بكائية على بغداد السليبة/ شعر لطفي الياسيني

لطفي الياسيني

عضو شرف كتاب العرب
بكائية على بغداد السليبة / شعر لطفي الياسيني
------------------------------------------------------------
صرح الاسـود جبينهـا العليـاء
بغـداد نـور للمـدى وسنـاء
بغداد ارض المجـد أغنيـة الفـدا
روى ثراهـا أنهـر ودمـاء
بلد الكرامة والتحـرر والهـدى
ولواؤهـا فـي الخافيـن لـواء
أمدينة الأحرار يا بغـداد يـا
بلـد السـلام سلمـت يـا زوراء
فالارض أنت لحكمها ولعلمهـا
والمـاء دجلـة للـورى سقـاء
كل السيوف على ظباك تكسرت
وامام مجـدك تنحنـي الارجـاء
أنت المقدسة التي لجلالها
تحنى الـرؤوس وتسجـد الصحـراء
النار قد خمـدت ونامـت أمتـي
وبذكـرك الايقـاظ والاعـلاء
فكأنك البـوق الـذي لدويـه
تـذرى القبـور وتنشـر الأشـلاء
لي فيك من فجر الحضارة معهـد
والكـأس والانغـام والندمـاء
كان الرشيد عليك يبسـط ظلـه
والـى اشارتـه الشعـوب وراء
وعليه من عز الخلافة هيبـة
يصفـر منهـا الكوكـب الوضـاء
ان حج صار الشرق طـرا خلفـه
وطريقـة الديبـاج والخيـلاء
واذا غزا قاد الجحافل ظافـرا
والـروم حلـة جيشهـا الأشـلاء
فتحت "هرقلة" والخراب نصيبها
وهي التي اعتزت بهـا الأعـداء
ولفتح عمورية اضطرب الورى
فيها اللظـى والمعتـدون ذكـاء
ان المدائن والحصون تهدمت
لصـروح مجـدل والرمـاح فنـاء
أسوار قسطنطينة شهدتك من
كثـب ومـلء جفونهـا الاعيـاء
ووراءك العربي صار مجاهـدا
فأمامـه الفتـح المبيـن رجـاء
واه حسرتاه على زمـان كلـه
شـرف وسـؤدد همـة وبنـاء
ان الخلافة غاب عنها ربهـا
فالمسلمـون اليـوم هـم ضعفـاء
ذهبت خلافتهم وضاع سريرها
فبكـى عليهـا الأهـل والقربـاء
ان العراق هو العريق عروبـة
والـى عروبتـه شـدا الشعـراء
من عهد سومر ثم أكد رائد
من فجـر تاريـخ الشعـوب عطـاء
"أشور" كانت معهد العلم الذي
غمر الدنـى فكـم أرتـوت فقـراء
آشور بانيبال قـد حكـم الـورى
للعلـم والنهـج القويـم دواء
كانـت "لسنحاريـب" أول ثـورة
كهـان آشـور هـم البؤسـاء
"كلدان" كان "بختنصر" قائدا
وسبـى الشعـوب لحكمـه سجنـاء
وحدائق في الجو أسمـى آيـة
بجمالهـا كـم ألهـم الشعـراء
وببابـل الشمـاء سحـر آسـر
وشريعـة وحضـارة غــراء
والحيرة البيضاء نذكر عهدها
حيـث المنـاذرة الأماجـد جـاؤوا
فرسان "شيبان" الأشلوس ذاده
"ذي قـار" تشهـد أنهـم نجبـاء
أيعود بشار بن بـرد منشـدا
فتميـد دجلـة او يميـس خبـاء
وأبو نواس شارب او ناظـم
والكـأس فيهـا الفـن والصهبـاء
وعلى ثمالة كأسه وغرامـه
تحنـو جنـان والهـوى استجـداء
وعلى المنابر يجلس العلماء في
فلـك عظيـم.. يهـرع البلغـاء
شعب العراق وأنت أشرف من مشى
فوق البسيطة ليس فيك مراء
بغداد يا بلد السـلام تجلـدي
أيـن السـلام وحولـك الرمضـاء
اليـوم عـدت بحلـة عربيـة
واستبشـر الأحـرار والشرفـاء
العلم فيـك تشيـدت أركانـه
والنـور والمجـد الأثيـل سنـاء
أنت الكرامة والمروءة والنـدى
فيـك الشهامـة نخـوة وابـاء
ارض الهوى العذري كم عصفت بها
ريح الخطوب.. زلازل شعواء
آمالنـا خفـت بهـا آلامنـا
شهداؤنـا طـول الدهـور بقـاء
فتدلهت بغـداد بيـن نخيلهـا
ثكلـى لطيـف حبيبهـا ورقـاء
والكرخ فيهـا والرصافـة قبلـة
ولأهلهـا الاقبـال والاصغـاء
والنخل في شط العروبة ساحر
يحنو عليـه الصبـح والامسـاء
وأحن للنخل الملوع مثلمـا
حنـت لخصـب روبعهـا الوجنـاء
العرب بعد جيادهم وجهادهم
ألفـوا الخمـول فمـا أفـاد نـداء
فصفوفهـم مختلـة وقلوبهـم
محتلـة لعبـت بهـا الأهــواء
أجدادهم هرقـوا علـى أوطانهـم
أذكـى دم ان الحيـاة غطـاء
سبب التأخر والسقوط تخـاذل
للعـزم فيـه، والنشـاط خـواء
والى الاجانـب سلمـوا أحكامهـم
وملوكهـم كمهـازل وبغـاء
المومس الحمقاء قد جاؤوا بها
في شرقنا الغافـي قـذى وبـلاء
دارت علينا واستدارت ويحها
فيهـا الدواهـي.. حلـت النكبـاء
جثمت على ارض الطهارة والهدى
أين السنا والنـور والاسـراء
ان تغسلوا درب القلوب تطهروا
وطن عليه مـن العلـوج وبـاء
لا خيـر فيكـم والأعاجـم بينكـم
يتحكمـون فتكـبـر الارزاء
ما كان أشقـى لقـة تشقـى بهـم
فيؤمـر الأوغـاد والبلهـاء
وطن يعيث الظلم في ارجائـه
والحـر توصـد دونـه الانحـاء
الشرق نام فلا حراك ولا صدى
هل مات حقـا أم هنـاك رجـاء
وتكأكأ الخطـب العصيـب بهولـه
وتبـددت آمالنـا السمحـاء
فمن المحيط الى الخليج تخاذل
حكام يعرب فـي الهـواء سـواء
باسـم العروبـة مزقـوا أرحامنـا
وتآمـروا وتـحـددت آراء
وتستروا بالديـن حجـة كيدهـم
للخـزي هـم اركانـه ولـواء
والايدز الملعـون ينخـر فيهـم
وقصوهـم للموبقـات غطـاء
اهـل الخنـا متعطشـون عواهـرا
والابقـون ببذخـه سعـداء
قد جندوا الغرب اللئيم جميعه
ولقصف بغـداد العروبـة جـاؤوا
زحف العلوج الى الحجاز ودنسوا
ارض الكرامة واستشاط بـلاء
حلف الثلاثين الذي هز الدنـى
لـن تنحنـي لحشـوده الشرفـاء
بغداد لم تحفل لقصـف حديدهـم
فليخسـا الأوغـاد والسفهـاء
كم غارة شن الطغاة ولم تزل
صـرح الأسـود جبينهـا وضـاء
إما حياة او نمـوت أعـزة
فالمـوت فـي شـرع الابـاء فـداء
الله اكبر فوق كيد عروشهـم
بـل فـوق مـا يتوهـم الدخـلاء
فهناك في بغداد ليـث رابـض
رمـز الصمـود منـارة ورجـاء
ورد اذا ورد الـردى بـوروده
تتـورد الارجــاء والاجــواء
ويسود هذا الكـون رعـب عـارم
يتقوقـع الأنـذال والجبنـاء
تاج العروبة مجدهـا ومنارهـا
وحسامهـا للمعمعـان مضـاء
ويل لجمع الغرب ساعة ثـأره
والخائفـون مصيرهـم كسـواء
واذا غدا شرع الذئـاب عقيـدة
رحنـا نقـاوم والحيـاة بقـاء
عـرب وان لـم تبـق منـا قطـرة
عربيـة بغدادنـا السمـراء
بغداد ضمي عاشقـا متحرقـا
فأنـا الأسيـر يحيطـه الأعـداء
أنا كل شبر في رحابك ساحر
وعلى ربـاك أنـا النخيـل بهـاء
أنا صخرك العاتي الصمود وعزمه
وأنا عليه الجـدول المعطـاء
أنا كل جرح في اهابك ثائـر
ظمـيء، الـى ثاراتـه استشفـاء
أنا في سمائك عاصـف متمـرد
وعلـى ثـراك زنابـق ودمـاء
واليك من قدسي التحيـة دائمـا
مـن ورد قلبـي أدمـع حـراء
شعب العراق غدا فانـك ظافـر
مهمـا استبـدت ليلـة ظلمـاء
لن تنحني بغداد حتى ينحني
رجـس الطغـاة ويدحـر الحلفـاء
كم شاعر للقصر صـار منافقـا
ورفـاق سـوء كلهـم عمـلاء
يبكي على الوطن الحزين تفذلكا
مسعاه والصف العميـل سـواء
مستأجر لمن اشتراه ولم يـزل
يحـوي قصائـد انهـا وغنـاء
ما نـال مـالا.. مركـزا ووظيفـة
الا عميـل.. حيـة رقطـاء
كل المراكـز والوظائـف انهـا
دون الحـذاء جميعهـا لهـواء
فمكانتي بل مركزي طول المدى
في قلب شعبي صحـوة ودعـاء
وأنا الغني بموقفـي ومبادئـي
والمـال عنـدي قيمـة وعطـاء
وأنا ضمير الشعـب رجـع هتافـه
وغنـاؤه أهزوجـة وحـداء
اني أنا الصوت الذي بهر الدنى
تختـال مـن أنغامـه الخيـلاء
شعري هو الشعر الذي سجدت له
كل الورى والغيـد والشعـراء
قد غطت الشطئان من اصدائه
وتمـور هـذي الارض والبطحـاء
الجن تعجز ان تجـيء بمثلـه
والانـس والفصحـاء والبلغـاء
فمدارس الشعر العديـدة كلهـا
تحـت النعـال وانهـا خرقـاء
"ادونيس" والدرويش.. كل مجددي
شعر الغموض مصيره الاخلاء
ما الشعر الا ان ترن قصائدي
فتموج في الشـرق الأبـي سمـاء
كم لي من الشعر الجميل قصيدة
فتذوب فيها الصخـرة الصمـاء
اني أذيب الفن وهو يذيبني
كالنحل يسقـي الريـق منـه شـذاء
جاءت بنات المجد تظفر غارها
فـرواق صرحـي كعبـة وابـاء
ما الشعر الا كلما رنح الفتـى
وكمـا ترنـح صبهـا الصهبـاء
أسهبت في سهب المحبة والمنى
أشعلت نـاري أيهـا البسطـاء
ويطول دربي لا الطريق بمنقض
عني ولا وجه الرجـاء يضـاء
أزف الرحيل فأجهشت ببكائهـا
وتناثـرت مـن مقلتـي دمـاء
كانت لقلبي بهجة الروح التـي
لحديثهـا مـا يعجـز الشعـراء
وتوشجت كل الوشائـج بيننـا
ولواعـج طـول الزمـان ذكـاء
قبلتها قبل الـوداع وقبلـت
روحـي ومـاء جفونهـا الخنسـاء
لي من شفاه الحب أحلى قبلة
وأريجهـا مـا يشتهـي الشهـداء
لك من جراح القلب أروع باقـة
فواحـة طـول المـدى حمـراء
ضمخت شعري بالفداء ونفحه
أمـل الغريـق وروضـه الغنـاء
اني على دين التحـرر والفـدا
اسلامنـا بـل مذهبـي ولـواء
أنا شعلة من دين احمـد ابرقـت
تاقـت لحـر أوارهـا البيـداء
هذا صراطي درب كل مناضل
وعليـه سـار النخبـة الشرفـاء
وأنا من الاسلام صـوت زئيـره
وأنـا الكرامـة وثبـة وفـداء
نور النبوة من جبينـي ساطـع
ووراء ظلـي يهـرع الفقـراء
كم حاولوا ان يسكتوا صوتي الـذي
لبيانـه تتواكـب الخطبـاء
لم يخنقوا صوت الاله بصرختي
فأنا الرسالـة حكمـة وضيـاء
اخذت من الدين القويم شعاعهـا
وتماوجـت فالكافـرون هبـاء
هل لي الى الصحراء بعد تحية
ماذا تحدث.. هـل هنـاك شفـاء
العرب أشرف أمة طول المـدى
نبـع الكرامـة للعلـوم سنـاء
ابنـاء يعـرب اننـي متفائـل
ستـزول هـذي الليلـة الليـلاء
تنهار أنظمة الخيانة والخنا
ويقـود شعبـي الاخـوة الخلصـاء
ويحرر الوطن الأسير ومـن بـه
ويقـر فيـه الأهـل والقربـاء
----------------------------------
شعر/ لطفي الياسيني
 


بغداد ضمي عاشقـا متحرقـا
فأنـا الأسيـر يحيطـه الأعـداء
أنا كل شبر في رحابك ساحر
وعلى ربـاك أنـا النخيـل بهـاء
أنا صخرك العاتي الصمود وعزمه
وأنا عليه الجـدول المعطـاء
أنا كل جرح في اهابك ثائـر
ظمـيء، الـى ثاراتـه استشفـاء
أنا في سمائك عاصـف متمـرد
وعلـى ثـراك زنابـق ودمـاء
واليك من قدسي التحيـة دائمـا
مـن ورد قلبـي أدمـع حـراء
شعب العراق غدا فانـك ظافـر
مهمـا استبـدت ليلـة ظلمـاء
لن تنحني بغداد حتى ينحني
رجـس الطغـاة ويدحـر الحلفـاء

جزاك الله خيراً والدي الكريم على هذه القصيدة الماتعة وعلى هذه الأبيات الصادقة ...
أستاذي الكبير .. أنت تجيد وبصدق التعبير عما نحس ونشعر به من معاني ...
دمت ذخراً لتلامذتك ولطلابك ...
اسمح لي سيدي لمناسبة الموضوع بإضافة الأبيات التالية ( المقتبسة ) :

بـَغـْدَادُ ثـُوري وَارْعـِدِي ثـُــوري وَلا تــَتــَردِّدِي
وَلـْتَشْـرقِي شَمْسَاً عـَلى لـَيـْل ِالعـِرَاق ِالأسـْـــوَدِ

وَلـْتـُبْصِقِي بـِوُجُوهِ مَـنْ جـَاؤوا بـِنـَعـْل ِالمُعْـتَدِي
وَقـِفِي عَلى مَرْمَى الرَّصَاص ِوَفِي لـَظــَاهُ تـَوَحــَّدِي
تــَأبَى المـُرُوءَة ُأنْ تـَكـُونِي لــَبـْوَة َالمـُسـْتـَأسـِــــدِ
إنْ كــَانَ فِي المـَوْتِ الحـَيـَاة ُإذنْ فـَمُوتِي تـُحـْمـَدِي
* * *
بـَغـْدَادُ ثـُوري وَارْعـِدِي ثـــُوري وَلا تــَتـَـرَدَّدِي
ثــُوري عـَلى المـُسـْتـَعـْمـِريـنَ وَكــُلِّ ذيــْل ٍأنـْكـَـــدِ
وَكــَســِّري القــُيـــودَ لا مـَا عـِشـْتِ كـَيْ تُقيَّدِي
لـَمْ يـَبـْقَ فِي أقـْـوَاس ِصــَبـْركَ مـَنــْزَعٌ فـَتــَمـَرَّدِي
دُوســِي بـِنـَعـْلـِكِ فـَوْقــَهـُمْ مـِنْ مـُلـْتـَح ٍأوْ أمْـــــرَدِ
ألـْمـُضـْحـِكُ المـُبـْكـِي ادعــَاءُ المـُدَّعــِيـنَ الحـُشَّــدِ
مـِنْ أنـَّهـُمْ مـِنْ صـُلـْبِ أصْلاب ِالـْ (العـَلِيِّ) الأصـْيَدِ
كــَمْ بـِاسـْمـِهِ انـْتَهـَكـُوا فـَصـَارَ مَصَائـِدَ المـُتـَصـَيـِّدِ
كـَـمْ زَوَّرُوهُ وَكــَانَ ســَيــْفَ اللهِ وَالجــُرْحَ النـَّـــدِي
وَلـَكـَمْ أســــَاؤُوا لـِلـْبـطـُولَةِ فـِي مــــَدَاهُ الأبــْعـَـــدِ
بـَاعــُوهُ فـِي سُــوق ِالعــَمَـالـَةِ بـَيْعَ مَسـْلـُوبِ الغـَدِ
ألـْمـُنـْحـَنـُونَ الصّـَـاغـِرُونَ جــُنـُودُ كــُلِّ مـُجــَنــِّــدِ
أ ُولاءِ مـَنْ صـَاحـُـوا بـِنـِيـْرَان ِالمَجـُوس ِ: تـَوقـَّدِي
حـَتـَّى القـِحـَابُ تـَتـُوبُ إلاَّ هـُمْ .. فثـُوري وَاشْهَـدِي
وَيــْحَ العـَمـَائـِم في غـــَدٍ مـِنْ بـَطـْش ِآل ِمـُحـَمـَّـــدِ
----------------------------------------------
جزء من قصيدة بقلم شاعرها ( شبكة البصرة )
 


استاذي الكبير الفاضل ابو قصي
تحية الاسلام
شكرا لك على ذوقك الادبي الرفيع
جزاك الله خيرا وبارك الله لك وعليك
ان كل مفردات ثقافتي اللغوية لا تفيك
حقك من الشكر والتقدير يا امير المنتديات
والملتقيات ونوارة الاقسام لك مني عاطر التحية
والتقدير واطيب المنى واجمل ورود فلسطين وتحايا
المسجد الاقصى المبارك الاسير
وما انا الا نقطة في بحر ابداعك
وطفل يحبو على اعتاب جامعتك الشعرية
دمت بخير
 
عودة
أعلى