اغزوهم الآن.. فإنهم مهزومون

حضرموت

مشرف عام المنتديات العامة
طاقم الإدارة
كان الموقف مؤثرًا، ومثيًرا للشفقة في ذات الوقت، مع احتراق القلب لما آل إليه حال الشباب محط آمال المستقبل، وذخيرة الغد، وعدة الأمة لملاقاة الأعادي والإحن.. لقد كان المشهد لصبي في مقتبل شبابه يبكي من كل قلبه، وبمنتهى الأسى والأسف لأن الفريق الذي يشجعه خسر في إحدى مبارياته حتى لقد انعقد لسانه عن الرد على المذيع الذي لفت انتباهه شدة بكاء الصبي فأسرع ليعرف سبب هذا البكاء المرير، ويحاول ترضيته بأنها ليست النهاية ولكن الصبي لم يستطع أن يتم الحديث وترك المحاور وذهب وهو يبكي بكاء مرا.
لم تكن هذه لقطة تمثيلية عرضت في مسلسل أو فيلم، ولا كانت صورة تخيلية تصورتها مخيلة الكاتب، وإنما صورة واقعية تبين مدى ما وصل إليه أبناؤنا، وثمرة غياب الدور التربوي في تردي الهمم وتفاهة الهموم بحيث يصبح فوز فريق على آخر هو منتهى الأماني وأعلى الغايات، وتصبح هزيمة الفريق من مثيرات الشجن ومستدرات الدموع.
إن هذه الصورة ليست هي الوحيدة ولا هي نادرة ولا شاذة بل إن قطاعات كبيرة، وأقول كبيرة، علقت قلوبها بالتوافه، وبكت على ما لا يستحق دمعة واحدة من عين مؤمنة.
وعلى الجانب الآخر كانت صورة مؤثرة أيضا لكنها مبهرة، ومثيرة للإعجاب والتقدير صبي في نفس عمر الصبي الباكي أيضا لكن في موقف مختلف تماما عن سابقه، فالبكاء هذه المرة كان في حلقة لختم القرآن الكريم حين بلغ الصبي المبارك سورة الإخلاص والمعوذات فخنقه البكاء، وسالت عبراته حتى أوقفته مرات عن متابعة القراءة، لقد كانت دموع الشكر لله على نعمته وتوفيقه بختم كتابه وحفظه، دموع الفرح بالطاعة والإحساس بعظمة الإنجاز بعد الجهد المضني والمتابعة الحثيثة، دموع العرفان بالجميل للشيخ المؤدب، والتوقير والتعظيم للوالد المربي، وبمجرد أن انتهى البطل الحقيقي من تلاوته، وفرغ من ختمته خر ساجدا لله شكرا، وسجد معه أبوه جزاهما الله خيرا، ثم قام الحافظ فقبل رأس شيخه ورأس والده، في مشهد ذرفت له عيون الحاضرين وحق لها أن تدمع.
لكن....شتان ما بين الصورتين، وما أبعد ما بين الصبيين، وما أعظم الفارق بين الهمتين.
وحتى لا يمر الأمر بدون فائدة نقول: إن هذه الهمم هي التي عليها تصاغ الأمم فقدر كل أمة على قدر همم أهلها، فإذا طغت همة الأول على همة الثاني فغلبت التفاهات على عظائم الأمور والمهمات سقطت الأمة ولاشك وضاعت بين الأمم ولعل هذا ما يفسر بعض ما نحن فيه من ضعف ووهن وذل وانكسار.

إن عودة إلى جيل النصر وأصحاب التمكين، وخير القرون، وجولة بين همم صبيانهم وشبابهم تبين سبب نصرهم، ومفتاح تمكينهم.. حين كان أبناء السابعة عشرة يقودون الجيوش ويسقطون العروش ويفتحون البلدان، وأبناء الرابعة عشرة و الخامسة عشرة يتطاولون بالوقوف على أطراف أصابعهم عند عرضهم على النبي صلى الله عليه وسلم خوفا أن يردهم ، ويبكون خوف فوات الجهاد ونيل الشهادة في سبيل الله رب العالمين.
ذكر الإمام بن حجر رحمه الله في كتاب الإصابة في معرفة الصحابة في ترجمة عمير بن أبي وقاص أخي سعد بن أبي وقاص عن سعد قال: رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول اللهr يوم بدر يتوارى فقلت: مالك يا أخي؟ قال: إني أخاف أن يراني رسول الله r فيستصغرني فيردني، وأنا أحب الخروج لعل الله أن يرزقني الشهادة. قال: فعرض على رسول الله r فاستصغره فرده فبكى، فأجازه، فكان سعد يقول: فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره فقتل وهو ابن ست عشرة سنة.
الهموم بقدر الهمم
إن وجود هذه الهمم هو الذي يأتي بالنصر والرفعة والتمكين، أما استئثار التوافه بالتفكير، وطغيانها على القلوب والعقول فلا يأتي من ورائه إلا الذل والعار والتأخر والدمار وضياع الذكر بين الأمم مع الخسران المبين يوم الدين.

ويروي لنا التاريخ أن الصليبيين بعثوا بأحد جواسيسهم إلى أرض الأندلس المسلمة، وبينما الجاسوس يتجول في أراضي المسلمين إذا به يرى غلاما يبكي وأخر بجواره يطيب من خاطره، فسأله الجاسوس: ما الذي يبكي صاحبك؟ فقال الشاب: يبكي لأنه كان يصيب عشرة أسهم من عشرة في الرمي، لكنه اليوم أصاب تسعة من عشرة. فأرسل الجاسوس إلى الصليبيين يخبرهم: (( لن تستطيعوا هزيمة هؤلاء القوم فلا تغزوهم )).
ومرت الأعوام وتغيرت الأحوال وتبدلت معها الهمم والهموم، وجاء الجاسوس الصليبي إلى أرض المسلمين مرة أخرى، فرأى شابين أحدهما يبكي والآخر يطيب خاطره، فسأله الجاسوس: ما الذي يبكي صاحبك؟ فأجابه: إنه يبكي لأن فتاته التي يحبها قد هجرته إلى غيره. فأرسل الجاسوس إلى قومه: ((( أن اغزوهم الآن فإنهم مهزومون ))).

 
تستحق الشكر حضرموت
تحياتي​
 
شكرا لكم غخزاني لمروركم الكريم وجزاكم الله خيرا
 
اريد ان اشكرك على موضوعك الرائع
و بنفس الوقت اقول
انا لله و انا اليه راجعون و لا حول و لا قوة الا بالله
حقائق تدمي القلب و تدمع العيون
نسال الله أن يهدينا و يهدي المسلمين الى الاسلام !
 
وأنا أريد شكرك على مرورك الكريم اخي.....ونسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه
 
جزاك الله خيرا على هذا المقال المميز
و لكن أريد التنبيه إلى أمر مهم
في إحدى الندوات التي تقيهما قناة إقرأ الفضائية قام أحد قادة الحركة المقاومة الإسلامية حماس - قواهم الله و زاد من عزيمتهم- و قال كلاما إحتاج أن يسمعه المسلمون من زمان بعيد، حيث أنه قال:
من قال أن المسلمين في حالة ضعف؟! و من قال أن المسلمين ما زالوا تتكالب عليهم الأمم كما تتكالب الأكلة إلى قصعتها كما قال سيد البشرية محمد (ص)؟! إن المسلمين تجاوزوا هذه المرحلة بفضل الله، الآن الدول الإسلامية تملك من العتاد العسكري ما يكفي لدخول أي حرب طويلة الأمد و مخازن هذه الأسلحة دليل على هذا الكلام، و بغض النظر عن أن هذه الأسلحة قد يصيبها الصدأ من قلة الإستخدام و لكنها تشكل هاجسا لأي عدو يخطر بباله غزو هذه الأمة...
قائد حماس هذا لم ينكر ما قاله حبيبنا محمد (ص) لأن هذه المرحلة التي أخبرنا بها نبينا حصلت بعد الحرب العالمية و حتى نهاية الحرب العالمية الثانية و أصبحت الأمة كما أخبرنا تتكالب عليها الأمم، حيث أن بريطانيا و فرنسا و إيطاليا و ألمانيا و... -دمر الله ملكهم- بدؤو يمزقون الدولة الإسلامية إلى دويلات صغيرة و وضعوا لها الحدود التي إتفقوا فيما بينهم عليها، و تأكيدا لما وصل إليه حال المسلمين في تلك الحقبة من الزمان -لا أعادها الله علينا- إني كنت في أحد المرات أتابع على قناة الجزيرة الوثائقية برنامج عن قائد ألماني يدعى "ثعلب الصحراء" و كان هذا القائد من القادة المقربين إلى هتلر. و خلال الحرب إستنجدت القوات الإيطالية المتمركزة في ليبيا بالقوات الألمانية لتساعدها في رد الهجوم البريطاني عليها، فعلى الفور أرسل هتلر فرقة عسكرية بعتاد وفير إلى ليبيا بقيادة ثعلب الصحراء و كان هذا القائد عند حسن ظن هتلر به حيث أنه أجبر القوات البريطانية على الإنسحاب و التراجع إلى مصر و لكنه لم يكتفي بذلك بل إنه لحق بهم و دخل مصر لمسافة كبيرة و تمركز على الشاطئ المصري.
فقلت في بالي: ألي هذا الحد وصل الهوان في البلاد الإسلامية أن يجوب المعتدين على أراضيها في كل الإتجاهات بدون أي مشاكل تذكر.
و المطلع على تلك المرحلة يوقن حق اليقين أن مهابة المسلمين نزعت من قلوب أعدائهم كما أخبرنا خير المرسلين.
و لكن الأمور الآن تغيرت و أكبر مثال على ذلك العراق -حررها الله من دنس الأمريكان-. لو رجعنا لسجل الحرب بين العراق و أمريكيا فسنجد أن الحرب بدأت بينهم في عام 1990م حتى هذه اللحظة و تخلل هذه الفترة إحتلال القوات الغاشمة لأرض العراق في عام 2003م.
لو رجعنا إلى عدد الدول التي شاركت في غزو العراق فهل نعتقد بعدها أن مهابة العراق نزعت من قلوب تلك الجموع الضخمة ليجمعوا لها هذه الجيوش المجيشة لضربها.
و للنظر فقط إلى الفترة الزمنية التي أحتاجتها أمريكيا و أعوانها لغزو العراق، أليست 14 عام فترة زمنية طويلة لضرب بلد واحد من قبل تحالف أمم.
إن هيبة العراق كانت حاضرة في قلوب هؤولاء الأوباش و دليل على هذا الكلام ما قاله خنزير اليهود "شارون" -لا أقامه الله من فراش الموت- : حماس بالنسبة إلي تمثل الزكام لكن الصداع في العراق.
و أمثلة ذلك كثير ( سوريا، السودان، ليبيا، إيران، أفغانستان، الشيشان، المقاومات الإسلامية في فلسطين، المقاومات الإسلامية في العراق، المقومات الإسلامية في لبنان، المحاكم الإسلامية في الصومال...)
و للنظر إلى جانب آخر.
هل المساجد اليوم مثل المساجد في الماضي؟
في الماضي لم يكن يصلي في المسجد إلى عدد بيسط من المصلين و معظمهم من بقي له على لقاء ربه خمسة عشر يوما أو أقل (مجاز)، و لكن اليوم بفضل الله تجد عدد من الصفوف الناظر إليها يحمد الله تعالى.
و للنظر إلى بنات المسلمين، قد يقول البعض: هنا توقف (زودتها)، لكني لن أتوقف و أرد و أقول أن بنات المسلمين الآن في خير حال. لم نحكم على المسلمات من خلال ما نراه من بنات الشوارع و بنات التلفاز، هنا من بنات المسلمين -حفظ الله عليهم حشمتهم و وقارهم- ما تحمل من الخير و الغيرة على دين الأسلام ما يدفعها لنصرة دينها بأي وسيلة تقدر عليها و بإمكانها تنفيذها.
و للنظر الآن للمستقبل و لنتأمل ما أخبرنا به رسول الله عن علامات سوف تحدث في آخر الزمان.
عندما يظهر المسيح الدجال و تبدأ فتنته يأمر بأحد المسلمين أن يقف بين يدي الدجال و يطلب منه الدجال أن يؤمن به فيرفض هذا الشاب المسلم فيأمر بهذا الشاب فيطرح على الأرض و يقوم الدجال بنشره إلى نصفين ثم يقول قم فيرجع الله الحياة لهذا الشاب على يدي الدجال فيطلب منه الدجال أن يؤمن به فيقول هذا الشاب المسلم: و الله ما هذا إلى المسيح الدجال الذي أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه و سلم -أو كما قال رسول الله-
و الشاهد هنا أن دين الإسلام مستمر حتى قيام الساعة و أن العلم الإسلامي سيصل حتى آخر الزمان بإذن الله و أن هذا العلم يبقى منقولا عبر المسلمين، فيا هناء من أوصل هذه العلوم الإسلامية لمن بعده، ومن يدري من يكون ضمن السلسلة التي أوصلت حديث الدجال إلى هذا الشاب ليثبت به المسلمين في تلك الفتنة.
و أختم هذه الجمل بحديث نبينا و حبيبنا و قرة أعيننا محمد صلى الله عليه و سلم:
{ الخير في و في أمتي ليوم الدين}
و الله إن هذا الحديث بلسم لجروح المسلمين من جميع مصائبهم و إبتلائاتهم.
و السلام عليكم و رحمة الله
 
احييك اخي e.jamil على تعليقك
لكن المشكلة ليست في عدد المصلين لكن في المصلين و غير المصلين , لا يوجد عند الكثير من المسلمين الشعور بوحدة المسلمين , اي ان انتمائهم هو على هذا الترتيب مثلا ( عراقي عربي مسلم) او (مصري عربي مسلم ) او غيرها مع ان انتمائهم من المفروض ان يكون (مسلم عربي عراقي) فالاسلام اولا , و اذا كان الاسلام اولا كان لدى المسلم الشعور بهموم الامة الاسلامية كلها في فلسطين و العراق و الشيشان و افغانستان و الفلبين. و كل قرية في العالم فيها مسلمين تصبح بلده و اهلها اهله يحس بهمومم و مشاكلهم و لا يتعاطف معهم فقط بالقول بل يتحرك بكل ما لديه من قدرة لمساعدتهم.
هذا معنى قول رسول الله صلى الله عليه و سلم " كغثاء السيل " , تراه كثيرا لكن لا نفع منه.
 
شكرا أخي جميل على مداخلتك ...لكن أود التنبيه إلى أننا لا زلنا في حالة ضعف كبير جدا ...في جميع المجالات ..إذ أننا صرنا تابعين لا متبوعين...وصرنا نعتمدعلى الغرب في كل شء في الإقتصاد وغيرها...وأحب التنويه هنا إلى أن العودة الصيحة إلى الإسلام هي الطريق الوحيد للنصر..قال الله تعالى:( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا...)
تأمل معي هذه الآية وانظر إلى حال المسلمين اليوم في عقيدتهم..انتشر الجهل والخرافات والذهاب إلى السحرة والمشعوذين..وارتكاب الكبائر .....واذكرك بقول الإمام مالك رحمه الله تعالى :( لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها...) فاللهم رد المسلمين إلى دينك ردا جميلا..

واشكر أخي museada على تعليقك ارائع
 
الفضل فضل الله أولا ثم أخونا حضرموت الذي وضع هذا الموضوع حيز النقاش
 
شكرا لك اخي em.gamil و أختي mai saad وجزاكم الله خيرا
 
عودة
أعلى