كان بمدينة مرو رجل اسمه نوح بن مريم وكان رئيس مرو وقاضيها وكان له نعمة كبيرة وحال موفورة وكانت له ابنة ذات حسن وجمال وبهاء وكمال قد خطبها جماعة من الأكابر والرؤساء وذوي النعمة والثروة فلم ينعم بها لأحد منهم وتحير في أمرها ولم يدر لأيهم يزوجها وقال ان زوجتها لفلان أسخطت فلاناً وكان له غلام هندي تقي اسمه مبارك وكان له كرم عامر الأشجار والفاكهة والثمار.
فقال للغلام: أريد أن تمضي وتحفظ الكرم لينظره فقال له: يا مبارك ناولني عنقود عنب فناوله عنقوداً من العنب فوجده حامضاً.
فقال له سيده: أعطني غيرهذا .
فناوله عنقوداً حامضاً
فقال له سيده: ما السبب في أنك لا تناولني من هذا الكثير غير الحامض.
فقال: لأني لا أعلم أحامض هو أم حلو .
فقال له سيده: سبحان الله لك في هذا الكرم شهر كامل ما تعرف الحامض من الحلو .
فقال: وحقك أيها السيد انني ما ذقته ولم أعلم أحامض أم حلو.
فقال له: لم لا أكلت منه ز
فقال: لأنك أمرتني بحفظه ولم تأمرني بأكله فما كنت أخونك .
فعجب القاضي منه فقال له: حفظ الله عليك أمانتك.
وعلم القاضي أن الغلام غزير العقل فقال له القاضي: أيها الغلام قد وقع لي رغبة فيك وينبغي أن تفعل ما آمرك به.
فقال الغلام: أنا مطيع لله ولك.
فقال القاضي: إعلم أن لي بنتاً جميلة وقد خطبها كثير من الرؤساء والتقدمين ولا أعلم لمن أزوجها فأشر علي بما ترى.
فقال الغلام: إن الكفار في زمن الجاهلية كانوا يريدون الأصل والنسب والبيت والحسب واليهود والنصارى يطلبون الحسن والجمال وفي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الناس يطلبون الدين والتقى.
أما وفي زماننا هذا فالناس يطلبون المال فاختر من هذه الأربعة ما تريد .
فقال القاضي: قد اخترت الدين والأمانة وجربت منك العفة والصيانة.
فقال الغلام: أيها السيد أنا عبد رقيق هندي أسود أبتعتني بمالك كيف تزوجني بإبنتك وترضاني.
فقال له القاضي: قم بنا إلى البيت لندبر هذا الأمر
فلما صارا الى المنزل قال القاضي لزوجته: اعلمي أن هذا الغلام الهندي دين تقي وقد رغبت في صلاحه وأريد أن أزوجه ابنتي فما تقولين.
فقالت :الأمر إليك ولكن أمضي الى الصبية وأخبرها وأعيد عليك جوابها .
فجاءت المرأة الى الصبية وأدت إليها رسالة أبيها فقالت: مهما أمرتماني به فعلته ولا أخرج من تحت حكمكما ولا أعاندكما بالمخالفة بل أبركما .
فزوج القاضي ابنته بالمبارك واعطاهما مالاً عظيماً فأولدها المبارك ولداً وسماه عبد الله وهو معروف في جميع العالم وهو عبد الله بن المبارك صاحب العلم والزاهد ورواية الأحاديث فما دامت الدنيا يحدث عنه و يروى.
فقال للغلام: أريد أن تمضي وتحفظ الكرم لينظره فقال له: يا مبارك ناولني عنقود عنب فناوله عنقوداً من العنب فوجده حامضاً.
فقال له سيده: أعطني غيرهذا .
فناوله عنقوداً حامضاً
فقال له سيده: ما السبب في أنك لا تناولني من هذا الكثير غير الحامض.
فقال: لأني لا أعلم أحامض هو أم حلو .
فقال له سيده: سبحان الله لك في هذا الكرم شهر كامل ما تعرف الحامض من الحلو .
فقال: وحقك أيها السيد انني ما ذقته ولم أعلم أحامض أم حلو.
فقال له: لم لا أكلت منه ز
فقال: لأنك أمرتني بحفظه ولم تأمرني بأكله فما كنت أخونك .
فعجب القاضي منه فقال له: حفظ الله عليك أمانتك.
وعلم القاضي أن الغلام غزير العقل فقال له القاضي: أيها الغلام قد وقع لي رغبة فيك وينبغي أن تفعل ما آمرك به.
فقال الغلام: أنا مطيع لله ولك.
فقال القاضي: إعلم أن لي بنتاً جميلة وقد خطبها كثير من الرؤساء والتقدمين ولا أعلم لمن أزوجها فأشر علي بما ترى.
فقال الغلام: إن الكفار في زمن الجاهلية كانوا يريدون الأصل والنسب والبيت والحسب واليهود والنصارى يطلبون الحسن والجمال وفي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الناس يطلبون الدين والتقى.
أما وفي زماننا هذا فالناس يطلبون المال فاختر من هذه الأربعة ما تريد .
فقال القاضي: قد اخترت الدين والأمانة وجربت منك العفة والصيانة.
فقال الغلام: أيها السيد أنا عبد رقيق هندي أسود أبتعتني بمالك كيف تزوجني بإبنتك وترضاني.
فقال له القاضي: قم بنا إلى البيت لندبر هذا الأمر
فلما صارا الى المنزل قال القاضي لزوجته: اعلمي أن هذا الغلام الهندي دين تقي وقد رغبت في صلاحه وأريد أن أزوجه ابنتي فما تقولين.
فقالت :الأمر إليك ولكن أمضي الى الصبية وأخبرها وأعيد عليك جوابها .
فجاءت المرأة الى الصبية وأدت إليها رسالة أبيها فقالت: مهما أمرتماني به فعلته ولا أخرج من تحت حكمكما ولا أعاندكما بالمخالفة بل أبركما .
فزوج القاضي ابنته بالمبارك واعطاهما مالاً عظيماً فأولدها المبارك ولداً وسماه عبد الله وهو معروف في جميع العالم وهو عبد الله بن المبارك صاحب العلم والزاهد ورواية الأحاديث فما دامت الدنيا يحدث عنه و يروى.
نعم أيها الأخ إذا تزوجت فاطلب ذات الدين ولا تطلب ذات الصيت والمال فإن المال يعود وبالاً ولا تعطيكه المرأة وإذا أردت أن تطلب زوجة فلا تطلبها وتخطبها لأجل بلوغ الشهوة وارغب فيها بنية أنها دينة وصالحة لتكون في خدرك وطاعتك وتكون لك ستراً من النار. اهـــ
=================
التبر المسبوك في نصيحة الملوك
للإمام أبي حامد الغزالي
==================
التبر المسبوك في نصيحة الملوك
للإمام أبي حامد الغزالي
==================