( 13 ) من روائع سالم بن عبد الله بن عمر
---------------------------------------------
---------------------------------------------
" كان سالم ثقة .. كثير الحديث .. عالياً في الرجال .. ورعاً " .. إبن سعد ..
ها نحن أولاء في خلافة الفاروق رضوان الله عليه ..
وها هي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم تَعِجُّ بغنائم الحرب التي أحرزها المسلمون من أسلاب يزدجرد آخرملوك الفرس ..فلقد كان فيها من تيجان الأكاسرة المرصعة بالجوهر ، ومناطقهم المرصوفة باللؤلؤ المحلاة بالياقوت والمرجان ؛ ما لم تقع عليه عين من قبل ..
وقد كان مع هذه الكنوز الطائلة الهائلة حشد كبير من سبايا الفرس ..
وكان بينهن بنات يزدجرد الثلاث ، فشراهن عليّ رضي الله عنه بثمن جَزْلٍ ، وعرض عليهن طائفة من ألمع شباب المسلمين ..
فاختارت إحداهن الحسين بن علي سِبْطِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنجبت له زين العابدين ..
واختارت الثانية محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وأنجبت له القاسم أحد فقهاء المدينة السبعة ..
واختارت الثالثة عبدَ الله بن عمر خليفة المسلمين ، وأنجبت له سالماً حفيدَ الفاروق وأشبه الناس سمتاً به ..
فتعَالَوْا نقف على صورة وضَّاءة من حياة سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن أبيه وعن جده ..
وُلِدَ سالمُ بن عبد الله في رحاب المدينة المنورة مثوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودارِ هجرته ..
وفي أجوائها العبقة بطيوب النبوة ، المتألقة بسنا الوحي ، درج وشب ...
وفي كنف أبيه العَــبـَّاد الزَّهــَّـاد صوَّام الهواجر قوام الأسحار تربَّى ...
وبأخلاقه العمرية تخَـلَّق ...
ولقد رأى فيه أبوه من مخايل التقى ، وعلائم الهدى ، وأبصر في سلوكه من شمائل الإسلام ، وأخلاق القرآن فوق ما كان يراه في إخوته ...
فأحبه حباً ملك عليه شغاف قلبه ، وخالط منه حباتِ فؤادِه ، حتى لامه اللائمون في ذلك فقال :
يلومونني في سالم وألومهم *** وجِلْدَةُ بينَ العين والأنفِ سالم
وأقبل عليه يبثه ما وعاه صدره من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
ويفقهه في دين الله …
ويمليه من كتاب الله ... ثم دفع به إلى الحرم الشريف …
وكان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال معموراً بطائفة كبيرة من جِلَّةِ الصحابة ...
فحيثما أَلـَـمَّ الفتى بركن من أركانه ؛ ألفى أمامه نجماً فيه ألَقٌ نور وضياء من سنا النبوة ، وعبَق من طيوب الرسالة الغرَّاء…
وأينما رمى بطرفه أو ألقى بسمعه ؛ أبصر خيراً وسمع براً ...
وبذلك أتيح له أن يأخذ عن طائفة من جِلَّةِ الصحابة على رأسهم أبو أيوب الأنصاري ، وأبو هريرة ، وأبو رافع ، وأبو لبابة ، وزيدُ بن الخطاب ، وذلك بالإضافة إلى والده عبد الله بن عمر ...
فما لبث أن غدا علَماً من أعلام المسلمين ، وسيداً جليلاً من سادة التابعين ، وأحد فقهاء المدينة الذين يفزع إليهم المسلمون في دينهم ، ويأخذون عنهم شريعة ربهم ، ويرجعون إليهم في معضلات الدين والدنيا ...
وكان الولاة يأمرون قضاتَهم إذا عُرضت عليهم القضايا أن يدفعوا بها إليهم ، فإذا جاءتهم المسألة اجتمعواجميعاً ونظروا فيها ، ثم لا يقضي القضاة إلا برأيهم ...
وكان أسعدَ الولاةِ حظًّا ، وأطيبهم أحدوثة ، وأقربهم إلى قلوب الناس ، وأوثقهم عند الخلفاء ؛ من يأخذ بمشورة سالم بن عبد الله ويلتزم بتوجيهه …
أما الذين يخالفون أمره ، فقد كانت المدينة تنبو بهم وتضيق بهم ولا يجدون بها قراراً ، ولا تتحمل ولايتَهم ...
من ذلك أن عبدَ الرحمن بن الضحاك ولِي المدينةَ في خلافةِ يزيدَ بن عبدِ الملك ...… ( ** )
--------------------------------------------
المصدر ( صور من حياة التابعين / عبد الرحمن رأفت الباشا )
المصدر ( صور من حياة التابعين / عبد الرحمن رأفت الباشا )
( ** ) إن كان في العمر بقية نستكمل معاً هذه الصور والمواقف الرائعة من حياة التابعين بإذن الله بعد رؤية بعض مداخلاتكم ومشاركاتكم ...