الحكم والامارة في العرب ... الجزء الاول

Alhashemiah

مشرفة بالمنتدى ملكة كتاب العرب
طاقم الإدارة
70769_1195117784.gif


الحكـم والإمـارة فـي العـرب


كان حكام جزيرة العرب عند ظهور دعوة النبي صلى الله عليه وسلم على قسمين‏:‏
1ـ ملوك مُتَوَّجُون ـ إلا أنهم في الحقيقة كانوا غير مستقلين‏.‏
2ـ رؤسـاء القبائـل والعشائر ـ وكـان لهم مـن الحكم والامتـياز مـا كـان للملـوك المتوجين، ومعظم هـؤلاء كانـوا على تمـام الاستقـلال، وربمـا كانت لبعضـهم تبعية لملك متـوج‏.‏
والملوك المتوجون هم‏:‏ ملوك اليمن، وملوك مشارف الشام ‏[‏وهم آل غسان‏]‏ وملوك الحيرة، وما عدا هؤلاء من حكام الجزيرة لم تكن لهم تيجان‏.‏ وفيما يلى موجز عن هؤلاء الملوك والرؤساء‏.

الملك باليمن‏‏

من أقدم الشعوب التي عرفت باليمن من العرب العاربة قوم سبأ، وقد عثر على ذكرهم في حفريات ‏[‏أور‏]‏ بخمس وعشرين قرنا قبل الميلاد، ويبدأ ازدهار حضارتهم ونفوذ سلطانهم وبسط سيطرتهم بأحد عشر قرنا قبل الميلاد‏.‏
ويمكن تقسيم أدوارهم حسب التقدير الآتى‏:‏
1 ـ ما بين 1300 إلى 620 ق‏.‏م
عرفت دولتهم في هذه الفترة بالدولة المعينية، ظهرت في الجَوْف؛ أى السهل الواقع بين نجران وحضرموت، ثم أخذت تنمو وتتسع وتسيطر وتزدهر حتى بلغ نفوذها السياسى إلى العُلا ومَعَان من شمالي الحجاز‏.‏
ويقال‏:‏ إن مستعمراتها وصلت إلى خارج بلاد العرب، وكانت التجارة هي صلب معيشتهم، ثم إنهم بنوا سد مأرب الذي له شأن كبير في تاريخ اليمن، والذي وفر لهم معظم خيرات الأرض، ‏{‏حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا‏}‏[‏ الفرقان‏:‏18‏]‏
وكان ملوكهم في هذه الفترة يلقبون بـ ‏[‏مكرب سبأ‏]‏ وكانت عاصمتهم مدينة ‏[‏صِرْوَاح‏]‏ التي توجد أنقاضها على بعد 50 كيلو مترًا إلى الشمال الغربي من مدينة ‏[‏مأرب‏]‏، وعلى بعد 142 كيلو مترًا شرقى صنعاء، وتعرف باسم ‏[‏خُرَيْبة‏]‏‏.‏ ويقدر عدد هؤلاء الملوك ما بين 22 و 26 ملكًا‏.‏
2 ـ ما بين 620 ق‏.‏ م إلى سنة 115 ق‏.‏ م
وعرفت دولتهم في هذه الفترة بدولة سبأ، وقد تركوا لقب ‏[‏مكرب‏]‏ وعرفوا بـ‏[‏ملوك سبأ‏]‏، واتخذوا ‏[‏مأرب‏]‏ عاصمة لهم بدل ‏[‏صرواح‏]‏ وتوجد أنقاض مأرب على بعد 192 كيلو مترًا شرقي صنعاء‏.‏
3 ـ منذ سنة 115 ق‏.‏ م إلى سنة300 م
وعرفت الدولة في هذه الفترة بالدولة الحميرية الأولى؛ لأن قبيلة حمير غلبت واستقلت بمملكة سبأ، وقد عرف ملوكها بـ‏[‏ملوك سبأ وذى ريدان‏]‏، وهؤلاء الملوك اتخذوا مدينة ‏[‏ريدان‏]‏ عاصمة لهم بدل مدينة ‏[‏مأرب‏]‏، و تعرف ‏[‏ريدان‏]‏ باسم ظفار، وتوجد أنقاضها على جبل مدور بالقرب من ‏[‏يريم‏]‏‏.‏ وفي هذا العهد بدأ فيهم السقوط والانحطاط، فقد فشلت تجارتهم إلى حد كبير لبسط الأنباط سيطرتهم على شمال الحجاز أولًا، ثم لغلبة الرومان على طريق التجارة البحرية بعد نفوذ سلطانهم على مصر وسوريا وشمالى الحجاز ثانيًا، ولتنافس القبائل فيما بينها ثالثًا‏.‏ وهذه العناصر هي التي سببت في تفرق آل قحطان وهجرتهم إلى البلاد الشاسعة‏.‏
4 ـ منذ سنة 300م إلى أن دخل الإسلام في اليمن
عرفت الدولة في هذه الفترة بالدولة الحميرية الثانية، وعرف ملوكها بـ‏[‏ملوك سبأ وذى ريدان وحضرمـوت ويمـنت‏]‏، وقد توالت على هذه الدولة الاضطرابات والحوادث، وتتابعت الانقلابات والحروب الأهلية التي جعلتها عرضة للأجانب حتى قضى على استقلالها‏.‏ ففي هذا العهد دخل الرومان في عدن، وبمعونتهم احتلت الأحباش اليمن لأول مرة سنة 340 م؛ مستغلين التنافس بين قبيلتى همدان وحمير، واستمر احتلالهم إلى سنة 378 م‏.‏ ثم نالت اليمن استقلالها، ولكن بدأت تقع الثلمات في سد مأرب، حتى وقع السيل العظيم الذي ذكره القرآن بسيل العرم في سنة 450م، أو 451 م‏.‏وكانت حادثة كبرى أدت إلى خراب العمران وتشتت الشعوب‏.‏
وفي سنة 523م قاد ذو نُوَاس اليهودى حملة منكرة على المسيحيين من أهل نجران، وحاول صرفهم عن المسيحية قسرًا، ولما أبوا خدّ لهم الأخدود وألقاهم في النيران، وهذا الذي أشـار إلـيه القـرآن في سـورة الـبروج بقـوله‏:‏ ‏{‏قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ‏} الآيات ‏[‏ البروج‏:‏4‏]‏‏.‏
وكان هذا الحادث هو السبب في نقمة النصرانية الناشطة إلى الفتح والتوسع تحت قيادة أباطرة الرومان من بلاد العرب، فقد حرضوا الأحباش، وهيأوا لهم الأسطول البحرى، فنزل سبعون ألف جندى من الحبشة، واحتلوا اليمن مرة ثانية، بقيادة أرياط سنة 525 م، وظل أرياط حاكمًا من قبل ملك الحبشة حتى اغتاله أبرهة بن الصباح الأشرم ـ أحد قواد جيشه ـ سنة 549م، ونصب نفسه حاكمًا على اليمن بعد أن استرضى ملك الحبشة وأرضاه، وأبرهة هذا هو الذي جند الجنود لهدم الكعبة، وعرف هو وجنوده بأصحاب الفيل‏.‏وقد أهلكه الله بعد عودته إلى صنعاء عقب وقعة الفيل، فخلفه على اليمن ابنه يَكْسُوم، ثم الابن الثانى مسروق، وكانا ـ فيما يقال ـ شرا من أبيهما، وأخبث سيرة منه في اضطهاد أهل اليمن وقهرهم وإذلالهم‏.‏
أما أهل اليمن فإنهم بعد وقعة الفيل استنجدوا بالفرس، وقاموا بمقاومة الحبشة حتى أجلوهم عن البلاد، ونالوا الاستقلال في سنة 575 م بقيادة معديكرب سيف بن ذى يزن الحميرى، واتخذوه ملكًا لهم، وكان معديكرب أبقى معه جمعًا من الحبشة يخدمونه ويمشون في ركابه، فاغتالوه ذات يوم، وبموته انقطع الملك عن بيت ذى يزن، وصارت اليمن مستعمرة فارسية تتعاقب عليها ولاة من الفرس، وكان أولهم وهرز، ثم المرزبان بن وهرز، ثم ابنه التينجان، ثم خسرو بن التينجان، ثم باذان، وكان آخر ولاة الفرس، فإنه اعتنق الإسلام سنة 628م، وبإسلامه انتهي نفوذ فارس على بلاد اليمن‏.‏


الملك بالحيرة
كانت الفرس تحكم بلاد العراق وما جاورها منذ أن جمع شملهم قوروش الكبير ‏(‏557 ـ 529 ق‏.‏م ‏)‏ ولم يكن أحد يناوئهم، حتى قام الإسكندر المقدونى سنة 326 ق‏.‏ م فهزم ملكهم دارا وبددهم وخضد شوكتهم، حتى تجزأت بلادهم، وتولاها ملوك عرفوا بملوك الطوائف، وقد ظل هؤلاء الملوك يحكمون البلاد مجزأة إلى سنة 230م‏.‏ وفي عهد هؤلاء الملوك هاجر القحطانيون، واحتلوا جزءًا من ريف العراق، ثم لحقهم من هاجر من العدنانيين فزاحموهم حتى سكنوا جزءًا من الجزيرة الفراتية‏.‏
وأول من ملك من هؤلاء المهاجرين هو مالك بن فَهْم التَّنُوخى من آل قحطان، وكان منزله الأنبار، أو مما يلى الأنبار، وخلفه أخوه عمرو بن فهم في رواية‏.‏ وجَذِيمة بن مالك بن فهم ـ الملقب بالأبْرش والوَضَّاح ـ في رواية أخرى‏.‏
وعادت القوة مرة ثانية إلى الفرس في عهد أردشير بن بابك ـ مؤسس الدولة الساسانية سنة 226 م ـ فإنه جمع شمل الفرس، واستولى على العرب المقيمين على تخوم ملكه، وكان هذا سببا في رحيل قضاعة إلى الشام، ولكن دان له أهل الحيرة والأنبار‏.‏
وفي عهد أردشير كانت ولاية جذيمة الوضاح على الحيرة وسائر مَنْ ببادية العراق والجزيرة من ربيعة ومضر، وكأن أردشير رأى أنه يستحيل عليه أن يحكم العرب مباشرة، ويمنعهم من الإغارة على تخوم ملكه، إلا أن يملك عليهم رجلًا منهم له عصبية تؤيده وتمنعه، ومن جهة أخرى يمكنه الاستعانة بهم على ملوك الرومان الذين كان يتخوفهم، وليكون عرب العراق أمام عرب الشام الذين اصطنعهم ملوك الرومان، وكان يبقى عند ملك الحيرة كتيبة من جنود الفرس؛ ليستعين بها على الخارجين على سلطانه من عرب البادية، وكان موت جذيمة حوالى سنة 268 م‏.‏
وبعد موت جذيمة ولى الحيرة والأنبار عمرو بن عدى بن نصر اللخمى ‏[‏ 268ـ 288م‏]‏ وهو أول ملوك اللخميين، وأول من اتخذ الحيرة مقرًا له، وكان في عهد كسرى سابور بن أردشير، ثم لم يزل الملوك من اللخميين من بعده يتولون الحيرة حتى ولى الفرس قُبَاذ بن فيروز ‏[‏448ـ 531م‏]‏ وفي عهده ظهر مَزْدَك، وقام بالدعوة إلى الإباحية، فتبعه قباذ كما تبعه كثير من رعيته، ثم أرسل قباذ إلى ملك الحيرة ـ وهو المنذر بن ماء السماء ‏[‏512ـ 554 م‏]‏ ـ يدعوه إلى اختيار هذا المذهب الخبيث، فأبي عليه ذلك حمية وأنفة، فعزله قباذ، وولى بدله الحارث بن عمرو بن حجر الكندى بعد أن أجاب دعوته إلى المذهب المزدكى‏.‏
وخلف قباذ كسرى أنوشروان ‏[‏531ـ 578م‏]‏ وكان يكره هذا المذهب جدًا، فقتل المزدك وكثيرًا ممن دان بمذهبه، وأعاد المنذر إلى ولاية الحيرة، وطلب الحارث بن عمرو، لكنه أفلت إلى دار كلب، فلم يزل فيهم حتى مات‏.‏
واستمر الملك بعد المنذر بن ماء السماء في عقبه حتى كان النعمان بن المنذر ‏[‏583 ـ605 م‏]‏ فإنه غضب عليه كسرى بسبب وشاية دبرها زيد بن عدى العبادى، فأرسل كسرى إلى النعمان يطلبه، فخرج النعمان حتى نـزل سـرا عـلى هانئ بن مسعود سـيد آل شيبان، وأودعه أهله وماله، ثم توجه إلى كسرى، فحبسه كسرى حتى مات‏.‏ وولى على الحيرة بدله إياس بن قَبِيصة الطائى، وأمره أن يرسل إلى هانئ بن مسعود يطلب منه تسليم ما عنده، فأبي ذلك هانئ حمية، وآذن الملك بالحرب، ولم يلبث أن جاءته مرازبة كسرى وكتائبه في موكب إياس، ودارت بين الفريقين معركة هائلة عند ذى قار، انتصر فيها بنو شيبان وانهزمت الفرس هزيمة نكراء‏.‏ وهذا أول يوم انتصرت فيه العرب على العجم، وهو بعد ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏
واختلف المؤرخون في تحديد زمن هذه المعركة، فقيل‏:‏ هو بعد ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم بقليل، وأنه صلى الله عليه وسلم ولد لثمانية أشهر من ولاية إياس بن قبيصة على الحيرة‏.‏ وقيل‏:‏ قبل النبوة بقليل ـ وهو الأقرب‏.‏ وقيل‏:‏ بعد النبوة بقليل‏.‏ وقيل‏:‏ بعد الهجرة‏.‏ وقيل‏:‏ بعد بدر‏.‏ وقيل غير ذلك‏.‏
وولى كسرى على الحيرة بعد إياس حاكمًا فارسيًا اسمه آزادبه بن ماهبيان بن مهرابنداد، وظل يحكم 17 عاما‏[‏614ـ 631م‏]‏ ثم عاد الملك إلى آل لخم سنة 632م، فتولى منهم المنذر بن النعمان الملقب بالمعرور، ولكن لم تزد ولايته على ثمانية أشهر حتى قدم عليه خالد بن الوليد بعساكر المسلمين ‏.‏
70769_1197287581.gif


منقول ... من كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري

يتبع .. الجزء الثاني " الملك بالشام والامارة بالحجاز "

 
سلسة رائعة أخرى جديدة من روائعك أختي الغالية مريم ...
بارك الله فيكِ وفي إختياراتك الرائعة ...
أحسنت الإختيار جداً يا مريم الفاضلة ...
أنعم وأكرم بكتاب الرحيق المختوم وبالشيخ الجليل صفيّ الرحمن المباركفوري ...
وما أحلى وما أجمل الغوص والتعمق في سيرة خير البشر نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ...
ولو تسمحين لي :
أبدأ من الآن في إعداد هذا الكتاب الجليل القدر وإخراجه بصيغة الكتاب الإلكتروني !!
بشرطٍ وحيد :
ألا يتسبب ذلك في توقف هذه السلسلة والتي ستكون أكثر من رائعة بإذن الله !!!
ولكن يكون الكتاب أكثر جذباً وتشويقاً لمتابعة سلسلة مواضيعك المنتظرة هذه !!!
ما رأيك أخيتي ؟؟؟
تقبلي أرق تحياتي !!..
 
شكرا لك اخي الاكبر عل تشريفك لي في صدر الموضوع ..:)
شكرا لك اخي بتمني لي كل الخير دائما
و ادعوا الله ان يمدك بالصحة والعافية وترى ابنائك قد وصلوا الى اعلى مراتب العلم وادعوا سبحانه ان يعينك انت ووالدتهم على حسن تربيهم .. وان يمتع ناظريكما ببرهم لكما وهدايتهم ..
اما بالنسبة لسلسلة اخي فهي واحدة لها مرجعان او مصدران كتاب مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لشيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب و كتاب الرحيق المختوم لصفي الدين المباركفوري..
لتغطية كاملة لسيرة خير من مشى على الارض الى قيام الساعة ..
واما بالنسبة لاخراجك كتاب النسخة الالكترونية ... هذا ليس امر يحتمل فيه التشاور والاستئذان ... فيمكنك اخي الشروع على الفور ...
واما توقفها ثق تماما لن أتوقف ...في اصدار الحلقات ممكن اتاخر بسبب الانشغال بالامتحانات ...
الهدف من عرض السيرة هي فسح مجال للاثراء والتشويق وتبادل النقاش الهادف من خلال السيرة العطرة
على صاحبها افضل الصلاة السلام.
مع تمنياتي لكل طلبة المسلمين بالتوفيق والنجاح ..:)
 
بارك الله فيك ماري
 
وبارك الله فيك غاليتي .. اسعدتيني بمرورك :)
 
دائما تبهرينا بمواضع ثر وقيمه وممتازه
موضوع اكثر من رائع فى انتظار الجزء الثانى اختى الى الامام دائما
يعطيك العافيه
 
شكرا لك اختي تونا .. على المرور سعدت بك كثيرا .. ونت كذلك مواضيع هادفه وقيمة .. سيري الى الامام غاليتي
دمتِ بالف خير
 
بارك الله فيك على هذا الوابل الصيب من الكلم الطيب
حول سيرة النبى صلى الله عليه وسلم وتاريخه
تحية طيبة
 
عودة
أعلى