من روائع الحكم لابن حزم الاندلسي

محمد الجزائري 22

مشرف بكلية العلومصقر كتاب العرب
السلام عليكم ورحمة الله وباركاته

فهذه روائع من الحكم للإمام الجليل أبي محمد علي ابن حزم الأندلسي الظاهري......

ويعد هذا الامام من فلتات الزمان وقد عقمت النساء وعجزت أن يلدن مثله....كيف وهو العالم الذي أدهل علماء عصره با بطال القياس من الشريعة واعتبر ان أصول الشريعة تكمن فقط في القرءان والسنة واجماع المسلمين او ما يسمى بالفقه الضاهري .

عندما تقرء كتابه " الاحكام في اصول الاحكام " وطريقة تقصيه البراهين والحجج في ابطال القياس يأخدك معاه والله.

وقد نبغ ابن حزم في علوم شتى : كالفقه ، والحديث ، والأصول ، والأدب والبلاغة والشعر ، والتاريخ والأخبار ، والنسب ، والمنطق ، والطب ....

وقد حصلت له خطوب وحروب مع مخالفيه من العلماء جرت عليه محن ، وفتن ، وابتلاءات ... كان لها أثر في نفسه ، وخلقه ، وطبعه ، وكشفت له من أمور الناس ، وما تنطوي عليه أخلاقهم وصفاتهم شيئا كثيرا...

ولعل من أصعب مواقف ابن حزم التي مرت عليه في الحياة.....احراق كتبه

هدا الامير الدي نشأ وترعرع في قصور الاندلس .......



يقول في مقدمة كتابه الأخلاق والسير في مداواة النفوس.. أو مداواة النفوس ...

... جمعت في كتابي هذا معاني كثيرة، أفادنيها واهب التمييز تعالى بمرور الأيام وتعاقب الأحوال، بما منحني عز وجل من التهمم بتصاريف الزمان، والإشراف على أحواله، حتى أنفقت في ذلك أكثر عمري، وآثرت تقييد ذلك بالمطالعة له، والفكرة فيه على جميع اللذات التي تميل إليها أكثر النفوس، وعلى الازدياد من فضول المال، وزممت كل ما سبرت من ذلك بهذا الكتاب، لينفع الله تعالى به من يشاء من عباده ممن يصل إليه بما أتعبت فيه نفسي، وأجهدتها فيه، وأطلت فيه فكري، فيأخذه عفواً، وأهديته إليه هنيئاً، فيكون ذلك أفضل له من كنوز المال، وعقد الأملاك، إذا تدبره ويسره الله تعالى لاستعماله، وأنا راج في ذلك من الله تعالى أعظم الأجر لنيتي في نفع عباده، وإصلاح ما فسد من أخلاقهم، ومداواة علل نفوسهم، وبالله أستعين .

قال رحمه الله أيضا :
لذة العاقل بتمييزه، ولذة العالم بعلمه، ولذة الحكيم بحكمته، ولذة المجتهد لله عز وجل باجتهاده، أعظم من لذة الآكل بأكله، والشارب بشربه، والواطيء بوطئه، والكاسب بكسبه، واللاعب بلعبه، والآمر بأمره، وبرهان ذلك، أن الحكيم العاقل والعالم والعامل واجدون لسائر اللذات التي سمينا، كما يجدها المنهمك فيها، ويحسونها كما يحسها المقبل عليها، وقد تركوها وأعرضوا عنها، وآثروا طلب الفضائل عليها، وإنما يحكم في الشيئين من عرفهما لا من عرف أحدهما ولم يعرف الآخر.


وقال كدالك :

إذا تعقبت الأمور كلها فسدت عليك، وانتهيت في آخر فكرتك باضمحلال جميع أحوال الدنيا، إلى أن الحقيقة إنما هي العمل للآخرة فقط، لأن كل أمل ظفرت به فعقباه حزن ،
إما بذهابه عنك ،
وإما بذهابك عنه ،
ولا بد من أحد هذين الشيئين،
إلا العمل لله عز وجل ؛ فعقباه على كل حال سرور في عاجل وآجل،
أما العاجل فقلة الهم بما يهتم به الناس، وإنك به معظم من الصديق والعدو،
وأما في الآجل فالجنة.


قال أيضا رحمه الله :

لا تبذل نفسك إلا فيما هو أعلى منها، وليس ذلك إلا في ذات الله عز وجل في دعاء إلى حق، وفي حماية الحريم، وفي دفع هوان لم يوجبه عليك خالقك تعالى، وفي نصر مظلوم.
"وباذل نفسه في عرض دنيا، كبائع الياقوت بالحصى.
لا مروءة لمن لا دين له."
العاقل لا يرى لنفسه ثمناً إلا الجنة.
لإبليس في ذم الرياء حبالة، وذلك أنه رب ممتنع من فعل خير خوف أن يظن به الرياء


قال ايضا رحمه الله:

* العقل والراحة هو اطراح المبالاة بكلام الناس، واستعمال المبالاة بكلام الخالق عز وجل بل هذا باب العقل، والراحة كلها. من قدر أنه يسلم من طعن الناس وعيبهم فهو مجنون.


ثم قال:
* من حقق النظر، وراض نفسه على السكون إلى الحقائق وإن آلمتها في أول صدمة كان اغتباطه بذم الناس إياه أشد وأكثر من اغتباطه بمدحهم إياه، لأن مدحهم إياه، إن كان بحق وبلغه مدحهم له، أسرى ذلك فيه العجب، فأفسد بذلك فضائله، وإن كان بباطل فبلغه فسره، فقد صار مسروراً بالكذب، وهذا نقص شديد. وأما ذم الناس إياه، فإن كان بحق فبلغه، فربما كان ذلك سبباً إلى تجنبه ما يعاب عليه، وهذا حظ عظيم، لا يزهد فيه إلا ناقص، وإن كان بباطل وبلغه فصبر، اكتسب فضلاً زائداً بالحلم والصبر، وكان مع ذلك غانماً، لأنه يأخذ حسنات من ذمه بالباطل، فيحظى بها في دار الجزاء، أحوج ما يكون إلى النجاة بأعمال لم يتعب فيها، ولا تكلفها، وهذا حظ عظيم لا يزهد فيه إلا مجنون. وأما إن لم يبلغه مدح الناس إياه، فكلامهم وسكوتهم سواء، وليس كذلك ذمهم إياه، لأنه غانم للأجر على كل حال، بلغه ذمهم أو لم يبلغه. ولولا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثناء الحسن ذلك عاجل بشرى المؤمن لوجب أن يرغب العاقل في الذم بالباطل، أكثر من رغبته في المدح بالحق، ولكن إذا جاء هذا القول، فإنما تكون البشرى بالحق لا بالباطل، فإنما تجب البشرى بما في الممدوح لا بنفس المدح.

ثم قال:

* ليس بين الفضائل والرذائل، ولا بين الطاعات والمعاصي إلا نفار النفس وأنسها فقط. فالسعيد من أنست نفسه بالفضائل والطاعات، ونفرد من الرذائل والمعاصي، والشقي من أنست نفسه بالرذائل والمعاصي، ونفرت من الفضائل والطاعات، وليس هاهنا إلا صنع الله تعالى وحفظه.


قال رحمه الله :

طالب الآخرة ليفوز في الآخرة متشبه بالملائكة،

وطالب الشر متشبه بالشياطين،
وطالب الصوت والغلبة متشبه بالسباع،
وطالب اللذات متشبه بالبهائم،
وطالب المال لعين المال لا لينفقه في الواجبات والنوافل المحمودة أسقط وأرذل من أن يكون له في شيء من الحيوان شبه !
ولكنه يشبه الغدران التي في الكهوف، في المواضع الوعرة، لا ينتفع بها شيء من الحيوان.

فالعاقل لا يغتبط بصفه يفوقه فيها سبع أو بهيمة أو جماد،

وإنما يغتبط بتقدمه في الفضيلة التي أبانه الله تعالى بها عن السباع والبهائم والجمادات، وهي: التمييز الذي يشارك فيه الملائكة.

فمن سر بشجاعته التي يضعها في غير موضعها لله عز وجل فليعلم أن النمر أجرأ منهن وأن الأسد والذئب والفيل أشجع منه،

ومن سر بقوة جسمه، فليعلم أن البغل والثور والفيل أقوى منه جسماً،

ومن سر بحمله الأثقال، فليعلم أن الحمار أحمل منه،

ومن سر بسرعة عدوه، فليعلم أن الكلب والأرنب أسرع عدواً منه،

ومن سر بحسن صوته، فليعلم أن كثيراً من الطير أحسن صوتاً منه، وأن أصوات المزامير ألذ وأطرب من صوته، فأي فخر وأي سرور في ما تكون فيه هذه البهائم متقدمة عليه.

رأيت أكثر الناس إلا من عصم الله تعالى ـ وقليل ما هم ـ يتعجلون الشقاء والهم والتعب لأنفسهم في الدنيا، ويحتقبون عظيم الإثم الموجب للنار في الآخرة بما لا يحظون معه بنفع أصلاً ! :
من نيات خبيثة يضبون عليها من تمني الغلاء المهلك للناس وللصغار، ومن لا ذنب له،
وتمني أشد البلاء لمن يكرهونه، وقد علموا يقيناً أن تلك النيات الفاسدة لا تعجل لهم شيئاً مما يتمنونه أو يوجب كونه.
وإنهم لو صفوا نياتهم وحسنوها، لتعجلوا الراحة لأنفسهم، وتفرغوا بذلك لمصالح أمورهم، ولا قتنوا بذلك عظيم الأجر في المعاد، من غير أن يؤخر ذلك شيئاً مما يريدونه، أو يمنع كونه. فأي غبن أعظم من هذه الحال التي نبهنا عليها، وأي سعد أعظم من التي دعونا إليها?
 
جزاك الله خيرا

لم تعجبنى عبارة ( ويعد هذا الامام من فلتات الزمان ) لأن الله خلق كل شئ بقدر , ولا شئ يفلت من هذا القدر
يمكننا استعمال عبارة بلاغية أفضل مثل ( يعد هذا الإمام من عجائب عصره , وفرائد زمانه )

ومن أهم القضايا التى تتعلق بابن حزم رحمه الله قضية أنه يرى أن الغناء جائز , وقد خالف بذلك أئمة الإسلام الكبار وعامة علماء أهل السنة كالإمام أحمد وملك والشافعى وابى حنيفة رحمهم الله جميعا

من اشهر شعر ابن حزم رحمه الله قوله لما أحرق الحاكم كتبه :
فإن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي ... تضمنه القرطاس بل هو في صدري
يسير معي حيث استقلت ركائبي ... وينزل أن أنزل ويدفن في قبري

بارك الله فيك
 
الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى فعلا من الأئمة الكبار...
واذكر موقف قرأته في كتاب البداية والنهاية لابن حزم رحمه الله تعالى حين سب ملك الروم النبي صلى الله عليه وسلم فلما سمع ابن حزم المسبة قام وارتجل قصيدة في الرد على هذا الملك وكانت قصيدة رائعة جدا فرحم الله الإمام رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته...وإن يسر الله لي ذلك ساقوم بوضعها في كلية الآداب .....
 
عودة
أعلى