ماجدة صبّاح
عضو فعال
خفقات مذهلة
تسارعت دقات قلبي، تهافتت رعشات أطرافي، تراقصت أحلامي، تناثرت أفكاري حول ماض كنت قد ملكته، تمادت قسوة الزمان، وألنت خطى قدماي الأرض، أحاطت عنقي مشنقة اللائمات، أثارت عودتي لأرضي حمم دمي تلطخا، أمواج دموعي بدأت بالانهمار ، وحين أحست الأرض طراوتها وذاقت حرارتها؛ أرسلت لي بكلمات كدت أن أسمعها: بنيتي، حللتِ أهلا ونزلتِ سهلا.
يا لقسوة قلبي، أأمضي من العمر سنينا في أرض ما عهدت زمنها ولا لهفت تاريخها؟ لا جذبني حبها ولا استهوتني كلماتها، بل أرضخت ضميري سكرات وأجحفت به اللعنات، أذاقتني مر الويلات، أتعبتني مرار الآثام، سلخت حقيقتي وأظهرتني بمظهر المعفر المرضخ على الأرض سخرية ومهزأة، على أثرها صحبتني مهزلة التاريخ حتى وقفت ها هنا أسطر أبعاد كلماتي وأكتب قصتي ألما ومرضا، آملا منها العبرات، فيا من لأرضه عاش ولها مات وعليها كان، هنيئا بما ظفرت هنيئا بما حملت، ومن قصتي خذ العبر وانس ماضيا فيه لاقيت الأمرّ والأنجم، فيا من سألت عن حكمة خذها من فم من له مع الحياة عبر طوال ساخنات...
كانت حياتي في تلك الأرض الموحشة كأنها الفلاة المقفرة، تتردد فيها الأصداء، وتدوي فيها الأصوات، تضيع فيها معالم الحياة، وتختفي فيها سبل النجاة، فلا فيها لك هداية أن تهدى بصخر أو رمل أو زوبعتهما أو حتى جبل أو نبت، ليس لك فيها إلا الظلام، الظلام لا غير، ومعه نعيب البوم و عواء الذئاب، ليس لك فيها سوا الاغتراب، الاغتراب يرخي عليا ثنايا أردت منها الإيتاء للجوء فأرى منها أنها تلفني وتلف راكبيها مِن مَن هم أمثالي، عشت فيها حياة الذي يقضي حشاشة نازع، انجلى عمري حينها فيها لأجلها مثل الأديم من هبوة نيم.
ليلا، وحين هبت عاصفة الدجى، واستهوت عيناي واستلقت رموشي على جفوني، واستمادت بي اللحظات، وفي أقل من عشر ثوان بدأت أمواج الصور تتراقص من حولي، والدمى اللامهزولة التي عانقتني عناق الأفعى بيضها تفقسه من حولي تتصارع، حتى وفجأة اضطرمت الأوراق وصارت تتطاير من حولي، والأزهار بدأت بالمروج، والخيوط من بين يدي بدأت تولي وتلوح، والأمر الذي استوقدني صار يغمس رملا بدلا من مال، ذرا الجبال في أوهامي اللامعلومة تتحرك كأنها خيل راكضة، أو أنها الخراف تهدى للنحر حين البيت الحرام، وفي ذهني تراكمت علاقم الأسى الغادر، وذكريات الماضي تحدثني لائمة على وشك أن تخضّني فلا أجد نفسي سوى على الأرض ملقاة لا أدري أحل بي ما حل قديما بمن قبلي؟ وفي تواتر تصاعدت تلك الأمواج، وتوحدت تلك الصور، وعيوني على الماضي بدأت تطل من نافذة الخجل، وشرايين قلبي تتراقص تراقص سنابل القمح الملئى، حتى استوقفني منظر رائع، الجِمال ترعى، والواحة بمائها البسيط تتغنى، وبهعخعها المر الممزوج بريح البداوة تتململ،
والجمال لاح لي من بعيد، السماكان صارا يخيّلا لي بالدولاب الدائر في فلك بعيد كل البعد عن يعافر حياتي،والبدويات فوق رؤوسهن جرارهن تتخبط، وأمام خيامهن جلست نِسوة أربعٌ تخيط النول الثياب، وذويهن خلف تلك المرابع بقطعان الغنم يتسايرون وإياهم، ومنهم أطفالهم حملوا اليرغول وبه صاروا يتغنون وعلى لحنه قطعانهم تتراقص أقدامهم والأحوى معهم لطرب موسيقاها يتلاعب ،،، فإنّ فيها ما استطال جبلا، وما اعوج حقفا، والذي استدار عصا، وما كان ما بين التقطع والاتصال سقط، وفيها الجَمال كثير حين احدودب كثبيا ونقا، استوقفني ذاك واستوحلني كل ما مضى،،، لأفيق على صوت ضجيج السيارات والعربيات التي خنقت الطرقات، وأصوات الباعة التي أغضبتني وأفزعتني،،، ما عدت أريد بلدا غيرك، ما عدت أريد مربعا سواك، لا أريد سوى أنت أرضي أنت الحل دونك الحل على غيرك الحل، أرض النقب أنت موطني، ما عدت أرغب بالبديل لك بديلا... فمن راقب الظلام جاهلا أعددته تائها، وعيناه كأنما يراهما أو يظن على أحسن تعبير أنهما كوكبان معتمان لهما نورهما الخاص يدورا في فلك متقوس لا يدرك له قعر أو نهاية تائهين ما بين الكواكب المضاءة المضيئة، كل من زاغت عيناه بعيدا يرى في المهجر سموا ورفعة فبعينيه محجر يكتوي وحين تتذكران ماضيهما كأنهما الزمان المغابر ولو كان في فهمه المعاصر...فمن رأى في أرض غيرك جمالا كمن رأى ذي الغباوة يرى في الماء ظل الكوكب ولا يدركه،،، إن النابغ العاقل الوافي لأرضه وعرضه يعظ الخلائق كلها حيا وميتا، ولا تغرب من موته إن موته أجل عظاته، ها قد كانت كذا حياتي وأنّ لي في حياتي عظات ساخنات أخبرتك إياها نوامق وأنت ها هو اليوم أوعظ منك حيا في موتك الوعظ....
ولست أقول نهاية غير ما قال دموس:
والجمال لاح لي من بعيد، السماكان صارا يخيّلا لي بالدولاب الدائر في فلك بعيد كل البعد عن يعافر حياتي،والبدويات فوق رؤوسهن جرارهن تتخبط، وأمام خيامهن جلست نِسوة أربعٌ تخيط النول الثياب، وذويهن خلف تلك المرابع بقطعان الغنم يتسايرون وإياهم، ومنهم أطفالهم حملوا اليرغول وبه صاروا يتغنون وعلى لحنه قطعانهم تتراقص أقدامهم والأحوى معهم لطرب موسيقاها يتلاعب ،،، فإنّ فيها ما استطال جبلا، وما اعوج حقفا، والذي استدار عصا، وما كان ما بين التقطع والاتصال سقط، وفيها الجَمال كثير حين احدودب كثبيا ونقا، استوقفني ذاك واستوحلني كل ما مضى،،، لأفيق على صوت ضجيج السيارات والعربيات التي خنقت الطرقات، وأصوات الباعة التي أغضبتني وأفزعتني،،، ما عدت أريد بلدا غيرك، ما عدت أريد مربعا سواك، لا أريد سوى أنت أرضي أنت الحل دونك الحل على غيرك الحل، أرض النقب أنت موطني، ما عدت أرغب بالبديل لك بديلا... فمن راقب الظلام جاهلا أعددته تائها، وعيناه كأنما يراهما أو يظن على أحسن تعبير أنهما كوكبان معتمان لهما نورهما الخاص يدورا في فلك متقوس لا يدرك له قعر أو نهاية تائهين ما بين الكواكب المضاءة المضيئة، كل من زاغت عيناه بعيدا يرى في المهجر سموا ورفعة فبعينيه محجر يكتوي وحين تتذكران ماضيهما كأنهما الزمان المغابر ولو كان في فهمه المعاصر...فمن رأى في أرض غيرك جمالا كمن رأى ذي الغباوة يرى في الماء ظل الكوكب ولا يدركه،،، إن النابغ العاقل الوافي لأرضه وعرضه يعظ الخلائق كلها حيا وميتا، ولا تغرب من موته إن موته أجل عظاته، ها قد كانت كذا حياتي وأنّ لي في حياتي عظات ساخنات أخبرتك إياها نوامق وأنت ها هو اليوم أوعظ منك حيا في موتك الوعظ....
ولست أقول نهاية غير ما قال دموس:
أدِرِ الدفة يا ربانها ***فالحمى حنّ إلى من هجره
تحياتي/ ماجدة صبّاح