الدكتور عبدالله الكعبي
New Member
إذ كنت ترغب فى أن تكون سياسيا على قدر من المعرفة، وأن تكون على دراية كافية بالأمور السياسية وألاعيبها، ماعليك سوى الإطلاع على، كتاب فنون السياسة ودهاليز السلطة وهي
دراسة شاملة في العلوم السياسية وفقة السلطة، في هذه المقال نتعرف أكثر على الكتاب،
يعد كتاب فنون السياسة ودهاليز السلطة للكاتب العراقي فلاح العبدالعزيز الجربا، مثير للجدل، إذ يعتبره البعض النسخةً الجديدة من كتاب “ الأمير” للفيلسوف الإيطالي نيكولا ميكافيللي، ومن كتاب فن الحرب للفيلسوف الصيني صن تزو بل أخطر منهم جميعاً !ما رأيك في أن يختزل لك كتاب واحد ثلاثة آلاف عام من التاريخ الإنساني هذا ما يفعله الكاتب فلاح العبدالعزيز الجربا في مؤلفه الأروع من بين كتاباته فنون السياسة ودهاليز السلطة، وكيف تمسك بزمام السلطة والحكم،
يقدّم خلاصة بحث موسع بقصص منتقاة عن كيفية اكتساب المرء للقوة، أو تفهمه لها من مختلف جوانبها أو حماية نفسه من عسفها وتسلطها أو الحفاظ عليها وممارستها بحكمة وتعقل، أو تحييدها لاتقاء شرّها، يبدو منهج الكاتب واضحًا للغاية، ومشوقًا في الوقت نفسه، يدلل على كل قاعدة من فنون السياسة بأكثر من حكاية وتجربة يقول إنه جمعهم من كتب التاريخ وتطل قصص الكاتب على التجربة الإنسانية من أزمنة وأمكنة مختلفة تمتد من اليابان إلى بيرو، ومن بداية تدوين التاريخ إلى أيامنا هذه وفيها دروس سلبية أو إيجابية يجمع بينها عنصر التشويق من جهة وتطبيقات في الحياة العملية على أرض الواقع من جهة أخرى، سواء أحبها المرء أو كرهها،
بعبارة أخرى، فإن تلك الفنون السياسية تعمل على تصوير ما حدث، وليس ما كان ينبغي أن يحدث، فهو وصف للبشر كما هم بالفعل وليس كما يتمنى المرء أن يكونوا عليه. إنه كتاب يتعامل مع الواقع، يناقض النظرة التقليدية للأخلاق التي لا ترى في أفعال الناس إلا الأبيض والأسود، فقواعد الكتاب يمكن أن تُستخدم للخير أو للشر، حسب عقلية كل قارئ.يعرض المؤلف فلاح العبدالعزيز الجربا موضوعه بنص جريء وأنيق، مطبوع بنسخة pdf بالأسود والأحمر، ومُفْعم وطافح بخرافات وعبارات ذات نحت فريد، وإخفاقات لرموز تاريخية كبيرة،
{{ فلاح العبدالعزيز الجربا ميكافيلي جديد }}
إذا كان البعض يعتقد أن كتاب الأمير للفيلسوف الإيطالي نيكولو ميكافيلي كتاب ألفه الشيطان، فإنك قد تعيد النظر عندما تقرأ " فنون السياسة ودهاليز السلطة " وأعتبر هذا الكتاب قطعة قادمة من الجحيم قد احترق بها الشيطان سلفاً، وربما لو قرأ نيكولو ميكافيلي كتاب” فنون السياسة ودهاليز السلطة ” لما كتب “ الأمير” أبداً بتاتاً،
لا تنتظر إذن من الكاتب أي توجهات أخلاقية، لأنه يعرض القواعد كما ستراها في الواقع بحيادية، وأحيانا بقسوة، إنه يعتبر أن عرضها بهذه الطريقة سيفيدك كثيرًا لأنك وإن لم تكن تستخدمها بطريقة تخالف أخلاقك ومبادئك فستعرف على الأقل كيف يمكن للأخرين أن يستخدموها ضدك،
يقول فلاح الجربا إنه لا أحد سيعيش بما يكفي ليتعلم هذه الفنون بنفسه، لذلك فقد استخدم أسلوباً ينقل الواقع والتجارب في قصص حقيقية وأساطير تاريخية من هنا وهناك، ليخبرك في النهاية أن اكتساب مهارات السياسة وامتلاك السلطة يمكِّنك من أن تكون ما تحب أن تكون، ويكسبك تقدير واحترام أصدقائك وأعدائك ،
{ الفنون الـ 60 للسياسة وقواعد السلطة ودهاليز الحكم }
إن فنون السياسة الـ 60 ملهمة للغاية، ينطلق فيها بتفصيل علاقاتك بجميع من حولك في مضمار الحياة، لا سيما العملية منها، بدءا برئيسك المباشر وأصدقاء مكتبك، حتى الرأس الأكبر الذي وصفه بـ “صاحب كيس المال” وهي تسمية تكشف لك كيف يفكر فلاح الجربا، فرئيس الشركة ليس مالكها، وإنما من يملك مفتاح الخزانة، يبدأ كاتبنا المبدع فلاح العبدالعزيز الجربا بالأكثر أهمية مباشرة، فن الجاذبية والإغواء ، تلك هي القاعدة الأولى بفنون السياسة، وهي ﻣﺴﻴﺮﺓ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺠﻨﺲ، ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺬﻛﻮﺭﺓ ﻭﺍﻷﻧﻮﺛﺔ، ﻓﻲ ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﺑﻀﻌﺔ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﻞ ﺟﻨﺲ ﻟﺪﻳﻪ ﻧﻘﻄﺔ ﺿﻌﻔﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳًّﺎ ﺳﺮﻳﻊ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺮﺋﻲ، ﺍﻟﺤﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗُﻌﺪّ ﺍﻟﻤﻈﻬﺮ ﺍﻟﺠﺴﻤﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﺳﻮﻑ ﺗﻐﻮﻱ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ، اما ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﺴﺎﺀ ﻓﺈﻥ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻫﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ،فن أن تكون كذابا وتصدق كذبك لتكون في صفوف السياسيين الناجحين والذين لا يكذبون لا ينجحون،
يقول فلاح العبدالعزيز الجربا في الكتاب مايلي :
يجب أن يكون قول الحقيقة عبدا عندك وليس سيدا لك. ما هي الحقيقة على أي حال هل يعرف أي منا ما هو الصحيح ؟ وهل الحقيقة مطلقة ؟ ألا يمكن أن تكون الأشياء صحيحة نوعا ما؟ صحيحة قليلا ؟ صحيحة بمعنى أعمق؟ صحيحة بما يكفي لأي عمل عسكري ؟ صحيحة بالنسبة لي وليس لك ؟ كل هذا صحيح جداً ؟ يمكن ذلك. خاصة إذا كانت لديك القوة الشخصية لجعل الآخرين يرون الحقيقة بطريقتك التي تتبناها،
اللاعبون الجادون الذين ضُبطوا بسبب ما قد يعتبره الآخرون كذبة، فإنهم لا يشعرون بالخجل إزاءه، كانوا يفعلون ما سيفعله ميكيافيلي فقط ربما كان بيل كلينتون هو الأكثر روعة في ممارسة إدارة الحقيقة في الحياة العامة وكذلك يجب أن يكون بعد أن واجه أعداء يرغبون في استخدامه، فسمح للحقيقة التي يعتقدها أن تتسرب مثل صياد ذبابة يلعب في خطه بدقة ومهارة وبراعة لا نهائية،
وهكذا، نرى أنه عندما يصبح الفرد أكثر قوة، فإن حاجته لتوظيف الحقيقة تتبع نفس النهج تماماً، حتى نصل إلى النقطة بين الأمراء الكبار، حيث يكون كل ما يقولونه صحيحاً لمجرد أنهم يقولون ذلك، كما قال ريتشارد نيكسون ذات مرة لديفيد فروست : عندما يفعل الرئيس ذلك، فهذا لا يعني أنه غير قانوني، ما يكون كذبة على الرجال الآخرين، قد يكون بالنسبة للأمير مجرد جانب آخر من حقه في التحكم في البيئة التي يعمل فيها. والأحكام الأخلاقية ليست عديمة الجدوى فحسب، بل وقحة نوعا ما، ألا تعتقد ذلك ؟ قائمة الكذابين المحترفين طويلة وممتازة ليس من المجدي تسمية كل منهم سيكون من السهل تسمية الذين لم يكذبوا عندما أصبح ذلك ضروريا، رغم أن ذلك قد يكون مستحيلا الذين لا يكذبون لا ينجحون، ويظلون مجهولين. حسنا، ربما الملك جورج الثالث والرئيس جورج واشنطن واحد منهم، يشمل بعد ذلك رواة الحقيقة المبدعون من الماضي القريب ما يلي :
شركات السجائر التي لا تزال تخبرنا أنها لا تعرف أي دليل على كيفية ربط التدخين بالسرطان، كبار المدراء الذين يخبرون وسائل الإعلام أن شركتهم ليست للبيع عندما تكون كذلك، كبار الإدارة الذين يخبرون وسائل الإعلام (غير قابلة للنشر، بيني وبينك) أن شركتهم على وشك القيام بصفقة تجارية ضخمة، عندما لا تكون كذلك، جورج بوش الذي يرغب في تدمير واختراع كذبة أسلحة الدمار الشامل، سلوبودان ميلوسيفيتش، والعديد والعديد، مفتاح النجاح لدى هؤلاء الأفراد هو أنهم يصدقون الأكاذيب التي يخبرونها بها الناس أولاً، هنا يجب عليك أن تصدق كذبتك التي ستكذب بها على الناس أولاً صدقها أنت أولاً هذا يخلق إحساسا قويا بالاقتناع، ويجعل الضعفاء يصدقون،
فن لا حلفاء دائمون أو أعداء دائمون في الصراعات، لذلك يوصيك فلاح الجربا بألا تثق بالأصدقاء جداً وأن تبنِ جسراً مع الأعداء، لأن العدو يجب أنه يثبت لك دومًا أنه ليس بعدو، أما الصديق فقد ينقلب عليك ويخون وعلى نحو مدمر، عليك أيضا كما يرى الكاتب فلاح الجربا أن تُبقي فمك مغلقا، حافظ دوماً على نواياك السرية، لأن من لا يعلم بنواياك لا يستعد ضدها كما قد يندفع في طرق مضللة وعندما يظهر كل شيء للعيان يكون الأمر جد متأخر لعمل شيء،
حارب لأجل سمعتك، كما يراه الكاتب فالإنسان يعيش
على سمعته، ويوصي فلاح العبدالعزيز الجربا بقوله :
احمها بكل وسيلة ممكنة، والسمعة النظيفة أحد أعمدة القوة، وبخسارتها تصبح قابلاً للنيل منك ومعرضا للهجوممن كل جانب، اجعل من سمعتك قوة غير قابلة للسحق، وانتبه لكل احتمالات الطعن وعالجها فورا وفي مكانها،وفي الوقت الذي تهدم فيه سمعة خصمك عليك أن تتأمل الجماهير بهدوء وهي تقاضيه وتقضي عليه”
اسع إلى التميز بأي ثمن، واجعل الآخرين يعملون لك وسجّل ذلك لحسابك، ودع الآخرين يأتونك، وإن تطلّب الأمر فألق إليهم بالطُّعم كي يقصدوك، وتجنب العدوى من التعساء وغير المحظوظين، واجعل الآخرين متعلقين بك، وجرّد خصمك من سلاحه، وتعاط كصديق وتصرف كجاسوس، ودمر خصومك على نحو كامل،
{{ أهمية الكتاب }}
هذه وغيرها نماذج لما يوصي بها فلاح الجربا في كتابه، مع استعراض تاريخي دقيق يكشف لك كيف أن تلك القاعدة فاصلة في مسار حياتك، وأن إغفالها يضعك في مرمى الفشل والانهيار، تبدو فنونة لا أخلاقية، ولا يجد هو حرجا في ذلك، بل يوصيك دائماً بأن تتجنب الالتزامات ما أمكن، وأن تتظاهر بالحُمق كي تخدع المغفلين وأن تقدم نفسك أنك غبي أكثر من ضحيتك، وتوفر طاقتك وتلعب دورك جيدا في الحاشية،
إن الفنون التي حددها المؤلف تُعلم الحاجة إلى التدبر والحصافة والحكمة والحذر، وفضيلة الحركة الخفية، وقوة الإغواء يتطلب منك الانضباط والدراية، وتوفر فهماً عميقاً لاستراتيجيات يتبعها الآخرون، وتوفر لك طرائق كي تتجنبها أو تتعايش معها، سواء أكنت في عملك، أم تنظر في علاقاتك مع الآخرين، أو كنت تسير على الطريق،أو تستمع إلى نشرة أخبار المساء، إنك ستجد تطبيقاً لهذه القواعد. وسواء أكنت تنزع إلى العدوان أم إلى الدفاع.
لكن رغم ذلك، فإن الكتاب يظل خطراً لا سيما على أصحاب التجارب الناشئة وصغار الشباب، الذي لا تزال تتشكل ملامح أخلاقهم، إذ يبدو من الخطر بمكان أن يؤمن الصغار بمثل تلك القواعد في مقتبل العمر، رغم أن الكتاب يصنف مبيعاتيا ضمن تلك الفئة الحرجة،
{{ النهاية }}
في النهاية، يفترض فلاح الجربا أنك قد امتلكت القوة والنفوذ، أنت الآن رئيس شركتك أو مدير أعمالك، يخبرك المبدع فلاح الجربا أن الناس يغيرون الأعراف التي ورثوها عن آبائهم باستمرار، وهذا التغير يوحي بالحيوية والنشاط، وما لا يتغير يتجمد في قوالب محددة متسمة بالموت. أصحاب السلطة غالباً ما يُظهرون في شبابهم قدرات إبداعية هائلة في ابتكار واقع جديد له أعراف اجتماعية مختلفة، ويكافئهم مجتمعهم المتعطش للتجديد بمنحهم القوة، لكن غالباً ما تتعقد الأمور لاحقا حين يكبر هؤلاء ويميلون للجمود والحفاظ على ما تحقق لهم ويتخلون عن حلمهم بالتجديد،
يقول فلاح العبدالعزيز الجربا في هذه النقطة مايلي :
إن تجمد أصحاب النفوذ في قوالب الماضي يجعل استمرارهم هزليا كالثمار اليانعة التي آن لها أن تسقط بالنهاية، يقول لهم الناس ارحلوا عنا وأخلوا الساحة لآخرين غيركم أكثر شبابا وفتوة نشعر معهم بالأمل والارتياح. لذا لا تستمر السطوة إلا حين تكون مرنة،عدم الجمود لا يعني فقدان الهيئة، فلا يمكن لشيء أن يكون بلا هيئة،
ويكمل قائلاً :
تزداد حاجتك للمرونة بتقدمك بالعمر لأن الناس في كبرهم يميلون للجمود والتمسك بالطرق التي اعتادوا عليها؛ ولا يعني التكيف مع المواقف الجديدة ألا يكون لك رأيك المستقل وألا تخضع للنصائح التي يمليها عليك الآخرون. وإن أفضل شكل للتنظيم هو أن تظل مرنا ومسايرًا للتغيرات، فطرق النصر لا تتكرر بل تتغير باستمرار،القوة العسكرية ليس لها تشكيل كما أن الماء ليس له هيئة دائمة، والقدرة على التكيف وتغيير الأسلوب مجاراةً للخصم هي ما نسميه العبقرية،
بقلم الدكتور عبد الله الكعبي
التعديل الأخير: