محمد شتيوى
مستشار سابق
علاقة الهوية الإسلامية بالوطنية [ 1 ]
o إن الهوية الإسلامية لا تعارض الشعور الفطري بحب الوطن الذي ينتمي إليه المسلم , ولا الحرص على خير هذا الوطن , بل المسلمون الصادقون هم أصدق الناس وطنية , لأنهم يريدون لوطنهم سعادتَي الدنيا والآ خرة بتطبيق الإسلام , وتبني عقيدته , وإنقاذ مواطينهم من النار , قال تعالى حكاية عن المؤمنين : {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا ِ} (29) سورة غافر , وحمايتهم من التبعية لأعدائهم الذين لا يألونهم خبالاً , وقد تجلى هذا المفهوم واضحاً في قصة مؤمن آل فرعون في سورة غافر , ويتجلى في عصرنا في مواقف وجهاد وصمود , رموز الدعوة الإسلامية في كافة البلاد الإسلامية .
o لكن " الوطن " الحقيقي في مفهوم " الهوية الإسلامية " هو( الجنة ) حيث كان أبونا آدم في الإبتداء , ونحن في الدنيا منفيون عن هذا الوطن , ساعون في العودة إليه , و"المنهج الإسلامي" هو الخريطة التي ترسم لنا طريق العودة إلى الوطن الأم , كما أعرب عن ذلك الإمام المحقق ابن القيم بقوله :
فحي على جنات عدن فإنها ... منازلِنا الأولى وفيها المخيمُ
ولكننا سبي العدو فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا ونسلمُ ؟
فالجنة هي دار السعادة التي { لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا} (108) سورة الكهف , لا كماقال من سفه نفسه:
وطني لو شُغِلتُ بالخلد عنه ... نازعتني إليه في الخلد نفسي
لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء) , فكم تساوي نسبة (الوطن ) من جناح البعوضة ؟! .
-أما في الدنيا , فأحب الأوطان إلينا مكة المكرمة , والمدينة النبوية , وبيت المقدس , وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن محبته مكة المكرمة مبينة على أنها " أحب بلاد الله إلى الله " , فمحبتها إلى هذه البقاع التي أختارها الله , وباركها , وأحبها فوق محبتنا لمسقط الرأس , ومحضن الطفولة , ومرتع الشباب .
- وأما ما عدا هذه البلاد المقدسة فإن الإسلام هو وطننا وأهلنا وعشيرتنا , وحيث تكون شريعة الإسلام حاكمة وكلمة الله ظاهرة فثم وطننا الحبيب الذي نفديه بالنفس والنفيس , ونذود عنه بالدم والولد والمال .
ولست أدري سوى الإسلام لي وطناً ... الشام فيه ووادي النيل سيّانِ.
وحثيما ذكراسم الله في البلد ... عددتُ أرجاءه من لُب أوطاني
المصدر : كتاب ( هُويتنا أو الهاوية ) - الدكتور محمد إسماعيل المقدم