صراع الحضارات

محمد شتيوى

مستشار سابق
صراع الحضارات

بسم الله و الحمد لله . أما بعد

فقد كثر الحديث فى الغرب على صراع الحضارات كتبرير وتأصيل لمواجهة الإسلام و المسلمين , ولإثبات العداء التاريخي بين أصحاب المناهج والحضارات , والمحاولة لإظهار استعلاء الفكر الغربي الديمقراطي بل السعي لفرضه وهيمنته , وفى المقابل خرج البعض ينادى بحوار لا بصراع الحضارات , وكان أشبه بمن يرفع غصن الزيتون فى مواجهة المدفع !!

ولا بأس بالدعوة للحوار , والمجادلة التى هي أحسن , وإظهار سماحة الإسلام , وتفنيد شبهات الأعداء و الخصوم , لا معارضة بين ذلك وبين الخروج من الواقع السيئ , والثبات على معانى العقيدة , وتوضيح مفهوم الولاء و البراء , والجنوح للسلم لا حرج فيه متى تحققت مصلحة الإسلام و المسلمين قال تعالى )وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( " الأنفال : 61 " وقال سبحانه ) فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ( " محمد : 35 "

إن الكلمة قد تحسن فى مواجهة الكلمة , وفى قتال الفتنة والقتال على الملك , يجمل بالإنسان أن يكسر سيفه ويلزم بيته ويكون كخيرى ابنى أدم , أما الكافر الصائل على المال و العرض والدين , فيجب دفعه بما أوتينا من قوة , ولا خلاف فى ذلك , والاكتفاء بالتلويح بغصن الزيتون فى وجه ذلك العدو الكافر مجافاة ومخالفة للشرع والعقل فى أن واحد , والتذرع بضعف الأمة لا يجعلنا نكرس للمزيد من الضعف بإبعاد الأمة عن عقيدتها و هويتها فى التعليم والإعلام والخطاب الديني ......
بل الواجب الأخذ بأسباب القوة وإعداد العدة , وترك الذنوب و المعاصي التى تمكن بسببها الأعداء من رقابنا , والحرص على ترسيخ معانى الإيمان و اليقين فى البلاد والعباد , قال تعالى ) وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ( " الأنفال : 60 " , والرجوع إلى أولى الأمر من الأمراء و العلماء العاملين الربانيين , من شأنه أن تتحقق به السياسة الشرعية , , التى تنقلنا من ضعف إلى قوة ومن قوة إلى قوة ..

ومن الخطورة بمكان أن ندس الرؤس فى الرمال , ونصنع صنع النعام , ونتجاهل صراع المناهج أو الصراع الأيديولوجي العقائدى , فهذه مغالطة للشرع والواقع والحق والحقيقة , وإلا بماذا نفسر ما حدث بين الأنبياء وأممهم قال تعالى ) كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ( " الذاريات : 25 " وقال سبحانه ) مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ( " فصلت : 43 " وقال ) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون ( " يس : 30 "
وبماذا نفسر قتال الخوارج للصحابة يوم النهروان , وقتل بن ملجم لعلى رضى الله عنه – والعداوة القائمة بين الشيعة وأهل السنة , وما فعلته الصوفية مع ابن تيمية ..... ومع المناداة بالديمقراطية وقيام الأحزاب , بماذا نفسر ما يحدث بين الأحزاب الشيوعية والليبرالية والوطنية والقومية ... فى البلد الواحد وبين أبناء الأمة الواحدة , إلا انه صراع منهجى ولا يختلف اثنان على طبيعة الحروب الصليبية والحرب مع اليهود فى فلسطين , وما حدث لأهل البوسنة على أيدى الصرب ....

فقبل أن تكون حروباً للسيطرة على الأرض واستلاب خيرات البلاد والعباد , كانت العقيدة هى المحرك والدافع للصراع , صراع بين الحق و الباطل والإيمان والكفر , صراع يقوم بين حضارة على منهاج النبوة وعلى أساس واجب العبودية وبين حضارات عفنة , آيلة للسقوط والانهيار , قامت على غير منهج الله , وتشابهت مع حضارة قوم عاد وثمود وقوم لوط – هذا إن صح وصفها بالحضارة وليست بحضارة .

وهذه السنة من أهم السنن الربانية أن يدور صراع بين الحق متمثلاً فى دين الحق الذى ارتضاه ربنا للعالمين من لدن أدم حتى قيام الساعة وبين غيره من النظم و الدساتير و الفلسفات و المناهج المعوجة و المنحرفة عن الإسلام وفى ذلك يقول تعالى ) وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ( " الحج : 40 – 41 "

وأعظم معروف هو إخلاص العبودية لله جل و علا , وأول منكر هو عبادة غير الله من الطواغيت والأهواء و الشهوات والإعراض عن شريعة الله فإذا ثبت أصحاب الحق وصبروا وصابروا تحقق له وعد الله بهزيمة الباطل وهذا الصراع لا تنهيه معركة واحدة ولا حتى مئات المعارك إذ أنه يتخذ عدة أشكال ويمتد فى مساحات طويلة تجعل الإنسان يقضى حياته كلها فى هذا الصراع وقد يهدأ فى بعض الجوانب ويشتد فى جوانب أخرى واستمراره يأتى من كثرة الأعداء فى الداخل و الخارج , من النفس و الأقارب و الأموال و الأزواج , ومن الشيطان وجنوده ومن الكفار على مختلف ألوانهم وأشكالهم يهوداً كانوا أو نصارى أو ملاحدة والإنسان وهب من القدرات و القوى ما يستطيع به مع توفيق الله وهدايته من السيطرة والانتصار .

وهذا الصراع بدأ مع خلق آدم وأمر إبليس بالسجود له فامتنع محتجاً بشرف عنصره وأنه خلق من نار فكيف يسجد من خلق من نار لمن خلق من الطين فخاب اللعين و خسر عندما اعترض على أمر ربه ولم يذعن له ولم يخضع له بل ولم يستغفر ربه حين عصى بل تمادى فى غيه وسأل الله النظرة والمهلة إلى يوم القيامة ) قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ( " الحجر : 36 " واقتضت حكمة الله إمهاله إلى يوم القيامة ) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ( " الحجر : 37 – 38 " وجعل يطيف بآدم فوجده خلق خلقاً أجوف فقال : لئن سلطت عليك لأهلكنك ولئن سلطت على لأعصينك .
فوسوس لأبينا آدم عليه السلام بالأكل من الشجرة التى نهى عن الأكل منها وأقسم لهما إنه لهما ناصح ) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ( " الأعراف : 21 – 23 " لم يعهدا من قبل أن يجدا مخلوقاً يقسم بالله كذبا , ولذلك يقول العلماء : من خدعنا بالله انخدعنا له . ثم أمر الجميع بالهبوط إلى الأرض )َقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ( " البقرة : 36 "
وقطع إبليس عهداً على نفسه فقال ) لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ( " النساء : 118 " ) قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ( " الحجر : 39 " وقال أيضاً ) ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ( " الأعراف : 17 " وحذر رب العزة عباده من كيده ووسوسته فقال ) يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ ( " الأعراف : 27 "

وامتد الصراع إلى بنى آدم وبنى إبليس , وبين لنا ربنا جل وعلا أن الشيطان ) إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ( " فاطر : 6 " , وأنه لا حجة له فى إغواء العباد )إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ( " الإسراء : 65 " وكل سلطان فى القرآن فهو الحجة كما قال بن عباس رضى الله عنهما )اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ( " البقرة : 257 " , صراع بدأ ولم ينته بل ولن ينتهى حتى تنتهى الحياة

وفى الحديث : " الجهاد ماض فى أمتى لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل حتى يقاتل آخر رجل من أمتى المسيح الدجال " ضعيف السند وله شواهد كقوله " الجهاد ماض فى أمتى مع كل بر و فاجر " من رواية مكحول عن أبى هريرة ولم يسمع منه , وفى الحديث الآخر " الخيل معقود فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة : الأجر و الغنيمة " رواه البخارى ومسلم , وقد انحرف كثير من الناس عن منهج ربهم ) وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ( " سبأ : 20 " ولذلك يقول تعالى ) وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ( " سبأ : 13 "
, وروى البخارى عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يقول الله تعالى : يا آدم , فيقول : لبيك وسعديك والخير فى يديك , فيقول : أخرج بعث النار , قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين , فعنده يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى , ولكن عذاب الله شديد , قالوا : وأين ذلك الواحد ؟ قال : أبشروا فإن منكم رجلاً ومن يأجوج ومأجوج ألف " , ولذلك يقول تعالى ) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ( " ق : 30 " . فالحق لا يعرف بكثرة ولا بقلة , ولكن اعرف الحق تعرف أهله واعرف الباطل تعرف من أتاه , واسلك طريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين , وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين ) وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ ( " الأنعام : 116 " , ) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ( " يوسف : 103 " , ) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ ( " يوسف : 106 "

والشيطان فى حربه و صراعه لبنى آدم لا ينام . كما قال الحسن حين سئل أينام الشيطان ؟ قال : لو نام لاسترحنا . وإذا كنا نتغافل عن مهمتنا فإن الشيطان يواصل الليل و النهار فى سبيل إنفاذ وعده وتابعه على ذلك خلق كثير أصبحوا من أوليائه بل وفاقوه فى حيله كالتلميذ الذى يفوق أستاذه يواصلون الليل والنهار فى المكر و الكيد للإسلام و المسلمين , وشنوا على هذه الأمة حرباً لا هوادة فيها واستخدموا فى هذه الحرب كل صور الأسلحة ) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ( " الصف : 8 "

حرب عسكرية و سياسية واقتصادية وحرب فكرية أو ما يسمى بالغزو الفكرى وهو أعنفها وأطلقوا على الأمة سهاماً كثيرة بحيث من لم يصبه سهم أصابه السهم الثانى أو العاشر . وكانت الديمقراطية هى إحدى هذه السهام الخبيثة التى أطلقت على الأمة بالإضافة إلى نحل و فلسفات ونظريات , وركزوا فى سبيل ذلك على كل القطاعات من رجال و نساء وكبار و صغار واستخدموا كل الوسائل من إذاعة وتلفزيون ومجلات و جرائد ولم تسلم منهاج التعليم فى مختلف المراحل من هذا الدس , وحشدوا من أجل ذلك جيوشاً جرارة من الساسة و الزعماء و المفكرين ورجال الأدب لترويج هذه النظريات و الفلسفات فى أوساط المسلمين الذين يؤمنون بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه و سلم نبياً ورسولاً .

بل وحاول أصحاب هذه المذاهب الفكرية فى فلسفة مذاهبهم وتأييدها أن يجدوا سنداً تاريخياً لها فى الوقت الذى حرصوا على تشويه تاريخ هذه الأمة الإسلامية لإبعاد المسلمين أكثر و أكثر عن دينهم وأتوا للأمة بحثالات البشر ووضعوهم فى مقام القدوة و القيادة وأضفوا عليهم ألقاب البطولة و الزعامة فنادوا بالتغريب وبأخذ كل ما عليه الغرب حتى هذه النجاسات الموجودة فى أمعائهم لكي تتطور الأمة كما تطور هؤلاء .

ومن بين هؤلاء مصطفى كمال أتاتورك الذى وصف بالبطولة وأنه محرر الشعب التركي من سلطة السلاطين واتخذ مثلاً لكثير من الثورات فى البلاد العربية حتى أن شوقي بعد الانتصار المريب على الإنجليز أنشد يقول :

الله أكبر كم فى الفتح من عجب ... يا خالد الترك جدد خالد العرب

ولكن ما لبث أن ظهر على حقيقته حيث ألغى الخلافة و اللغة العربية حتى فى الأذان وألغى المحاكم الشرعية وفرض العلمانية اللادينية على الشعب التركى ونزع الحجاب ثم ظهرت الوثائق التاريخية فأثبتت عمالته للإنجليز وصلته بالماسونية حتى أنه عندما حضرته الوفاة استدعى السفير الإنجليزي وطلب منه أن يتولى حكم تركيا من بعده فاعتذر السفير بلباقة حتى لا تتكشف العمالة .

وإذا كان الصراع قديماً وعقد الإخاء وثيق بين كل قوى الكفر فلتستمع لما يقوله كاسترو " رئيس كوبا " للسفير الإسرائيلي فى بلاده " على إسرائيل ألا تترك الحركة الفدائية تتخذ طابعاً إسلامياً دينياً حتى لا يجعل من حركتهم شعلة من نار الحماس الديني مما يجعل من المستحيل على إسرائيل أن تصون كيانها لأن الفداء إذا تملكته عقيدة دينية و بخاصة فى المجتمعات الإسلامية تلاشت أمام كل العقائد الأخرى بما فيها الماركسية . والباطل صورة مكرورة فقد أرسل اللورد اللنبى إلى وزارة الخارجية البريطانية وذلك بعد تحريه شهراً وكانت إنجلترا قد غيرت مندوبها أبرق يقول :

1. الثورة تنبع من الأزهر وهذا أمر له خطورته.
2. أفرجوا عن سعد زغلول وأرسلوه إلى القاهرة .

ورجع سعد زغلول ليصرف الثورة من ثورة دينية إلى ثورة وطنية تنادى بتحرير التراب ويشترك فيها الجميع وقال قولته المشهورة : " الدين لله و الوطن للجميع " وكانت مفاوضات وتفاهات أطلق عليها اسم المكاسب الوطنية خرج بعدها سعد زغلول ليقول : خسرنا المعاهدة وكسبنا الإنجليز " . ويقول : " الإنجليز خصوم شرفاء معقولون " .

ثم يأتى بعد ذلك لطفى السيد أستاذ الجيل يقول : " عن الإنجليز هم أولياء أمورنا فى الوقت الحاضر وليس السبيل أن نحاربهم بل السبيل أن نتعلم منهم ثم نتفاهم معهم ) وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ( " النور : 40 "

وإلا فماذا ينتظر من الذين تربوا على موائد الغرب تارة و موائد الشرق تارة أخرى ونسوا أو تناسوا دينهم فى سبيل نقل بعض معالم التطور , ولم يفرق الكثيرون بين ما يجوز نقله وبين ما لا يجوز اعتباره ولا أخذه , فالعلوم الدنيوية كالزراعة و الصناعة و الهندسة والطب تؤخذ من كل من أفلح فيها بخلاف الهداية الإلهية فى العقيدة و الشريعة و الأخلاق و الحكم فهى من الإسلام وحده لا غير .

وهكذا حورب الإسلام بيد أبنائه بعد أن كان يحارب بيد أعدائه ) وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ( " يوسف : 21 " وسنة التدافع المذكورة فى القرآن إنما هى لخير البشرية و لتحقيق منهج العبودية لله عز و جل فى أرضه وإزالة كل طاغوت يعبد من دون الله وحتى يكون الدين كله لله فلابد من شد العزائم لتحقيق المجتمع المسلم الذى ينفذ أمر الله و شرعه وفق قاعدة الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ( " محمد : 31 " , ) الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ( " العنكبوت : 1 – 3 " ,) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ( " المجادلة : 21 " , ) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وكَفَى باللهِ شَهِيدًا( " الفتح : 28 " .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

______________________________
المصدر : موقع الدكتور سعيد عبد العظيم - ‏15/‏رجب/‏1426 الموافق ‏19 ‏اغسطس, ‏2005
 
جزاك الله أخي كل خير، ومواضيعك جميعا تدل على غيرتك الوطنية والقومية والإسلامية التي نفتقدها في الساسة وأصحاب القرارات الذين يلوكون الكلام وهم منه برءاء ، ويتلفظون بالوطنية وهم منها غثاء كغثاء السيل يذهب بالأخضر واليابس ، ولا يبقي ولا يدر .
 
وهكذا حورب الإسلام بيد أبنائه بعد أن كان يحارب بيد أعدائه
وهذه اخطرها..فالعدو هو عدو ولكن المصيبة غذا كانم متستر بلغتك ويتكلم بها..فهنا تكون القاصمة...دعاة على ابواب جهنم
 
الأخ الكريم محمد راقى
نعم ... الوطنية الحقيقية هى انتماء الانسان إلى دينه فهو محركه الاساسى للدفاع عن وطنه
ولهذا موضوع مستقل تجده فى سلسلة ( هويتنا أو الهاوية )
بوركت

حضرموت
وهو أشق شئ على النفس , وأكثرالأمور قهرا للمرء أن يُحارب الإسلام بيد ابنائه
دمت عزيزا
 
عودة
أعلى