نعمة الاحساس بالألم

نعمة الاحساس بالألم

الاحساس بالألم نعمة؟
نعم؛ وأى نعمة. انها نعمة عظيمة من الله تعالى بها على بني آدم؛ وما أعظمها من منة؛فعظمتها تنبع من مصدرين: الاول هوأن المتفضل بها والمنعم بها علينا هو الهنا ومولانا وخالقنا جل وعلا. والثاني هو ما في هذه المنة من آيات يعتبر بها من يريد التقرب من واهبها عز وجل.
ومن عجيب هذه النعمة وآياتها :
أولا : الألم الحسي:
وأقصد به ما يحس به الآدمي اذا شيك مثلا أو ضرب بآلة أو ما شابه ذلك ؛ ماذا يحدث اذا شيك الانسان بشوكة ؟ لابد أن تحدث الاشارات الى المخ عن طريق الاعصاب الطرفية التي حبا الله تعالى بها الانسان فاذا ما تنبه المخ بعث باشارته في جزء من الثانية الى العضو المصاب حتى تنقبض عضلات هذا العضو وتبعد العضو عن سبب الاصابة وحتى يتنبه الانسان المصاب الى اصابته فيبدأ في تضميد جرحه ووقف النزيف ان وجد وتناول المضادات الحيوية حتى لا يدع مجالا لعمل الميكروبات في مكان الجرح وما شابه ذلك.
ولكن ماذا عن فاقد الاحساس في أطرافه؟ يجيبك مريض السكر أو ما يصطلح عليه بداء السكري: بسبب مرض السكر تحدث مضاعفات لبعض المرضى منها فقد الاحساس في الأطراف بسبب مشاكل في الأعصاب الطرفية وعدم تغذيتها بالدم اللازم لعملها الحيوي؛فاذا ما شيك المريض –بالسكري- في أخمص قدمه مثلا بمسمار أو شىء يسبب له جرحا لا يحس به المريض أبدا ؛ فيجرح وتجد الميكروبات الفرصة المناسبة المواتية للهجوم على فريستها المنكوبة بفقد الاحساس نتيجة لفقد نعمة الاحساس بالألم ؛فتهاجم الأنسجة في باطن القدم؛ ثم لعدم تنبه المصاب المنكوب تموت بعض الأنسجة ؛ بل يصل الأمر الى تعفنها واصابتها بالغرغرينا ؛ ثم يكون المصير المحتوم : بتر للقدم أو ربما للساق حتى لا يموت المصاب ولا حول ولا قوة الا بالله القدير العظيم..

ثانيا : وهو الألم المعنوي:
وأقصد به الاحساس الداخلي للانسان اذا أصيب اصابة نفسية ؛ كاصابته بفقد عزيز أو حبيب أو شيء غال عليه؛ له في نفسه قيمة عظيمة؛ بل اذا أصيب بوسوسة شيطانية فاقترف معصية ثم أصابته هذا المعصية بألم نفسي نتيجة تدبر العاصي لعظمة ملك الملوك جل وعلا .
نعمة عظيمة أن يمن الله تعالى علينا أن نتألم داخليا ونفسيا بما اقترفناه في حق الهنا ومعبودنا جل في علاه؛ وليس أسوأ من فقد هذه النعمة العظيمة ؛ ولكن هل هناك من يفقدها؟ نعم يحدثك بذلك محب المعصية والعياذ بالله تعالى ؛ أوجند ابليس اللعين من شياطين الانس الذين يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا؛ يقترف أحدهم فعله الشنيع ومعصيته الكبيرة في حق الله تعالى ولا يحس بأى ألم على الاطلاق نتيجة اصابته بمرض القلب. مرض القلب؟ نعم؛مرض القلب. فالقلب اذا مرض مرضا نفسيا ابليسيا أثر على كل الأعضاء البشرية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم( ألا ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).فالقلب اذن: ( كالملك المتصرف في الجنود التي تصدر كلها عن أمره ) كما قال الامام ابن القيم- رحمه الله تعالى-. يمرض القلب بآفة الهوى أو حب الشهوات أو ما شابه ذلك والعياذ بالله تعالى ؛ فلا تكون النتيجة الا الوبال على صاحب ذلك القلب المريض فاحساسه بالألم غير موجود فمتى سيرعوى ومتى سيتوقف ومتى سيتنبه الى أن اصابته ستكون قاتلته اذا لم يضمد جراحه أو يوقف نزيف قلبه ؟
لا يكون الا بعملية جراحية يستأصل بها سرطان الوسوسة الابيليسية المسبب لهذا الداء العضال ؛أو بعلاج طويل الأمد فيه صبر من المعالج على مريضه واعطائه الجرعات المناسبة من الدواء الايماني حتى يعود الاحساس بالألم مرة أخرى ؛ ألم النفس لما تقترفه في جنب الله تعالى .
وهذا هو واجب الدعاة الى الله تعالى : أن يعالجوا أنفسهم أولا ؛ بل أن يقوا أنفسهم باللقاحات والأمصال المضادة لهذا الداء العضال ؛ ثم ثانيا أن يعالجوا المرضى- وما أكثرهم في هذا الزمان- أن يعالجوهم بكل حنكة وحكمة وبصيرة من الكتاب والسنة الصحيحة حتى يصح القلب ويقاوم كل الآفات الخطيرة التي تحيط به وعلى رأسها هذه الآفة الخطيرة : فقد الاحساس بالألم .


أسأل الله تعالى أن يرزقنا قلوبا صحيحة خالية من العلل و الأسقام .
 
شكرا جزيلا لك أخي العزيز على هذه المشاركة القيمة
ننتظر جديدك دوما
 
بارك الله فيك أخي على الاضاءات الرائعة جدا جدا ..
واسمح لي أخي ان ازيد على موضوعك الالم الاجتماعي ...
والذي مفادة في حديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " وقال النبي صلى الله عليه وسلم "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه"
70769_1195069819.gif
 
الأخ الكريم الهاشمي : جزاكم الله خيرا على المرور الكريم؛.

الاخ الكريم maery : جزاكم الله خيرا على المرور الطيب والاضافة المتميزة وجعلها الله تعالى في ميزان حسناتك.
 
بارك الله فيك اخي ...وعلينا ان لا ننسى إخواننا الذين يتألمون في شتى بقاع العالم ...وأن ندعوا الله لهم أن يفرج كربهم ...
 
فالقلب اذا مرض مرضا نفسيا ابليسيا أثر على كل الأعضاء البشرية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم( ألا ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).فالقلب اذن: ( كالملك المتصرف في الجنود التي تصدر كلها عن أمره ) كما قال الامام ابن القيم- رحمه الله تعالى-. يمرض القلب بآفة الهوى أو حب الشهوات أو ما شابه ذلك والعياذ بالله تعالى ؛ فلا تكون النتيجة الا الوبال على صاحب ذلك القلب المريض فاحساسه بالألم غير موجود فمتى سيرعوى ومتى سيتوقف ومتى سيتنبه الى أن اصابته ستكون قاتلته اذا لم يضمد جراحه أو يوقف نزيف قلبه ؟
لا يكون الا بعملية جراحية يستأصل بها سرطان الوسوسة الابيليسية المسبب لهذا الداء العضال ؛أو بعلاج طويل الأمد فيه صبر من المعالج على مريضه واعطائه الجرعات المناسبة من الدواء الايماني حتى يعود الاحساس بالألم مرة أخرى ؛ ألم النفس لما تقترفه في جنب الله تعالى .
وهذا هو واجب الدعاة الى الله تعالى : أن يعالجوا أنفسهم أولا ؛ بل أن يقوا أنفسهم باللقاحات والأمصال المضادة لهذا الداء العضال ؛ ثم ثانيا أن يعالجوا المرضى- وما أكثرهم في هذا الزمان- أن يعالجوهم بكل حنكة وحكمة وبصيرة من الكتاب والسنة الصحيحة حتى يصح القلب ويقاوم كل الآفات الخطيرة التي تحيط به وعلى رأسها هذه الآفة الخطيرة : فقد الاحساس بالألم .
كلمات راقية رائعة صافية كالماء العذب السلسبيل !! ما أروعها وما أجملها !!!!!
بارك الله فيك أخي الحبيب د . جعفر الطيار !!
عن حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً .. فأي قلبٍ أشربها نُكتت فيه نكتة سوداء ، وأي قلبٍ أنكرها نُكتت فيه نكتة بيضاء حتى تعود القلوب على قلبين : قلب أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه وقلب أبيض فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض " ..
كما صح عن حذيفة بن اليمان : " القلوب أربعة : قلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن ، وقلب أغلف فذلك قلب الكافر ، وقلب منكوس فذلك قلب المنافق عرف ثم أنكر وأبصر ثم عمى ، وقلب تمده مادتان : مادة إيمان ومادة نفاق وهو لما غلب عليه منهما " ..
أما عن الإمام إبن القيم !! وما أدراك من شيخ الإسلام إبن القيم ؟؟!!
يقول ـ رحمه الله ـ عن القلب الميت : " القلب الميت الذي لا حياة به فهو لا يعرف ربه ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه بل هو واقف مع شهواته ولذاته ولو كان فيها سخط ربه وغضبه فهو لا يبالي إذا فاز بشهوته وحظه رضى ربه أم سخط فهو متعبد لغير الله : حباً وخوفاً ورجاءً ورضاً وسخطاً وتعظيماً وذلاً .. إن أحب أحب لهواه وإن أبغض أبغض لهواه وإن أعطى أعطى لهواه وإن منع منع لهواه ، فهواه آ ثر عنده وأحب إليه من رضا مولاه ، فالهوى إمامه والشهوة قائده والجهل سائقه والغفلة مركبه ، فهو بالفكر في تحصيل أغراضه الدنيوية مغمور ، وبسكرة الهوى وحب العاجلة مخمور ، يُنادَى إلى الله وإلى الدار الا خرة من مكان بعيد ولا يستجيب للناصح ويتبع كل شيطان مريد ، الدنيا تسخطه وترضيه ، والهوى يصمه عما سوى الباطل ويعميه ، فهو في الدنيا كما قيل في ليلى :
عدو لمن عادت وسلم لأهلها === ومن قربت ليلى أحب وأقربا
فمخالطة صاحب هذا القلب سقم ، ومعاشرته سم ، ومجالسته هلاك " ..
( من كتاب / إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان )
ماأجمل وما أروع كلامك ياإمامنا الجليل !!
أسأل المولى الكريم سبحانه أن ينزل عليك سحائب رحمته وشآبيب مغفرته وبرد رضوانه ...
وجزاك الله خيراً يادكتور جعفر أن ذكرتنا بهذا الكلام الجميل !!
مع أرق تحياتي ؛؛
دمت بكل خير ؛؛
70834_1195661845.gif
 
جزاكم الله خيرا أخي الكريم أبو قصي على هذه الاضافات البديعة القيمة لامامنا القيم ابن قيم الجوزية ؛ وجعله في ميزان حسناتك.
 
نعمة عظيمة أن يمن الله تعالى علينا أن نتألم داخليا ونفسيا بما اقترفناه في حق الهنا ومعبودنا جل في علاه؛ وليس أسوأ من فقد هذه النعمة العظيمة
قال تعالى ( لا أقسم بيوم القيامة , ولا اقسم بالنفس اللوامة )

بارك الله فيك د/ جعفر
ومرحبا بك :)
 
با رك الله فيك على هذه المشاركة القيمة وجعلها من موازين حسناتك
 
عودة
أعلى