موت العلماء والحذر من الضلال
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
فقدت الأمة الإسلامية عالماً جليلاً فذاً ، قلَّ أن يوجد مثله ، هو سماحة الشيخ الدكتور/ بكر أبو زيد
رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي ، وعضو هيئة كبار العلماء بالمملكة ، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء سابقاً ، وصاحب التصانيف النافعة ، والاجتهادات في النوازل الواقعة ، الذي جمع بين الرواية والدراية ، والتدقيق والترجيح والتمحيص ، رحمه الله - تعالى - رحمة واسعة ، وأجزل مثوبته ، ورفع درجته ، وجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ..
إن موت العالم ثُلْمَةٌ خطيرة في بناء الأمة الإسلامية ، ولابد أن تبذل الجهود وتتضافر الهمم على محاولة تعويض بعض ما سُلب من العلم بموت العالم ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رءوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) متفق عليه ..
والأمة الإسلامية في مجموعها تتعرض لمخاطر جمة من الدعاة على أبواب جهنم الذين مَن أجابهم إليها قذفوه فيها ، وإنما يتدثرون بالبدعِ والفتاوى الباطلة ، والقولِ على الله بغير علم ، والكذبِ على الله وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، هذا ظاهرهم ، أما باطنهم فالكفر والنفاق وقلوب الشياطين التي تهدف إلى هدم الدين ..
وإنما يقف العلماء في وجه هذه المخاطر ببيان الحق ، والجهاد في الدفاع عنه ، وتعليمه الناس ، ونشر العلم بالكتاب والسنة ، والقيام في الناس بالقسط والعدل والإنصاف ، ونحسب عالمنا الجليل سماحة الشيخ بكر أبو زيد منهم ..
وموت العلماء يفتح أبواب الخطر ، ويضاعف المسئولية على الأمة في مجموعها ، وعلى علمائها وطلاب العلم والدعاة على وجه الخصوص ، في التمسكِ بما كان عليه سلفهم من العلماء ، والدعوةِ إلى الله - سبحانه - بما كان يدعو إليه مَنْ سبقهم مِنْ الحق والهدى والإنصاف بين الناس ، وإقامة معالم الدين ، ونشر العلم الذي تركه هؤلاء العلماء ، والانتفاع بهديهم وسلوكهم المشهود والمقروء والمسموع ..
والحمد لله أن علم هؤلاء العلماء لا يموت بموتهم ، بل لا يزال محفوظاً لما حواه من نور الكتاب والسنة الذي وعد الله بحفظه ..
وموت العلماء موعظة وتذكير للأمة جميعاً بقرب الرحيل ، وقرب انتهاء الدنيا ، فإن الدنيا قد آذنت بصُرمِ وولت حذَّاء ، ولم يبق منها إلا صُبابة كصبابة الإناء يتصابَّها صاحبها ، وخراب الدنيا بموت عالم أضعاف خرابها بموت غيره ، فالاستعداد ليوم الرحيل واجب ، والعمل ليوم المعاد متحتم ..
بالأمس ودعنا فضيلة الشيخ المحدث / محمد عمرو عبد اللطيف ، واليوم نودع سماحة الشيخ بكر أبو زيد ، فمن يكون عليه الدور غداً ؟؟
نسأل الله أن يرحمنا ، وأن يغفر لحينا وميتنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأنثانا ، وشاهدنا وغائبنا ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرنا في مصائبنا ، واخلف لنا خيراً منها ..