( 7 ) موقف الحسن البصري مع عمر بن هبيرة
-------------------------------------------------------------
-------------------------------------------------------------
بعد أن انتقل الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز – رضي الله عنه – إلى جوار ربه ، وآلت الخلافة إلى يزيد بن عبد الملك ، ولَّي على العراق عمر بن هُبيرة الفزاري 00
ثم زاده بسطة في السلطان فأضاف إليه خراسان أيضاً 00
وسار يزيد في الناس سيرة غير سيرة سلفه العظيم 00
فكان يرسل إلى عمر بن هبيرة بالكتاب تلو الكتاب ، ويأمره بإنفاذ ما فيها ولو كان مجافياً للحق أحياناً 00
فدعا عمر بن هبيرة كلاً من الحسن البصري ، وعامر بن شُراحبيل المعروف بالشَّعبي ، وقال لهما :
إنَّ أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك قد استخلفه الله على عباده ، وأوجب طاعته على الناس ، وقد ولاني ما ترون من أمر العراق ثم زادني فولاني فارس 00 وهو يرسل إليَّ أحياناً كتباً يأمرني فيها بإنفاذ ما لا أطمئن إلى عدالته !!
فهل تجدان لي في متابعتي إياه وإنفاذ أوامره مخرجاً في الدين ؟؟
فأجاب الشعبي جواباً فيه ملاطفة للخليفة ، ومسايرة للوالي 00
والحسن ساكت !!
فالتفت عمر بن هبيرة للحسن وقال :
وما تقول أنت يا أبا سعيد ؟؟
فقال : يا ابن هبيرة خف الله في يزيد ، ولا تخف يزيد في الله 00
واعلم أنَّ الله جلَّ وعزَّ يمنعك من يزيد ، وأنَّ يزيد لا يمنعك من الله 00
يا ابن هبيرة 00 إنه يوشك أن ينزل بك ملَك غليظ شديد لا يعصي الله ما أمره ، فيزيلك عن سريرك هذا ، وينقلك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك 00 حيث لا تجد هناك يزيد ، وإنما تجد عملك الذي خالفت فيه رب يزيد 00
يا ابن هبيرة إنك إن تك مع الله تعالى وفي طاعته ، يكفك بائقة يزيد بن عبد الملك في الدنيا والآخرة 00
وإن تك مع يزيد في معصية الله تعالى ، فإن الله يكلك إلى يزيد 00
واعلم يا ابن هبيرة أنه لاطاعة لمخلوق كائناً من كان في معصية الخالق عزّ وجل 00
فبكى عمر بن هبيرة حتى بلَّلت دموعُهُ لحيتَهُ !!
ومال عن الشعبي إلى الحسن !!
وبالغ في إعظامه وإكرامه !!
فلمَّا خرجا من عنده توجها إلى المسجد ، فاجتمع عليهما الناس ، وجعلوا يسألونهما عن خبرهما مع الأمير ؟؟
فالتفت الشعبي إليهم وقال :
أيها الناس : من استطاع منكم أن يؤثر الله عزَّ وجلَّ على خلقه في كل مقام فليفعل 00
فوالذي نفسي بيده ما قال الحسن لعمر بن هبيرة قولاً أجهله 00
ولكني أردت فيما قلت وجه ابن هبيرة ، وأراد فيما قاله وجه الله 00
فأقصاني الله من ابن هبيرة00 ، وأدناهُ منه ، وحبَّبَهُ إليه !!00
=========================================
المصدر : ( صور من حياة التابعين / عبد الرحمن رأفت الباشا ) 00
=========================================
المصدر : ( صور من حياة التابعين / عبد الرحمن رأفت الباشا ) 00
=========================================