أنواع القلوب

أبو قصي

ضيف شرف
طاقم الإدارة
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول شيخ الإسلام العلامة إبن القيم رحمه الله تعالى :-
(وَإنَّمَا يَقوَي العبدُ علىَ حضورهِ في الصلاةِ واشتغالهِ فيهَا بربِه عزَّ وجلّ ، إذَا قهرَ شهوتَه وهوَاه .. وإلا فقلبٌ قدْ قهرتْهُ الشهوَة ، وأسرَهُ الهوَى ، وَوَجدَ الشيطانُ فيهِ مقعداً تمكَّنَ فيه .. كيفَ يَخلُصُ مِنَ الوساوسِ والأفكار ؟؟
والقلوبُ ثلاثةٌ : قلبٌ خالٍ من الإيمان وجميعِ الخير .. فذلك قلب مُظلم قدْ استراحَ الشيطانُ مِنْ إلقاءِ الوساوسِ إليه ، لأنَّهُ قدْ اتخذهُ بيتاً ووطناً ، وَتَحكَّمَ فيهِ بمَا يُريد ، وَتَمكَّنَ منهُ غايةَ التَمَكُنِ .. القلبُ الثانِي : قلبٌ قدْ استنَارَ بنورِ الإيمانِ ، وأوْقَدَ فيهِ مصبَاحهُ ، لكنْ عليهِ ظُلمةُ الشهوَات ، وَعَوَاصِفُ الأهْوِيَة ، فللشيطان هناكَ إقبالٌ وَإدبارٌ ، ومجَالاتٌ ومَطَامعٌ .. فالحرب دُولٌ وسجالٌ .. وتختلفُ أحوال هذا الصنفِ بالقِلة والكَثرة .. فَمنهُم مَنْ أوقات ِغَلبتُه لعدوه ِأكثر ، ومنهُمْ مَنْ أوقات ِغلبةِ عدوهِ لَهُ أكثر ، ومنهمْ مَنْ هوَ تارةٌ وتارة .. القلبُ الثالثُ : قلبٌ مَحْشُوٌ بالإيمَان .. قد استنار بنورِ الإيمان ، وانقشعتْ عنهُ حُجُبُ الشهَوَات ، وأقلعَت عنهُ تلكَ الظلمات ، فلنورهِ في صدرهِ إشراق ، ولذلك الإشراق إيقاد ، لو دنَا منه الوسواس احترق به !! فهو كالسماءِ التي حُرست بالنجوم .. فلو دنَا منها الشيطان يتخطاها رُجِمَ فاحترقْ .. وليست السماء بأعظم حرمة من المؤمن ، وحراسة الله تعالى له أتم من حراسة السماء ، والسماء متعبد الملائكة ومستقر الوحي وفيها أنوار الطاعات ، وقلب المؤمن مستقر التوحيد والمحبة والمعرفة والإيمان وفيه أنوارها ، فهو حقيق أن يُحرسَ ويُحفظَ مِنْ كيدِ العدو ، فلا ينال منه شيئاً إلا خطفة .. وقد مثل ذلك بمثال حسن .. وهو ثلاثة بيوت : بيت للملك فيه كنوزه وذخائره وجواهره ، وبيت للعبد فيه كنوز العبد وذخائره وليس جواهر الملك وذخائره ، وبيت خال صفر لاشئ فيه .. فجاء اللص يسرق من أحد البيوت فَمِنْ أيُّها يسرق ؟؟ فإن قلتَ من البيت الخالي كان محالاً ، لأن البيت الخالي ليس فيه شئ يُسرق .. ولهذا قيل لابن عباس رضي الله عنهما : أن اليهود تزعم أنها لا توسوس في صلاتها .. فقال : وما يصنعُ الشيطانُ بالقلبِ الخراب !! وإن قلت يسرق من بيت الملك كان ذلك كالمستحيل الممتنع ، فإنَّ عليه من الحرس واليزك ومالا يستطيع اللص الدنو منه .. كيف وحارسه الملك بنفسه ؟؟ وكيف يستطيع اللص الدنو منه وحوله من الحرس والجند ما حوله ؟؟ فلَمْ يبقَ للص إلا البيت الثالث .. فهو الذي يشن عليه الغارات .. فليتأمل اللبيب هذا المثال حق التأمل ، ولينزله على القلوب فإنها على منواله !.
فقلب خلا من الخير كله وهو قلب الكافر والمنافق ، فذلك بيت الشيطان قد أحرزه لنفسه واستوطنه واتخذه سكناً ومستقراً ، فأي شئ يسرِقُ منه وفيه خزائنهُ وذخائرهُ وشكوكهُ وخيالاتهُ ووساوسهُ ؟! وقلب قد امتلأ من جلال الله عز وجل وعظمته ومحبته ومراقبته والحياء منه ، فأي شيطانٍ يجترئ على هذا القلب ؟؟ وإن أراد سرقة شئ منه فماذا يسرق منه ؟؟ وغايته أن يَظفر في الأحايين منه بخطفة ونهب ، يحصل له على غرة من العبد وغفلة لا بد له ، إذْ هو بشر .. وأحكام البشرية جارية عليه من الغفلة والسهو والذهول وغلبة الطبع !.
وقلب فيه توحيد الله تعالى ومعرفته و محبته والإيمان به والتصديق بوعده ووعيده ، وفيه شهوات النفس وأخلاقها ودواعي الهوى والطبع .. وقلب بين هذين الداعيين : فمرةً يميلُ بقلبه داعي الإيمان والمعرفة والمحبة لله تعالى وإرادته وحده ، ومرةً يميلُ بقلبه داعي الشيطان والهوى والطباع .. فهذا القلب للشيطان فيه مطمع وله منه منازلات ووقائع ويعطي الله النصر من يشاء !.. " وما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم " .. وهذا لايتمكن الشيطان منه إلا بما عنده من سلاحه ، فيدخل إليه الشيطان فيجد سلاحه عنده فيأخده ويقاتله ، فإن أسلحته هي الشهوات والشبهات والخيالات والأماني الكاذبة ، وهي في القلب ، فيدخل الشيطان فيجدها عتيدة ، فيأخدها ويصول بها على القلب ، فإن كان عند العبد عدة عتيدة من الإيمان تقاوم تلك العدة و تزيد عليها انتصف من الشيطان ، وإلا فالدولة لعدوه عليه ولا حول ولا قوة الا بالله .. فإذا أذن العبد لعدوه و فتح له باب بيته وأدخله عليه ومكنه من السلاح يقاتله به فهو الملوم!!
فَنفسك لُمْ ولا تلُمِ المَطايَا *** ومُتْ كَمَداً فَليْسَ لكَ اعْتِذَارُ)!.
منقول من كتاب الوابل الصيب من الكلم الطيب للإمام إبن القيم رحمه الله تعالى ...
 
بارك الله فيك و اني ارى فيك اخينـا قصي حمدان :)
لك مني اطيب التحيات و التقدير
 
اللهم اجعلنا ووفقنا لان نكون من اصحاب القلب الثالث (محشو بالايمان )
اللهم آمين
جزاك الله خير أخي أبو قصي
 
بارك الله فيك و اني ارى فيك اخينـا قصي حمدان :)
لك مني اطيب التحيات و التقدير
وأنت بارك الله فيك يا أخي الحبيب غانو
كل الشكر لك على مرورك العطر وتقديرك الكريم
وبخصوص تساؤلك : فلا أخي الكريم .. لست هو !.
 
اللهم اجعلنا ووفقنا لان نكون من اصحاب القلب الثالث (محشو بالايمان )
اللهم آمين
جزاك الله خير أخي أبو قصي
وأنت جزاكِ الله كل خير أختنا الكريمة مسلمة
جعلنا الله وإياكِ من أصحاب القلب المحشو بالإيمان
دائماً تعليقاتك تدل على حسن قراءتك واهتمامك بالموضوع المطروح
فلك كل التحية والأمنيات الطيبة
 
فإن كان عند العبد عدة عتيدة من الإيمان تقاوم تلك العدة و تزيد عليها انتصف من الشيطان ، وإلا فالدولة لعدوه عليه ولا حول ولا قوة الا بالله 00 فإذا أذن العبد لعدوه و فتح له باب بيته وأدخله عليه ومكنه من السلاح يقاتله به فهو الملوم

صدق الإمام والله
 
وقلب قد امتلأ من جلال الله عز وجل وعظمته ومحبته ومراقبته والحياء منه ، فأي شيطانٍ يجترئ على هذا القلب ؟؟ وإن أراد سرقة شئ منه فماذا يسرق منه ؟؟ وغايته أن يَظفر في الأحايين منه بخطفة ونهب ، يحصل له على غرة من العبد وغفلة لا بد له ، إذْ هو بشر 00 وأحكام البشرية جارية عليه من الغفلة والسهو والذهول وغلبة الطبع !!

كلام عجيب وكأنه من مشكاة النبوة والله يؤتى الحكمة من يشاء

كل التحية ابو قصى :)
 
أخي الكريم حضرموت :
كل الشكر لك على مرورك العطر وتعليقاتك الطيبة

كلام عجيب وكأنه من مشكاة النبوة والله يؤتى الحكمة من يشاء​
كل التحية ابو قصى :)
بارك الله فيك أخي الكريم محمد شتيوي
مرور ك يسعدني وتواضعك يخجلني
 
عودة
أعلى