السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المشرف المحترم / غانو
في الواقع أنا سعيد بأنك تحاول تدوين بعض من مشاعرك على هيئة شعر في محاولة طيبة لحوز هذا الفضل الكبير , وأنا أعتبرك إنسانا ذو مشاعر رقيقة مرهفة – وقد عرفت ذلك من خلال تعاملي معك ومما استنبطه من ردودك ...
واعتبرك إنسانا تعرض لمحنة ما في حياته جعلته منكسر النفس حزينا , والشعر في رأيي يحتاج لكي يكون مؤثرا في نفس سامعه إلى الصدق .. واضرب لك مثالاً :
فقد سأل أحد أبناء الوعاظ أباه يوما فقال : يا أبت لماذا يبكى الناس حين تعظهم , ولا يبكون حين يعظهم غيرك ؟ فقال الرجل : ليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة !
يعنى ليست المرأة التي تنوح لأنها فقدت أحد أحبابها فهي تبكى عليه بصدق , كالمرأة التى استأجروها لتنوح مع النائحات على سبيل المشاركة الوجدانية والمجاملة فحسب ..
,,
لن أناقش كثيرا فى مسألة الوزن لأنه لكى نحاسبك ( الحساب العسير )
على الوزن يجب أن تكون على علم به , أما وأنك لا تعلمه فهو عذر- مؤقت- لك ( تنجو به من العقاب )
ولكنه للأسف لن يُلحق هذا الكلام المنظوم بالأعلى بالشعر فهذا ما نسميه نثر راق مسجوع
( أوعى تزعل ) , ولكننى موقن أنك لو تعلمت قواعد الشعر وأنظمته فإنك ستصبح شاعرا مبدعا لأك تملك التجربة الصادقة ويبقى التعبير عنها ...
ولكنني سأتحدث عن المعاني قليلا
فالمقطوعة تتكون من أربعة عشر بيتا بالتمام والكمال تتحدث عن مشاعرك عندما ولدت ( ولست أدرى هل كان لك مشاعر يومئذ أم لا ؟! )
أظن أن هذه المقطوعة قديمة جدا فهي منذ عهد الولادة .. يااااه !!!
وتبدو الرومانسية الرقيقة في أول بيت عندما قلت :
أتى الربيع بنسيمه
فإن نسيم الربيع يُذكر برقة الوليد وصفاء قلبه ونقاء سريرته فهو كقبس من نور سماوي حل بالأرض على هيئة مولود برئ
نسيم الربيع عندما يداعب برقته وبرودته الحانية جباهنا ووجناتنا وينعش أرواحنا المكدودة في خضم الحياة , إن هذا الشعور يشابه شعورك عندما تري طفلا جميلا يشق طريقه في هذه الحياة غير دار بصعابها ... إن من نعيم الدنيا لدي أن أجلس لأتابع ببصري طفلا وليدا وهو لما يزل في مهدمه يحبو ويلهو مستكشفا حياته الجديدة
وتبدو نفسيتك الحزينة من قولك :
و الدمعة في عيني تلهمني
فإنك منذ أول يوم مرتبط بالدمع والدموع بمثابة الملهم لعواطفك وأحاسيسك , مع أن الموقف يدعوا للسعادة .. ويحضرني هنا بيتان لشاعر قديم :
أنت الَّذِي ولدتْك أُمُّك باكيا ... والناسُ حولَك ضاحكون سرورا
واجهد إِلَى عملٍ تكون إِذَا بكوا ... في يوم موتِك ضاحكاً مسرورا
وأما الحوار الذى دار بينك وبين العصفورة , فهو يُضفي على النص حيوية غير معتادة , والمطلوب أن يكون النص الشعرى يعبر عن حركة أكثر , فهذا يعتبره النقاد الشعر الأروع
ويأت تعليل البكاء في أسولب مقنع فهو يقول :
احسست ان العالم ليس عالمي
ظلمة الرحم علمتني......ان احب الاحلام عالمي
فالطفل أحس بالوحشة فى البداية لأنه اعتاد على ظلمة الرحم وسكونه وأيضا دفئه وحنانه ..
هذا الطفل الرقيق الذى سيدعى بعد ذلك ( غانو ) يتعلق قلبه منذ البداية بصوت المؤذن الشجى الذى يدعو الناس إلى الفلاح فى الدنيا والآخرة :
بصوت المؤذن في الأفق......يدعوك للرحمن فع ِ
وهذا أمر جد جميل , فالمسلم يختلف عن غيره فى كل شئ , وهنا يحضرنى بيتان جميلان فى هذا المعنى :
أذان المرء حين الطفل يولد ... وتأخير الصلاة إلى الممات
دليل أن محياه يسير ... كما بين الأذان إلى الصلاة
أحسنت يا غانو وأبدعت عندما قلت :
فمن يستجيب اذا لم اخرج......الى عالمكم عالمي
فأنت اعتبرت نفسك المعنى الوحيد بالأذان وأنه إذا لم تجب أنت الأذان فمن ذا الذي سيجيب , وهو معنى من المعانى الرقيقة التى يرشدنا غليها علماء السلوك والرقائق ..
وفى قولك :
استقبلته بصرخة......فهوائه احرق رئتي
فاستنشقة اول هواء......بعبير الورد اسكتني
أرى أن ثمة تناقض بين الهواء الذى احرق رئتك فى بيت , بينما نراه يسكنك ويهدهدك حتى تهدأ فى البيت الآخر ...
وما زال المعنى متصلا فإننا فى فصل الربيع , وشذا الأزهار يتضوع على جوانب الحقول الغناء وأنت سيد الموقف آنذاك وبؤرة الإهتمام ومركزه , والحب مجرة أنت شمسها وقمرها ..
وحسنٌ أيها الإنسان الرقيق أنك انتبهت إلى الحقيقة منذ البداية وهى أن الحياة لا تعدو أن تكون أيام سرعان ما تنتهى وتمر :
فادركت أن الدنيا أيام......مهما جري فالأيام أيامي
ولهذا كان أن وضعت لنفسك هدفا تسعى حتى تدركه وهو العلم ( وأشرف العلوم العلم بالله تبارك وتعالى ) , وجعلت
منهاجك فى تلك الحياة المتلاطمة الأمواج هو الحق الذى أرشدنا إليه من اتخذه لنفسه اسما ...
فجعلت العلم هدفي......و الحق مبدئي
أنا شاكر لهذا الإبداع
ولك منى خالص التحية
واسمح لى بنقل الموضوع إلى الجامعة العامة ..
والسلام