( 5 ) موقف أبو يوسف القاضي مع هارون الرشيد
---------------------------------------------------
---------------------------------------------------
عندما طلب هارون الرشيد من أبي يوسف القاضي وضع كتاب الخراج لم يفت القاضي أن يقدم النصيحة للخليفة في مقدمة الكتاب فقال :ياأمير المؤمنين 00 إن الله وله الحمد , قد قلّدك أمراً عظيماً , ثوابه أعظم الثواب , وعقابه أشد العقاب , قلدك أمر هذه الأمة , فأصبحت وأمسيت وأنت تبني لخلق كثير , قد استرعاكهم الله وائتمنك عليهم وابتلاك بهم وولاك أمرهم , وليس يلبث البنيان إذا أسس على غير التقوى أن يأتيه الله من القواعد فيهدمه على من بناه وأعان عليه 00 فلا تضيّعن ما قلدك الله من أمر هذه الأمة الرعية , فإن القوة في العمل بإذن الله , لا تؤخر عمل اليوم إلى الغد , فإنك إذا فعلت ذلك أضعت , إنَّ الأجل دون الأمل , فبادر الأجل بالعمل فإنه لا عمل بعد الأجل , إنَّ الرعاة مؤدون إلى ربهم ما يؤدي الراعي إلى ربه فأتم الحق فيما ولاك الله وقلدك ولو ساعة من نهاره , فإنَّ أسعد الرعاة عند الله يوم القيامة راع سعدت رعيّته , ولا تزغ فتزيغ رعيّتك , وإيّاك والأمر بالهوى والأخذ بالغضب وإذا نظرت الى أمرين , أحدهما للآخرة والآخر للدنيا فاختر أمر الآخرة على الدنيا , فإن الآخرة تبقى والدنيا تفنى ، وكن من خشية على حذر , واجعل الناس عندك في أمر الله سواء القريب والبعيد , ولا تخف في الله لومة لائم , واحذر فإن الحذر في القلب وليس باللسان , إتق الله فإنما التقوى بالتوقي , ومن يتق ِالله يتقه 00
إني أوصيك يا أمير المؤمنين بحفظ ما استحفظك الله , ورعاية ما استرعاك الله , وألا تنظر في ذلك إلا إليه وله , فإنك إن لم تفعل تتوعّر عليك سهولة الهدى وتعمى في عينيك وتتخفى رسومه , ويضيق عليك رحبه , وتنكر منه ما تعرف , وتعرف منه ما تنكر , فخاصم نفسك خصومة من الفلج لها لا عليها , فإن الراعي المضيّع يضمن ما هلك على يديه ما لو شاء رده عن مواطن الهلكة بإذن الله ، وأورده أماكن الحياة والنجاة ، فإن ترك ذلك أضاعه وإن تشاغل بغيره كانت الهلكة عليه أسرع وبه آخذ 00 واذا أصلح كان أسعد من هنالك بذلك , ووفاه الله أضعاف ما وفى له 00
فاحذر أن تضيع رعيّتك فيستوفي ربها حقها منك ويضيّعك بما أضعت أجرك , وإنما يدعم البنيان قبل أن ينهدم , وإنما لك من عملك ما عملت فيمن ولاك الله أمره , فلست تنسى ولا تغفل عنهم وعما يصلحهم , فليس يغفل عنك ولا يضيع حقك من هذه الدنيا 00 وأوصيك في هذه الليالي والأيام بكثرة تحريك لسانك في نفسك بذكر الله تسبيحاً وتهليلاً وتمجيداً ، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة وإمام الهدى !!00
=====================================
المصدر : ( مقدمة كتاب الخراج لأبي يوسف القاضي ) 00
=====================================
المصدر : ( مقدمة كتاب الخراج لأبي يوسف القاضي ) 00
=====================================