بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الإمام العلامة إبن الجوزي -رحمه الله تعالى- في كتابه القيم "اللطائف" .. تحت عنوان "اغتنام العمر" :-
(إخوَانِي : مَنْ رأىَ تصرُف الدهرِ انتبَهَ .. أمَا فِي الغِيَرِ ِعِبَرٌ .. مهدُ الطفلِ عنوانُ اللحد .. ريحُ نقعِ الأجل يقشعُ غَيمَ الأمل .. الشبابُ باكورةُ الحياةِ ، والشيْبُ رِِداءُ الرَدَى .. لوْ أنَّ أيامَ الشبابِ تُباعُ لبذلنَا فيها أنفسَ الأنفُسِ .. متَى أسفَرَ صُبح المشيبِ هوَى نَجمُ الهوَى .. إذا قرَعَ المرءُ ببابِ الكهولةِ فقدْ استأذنَ علَى البِلَى .. مَنْ عرِفَ الستينَ أنكرَ نفسَه .. منْ بلغَ السبعينَ اختلفتْ إليهِ رسلُ المنيّة ..
يَا مَنِ انطوَى بردَ شبابِهِ .. وجَيئتْ خُلُعُ قَلعِهِ .. وبَلغَتْ سفينةُ سَفرِهِ السَاحِلَ .. قِفْ علَى ثنيَّةِ الودَاع ..
فَلَم يَبقَ إِلا نَظرَةٌ تَتَغَنَمُ .. قطَعَ الشيبُ سلكَ العُمُرِ فَالتقطْ الخرزَ .. ورِثَ سفاءُ الأملِ فاشدُدْ بالعمل ِبعضَ الخرَزِ ..
عُمركَ يذُوبُ ذوبَانَ الثلجِ ، وتَوَانِيكَ أبْرَدَ مِنْهُ ..
وَلَم يَبقَ مِن أَيامِ جَمعٍ إِلى مِنَى إِلَى مَوقِفِ التَجميرِِ غَيرُ أَماني .. أنتَ تحبُ الإقامَة ولكنْ ما تحملُ المفازَة .. فِي نفسِ الجَملِ غيرُ مَا فِي نفسِ السائقِ ، ولو تركَ القطَا لنَامَ ..
العاقلُ مَنِ استعدَّ لمَا يجوزُ وقوعُهُ .. كيفَ يغفلُ عمَّا لا بُدَّ مِنْ كونِهِ .. زمنُ الترددِ قصيرٌ لا يحتملُ التسويفِِ ..
وَاعجباً لمَنْ يُنشدُ وقدْ أضلَّ نفسَهُ .. ولمَنْ يُشفقُ أنْ يُنفقَ دراهمَهُ وقدْ ضيَّعَ عُمُرَه..
كانَ « ثلاج » لا معاشَ لهُ سوَى بيعُ الثلجِ ، فبَقِيَ عندَهُ منْهُ شيءٌ لمْ يُنفقْ ، فجعلَ يقولُ فِي مُناداتِهِ : " ارحمُوا مَنْ يذُوبُ رأسَ مالِه " ..
فقرُكَ مِنَ الخيرِ مشوبٌ بالكسلِ .. ومتَى كانَ الفقيرُ كسلانٌ فلا وجهَ للغنَى .. لوْ كانتْ لكَ أنَفةٌ مِنَ التوَانِي لَخرجْتَ مِنْ رَبِقَةِ الذلِّ .. بِعْتَ قيامَ الليلِ بفضْلِ لُقمة .. شَرِبتَ كأسَ النُعاسِ ففَاتتكَ رُفقةُ «تَتَجافَى جُنُوبُهُم» .. امْتَلأتَ طعاماً فإذَا غريمُ الفراشِ يتقاضاكَ بدَيْنِ النومِ فَضربَ علَى أُذُنِكَ لا فِي مُوافقةِ أهلُ الكهفِ .. تناولتَ خمرَ الرُقادِ فوقعَ بكَ صاحبُ الشرطةِ فعملَ فِي حقكَ بِمُقتضَى أنِم وأرقِم ، فجعلَ حدَّكَ الحبسُ عنْ قيامِ الليلِ ، فخرجَ علَى توقيعِ قصتِكَ وقت الفجرِ «رَضوا بِأَن يَكونُوا مَعَ الخوالِف»..
واللهِ لوْ بِعتَ لحظةً مِنْ خلوةٍ بنَا .. بتعميرِ « نوح » فِي مُلكِ « قارون » لَغَبُنْتَ .. لا بَلْ بمَا فِي الجِنَانِ كُلِهَا مَا رَبِحْتَ..
وَمَنْ ذَاقَ عَرفَ) !.
وفي الختام أقول رحم الله إمامنا الجليل رحمة واسعة ...
يقول الإمام العلامة إبن الجوزي -رحمه الله تعالى- في كتابه القيم "اللطائف" .. تحت عنوان "اغتنام العمر" :-
(إخوَانِي : مَنْ رأىَ تصرُف الدهرِ انتبَهَ .. أمَا فِي الغِيَرِ ِعِبَرٌ .. مهدُ الطفلِ عنوانُ اللحد .. ريحُ نقعِ الأجل يقشعُ غَيمَ الأمل .. الشبابُ باكورةُ الحياةِ ، والشيْبُ رِِداءُ الرَدَى .. لوْ أنَّ أيامَ الشبابِ تُباعُ لبذلنَا فيها أنفسَ الأنفُسِ .. متَى أسفَرَ صُبح المشيبِ هوَى نَجمُ الهوَى .. إذا قرَعَ المرءُ ببابِ الكهولةِ فقدْ استأذنَ علَى البِلَى .. مَنْ عرِفَ الستينَ أنكرَ نفسَه .. منْ بلغَ السبعينَ اختلفتْ إليهِ رسلُ المنيّة ..
يَا مَنِ انطوَى بردَ شبابِهِ .. وجَيئتْ خُلُعُ قَلعِهِ .. وبَلغَتْ سفينةُ سَفرِهِ السَاحِلَ .. قِفْ علَى ثنيَّةِ الودَاع ..
فَلَم يَبقَ إِلا نَظرَةٌ تَتَغَنَمُ .. قطَعَ الشيبُ سلكَ العُمُرِ فَالتقطْ الخرزَ .. ورِثَ سفاءُ الأملِ فاشدُدْ بالعمل ِبعضَ الخرَزِ ..
عُمركَ يذُوبُ ذوبَانَ الثلجِ ، وتَوَانِيكَ أبْرَدَ مِنْهُ ..
وَلَم يَبقَ مِن أَيامِ جَمعٍ إِلى مِنَى إِلَى مَوقِفِ التَجميرِِ غَيرُ أَماني .. أنتَ تحبُ الإقامَة ولكنْ ما تحملُ المفازَة .. فِي نفسِ الجَملِ غيرُ مَا فِي نفسِ السائقِ ، ولو تركَ القطَا لنَامَ ..
العاقلُ مَنِ استعدَّ لمَا يجوزُ وقوعُهُ .. كيفَ يغفلُ عمَّا لا بُدَّ مِنْ كونِهِ .. زمنُ الترددِ قصيرٌ لا يحتملُ التسويفِِ ..
وَاعجباً لمَنْ يُنشدُ وقدْ أضلَّ نفسَهُ .. ولمَنْ يُشفقُ أنْ يُنفقَ دراهمَهُ وقدْ ضيَّعَ عُمُرَه..
كانَ « ثلاج » لا معاشَ لهُ سوَى بيعُ الثلجِ ، فبَقِيَ عندَهُ منْهُ شيءٌ لمْ يُنفقْ ، فجعلَ يقولُ فِي مُناداتِهِ : " ارحمُوا مَنْ يذُوبُ رأسَ مالِه " ..
فقرُكَ مِنَ الخيرِ مشوبٌ بالكسلِ .. ومتَى كانَ الفقيرُ كسلانٌ فلا وجهَ للغنَى .. لوْ كانتْ لكَ أنَفةٌ مِنَ التوَانِي لَخرجْتَ مِنْ رَبِقَةِ الذلِّ .. بِعْتَ قيامَ الليلِ بفضْلِ لُقمة .. شَرِبتَ كأسَ النُعاسِ ففَاتتكَ رُفقةُ «تَتَجافَى جُنُوبُهُم» .. امْتَلأتَ طعاماً فإذَا غريمُ الفراشِ يتقاضاكَ بدَيْنِ النومِ فَضربَ علَى أُذُنِكَ لا فِي مُوافقةِ أهلُ الكهفِ .. تناولتَ خمرَ الرُقادِ فوقعَ بكَ صاحبُ الشرطةِ فعملَ فِي حقكَ بِمُقتضَى أنِم وأرقِم ، فجعلَ حدَّكَ الحبسُ عنْ قيامِ الليلِ ، فخرجَ علَى توقيعِ قصتِكَ وقت الفجرِ «رَضوا بِأَن يَكونُوا مَعَ الخوالِف»..
واللهِ لوْ بِعتَ لحظةً مِنْ خلوةٍ بنَا .. بتعميرِ « نوح » فِي مُلكِ « قارون » لَغَبُنْتَ .. لا بَلْ بمَا فِي الجِنَانِ كُلِهَا مَا رَبِحْتَ..
وَمَنْ ذَاقَ عَرفَ) !.
وفي الختام أقول رحم الله إمامنا الجليل رحمة واسعة ...