العلاقة بين العقل والوحي

hamam73

New Member
[FONT='MCS Taybah S_U normal.']العلاقة بين العقل والوحي[/FONT]
د. حسن سالم الدوسي
العقل وسيلة للإدراك والتمييز والحكم، وهو مناط التكليف، ومهمته العظيمة هي فهم الوحي، وتنفيذه في واقع الحياة.
والوحي يُطلق على كتاب الله وعلى السنة النبوية الصحيحة الثابتة، فالقرآن الكريم وحي من الله لفظاً ومعنى، والحديث الثابت وحي من الله معنى لا لفظاً لقول الله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}(لنجم:3-4).
والقرآن قطعي الثبوت والورود، وكذلك الحديث المتواتر، أما الحديث غير المتواتر فهو ظني الورود. وبعض الوحي ناسخ لبعضه، وهو حقائق مطلقة لا تقبل التبديل والتغيير ومهمة العقل فهمها لا تغييرها، والوحي مبني على العقل[1]، لا يخالف قضايا العقل ولا مبادئه، جار على أساليب العرب في التعبير، إلاَّ انه خطاب لجميع البشر في كل زمان ومكان[2].
ونصوص الوحي من حيث دلالتها على المعاني نوعان: قطعية الدلالة، وهي ما لا تحتمل إلاَّ معنى واحداً، وظنية الدلالة وهي ما تحتمل معاني متعددة تتسع لها أساليب العرب في القول.
ولما كانت وظيفة الإنسان في الحياة هي الاستخلاف في الأرض، وهذه الوظيفة يحتاج الإنسان في القيام بها إلى نظام يسير بحسبه، فما الجهة المخولة لوضع هذا النظام؟ أهي الوحي أم العقل؟
إنّ قضية الوحي والعقل مرتبطة بالتصور الشامل للوجود، أي بالعقيدة، والعقيدة هي الأساس الفكري، الذي يحدد الجهة التي تضع النظام، ويحدد وظيفة الإنسان والهدف الذي يسعى إلى تحقيقه في الحياة، وإذا لم يحدد الهدف النهائي للإنسان فإنّ أموره تضطرب وينقض بعضها بعضاً. وتحـديد الهدف الصحيح لا بد أن يتبعه تحديد المناهج التي تحققه ثم تطبيق تلك المناهج في واقع الإنسان.
وقد حددت الرسالات السماوية للإنسان هدفه الوجودي النهائي، ورسمت له المنهج الموصل إليه، فلما جاءت الرسالة الإسلامية خاتمة الرسالات، استوعبت الرسالات السابقة وزادت عليها ما يؤهلها للخلود، وصاغت الهدف النهائي للإنسان وحددته ورسمت له المنهج بنصوص الكتاب والسنة، وعلى الإنسان أنْ يفهم تلك النصوص بعقله، ويفهم الواقع بعقله، ثم ينزل تلك النصوص على الواقع بعقله أيضاً، فاختص الوحي بتحديد الغاية والمنهاج، واختص العقل بالفهم والتطبيق.
وعليه فإنّ علاقة العقل بالوحي في إنجاز خلافة الإنسان على الأرض تقوم على شيئين اثنين هما: فهم الوحي، وتنزيل الوحي (النص) على الواقع، أي التطبيق. والتقصير في أحدهما أو الخلط بينهما يؤدي إلى إجراء الحياة على غير المراد الإلهي[3].



















[1]- بمعنى أنّ الإيمان بكل ما جاء في الوحي قائم على العقل؟ فقد آمنا بوجود الله بالعقل، وآمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً بالعقل، وآمنا بالقرآن كتاباً من عند الله بالعقل، ولذلك فكل ما ورد في القرآن من غيبيات نؤمن بها لورودها في مصدر آمنا به بالعقل، فالإسلام كله قائم على العقل.

[2]- د. عبد المجيد النجار: خلافة الإنسان بين الوحي والعقل، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط2، 1993م، ص70.

[3]- د. عبد المجيد النجار: خلافة الإنسان بين الوحي والعقل، ص70 وما بعدها.
 
جزاك الله خير
كل التحية
 
أخي بارك الله فيك ...ولكن اسمح لي بمداخلة
هناك قاعدة شرعية تقول " إن الدين والعقل لا يتعارضان ..وإذا تعارضا قدم الشرع على العقل"
هناك كثير من الناس يخضعوا الشرع للعقل, ويفسروا المعاني الإسلامية تفسيرا عقليا بحتا, ونحن نعلن أنه لا تناقص بين الإسلام والعقل السليم, ولكن الإيمان بالله يوجب علينا أن نخضع العقل للنص في الأمور التي يصعب على العقل إدراكها وتفسيرها.
إن الدين جاء هاديا للعقل في العقائد بالله ورسله صلي الله عليهم وسلم وباليوم الآخر والغيب/ وحدد معالم الخير وما يجب أن يكون عليه سلوك الانسان وأوضح مسائل التشريع من عبادات ومعاملات/ وجاء القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين ولا من خلفه حاكما بهذا الأمن ومبينا لها.

فالقرآن هاديا للعقل ومرشدا له/ ويوجهه بأن يلتزم بما جاء به القرآن الكريم وفي العقيدة ثوابت لا مجال للنقاش فيها: بسم الله الرحمن الرحيم "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدي للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما انزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون" لاحظوا أنه بدأ بالغيب الذي لا مجال للعقل فيه وعليه أن يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالقدر خيره وشره والجن والملائكة وسؤال القبر وعذابه/ والجنة والنار والحساب والصراط وما الي ذلك "هي شئون يخضع العقل لها إيمانا ثابتا راسخا ويسجد للوحي الإلهي.

 
شكراً لجميع الطلاب الذين قرؤوا الموضوع أو ردوا عليه، وكتب الله لهم الأجر والثواب، ونرجوا منهم الدعاء لنا بالشفاء والعافية.
 
عودة
أعلى