فضائل شهر شعبان

flowers

مشرف قسم العلاج الطبيعي
فضائل شهر شعبان

شعبان هو اسم هذا الشهر الفضيل، وقد سمي بذلك لأن العرب كانوا يتشعبون فيه لطلب المياه، وقيل تشعبهم في الغارات، وقيل لأنه شَعَب أي ظهر بين شهري رجب ورمضان
shaban-osrty.jpg

الصيام في شعبان :
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتىنقول لا يصوم وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صيامامنه في شعبان... رواه البخار ، ومسلم، كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلاقليلا، وقد رجح طائفة من العلماء منهم ابن المبارك وغيره أن النبي صلى الله عليهوسلم لم يستكمل صيام شعبان، وإنما كان يصوم أكثره، ويشهد له ما في صحيح مسلم.

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ما علمته - تعني النبي صلى الله عليه وسلم - صام شهرا كله إلا رمضان...عنها قالت: ما رأيته صام شهرا كاملا منذ قدم المدينة إلاأن يكون رمضان.

وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: ما صام رسول الله صلى اللهعليه وسلم شهرا كاملا غير رمضان... أخرجه البخاري ومسلم، وكان ابن عباس يكره أنيصوم شهرا كاملا غير رمضان، قال ابن حجر رحمه الله : كان صيامه في شعبان تطوعا أكثرمن صيامه فيما سواه وكان يصوم معظم شعبان.

وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر منالشهور ما تصوم من شعبان، فقال: ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهوشهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم... رواهالنسائي، أنظر صحيح الترغيب والترهيب، وفي رواية لأبي داود، قالت: كان أحب الشهورإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان. صححه الألبانيأنظر صحيح سنن أبي داوُد.
قال ابن رجب رحمه الله: صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم، وأفضل التطوع ماكان قريب من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب معالفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكماأن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضانوبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه.

وقوله: (شعبان شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان(
يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان - الشهر الحرام وشهر الصيام - اشتغل الناسبهما عنه، فصار مغفولا عنه، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأنرجب شهر حرام، وليس كذلك.
وفي الحديث السابق إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أوالأشخاص قد يكون غيره أفضل منه.
وفيه دليل على استحباب عِمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، كما كان طائفة من السلفيستحبون إحياء ما بين العشائين بالصلاة ويقولون هي ساعة غفلة، ومثل هذا استحباب ذكرالله تعالى في السوق لأنه ذكْر في موطن الغفلة بين أهل الغفلة، وفي إحياء الوقتالمغفول عنه بالطاعة فوائد منها:
أن يكون أخفى للعمل وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل، لا سيما الصيام فإنه سرّ بينالعبد وربه، ولهذا قيل إنه ليس فيه رياء، وكان بعض السلف يصوم سنين عددا لا يعلم بهأحد، فكان يخرج من بيته إلى السوق ومعه رغيفان فيتصدق بهما ويصوم، فيظن أهله أنهأكلهما ويظن أهل السوق أنه أكل في بيته، وكان السلف يستحبون لمن صام أن يُظهر مايخفي به صيامه، فعن ابن مسعود أنه قال: (إذا أصبحتم صياما فأصبِحوا مدَّهنين)، وقالقتادة: (يستحب للصائم أن يدَّهِن حتى تذهب عنه غبرة الصيام. (
وكذلك فإن العمل الصالح في أوقات الغفلة أشق على النفوس، ومن أسباب أفضليةالأعمال مشقتها على النفوس لأن العمل إذا كثر المشاركون فيه سهُل، وإذا كثرتالغفلات شق ذلك على المتيقظين، وعند مسلم (رقم 2984) من حديث معقل بن يسار: (العبادة في الهرْج كالهجرة إلي).. (أي العبادة في زمن الفتنة؛ لأن الناس يتبعونأهواءهم فيكون المتمسك يقوم بعمل شاق. (

وقد اختلف أهل العلم في أسباب كثرة صيامه -صلى الله عليه وسلم - في شعبان علىعدة أقوال:
1- أنه كان يشتغل عن صوم الثلاثة أيام من كل شهر لسفر أو غيره فتجتمع فيقضيها فيشعبان وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عمل بنافلة أثبتها وإذا فاتته قضاها.
2- قيل إن نساءه كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان فكان يصوم لذلك، وهذا عكسما ورد عن عائشة أنها تؤخر قضاء رمضان إلى شعبان لشغلها مع رسول الله صلى الله عليهوسلم عن الصوم.
3- وقيل لأنه شهر يغفل الناس عنه: وهذا هو الأرجح لحديث أسامة السالف الذكروالذي فيه: (ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان) رواه النسائي، أنظر صحيحالترغيب والترهيب ص 425.
وكان إذا دخل شعبان وعليه بقية من صيام تطوع لم يصمه قضاه في شعبان حتى يستكملنوافله بالصوم قبل دخول رمضان - كما كان إذا فاته سنن الصلاة أو قيام الليل قضاه - فكانت عائشة حينئذ تغتنم قضاءه لنوافله فتقضي ما عليها من فرض رمضان حينئذ لفطرهافيه بالحيض وكانت في غيره من الشهور مشتغلة بالنبي صلى الله عليه وسلم.

فيجب التنبه والتنبيه على أن من بقي عليه شيء من رمضان الماضي فيجب عليهصيامه قبل أن يدخل رمضان القادم ولا يجوز التأخير إلى ما بعد رمضان القادم إلالضرورة (مثل العذر المستمر بين الرمضانين)، ومن قدر على القضاء قبل رمضان ولم يفعلفعليه مع القضاء بعده التوبة وإطعام مسكين عن كل يوم، وهو قول مالك والشافعيوأحمد.
وكذلك من فوائد صوم شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صومرمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده فيدخل رمضان بقوةونشاط.
ولما كان شعبان كالمقدّمة لرمضان فإنه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان من الصياموقراءة القرآن والصدقة، وقال سلمة بن سهيل كان يقال: شهر شعبان شهر القراء، وكانحبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء، وكان عمرو بن قيس المُلائي إذادخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن.

الصيام في آخرشعبان:
ثبت في الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلمقال لرجل : (هل صمت من سرر هذا الشهر شيئا؟ قال لا، قال: فإذا أفطرت فصم يومين). وفي رواية البخاري : أظنه يعني رمضان وفي رواية لمسلم : (هل صمت من سرر شعبانشيئا؟) أخرجه البخاري ومسلم.
وقد اختلف في تفسير السرار، والمشهور أنه آخر الشهر، يقال سِرار الشهر بكسرالسين وبفتحها وقيل إن الفتح أفصح، وسمي آخر الشهر سرار لاستسرار القمر فيه (أيلاختفائه)، فإن قال قائل قد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيصلى الله عليه وسلم قال: (لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين، إلا من كان يصوم صومافليصمه) أخرجه البخاري ومسلم.

فكيف نجمع بين حديث الحثّ وحديث المنعفالجواب: قال كثير من العلماء وأكثر شراح الحديث: إن هذا الرجل الذي سأله النبي صلىالله عليه وسلم كان يعلم أن له عادة بصيامه، أو كان قد نذره فلذلك أمره بقضائه. وقيل في المسألة أقوال أخرى، وخلاصة القول أن صيام آخر شعبان له ثلاثة أحوال:
أحدها:أن يصومه بنية الرمضانية احتياطا لرمضان ، فهذامحرم.

الثاني:أن يصام بنية النذر أو قضاء عن رمضان أو عن كفارة ونحوذلك، فجوّزه الجمهور.
الثالث:أن يصام بنية التطوع المطلق، فكرهه من أمر بالفصل بينشعبان ورمضان بالفطر؛ منهم الحسن - وإن وافق صوما كان يصومه - ورخص فيه مالك ومنوافقه، وفرّق الشافعي والأوزاعي وأحمد وغيرهم بين أن يوافق عادة أو لا..
وبالجملة فحديث أبي هريرة - السالف الذكر - هو المعمول به عند كثير من العلماء،وأنه يكره التقدم قبل رمضان بالتطوع بالصيام بيوم أو يومين لمن ليس له به عادة، ولاسبق منه صيام قبل ذلك في شعبان متصلا بآخره. فإن قال قائل لماذا يُكره الصيام قبلرمضان مباشرة (لغير من له عادة سابقة بالصيام) فالجواب أنّ ذلك لمعانٍ منها:

أحدها:لئلا يزاد في صيام رمضان ما ليس منه، كما نهي عن صياميوم العيد لهذا المعنى، حذرا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم، فزادوا فيه بآرائهموأهوائهم.
ولهذا نهي عن صيام يوم الشك ،قال عمار من صامه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليهوسلم، ويوم الشك: هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أم لا؟ وهو الذي أخبر برؤيةهلاله من لم يقبل قوله، وأما يوم الغيم: فمن العلماء من جعله يوم شك ونهى عن صيامه،وهو قول الأكثرين.

المعنى الثاني:الفصل بين صيام الفرض والنفل، فإن جنس الفصلبين الفرائض والنوافل مشروع، ولهذا حرم صيام يوم العيد، ونهى النبي صلى الله عليهوسلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام، وخصوصا سنة الفجرقبلها، فإنه يشرع الفصل بينها وبين الفريضة، ولهذا يشرع صلاتها بالبيت والاضطجاعبعدها.
ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي وقد أقيمت صلاة الفجر، فقال له: (آلصُّبح أربعا) رواه البخاري.
وربما ظن بعض الجهال أن الفطر قبل رمضان يراد به اغتنام الأكل؛ لتأخذ النفوسحظها من الشهوات قبل أن تمنع من ذلك بالصيام، وهذا خطأ وجهل ممن ظنه.

والله تعالى أعلـم .
المصدر: موقع طريق الإسلام
(اللهم بلغنا رمضان )
كل عام مقدما والأعضاء والمشرفين والأمة الاسلامية بأكملها بخير وتقبل الله صيامكم وصلواتكم وسائر أعمالكم
أخوكم في الله : سامي
 
جزاك الله خير
تحياتي flowers
 
عودة
أعلى