محمد شتيوى
مستشار سابق
هُويتنا أو الهاوية !! (1)
مقدمة
قضية الهوية قضية محورية , أزعجت كل الناس إلا أصحابها , والمشكلة تكمن في أن أكثر المسلمين لما يقتنعوا أن الأعداء من حولهم على اختلاف مذاهبهم وعقائدهم لا هدف لهم إلا أستئصال شأفة الإسلام , وطمس الهوية الإسلامية وصهرها في أتون العالمية الأممية , وإزالتها من الوجود , لأنها لا غيرها هي الخطر الماثل أمام القوى الراغبة في احتواء العالم الإسلامي والسيطرة عليه سيطرة فعلية ودائمة , قال تعالى: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ} (217) سورة البقرة , وقال تعالى: {وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء} (89 ) سورة النساء , وقال سبحانه: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (120) سورة البقرة .
إن أي جماعة تعوزها الهوية المتميزة سوف تجد_ في عالم تحكمه شريعة الغاب_ من يحاول استقطابها والهيمنة عليها, وتذويب شخصيتها , عن طريق تدمير البنية التحتية لهويتنا العقائدية والثقافية التي تحفظ عليها سياج شخصيتها , فيتحول الإنسان إلى كائن تافه فارغ غافل مغسول المخ تابع مقلد .
إن هويتنا الإسلامية هي مصدر عزتنا {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} ( 8 ) سورة المنافقون , وحين تمسكنا بهذه الهوية سُدنا العالم , وخافت بأسنا الأمم , حتى كانت كنائس أوربا لا تجرؤ على دق نواقيسها حينما كانت السفن الإسلامية تعبر البحر المتوسط.
وحين تخلينا عنها نزع الله من قلوب عدونا المهابة منا , وقذف في قلوبنا الوهن: حب الدنيا وكراهية الموت , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا تبايعتم بالعينة , وأخذتم أذناب البقر , ورضيتم بالزرع , وتركتم الجهاد , سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " (1) .
_______________________________________
(1) رواه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أبو داود (3462) وغيره , وصححه الألباني لمجموع طرقه كما في الصحيحة رقم (11)
المصدر : كتاب ( هُويتنا أو الهاوية ) - الدكتور محمد إسماعيل المقدم