محمد راقي
New Member
تأملات في الشعر العربي مع الشاعر الكبير أحمد محرم (تتمة4)
وهذا أسامة بن زيد ( حبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) يتولى قيادة الجيش الإسلامي في أخريات
أيام الرسول ( ص) وهو شاب صغير السن، وفي الجيش كهول وشيوخ، ولكن الرسول (ص) أراد أن
يكرم ذكرى (( زيد )) الشهيد ، فنصب ابنه قائدا ، وقبل أن يتحرك الشاب بجيشه ، لحق الرسول
(ص) بربه، وتولى أبو بكر الخلافة، وأراد بعض المسلمين تغيير القائد الشاب، وتعيين قائد
من أصحاب الأعمار الكبيرة ،ولكن الخليفة أبى ، وأقسم أنه لو تخطفته الطير من كل مكان ما
حبس جيشا أعده رسول الله (ص)، ولا عزل قائدا عينه................
وخرج الجيش في طليعته قائده أسامة بن زيد فوق جواده، وخرج الخليفة يودعه ماشيا على
قدميه، فقال له أسامة – يا خليفة رسول الله ،إما أن تركب وإما أن انزل ، فأجاب أبو بكر –
والله لا تنزل ولا أركب، وما علي أن أغبر قدمي في سبيل الله ساعة...............
وأحس شاعرنا أحمد محرم ما في قصة أسامة من تقدير الشباب وتكريم لبطولته، فأنشد قائلا
سار ابن زيد بالكتائب ما لوى من عزمه الحدث الجليل العازم
يمشي الخليفة لائدا بركابــــــه وكـأنما هو ســائـــــق أو خـــادم
وأبى الأمير فقال دونك مركبي لا تمش إني إن فعلت لغــــــانم
ولئن أبيـــت لأنزلن كرامـــة لك فاقض أمرك لا نبا لك صارم
قال الخليفة ما أراك بمنصـــفي دعــني فللإســـــلام حــــق لازم
أنا من جنودك لو ملكت رأيتني تـحت اللواء فهـــــالك أو ســـالم
كما أن شاعرنا لم يغفل شبابنا المعاصر في قصائده (( ديوان محرم )) فها هو ذا يتحدث عن
الشباب واصفا لهم بأنهم مناط الأمل ومعقد الرجاء ،وأنهم في مختلف أحوالهم فلذات أكبادنا
ومهج الصدور ،فيقول..........
ألا إنهم لأماني البلاد ترف عليها بقـــلب صــد
وأنهم المهج الغاليـات على الجد من أمرهم والدد
ثم يشير إلى صنف من الشباب مائع خانع ،تستحيي منه الفضيلة ،فلا فتوة ولا رجولة ،بل
خلاعة وميوعة ،وألفاظ نابية، فهذا في نظر الشاعر لا خير فيه .....
لبئس الفتى حين تمسي الديار من الحادثات على موعـــد
وبئس الفتى يوم تهفو بــــــها ظماء الأماني إلى الــمورد
ولا نعمت نفـــــــسه إذ يروح لغير المعالي وإذ يفـــــتدي
وإذ يرتدي من مخازي الفعال وسوء الأحاديث ما يرتدي
حيــاة من الــــــعار لا تنتهي بغير الهــوان ولا تبــتدي
ونفــس ترامى بها القاذفــات فــتهوى إلى الدرك الأبعد
ويمضي شاعرنا في تصوير الواقع الأليم على عهده لطوائف من شباب مجتمعه ،
ضلوا الطريق، وجهلوا الإيمان والهدى، فلا فضيلة عندهم ولا تقوى .........
أيأمرهم بتقوى الله قــــــــــــوم وما عرفوا الإله فيتـــــقوه
شباب العار ما تركوا رجـــــاء لنا في مصر إلا خيـــــبوه
أناس ريعت الغبراء منــــــــهم وضج العرش مما أحــدثوه
أتى ( التنزيل ) بالمثلات تترى وبالحق المبين فكذبــــــــوه
ألا لا يطلب الإصلاح قومـــــي ولا الإنصاف حتى ينصفوه
فيا أسفي لعــــــــــــهد الله فيـهم وعهد محمد إذ ضيــــــعوه
عسى أن تذهب الغـــمرات عنا فيصلح قومنا ما أفســـــدوه
ثم يصيح في الشباب ويصرخ في وجوههم لينهضوا إلى واجبهم نحو بلادهم قائلا..
يا بني النيل ما عسى أن تريدوا صـدع الدهر ملككم فاضمحلا
أكثر الــناس بالممــالك جهـــلا من يرى الجاهلين للملك أهلا
وأحق الشعوب بالــمجد شــعب عاش حرا في أرضه مستقــلا
املئوا الأرض–يا بني النيل- سعيا واغمروا العالمين علما وفضلا
تجعلون الهوى المضلل د ينا وتعــدون باطـــل الأمر شغــلا
أحسبــتم حرب الليــالي ســلاما وظننــتم ظــلم الـــحوادث عدلا
اتبعا الجد ،واعصبوها برأسي حسبكم ما مضى من الدهر هزلا
إن بالنيل غمرة تتمـــــادى وأرى كــل غمــــرة تتـــــــجل
( وللحديث بقية..........................) من كتاب=( يسألونك في الدين والحياة) لكاتبه.. أبو حازم أحمد الشرباصي – الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف المجلد 6(الجزء السادس) الصفحة من499 إلى 520