محمد راقي
New Member
الواقع المر.....ضياع الأندلس ....أم ماذا ؟. (تتمة)
لماذا ضاعت الأندلس؟ وكيف ضاعت الأندلس؟ وما هي العوامل التي أدت إلى ضياع الأندلس؟
إنها أسئلة كثيرة تحتاج منا أن تمعنها جيدا ، وأن نعيها غاية الوعي، ونتفحصها بكل جدية وموضوعية حتى نصل إلى الدواء قبل أن يستفحل الداء ، وقديما قيل: (إذا عرف السبب بطل العجب) .. فعلا إنها سنة الله في الكون ، وظاهرة طبيعية تتحكم في ميزان الشعوب وفق تشريعي إلهي محكم لا يتبدل ولا يتغير. وإذا رجعنا إلى التاريخ، وجدنا أن نكسة الأمم وانهيارهم وضعفهم وانحطاطهم ، إنما راجع إلى التفرقة التي تسود بين الإخوة الأحباء ،والعداوة التي تحصل بينهم ، والثغرة التي يسهل على العدو الدخول منها السيطرة عليها، فالوحدة هي أساس البناء والتقدم والرقي. والوحدة هي أساس النصر والغلبة والتمكين في الأرض، والوحدة هي السبيل الوحيد للبناء والعزة والكرامة والنصر على الأعداء، وما دمنا متفرقين أحزابا وشيعا وطوائف ومجموعات ومسميات، فلن نصل إلى شيء ، ولن نحقق أي شيء ، وسيضيع منا أندلسا تلو أندلس، وأرض تلو أخرى، وهذه سنة الله لا تبديل لكلماته ، وعليها ارتكزت مشيئته سبحانه في كل الأديان ، وفي كل الأمم... فما دامت أمة الأنبياء كلهم أمة واحدة، فالواجب على اللاحق أن يؤمن بالسابق، والواجب على النبي المتأخر في وقته أن يصدق المتقدمين عليه في أزمانهم ، ومن هنا قال سبحانه وتعالى:آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون ، كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. وقال تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن، إلا الذين ظلموا منهم ، وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم، وإلهنا واحد،ونحن له مسلمون. والواجب كذلك على من بقي من أتباع الأنبياء السابقين أن يؤمنوا بالنبي الجامع الأخير ، لهذا يقول تعالى عن أهل الكتاب: فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ، وإن تولوا فإنما هم في شقاق،فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم.
فهذا حال أهل الكتاب، وكيف هو حالنا ونحن أتباع رسول عظيم ،وإمام جليل ،وخاتم المرسلين، وشفيع العالمين، ونحن نعيش على هذه الضغينة والتفرقة بين الإخوة الأعداء. والمشاحنات والنزاعات الطائفية ،حتى مزقتنا إربا إربا، وجعلتنا أحزابا وشيعا، ينهش بعضنا بعضا، ويفتك بعضنا البعض، وما ملوك الطوائف عنا ببعيد، وما حالهم بحالنا بغريب، ونحن بواقعنا هذا نرجو العزة والتمكين، وإكمال مشوار المجاهدين الأولين، الذين غمروا الأرض نورا وضياءا ، وحققوا بوحدتهم وتآخيهم وحبهم لدينهم وإخلاصهم لربهم، ما لم تحققه الجحافل الجرارة والجيوش الجبارة.
فكفانا صراخا لما ضاع ، وكفانا نحيبا لما صار،وما يجري اليوم ليس بأهون مما سبق، ولا أخف لما فات، وما علينا إلا أن نستخلص منها العبر والعظات،وأن نستنتج منها الزلل والهفوات،وأن نبحث عن الدواء والعلاج، فلا علاج بدون دواء، ولا دواء بدون طبيب، وطبيبنا هو قرآننا وسنة نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام،ودواؤنا في التحامنا وتماسكنا وترابطنا وتآزرنا وتكافلنا ،وجمع شملنا وشتاتنا تحت سقف واحد ،وتحت لواء واحد ، وخلف رسول واحد، وأن ننسى الفرعيات والجزئيات والخلافات الثانوية والأحقاد القبلية والضغائن الجاهلية. وهذا قول رسول الله يا امة الإسلام يقول صلى الله عليه وسلم :
. مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ،إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى..
ومن هنا نعلم أن الإسلام دين الوحدة بمراحلها المتتابعة ومشاهدها المختلفة، ودوائرها التي تندرج الصغرى منها داخل الكبرى، وأن هذه الوحدة يجب أن نعمل لها، ونواصل السير في طريقها، والدعوة لها بكل الوسائل والطرق المتاحة تحت شعار ( لا ضير ولا ضرار) وتحت عنوان : وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.......الآية..
فما أحوجنا إذن (وفي هذه الظروف العصيبة) إلى ضم الشمل ، ونبذ الفرقة، ونسيان الذات، وتفضيل المنفعة العامة على الخاصة، إن نحن أردنا تحرير الديار، والأخذ بالثأر، ومحو الخزي والعار... ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء، وهو العزيز الرحيم . صدق الله العظيم..
بقلم : محمد راقي