غريب الكنايات

حضرموت

مشرف عام المنتديات العامة
طاقم الإدارة
ومن غريب الكنايات الواردة على سبيل الرمز، وهو من الذكاء والفصاحة ما حكي أن رجلاً كان أسيراً في بني بكر بن وائل وعزموه على غزو قومه، فسألهم في رسول يرسله إلى قومه، فقالوا: لا ترسله إلا بحضرتنا لئلا تنذرهم وتحذرهم، فجاؤوا بعبد أسود، فقال له: أتعقل ما أقوله لك، قال: نعم إني لعاقل، فأشار بيده إلى الليل، فقال: ما هذا؟ قال:الليل. قال: ما أراك إلا عاقلاً، ثم ملأ كفيه من الرمل وقال: كم هذا؟ قال: لا أدري وإنه لكثير، فقال: أيما أكثر النجوم أم النيران؟ قال: كل كثير، فقال: أبلغ قومي التحية، وقل لهم يكرموا فلاناً يعني أسيراً كان في أيديهم من بكر بن وائل، فإن قومه لي مكرمون، وقل لهم إن العرفج قد دنا وشكت النساء، وأمرهم أن يعروا ناقتي الحمراء فقد أطالوا ركوبها، وأن يركبوا جملي الأصهب بأمارة ما أكلت معكم حيساً، واسألوا عن خبري أخي الحرث. فلما أدى العبد الرسالة إليهم قالوا: لقد جن الأعور، والله ما نعرف له ناقة حمراء ولا جملاً أصهب، ثم دعوا بأخيه الحرث فقصوا عليه القصة، فقال: قد أنذركم، أما قوله: قد دنا العرفج، يريد أن الرجال قد استلأموا ولبسوا السلاح وأما قوله: شكت النساء أي أخذت الشكاء للسفر، وأما قوله: أعروا ناقتي الحمراء أي ارتحلوا عن الدهناء، واركبوا الجمل الأصهب، أي الجبل. وأما قوله: أكلت معكم حيساً، أي أن أخلاطاً من الناس قد عزموا على غزوكم لأن الحيس يجمع التمر والسمن والأقط، فامتثلوا أمره وعرفوا لحن الكلام وعملوا به فنجوا.
وأسرت طيىء غلاماً من العرب، فقدم أبوه ليفديه، فاشتطوا عليه، فقال أبوه: والذي جعل الفرقدين يمسيان ويصبحان على جبل طيىء ما عندي غير ما بذلته ثم انصرف، وقال: لقد أعطيته كلاماً إن كان فيه خير فهمه، فكأنه قال له الزم الفرقدين يعني في هروبك على جبل طيىء، ففهم الابن ما أراده أبوه وفعل ذلك فنجى.
وحكي أن بعضهم دخل على عدوه من النصارى، فقال له: أطال الله بقاءك، وأقر عينك، وجعل يومي قبل يومك، والله إنه ليسرني ما يسرك، فأحسن إليه، وأجازه على دعائه، وأمر له بصلة، وكان ذلك دعاء عليه لأن معنى قوله: أطال الله بقاءك، حصول منفعة المسلمين به في أداء الجزية، وأما قوله: وأقر عينك، فمعناه سكن الله حركتها أي أعماها، وأما قوله: وجعل يومي قبل يومك، أي جعل الله يومي الذي أدخل فيه الجنة قبل يومك الذي تدخل فيه النار، وأما قوله: إنه ليسرني ما يسرك، فإن العافية تسره كما تسر الآخر. فانظر إلى الاشتراك وفائدته، ولولا الاشتراك ما تهيأ لمتستر مراد ولا سلم له في التخلص قياد.
وحكي أن المأمون ولى عاملاً على بلاد، وكان يعرف منه الجور في حكمه، فأرسل اليه رجلاً من أرباب دولته ليمتحنه، فلما قدم عليه أظهر له أنه قدم في تجارة لنفسه، ولم يعلمه أن أمير المؤمنين عنده علم منه، فأكرم نزله وأحسن إليه، وسأله أن يكتب كتاباً إلى أمير المؤمنين المأمون يشكر سيرته عنده ليزداد فيه أمير المؤمنين رغبة، فكتب كتاباً فيه بعد الثناء على أمير المؤمنين: أما بعد، فقد قدمنا على فلان، فوجدناه آخذاً بالعزم، عاملاً بالحزم، قد عدل بين رعيته، وساوى في أقضيته، أغنى القاصد، وأرضى الوارد، وأنزلهم منه منازل الأولاد، وأذهب ما بينهم من الضغائن والأحقاد، وعمر منهم المساجد الداثرة، وأفرغهم من عمل الدنيا، وشغلهم بعمل الآخرة، وهم مع ذلك داعون لأمير المؤمنين يريدون النظر إلى وجهه والسلام. فكان معنى قوله: آخذاً بالعزم، أي إذا عزم على ظلم أو جور، فعله في الحال، وقوله: قد عدل بين رعيته وساوى في أقضيته، أي أخذ كل ما معهم حتى ساوى بين الغني والفقير، وقوله: عمر منهم المساجد الداثرة، وأفرغهم من عمل الدنيا، وشغلهم بعمل الأخرة، يعني أن الكل صاروا فقراء لا يملكون شيئاً من الدنيا، ومعنى قوله: يريدون النظر إلى وجه أمير المؤمنين، أي ليشكوا حالهم وما نزل بهم. فلما جاء الكتاب إلى المأمون عزله عنهم لوقته، وولى عليهم غيره.
=================
المستطرف في كل فن مستطرف
للأبهيشي
================
 
جزاك الله خيرا اخي حضرموت على الموضوع المستظرف ..:)

70769_1197200992.gif
 
من ابرز الصفات التي يتحلى بها الفتى الكرم بل ان كثيرا ممن عرفوا الفتى عند العرب قالو:انه الشاب السخي الكريم والفتوة هي الشباب والكرم
والكرم من السجايا التي نبتت في الصحراء ونمت نموا طبيعيا واحتلت منزلة سامية في نفوس العرب
 
عودة
أعلى