذه المعلقه على هذا المنوال.
ولكن القصيده التى حازت على الشهره كلها ، وغطت على ماعداها ، هى معلقه عمرو بن كلثوم، فالحارث بن حلزه خلط قصيدته بمدح عمرو بن هند ، وشئ من تملق له . ولكن ابن كلثوم اعلن فى معلقته قتل بن هند مفاخرا بذلك ، مزدريا محتقرا، واخلص عمرو بن كلثوم قصيدته لمأثر قومه بنى تغلب ماعدا مقدمه غزليه لا قيمه لها ، اصبت بالحيره من اى مناطق المعلقه اقطتف لكم اذ كلها تصلح لكى استشهد بها .. انظر قوله
ابا هند فلا تعجل علينا ** وانظرنا نخبرك اليقينا
بأنا نورد الرايات بيضا *** ونصدرهن حمرا قد روينا
وايام لنا غر طزال *** عصينا الملك فيها ان ندينا
وسيد معشر قد توجوه *** بتاج الملك يحمى المحجرينا
تركنا الخيل عاكفه عليه *** مقلده اعنتها صفونا
......
......
بأنا المطعمون اذا قدرنا *** وانا المهلكون اذا ابتلينا
وانا المانعون لما اردنا *** وانا النازلون بحيث شينا
وانا التاركون اذا سخطنا *** وانا الاخذون اذا رضينا
وانا العاصمون اذا اطعنا *** وانا العامون اذا عصينا
ونشرب ان وردنا الماء صفوا *** ويشرب غيرنا كدرا وطينا
......
......
ملأنا البر حتى ضاغ عنا *** وماء البحر نملؤه سفينا
اذا بلغ الفطام لنا صبيا **** تخر له الجبابر ساجدينا
وقد اتخذ بنو تغلب من هذه القصيده قرأنا لهم ينكبون على حفظها وعلى التغنى بها والاستماع لها وانشادها فى المجالس والمحافل وصارت ملحمتهم ، حتى ضاق بها غيرهم ذرعا ، انظر الى قول هذا الشاعر وهو يسخر منهم
الهى بنى جشم عن كل مكرمه *** قصيده قالها عمرو بن كلثوم
يفاخرون بها مذ كان اولهم *** ياللرجال لفخر غير مسئوم
ان القديم اذا ماضاع اخره *** كساعد فله الايام محطوم
اذن الشعر الجاهلى كان معظمه قبلى ، يهتم بالتفاخر بالقبيله والاحساب ، فالاعراب جاهليتم تسيطر عليها عقده التفوق كل يرى انه احسن من غيره واشرف نسبا وما غيره دون ذلك .... وهى كما ترى عقده ابليس اللعينالاولى التى اخرجته من الجنه ، والتى مافتئ يحاول ان يخرج معه بها الكثيرين .
حتى جاء الاسلام فأستطاع ان يوحد الاعرب رايه الاسلام ، فكلما قوى اسلامهم وهزموا سطوه الشيطان فى قلوبهم ، انحسرت عنهم النزعه القبليه الى ان توحدوا جميعا تحت رايه الاسلام.
اذن الاسلام هو الحامى من تلك النزعه ، فماذا يحدث اذا انحسر الاسلام من النفوس ؟ .......
فألنبدأبالعهد الاول... فلم يكد النبى عليه الصلاه والسلام يلتحق بالرفيق الاعلى حتى كانت الرده ، ولم تكن عند كثير من القبائل رده عن دين ، بل كانت رده عن الخضوع لحاكم واحد ، يجمع تحت حكمه كل القبائل . يبين ذلك بجلاء قول الحطيئه وكان من المرتدين
اطعنا رسول الله اذ كان بيننا *** فيالهفتا مابال دين ابى بكر
ايورثها بكر اذا مات بعده *** وتلك وبيت الله قاصمه الظهر
فقوموا ولا تعطوا اللئام مقاده *** وقوموا ولو كان القيام على الجمر
وكل ماتقدم الزمن ، قل الاسلام فى النفوس ، كلماعادت العصبيه القبليه ، الى ان عدنا الى جاهليه القرن الحادى والعشرين ... كل من بلاد العرب تتفاخر بنفسها وترى انها اعز ، فهذه تقول ان دمائها عربيه صافيه ليس كالبقيه ، وهذه ام الثقافه ،وهذه ... وهذه، فى اى مشكله صغيره يظهر مافى النفوس من عداء ، مثلا مباراه كره قدم او برنامج مسابقه تلفزيونيه غنائيه او شعريه يمكن ان يكون سبب فى اندلاع حرب شتائميه بين البلدان العربيه
فى الماضى كانوا يختصمون من اجل حصان ، والان يتنابزون من اجل فنان ، الم اقل انها جاهليه القرن الواحد والعشرين
اخوتى .. دعاه القوميه العربيه ، انكم مهرجون لا محاله ،ان كنتم تريدون وحده اطردوا بذره الشيطان من قلوب الامه، وهذه البذره التى اصبحت شجره ذات ظل خبيث ، لا شئ يجتثها من اصلها الا العوده الى الاسلام... عندما تمتلئ القلوب بالايمان .. عندها .. سنتوحد كقوه مسلمه كما حصل فى العهد الاول
عندما تسأل عن جنسيتك فتقول انى ....... مسلم.