۞ ۞ ۞ الإنتفاع بالقرآن وشروطه ۞ ۞ ۞

أبو قصي

ضيف شرف
طاقم الإدارة
الإنتفاع بالقرآن وشروطه

إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه ، وأَلْقِ سمعك ، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه وإليه ، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله ..
قال تعالى ‏:‏ ‏ «‏ إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد » ‏.‏.
وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفاً على مؤثر مقتض ، ومحل قابل ، وشرط لحصول الأثر ، وانتفاء المانع الذي يمنع منه .. تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد‏ ..‏
فقوله تعالى‏ :‏ ‏ « ‏إن في ذلك لذكرى » ‏ إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى هاهنا ، وهذا هو المؤثر ..
وقوله تعالى ‏:‏ ‏ «‏ لمن كان له قلب » ‏ .. فهذا هو المحل القابل ، والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله ..
كما قال تعالى ‏:‏ ‏ « ‏إن هو إلا ذكر وقرآن مبين .‏.‏ لينذر من كان حيًّا » .. أي حي القلب‏ ..‏
وقوله ‏:‏ ‏«‏ أو ألقى السمع » ‏ .. أي وجَّه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له ، وهذا شرط التأثر بالكلام‏ ..‏
وقوله تعالى :‏ «‏ وهو شهيد » ‏.. أي شاهد القلب حاضر غير غائب‏ ..‏
قال إبن قتيبة ‏ ‏:‏ استمع كتاب الله ، وهو شاهد القلب والفهم ، ليس بغافل ولا ساه ، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير ، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له ، والنظر فيه وتأمله ، فإذا حصل المؤثر وهو القرآن ، والمحل القابل وهو القلب الحي ، ووجد الشرط وهو الإصغاء ، وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب ، وانصرافه عنه إلى شيء آخر ، حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر .‏.‏
فإن قيل ‏:‏ إذا كان التأثير إنما يتم بمجموع هذه ، فما وجه دخول أداة ‏ « ‏أو‏ » ‏ في قوله تعالى ‏:‏ ‏ « ‏أو ألقى السمع » ‏.. والموضع موضع واو الجمع ‏ «‏ يقصد واو العطف التي تجمع بين شيئين فحينما تقول‏ :‏ جاء محمد وعلي ، فقد اجتمع مجيء كل منهما » ‏ لا موضع ‏ « ‏أو ‏» ‏ التي هي لأحد الشيئين‏ ..‏
قيل ‏:‏ هذا سؤال جيد ، والجواب عنه أن يقال ‏:‏ خرج الكلام بـ ‏ « ‏أو‏ » ‏ باعتبار حال المخاطب المدعو ، فإن من الناس من يكون حي القلب و اعيه ، تامّ الفطرة ، فإذا فكَّر بقلبه وجال بفكره ، دله قلبه وعقله على صحة القرآن وأنه الحق ، وشهد قلبه بما أخبر به القرآن ، فكان ورود القرآن على قلبه نوراً على نور الفطرة‏ ..‏ وهذا وصف الذين قيل فيهم ‏:‏ ‏ « ‏ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق » ‏..‏‏‏
وقال في حقهم‏ :‏ ‏ «‏ الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار .. نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء » ‏.. فهذا نور الفطرة على نور الوحي‏ ..‏
وهذا حال صاحب القلب الحي الواعي .‏.‏
قال ابن القيم‏ :‏ وقد ذكرنا ما تضمنت هذه الآية من الأسرار والعبر في كتاب ‏ «‏ إجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة و الجهمية ‏» ‏.. فصاحب القلب يجمع بين قلبه وبين معاني القرآن فيجدها كأنها قد كتبت فيه ، فهو يقرأها عن ظَهْر قَلْب‏ ..‏
ومن الناس من لا يكون تامَّ الاستعداد ، واعي القلب ، كامل الحياة ، فيحتاج إلى شاهد يميز له بين الحق والباطل ، ولم تبلغ حياة قلبه ونوره و زكاء فطرته مبلغ صاحب القلب الحي الواعي ، فطريق حصول هدايته أن يفرغ سمعه للكلام وقلبه لتأمله والتفكر فيه وتعقل معاينه ، فيعلم حينئذ أنه الحق .‏.‏
فالأول حال من رأى بعينه ما دعي عليه وأخبر به .‏.‏
والثاني حال من علم صدق المخبر وتيقنه وقال ‏:‏‏‏ « ‏ يكفيني خبره ‏» ‏.. فهو في مقام الإيمان ، والأول في مقام الإحسان‏ ..
هذا قد وصل إلى علم اليقين ، وترقى قلبه منه إلى منزلة عين اليقين ، وذاك معه التصديق الجازم الذي خرج به من الكفر ودخل به في الإسلام .‏.‏
فعين اليقين نوعان‏ :‏ نوع في الدنيا ونوع في الآخرة ، فالحاصل في الدنيا نسبته إلى القلب كنسبة الشاهد إلى العين‏ ..‏ وما أخبرت به الرسل من الغيب يعاين في الآخرة بالأبصار ، وفى الدنيا بالبصائر ،‏ « ‏البصائر ‏:‏ من البصيرة وهي التعقل والفطنة والانتباه‏ ‏‏» ..‏
فهو عين يقين في المرتبتين .‏.‏
----------------------------------------------
المصدر ( كتاب الفوائد لشيخ الإسلام إبن القيم رحمه الله تعالى )
 
بارك الله فيك اخي ابو قصي ..وجعل لك كله في ميزان حسناتك
قال إبن قتيبة ‏ ‏:‏ استمع كتاب الله ، وهو شاهد القلب والفهم ، ليس بغافل ولا ساه ، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير ، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له ، والنظر فيه وتأمله ، فإذا حصل المؤثر وهو القرآن ، والمحل القابل وهو القلب الحي ، ووجد الشرط وهو الإصغاء ، وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب ، وانصرافه عنه إلى شيء آخر ، حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر .‏.‏

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

فحث الله تعالى‏:‏ على تدبر القرآن كله ولم يستثن شيئًا منه، ووبخ من لم يتدبره، وبين أن الحكمة من إنزاله أن يتدبره الذين أنزل إليهم ويتعظ به أصحاب العقول، ولولا أن له معنى بالتدبر لكان الحث على تدبره من لغو القول، ولكان الاشتغال بتدبره من إضاعة الوقت، ولفاتت الحكمة من إنزاله، ولما حسن التوبيخ على تركه‏.‏
والحث على تدبر القرآن شامل لتدبر جميع آياته الخبرية العلمية والحكمية العملية، فكما أننا مأمورون بتدبر آيات الأحكام لفهم معناها والعمل بمقتضاها، إذ لا يمكن العمل بها بدون فهم معناها، فكذلك نحن مأمورون بتدبر آيات الأخبار لفهم معناها، واعتقاد مقتضاها، والثناء على الله تعالى‏:‏ بها، إذ لا يمكن اعتقاد ما لم نفهمه، أو الثناء على الله تعالى‏:‏ به‏.‏


من كتاب تقريب التدمرية
 
جزاك الله خير أبو قصي
موضوع ممتاز فعلا ... سلمت يمناك
تقبل تحياتي و تقديري
 
بارك الله فيك اخي ابو قصي ..وجعل ذلك كله في ميزان حسناتك
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
فحث الله تعالى‏:‏ على تدبر القرآن كله ولم يستثن شيئًا منه، ووبخ من لم يتدبره، وبين أن الحكمة من إنزاله أن يتدبره الذين أنزل إليهم ويتعظ به أصحاب العقول، ولولا أن له معنى بالتدبر لكان الحث على تدبره من لغو القول، ولكان الاشتغال بتدبره من إضاعة الوقت، ولفاتت الحكمة من إنزاله، ولما حسن التوبيخ على تركه‏.‏
والحث على تدبر القرآن شامل لتدبر جميع آياته الخبرية العلمية والحكمية العملية، فكما أننا مأمورون بتدبر آيات الأحكام لفهم معناها والعمل بمقتضاها، إذ لا يمكن العمل بها بدون فهم معناها، فكذلك نحن مأمورون بتدبر آيات الأخبار لفهم معناها، واعتقاد مقتضاها، والثناء على الله تعالى‏:‏ بها، إذ لا يمكن اعتقاد ما لم نفهمه، أو الثناء على الله تعالى‏:‏ به‏.‏
من كتاب تقريب التدمرية
كلام عظيم الشأن جليل القدر لمن تدبره وتفكر فيه جيداً ...
أشكرك جزيلاً على إضافاتك المثرية دوماً أخي الحبيب حضرموت ...
وهكذا أنت دائماً ...
تجعل الموضوع يزداد تألقاً وتوهجاً وحيوية ً بمشاركاتك الإيجابية ...
ونعم المداخلة والمشاركة حبيبي الغالي ...
مع أرق تحياتي !!..
 
عاشت الايادي على الموضوع الرائع
جزاك الله خيراً أخي الكريم جيجو !!
أشكرك جزيلاً على مرورك الكريم وتشريفك العطر ...
نورت المنتدى ...
إلى الأمام دائماً ...
في إنتظار مشاركاتك ومداخلاتك المتميزة ..
مع أرق تحياتي !!..

30783131ch9.gif
 
جزاك الله خير أبو قصي
موضوع ممتاز فعلا ... سلمت يمناك
تقبل تحياتي و تقديري
وأنت جزاك الله خيراً أختي الفاضلة مسلمة ...
أشكرك جزيلاً على تشريفك العطر ومتابعتك الدائمة ...
مرورك وتشريفك هما الأروع والأجمل !!
بوركت ، وسلمك الله من كل سوء ...
مع أرق تحياتي !!..
 
قال إبن قتيبة ‏ ‏:‏ استمع كتاب الله ، وهو شاهد القلب والفهم ، ليس بغافل ولا ساه ، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير ، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له ، والنظر فيه وتأمله ، فإذا حصل المؤثر وهو القرآن ، والمحل القابل وهو القلب الحي ، ووجد الشرط وهو الإصغاء ، وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب ، وانصرافه عنه إلى شيء آخر ، حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر .‏.‏

كلام قوى للغاية !
نسأل الله أن ينفعنا بالقرآن
بارك الله فيك أبو قصى
 
كلام قوى للغاية !
نسأل الله أن ينفعنا بالقرآن
بارك الله فيك أبو قصى
آمين يارب العالمين ...
وأنت بارك الله فيك أخي الحبيب شتيوي ...
أشكرك جزيلاً على مرورك الكريم وإضافاتك الحسنة ...
مع أرق تحياتي !!..
 
وقال في حقهم‏ :‏ ‏ «‏ الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار .. نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء » ‏.. فهذا نور الفطرة على نور الوحي‏ ..‏
وهذا حال صاحب القلب الحي الواعي .‏.‏
بارك الله فيك اخي على اختيارك لنقل الفائدة الررررررائعة ..
جعله الله في موازين حسناتك

70769_1198767074.jpg
 
بارك الله فيك اخي على اختيارك لنقل الفائدة الررررررائعة ..


جعله الله في موازين حسناتك

وأنت بارك الله فيك أختي الفاضلة ...
أشكرك جزيلاً على مرورك العطر وتشريفك الندي واهتمامك الدائم ...
بوركتِ وسلمتِ من كل سوء !!..

94730066ly7.gif
 
عودة
أعلى