من فضائل ذكر الله تعالى

ashdom

Active Member

من فضائل ذكر الله تعالى
===============
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم
إن الإكثار من ذكر الله والاستغفار والصلاة والسلام على النبي ﷺ من أعظم الأسباب في طمأنينة القلوب وفي راحتها وفي السكون إلى الله ،والأنس به ،وزوال الوحشة والذبذبة والحيرة


قال الله تعالى"فاذكروني أذكركم"
أمر تعالى بذكره، ووعد عليه أفضل جزاء، وهو ذكره لمن ذكره، كما قال تعالى على لسان رسوله: (من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم) .

وذكر الله تعالى، أفضله ما تواطأ عليه القلب واللسان، وهو الذكر الذي يثمر معرفة الله ومحبته وكثرة ثوابه، والذكر هو رأس الشكر، فلهذا أمر به خصوصا، ثم من بعده أمر بالشكر عموما


قال ابن عباس : اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي وقال سعيد بن جبير اذكروني في النعمة والرخاء أذكركم في الشدة والبلاء بيانه " فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون" ( 144 – الصافات

قال النووي رحمه الله تعالى : اعلم أن فضيلة الذكر غير منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوهما ، بل كل عامل لله تعالى بطاعة ، فهو ذاكر لله تعالى

وقال تعالى "ولذكر الله أكبر"
وثم في الصلاة مقصود أعظم من هذا وأكبر، وهو ما اشتملت عليه من ذكر الله، بالقلب واللسان والبدن. فإن الله تعالى، إنما خلق الخلق لعبادته، وأفضل عبادة تقع منهم الصلاة، وفيها من عبوديات الجوارح كلها، ما ليس في غيرها، ولهذا قال:
ولذكر الله أكبر.

قال ابن الجوزي رحمه الله :
" قوله تعالى: (ولذكر الله أكبر) فيه أربعة أقوال:
أحدها: ولذكر الله إياكم ، أكبر من ذكركم إياه ، وبه قال ابن عباس، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد في آخرين .
والثاني : ولذكر الله تعالى أفضل من كل شيء سواه ، وهذا مذهب أبي الدرداء، وسلمان ، وقتادة .
والثالث : ولذكر الله تعالى في الصلاة ، أكبر مما نهاك عنه من الفحشاء والمنكر، قاله عبد الله بن عون .
والرابع : ولذكر الله تعالى العبد- ما كان في صلاته- أكبر من ذكر العبد لله تعالى، قاله ابن قتيبة " انتهى من "زاد المسير" (3/ 409) .


وقال تعالى"يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا"

أمر الله تعالى عباده بأن يذكروه ويشكروه ، ويكثروا من ذلك على ما أنعم به عليهم . وجعل تعالى ذلك دون حد لسهولته على العبد . ولعظم الأجر فيه قال ابن عباس : لم يعذر أحد في ترك ذكر الله إلا من غلب على عقله .


يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين بكثرة ذكرهم لربهم تعالى ، المنعم عليهم بأنواع النعم وأصناف المنن ، لما لهم في ذلك من جزيل الثواب ، وجميل المآب .

يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله اذكروا الله بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ذكرا كثيرا ، فلا تخلو أبدانكم من ذكره في حال من أحوال

وقال: "اذكروا الله ذكرا كثيرا"، أي: بالليل والنهار، في البر والبحر، وفي السفر والحضر، والغنى والفقر، والسقم والصحة، والسر والعلانية، وعلى كل حال: "وسبحوه بكرة وأصيلا" أي: في أول النهار وآخره، ليسري أثر التسبيح فيهما بقية النهار والليل

وقال تعالى
" والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما"
أي والذاكرين الله بقلوبهم وألسنتهم وجوارحهم والذاكرات ، كذلك أعد الله لهم مغفرة لذنوبهم ، وأجرا عظيما : يعني ثوابا في الآخرة على ذلك من أعمالهم عظيما ، وذلك الجنة
.
قال تعالى " واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار"
وقال تعالى " الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم"

يذكرون الله في جميع أحوالهم: قياما وقعودا وعلى جنوبهم وهذا يشمل جميع أنواع الذكر بالقول والقلب، فلا يخلو حال من أحوالهم عن ذكر الله المفيد صفاء الظاهر المؤثر في تصفية الباطن، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه


وقال تعالى "فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا"
وقال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله"


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة" متفق عليه

قال ابن القيم رحمه الله: "ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفى بها فضلًا وشرفًا"

قال ابن باز رحمه الله:" وفيه أيضًا أن الله مع الذاكرين، فينبغي الإكثار من ذكر الله، وهي معية خاصة التي تقتضي التسديد والتوفيق والحفظ مثل ما في قوله "إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا"التوبة:40] وفي قوله"إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ"البقرة:153 وفي قوله"إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى "طه:46] هذه المعية الخاصة مع أوليائه وأهل طاعته فهكذا المعية مع الذاكرين تقتضي الحفظ والعناية والتوفيق والتسديد فينبغي للمؤمن أن يكون مع الذاكرين لا مع الغافلين"

ثم قال رحمه الله:" فيه الدلالة على أنه سبحانه أسبق بالخير إلينا فإذا سابقنا إلى الخير فهو به أسبق سبحانه وتعالى، وذلك لكمال جوده وكرمه، من سارع إلى الخيرات فالله إليه بالتوفيق والهداية والعناية أسرع، ولهذا قال: إن تقرب إليّ شبرًا تقربت منه ذراعًا وإن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة، كل هذا يشير إلى سعة جوده وسبقه بالخير وأما كيفية تقربه ذراعًا وباعًا فهي إليه ،لا نكيفها ولا نقول إن معناها كذا وكذا؛ بل الله أعلم بكيفيتها ،كما نقول في الاستواء والنزول والغضب والرضا كلها صفات حق ثابتة لله لكن لا نكيفها كما قال مالك رحمها الله: الاستواء معلوم والكيف مجهول"

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت ". متفق عليه .
ولفظ مسلم : "مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت ".


هذا من أبلغ الأ‌حاديث في بيان فضل الذِّكر؛ حيث جعل الذكر بمثابة الرُّوح للجسد ، ؛ إذ بذكر الله تعالى تظهر الحياة على الذاكرين، لما يُضفيه عليهم من النور، وما يصل إليهم من الأجر، كما أن التاركين للذكر وإن كان فيهم حياة، فلا اعتبار لها، بل هم أشبه بالأموات؛ إذ لا يشعرون بما يشعر به الأحياء المشغولون بطاعة الله سبحانه.

فنسيان ذكـــر الله مـــوت قـــلوبهم وأجســـامهم قبل القبور قبور
وأرواحهم في وحشة من جسومهم وليس لهم حتى النشور نشور


عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" : ألا أنبئكم بخير أعمالكم ، وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟" قالوا : بلى ، قال :" ذكر الله تعالى ". رواه ، أحمد (5/195) ، الترمذي ( 3377 ) ، وابن ماجه (3790 ) .
الورق : الفضة.

ختاما

ذكر الإمام ابن القيم فوائد عديدة للذكر، منها: أن حياة المسلم في ذكره لربه؛ إذ بالذكر يزهو وجه المسلم، وتحصل له النضارة والجمال، ويزول همه، ويشعر بالسعادة والفرح والسرور؛ لذا فمن أراد أن يعيش هذه الأمور واقعًا في حياته فعليه بالمحافظة على الذكر
.
ومن فوائده أيضاً: أن الإنسان بالذكر يحصّل رضا الله تعالى، ويطرد الشيطان، وتفتح له أبواب المعرفة، كما أن الذكر وسيلة للحياة بكل ما فيها من خير، والبعد عنه وسيلة لكل شر، كما أنه سبب للطمأنينة والراحة وسعة الرزق، والبعد عنه سبب للشقاء والتعب.


والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول بتصرف من
تفسير القرآن العظيم لابن كثير
تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن)
تقسير الطبري
تفسير البغوي
تقسير السعدي
تفسير القاسمي
تفسير ابن عطية
تفسير قوله تعالى : (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ) : الإسلام سؤال وجواب


تعليق على حديث من حديث: ( يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي) لابن باز

مقال بعنوان فضل الذكر - د.أمين الشقاوي
مقال بعنوان مثل الذاكر والغافل
مقال تعليق على حديث: مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه...

 
جزاك الله خيرا
علي موضوعك المتميز
ونسال الله عز وجل
ان نكون من المتحابين في الله
حتي يظلنا الله عز وجل في ظله
يوم لا ظل الا ظله.
 
جزاك الله خيراً أخي الكريم..ووفقك لما يحبه ويرضاه..
إن شكر الله لايتم إلا بالفعل مع القول..فيجب علينا التمعن كثيراً بذلك..
على الأقل قيام الليل بركعتين أو أربع شكراً لله عزوجل على نعمه..ولن تأخذ من وقتنا الكثير..
اللهم اجعلنا من الشاكرين والذاكرين لله كثيراً..
اللهم رطب ألسنتنا بذكرك واجعل قلوبنا عامرةً بطاعتك يارحمن يارحيم..
 
عودة
أعلى