ANKIDO
مشرف سابق
الى الفارس الاسير
خفّف عنك أيـّها الفارس الاسير , فلست في سجنك اشد بلاء مني في جسدي . أربض وكن متجلـّداً يا ابا الأهوال . فالاضطراب أمام النوائب جدير بالثعالب ؛ ولا يجمل الفرسان المسجونين سوى الاستهزاء بالسجن والسجان .سكـّن روعك يا ابا العزم وانظر إليّ فانا بين عبيد الحيلة مثلك بين قضبان القفص , وما الفرق بيننا سوى حلم مزعج يجاور روحي ولكنه يخشى الاقتراب اليك . كلانا منفي عن بلاده بعيد عن أهله وأحبابه .فخفض عليك جأشك وكن صابرا على مضض الايام والليالي , ساخراً بهؤلاء الضعفاء الذين يتغلبون عليك بعددهم لا بعزم افرادهم .وما عسى ينفع الزئير والضجيج والناس طرش ٌ لا يسمعون ؟
لقد صرخت في آذانهم فلم تستوقف غير اشباح الظلام وتفحصت طبقاتهم فلم تجد بينهم سوى جبان يستبسل متجبرا ً امام المقيدين بالسلاسل , وضعيف يترفع متصلـّبا أمام الاسرى في الاقفاص .
أنظر ايها الفارس الجبار , أنظر الى هولاء المحيطين بسجنك الان , تفرس في وجوههم تجد في ملامحهم ما كنت تراه في وجوه ادنى رعاياك واعوانك في مجاهل الصحراء فمنهم من يشبه الارنب بضعف قلبه ومنهم من يماثل الثعلب باحتياله ومنهم من يضارع الافعى بخبثه , ولكن ليس بينهم من له سلامة الأرنب وذكاء الثعلب وحكمة الافعى .
أنظر فهذا كالخنزير قذارة أما لحمه فلا يؤكل وهذا كالجاموس خشونة أما جلده فلا ينفع وذاك كالحمار غباوة ولكنه يمشي على الاثنين . وذاك كالغراب شؤما ولكنه يبيع نعيبه في الهياكل ,وتلك كالطاوس تيها ً واعجابا بريشها أما ريشها فمستعار .
وانظر ايها الفارس الجليل , انظر إلى تلك الشوارع الضيقة فهي اودية خطرة يتربص اللصوص بين منعرجاتها وتختبئ الخوارج بين جنباتها . هي ساحة قتال مستتب بين الرغائب والرغائب , تتنازل فيها الارواح متضاربة ولكن بغير السيوف وتتصارع متناهشة ولكن بغير الأنياب بل هي غابة الأهوال تسكنها حيوانات داجنة المظاهر , معطرة الاذناب مصقولة القرون لا تقضي قوانينها ببقاء الانسب بل بدوام الاروغ والاحيل ولا تؤل تقاليدها الى الفضل وألأقوى بل الى الاخبث والاكذب أما ملوكها فليست أ ُسداً نظيرك بل هم مخاليق عجيبة لهم مناقير النسور وبرائن الضبع وألسنة العقارب ونقيق الضفادع .
فدتك روحي ايها الفارس الاسير فقد اطلت الوقوف لديك واسهبت بالكلام أمامك ولكن هو القلب المخلوع عن عرشه يتعز ّى بالفارس الاسير , وهي النفس السجينة المستوحشة تستأنس بالسجناء والمستوحشين . فسامح رجل يلوك الكلام متسليا ً به عن الطعام ويرتشف الافكار مستعيضا بها عن الماء .
الى اللقاء ايها الجبار المهيب فإن لم يكن اللقاء في هذا العالم الغريب فسيكون في الجنة حيث تجتمع أرواح الفرسان بأرواح الشهداء ...
انكيدو