شاعر و قصيدة
الشاعر :
خليل مطران
ولد خليل مطران ( 1873 – 1949 م ) في مدينة بعلبك بلبنان عام 1871م على الأرجح ومن خلال الروايات التي كتبت عنه.ودرس في المدرسة البطريركية حيث تخرج على يد الشيخ خليل وإبراهيم اليازجي ، نما فيه روح التدقيق والتحليل إضافة إلى ملكة لغوية . قضى بعض عنفوان شبابه في لبنان، ثم هاجر الى باريس حيث نهل من منابع الآداب الغربيه وعلومها من خلال ما أتت به قريحته الشعرية.
كان خليل مطران بارزاً من رواد التجديد، مهد بآرائه وشعره السبيل أمام الشعر العربي الحديث ليجتاز مرحلة الإحياء التي بدأها البارودي، وليدخل مرحلة تتمثل في روح العصر وقيمته الفنية الجديدة . اتصل باكراً بالأدب الفرنسي , و كانت محطته الأولى باريس ، حيث شهدت انطلاقته الأدبية اشتراكه في بعض الحركات الوطنية التي أسهمت في تحرير الوطن العربي آنذاك من براثن الاستعمار الغربي .
بعد عودته من باريس قرر أن يعيش في مصر وآثر أن يعيش حياة الشاعر المثقف الذي يميل إلى الهدوء والتأمل والاستمتاع بالعمل الثقافي والصلات الشخصية بأعلام عصره من الشعراء والكتاب .
أولج عالمه في عوالم الصحافة حيث عين مراسلا لجريدة الأهرام في القاهرة و عندما كانت تصدر من الأسكندرية طُلب منه ان يتولى رئاسة تحريرها الا أنه رفض بحجة تغيير المسار الى الحياة العاملة، كما أصدر جريدة هناك ولمع اسمه حتى سمي شاعر القطرين ثم شاعر الأقطار العربية .
لعل أبرز سمات ريادة شعره الرومانسى اتجاهه إلى القصص الشعري الذي يصور تجارب تعد من أسس الرؤية الرومانسية، كالمواجهة بينالفقر والغنى والعواصف النبيلة والرغائب المادية.
في ديوانه الأول قصيدة فريدة هي "المساء" جدتها استرعت انتباه النقاد والقراء لأن مطران لم يرصد فيها تحولات مشهد الغروب المألوف وألوانه رصداً مادياً كما تعود الشعراء، بل زواج بنهج مطرد بين المشهد الخارجي وإحساسه الداخلي، مختاراً من الخارج في حركته وألوانه ما يناسب حركة عالمه الباطني ويرمز إليه.
وتتسم بعض قصائد مطران، في بحورها القصيرة والمجزوءة وعلة نظام المقطوعة المتغيرة القوافي، بمرونة ظاهرة وروح غالبة من الحداثة التي تخالف إيقاع الشعر آنذاك، وأكثر شعره حداثة في المعجم الشعري والأسلوب والصور قصيدته "عتاب"
قال الشاعر أحمد زكي أبو شادي، أحد رواد الشعر الرومانسي، في مطران: "لقد عرفت محبة هذا الرجل الإنساني وأستاذيته منذ ثلاثين سنة،غذ تعهدني صغيراً، وكان أول ناقد لأدبي، فلولاه ما كنت أعرف -إلا بعد زمنمديد- معنى الشخصية الأدبية والطلاقة الفنية، ووحدة القصيدة والروحالعالمية في الأدب، واثر الثقافة في صقل المواهب الشعرية".
كان له نشاط ملحوظ آنذاك في ميادين الاقتصاد ، وعندما تساوت كفتا الميزان في الربح والخسارة عصفت به الظروف في دوامات الحيرة..حتى أجبرته للعمل سكرتيرا لدى الجمعية الزراعية. بعدها تولى إدارة الفرقة القوميةللتمثيل العربي عام 1935 وظل فيها طيلة سبعة أعوام..الى ان داهمته العلة واعاقته من النهوض بأي عمل ورغبت اليه الموت فودع خليل مطران شقاء الدنيا في مساء الخميس 30/ 6 / 1949م.
شعره و دواوينه :
كان شعره مليئا بخلجات قلب حزين، وله قصيدة 'المساء' و'موت عزيز' و'الأسد الباكي' في هذا المجال. كما وأن شعر مطران وجداني أيضا حيث هناك الشعر التاريخي والاجتماعي، ومن أشهر قصائده في هذا الموضوع: 'نيرون وفتاة الجبل الأسود'.
- و قد صدر له ديوان خليل مطران في أربعة اجزاء .
القصيدة :
المساء - لخليل مطران
دَاءٌ أَلَمَّ فخِلْتُ فيهِ شِفَائي......... من صَبْوَتي ، فتَضَاعَفَتْ بُرَحَائي
يَا لَلضَّعيفَينِ ! اسْتَبَدَّا بي ............. ومَا في الظُّلْمِ مثلُ تَحَكُّمِ الضُّعَفَاءِ
قَلْبٌ أَذَابَتْهُ الصَّبَابَةُ وَالجَوَى ................... وَغِلاَلَةٌ رَثَّتْ مِنَ الأَدْوَاءِ
وَالرُّوحُ بَيْنَهُمَا نَسِيمُ تَنَهُّد ............... في حَالَيِ التَّصْوِيبِ وَالصُّعَدَاءِ
وَالعَقْلُ كَالمِصْبَاحِ يَغْشَى نُورَ هُ ......... كَدَرِي ، وَيُضْعِفُهُ نُضُوبُ دِمَائي
هذا الذي أَبْقَيْتِهِ يَا مُنْيَتِي................ مِنْ أَضْلُعِي وَحُشَاشَتِي وَذَكَائي
عُمْرَيْنِ فِيكِ أَضَعْتُ ، لَوْ أَنْصَفْتِني ............ لَمْ يَجْدُرَا بتَأَسُّفِي وَبُكَائي
عُمْرَ الفَتَى الفَانِي ، وَعُمْرَ مُخَلَّدٍ .............ببَيَانِهِ ، لَوْلاَكِ ، في الأَحْيَاءِ
فَغَدَوْتُ لَمْ أَنْعَمْ ، كَذِي جَهْلٍ ،وَلَمْ ... أَغْنَمْ ، كَذِي عَقْلٍ ، ضَمَانَ بَقَائي
إِنِّي أَقَمْتُ عَلَى التَّعِلَّةِ بالمُنَى ............... في غُرْبَةٍ قَالُوا : تَكُونُ دَوَائي
إِنْ يَشْفِ هَذَا الجسْمَ طِيبُ هَوَائِهَا .......... أَيُلَطِّفُ النِّيرَانَ طِيبُ هَوَاءِ ؟
أَوْ يُمْسِكِ الحَوْبَاءَ حُسْنُ مُقَامِهَا ، .........هَلْ مَسْكَةٌ في البُعْدِ لِلْحَوْبَاءِ ؟
عَبَثٌ طَوَافِي في البلاَدِ ، وَعِلَّةٌ .................في عِلَّةٍ مَنْفَايَ لاسْتِشْفَاءِ
مُتَفَرِّدٌ بصَبَابَتي ، مُتَفَرِّدٌ ......................... بكَآبَتي ، مُتَفَرِّدٌ بعَنَائِي
شَاكٍ إِلَى البَحْرِ اضْطِرَابَ خَوَاطِرِي ........... فَيُجيبُني برِيَاحِهِ الهَوْجَاءِ
ثَاوٍ عَلَى صَخْرٍ أَصَمََّ ، وَلَيْتَ لي ..........قَلْبَاً كَهَذِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ !
يَنْتَابُهَا مَوْجٌ كَمَوْجِ مَكَارِهِي ، .............وَيَفتُّهَا كَالسُّقْمِ في أَعْضَائي
وَالبَحْرُ خَفَّاقُ الجَوَانِبِ ضَائِقٌ .......... كَمَدَاً كَصَدْرِي سَاعَةَ الإمْسَاءِ
تَغْشَى البَرِيَّةَ كُدْرَةٌ ، وَكَأَنَّهَا ........... صَعِدَتْ إلَى عَيْنَيَّ مِنْ أَحْشَائي
وَالأُفْقُ مُعْتَكِرٌ قَرِيحٌ جَفْنُهُ ، ............ يُغْضِي عَلَى الغَمَرَاتِ وَالأَقْذَاءِ
يَا لَلْغُرُوبِ وَمَا بهِ مِنْ عِبْرَةٍ ................ لِلْمُسْتَهَامِ ! وَعِبْرَةٍ لِلرَّائي !
أَوَلَيْسَ نَزْعَاً لِلنَّهَارِ ، وَصَرْعَةً ............ لِلشَّمْسِ بَيْنَ مَآتِمِ الأَضْوَاءِ ؟
أَوَلَيْسَ طَمْسَاً لِلْيَقِينِ ، وَمَبْعَثَاً .............لِلشَّكِّ بَيْنَ غَلائِلِ الظّلْمَاءِ ؟
أَوَلَيْسَ مَحْوَاً لِلوُجُودِ إلَى مَدَىً ، .............وَإِبَادَةً لِمَعَالِمِ الأَشْيَاءِ ؟
حَتَّى يَكُونَ النُّورُ تَجْدِيدَاً لَهَا ، ....... .وَيَكُونَ شِبْهَ البَعْثِ عَوْدُ ذُكَاءِ
وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالنَّهَارُ مُوَدِّعٌ ، ............. وَالقَلْبُ بَيْنَ مَهَابَةٍ وَرَجَاءِ
وَخَوَاطِرِي تَبْدُو تُجَاهَ نَوَاظِرِي ........ كَلْمَى كَدَامِيَةِ السَّحَابِ إزَائي
وَالدَّمْعُ مِنْ جَفْني يَسِيلُ مُشَعْشَعَاً ...... بسَنَى الشُّعَاعِ الغَارِبِ المُتَرَائي
وَالشَّمْسُ في شَفَقٍ يَسِيلُ نُضَارُهُ ....... فَوْقَ العَقِيقِ عَلَى ذُرَىً سَوْدَاءِ
مَرَّتْ خِلاَلَ غَمَامَتَيْنِ تَحَدُّرَاً ، ............ وَتَقَطَّرَتْ كَالدَّمْعَةِ الحَمْرَاءِ
فَكَأَنَّ آخِرُ دَمْعَةٍ لِلْكَوْن ِ قَدْ .............. مُزِجَتْ بآخِرِ أَدْمُعِي لرِثَائي
وَكَأَنَّني آنَسْتُ يَوْمِي زَائِلاً ، ............ فَرَأَيْتُ في المِرْآةِ كَيْفَ مَسَائي
دمتم بخير ...
الشاعر :
خليل مطران
ولد خليل مطران ( 1873 – 1949 م ) في مدينة بعلبك بلبنان عام 1871م على الأرجح ومن خلال الروايات التي كتبت عنه.ودرس في المدرسة البطريركية حيث تخرج على يد الشيخ خليل وإبراهيم اليازجي ، نما فيه روح التدقيق والتحليل إضافة إلى ملكة لغوية . قضى بعض عنفوان شبابه في لبنان، ثم هاجر الى باريس حيث نهل من منابع الآداب الغربيه وعلومها من خلال ما أتت به قريحته الشعرية.
كان خليل مطران بارزاً من رواد التجديد، مهد بآرائه وشعره السبيل أمام الشعر العربي الحديث ليجتاز مرحلة الإحياء التي بدأها البارودي، وليدخل مرحلة تتمثل في روح العصر وقيمته الفنية الجديدة . اتصل باكراً بالأدب الفرنسي , و كانت محطته الأولى باريس ، حيث شهدت انطلاقته الأدبية اشتراكه في بعض الحركات الوطنية التي أسهمت في تحرير الوطن العربي آنذاك من براثن الاستعمار الغربي .
بعد عودته من باريس قرر أن يعيش في مصر وآثر أن يعيش حياة الشاعر المثقف الذي يميل إلى الهدوء والتأمل والاستمتاع بالعمل الثقافي والصلات الشخصية بأعلام عصره من الشعراء والكتاب .
أولج عالمه في عوالم الصحافة حيث عين مراسلا لجريدة الأهرام في القاهرة و عندما كانت تصدر من الأسكندرية طُلب منه ان يتولى رئاسة تحريرها الا أنه رفض بحجة تغيير المسار الى الحياة العاملة، كما أصدر جريدة هناك ولمع اسمه حتى سمي شاعر القطرين ثم شاعر الأقطار العربية .
لعل أبرز سمات ريادة شعره الرومانسى اتجاهه إلى القصص الشعري الذي يصور تجارب تعد من أسس الرؤية الرومانسية، كالمواجهة بينالفقر والغنى والعواصف النبيلة والرغائب المادية.
في ديوانه الأول قصيدة فريدة هي "المساء" جدتها استرعت انتباه النقاد والقراء لأن مطران لم يرصد فيها تحولات مشهد الغروب المألوف وألوانه رصداً مادياً كما تعود الشعراء، بل زواج بنهج مطرد بين المشهد الخارجي وإحساسه الداخلي، مختاراً من الخارج في حركته وألوانه ما يناسب حركة عالمه الباطني ويرمز إليه.
وتتسم بعض قصائد مطران، في بحورها القصيرة والمجزوءة وعلة نظام المقطوعة المتغيرة القوافي، بمرونة ظاهرة وروح غالبة من الحداثة التي تخالف إيقاع الشعر آنذاك، وأكثر شعره حداثة في المعجم الشعري والأسلوب والصور قصيدته "عتاب"
قال الشاعر أحمد زكي أبو شادي، أحد رواد الشعر الرومانسي، في مطران: "لقد عرفت محبة هذا الرجل الإنساني وأستاذيته منذ ثلاثين سنة،غذ تعهدني صغيراً، وكان أول ناقد لأدبي، فلولاه ما كنت أعرف -إلا بعد زمنمديد- معنى الشخصية الأدبية والطلاقة الفنية، ووحدة القصيدة والروحالعالمية في الأدب، واثر الثقافة في صقل المواهب الشعرية".
كان له نشاط ملحوظ آنذاك في ميادين الاقتصاد ، وعندما تساوت كفتا الميزان في الربح والخسارة عصفت به الظروف في دوامات الحيرة..حتى أجبرته للعمل سكرتيرا لدى الجمعية الزراعية. بعدها تولى إدارة الفرقة القوميةللتمثيل العربي عام 1935 وظل فيها طيلة سبعة أعوام..الى ان داهمته العلة واعاقته من النهوض بأي عمل ورغبت اليه الموت فودع خليل مطران شقاء الدنيا في مساء الخميس 30/ 6 / 1949م.
شعره و دواوينه :
كان شعره مليئا بخلجات قلب حزين، وله قصيدة 'المساء' و'موت عزيز' و'الأسد الباكي' في هذا المجال. كما وأن شعر مطران وجداني أيضا حيث هناك الشعر التاريخي والاجتماعي، ومن أشهر قصائده في هذا الموضوع: 'نيرون وفتاة الجبل الأسود'.
- و قد صدر له ديوان خليل مطران في أربعة اجزاء .
القصيدة :
المساء - لخليل مطران
دَاءٌ أَلَمَّ فخِلْتُ فيهِ شِفَائي......... من صَبْوَتي ، فتَضَاعَفَتْ بُرَحَائي
يَا لَلضَّعيفَينِ ! اسْتَبَدَّا بي ............. ومَا في الظُّلْمِ مثلُ تَحَكُّمِ الضُّعَفَاءِ
قَلْبٌ أَذَابَتْهُ الصَّبَابَةُ وَالجَوَى ................... وَغِلاَلَةٌ رَثَّتْ مِنَ الأَدْوَاءِ
وَالرُّوحُ بَيْنَهُمَا نَسِيمُ تَنَهُّد ............... في حَالَيِ التَّصْوِيبِ وَالصُّعَدَاءِ
وَالعَقْلُ كَالمِصْبَاحِ يَغْشَى نُورَ هُ ......... كَدَرِي ، وَيُضْعِفُهُ نُضُوبُ دِمَائي
هذا الذي أَبْقَيْتِهِ يَا مُنْيَتِي................ مِنْ أَضْلُعِي وَحُشَاشَتِي وَذَكَائي
عُمْرَيْنِ فِيكِ أَضَعْتُ ، لَوْ أَنْصَفْتِني ............ لَمْ يَجْدُرَا بتَأَسُّفِي وَبُكَائي
عُمْرَ الفَتَى الفَانِي ، وَعُمْرَ مُخَلَّدٍ .............ببَيَانِهِ ، لَوْلاَكِ ، في الأَحْيَاءِ
فَغَدَوْتُ لَمْ أَنْعَمْ ، كَذِي جَهْلٍ ،وَلَمْ ... أَغْنَمْ ، كَذِي عَقْلٍ ، ضَمَانَ بَقَائي
إِنِّي أَقَمْتُ عَلَى التَّعِلَّةِ بالمُنَى ............... في غُرْبَةٍ قَالُوا : تَكُونُ دَوَائي
إِنْ يَشْفِ هَذَا الجسْمَ طِيبُ هَوَائِهَا .......... أَيُلَطِّفُ النِّيرَانَ طِيبُ هَوَاءِ ؟
أَوْ يُمْسِكِ الحَوْبَاءَ حُسْنُ مُقَامِهَا ، .........هَلْ مَسْكَةٌ في البُعْدِ لِلْحَوْبَاءِ ؟
عَبَثٌ طَوَافِي في البلاَدِ ، وَعِلَّةٌ .................في عِلَّةٍ مَنْفَايَ لاسْتِشْفَاءِ
مُتَفَرِّدٌ بصَبَابَتي ، مُتَفَرِّدٌ ......................... بكَآبَتي ، مُتَفَرِّدٌ بعَنَائِي
شَاكٍ إِلَى البَحْرِ اضْطِرَابَ خَوَاطِرِي ........... فَيُجيبُني برِيَاحِهِ الهَوْجَاءِ
ثَاوٍ عَلَى صَخْرٍ أَصَمََّ ، وَلَيْتَ لي ..........قَلْبَاً كَهَذِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ !
يَنْتَابُهَا مَوْجٌ كَمَوْجِ مَكَارِهِي ، .............وَيَفتُّهَا كَالسُّقْمِ في أَعْضَائي
وَالبَحْرُ خَفَّاقُ الجَوَانِبِ ضَائِقٌ .......... كَمَدَاً كَصَدْرِي سَاعَةَ الإمْسَاءِ
تَغْشَى البَرِيَّةَ كُدْرَةٌ ، وَكَأَنَّهَا ........... صَعِدَتْ إلَى عَيْنَيَّ مِنْ أَحْشَائي
وَالأُفْقُ مُعْتَكِرٌ قَرِيحٌ جَفْنُهُ ، ............ يُغْضِي عَلَى الغَمَرَاتِ وَالأَقْذَاءِ
يَا لَلْغُرُوبِ وَمَا بهِ مِنْ عِبْرَةٍ ................ لِلْمُسْتَهَامِ ! وَعِبْرَةٍ لِلرَّائي !
أَوَلَيْسَ نَزْعَاً لِلنَّهَارِ ، وَصَرْعَةً ............ لِلشَّمْسِ بَيْنَ مَآتِمِ الأَضْوَاءِ ؟
أَوَلَيْسَ طَمْسَاً لِلْيَقِينِ ، وَمَبْعَثَاً .............لِلشَّكِّ بَيْنَ غَلائِلِ الظّلْمَاءِ ؟
أَوَلَيْسَ مَحْوَاً لِلوُجُودِ إلَى مَدَىً ، .............وَإِبَادَةً لِمَعَالِمِ الأَشْيَاءِ ؟
حَتَّى يَكُونَ النُّورُ تَجْدِيدَاً لَهَا ، ....... .وَيَكُونَ شِبْهَ البَعْثِ عَوْدُ ذُكَاءِ
وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالنَّهَارُ مُوَدِّعٌ ، ............. وَالقَلْبُ بَيْنَ مَهَابَةٍ وَرَجَاءِ
وَخَوَاطِرِي تَبْدُو تُجَاهَ نَوَاظِرِي ........ كَلْمَى كَدَامِيَةِ السَّحَابِ إزَائي
وَالدَّمْعُ مِنْ جَفْني يَسِيلُ مُشَعْشَعَاً ...... بسَنَى الشُّعَاعِ الغَارِبِ المُتَرَائي
وَالشَّمْسُ في شَفَقٍ يَسِيلُ نُضَارُهُ ....... فَوْقَ العَقِيقِ عَلَى ذُرَىً سَوْدَاءِ
مَرَّتْ خِلاَلَ غَمَامَتَيْنِ تَحَدُّرَاً ، ............ وَتَقَطَّرَتْ كَالدَّمْعَةِ الحَمْرَاءِ
فَكَأَنَّ آخِرُ دَمْعَةٍ لِلْكَوْن ِ قَدْ .............. مُزِجَتْ بآخِرِ أَدْمُعِي لرِثَائي
وَكَأَنَّني آنَسْتُ يَوْمِي زَائِلاً ، ............ فَرَأَيْتُ في المِرْآةِ كَيْفَ مَسَائي
دمتم بخير ...