mai saad
Well-Known Member
أغاني الطفولة أو أغاني المهد
ينتمي هذا اللون من الشعر إلى الشعر الشعبي العربي ووجدت أن اغلبه من بحر الرجز كما سوف نلاحظ ذلك جميعا ، وقد اشتهر هذا اللون عند العرب باسم ترقيص الصبيان ... ويبدو من النماذج التي سوف ترد هنا أن العربي حينما كان يرقص أبناءه إنما يضع في كلماته المنغمة مايتمناه لهم أو لهن من التمسك بالفضائل والقيم
فكان العربي حريصا على ترقيصهم على بحرالرجز المطيع لهذا الغرض.. ومن هذه الامثله ماروى عن اعرابى قوله:
أحبه حب الشحيح ماله
قد كان ذاق الفقر ثم ناله
إذا أراد بذله بدا له
ولأن الأم هي التي تقوم بتربيه الصغير، نجد أن لها الكثير من اغانى المهد. لنرى قول أم الفضل بنت الحارث وهى تغنى لولدها عبد الله بن العباس فتدعوا على نفسها وابنها البكر بالموت إذا لم يسد ابنها قومه قائله :
ثكلت نفسي ... وثكلت بكرى *** إن لم يسد بكرا وغير بكرى
بالحسب الوافي ... وبذل الوفر *** حتى يوارى في الضريح قبري
وهذه هند بنت عتبه ترقص ابنها معاوية قائله:
إن بني معرق كريم *** محبب في أهله حليم
ليس بفحاش ولا لئيم *** ولا بطخرور ولا شئوم
صخر بني فهر به زعيم *** لا يخلف الظن ولا يخيم
الطخرورهو الضعيف غير الجلد _يخيم :يجبن ،صخر بني فهر هو صخر بن حرب أبو سفيان والد معاوية.
وهذه بنت زيد الخيل ترقص ابنها حكيم فتدعوه إلى التشبه بأبيه أو أخيها في الفروسية والبطولة .. أما أباها فهو لن يستطيع أن يصبح مثله
شابه اخى أو أشبهن اباكا
أما أبى فلن تنال ذاك
تقصر عن مناله يداكا
ونرى الزبير بن عبد المطلب وهو يغنى أخاه العباس:
إن اخى العباس عف ذو كرم
فيه عن العوراء إن قيلت صمم
يرتاح للمجد ويوفى بالذمم
وينحر الكوماء في اليوم الشيم
أكرم بأعراقك من خال وعم
الكوماء هي الناقة ، واليوم الشيم هو الذي لا خير فيهولا رزق
أما ترقيص الفتيات ... فيختلف عن ترقيص الصبيان إذ لا يرجى منها سؤدد أو مجد أو ماالى ذلك من أمور العلو والجاه، بل كان العربي يتمنى لأبنته مايتمناه للحسان حينما يكبرن ...!
مثل قول احدهم:
كريمه يحبها أبوها
مليحة العينين عذبا فوها
لا تحسن السب وان سبوها
وقال الزبير وهو يرقص ابنته أم الحكم فيشبهها بالظبي
ياحبذا أم الحكم
كأنها ريم احم
يابعلها ماذا يشم
ساهم فيها فسهم
إذا واضح ماالمطلوب من الفتاه إن تصير زوجه جميله عذبه الريح الخ....
وهذه أم تتكئ على ترقيصه عذبه لأبنتها الصغيرة لتقول من خلالها شيئا لزوجها ... فقد روى أن اعرابى يدعى أبا حمزة كان قد هجر زوجته ...لأنها ماولدت له ذكرا فكان يقيل ويبيت عند بعض الجيران... ومر يوما بخباء امرأته فوجدها تغنى لأبنتها قائله
مالأبى حمزة لا يأتينا
يظل في البيت الذي يلينا
غضبان آلا نلد ألبنينا
تا الله.. ماذلك في أيدينا
إنما نأخذ مااعطينا
ونحن كالأرض لزارعينا
ننبت ماقد زرعوه فينا
وقد سادت البيئة العربية _جاهليه وإسلام _ نمازج متفرقة من هذه الأراجيز وقد مر بنا كيف إن النبي عليه الصلاة والسلام _نفسه _ كان يرقص الحسن والحسين بكلمات قليله وهو سعيد باللعب معهما...
بل إن النبي نفسه قد أنشدته الشماء أخته في بادية بني سعد قائله:
ياربنا ابق لنا محمدا
حتى اراه يافعا وامردا
ثم أراه سيدا مسودا
واكبت أعاديه معا والحسد
وأعطه عزا يدوم أبدا
هذه النمازج التي أوردتها اعتقد أنها قربت إلى أذهانكم ما اعنيه بأن الرجز هو سيد الأدب الشعبي ، كما إن لي ملاحظات خاصة تكونت بعد فراغى من تجميع وكتابه هذا المقال يمكن تلخيصها فى الاتى :
أولا: في اعتقادي أن معظم قائلي هذه الأراجيز لم يكن يتمتعون بموهبه شعريه كبيره فهى تعتمد على السجع فى المقام الاول، اى يمكن ان نقول انها نابعه عن اشخاص عاديين مع الاخذ بالاعتبار ان هنالك اراجيز من هذا النوع (اقصد اغانى الطفوله) جائت من شعراء فحول.
ثانيا: الام العربيه تربى فى ابنها منذ الضغر الصفات المحموده فى الفتى العربى من كرم وشجاعه وسياده لقومه ، وتتمنى ان يتحلى بهذه الصفات ( التى لم تكن من بينها ان تتمنى ان يكون غنيا .. لا ادرى لماذا ؟؟؟) اما الفتاه ( ياعينى عليها!!) فيكفيها ان تكون زوجه محموده من قبل زوجها فهو كل مايمكن ان يتمناه والدها او والدتها لها.
اخيرا اعتقد ان هذا النوع من الاراجيز لم يلقى كثير من التوثيق والتدقيق فكثير منها غير معروف قائليها ، وانا اعتقد ان الجيد منها توارثته الاجيال مرددنه لصغارهم من دون الاحتفال بقائلها الحقيقي.
المراجع :
1 – الشعر الشعبى العربى _ د.حسين نصار _ 1962
اطفالنا فى عيون الشعراء _ احمد سويلم _2002