mai saad
Well-Known Member
علمتني غربتي أن أصمت
vعلمتني غربتى أن أصمت، وأن لا أتكلم إلا إن كان هناك حاجة لذلك، أو طلب أحدهم إليّ الحديث سائلاً رأيي ومعونتي، فمَن كَثُر كلامه كَثُر سقطه، والإنسان كثير الكلام يراه الناس أرعنَ، خصوصاً إن كان لا يتقن فنون الكلام!! وكثير الكلام يتحاشاه الناس لأنهم يعلمون تمام العلم أنه لا يكتم سراً، وكثير الكلام يتجنّبه الناس لأنه عادة ما يكون سبباً في وقوعهم في مشاكلَ هم أصلاً كانوا في غنىً عنها، لولا أنْ تكلم هذا الثرثار!
والصمت يزيد الإنسان وقاراً وهيبة، ويُعطي من أمامك انطباعاً بأنك إنسان حكيم تقيس الأمور بمقياس عقلي، فيقف من أمامك حائراً أمام صمتك، فإنْ كان عدواً أو خصماًً صَعُب عليه الإيقاع بك، فكيف يأخذ عليك كلاماً لم تنطقه شفتاك، فيزداد غيظه، فيحاول أن يستفزك ولكن هيهات هيهات، فأنت كما أنت، الإنسان الصامت الذي يصعب معرفة ما يجري في قرارة نفسه، وهو بكلّ من حوله شاعر وعالم.
الصمت يجعل من حولك يحتارون لأمرك، حتى يصبحوا متلهفين لمعرفة ما تحمله هذه النفس بين طياتها، وما تحمله تلك العيون التي قلّما رمشت في بحورها، فاصمت ولا تتكلم إلا اذا كان لغيرك بكلامك حاجةٌ أو دعتك إلى ذلك ضرورةٌ، وتلك الحكمة بعينها..
جزء من كتاب هكذا علمتنى غربتى
للمؤلف سامر الخرباوى