اختيار المحبوب

ladey rim

New Member
السلام عليكم
من المواضيع المطروحة كثيرا في أواسط الشباب موضوع الحـــــــب .
هذه العاطفة, هذه الهبة من عند الله التي لا يفهمها الكثير من الناس لا تتوجب علينا اختيار المحبوب و جعله عملا من اعمال العقل و التفكير و الا لما عاد حبا
قيل لرجل اخترت فلانة مع قبحها
فقال لو صحّ لذي الهوى اختيار لاختار أن لا يعشق
و يقال أن نسوة سألن مجنون ليلى فيما الذي جعله يهوى ليلى و هي امرأة من النساء و ان كان له ان يختار واحدة منهن فقال لو قدرت على صرف الهوى عنها اليكن لصرفته عنها و عن كل أحد بعدها و عشت في الناس سويا مستريحا
فقلن له ما أعجبك فيها ؟
فقال كل شيء رأيته و شاهدته و سمعته منها أعجبني
فقلن له صفها لنا
فأنشد يقول
بيضاء خالصة البياض كأنهــــــــا قمر توسط جنح ليل مبرد
موسومة بالحسن ذات حواسد ان الجمال مظنّة للحسد

لكن هذه العاطفة الجامحة لها مآسي و كوارث ومن بينها عذاب قلب المعشوق بمعشوقه فان من أحب شيئا غير الله عذب به كما قيل
فما في الارض أشقى من محب و ان وجد الهوى حلو المذاق
تراه باكيا في كل حيـــــــــــن مخافة فرقة او لاشتياق
فيبكي ان ناوا شوقا اليهم و يبكي ان دنوا خوف الفراق
فتسخن عينه عند الفراق و تسخن عينه عند التلاقي
 
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
فالبخل والحسد مرض يوجب بغض النفس لما ينفعها، بل وحبها لما يضرها؛ ولهذا يقرن الحسد بالحقد والغضب، واما مرض الشهوة، والعشق فهو حب النفس لما يضرها، وقد يقترن به بغضها لما ينفعها، والعشق مرض نفساني، واذا قوى اثر في البدن فصار مرضًا في الجسم .

والمقصود هنا مرض القلب؛ فانه اصل محبة النفس لما يضرها كالمريض البدن الذي يشتهى ما يضره‏.‏ واذا لم يطعم ذلك تالم، وان اطعم ذلك قوى به المرض وزاد‏.‏
كذلك العاشق يضره اتصاله بالمعشوق مشاهدة وملامسة وسماعًا، بل ويضره التفكر فيه والتخيل له وهو يشتهي ذلك، فان منع من مشتهاه تالم وتعذب، وان اعطى مشتهاه قوي مرضه، وكان سببًا لزيادة الالم‏.‏

فاما اذا ابتلى بالعشق وعف وصبر، فانه يثاب على تقواه للّه .
والمعلوم بادلة الشرع انه اذا عف عن المحرمات نظرًا وقولًا وعملًا، وكتم ذلك فلم يتكلم به حتى لا يكون في ذلك كلام محرم، اما شكوى الى المخلوق واما اظهار فاحشة، واما نوع طلب للمعشوق، وصبر على طاعة اللّه، وعن معصيته، وعلى ما في قلبه من الم العشق كما يصبر المصاب عن الم المصيبة، فان هذا يكون ممـن اتقـى اللّه وصبـر.
فالنفس اذا احبت شيئًا سعت في حصوله بما يمكن، حتى تسعى في امور كثيرة تكون كلها مقامات لتلك الغاية، فمن احب محبة مذمومة او ابغض بغضًا مذمومًا وفعل ذلك كان اثمًا، مثل ان يبغض شخصًا لحسده له فيؤذي من له به تعلق، اما بمنع حقوقهم، او بعدوان عليهم‏.‏ او لمحبة له لهواه معه فيفعل لاجله ما هو محرم، او ما هو مامور به للّه فيفعله لاجل هواه لا للّه، وهذه امراض كثيرة في النفوس، والانسان قد يبغض شيئًا فيبغض لاجله امورًا كثيرة بمجرد الوهم والخيال‏.‏

وكذلك يحب شيئًا فيحب لاجله امورًا كثيرة، لاجل الوهم والخيال، كما قال شاعرهم‏:‏
احب لحبها السودان حتى ** احب لحبها سود الكلاب
فقد احب سوداء، فاحب جنس السواد، حتى في الكلاب، وهذا كله مرض في القلب في تصوره وارادته‏.‏
فنسال الله ـ تعالى ـ ان يعافى قلوبنا من كل داء، ونعوذ بالله من منكرات الاخلاق والاهواء والادواء‏.‏

والقلب انما خلق لاجل حب اللّه ـ تعالى ـ وهذه الفطرة التي فطر اللّه عليها عباده كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏كل مولود يولد على الفطرة، فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء‏).

وما يبتلى بالعشق احد الا لنقص توحيده وايمانه، والا فالقلب المنيب الى اللّه الخائف منه فيه صارفان يصرفانه عن العشق :

احدهما‏:‏ انابته الى اللّه؛ ومحبته له، فان ذلك الذ واطيب من كل شيء، فلا تبقى مع محبة اللّه محبة مخلوق تزاحمه‏.‏
والثاني‏:‏ خوفه من اللّه، فان الخوف المضاد للعشق يصرفه، وكل من احب شيئًا بعشق او غير عشق فانه يصرف عن محبته بمحبة ما هو احب اليه منه، اذا كان يزاحمه، وينصرف عن محبته بخوف حصول ضرر يكون ابغض اليه من ترك ذاك الحب، فاذا كان اللّه احب الى العبد من كل شيء، واخوف عنده من كل شيء، لم يحصل معه عشق ولا مزاحمة الا عند غفلة او عند ضعف هذا الحب والخوف، بترك بعض الواجبات وفعل بعض المحرمات، فان الايمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فكلما فعل العبد الطاعة محبة للّه وخوفًا منه وترك المعصية حبًا له وخوفًا منه قوى حبه له وخوفه منه، فيزيل ما في القلب من محبة غيره ومخافة غيره‏.‏
انتهى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ..
مجموع الفتاوى ..المجلد العاشر

أرجو ألا أكون قد أطلت عليكم أحبتي
 
شكرا على المشاركة أخي الكريم , حقيقة من أحب غير الله تعذب بحبه , فما الافضل ان يحبه الله و يكون سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش ام ان يغضب عليه العلي القدير
 
عودة
أعلى