محمد راقي
New Member
رثاء الأندلس أم رثاء المسلمين ؟
------------------------
أحبائي الأعزاء ، ما زلنا مع الأندلس وما حل به من نكبات ومآسي ، وما يحل اليوم بفلسطين والعراق والشيشان …………..وغيرها كثير..فالماضي أشبه بالحاضر، والأمس قريب من اليوم، ( وتلك الأيام نداولها بين الناس….الآية ) فمأساة البارحة القريب هي مأساة اليوم، والفاجعة المؤلمة ما زالت تتكرر، وتتكرر ، ولنا في هذه القصيدة التاريخية الخالدة ( التي تصلح تذكرة لكل زمان ومكان ) نبراسا ساطعا مضيئا لكل الأجيال ، وأستسمح الإخوة الأفاضل الذين سبقوني لوضع هذه القصيدة في المنتدى الغالي ، وأنا لم أنوي تكرارها إلا للضرورة بعدما وجدت هذه القصيدة مع الشرح المفصل والتعليق المكتمل والتحليل المبجل
فأردت أن أضعها لتعم الفائدة.
أبو البقاء الرندي
------------------------------------
لكل شيء إذا ما تم نقصان **** فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ ****من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ
وهذه الدار لا تبقي على أحد **** ولا يدوم على حال لها شانُ
يمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ**** إذا نبت مشرفيات وخرصان
وينتضي كل سيف للفناء ولو **** كان ابن ذي يزن والغمد غمدان
أين الملوك ذوو التيجان من يمنٍ****وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ **** وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ
وأين ما حازه قارون من ذهب **** وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ
أتى على الكل أمر لا مرد له**** حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلك **** كما حكى عن خيال الطيفِ وسنانُ
دار الزمان على دارا وقاتله **** وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصعب لم يسهل له سببُ **** يومًا ولا مَلك الدنيا سليمان
فجائع الدهر أنواع منوعة **** وللزمان مسرات وأحزانُ
وللحوادث سلوان يسهلها**** وما لما حل بالإسلام سلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء له **** هوى له أحدٌ وانهد نهلانُ
فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيةٍ **** وأين شاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ
وأين قرطبةٌ دارُ العلوم فكم **** من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين حمصُ وما تحويه من نزهٍ **** ونهرها العذب فياض وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما **** عسى البقاء إذا لم تبقى أركان
تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ **** كما بكى لفراق الإلف هيمانُ
حيث المساجدُ قد صارت كنائسَ ما **** فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ **** حتى المنابرُ تبكي وهي عيدانُ
يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ **** إن كنت في سِنَةٍ فالدهر يقظانُ
وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ**** أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ
تلك المصيبةُ قد أنْسَتْ ما تقدَّمها **** وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يا راكبين عتاقَ الخيلِ ضامرةً **** كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
وحاملين سيوفَ الهندِ مرهفةُ **** كأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعةٍ **** لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ **** فقد سرى بحديثِ القومِ ركبانُ
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم **** قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
لماذا التقاطع في الإسلام بينكمُ **** وأنتمْ يا عباد الله إخوانُ
ألا نفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌ **** أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهُمُ **** أحال حالهم ْكفر وطغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم **** واليومَ هم في بلاد الكفرعبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ **** عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ **** لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما **** كما تفرقواَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت**** كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً**** والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ **** إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ
لتحميل الموال الحزين الخاص لما حل بالأندلس:
من هنا
وقد قال هذه القصيدة في رِثاء المدن الأندلسية التي سقطت في أيدي الصليبيّين الأسبان، توفي الرُّندي-رحمه اللّه تعالى-سنة 684هـ.
أـ شرح المفردات
الكلمة ………معناها
تمَّ (-ِ) : كَمُلَ المصدر : تَمَامٌ . نَقَص الشيء (-ُ) : قَـلَّ. المصدر : نُقْصَانٌ .
غَرَّ فلانٌ فلاناً (-ُ) : خَدَعَه. المصدر : غُرُورٌ .الفَجيعَـةُ : المُصِيبة. ج فَجائِعُ.
الـدًّهْـرُ : الزمـان.المَسَـرَّة : الفَرْحَة. ج مَسَرَّاتٌ .الحُـزْنُ : الغَـمّ. ج أحزان.
الحـوادث : جمع حَادِثٍ . والمراد بها هنا الـمَصَائب.سُـلْـوان : زَوَالُ الغَـمِّ.
سهَّل الشيءَ : جعله سهلا.حَلّ بالمكان (-ُ) : نزَلَ. المصدر: حُلُولٌ .
دَهَـى (-َ) : أصاب. والمصدر: دَهْيئ.العَـزَاء : الصـبْر.
هَوى الشيءُ هُوِياًّ (-ِ): سقط من علو إلى سفل. أما هَوِيَ فلاناً فمعناه أحَبه.
هدّ البناءَ (-ُ): كسره وهَدَمَه. انْهَدّ البناءُ : انكسر.
أُحُـدٌ: جبل معروف بالمدينة المنورة. وثَهْلان : جبل بنجد.
الشـأن: الحال، المنزلة والقدر. ج شُؤُون.
حَوَى الشيء (-ِ): جمعه وضمه، وكذلك : احْتَوَى الشيءَ، وعليه، تقـول : هذا الكتاب يحوى عشرين درسا/ يحتوى عشرين درسا/ يحتوى على عشرين درسا.
: هذه المـدينـة تحوى كثـيرا من المكتبـات. (والمصدر : حَواَيَةٌ)
النُزْهَـة: مكانُ التَّنَزُّه. ج نُزَهٌ .الماء العَذْب: الماء الطيّبُ الذي لا مُلُوحَةَ فيه.
نَهْرٌ فَياضٌ: كثير الماء.القَوَاعِـدُ: جمع قاعدةٍ. والمراد بها هنا : المُدُنُ الرَّئِيسة، الحَوَاضِرُ.الرُّكْـنُ: أحد الجَوَانبِ التي يَسْتَنِد إليها الشيء ويقوم بها. ج أرْكانٌ .
الحَنِيفِيَّـةُ: مِلَّةُ الإِسلام.الأسَـف: الحُزْنُ على ما فات.الإلْـفُ: الحِـبّ.
الهَيمان: الـمُحِبُّ حُبًّا جَمَّا (لَدَرَجَةِ الذُّهُولِ عَنْ غَيْرِ ما يُحِبُّ).
أقْفَرَ المكانُ من الناس: خَلا منهم.
العُمْـران: مَصدر عَمَرَ (-ُ). وعَمَرَ البيتَ : سَكَنَ فيهِ.
الكَنِيسـة :: مَعْبَدُ النصارى. ج كَنَائِسُ.
النَّاقُـوس :: مِضراب النصارى الذي يضربونه إيذانا بحُلُول وقت الصلاة عندهم. ج نَواقيسُ.
الصَّـلِيب: الخَشَبَة التي يقول النصارى: إن عيسى عليه السلام صُلِبَ عليها.
(وهذا قولٌ مخالفٌ للحق. قال اللّه تعالى: {وما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوه ولكنْ شُبِّهَ لهم..} (النساء: 157)). ج صُلْبَانٌ .
المحَـارِيب: جمع مِحراب، والمَنَابِر : جمع مِنْبَر.العُـود: الخَشَبَة. ج عِيدانٌ .
رَثَى فلانٌ الميتَ (-ِ): بكاه بعد موته. المصدر : رِثاءٌ .أَحَـالَ الشيءَ: نَقَلَهُ، غَيَّرَهُ.
الجَـور والطُّغْيان :: الظُلم والعُدوان.العُبْـدان: جمع عَبْد.الكَمَـد: الحُزْن الشديد.
ذَابَ الشيء (-ُ): ضد جَمَدَ، والمصدر: ذَوَبَانٌ .
ب ـ إيضاحات نحوية
(بَلَنْسِيَة ومُرْسِية وشَاطِبَة) هذه أعلام أعجمية، وهي ممنوعة من الصرف ولكنها صُرِفَت هنا للضرورة الشعرية. وكذلك صرفت (نواقيس).
يجوز في الشعر صَرْفُ ما لا يَنْصَرِفُ.
أما (إنسان وأحزان وشأْن) وكثير من الكلمات الواردة في آخر الأبيات فهي مصروفة ولكنها لم تُنَوَّنْ للضرورة الشعرية. وهذا أيضا يجوز في الشعر.
(فلا يُغَرَّ..) هنا (يُغَرَّ) مضارع مجزوم بـ(لا الناهية)، وقد حُرّكت لام الفعل بالفتحة بسبب التقاء الساكنين.
إليك أمثلة أخرى لجزم الفعل المضعَّف :
(1) لا يَظُنَّ أحدٌ أن الامتحان سيكون سهلا.
(2) لم أَشُكَّ في ذلك الأمر.
(3) ألم تَحُجَّ هذه السنة؟
(قواعدٌ كن أركان البلاد…) تقدير الكلام: هذه قواعدُ كُنَّ أَركانَ البلاد حُذِفَ المبتدأ جوازا.
(حيث المساجد...) : حَيْثُ ظرف مكان مبني على الضَّمِّ في محل نصب على الظرفية، تلازم (حيث) الإضـافـة إلى الجملة، والأكثر إضافتها إلى الجملة الفعلية نحو: اجلس حيثُ يجلس الطلاب . وقد تضاف إلى الجملة الاسمية نحو: اجلس حيث حامدٌ جالسٌ . ولا تضاف إلى المفرد، فإن جاء بعدها مفرد رفع على أنه مبتدأ خبره محذوف، نحو : اجلس حيث المدرسونَ، أي :حيث المدرسون جالسون .
(حتى المحـاريبُ) : حتّى هنا للابتـداء يُسْتَأْنَفُ به ما بعده نحو: حتى أنت تَهْجُرُني؟ حتى الجاهلُ يعرف هذا الأمر.
م/ 4- النصوص الأدبية
(حيث المساجـدُ قد صارت كنائسَ..): صار من أَخَوات كان وتفيد التَّحَـوُّل نحـو : صار الماءُ ثَلْجاً. صار الثلج ماءً. صارت الكنيسةُ مسجداً.
جـ ـ معاني الأبيـات
يقول الشاعر :
كلُّ شيء ينقُص بعد أن يبلغَ الكمالَ في هذه الحياة الدنيا، فينبغي للإِنسان ألا يفرحَ وُيسَرَّ وَيغترَّ بنعيمها وطيِّباتها لأن مصيرَها الفناءُ والزوالُ.
مصائبُ الزمان أنواع كثيرة، والحياة فيها المسرّاتُ وفيها الأحزان.
مصـائب الـدنيا لها سُلْوان، أمـا المصـائبُ التي حلّت بالإِسلام والمسلمين فما لها من سلوانٍ
نزل بالأندلس أمرٌ جَلَلٌ وحلّت بها مصيبةٌ كبرى، مصيبةٌ لا عَزَاءَ معها ولا سُلوانَ، وهو سُقُوطُها في أيدي الأسبان، وسَقَطَ لهَوْلِ هذه الفاجعة وعِظَمِ هذه المصيبة جَبَلان عظيمان هما جبلا أُحُدٍ وثَهْلانَ.
اِسأل بَلَنْسِيَةَ عن حال مُرْسِيَةَ وشاطبةَ وجَيَّانَ بعد سقوطِها في أيدي الأعداء.
وأين الآنَ إشبيليةُ (حِمْصُ) ومُتَنَزَّهـاتُها الكثيرة؟ ونَهْرُها (الوادِي الكبيرُ) الذي يجري فيه الماء العَذْبُ؟
قد كانت هذه الحواضرُ ركائزَ بلادِ الأندلسِ وأركانُها. فـماذا يبقى من الأندلس بعد سقوطِ أركانِها؟
يبكِي المسلمون من شدة الحُزْنَ كـما يبكي الحبيبُ لفراقِ حبيبِه.
يبكـون على هذه الـديارِ التي كانت للمسلمين، وأصبحت الآن خاليةً منهم، مملؤةً بالكفار.
وأصبحت مساجدُها كنائسَ، تُضْرَبُ فيها النواقيسُ وتُعْبَدُ فيها الصُلْبانُ.
حتى المحاريبُ تبكي وهي حجارةٌ ، وحتى المنابرُ ترثي وهي أخشابٌ .
من ذا الذي يستطيع أن يُعِينَ هؤلاء الناس الذين أصبحوا أَذِلَّةً بعد أن كانوا أَعِزَّةً وغَيَّرَ الظلمُ أحوالَهم؟
هؤلاء الناس الذين كانوا مُلُوكاً قبل أيام، وأصبحوا اليوم عَبِيداً في بلادِهم التي صارت للكفر دِيَاراً.
إِن القلوبَ التي فيها إيمانٌ تَذُوب من شِدَّةِ الحُزْنِ لمثل هذه المصائب التي وقعت على هذه الديار وأهلِها.
د ـ من الجوانب البلاغية
نلاحظ في هذه القصيدة جوانب بلاغية تظهر فيما يأتي :
الـمُبَالَغَةُ : الناظر في هذه القصيدة يجدها مليئةً بأساليبِ المبالغة للتَّدْلِيل بها على عِظَمِ الفـاجعـة التي حَلّت بالمسلمين بسقوط الأندلس في أيدي الصَّلِيبِيِّين الأسبانِ، منها :
(أ) قوله : فاسأَل بلنسية. وأين حمص؟ ……
فالسؤال لهذه المدن ليس على سبيل الحقيقة بالطبع، إذ لا يُوَجَّه السؤال لغير العاقل إنما على سبيل المبالغة والتهويل، لبيان ما حلّ بهذه المدن بعد سقوطها.
(ب) قوله : تبكي الحنيفية البَيْضَاء. حتى المحاريب تبكي. حتى المنابر ترثي. يذوب القلب. فبكاء الحنيفية (ملة الإسلام) وبكـاء المحـاريب ورِثاء المنابر وذَوَبَان القلب... كل ذلك ليس على سبيل الحقيقـة، إذ لا يبكي ما لا يعقـل ولا يرثي ولا يذوب وإنما على سبيل المبالغة - كذلك - لبيان فَدَاحَة ما حلّ ببلاد الأندلس.
الطباق والمقابلة : نرى ذلك :
(أ) في قول الشـاعر : لكل شيء إذا ما تم نقصان. فقد طابق الشاعر بين تَمّ ونقصان.
(ب) في قوله : وللزمان مسرّات وأحزان. فقد طابق بين مسرات وأحزان.
(جـ) في قوله : بالأمس كانوا ملوكا في منازلهم * واليوم هم في بلاد الكفر عُبدان
فقد قابل بين الأمس/ ومنازلهم/ وملوك وبين اليوم/ وبلاد الكفر/ وعبدان
التَّشْـبيه :
(أ) في قوله : قواعدٌ كنَّ أَركان البلاد فما...
قد شَبَّـه هذه الحـواضرَ التي سَقَـطَت (بَلَنْسِيَة...إشبِيلية) بالأركان بالنسبة إلى بلاد الأندلس بجامع الأساس في كلًّ. فكما أن الأركان لأيِّ شيء هي أساسه فكذلك هذه الحواضر هي الأُسُس والعُمُد بالنسبة إلى بلاد الأندلس فإذا سقطت الأركان سقط كل شيء عليها.
(ب) أما في قوله : تبكي الحنيفية البيضاء من أسف * كـما بكى لفراق اللإلف هَيْمان
فقد شبه بكاء الإسلام (أي المسلمين) على فراق هذه البلاد ببكاء الـمُحِبِّ لفراق حبيبه وذلك- كـما قلنا من قبل- على سبيل المبالغة.
هـ ـ ما يستفاد من هذه القصيدة
أن حاضر المسلمين اليوم كـماضيهم الغابرِ يومَ حلّت بِبلاد الأندلس مصائبُ الهزيمة والسقوط وأنهم الآن يُضَيِّعُون أوطانَهم ويَضْعُفُون بتفرّقهم وتمزّقهم، كـما ضاعت أوطانُهم الإسلامية في الأندلس.
أن على المـسـلمـين- لكـي ينتصروا على عدوهم- أن يتّحـدوا ويَعْتَصِموا بحبل اللّه جميعاً، ويحقِّقوا الوَحْدَةَ والأخوة الإِسلامية فيعظم أمرهم ويحافظوا بذلك على بلادهم وأوطانهم الإسلامية.
------------------------
أحبائي الأعزاء ، ما زلنا مع الأندلس وما حل به من نكبات ومآسي ، وما يحل اليوم بفلسطين والعراق والشيشان …………..وغيرها كثير..فالماضي أشبه بالحاضر، والأمس قريب من اليوم، ( وتلك الأيام نداولها بين الناس….الآية ) فمأساة البارحة القريب هي مأساة اليوم، والفاجعة المؤلمة ما زالت تتكرر، وتتكرر ، ولنا في هذه القصيدة التاريخية الخالدة ( التي تصلح تذكرة لكل زمان ومكان ) نبراسا ساطعا مضيئا لكل الأجيال ، وأستسمح الإخوة الأفاضل الذين سبقوني لوضع هذه القصيدة في المنتدى الغالي ، وأنا لم أنوي تكرارها إلا للضرورة بعدما وجدت هذه القصيدة مع الشرح المفصل والتعليق المكتمل والتحليل المبجل
فأردت أن أضعها لتعم الفائدة.
أبو البقاء الرندي
------------------------------------
لكل شيء إذا ما تم نقصان **** فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ ****من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ
وهذه الدار لا تبقي على أحد **** ولا يدوم على حال لها شانُ
يمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ**** إذا نبت مشرفيات وخرصان
وينتضي كل سيف للفناء ولو **** كان ابن ذي يزن والغمد غمدان
أين الملوك ذوو التيجان من يمنٍ****وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ **** وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ
وأين ما حازه قارون من ذهب **** وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ
أتى على الكل أمر لا مرد له**** حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلك **** كما حكى عن خيال الطيفِ وسنانُ
دار الزمان على دارا وقاتله **** وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصعب لم يسهل له سببُ **** يومًا ولا مَلك الدنيا سليمان
فجائع الدهر أنواع منوعة **** وللزمان مسرات وأحزانُ
وللحوادث سلوان يسهلها**** وما لما حل بالإسلام سلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء له **** هوى له أحدٌ وانهد نهلانُ
فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيةٍ **** وأين شاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ
وأين قرطبةٌ دارُ العلوم فكم **** من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين حمصُ وما تحويه من نزهٍ **** ونهرها العذب فياض وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما **** عسى البقاء إذا لم تبقى أركان
تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ **** كما بكى لفراق الإلف هيمانُ
على ديارمن الإسلام خالية **** قد أقفرت ولها بالكفر عمران
حيث المساجدُ قد صارت كنائسَ ما **** فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ **** حتى المنابرُ تبكي وهي عيدانُ
يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ **** إن كنت في سِنَةٍ فالدهر يقظانُ
وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ**** أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ
تلك المصيبةُ قد أنْسَتْ ما تقدَّمها **** وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يا راكبين عتاقَ الخيلِ ضامرةً **** كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
وحاملين سيوفَ الهندِ مرهفةُ **** كأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعةٍ **** لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ **** فقد سرى بحديثِ القومِ ركبانُ
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم **** قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
لماذا التقاطع في الإسلام بينكمُ **** وأنتمْ يا عباد الله إخوانُ
ألا نفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌ **** أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهُمُ **** أحال حالهم ْكفر وطغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم **** واليومَ هم في بلاد الكفرعبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ **** عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ **** لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما **** كما تفرقواَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت**** كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً**** والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ **** إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ
لتحميل القصيدة:
من هنالتحميل الموال الحزين الخاص لما حل بالأندلس:
من هنا
ترجمة أبي البقاء الرُّنْدي :
هو صالحُ بنْ شريفَ بنِ صالحٍ، يُكْنَى بِأَبي الطيِّب وأبي البقاء، كان فقيها، بارعا في النثر والنظم. قال عنه أحمدَ المقّرى : وصالح بن شريف الرُّندى: صاحب القصيدة من أشهر أدباء الأندلس.وقد قال هذه القصيدة في رِثاء المدن الأندلسية التي سقطت في أيدي الصليبيّين الأسبان، توفي الرُّندي-رحمه اللّه تعالى-سنة 684هـ.
أـ شرح المفردات
الكلمة ………معناها
تمَّ (-ِ) : كَمُلَ المصدر : تَمَامٌ . نَقَص الشيء (-ُ) : قَـلَّ. المصدر : نُقْصَانٌ .
غَرَّ فلانٌ فلاناً (-ُ) : خَدَعَه. المصدر : غُرُورٌ .الفَجيعَـةُ : المُصِيبة. ج فَجائِعُ.
الـدًّهْـرُ : الزمـان.المَسَـرَّة : الفَرْحَة. ج مَسَرَّاتٌ .الحُـزْنُ : الغَـمّ. ج أحزان.
الحـوادث : جمع حَادِثٍ . والمراد بها هنا الـمَصَائب.سُـلْـوان : زَوَالُ الغَـمِّ.
سهَّل الشيءَ : جعله سهلا.حَلّ بالمكان (-ُ) : نزَلَ. المصدر: حُلُولٌ .
دَهَـى (-َ) : أصاب. والمصدر: دَهْيئ.العَـزَاء : الصـبْر.
هَوى الشيءُ هُوِياًّ (-ِ): سقط من علو إلى سفل. أما هَوِيَ فلاناً فمعناه أحَبه.
هدّ البناءَ (-ُ): كسره وهَدَمَه. انْهَدّ البناءُ : انكسر.
أُحُـدٌ: جبل معروف بالمدينة المنورة. وثَهْلان : جبل بنجد.
الشـأن: الحال، المنزلة والقدر. ج شُؤُون.
حَوَى الشيء (-ِ): جمعه وضمه، وكذلك : احْتَوَى الشيءَ، وعليه، تقـول : هذا الكتاب يحوى عشرين درسا/ يحتوى عشرين درسا/ يحتوى على عشرين درسا.
: هذه المـدينـة تحوى كثـيرا من المكتبـات. (والمصدر : حَواَيَةٌ)
النُزْهَـة: مكانُ التَّنَزُّه. ج نُزَهٌ .الماء العَذْب: الماء الطيّبُ الذي لا مُلُوحَةَ فيه.
نَهْرٌ فَياضٌ: كثير الماء.القَوَاعِـدُ: جمع قاعدةٍ. والمراد بها هنا : المُدُنُ الرَّئِيسة، الحَوَاضِرُ.الرُّكْـنُ: أحد الجَوَانبِ التي يَسْتَنِد إليها الشيء ويقوم بها. ج أرْكانٌ .
الحَنِيفِيَّـةُ: مِلَّةُ الإِسلام.الأسَـف: الحُزْنُ على ما فات.الإلْـفُ: الحِـبّ.
الهَيمان: الـمُحِبُّ حُبًّا جَمَّا (لَدَرَجَةِ الذُّهُولِ عَنْ غَيْرِ ما يُحِبُّ).
أقْفَرَ المكانُ من الناس: خَلا منهم.
العُمْـران: مَصدر عَمَرَ (-ُ). وعَمَرَ البيتَ : سَكَنَ فيهِ.
الكَنِيسـة :: مَعْبَدُ النصارى. ج كَنَائِسُ.
النَّاقُـوس :: مِضراب النصارى الذي يضربونه إيذانا بحُلُول وقت الصلاة عندهم. ج نَواقيسُ.
الصَّـلِيب: الخَشَبَة التي يقول النصارى: إن عيسى عليه السلام صُلِبَ عليها.
(وهذا قولٌ مخالفٌ للحق. قال اللّه تعالى: {وما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوه ولكنْ شُبِّهَ لهم..} (النساء: 157)). ج صُلْبَانٌ .
المحَـارِيب: جمع مِحراب، والمَنَابِر : جمع مِنْبَر.العُـود: الخَشَبَة. ج عِيدانٌ .
رَثَى فلانٌ الميتَ (-ِ): بكاه بعد موته. المصدر : رِثاءٌ .أَحَـالَ الشيءَ: نَقَلَهُ، غَيَّرَهُ.
الجَـور والطُّغْيان :: الظُلم والعُدوان.العُبْـدان: جمع عَبْد.الكَمَـد: الحُزْن الشديد.
ذَابَ الشيء (-ُ): ضد جَمَدَ، والمصدر: ذَوَبَانٌ .
ب ـ إيضاحات نحوية
(بَلَنْسِيَة ومُرْسِية وشَاطِبَة) هذه أعلام أعجمية، وهي ممنوعة من الصرف ولكنها صُرِفَت هنا للضرورة الشعرية. وكذلك صرفت (نواقيس).
يجوز في الشعر صَرْفُ ما لا يَنْصَرِفُ.
أما (إنسان وأحزان وشأْن) وكثير من الكلمات الواردة في آخر الأبيات فهي مصروفة ولكنها لم تُنَوَّنْ للضرورة الشعرية. وهذا أيضا يجوز في الشعر.
(فلا يُغَرَّ..) هنا (يُغَرَّ) مضارع مجزوم بـ(لا الناهية)، وقد حُرّكت لام الفعل بالفتحة بسبب التقاء الساكنين.
إليك أمثلة أخرى لجزم الفعل المضعَّف :
(1) لا يَظُنَّ أحدٌ أن الامتحان سيكون سهلا.
(2) لم أَشُكَّ في ذلك الأمر.
(3) ألم تَحُجَّ هذه السنة؟
(قواعدٌ كن أركان البلاد…) تقدير الكلام: هذه قواعدُ كُنَّ أَركانَ البلاد حُذِفَ المبتدأ جوازا.
(حيث المساجد...) : حَيْثُ ظرف مكان مبني على الضَّمِّ في محل نصب على الظرفية، تلازم (حيث) الإضـافـة إلى الجملة، والأكثر إضافتها إلى الجملة الفعلية نحو: اجلس حيثُ يجلس الطلاب . وقد تضاف إلى الجملة الاسمية نحو: اجلس حيث حامدٌ جالسٌ . ولا تضاف إلى المفرد، فإن جاء بعدها مفرد رفع على أنه مبتدأ خبره محذوف، نحو : اجلس حيث المدرسونَ، أي :حيث المدرسون جالسون .
(حتى المحـاريبُ) : حتّى هنا للابتـداء يُسْتَأْنَفُ به ما بعده نحو: حتى أنت تَهْجُرُني؟ حتى الجاهلُ يعرف هذا الأمر.
م/ 4- النصوص الأدبية
(حيث المساجـدُ قد صارت كنائسَ..): صار من أَخَوات كان وتفيد التَّحَـوُّل نحـو : صار الماءُ ثَلْجاً. صار الثلج ماءً. صارت الكنيسةُ مسجداً.
جـ ـ معاني الأبيـات
يقول الشاعر :
كلُّ شيء ينقُص بعد أن يبلغَ الكمالَ في هذه الحياة الدنيا، فينبغي للإِنسان ألا يفرحَ وُيسَرَّ وَيغترَّ بنعيمها وطيِّباتها لأن مصيرَها الفناءُ والزوالُ.
مصائبُ الزمان أنواع كثيرة، والحياة فيها المسرّاتُ وفيها الأحزان.
مصـائب الـدنيا لها سُلْوان، أمـا المصـائبُ التي حلّت بالإِسلام والمسلمين فما لها من سلوانٍ
نزل بالأندلس أمرٌ جَلَلٌ وحلّت بها مصيبةٌ كبرى، مصيبةٌ لا عَزَاءَ معها ولا سُلوانَ، وهو سُقُوطُها في أيدي الأسبان، وسَقَطَ لهَوْلِ هذه الفاجعة وعِظَمِ هذه المصيبة جَبَلان عظيمان هما جبلا أُحُدٍ وثَهْلانَ.
اِسأل بَلَنْسِيَةَ عن حال مُرْسِيَةَ وشاطبةَ وجَيَّانَ بعد سقوطِها في أيدي الأعداء.
وأين الآنَ إشبيليةُ (حِمْصُ) ومُتَنَزَّهـاتُها الكثيرة؟ ونَهْرُها (الوادِي الكبيرُ) الذي يجري فيه الماء العَذْبُ؟
قد كانت هذه الحواضرُ ركائزَ بلادِ الأندلسِ وأركانُها. فـماذا يبقى من الأندلس بعد سقوطِ أركانِها؟
يبكِي المسلمون من شدة الحُزْنَ كـما يبكي الحبيبُ لفراقِ حبيبِه.
يبكـون على هذه الـديارِ التي كانت للمسلمين، وأصبحت الآن خاليةً منهم، مملؤةً بالكفار.
وأصبحت مساجدُها كنائسَ، تُضْرَبُ فيها النواقيسُ وتُعْبَدُ فيها الصُلْبانُ.
حتى المحاريبُ تبكي وهي حجارةٌ ، وحتى المنابرُ ترثي وهي أخشابٌ .
من ذا الذي يستطيع أن يُعِينَ هؤلاء الناس الذين أصبحوا أَذِلَّةً بعد أن كانوا أَعِزَّةً وغَيَّرَ الظلمُ أحوالَهم؟
هؤلاء الناس الذين كانوا مُلُوكاً قبل أيام، وأصبحوا اليوم عَبِيداً في بلادِهم التي صارت للكفر دِيَاراً.
إِن القلوبَ التي فيها إيمانٌ تَذُوب من شِدَّةِ الحُزْنِ لمثل هذه المصائب التي وقعت على هذه الديار وأهلِها.
د ـ من الجوانب البلاغية
نلاحظ في هذه القصيدة جوانب بلاغية تظهر فيما يأتي :
الـمُبَالَغَةُ : الناظر في هذه القصيدة يجدها مليئةً بأساليبِ المبالغة للتَّدْلِيل بها على عِظَمِ الفـاجعـة التي حَلّت بالمسلمين بسقوط الأندلس في أيدي الصَّلِيبِيِّين الأسبانِ، منها :
(أ) قوله : فاسأَل بلنسية. وأين حمص؟ ……
فالسؤال لهذه المدن ليس على سبيل الحقيقة بالطبع، إذ لا يُوَجَّه السؤال لغير العاقل إنما على سبيل المبالغة والتهويل، لبيان ما حلّ بهذه المدن بعد سقوطها.
(ب) قوله : تبكي الحنيفية البَيْضَاء. حتى المحاريب تبكي. حتى المنابر ترثي. يذوب القلب. فبكاء الحنيفية (ملة الإسلام) وبكـاء المحـاريب ورِثاء المنابر وذَوَبَان القلب... كل ذلك ليس على سبيل الحقيقـة، إذ لا يبكي ما لا يعقـل ولا يرثي ولا يذوب وإنما على سبيل المبالغة - كذلك - لبيان فَدَاحَة ما حلّ ببلاد الأندلس.
الطباق والمقابلة : نرى ذلك :
(أ) في قول الشـاعر : لكل شيء إذا ما تم نقصان. فقد طابق الشاعر بين تَمّ ونقصان.
(ب) في قوله : وللزمان مسرّات وأحزان. فقد طابق بين مسرات وأحزان.
(جـ) في قوله : بالأمس كانوا ملوكا في منازلهم * واليوم هم في بلاد الكفر عُبدان
فقد قابل بين الأمس/ ومنازلهم/ وملوك وبين اليوم/ وبلاد الكفر/ وعبدان
التَّشْـبيه :
(أ) في قوله : قواعدٌ كنَّ أَركان البلاد فما...
قد شَبَّـه هذه الحـواضرَ التي سَقَـطَت (بَلَنْسِيَة...إشبِيلية) بالأركان بالنسبة إلى بلاد الأندلس بجامع الأساس في كلًّ. فكما أن الأركان لأيِّ شيء هي أساسه فكذلك هذه الحواضر هي الأُسُس والعُمُد بالنسبة إلى بلاد الأندلس فإذا سقطت الأركان سقط كل شيء عليها.
(ب) أما في قوله : تبكي الحنيفية البيضاء من أسف * كـما بكى لفراق اللإلف هَيْمان
فقد شبه بكاء الإسلام (أي المسلمين) على فراق هذه البلاد ببكاء الـمُحِبِّ لفراق حبيبه وذلك- كـما قلنا من قبل- على سبيل المبالغة.
هـ ـ ما يستفاد من هذه القصيدة
أن حاضر المسلمين اليوم كـماضيهم الغابرِ يومَ حلّت بِبلاد الأندلس مصائبُ الهزيمة والسقوط وأنهم الآن يُضَيِّعُون أوطانَهم ويَضْعُفُون بتفرّقهم وتمزّقهم، كـما ضاعت أوطانُهم الإسلامية في الأندلس.
أن على المـسـلمـين- لكـي ينتصروا على عدوهم- أن يتّحـدوا ويَعْتَصِموا بحبل اللّه جميعاً، ويحقِّقوا الوَحْدَةَ والأخوة الإِسلامية فيعظم أمرهم ويحافظوا بذلك على بلادهم وأوطانهم الإسلامية.