فخلف من بعدهم خلف اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات

اَلْحَمْدُ لِلِه وَحْدَه، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير، نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَسْاَلُهُ تَثْبِيتاً لِاِيمَانِنَا وَاِرْضَاءً لِمَا قَسَمَ اللهُ لَنَا، وَاَنْ يَجْعَلَنَا دَائِماً مِنَ الصَّابِرِينَ، وَاَنْ يَجْعَلَنَا دَائِماً مِنَ الَّذِينَ اِذَا اَخْطَؤُوا اَنَابُوا اِلَى رَبِّهِمْ فَقَبِلَ اللهُ تَعَالَى تَوْبَتَهُمْ، نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَسْاَلُهُ السَّلَامَةَ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ، وَنَسْاَلُهُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ الَّذِي يُقَرِّبُنَا اِلَيْهِ زَلْفَى، فَهُوَ وَلِيُّنَا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ، نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير، وَنَسْتَفْتِحُ بِالَّذِي هُوَ خَيْر:{رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَاِلَيْكَ اَنَبْنَا وَاِلَيْكَ الْمَصِير، رَبَّنَا لَاتَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ ظَلَمُوا، وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا( وَنَسْتَفْتِحُ دَائِماً بِهَذَا الْخَيْرِ الْعَظِيمِ، لَعَلَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَكْشِفُ عَنْ اُمَّتِنَا وَعَنْ بِلَادِنَا الْغُمَّةَ؟ لِنَعُودَ اِلَى اَحْسَنَ مِمَّا كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ اَمْنٍ وَاَمَانٍ؟ وَمِنْ نَصْرٍ لِلْحَقِّ؟ وَمِنْ هَزِيمَةٍ لِلْبَاطِلِ، فَاَنْتَ يَارَبُّ مَلَاذُنَا، وَاَنْتَ مُغِيثُنَا، فَصَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ وَتَحَنَّنْ وَتَفَضَّلْ عَلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ الطَّيِّبِينَ وَاَصْحَابِهِ الْمَيَامِينِ، وَعَلَى كُلِّ مَنِ اهْتَدَى بِهَدْيِهِ وَاسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ اِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمْ تَسْلِيماً كَثِيراً يَارَبَّ الْعَالَمِينَ، اَمَّا بَعْدُ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اِنَّ الْمَآَقِيَ لَتَمْتَلِىءُ دَمْعاً، وَاِنَّ الْعُيُونَ لَتَذْرِفُ دَماً، وَاِنَّ اَوْصَالَ الْاِنْسَانِ كَادَتْ تَتَقَطَّعُ؟ لِمَا يَحْدُثُ مِنْ اَحْدَاثٍ؟ وَلِمَا تَمُرُّ بِهِ الْبِلَادُ مِنْ مِحَنٍ وَابْتِلَاءَات، وَلِذَلِكَ اَمَلُنَا بِاللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اَمَلٌ عَظِيم، وَلَكِنْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اَيُّهَا الشَّبَاب: اَيُّهَا الْكُهُول: اَيُّهَا الشُّيُوخ: اَيُّهَا النِّسَاء: مَاذَا قَدَّمْنَا بَيْنَ اَيْدِينَا لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِين؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ قَوْلُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ اَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ! فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيَّا؟ اِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً، فَاُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَايُظْلَمُونَ شَيْئَا، جَنَّاتِ عَدْنِ(نِ( الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْب، اِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَاْتِيَّا، لَايَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً اِلَّا سَلَاماً، وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيَّا، تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيَّا(نَعَمْ اَخِي: مَاذَا يَنْفَعُنِي اِذَا قُلْتُ: اَللهُ اَكْبَرَ وَاَنَا لَااُعَظِّمُ اللهَ تَعَالَى فِي نَفْسِي؟ مَاذَا يَنْفَعُ اِذَا قُلْتُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَاَنَا لَمْ اُلَبِّ اَمْرَهُ وَلَا اَسْتَجِيبُ لَهُ؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اِنَّ لِلنَّصْرِ عَلَى أَيِّ طَاغِيَةٍ فِي جَمِيعِ اَنْحَاءِ الْعَالَمِ مُقَدِّمَاتٍ؟ وَاِنَّ لِلنَّصْرِ اَسْبَاباً؟ وَلِلْهَزِيمَةِ كَذَلِكَ اَسْبَابُهَا؟ وَهَذِهِ الْآَيَاتُ الَّتِي قَرَاْتُهَا عَلَى مَسَامِعِكُمُ الْكَرِيمَةِ مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ(نَعَمْ اَخِي: كَانَتِ الْآَيَةُ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ الْآَيَةِ: قَدْ ذَكَرَتْ عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ هَذِهِ الْفِئَةِ الَّتِي ذَهَبَتْ اِلَى رَبِّهَا رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، وَلَكِنْ جَاءَ مِنْ بَعْدِهَا {خَلْفٌ(نَعَمْ اَخِي: وَالْخَلْفُ بِتَسْكِينِ اللَّامِ، اِنَّمَا هُمُ الْاَشْرَارُ، وَالْخَلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ: هُمُ الْاَخْيَارُ، وَلِذَلِكَ خَلَفَ مِنْ بَعْدِ هَؤُلَاءِ الْاَخْيَارِ الَّذِينَ ذَكَرَتْهُمُ الْآَيَةُ الْكَرِيمَةُ {خَلْفٌ اَضَاعُوا الصَّلَاةَ(نَعَمْ اَخِي: اَوَّلُ اَمْرٍ ارْتَكَبُوهُ: اَنَّهُمْ اَضَاعُوا الصَّلَاة(نَعَمْ اَخِي: وَكَمْ مِنَّا مَنْ يُضَيِّعُ الصَّلَاةَ! وَكَمْ مِنَّا لَايَعْرِفُ الصَّلَاةَ اِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ! وَكَمْ مِنَّا يُصَلِّي وَلَايَتَاَدَّبُ بِآَدَابِ الصَّلَاةِ الَّتِي مِنْ ثَمَرَاتِهَا اَنَّهَا تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ: بِدَلِيل ِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَاَقِمِ الصَّلَاةَ: اِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر(فَاَنْتَ اَيُّهَا الشَّابُّ: اَيُّهَا النَّاشِىءُ الْحَدِيثُ: هَلْ فَكَّرْتَ فِي حُقُوقِ اللهِ عَلَيْكَ؟ هَلْ اَدَّيْتَ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا فِي اَوْقَاتِهَا الْمُحَدَّدَةِ؟ هَلِ امْتَنَعْتَ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْجَرْيِ وَرَاءَهَا؟ هَلِ امْتَنَعْتَ عَنِ الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَة؟ هَلْ غَضَضْتَّ بَصَرَكَ اِذَا رَاَيْتَ سَوْاَةً مِنَ السَّوْآَت؟ هَلْ عَامَلْتَ وَالِدَيْكَ الْمُعَامَلَةَ الْحَسَنَةَ بِالْاِحْسَانِ اِلَيْهِمَا؟ هَلْ دَرَسْتَ دُرُوسَك؟ هَلْ حَصَّلْتَ تَحْصِيلاً عِلْمِيّاً لِتَكُونَ عُضْواً نَافِعاً فِي الْمُجْتَمَع؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: هَذِهِ هِيَ تَلْبِيَةُ الله، هَذَا هُوَ تَكْبِيرُ الله، هَذَا هُوَ تَعْظِيمُ اللهِ فِي الْاَنْفُس، فَنَحْنُ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: مَاذَا نَرَى فِي مُجْتَمَعِنَا مِنْ مَفَاسِدَ: لَوْ اَنَّ كُلَّ مَفْسَدَةٍ حَاسَبَنَا اللهُ تَعَالَى عَلَيْهَا، لَمَا كَتَبَ لَنَا نَصْراً اَبَداً، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اِنَّهَا مَفَاسِدُ كَثِيرَةٌ! وَعَلَى رَاْسِهَا الصَّلَاةُ الَّتِي تُضَّيَع! نَعَمْ اَخِي: اِذْهَبِ الْآَنَ وَانْظُرْ اِلَى الْمَلَاهِي وَاِلَى الْمَقَاهِي! فَاِنَّكَ تَرَى رُوَّادَهَا اَكْثَرَ مِنْ رُوَّادِ الْمَسْجِدِ بِكَثِير! فَكَيْفَ اِذَا قُلْنَا يَارَبِّ اسْتَجَابَ اللهُ لَنَا! اَمَا قَرَاْنَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ:{وَاِذَا سَاَلَكَ عِبَادِي عَنِّي؟ فَاِنِّي قَرِيبٌ، اُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ اِذَا دَعَانِ؟ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي( نَعَمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِدَاعِي الصَّلَاةِ الَّذِي يَدْعُو اِلَى عِبَادَتِي بِقَوْلِهِ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاح، اَلصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْم{وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون(هَلْ لَبَّيْنَا دَاعِيَ الله؟ هَلْ بَنَيْنَا الْاِسْلَامَ عَلَى خَمْسَةِ اَرْكَانٍ اِسْلَامِيَّةٍ وَهِيَ {شَهَادَةُ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا اللهُ؟ وَاَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ؟ وَاِقَامَةُ الصَّلَاةِ؟ وَاِيتَاءُ الزَّكَاةِ؟ وَصَوْمُ رَمَضَانَ؟ وَحَجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ اِلَيْهِ سَبِيلَا؟ اَمْ لَعَلَّنَا رُبَّمَا بَنَيْنَاهُ عَلَى خَمْسَةِ اَرْكَانٍ شَيْطَانِيَّةٍ مِنَ الْخَمْرِ! وَالْمَيْسِرِ! وَالْمُخَدِّرَاتِ! وَالتَّدْخِينِ! وَالطَّعْنِ عَلَى اللهِ! وَكِتَابِهِ! وَعَلَى رَسُولِهِ! وَعَلَى اَزْوَاجِ رَسُولِهِ! وَعَلَى صَحَابَتِهِ! وَآَلِ بَيْتِهِ! نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَكُلُّ هَذِهِ الْاَرْكَانِ الْاِسْلَامِيَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَدْ تَسْقُطُ عَنِ الْاِنْسَان، نَعَمْ اَخِي: قَدْ تَسْقُطُ عَنْكَ الزَّكَاةُ؟ لِاَنَّكَ لَاتَمْلِكُ نِصَابَهَا، وَقَدْ يَسْقُطُ عَنْكَ الْحَجُّ؟ لِاَنَّكَ لَاتَسْتَطِيعُ اَنْ تَحُجَّ، وَقَدْ يَسْقُطُ عَنْكَ الصَّوْمُ اِذَا كُنْتَ مَرِيضاً، نَعَمْ اَخِي: وَلَكِنْ رُكْنَانِ مِنَ الْاَرْكَانِ لَايَسْقُطَانِ عَنْكَ اَبَداً؟ اَتَدْرِي اَخِي مَاهُمَا؟ اِنَّهُمَا الصَّلَاةُ، وَالشَّهَادَتَان، نَعَمْ اَخِي مَاهُمَا الشَّهَادَتَانِ؟ هَلْ هُمَا شَهَادَتَا الْبِرِيفِي وَالْبَكَالُورْيَا! وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بَلْ هُمَا شَهَادَةُ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا اللهُ، وَاَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله، نَعَمْ اَخِي: فَهَاتَانِ الشَّهَادَتَانِ لَاتَسْقُطَانِ عَنْكَ بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ اَبَدا، ًنَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ: لَاتَسْقُطُ عَنْكَ بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ اَبَداً مَادَامَ فِيكَ عَقْلٌ يُفَكِّرُ، وَمَادَامَ فِيكَ قَلْبٌ يَنْبُضُ: فَاِنَّ الصَّلَاةَ تَكُونُ مُلَازِمَةً وَلَازِمَةً لَكَ، نَعَمْ اخي: وَالصَّلَاةُ تَتَكَيَّفُ هَيْئَتُهَا حَسَبَ قُدْرَةِ الْاِنْسَان؟ فَاِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ اَنْ يُصَلِّيَ قَائِماً، صَلَّى قَاعِداً، اَوْعَلَى جَنْبِهِ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي يَسْتَرِيحُ بِهَا، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اِنَّهَا بَلِيَّةُ الْبَلَايَا الْعُظْمَى عَلَى تَارِكِ الصَّلَاةِ! فَاِذَا كَانَ اللهُ قَدْ اَمَرَ عِنْدَ النِّدَاءِ اِلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِتَرْكِ الْبَيْعِ وَهُوَ عُنْصُرٌ هَامٌّ مِنَ الْحَرَكَةِ الِاقْتِصَادِيَّةِ الْهَادِفَةِ! فَمَا بَالُكَ اَخِي بِمَنْ يَسْتَمِعُونَ اِلَى خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ وَلَايُصَلُّونَ وَلَايُهْرَعُونَ اِلَى الصَّلَاة! مَابَالُكَ بِمَنْ هُمْ عَاكِفُونَ عَلَى وَرَقِ الشَّدَّةِ! عَاكِفُونَ عَلَى وَرَقِ الزَّهْرِ! هَلِ الشَّدَّةُ وَوَرَقُ الزَّهْرِ اَفْضَلُ عِنْدَكَ اَخِي مِنَ الله! نَعَمْ اَخِي: اِنَّهَا بَلِيَّةُ الْبَلَايَا! اِنَّهَا الرِّبَا اَيْضاً! فَهَلِ امْتَنَعْنَا عَنِ التَّعَامُلِ بِالرِّبَا اِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبِّي! طَيِّبْ اَخِي: وَالْمُجْتَمَعُ الَّذِي يَتَعَامَلُ بِالرِّبَا! مَنِ الَّذِي يُحَارِبُه؟ اِنَّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَابَقِيَ مِنَ الرِّبَا اِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَاِنْ لَمْ تَفْعَلُوا، فَاْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ، وَرَسُولِهِ(نَعَمْ اَخِي: اَللهُ وَرَسُولُهُ مَعاً يُحَارِبَانِ الْمُجْتَمَعَ الْاِيمَانِيَّ الْمُسْلِمَ الَّذِي يَتَعَامَلُ بِالرِّبَا قَبْلَ اَنْ يُحَارِبَا الْمُجْتَمَعَ الْكَافِرَ الَّذِي يَتَعَامَلُ بِهَا اَيْضاً، نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلرِّبَا، نَعَمْ اَخِي: وَاِذَا قُطِعَتِ الْاَرْحَامُ! مَاذَا تَكُونُ النَّتِيجَة:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ اِنْ تَوَلَّيْتُمْ اَنْ تُفْسِدُوا فِي الْاَرْضِ وَتُقَطِّعُوا اَرْحَامَكُمْ! اُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ، فَاَصَمَّهُمْ، وَاَعْمَى اَبْصَارَهُمْ( فَاَيُّ خَيْرٍ فِي مُجْتَمَعٍ اَعْمَى اللهُ بَصَائِرَهُ وَاَصَمَّهُ وَلَعَنَهُ وَطَرَدَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ! نَعَمْ اَخِي: اَلَيْسَتْ هَذِهِ الْاَمْرَاضُ تَفْتِكُ بِنَا فِي مُجْتَمَعَاتِنَا! نَعَمْ اَخِي: اِنَّهُ الْكَذِبُ الَّذِي انْتَشَرَ انْتِشَاراً لَامَثِيلَ لَهُ مُتَجَاهِلاً لِقَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللهِ، وَاُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُون(اِنَّهُ لَايُفْلِحُ الْكَاذِبُونَ( وَلَافَلَاحَ مَعَ الْكَذِبِ، فَانْظُرْ اَخِي اِلَى الْكَذِبِ عَلَى كُلِّ الْمُسْتَوَيَات! نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اِنَّهَا بَلَايَا عَظِيمَةٌ اُصِيبَ بِهَا الْمُجْتَمَعُ الْمُؤْمِنُ قَبْلَ الْكَافِرِ! وَاَنْتَ اَيُّهَا الْغَشَّاشُ الْغَاشُّ! يَامَنْ تَخْلُطُ لَحْمَ الضَّاْنِ اَوْ لَحْمَ الْبَقَرِ الطَّازَجِ بِاللَّحْمِ الْمُسْتَوْرَدِ وَتَبِيعُهُ عَلَى اَنَّهُ لَحْمٌ طَازَجٌ! اَتَدْرِي مَاهِيَ عُقُوبَةُ مُحَمَّدٍ لَكَ[مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا(فَاَنْتَ اِذاً غَشَشْتَ النَّاسَ وَبِغِشِّكَ هَذَا، فَاِنَّكَ تَخْرُجُ عَنْ جَمَاعَةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، فَكَيْفَ سَتَنْتَصِرُونَ عَلَى الظَّالِمِينَ الطُّغَاةِ بَعْدَ كُلِّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ اِضَاعَةِ الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالتَّعَامُلِ بِالرِّبَا، وَقَطِيعَةِ الْاَرْحَامِ، وَالْغِشِّ، وَالرَّشْوَةِ، وَالِاحْتِكَارِ، وَالسَّرِقَةِ، وَاَكْلِ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ اُحِلَّتْ لَهُمْ(فَاَصْبَحُوا لَايَسْتَطِيعُونَ اَنْ يَاْكُلُوا وَلَوْ قِطْعَةً صَغِيرَةً مِنَ الْحَلْوَى وَلَوْ رَغِيفاً مِنَ الْخُبْزِ اِلَّا بِحَذَرٍ شَدِيدٍ جِدّاً مِنِ ارْتِفَاعِ اَوِ انْخِفَاضِ السُّكَّرِ اَوِ الضَّغْطِ اَوْ الشُّحُومِ الثُّلاثِيَّةِ {وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللِه كَثِيراً! وَاَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ! وَاَكْلِهِمْ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ! وَاَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً اَلِيمَا( فَاتْرُكِ الْغِشَّ يَااَخِي اِذاً، وَاتْرُكْ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ جَمِيعاً قَبْلَ اَنْ تُكَبِّرَ اللهَ وَتُلَبِّيَهُ تَلْبِيَةَ الْمُنَافِقِينَ وَتُبْ اِلَى الله، نَعَمْ تُبْ اِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قَبْلَ اَنْ يَسْتَمِرَّ هَذَا الْمُسَلْسَلُ الدَّمَوِيُّ الَّذِي نُعَانِي مِنْهُ كَثِيراً، وَاعْلَمُوا اَيُّهَا النَّاسُ جَمِيعاً مُسْلِمِينَ وَغَيْرَ مُسْلِمِينَ: اَنَّهُ كُلَّمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ رَخِيصاً عِنْدَكُمْ بِمَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَاَوَامِرَ وَنَوَاهِي وَتَكَالِيفَ وَاَمْرٍ بِاتِّبَاعِ الرَّسُولِ وَالْعَمَلِ بِسُنَّتِهِ! كَانَتْ دِمَاؤُكُمْ اَرْخَصَ عِنْدَ اللهِ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ الْمَلَائِكَةِ{اَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ(مِنْ هَؤُلَاءِ النَّاسِ الَّذِينَ جَعَلُوكَ يَارَبِّ رَخِيصاً عِنْدَهُمْ وَجَعَلُوا كَلَامَكَ اَرْخَصَ{وَنَبَذُوهُ وَرَاءَهُمْ ظِهْرِيّاً{وَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ{وَاتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورَا(وَاَنْتَ يَارَبُّ الْعَزِيزُ الْغَالِي عَلَى قُلُوبِنَا نَحْنُ مَعَاشِرَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ{نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ، قَالَ اِنِّي اَعْلَمُ مَالَاتَعْلَمُون(نَعَمْ: اَعْلَمُ اَنَّ مِنْ بَيْنِ هَؤُلَاءِ النَّاسِ مَنْ اَنَا عَزِيزٌ غَالٍ عَلَى قَلْبِهِ اَشَدَّ مِنْ غَلَاوَتِي عَلَى قُلُوبِكُمْ اِلَى دَرَجَةِ اَنَّهُ سَيَجْعَلُ مِنْ عِظَامِهِ وَلَحْمِهِ وَدِمَائِهِ فِدَاءً وَسِلْعَةً رَخِيصَةً مِنْ اَجْلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي وَاِعْلَاءً لِكَلِمَاتِي، فَطُوبَى لِمَنْ جَاهَدَ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَزَوْجِهِ وَوَلَدِهِ وَاَرْحَامِهِ مِنْ اَجْلِي، وَلَكِنِّي بِالْمُقَابِلِ: اَعْلَمُ اَنَّ هُنَاكَ مِنْ عَبِيدِي مَنْ يَجْعَلُ دَمَهُ وَدَمَ عَبْدِي وَرَسُولِي عِيسَى! بَلْ وَدِمَاءَ الرُّسُلِ وَالنَّاسِ جَمِيعاً رَخِيصاً فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ وَعَمَلِهِ مِنَ الْخَمْرِ! بَلْ يَجْعَلُ مِنْ لَحْمِهِ خُبْزاً رَخِيصاً اَيْضاً لَايَكْفِي لِحَيَاةِ الْاِنْسَانِ! وَمَا بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الْاِنْسَانُ! فَكَيْفَ تَتَّخِذُونَ مِنْ عِيسَى اِلَهاً مَعْبُوداً لَايَكْفِي جَسَدُهُ وَلَادَمُهُ لِحَيَاةِ الْاِنْسَانِ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ! وَكَيْفَ يَسْتَطِيعُ عِيسَى اَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى وَيَبْعَثُهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ بِغَيْرِ اِذْنٍ مِنَ اللهِ اِذَا كَانَ لَحْمُهُ وَدَمُهُ لَايَكْفِي لِحَيَاةِ اِنْسَان! نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة:{وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَاْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ! فَكَفَرَتْ بِاَنْعُمِ اللهِ! فَاَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُون(نَعَمْ اَخِي: قَرْيَة! مَدِينَة! بَلَدْ! رِزْقُهَا يَاْتِيهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ! رِزْقاً وَاسِعاً! فَكَفَرَتْ بِاَنْعُمِ اللهِ! فَكَيْفَ كَفَرَتْ بِاَنْعُمِ الله؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: سَخَّرَتْ نِعَمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا يُغْضِبُ الله! نَعَمْ اَخِي: هَكَذَا سَخَّرَتِ النِّعَم! وَهَذَا نَوْعٌ مِنَ الْكُفْرِ بِالنِّعَمِ {فَذَاقَتْ وَبَالَ اَمْرِهَا! وَكَانَ عَاقِبَةُ اَمْرِهَا خُسْراً( وَبَدَّلَ اللهُ شِبَعَهَا اِلَى جُوعٍ! وَاَمْنَهَا اِلَى خَوْفٍ! نَعَمْ اَخِي: اَلنَّاسُ جَمِيعاً الْيَوْمَ خَائِفُون، اَلضُّعَفَاءُ، وَالْاَقْوِيَاءُ، وَالْفُقَرَاءُ، وَالْاَغْنِيَاء، اَلْكُلُّ خَائِف، وَالْخَوْفُ جُنْدِيٌّ مِنْ جُنُودِ الله! نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: بَعْضُ النَّاسِ يُحَاسِبُ اللهَ بِقَوْلِهِ: لِمَاذَا يَارَبَّنَا لَاتَرْفَعُ عَنَّا الْبَلَاءَ! وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ: هَلْ رَفَعْتُمْ اَنْتُمْ عَنْ اَنْفُسِكُمُ الْمَعَاصِي؟ هَلْ رَفَعْتُمْ مِنْ قُلُوبِكُمْ وَخَلَعْتُمْ مِنْهَا الْغِلَّ؟ وَالْحِقْدَ؟ وَالضَّغِينَةَ؟ وَالْحَسَدَ؟ وَالْمَكْرَ؟ وَالِاتِّهَامَاتِ الْبَاطِلَةَ؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَحِقُّ لَكُمْ اَنْ تَقُولُوا يَارَبَّنَا لِمَاذَا تَفْعَلُ بِنَا كَذَلِكَ؟ نَعَمْ اَخِي: اِنَّهَا الْمَعَاصِي الَّتِي اسْتَمْرَاَهَا النَّاسُ وَاسْتَسَاغُوهَا وَاُعْجِبُوا بِهَا! وَانْظُرْ اَخِي اِلَى هَذِهِ السَّهَرَاتِ اِلَى آَخِرِ اللَّيْلِ! وَاِنِّي وَاثِقَةٌ مَعَ الْاَسَفِ: اَنَّ كَثِيراً مِنَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ: لَوْ فَتَّشْتَهُمْ اَخِي، لَوَجَدْتَّ عِنْدَهُمُ السَّجَائِرَ، وَلَوَجَدْتَّهُمْ فِي اللَّيْلِ يَسْهَرُونَ اِلَى آَخِرِ اللَّيْلِ لِمَاذَا؟ هَلْ{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ( عَلَى زَوْجَاتِهِمْ وَاَوْلَادِهِمْ وَاَرْحَامِهِمُ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ؟ اَمْ اَنَّهُمْ يُحْرِقُونَ اَمْوَالَهُمْ وَيُحْرِقُونَ صِحَّتَهُمْ وَعَافِيَتَهُمْ بِهَذَا الدُّخَانِ، وَبِهَذَا الْمُعَسَّلِ الَّذِي يَفْتِكُ بِالصِّحَّةِ وَيُحْرِقُهَا وَيُبِيدُهَا عَنْ بَكْرَةِ اَبِيهَا: بِرِئَتَيْهَا، وَقَلْبِهَا، وَمَعِدَتِهَا، وَاَمْعَائِهَا، بَلْ كُلِّ عُضْوٍ مِنْ جَسَدِهَا! فَاَيْنَ التَّوْبَةُ اِلَى الله؟ اَيْنَ الِانْخِلَاعُ عَنْ حُبِّ الدُّنْيَا وَعَنْ زَخْرَفَتِهَا وَعَنْ زِينَتِهَا وَعَنْ مَتَاعِهَا الْحَرَامِ؟ وَلَااَقُولُ الْحَلَالَ؟ لِاَنَّ الْحَلَالَ لَهُ شَاْنٌ آَخَرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي اَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ! قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَة(لَكِنْ مِنْ دُونِ اِسْرَافٍ وَلَاتَبْذِيرٍ مُحَرَّمٍ لَا فِي الْحَلَالِ وَلَا فِي الْحَرَامِ اَيْضاً، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ نَمُرُّ بِهَذِهِ الظُّرُوفِ الْعَصِيبَةِ الَّتِي تُدْمِي الْقَلْبَ قَبْلَ اَنْ تَجْعَلَ الْاَعْيُنَ تَدْمَع، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: كَمْ يَذْهَبُ مِنَ الْبُرَءَاء! كَمْ يَذْهَبُ مِنَ الْبَرِيئِينَ! وَفِيَ كُلِّ يَوْمٍ يُقْتَلُونَ! وَمَعَ ذَلِكَ: فَاِنَّ النَّاسَ جَمِيعاً اِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبِّي يَبْخَلُونَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْاَبْرِيَاءِ كَمَا يَبْخَلُونَ عَلَى اَنْفُسِهِمْ اَيْضاً اَنْ يَضْرِبَ اللهُ بِهِمْ جَمِيعاً الْمَثَلَ فِي الْاِيمَانِ كَمَا ضَرَبَهُ قَدِيماً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا امْرَاَةَ فِرْعَوْنَ(حِينَمَا صَلَبَهَا فِرْعَوْنُ عَلَى صَلِيبِ الْجُذُوعِ مِنَ النَّخْلِ، وَقَبْلَ اَنْ تَخْرُجَ رُوحُهَا الطَّاهِرَةُ، وَقَبْلَ اَنْ تَلْفِظَ اَنْفَاسَهَا الْاَخِيرَةَ قَالَتْ{رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ(وَاخْتَارَتِ الْجَارَ وَهُوَ رَبُّهَا سُبْحَانَهُ قَبْلَ اَنْ تَخْتَارَ دَارَهُ وَمَا عِنْدَهُ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ سُبْحَانَهُ فِي قَوْلِهَا{وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ، وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين(نَعَمْ: هَؤُلَاءِ الْاَبْرِيَاءُ وَعَلَى رَاْسِهِمُ امْرَاَةُ فِرْعَوْنَ الْبَرِيئَةُ الطَّاهِرَةُ، لَايَسْتَحِقُّ هَؤُلَاءِ الظَّالِمُونَ الْاَوْغَادُ اَنْ يَعِيشُوا مَعَهُمْ عَلَى وَجْهِ هَذِهِ الْمَعْمُورَةِ، وَلِذَلِكَ يَضُمُّهُمُ اللهُ اِلَيْهِ؟ لِاَنَّ الْجَنَّةَ تَشْتَاقُ اِلَيْهِمْ كَمَا تَشْتَاقُ اِلَى عَمَّارَ وَبِلَالَ وَصُهَيْبَ وَاِلَى آَلِ رَسُولِ اللهِ وَاَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ؟ لِاَنَّ اللَهَ حَرِيصٌ عَلَى عَدَمِ انْقِرَاضِ النَّسْلِ الْبَشَرِيِّ فِي جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْاَرْضُ بَعِيداً عَنْ نَارٍ وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة، وَاَمَّا هَؤُلَاءِ الظَّالِمُونَ: فَاِنَّهُمْ حَرِيصُونَ عَلَى انْقِرَاضِ النَّسْلِ الْبَشَرِيِّ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي هُمْ فِيهِ حَرِيصُونَ عَلَى عَدَمِ انْقِرَاضِ النَّسْلِ الْحَيَوَانِيِّ الْمُتَوَحِّشِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ دُبّاً اَوْ دَيْنَاصُوراً! فَاَيْنَ حُقُوقُ الْاِنْسَانِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ! هَلْ ذَهَبَتْ اَدْرَاجَ الرِّيَاحِ لِتَكُونَ كَبْشَ الْفِدَاءِ لِحُقُوقِ الْحَيَوَانِ الْكَلْبِ الْيَهُودِيِّ وَالصَّلِيبِيِّ الْقَذِر! نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَهَذِهِ التَّفْجِيرَاتُ الَّتِي تَحْدُثُ فِي بِلَادِنَا وَبِلَادِ الْعَالَمِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَتُودِي بِحَيَاةِ الْاَبْرِيَاءِ الَّذِينَ لَايَسْتَحِقُّونَ قَبْلَ غَيْرِهِمْ مِنَ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّون؟؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمُونَ الَّذِينَ يُفَجِّرُونَ وَلَايَرْعَوْنَ حُرْمَةً وَلَا كَرَامَةً وَلَايَرْعَوْنَ اِلّاً و ذِمَّةً وَلَا وَقَاراً! وَلِذَلِكَ يَارَبّ: قُولُوا آَمِينَ اَيُّهَا الْاِخْوَة: يَارَبّ: كُلُّ مَنْ يَقُومُ بِهَذِهِ التَّفْجِيرَات: كُلُّ مَنْ يَقْتُلُ الْبُرَءَاءَ: كُلُّ مَنْ يَهْدُمُ الْبُيُوت: فَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، كُلُّ مَنْ يَنْتَهِكُ الْاَعْرَاض، كُلُّ مَنْ يَسْفِكُ الدِّمَاء، كُلُّ مَنْ يُبِيدُ الْحَجَرَ وَالشَّجَرَ وَالْيَابِسَ وَالْاَخْضَر، فَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ وَخُذْهُ يَارَبِّ اَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ كَائِناً مَنْ كَان، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: كُلُّ هَذِهِ الْاَحْدَاثِ الْاَلِيمَةِ الَّتِي تَجْرِي فِي بِلَادِنَا الْحَبِيبَةِ وَفِي غَيْرِهَا مِنْ بُلْدَانِ الْعَالَمِ، تَدْعُونَا جَمِيعاً اِلَى اَنْ نُرَاجِعَ حِسَابَاتِنَا مَعَ الله، فَيَااَيُّهَا الشَّعْبُ الْعَرَبِيُّ السُّورِيّ: وَيَااَيَّتُهَا الْاُمَّةُ الْاِسْلَامِيَّةُ: لِمَاذَا سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكِ عَدُوَّكِ مُتَجَاهِلاً سُبْحَانَهُ كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ لِقَوْلِهِ{وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلَا(لِمَاذَا الْعَالَمُ يَتَآَمَرُ عَلَيْنَا وَيَتَآَمَرُ عَلَى اِسْلَامِنَا وَيَتَآَمَرُ عَلَى اَوْطَانِنَا؟ لِمَاذَا وَنَحْنُ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ لَنَا الْحَقُّ اَنْ نَسْاَلَ هَذَا السُّؤَالَ وَاَنْ نَعْرِفَ الْحَقِيقَةَ الَّتِي تَخْفَى عَلَى اَذْهَانِ اَكْثَرِ النَّاسِ وَلَكِنَّهَا لَاتَخْفَى عَلَى اللِه اَبَداً؟ فَكَيْفَ يُسَلِّطُ اللُهُ عَلَيْنَا سُبْحَانَهُ الْكَافِرِينَ ثُمَّ يَقُولُ{وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلَا(مَاهَذَا الْعَجَبُ الْعُجَابُ فِي كَلَامِ اللهِ الَّذِي يَحْسَبُهُ الْجَاهِلُ مُتَنَاقِضاً يُنَاقِضُ بَعْضُهُ بَعْضاً؟ وَمَالَنَا الْآَنَ نَرَى اَنَّ هُنَاكَ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَلِغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْكَافِرِينَ سَبِيلاً وَتَسَلُّطاً عَلَى الْمُسْلِمِينَ! بَلْ عَلَى رِقَابِهِمْ اَيْضاً! بَلْ عَلَى اَطْفَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَشُيُوخِهِمْ وَضُعَفَائِهِمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْاَبْرِيَاءِ الَّذِينَ لَاحَوْلَ لَهُمْ وَلَاقُوَّة! وَهَلْ وَعْدُ اللهِ لَنَا بِالنَّصْرِ فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْقُرْآَنِ وَآَيَاتٍ كَثِيرَةٍ هُوَ كَفَقَاقِيعِ الصَّابُونِ الَّتِي تَتَلَاشَى وَتَخْتَفِي بَعْدَ ثَوَانِي مِنْ نَفْخِهَا مِنْ فَمِ الْاَطْفَالِ الَّذِينَ يَلْعَبُونَ بِهَا! نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اِنَّهَا تَسَاؤُلَاتٌ كَثِيرَةٌ لَابُدَّ اَنْ نُجِيبَ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَةِ وَلَوْ بِاخْتِصَار، وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ اَيُّهَا الْاِخْوَة: هَلْ نَتَّهِمُ اللهَ اَمْ نَتَّهِمُ اَنْفُسَنَا؟ هَلْ مِنَ الْعَدْلِ اَنْ نَتَّهِمَ اللهَ بِاَنَّهُ تَخَلَّى عَنَّا قَبْلَ اَنْ نَتَّهِمَ اَنْفُسَنَا اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ بَلْ لَابُدَّ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ قَبْلَ اَنْ نَتَّهِمَ اللهَ اَنْ نَتَّهِمَ اَنْفُسَنَا اَوّلاً! فَنَحْنُ هَلْ لَبَّيْنَا نِدَاءَ اللهِ فِي قَوْلِهِ{اُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ اِذَا دَعَانِ(لَكِنْ بِشَرْط{فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي(وَهَذَا الشَّرْطُ فِي الْقُرْآَنِ، وَاَمَّا فِي السُّنَّةِ: فَهُوَ اَنْ يَكُونَ الَّذِي يُرِيدُ اَنْ تَكُونَ دَعْوَتُهُ مُسْتَجَابَةً: مَطْعَمُهُ غَيْرَ حَرَامٍ: وَمَشْرَبُهُ غَيْرَ حَرَامٍ: وَغِذَاؤُهُ غَيْرَ حَرَامٍ: اِلَى آَخِرِ مَاهُنَالِكَ مِنْ شُرُوطٍ؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَسْتَجِيبَ اللهُ دُعَاءَنَا، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: لَكِنْ هُنَاكَ سُؤَالٌ مُهِمٌّ جِدّاً جِدّاً جِدّاً اُرِيدُ اَنْ اَسْاَلَ ضَمَائِرَكُمْ فِيهِ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ وَاُرِيدُكُمْ اَنْ تَصْحُوا مَعِي مِنْ غَفْلَتِكُمْ؟ لِتَعْرِفُوا الْحَقِيقَةَ كَامِلَةً! وَهُوَ التَّالِي: وَاَقُولُ لَكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: اَنَّنَا حَتَّى وَلَوْ لَبَّيْنَا نِدَاءَ اللهِ، فَهَلْ نَحْنُ مُحْصَنُونَ وَمَعْصُومُونَ وَمُعَافَوْنَ وَمَحْمِيُّونَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ، وَالْجُوعِ، وَنَقْصٍ مِنَ الْاَمْوَالِ، وَالْاَنْفُسِ، وَالثَّمَرَاتِ، وَبَشِّرِ الصَّابِرِين{ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ(قَبْلَ{الْخَيْرِ فِتْنَة{اَحَسِبَ النَّاسُ اَنْ يُتْرَكُوا اَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَايُفْتَنُون( اِيَّاكُمْ اَنْ تَقُولُوا لِي اَيُّهَا الْاِخْوَةُ{اِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(مِنْ دُونِ صَلَاتِهِمْ( لِاَنَّ هَؤُلَاءِ يَصْبِرُونَ صَبْرَ الشَّيَاطِين( اِيَّاكُمْ اَنْ تَقُولُوا {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ(مِنْ دُونِ اَنْ يُصَلِّيَ هَؤُلَاءِ الصَّابِرُون لِمَاذَا؟ لِاَنَّنِي فَوْراً سَاَحْتَجُّ عَلَيْكُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ اِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِين(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَكُلُّ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي اَقُولُهُ مَصْدَرُهُ الْقُرْآَن، وَوَاللهِ الَّذِي لَا اِلَهَ اِلَّا هُوَ لَمْ اَجْلِبْ مِنْهُ شَيْئاً مِنْ بَيْتِ اَبِي، وَمَعَ ذَلِكَ اَقُولُ لَكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: اَبْشِرُوا! فَاِنَّ الشَّرَّ اِذَا جَاءَ مِنَ اللهِ! فَاِنَّهُ وَاللهِ الَّذِي لَا اِلَهَ هُوَ لَا يَجِيءُ اِلَّا بِالْخَيْرِ! وَوَاللهِ الَّذِي لَا اِلَهَ هُوَ مَازَالَ اللهُ يُحِبُّنَا! كَيْفَ ذَلِك! وَاَقُولُ لَكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: كُلَّمَا كَانَتْ عُقُوبَةُ اللهِ الشَّدِيدِ الْعِقَابِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ شَدِيدَةً عَلَيْنَا، كَانَ ذَلِكَ دَلِيلاً عَلَى اَنَّ اللهَ يُحِبُّنَا حُبّاً شَدِيداً! بَلْ هُوَ حُبٌّ اَشَدُّ مِنْ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ الشَّدِيدَةِ الَّتِي يُسَلِّطُهَا عَلَيْنَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ سُبْحَانَهُ اَيُّهَا الْاِخْوَة: يُرِيدُ مِنْكُمْ اَنْ تَعُودُوا اِلَى اَحْضَانِهِ الْاِلَهِيَّةِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَاَنْ يَنْتَزِعَكُمْ مِنْ اَحْضَانِ الشَّيَاطِينِ مَهْمَا كَانَ الثَّمَن، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَاَضْرِبُ لَكُمْ مَثَلاً: وَلِلِه الْمَثَلُ الْاَعْلَى لَوْ دَخَلْتَ اَخِي اِلَى بَيْتِكَ، وَاَنْعَمَ اللهُ عَلَيْكَ بِحَدِيقَةٍ اَوْ جُنَيْنَةٍ قَرِيبَةٍ اَوْ مُلَاصِقَةٍ لِبَيْتِكَ، ثُمَّ رَاَيْتَ وَلَدَكَ مَعَ ابْنِ الْجِيرَانِ وَمَعَ اِنْسَانٍ غَرِيبٍ عَنْكَ لَاتَعْرِفُهُ يَلْعَبُونَ بِالْقُمَارِ! وَيُدَخِّنُونَ! وَيَفْعَلُونَ اَشْيَاءَ رُبَّمَا لَاتُرْضِيكَ! فَحِينَمَا تَدْخُلُ اِلَى دَارِكَ وَتَتَفَاجَاُ بِذَلِكَ! فَعَلَى مَنْ تَغْضَبُ اَكْثَرَ؟ وَمَنْ تُعَاقِبُ اَكْثَرَ؟ نَعَمْ اَخِي: سَتَغْضَبُ عَلَى وَلَدِكَ اَكْثَرَ مِنْ غَضَبِكَ عَلَى ابْنِ الْجِيرَانِ، وَرُبَّمَا تَصْفَعُهُ صَفْعَةً قَوِيَّةً؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَسْتَفِيقَ؟ اَوْ يُفِيقَ مِنْ غَفْلَتِهِ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا ابْنُ الْجِيرَانِ: فَاِنَّكَ رُبَّمَا تُكَلِّمُهُ كَلِمَةً فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الشِّدَّةِ، وَاَمَّا الْغَرِيبُ: فَاِنَّكَ لَاتُبَالِي بِهِ اِلَّا اِذَا اَرَدْتَّ نُصْحَهُ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ حِينَمَا يُعَاقِبُنَا اللهُ بِهَذِهِ الصَّفَعَاتِ الْقَوِيَّةِ الْمُتَلَاحِقَةِ، فَاِنَّهُ يَقُولُ لَنَا: اِسْتَفِيقُوا اَوْ اَفِيقُوا مِنْ غَفْلَتِكُمْ! اِسْتَفِيقُوا مِنْ رَقْدَتِكُمْ! اِسْتَفِيقُوا مِنْ سُبَاتِكُمْ! فَاَنَا قَادِرٌ عَلَى اَنْ اَجْعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا! وَقَادِرٌ عَلَى اَنْ اُدَمِّرَ الْمُتْرَفِينَ!{وَاِذَا اَرَدْنَا اَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً اَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا! فَفَسَقُوا فِيهَا! فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ! فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرَا(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: عَلَيْكُمْ اَنْ تَسْتَفِيقُوا مِنْ غَفْلَتِكُمْ بِسُرْعَةٍ وَقَبْلَ فَوَاتِ الْاَوَانِ، آَخِذِينَ بِعَيْنِ الِاعْتِبَارِ وَالْجِدِّيَّةِ قَوْلَهُ تَعَالَى{وَسَارِعُوا اِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْاَرْضُ اُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اَللُهُ تَعَالَى حِينَمَا يُعَاقِبُنَا وَيُعَاقِبُكُمْ بِهَذِهِ الْقَسْوَةِ الشَّدِيدَةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ اِلَى هَزَّةٍ قَوِيَّةٍ قَاسِيَةٍ جِدّاً تَجْعَلُكُمْ تَسْتَفِيقُونَ(يُوقِظُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً( وَتُفِيقُونَ مِنْ سَكْرَتِكُمْ وَاِدْمَانِكُمْ عَلَى عَمَلِ الشَّيْطَانِ الَّذِي يَلْعَبُ بِكُمْ وَيَجْعَلُكُمْ كَالْمَجَانِينَ بِحُبِّهِ وَحُبِّ عِبَادَتِهِ وَعَمَلِهِ الْخَبِيثِ وَقَدْ كَانَ كَيْدُهُ عَلَيْكُمْ ضَعِيفاً مُنْذُ الْبِدَايَةِ اِلَى اَنْ جَعَلْتُمْ اَنْتُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ مِنْ كَيْدِهِ كَيْداً قَوِيّاً جِدّاً بِمَا تُسَاعِدُونَهُ عَلَى الْكَيْدِ لَكُمْ مِنْ اَنْفُسِكُمُ الْاَمَّارَةِ بِسُوءِ الْهَوَى لَكُمْ وَلِغَيْرِكُمْ؟ بِسَبَبِ اِدْمَانِكُمْ عَلَى عَمَلِهِ وَعِبَادَتِهِ وَحُبِّهِ الَّذِي كَانَ شَرَاباً مُنْعِشاً وَمُسْكِراً لِقُلُوبِكُمْ وَلَايَنْفَكُّ عَنْكُمْ بِهَذِهِ السُّهُولَةِ وَالْبَسَاطَةِ اِلَّا بِهَذِهِ الْهَزَّةِ الرَّبَّانِيَّةِ الشَّدِيدَةِ الْقَاسِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ الْمُتَلَاحِقَةِ؟ لِتَتَّخِذُوا مِنْ شَيَاطِينِ الْاِنْسِ وَالْجِنِّ اَعْدَاءً لَكُمْ؟ وَلِتَتَمَكَّنَ عَدَاوَتُهُمْ جَيِّداً فِي قُلُوبِكُمْ؟ وَلِتَتَسَامَحُوا مَعَ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّسَامُحَ مِنْ عَدُوِّكُمْ؟ وَلِتَنْبُذُوا تَسَامُحَكُمْ عَلَى مَنْ لَايَسْتَحِقُّهُ مِنْهُمْ عَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّ الشَّيْطَانَ(الْاِنْسِيَّ وَالْجِنِّيَّ{لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً، اِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ؟ لِيَكُونُوا مِنْ اَصْحَابِ السَّعِير( وَلِذَلِكَ كَانَ لَابُدَّ لَهُ سُبْحَانَهُ اَنْ يُجَازِفَ بِحَيَاةِ هَؤُلَاءِ الْاَبْرِيَاءِ؟ مِنْ اَجْلِ اَلَّا تَاْتِيَ نَارُ الْجَحِيمِ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ عَلَى الْاَخْضَرِ وَالْيَابِسِ مِنْهُمْ وَمِنْكُمْ وَمِنْ اِيمَانِكُمْ وَدِينِكُمْ وَتَقْوَاكُمْ وَاِنْسِكُمْ وَجِنِّكُمْ وَاِيمَانِهِمْ اَيْضاً، نَعَمْ: نَحْنُ لَانُنْكِرُ اَنَّ اللهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى اَنْ يَاْتِيَ بِالْآَيَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ الْهَائِلَةِ الَّتِي تَجْعَلُ هَؤُلَاءِ الظَّالِمِينَ اَثَراً بَعْدَ عَيْنٍ فِي لَمْحِ الْبَصَرِ بَلْ بِكَلِمَةِ كُنْ فَيَكوُنُونَ هَبَاءً مَنْثُوراً اِلَى الْجَحِيمِ، وَلَكِنْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: هَلْ تُرِيدُونَ اَنْ يَظَلَّ سُبْحَانَهُ اِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ عُرْضَةً لِلسُّخْرِيَةِ وَالِاسْتِهْزَاءِ وَالتَّكْذِيبِ مِنْ هَؤُلَاءِ الظَّالِمِينَ الْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ{اِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَايُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْاَلِيم{وَاِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ اِعْرَاضُهُمْ: فَاِنِ اسْتَطَعْتَ اَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْاَرْضِ اَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَاْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ، وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَاتَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِين{وَمَامَنَعَنَا اَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ(الْمُعْجِزَاتِ{اِلَّا اَنْ كَذَّبَ بِهَا الْاَوَّلُون(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: فَاِذَا كُنْتُمْ لَاتَرْضَوْنَ اَنْ يَبْقَى سُبْحَانَهُ اِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ عُرْضَةً لِلسُّخْرِيَةِ وَالِاسْتِهْزَاءِ وَالتَّكْذِيبِ مِنْ هَؤُلَاءِ، فَعَلَيْكُمْ اَنْ تُدَافِعُوا عَنْ جَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ وَقُدْسِيَّتِهِ وَجَنَابِهِ الشَّرِيفِ الطَّاهِرِ بِالْغَالِي وَالرَّخِيصِ مِمَّا تَمْلِكُونَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْاَبْرِيَاءِ الضُّعَفَاءِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ اَجْدَادُكُمُ الضُّعَفَاءُ مِمَّنْ قَامَتْ هَذِهِ الدَّوْلَةُ الْاِسْلَامِيَّةُ عَلَى اَكْتَافِهِمْ قَدِيماً كَبِلَالٍ وَعَمَّارَ وَصُهَيْبٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ صَحَابَةِ رَسُولِ الله، وَكَمَا كَانَ يَفْعَلُ النَّصَارَى الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْمَسِيحِ حَقَّ الْاِيمَانِ حِينَمَا رَضُوا وَفَضَّلُوا اَنْ يُلْقُوا بِاَنْفُسِهِمْ فِي نَارِ الْجَحِيمِ فِي اُخْدُودٍ مُحْرِقٍ حَفَرَهُ لَهُمُ الظَّالِمُونَ عَلَى اَنْ يَتْرُكُوا دِينَ الْمَسِيحِ الْحَقَّ الَّذِي يَاْمُرُهُمْ بِلَا اِلَهَ اِلَّا اللهُ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ آَخَرَ يَاْتِي مِنْ بَعْدِهِ اسْمُهُ اَحْمَدُ وَهُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اَللهُ تَعَالَى لَمْ يَبْخَلْ عَلَيْكُمْ بِنِعَمٍ هَائِلَةٍ لَاتُعَدُّ وَلَاتُحْصَى، وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى{اَوَلَمْ يَرَ الْاِنْسَانُ(الْمُسْلِمُ وَغَيْرُ الْمُسْلِمِ{اَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئَا( وَهُوَ اَيْضاً يَغَارُ عَلَيْكُمْ، فَكَيْفَ تَبْخَلُونَ اَنْتُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ بِذَرَّةٍ مِنَ الْغَيْرَةِ عَلَى شَرَفِ اللهِ وَقُدْسِيَّتِهِ وَجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ وَجَنَابِهِ الشَّرِيفِ وَحُرُمَاتِهِ الَّتِي تُنْتَهَكُ عَلَى مَرْاَى وَمَسْمَعٍ مِنْكُمْ! وَكَيْفَ تَبْخَلُونَ بِدِمَائِكُمْ وَاَمْوَالِكُمْ وَاَنْتُمْ تَعْلَمُونَ جَيِّداً قَوْلَ الشَّاعِرِ: لَايَسْلَمُ الشَّرَفُ الْاِلَهِيُّ الرَّبَّانِيُّ الرَّفِيعُ مِنَ الْاَذَى، حَتَّى يُرَاقَ عَلَى جَوَانِبِهِ الدَّمُ{اِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ(بِسَبِّهِمَا وَشَتْمِهِمَا{لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً عَظِيماً(فِي الدُّنْيَا بِقَتْلِكُمْ لَهُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ اِنْ لَمْ يَتُوبُوا، وَفِي الْآَخِرَةِ بِمَا يَخْلَعُ الْقُلُوبَ مِنَ الْخَوْفِ وَالرُّعْبِ وَالْعَذَابِ الْاَلِيمِ الْمُحْرِق، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اَللهُ تَعَالَى يَقُولُ عَنْ دِمَاءِ الْاُضْحِيَةِ{لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَادِمَاؤُهَا، وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: وَاَمَّا لُحُومُكُمْ! وَاَمَّا دِمَاؤُكُمْ! فَيَنَالُهَا اللهُ؟ لِيُطَيِّبَهَا بِرِيحِ الْمِسْكِ! بَلْ اِنَّ خَلُوفَ اَفْوَاهِكُمْ وَاَنْتُمْ صَائِمُونَ وَهُوَ مَايَصْدُرُ مِنْهَا مِنْ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ! لَهُوَ وَاللهِ اَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ صَحِيح... نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: هَذَا هُوَ الْقُرْآَنُ، فَلِمَاذَا لَانَتَعَامَلُ مَعَ الْقُرْآَن! لِمَاذَا تَصِيرُ بِلَادُنَا بِلَاداً فِيهَا كُلُّ اِرْهَابِيٍّ بِغَيْرِ حَقٍّ يُرِيدُ اَنْ يُنَفِّسَ عَمَّا فِي نَفْسِهِ حَتَّى اَضْحَتِ الشَّامُ وَحَلَبُ وَغَيْرُهَا مِنَ الْمُدُنِ مَرْتَعاً لِهَذِهِ التَّفْجِيرَاتِ، وَلِهَذِهِ الِاعْتِدَاءَاتِ، وَلِهَذَا السَّفْكِ لِلدِّمَاء، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: عَلَيْنَا اَنْ نَعُودَ اِلَى وَضْعِنَا الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ الْاَسَاسُ الَّذِي بَنَاهُ اللهُ لَنَا لِنُشِيدَ عَلَيْهِ، فَبِاللهِ عَلَيْكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة{اَفَمَنْ اَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ اَمَّنْ اَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّم(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اِنَّ الظَّالِمِينَ الْمُتْرَفِينَ لَايُعْجِبُهُمْ هَذَا الْكَلَامُ الَّذِي نَقُولُهُ مِنَ الْاِنْشَاءِ وَالتَّعْبِيرِ الْقُرْآَنِيِّ اَبَداً! وَلَكِنَّهَا حَقِيقَةٌ لَابُدَّ مِنْهَا مَهْمَا تَجَاهَلُوهُا! وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَاِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرينَ(وَاِنَّ الْجَنَّةَ اَيْضاً لَمُحِيطَةٌ بِالتَّائِبِينَ الْمُخْلِصِينَ تَوْبَتَهُمْ لِلهِ مِنْ هَؤُلَاءِ الظَّالِمِينَ الْمُتْرَفِين{فَمَالَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ! كَاَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ! فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ! بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِىءٍ مِنْهُمْ اَنْ يُؤْتَى صُحُفاً مُنَشَّرَةً! كَلَّا بَلْ لَايَخَافُونَ الْآَخِرَةَ! كَلَّا اِنَّهُ تَذْكِرَةٌ! فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ! وَمَا يَذْكُرُونَ اِلَّا اَنْ يَشَاءَ اللهُ، هُوَ اَهْلُ التَّقْوَى وَاَهْلُ الْمَغْفِرَةِ(لِهَؤُلَاءِ الْمُتْرَفِينَ اِنْ عَادُوا اِلَى صَوَابِهِمْ وَرُشْدِهِمْ بِتَوْبَةٍ نَصُوحٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ مَنْ هُوَ اَهْلٌ لِقَبُولِهَا سُبْحَانَهُ حِينَمَا يَقِيهِمْ وَيَحْفَظُهُمْ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَيَغْفِرُ لَهُمْ، نَعَمْ اخي: وَلَيْسَ اَهْلاً لِقَبُولِ التَّوْبَةِ وَالْمَغْفِرَةِ هَؤُلَاءِ الظَّالِمُونَ الْكَاذِبُونَ الْمُفْتَرُونَ مِنْ رِجَالِ الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يُوَزِّعُونَ صُكُوكَ الْغُفْرَانِ بِالْمَجَّانِ اَوْ بِاَكْلِ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اِنَّ كَثِيراً مِنَ الْاَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَاْكُلُونَ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله( نَعَمْ اَيُّهَا الظَّالِمُونَ الْمُتْرَفُونَ: يَامَنْ رَبُّكُمْ وَمَعْبُودُكُمْ مَنْ يَدْفَعُ لَكُمُ الْمَالَ وَلَيْسَ اللهُ: اَلَمْ تَعْلَمُوا اَنَّ الْبُنْيَانَ الَّذِي يُبْنَى عَلَى الْبَاطِلِ لَابُدَّ اَنْ يُهْدَمَ، وَلَااَدْرِي اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: فَاِنَّ الَّذِينَ يَتَعَامَلُونَ بِالرِّبَا! رُبَّمَا يَهْدِمُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْقَرِيبِ اَوِ الْبَعِيدِ مَهْمَا طَالَتِ الْاَيَّامُ، وَاِنَّ الَّذِينَ يَشُذُّونَ شُذُوذاً جِنْسِيّاً! رُبَّمَا يُدَمِّرُ اللهُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ اَيْضاً! نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اَمَا قَرَاْنَا مَاذَا فَعَلَ اللهُ تَعَالَى بِقَوْمِ لُوط! نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَلَوِ اسْتَقْرَاْنَا حَالَ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ! وَاسْتَقْرَاْنَا سَيِّآَتِ الْاَقْوَامِ الَّتِي مَضَتْ! لَوَجَدْنَا كُلَّ هَذِهِ السَّيِّآَتِ فِي اَيَّامِنَا تَنْتَشِرُ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْاِسْلَامِيَّةِ اِلَّا مَارَحِمَ رَبِّي مَعَ الْاَسَف! وَلِذَلِكَ فَاَنْتُمْ اَيُّهَا الشَّبَابُ: هَلْ تُؤَدُّونَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا فِي اَوْقَاتِهَا الْمُحَدَّدَة؟ هَلْ تَمْتَنِعُونَ عَنْ هَذِهِ الْمُنْكَرَات؟ فَاِذَا كُنْتُمْ لَاتَفْعَلُونَ! فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَسْلُكُ طَرِيقاً غَيْرَ طَرِيقِ اللهِ مِنْكُمْ؟
 
نَعَمْ اَيُّهَا الشَّبَاب: اَلْقُرْآَنُ يُجِيبُكُمْ قَائِلاً {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ اَضَاعُوا الصَّلَاةَ! وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَالشَّهَوَاتُ نَوْعَانِ: مِنْهَا شَهَوَاتٌ حَلَالٌ: كَالزَّوَاجِ الْحَلَالِ، وَالطَّعَامِ الْحَلَالِ، وَالتَّنَزُّهِ الْحَلَالِ، وَالسَّكَنِ الْمُرِيحِ الْحَلَال، نَعَمْ اَخِي: وَكُلُّ هَذِهِ هِيَ شَهَوَاتٌ مُبَاحَةٌ، وَاَمَّا الشَّهَوَاتُ الْمُحَرَّمَةُ: فَهِيَ الَّتِي تُودِي بِالْمُجْتَمَعِ اِلَى الْهَلَاكِ، فَيَارَبّ: اِذَا اَضَعْنَا الصَّلَاةَ! وَاتَّبَعْنَا الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةَ! فَمَاذَا سَيَحْدُثُ لَنَا{فَسَوْفَ تَلْقَوْنَ غَيّاً( أَيْ ضَلَالاً عَلَى ضَلَالٍ، وَانْتِقَاماً فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآَخِرَةِ، اَلَا يُوجَدُ الْآَنَ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ! رُبَّمَا اَحَدُهُمْ يَلْعَبُ بِالْقِمَارِ! وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ وَالْمُخَدِّرَاتِ! وَيُدَخِّنُ النَّارْجِيلَةَ وَالْمُعَسَّلَ اِلَى غَيْرِ ذَلِك! نَعَمْ: وَالْمَعَاصِي وَكَبَائِرُ الذُّنُوبِ هِيَ دَائِماً اَيُّهَا الْاِخْوَةُ كَالْاَمْرَاضِ السَّارِيَةِ! فَاِذَا اُصِيبَتْ بِيئَةٌ مِنَ الْبِيئَاتِ بِالْاَمْرَاضِ السَّارِيَةِ، ضَرَبُوا عَلَيْهَا مَايُسَمَّى بِالْحَجْرِ الصِّحِّيِّ لِمَاذَا؟ حَتَّى لَايَخْرُجَ الْمَرِيضُ فَيُلَوِّثَ الْاَصِحَّاءَ، فَمَابَالُكَ اَخِي اِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْاَمْرَاضُ مَعَاصِيَ! وَلِذَلِكَ اَخِي: فَاِنَّ الْجَنَّةَ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ! وَاِنَّ النَّارَ حُفَّتْ بِالشَّهَوَات! نَعَمْ اَخِي: قِيلَ لِلْاِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: مَنِ الَّذِي يَتَّبِعُ الشَّهَوَاتِ! فَقَالَ: مَنْ بَنَى الْمَشِيدَ! وَرَكِبَ الْمَنْظُورَ! وَسَكَنَ وَلَبِسَ الْمَشْهُور! وَنَسِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَظُلْمَةَ الْقُبُور! نَعَمْ اَخِي: فَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ! فَلَاهَمَّ لِاَحَدٍ مِنْهُمْ اِلَّا اَنْ يُشِيدَ الْبُنْيَان! نَعَمْ لَاهَمَّ لَهُ اِلَّا اَنْ يَشِيدَ نَاطِحَاتِ السَّحَابِ! لَاهَمَّ لَهُ اِلَّا اَنْ يَرْكَبَ الْمَرْكَبَ الْمَنْظُورَ! نَعَمْ اَخِي: وَالْمَنْظُورُ هُوَ الْمَرْكُوبُ الْفَخْمُ الرَّفِيعُ كَالسَّيَّارَةِ الْمَرْسِيدِس ِالْفَخْمَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ اَنْوَاعِ السَّيَّارَاتِ الْفَاخِرَةِ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَنْظُرَ النَّاسُ اِلَيْهِ وَيَقُولُونَ: مَااَسْعَدَهُ! مَااَحْسَنَهُ! مَااَجْمَلَهُ! وَرُبَّمَا يَكُونُ فِي مِيزَانِ اللهِ عِنْدَ اللهِ: مَااَشْقَاهُ! وَمَااَتْعَسَهُ! وَمَااَخْبَثَهُ!وَمَااَقْبَحَهُ! ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ مَاذَا يَفْعَلُ هَذَا الْخَبِيث؟ اِنَّهُ يَلْبَسُ الْمَشْهُورَ! يُتْقِنُ ثِيَابَهُ اِتْقَاناً تَامّاً! وَلَكِنْ لَايُتْقِنُ دِينَهُ! نَعَمْ اَخِي: اَلْاَنَاقَةُ مَطْلُوبَةٌ، وَلَكِنَّ الْاَنَاقَةَ الْمُحَرَّمَةَ غَيْرَ الْمَشْرُوعَةِ هِيَ اَنَاقَةُ الظَّاهِرِ مُتَجَاهِلاً اَنَاقَةَ بَاطِنِهِ، فَهَذَا هُوَ الْبَلَاءُ الْعَظِيمُ الَّذِي تُبْتَلَى بِهِ الْمُجْتَمَعَاتُ! ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا الْاِنْسَانُ الْمُتْرَفُ يَنْسَى! نَعَمْ يَنْسَى ظُلْمَةَ الْقَبْرِ! نَعَمْ يَنْسَى وُقُوفَهُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى! وَيَنْسَى قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام [تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَم، تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَار، تَعِسَ عَبْدُ الْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَة، تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَاِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ( نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ الْكِرَام: لَقَدْ اُصِيبَتِ الشَّامُ بِهَذِهِ الْمُصِيبَةِ النَّكْرَاءِ الَّتِي قَطَّعَتْ اَوْصَالَهاَ، وَالَّتِي اَدَّتْ اِلَى وُقُوعِ هَؤُلَاءِ الْقَتْلَى وَالْجَرْحَى، وَااَسَفَاهُ عَلَى الشَّامِ، لَقَدْ حَوَّلُوهَا مِنْ اَمْنٍ اِلَى خَوْفٍ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَكَاَنِّي بِاَحْمَدَ شَوْقِي رَحِمَهُ اللهُ يَقُولُ عَنِ الشَّامِ:سَلِي مَنْ رَاعَ غِيدَكِ بَعْدَ وَهْنٍ، اَبَيْنَ فُؤَادِهِ وَالصَّخْرِ فَرْقُ، وَلِلْمُسْتَعْمِرِينَ وَاِنْ اَلَانُوا، قُلُوبٌ كَالْحَجَارَةِ لَاتَرِقُّ، اِذَا مَاجَاءَهُمْ طُلَّابُ حَقٍّ(مِنَ الثَّوْرَةِ السُّورِيَّةِ الطَّاهِرَةِ الْمُبَارَكَةِ الْمَجِيدَة( قَالُوا(أَيْ قَالَ هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمُونَ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ يُكَافِحُونَ الْاِرْهَاب (عِصَابَةٌ(وَمَجْمُوعَاتٌ اِرْهَابِيَّةٌ مُسَلَّحَةٌ( خَرَجُوا وَشَقُّوا(أَيْ شَقُّوا عَصَا الطَّاعَةِ عَلَى النِّظَامِ الْاِرْهَابِيِّ الْاَسَدِيِّ الْاِيرَانِيِّ الْمُجْرِمِ لَعْنَةُ اللهِ عَلَيْهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ اَجْمَعِينَ وَعَلَى الْمُوَالِينَ لَهُ اَيْضاً،نَعَمْ يَابَشَّار! نَعَمْ اَيُّهَا الزُّعَمَاءُ فِي جَمِيعِ اَنْحَاءِ الْعَالَم! لِمَاذا تَظْلِمُونَ شُعُوبَكُمْ! هَلْ لِاَنَّهُمْ شَقُّوا عَصَا الطَّاعَةِ عَلَيْكُمْ! يَااَخِي وَاللهِ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ! وَلْنَفْرِضْ اَنَّهُمْ شَيَاطِين! ثُمَّ تَجَرَّؤُوا بِكُلِّ وَقَاحَةٍ عَلَى اَنْ يَشُقُّوا عَصَا الطَّاعَةِ عَلَى الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْمُنْتَقِمِ الْجَبَّارِ شَدِيدِ الْعِقَابِ وَرَفَضُوا السُّجُودَ لِآَدَمَ! فَمَاذَا فَعَلَ الْمُنْتَقِمُ الْجَبَّارُ شَدِيدُ الْعِقَابِ حِينَمَا رَفَضَ اِبْلِيسُ السُّجُودَ لِمَنْ خَلَقَهُ بِيَدَيْهِ وَاَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَتَمَرَّدَ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ{شَيْطَاناً مَرِيداً(أَيْ مُتَمَرِّداً عَلَى اللهِ{ لَعَنَهُ الله( وَمَعَ ذَلِكَ اَيُّهَا الْاِخْوَة: هَلْ رَمَاهُ اللهُ بِالْبَرَامِيلِ الْمُتَفَجِّرَةِ؟ هَلْ قَمَعَ تَمَرُّدَهُ عَلَيْهِ بِوَحْشِيَّةٍ لَامَثِيلَ لَهَا كَمَا تَقْمَعُونَ اَنْتُمْ بِهَذِهِ الْوَحْشِيَّةِ الْهَائِلَةِ هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاءِ الَّذِينَ يَتَمَرَّدُون عَلَى ظُلْمِكُمْ لَهُمْ وَتَجْوِيعِكُمْ لَهُمْ؟ اَمْ اَعْطَاهُ الْحَيَاةَ الْاَبَدِيَّةَ الْآَمِنَةَ الْمُطْمَئِنَّةَ اِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ؟ لِيُعِيدَ حِسَابَاتِهِ مَعَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؟ عَسَى وَلَعَلَّ اَنْ يَرْعَوِيَ عَنْ غَيِّهِ وَضَلَالِهِ وَيَتُوبَ اِلَى الله{قَالَ رَبِّ اَنْظِرْنِي(اَمْهِلْنِي{اِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ فَاِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ، اِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُوم( يَااَخِي: وَاللهِ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ! اَلَيْسَ فِيكُمْ ضَمِيرٌ يَصْحُو! هَلْ تُرِيدُونَ اَنْ تَخْنُقُوا هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاءَ مِنَ الْجُوعِ وَالْمَرَضِ وَالْقَصْفِ وَالتَّدْمِيرِ دُونَ اَنْ يَصْرُخُوا مِنَ الْاَلَمِ رَافِعِينَ اَصْوَاتَهُمْ بِتَمْرُّدِهِمْ عَلَيْكُمْ! نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: ثُمَّ يَقُولُ الشَّاعِرُ اَحْمَدُ شَوْقِي: جَزَاكُمْ ذُو الْجَلَالِ بَنِي دِمَشْقٍ وَعِزُّ الشَّرْقِ اَوَّلُهُ دِمَشْقُ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: سَتَعُودُ الْعِزَّةُ اِلَى دِمَشْقَ، وَاِلَى طَرْطُوسَ، وَاِلَى الشَّامِ، وَاِلَى حِمْصَ، وَاِلَى حَمَاةَ، وَاِلَى دَرْعَا، وَاِلَى حَلَبَ، وَاِلَى اِدْلِبَ، وَاِلَى اللَّاذِقِيَّةِ، وَاِلَى دِيرِ الزُّورَ، وَاِلَى كُلِّ مَدِينَةٍ مِنْ مُدُنِنَا الْعَرَبِيَّةِ السُّورِيَّةِ، لِنَعِيشَ جَمِيعاً فِي وَطَنٍ آَمِنٍ مُطْمَئِنٍّ، فَيَارَبّ، فَيَارَبّ، فَيَارَبّ، هَذَا نَدِاؤُنَا، هَذَا نِدَاؤُنَا اِلَيْكَ يَارَبّ، وَكَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ اِلَيْكَ دَوْماً يَارَبّ، فَلَاتُعَامِلْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا، اَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَاَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ... حَمْداً لِلهِ، وَصَلَاةً وَسَلَاماً عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُ وَوَالَاهُمْ اِلَى يَوْمِ الدِّينِ: كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ اَيَّهَا الْاِخْوَةُ: اِلَى اَنْ نَفْهَمَ دِينَنَا فَهْمَ حَقٍّ، وَاَنْ نَاْخُذَ بِالْاَسْبَابِ؟ لِاَنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ نَتِيجَتَهُ، وَلَايُمْكِنُ اَنْ تَكُونَ نَتِيجَةٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ اِلَّا عِنْدَ اللِه بِكَلِمَةِ كُنْ فَيَكُونُ بَلْ بِمُجَرَّدِ اِرَادَتِهِ سُبْحَانَهُ وَدُونَ حَاجَتِهِ اِلَى كَلِمَةِ كُنْ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: هَلْ يُمْكِنُ اَنْ يَاْتِيَ النَّهَارُ اِذَا لَمْ تُشْرِقِ الشَّمْسُ! هَلْ يُمْكِنُ اَنْ يَاْتِيَ اللَّيْلُ اِذَا لَمْ تَغْرُبِ الشَّمْسُ؟ لَايُمْكِنُ ذَلِكَ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ، وَهَلْ يُمْكِنُكَ اَخِي خَطِيبَ الْجُمُعَةِ اَنْ تَكُونَ فِي مَكَانِكَ هَذَا وَتَتَمَنَّى اَنْ تَعُودَ اِلَى بَيْتِكَ دُونَ اَنْ تَنْزِلَ مِنْ عَلَى الْمِنْبَرِ وَتَمْشِيَ اِلَى بَيْتِك! نَعَمْ اَخِي: هَذَا لَايَقُولُهُ عَاقِلٌ اَبَداً، وَلِذَلِكَ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: لَايُمْكِنُ اَنْ يَنْصُرَنَا اللهُ اِلَّا اِذَا عُدْنَا اِلَى اللهِ عَوْداً حَمِيداً مَجِيداً نَصُوحاً تَائِباً: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ[قُلْ لِلظَّالِمِينَ لَايَدْعُونِي! فَاِنِّي لَااَسْتَجِيبُ لَهُمْ! بَلْ اَجْعَلُ دُعَاءَهُمْ لَعْنَةً عَلَيْهِمْ! قُلْ لِلظَّالِمِينَ لَايَدْخُلُوا بَيْتاً مِنْ بُيُوتِي حَتَّى يُبَرِّؤُوا ذِمَمَهُمْ مِمَّنْ لَهُمْ عَلَيْهِمْ حُقُوق(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: وَمَعَ الْاَسَفِ! كَمْ نَرَى مِنْ اَكْلٍ لِحُقُوقِ النَّاسِ وَلِاَمْوَالِ النَّاسِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ! لَكِنْ بِالْمُقَابِلِ كَمْ نَسْمَعُ عَنْ بَعْضِ الشَّبَابِ الْمُسْلِمِ اَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ فِي شَرِكَاتٍ اَجْنَبِيَّةٍ يَهُودِيَّةٍ صَلِيبِيَّةٍ! فَيُعْطَوْنَ اُجُورَهُمْ كَامِلَةً دُونَ مُمَاطَلَةٍ! وَدُونَ اَنْ يُتْعِبُوا صَاحِبَ الْحَقِّ اَوْ يُلَوِّعُوهُ عَلَى حَقِّهِ{ وَمِنْ اَهْلِ الْكِتَابِ اُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُون(نَعَمْ اَخِي: فَهَؤُلَاءِ الْيَهُودُ وَالصَّلِيبِيُّونَ، يُطَبِّقُونَ الْاِسْلَامِ وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ، فَلَا قُدِّسَتْ اُمَّةٌ لَايَاْخُذُ فِيهَا صَاحِبُ الْحَقِّ حَقَّهُ بِدُونِ تَعْتَعَةٍ وَتَلْوِيعٍ لَهُ عَلَى حَقِّهِ، وَلَا بَارَكَ اللهُ فِيهَا حِينَمَا تَتَجَاهَلُ قَوْلَ رَسُولِهَا الْكَرِيمِ[اَعْطُوا الْاَجِيرَ اَجْرَهُ قَبْلَ اَنْ يَجُفَّ عَرَقُهُ( أَيْ مِنْ دُونِ مُمَاطَلَةٍ، فَرُبَّمَا كَانَ هَذَا الْاَجِيرُ بِحَاجَةٍ اِلَى لُقْمَةٍ مِنَ الْعَيْشِ اَوْ كِسْوَةٍ مِنَ الثِّيَابِ اَوْ حَبَّةٍ مِنَ الدَّوَاءِ تُنْقِذُ حَيَاتَهُ مِنَ الْمَرَضِ وَالْجُوعِ وَالْبَرْدِ وَالْعُرِيِّ اَوْ حَيَاةَ مَنْ يَعُول، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَلَاطَهَّرَ اللهُ اُمَّةً صَاحِبُ الْحَقِّ الْمِسْكِينُ فِيهَا لَايَاْخُذُ حَقَّهُ اِلَّا بَعْدَ اَنْ يُجَفِّفُوا لَهُ دِمَاءَهُ(اَوْ يُنَشِّفُوا لَهُ دِمَاءَهُ كَمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمُونَ فِي لَهْجَتِهِمُ الْعَامِّيَّةِ الْوَقِحَة( فَلَا بَارَكَ اللهُ بِهَؤُلَاءِ! وَلَا رَزَقَهُمْ مِنَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ! بَلْ نَسْاَلُ اللهَ اَنْ يَرْزُقَهُمْ حَسْرَةً وَلَوْعَةً لَامَثِيلَ لَهَا عَلَى صِحَّتِهِمْ وَاَمْوَالِهِمْ كَمَا هُمْ يُلَوِّعُونَ هَؤُلَاءِ الْاُجَرَاءَ الْعُمَّالَ الْمَسَاكِينَ عَلَى حُقُوقِهِمْ وَلَايُعْطُونَهُمْ اِيَّاهَا اِلَّا بَعْدَ جَهْدٍ جَهِيد، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: نَحْنُ مَعَ الْاَسَف: مُسْلِمُونَ بِغَيْرِ اِسْلَام! وَاَمَّا عَدُوُّنَا الْاَجْنَبِيُّ الْيَهُودِيُّ وَالصَّلِيبِيُّ وَغَيْرُ الْمُسْلِمِ: فَيُطَبِّقُونَ كَثِيراً مِنْ تَعَالِيمِ الْاِسْلَامِ! وَلَكِنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ! لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُمْ يَبْغُونَ الْحَقِيقَةَ وَالْاَمَانَةَ فِي التَّعَامُلِ الْبَشَرِيِّ الْاِنْسَانِيِّ وَلَوْ لَمْ يَقْصُدُوا بِذَلِكَ اَنْ يُطَبِّقُوا آَدَابَ الْاِسْلَامِ! وَلَكِنْ مَادَامُوا يَقْصُدُونَ الْحَقِيقَةَ وَيَصِلُونَ اِلَيْهَا! فَوُصُولُهُمْ اِلَى الْحَقِيقَةِ، يَتَّفِقُ مَعَ مَبَادِىءِ الْاِسْلَام! نَعَمْ اَخِي: وَالْحَقِيقَةُ هِيَ الْحَقُّ الَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ الْاِسْلَامُ، وَلَانَدْرِي اَيُّهَا الْاِخْوَة: فَرُبَّمَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ وَالصَّلِيبِيُّونَ مِنَ الَّذِينَ يُمَهِّدُ اللهُ لِهِدَايَتِهِمْ اِلَى الْاِسْلَامِ بِقَوْلِهِ{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ(مُتَجَاهِلاً تَعَالِيمَ دِينِهِ الَّتِي يُطَبِّقُهَا هَؤُلَاءِ دُونَ اَنْ يَشْعُرُوا اَنَّهَا مِنْ تَعَالِيمِ الْاِسْلَامِ وَاَنَّ الْاِسْلَامَ سَبَقَهُمْ بِهَا مُنْذُ مِئَاتِ السِّنِينَ{فَسَوْفَ يَاْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ( وَهُمْ هَؤُلَاءِ الْكِتَابِيُّونَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى{وَاِنْ تَتَوَلَّوْا(اَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ بِمَعْنَى وَاِنْ تُعْرِضُوا عَنْ تَعَالِيمِ الْاِسْلَامِ{يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ(وَهُمْ هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى[ وَلَوْ كَانَ الْاِيمَانُ فِي الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ فَارِسَ اَيْضاً{ ثُمَّ لَايَكُونُوا اَمْثَالَكُمْ(وَلِذَلِكَ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ حَرَّمَ اللهُ الْغَدْرَ وَالْخِيَانَةَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ضِدَّ اَعْدَاءِ اللهِ حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْخِيَانَةُ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً، فَانْبِذْ اِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ، اِنَّ اللهَ لَايُحِبُّ الْخَائِنِين(وَالْمَعْنَى اَنَّ عَلَيْكَ يَامُحَمَّدُ يَارَسُولَ اللهِ اَنْ تُحِيطَهُمْ عِلْماً: اَنَّكَ سَتَنْقُضُ جَمِيعَ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ وَالِاتِّفَاقِيَّاتِ الَّتِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ: بِمُجَرَّدِ شُعُورِكَ بِالْخَوْفِ مِنْ خِيَانَتِهِمْ وَغَدْرِهِمْ: وَلَايَجُوزُ لَكَ شَرْعاً هُنَا اَنْ تَسْتَعْمِلَ عُنْصُرَ الْمُبَاغَتَةِ وَالْمُفَاجَاَةِ مَعَهُمْ: اِلَّا بَعْدَ اَنْ تُعْلِمَهُمْ بِاِلْغَاءِ مَابَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ مِنْ هَذِهِ الْعُهُودِ: اِلَّا اِذَا كَانَ هُنَاكَ خَطَرٌ شَدِيدٌ جِدّاً وَحَقِيقِيٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَرُبَّمَا يُبِيدُهُمْ عَنْ بَكْرَةِ اَبِيهِمْ: فَاِنْ رَاَى وَلِيُّ الْاَمْرِ الْحَاكِمُ فِي عَدَمِ اِعْلَامِهِمْ اَوْ رَاَى مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ فِي عَدَمِ نَقْضِ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ مَعَ عَدُوِّهِمْ: فَلَهُ ذَلِكَ عَمَلاً بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[ اَلْحَرْبُ خِدْعَة( فَيَارَبّ: وَاِنْ كُنَّا ظَالِمِين، فَنَحْنُ عِبَادُكَ يَااَلله، وَلَانَقْنَطُ مِنْ رَحْمَتِكَ يَااَلله، يَارَبّ: نَحْنُ عِبَادُكَ، وَنَحْنُ الضُّعَفَاءُ، وَاَنْتَ الْقَوِيُّ، يَارَبّ: نَحْنُ الْفُقَرَاءُ، وَاَنْتَ الْغَنِيّ، نَحْنُ الَّذِينَ اَذْنَبْنَا، وَنَرْجُو يَارَبِّ اَنْ تَهْدِيَنَا اِلَى الْحَقِّ وَاِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيم، نَرْجُوكَ يَارَبُّ وَاَنْتَ رَبُّنَا، يَامَنْ عَوَّدْتَّنَا عَلَى الْجَمِيلِ، لَاتُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا، اَللَّهُمَّ مَنْ اَرَادَنَا وَاَرَادَ بِلَادَنَا وَاُمَّتَنَا وَاَوْطَانَنَا بِخَيْرٍ، فَاجْعَلِ الْخَيْرَ عَلَى يَدَيْهِ، وَمَنْ اَرَادَ بِذَلِكَ سُوءاً، فَخُذْهُ اَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ، اَللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفَجِّرُونَ وَيَهْدُمُونَ الْبُيُوتَ عَلَى رُؤُوسِ اَصْحَابِهَا وَ{اِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً اَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا اَعِزَّةَ اَهْلِهَا اَذِلَّةً، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ(فَاجْعَلْهُمْ اَذِلَّاءَ يَارَبّ، اَللَّهُمَّ اجْعَلْهُمْ فُقَرَاءَ يَسْتَجْدُونَ النَّاسَ بَعْدَ اَنْ كَانُوا يُحْرِقُونَ الْاَوْرَاقَ النَّقْدِيَّةَ! وَيُطْفِئُونَ اَعْقَابَ السَّجَائِرِ عَلَيْهَا! وَيُشَوِّهُونَ مَنْظَرَهَا! وَيُشْعِلُونَ سَجَائِرَهُمْ بِهَا بَطَراً! وَرِئَاءَ النَّاسِ! وَتَلْوِيعاً لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ! وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ اَعْمَالَهُمْ! اَللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِكُلِّ تَاجِرٍ وَطَبِيبٍ وَصَيْدَلِيٍّ مُجْرِمٍ مِنْ مُجْرِمِي الْحُرُوبِ لَايَقْبَلُ التَّعَامُلَ بِالْاَوْرَاقِ النَّقْدِيَّةِ الْمُهْتَرِئَةِ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَيَجْعَلُهُمْ يَمُوتُونَ مِنَ الْجُوعِ وَالْمَرَضِ دُونَ اَنْ يُحَرِّكَ سَاكِناً مِنْ اَجْلِ اِنْقَاذِهِمْ، اَللَّهُمَّ يَامُنْتَقِمُ يَاجَبَّارُ يَاشَدِيدَ الْعِقَابِ: اجْعَلْ مِنْ عُيُونِ هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءِ جُنْدِيّاً مِنْ جُنُودِكَ يُدْخِلُ الْجَمَلَ الْقِدْرَ وَيُدْخِلُ هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمِينَ الْمُتْرَفِينَ الْبَطِرِينَ الْمَغْرُورِينَ اِلَى الْقَبْرِ، اَللَّهُمَّ شُلَّهُمْ يَارَبّ، اَللَّهُمَّ اَحْرِقْهُمْ يَارَبّ، اَللَّهُمَّ هَدِّمْ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ يَااَلله، اَللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ عَالِيَهَا سَافِلَهَا كَمَا فَعَلْتَ بِقَوْمِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَام، اَللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفَجِّرُونَ وَيُزْهِقُونَ الْاَرْوَاحَ وَيَعْتَدُونَ عَلَى الْاَعْرَاضِ وَيَنْتَهِكُونَ الْحُرُمَاتِ، اَللَّهُمَّ اِنَّنَا نَكِلُ اَمْرَهُمْ اِلَيْكَ، فَاَنْتَ الْقَوِيُّ وَنَحْنُ الضُّعَفَاء، وَيَارَبّ اِهْدِ هَؤُلَاءِ الشَّبَابَ، وَاهْدِ شُيُوخَنَا وَرِجَالَنَا وَنِسَاءَنَا اِلَى مَاتُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، آَمِينَ آَمِينَ يَارَبَّ الْعَالَمِين، عِبَادَ الله{فَهَلْ عَسَيْتُمْ اِنْ تَوَلَّيْتُمْ اَنْ تُفْسِدُوا فِي الْاَرْضِ وَتُقَطِّعُوا اَرْحَامَكُمْ، اُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَاَصَمَّهُمْ وَاَعْمَى اَبْصَارَهُمْ{اِنَّ اللهَ يَاْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْاِحْسَانِ وَاِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ( نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَالْآَنَ سَنَنْتَهِي مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ نَقُولُ سَمِعْنَا وَاَطَعْنَا! فَهَلْ نَحْنُ حَقّاً سَمِعْنَا؟ نَعَمْ سَمِعْنَا، لَكِنْ هَلْ نَحْنُ حَقّاً اَطَعْنَا! هَلْ نُطِيعُ هَذِهِ التَّوْجِيهَاتِ الرَّبَّانِيَّةَ؟ لِنَكُونَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِي قَوْلِنَا سَمِعْنَا وَاَطَعْنَا؟ وَلِيَغْفِرَ اللهُ لَنَا حِينَمَا يَكُونُ مَصِيرُنَا اِلَيْهِ، فَنَحْنُ جَمِيعاً مُلْكٌ لِلهِ الَّذِي خَلَقَنَا{ وَاِنَّا اِلَيْهِ رَاجِعُونَ(بَعْدَ الْمَوْتِ وَرَقْدَةِ الْقَبْرِ الطَّوِيلَةِ اِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، فَاِذَا قُلْنَا سَمِعْنَا وَلَمْ نُطِعْ! كُنَّا كَالْيَهُودِ الَّذِينَ{قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَقَبْلَ اَنْ نَخْتُمَ هَذِهِ الْمُشَارَكَةَ نَاْخُذُ فَتْرَةَ اسْتِرَاحَةٍ نَذْهَبُ فِيهَا اِلَى بُيُوتِنَا خَارِجِينَ مِنَ الْمَسْجِدِ بِهُدُوءٍ تَامٍّ مِنْ دُونِ سَبٍّ وَلَا مَدْحٍ لِاَحَدٍ مِنَ النَّاسِ ثُمَّ نُجِيبُ عَنْ سُؤَالٍ وَاحِدٍ فَقَطْ وَنَقُولُ اَوَّلاً وَقَبْلَ الْاِجَابَةِ اَيُّهَا الْاِخْوَة: خَيْرُ مَايَفْهَمُ النَّاسُ هُوَ اَنْ يَفْهَمُوا اُمُورَ دِينِهِمْ عَلَى حَقِيقَتِهَا سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ مِنَ النَّاحِيَةِ الْفِقْهِيَّةِ اَوْ مِنَ النَّاحِيَةِ الثَّقَافِيَّةِ اَوِ الْعِلْمِيَّةِ، وَبِذَلِكَ يُسْعَدُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَة، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة، قَالَ لِي بَعْضُهُمْ: اِنَّ وَالِدَهُ ذَبَحَ دِيكاً ! فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: لَا آَكُلُ مِنْ هَذَا الدِّيكِ؟ لِاَنَّكَ حِينَمَا ذَبَحْتَهُ لَمْ تَكُنْ مُتَوَضِّئَاً! وَلِذَلِكَ ذَبِيحَتُكَ لَايَحِلُّ لِي اَنْ آَكُلَ مِنْهَا! وَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا: اَنَّ هَذَا خَطَاٌ شَدِيدٌ جِدّاً مِنْكِ سَيِّدَتِي لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الذَّبْحَ لَايُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ لَا مِنَ الْحَدَثِ الْاَكْبَرِ وَلَا مِنَ الْحَدَثِ الْاَصْغَرِ، فَلَوْ اَنَّ جُنُباً ذَبَحَ، اَوِ امْرَاَةً حَائِضاً اَوْ نُفَسَاءَ ذَبَحَتْ، فَذَبِيحَتُهُمْ جَمِيعاً حَلَالٌ، فَمَا بَالُكِ سَيِّدَتِي اِذَا كَانَ زَوْجُكِ مُحْدِثاً حَدَثاً اَصْغَرَ أَيْ غَيْرَ مُتُوَضِّىءٍ، فَمِنْ بَابِ اَوْلَى اَنْ تَكُونَ ذَبِيحَتُهُ حَلَالاً وَلَيْسَتْ حَرَاماً، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَدَائِماً اَلتَّشَدُّدُ سَبَبُهُ وَمَصْدَرُهُ الْجَهْلُ فِي الدِّينِ، وَقَدْ يَكُونُ اِنْسَانٌ مِنَ النَّاسِ عِنْدَهُ عَاطِفَةٌ دِينِيَّةٌ حَمَاسِيَّةٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا الْمَشْرُوعِ الْمَطْلُوبِ! فَيَظُنُّ اَنَّ هَذَا التَّشَدُّدَ يُقَرِّبُهُ اِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىَ! وَلَكِنْ يَتَبَيَّنُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ اَنَّ هَذَا التَّشَدُّدَ لَيْسَ مِنَ الدِّينِ فِي شَيْءٍ! نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الذَّبِيحَةَ يُذْكَرُ اسْمُ اللهِ عَلَيْهَا، نَعَمْ اَخِي: وَذِكْرُ اللهِ لَيْسَ مُمْنُوعاً مِنْهُ الْمُحْدِثُ حَدَثاً اَصْغَرَ، وَلَيْسَ مَمْنُوعاً اَيْضاً مِنْهُ الْمُحْدِثُ حَدَثاً اَكْبَرَ، نَعَمْ اَخِي: فَهَؤُلَاءِ الْمُحْدِثُونَ حَدَثاً اَصْغَرَ(كَالْخُرَاءِ وَالْبَوْلِ وَالْمَذِيِّ وَالْوَدِيِّ وَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ( وَحَدَثاً اَكْبَرَ(كَدَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَ شَهْوَةِ الْمَنِيِّ الْجِنْسِيَّةِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْاَةِ( لَايُمْنَعُونَ مِنْ ذِكْرِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَلِذَلِكَ الْمُؤَذِّنُ يُجِيبُهُ كُلُّ مَنْ يَسْمَعُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَقُولُ مِثْلَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ سَوَاءً كَانَ طَاهِراً اَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، وَسَوَاءً كَانَ مُتَوَضِّئاً اَوْ غَيْرَ مُتَوَضِّىءٍ، وَسَوَاءً كَانَ جُنُباً اَوْ غَيْرَ جُنُبٍ، وَسَوَاءً كَانَتِ الْمَرْاَةُ حَائِضاً اَوْ نُفَسَاءَ، اَوْ كَانَتْ طَاهِرَةً مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ؟ لِاَنَّ الْاَذَانَ ذِكْرٌ لِلهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَذِكْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَاتُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ، وَاِنَّمَا قِرَاءَةُ الْقُرْآَن ِالْكَرِيمِ: يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ حَدَثاً اَصْغَرَ اَنْ يَقْرَاَ مِنَ الْقُرْآَن ِمَايَشَاءُ دُونَ اَنْ يَمَسَّهُ، وَاَمَّا الْمُحْدِثُ حَدَثاً اَكْبَرَ: فَاِنَّهُ لَايَجُوزُ لَهُ اَنْ يَقْرَاَ الْقُرْآَنَ، وَلَا اَنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ، وَهَذَا اِذَا كَانَ مُحْدِثاً حَدَثاً اَكْبَرَ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ اَنْ يَغْتَسِلَ وَاَنْ يَتَطَهَّرَ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْمُصْحَفِ، وَقَبْلَ مَسِّهِ اَيْضاً، نَعَمْ اَخِي: وَالْمَرْاَةُ الْحَائِضُ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ اَنَّهَا لَاتَقْرَاُ الْقُرْآَن، لَكِنْ هُنَاكَ بَعْضُ الْمَذَاهِبِ الْاِسْلَامِيَّةِ مَيَّزَتْ بَيْنَ الْمَرْاَةِ الْحَائِضِ وَبَيْنَ الْجُنُبِ فَقَالُوا: اِنَّ الْجُنُبَ لَايَجُوزُ لَهُ اَنْ يَقْرَاَ مِنَ الْقُرْآَنِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ، وَاَمَّا الْحَائِضُ فَيَجُوزُ لَهَا! وَنَقُولُ لِهَذِهِ الْمَذَاهِبِ الْاِسْلَامِيَّةِ لِمَاذَا فَرَّقْتُمْ بَيْنَ الْجُنُبِ وَالْحَائِض؟ قَالُوا: حَرَّمْنَا عَلَى الْجُنُبِ اَنْ يَقْرَاَ؟ لِاَنَّ جَنَابَتَهُ بِيَدِهِ بِمَعْنَى اَنَّهُ يَسْتَطِيعُ اَنْ يَغْتَسِلَ مِنْهَا سَرِيعاً، وَاَمَّا الْمَرْاَةُ الْحَائِضُ، فَاِنَّ حَيْضَهَا لَيْسَ بِيَدِهَا، وَاِنَّمَا هُوَ رَغْمٌ عَنْهَا وَلَاتَسْتَطِيعُ اَنْ تَغْتَسِلَ مِنْهُ اِلَّا بَعْدَ اَيَّامٍ وَلَيَالِي تَطُولُ اَوْ تَقْصُرُ حَسَبَ عَادَةِ النِّسَاءِ فِي الْحَيْضِ الَّذِي خَلَقَهُ اللهُ فِي اَرْحَامِهِنَّ بِاِرَادَتِهِ سُبْحَانَهُ طُولاً اَوْ قِصَراً، وَنَقُولُ لِهَذِهِ الْمَذَاهِبِ: نَحْنُ نَكْتُبُ مَاتَقُولُونَهُ فِي مُشَارَكَاتِنَا مِنْ بَابِ الْاَمَانَةِ الْعِلْمِيَّةِ، وَلَكِنْ اِذَا اَرَدْنَا اَنْ نُفْتِيَ النَّاسَ اَفْتَيْنَاهُمْ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِالْفَتْوَى التَّالِيَة: وَهِيَ اَنَّ الْحَائِضَ لَايَجُوزُ لَهَا اَنْ تَقْرَاَ الْقُرْآَنَ اِلَّا لِلضَّرُورَة! فَمَثَلاً: شَعَرَتْ بِخَوْفٍ شَدِيدٍ ثُمَّ ظَنَّتْ اَوْ تَرَجَّحَ لَدَيْهَا اَنَّ هَذَا الْخَوْفَ لَايَزُولُ اِلَّا بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآَنِ تَقْرَؤُهُ هَذِهِ الْحَائِضُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ صَارَ الْقُرْآَنُ هُنَا عِلَاجاً لِهَذِهِ الْمَرْاَةِ الْحَائِضِ، فَيَجُوزُ لَهَا شَرْعاً هُنَا اَنْ تَقْرَاَهُ، وَكَذَلِكَ اِذَا اَرَادَتْ اَنْ تَاْكُلَ، فَاِنَّهَا تَقُولُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم! وَكَلِمَةُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هِيَ جُزْءٌ مِنْ آَيَةٍ مِنْ سُورَةِ النَّمْلِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ امْرَاَةٍ كَانَتْ تَسْجُدُ مَعَ قَوْمِهَا لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ الله{اِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ، وَاِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: اَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَاْتُونِي مُسْلِمِين(نَعَمْ اَخِي: فَحِينَمَا تَقُولُ هَذِهِ الْمَرْاَةُ الْحَائِضُ بِسْمِ الله، اَوْ تَقُولُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، فَهِيَ اِنَّمَا تَقْصُدُ هُنَا الذِّكْرَ الْمَاْمُورَ بِهِ الْمُؤْمِنَ حِينَمَا يُرِيدُ اَنْ يَتَنَاوَلَ الطَّعَامَ، اَوْ يُبَاشِرَ أَيَّ عَمَلٍ مَشْرُوع، فَهِيَ اِذاً تَمْتَثِلُ ذَلِكَ، وَهَذَا الِامْتِثَالُ يَجُوزُ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّاهِرِ وَغَيْرِ الطَّاهِرِ، نَعَمْ اَخِي: نَعَمْ اُخْتِي: وَالْمَرْاَةُ الْحَائِضُ لَايَجُوزُ اَنْ يَقْرَبَهَا زَوْجُهَا، بِمَعْنَى اَنَّهُ لَايَجُوزُ لَهُ شَرْعاً اَنْ يُعَاشِرَهَا اَوْ يُجَامِعَهَا جِنْسِيّاً، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَيَسْاَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ، قُلْ هُوَ اَذىً، فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ، وَلَاتَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ، فَاِذَا تَطَهَّرْنَ، فَاْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ اَمَرَكُمُ اللهُ(مِنْ فَتْحَةِ الرَّحِمِ وَلَيْسَ مِنْ فَتْحَةِ الشَّرْجِ{ اِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين( نَعَمْ اَخِي: نَعَمْ اُخْتِي: كَذَلِكَ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ الْمَشْرُوعَةِ: هُوَ وُجُودُ مُدَرِّسَةٍ تُعَلِّمُ الطُّلَّابَ اَوِ التَّلَامِيذَ شَيْئاً مِنَ الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ، فَاِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمُدَرِّسَةُ حَائِضاً، فَاِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا اَنْ تَقْرَاَ الْقُرْآَنَ اَمَامَ الطُّلَّابِ وَلَوْ كَانَتْ تَنْزِفُ مِنْ دَمِ حَيْضِهَا، اِلَّا اِذَا وُجِدَ مِنْ هَؤُلَاءِ الطُّلَّابِ مَنْ يَسْتَطِيعُ اَنْ يَقْرَاَ الْقُرْآَنَ غَالِباً قِرَاءَةً سَلِيمَةً، فَيَنُوبُ عَنْهَا، فَاِذَا اَخْطَاَ رَدَّتْهُ، نَعَمْ اَخِي: نَعَمْ اُخْتِي: وَاَمَّا اِذَا تَعَيَّنَ اَنَّهُ لَايُوجَدُ غَيْرُهَا، فَيَجُوزُ لَهَا عِنْدَ ذَلِكَ اَنْ تُعَلِّمَ طُلَّابَهَا قِرَاءَةَ الْقُرْآَنِ بِقِرَاءَتِهَا السَّلِيمَةِ هِيَ وَلَوْ كَانَتْ حَائِضاً، نَعَمْ اَخِي: نَعَمْ اُخْتِي: كَذَلِكَ الْفَتَاةُ الطَّالِبَةُ الَّتِي تَخْضَعُ لِامْتِحَانٍ كِتَابِيٍّ اَوْ شَفَوِيٍّ يَضْطَّرُّهَا اِلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآَنِ عَلَناً اَمَامَ لَجْنَةِ الِامْتِحَانِ، فَهَذِهِ اَيْضاً: يَجُوزُ لَهَا اَنْ تَقْرَاَ الْقُرْآَنَ اَمَامَهُمْ وَلَوْ كَانَتْ حَائِضاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْاِسْلَامَ مَاجَاءَ لِيُضَيِّقَ عَلَى النَّاسِ، وَاِنَّمَا جَاءَ لِيُيَسِّرَ عَلَى النَّاسِ، وَلِذَلِكَ مَاجَاءَ لِيُضَيِّقَ، وَلَا لِيُسَيِّبَ، وَمَعَ الْاَسَفِ: فَاِنَّ بَعْضَ النَّاسِ كُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ حَلَالٌ، فَاِذَا قُلْتَ لَهُ اَخِي عَنْ شَيْءٍ حَرَامٍ اَنَّهُ حَرَامٌ شَرْعاً، فَاِنَّهُ يَقُولُ لَكَ بِوَقَاحَةٍ لَامَثِيلَ لَهَا عِنْدَ اللهِ: وَلْنَفْرِضْ اَنَّهُ حَرَام! فَلَاتُضَيِّقْ عَلَى النَّاسِ!{يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ!( وَنَقُولُ لِهَذَا السَّفِيهِ الْاَحْمَقِ الْاَرْعَنِ الْمَعْتُوه: نَعَمْ{يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ( وَلَكِنْ ضِمْنَ حُدُودِ الشَّرْعِ، وَاَمَّا التَّمَيُّعُ وَالتَّسَيُّبُ وَعَدَمُ الِالْتِزَامِ! فَهَذَا لَايُسَمَّى يُسْراً، وَاِنَّمَا يُسَمَّى تَسَيُّباً فَوْضَوِيّاً لَامَثِيلَ لَهُ فِي دِينِ اللهِ وَالْعَيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى، وَلِذَلِكَ اَيُّهَا الْاِخْوَة: ضَيَّقَ اللهُ تَضْيِيقاً شَدِيداً لَامَثِيلَ لَهُ عَلَى{الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ، اِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ، اِذْ تَاْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً، وَيَوْمَ لَايَسْبِتُونَ لَاتَاْتِيهِمْ، كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ(بِهَذَا التَّضْيِيقِ الشَّدِيدِ الَّذِي لَامَثِيلَ لَهُ{بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ(فَمَاذَا كَانَتِ النَّتِيجَة؟ اَخَذُوا يَصْطَادُونَ السَّمَكَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ صَيْدَهُ وَهُوَ يَوْمُ السَّبْتِ، فَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ غَضَباً لَامَثِيلَ لَهُ اَيْضاً حِينَمَا{جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتِ(وَمَا قِرَدَةُ هَذِهِ الْاُمَّةِ وَخَنَازِيرُهَا مِنْهُمْ بِبَعِيدٍ اَيْضاً، وَلْيَحْذَرُوا مَكْرَ اللهِ بِهِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{ اَفَاَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلَا يَاْمَنُ مَكْرَ اللهِ اِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ{وَلَايَيْاَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ اِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُون( نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اِنَّ الَّذِي يَتَسَيَّبُ، اَوْ يَتَرَخَّصُ فِي دِينِ اللهِ مَالَيْسَ مِنْهُ مِنَ الرُّخَصِ، وَاِنَّ الَّذِي يَتَشَدَّدُ فِي دِينِ اللهِ مَالَيْسَ مِنْهُ مِنَ التَّشَدُّدِ، كِلَاهُمَا عَلَى خَطَاٍ شَدِيدٍ خَطِيرٍ جِدّاً، وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْوَسَطِيَّةَ هِيَ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا دِينُنَا الْحَنِيفُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ اُمَّةً وَسَطاً؟ لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ؟ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدَا( فَلْنَتَّقِ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اَيُّهَا الْاِخْوَةُ فِي دِينِنَا، وَلَانُحَمِّلُهُ مَالَيْسَ فِيهِ، وَلَانَنْزِعُ مِنْهُ مَاهُوَ فِيه، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: بَعْضُ النَّاسِ الْخُبَثَاءِ الْاَفَّاكِينَ فِي اَيَّامِنَا يُرِيدُونَ اِسْلَاماً مُعْتَدِلاً! وَنَقُولُ لِهَؤُلَاء: اَلْاِسْلَامُ بِحَدِّ ذَاتِهِ هُوَ دِينٌ مُعْتَدِلٌ، وَلَايُوجَدُ دِينٌ اِسْلَامِيٌّ مُتَشَدِّدٌ، وَلَادِينٌ اِسْلَامِيٌّ مُتَسَيِّبٌ عَلَى وَجْهِ هَذِهِ الْاَرْضِ، وَاِنَّمَا يُوجَدُ مُسْلِمُونَ مُتَشَدِّدُونَ فِي مَوْضِعٍ صَحِيحٍ مِنَ التَّشَدُّدِ يُوَافِقُ الشَّرِيعَةَ الْاِسْلَامِيَّةَ، وَيُوجَدُ اَيْضاً مُسْلِمُونَ مُتَسَيِّبُونَ فِي مَوْضِعٍ صَحِيحٍ يُوَافِقُ الشَّرِيعَة، وَيُوجَدُ اَيْضاً مُسْلِمُونَ مُتَشَدِّدُونَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ صَحِيحٍ وَلَايُوَافِقُ الشَّرِيعَةَ، وَيُوجَدُ اَيْضاً مُسْلِمُونَ مُتَسَيِّبُونَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ صَحِيحٍ وَلَايُوَافِقُ الشَّرِيعَة، وَيُوجَدُ اَيْضاً مُسْلِمُونَ مُعْتَدِلُونَ فِي مَوْضِعٍ صَحِيحٍ يُوَافِقُ الشَّرِيعَةَ، وَيُوجَدُ اَيْضاً مُسْلِمُونَ مُعْتَدِلُونَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ صَحِيحٍ وَلَايُوَافِقُ الشَّرِيعَةَ، وَاَرْجُو اَنْ يَكُونَ كَلَامِي وَاضِحاً وَمَفْهُوماً لِلْجَمِيعِ ، لَكِنْ لِمَاذَا اَيُّهَا الْاِخْوَةُ دَائِماً يَسْتَجْدِي اَعْدَاءُ الْاِسْلَامِ وُجُودَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ فِيمَا لَايُوَافِقُ الشَّرِيعَةَ سَوَاءً كَانُوا مُتَشَدِّدِينَ اَوْ مُتَسَيِّبِينَ اَوْ مُعْتَدِلِين؟! وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اَمَّا الْمُتَشَدِّدُونَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ صَحِيحٍ وَلَايُوَافِقُ الشَّرِيعَةَ، فَاِنَّ اَحْفَادَ الْقِرَدَةِ الْيَهُودَ وَالْخَنَازِيرَ الصُّلْبَانَ الْخَوَنَةَ وَاَذْنَابَهُمْ جَمِيعاً مِنَ الشِّيعَةِ وَالشُّيُوعِيَّةِ وَاللِّيبْرَالِيَّةِ وَالْعَلْمَانِيَّةِ وَالِاشْتِرَاكِيَّةِ الْمَارِكْسِيَّةِ وَغَيْرَهُمْ، هَدَفُهُمْ جَمِيعاً هُوَ تَشْوِيهُ سُمْعَةِ الْاِسْلَامِ عَالَمِيّاً؟ مِنْ اَجْلِ التَّمْهِيدِ لِلْقَضَاءِ عَلَيْهِ فِي قُلُوبِ النَّاسِ بِهَؤُلَاءِ الْمُتَشَدِّدِينَ الَّذِينَ يَدْفَعُونَ لَهُمْ مِنَ الْاَمْوَالِ الْهَائِلَةِ؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ الْاِسْلَامِيِّ فِي قُلُوبِ النَّاسِ وَعُقُولِهِمْ؟ بِمَا يُغَذُّونَ بِهِ النَّاسَ مِنَ الْحِقْدِ الْاَعْمَى وَالضَّغِينَةِ وَالْعَدَاءِ لِلْاِسْلَامِ وَاَهْلِهِ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُتَسَيِّبُونَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ صَحِيحٍ وَلَايُوَافِقُ الشَّرِيعَةَ: فَاِنَّ هَدَفَ هَؤُلَاءِ الْحَاقِدِينَ عَلَى الْاِسْلَامِ وَاَهْلِهِ: هُوَ خِدْمَةُ الْاِبَاحِيَّةِ بِجَمِيعِ اَشْكَالِهَا الْمُقْرِفَةِ الَّتِي تَسْتَعْبِدُ النَّاسَ وَتُذِلُّهُمْ جِنْسِيّاً وَلَوْ بِالْجِنْسِ السَّادِيِّ اَوِ الشُّذُوذِ الْجِنْسِيِّ اللُّوطِيِّ السُّحَاقِيِّ الْحَقِيرِ بَلْ وَلَوْ بِنِكَاحِ الْمَحَارِمِ وَالْبَهَائِمِ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُسْلِمُونَ الْمُعْتَدِلُونَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ صَحِيحٍ وَلَايُوَافِقُ الشَّرِيعَةَ: فَاِنَّ الْخَنَازِيرَ الصُّلْبَانَ الْخَوَنَةَ هُنَا حَبَكُوا حَبْكَةً خَطِيرَةً جِدّاً لَاتَخْطُرُ عَلَى بَالِ شَيْطَان! فَانْظُرْ اَخِي مَاذَا يُرِيدُ الصُّلْبَانُ الْخَوَنَةُ الْخَنَازِيرُ الْمَاكِرُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِيُصْبِحُوا مُعْتَدِلِينَ عَلَى مَقَاسٍ صَلِيبِيٍّ قَذِرٍ حَقِيرٍ غَيْرِ اِسْلَامِيّ!: اِنَّهُمْ يَنْفُثُونَ سُمُومَهُمْ فِي اَذْهَانِ الْمُسْلِمِينَ وَيَقُولُونَ لَهُمْ: اَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ تَعَالَوْا مَعَنَا لَنَبْحَثَ عَنْ دِينِ الِاعْتِدَالِ وَالْوَسَطِيَّةِ! وَاِذَا اَرَدْتُّمْ اَنْ تُصْبِحُوا مُعْتَدِلِينَ وَمُوَاطِنِينَ مَقْبُولِينَ مِنْ اَجْلِ التَّعَايُشِ السِّلْمِيِّ مَعَنَا فِي الْمُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ! فَلَادَاعِيَ لِحُدُودِ اللهِ تَعَالَى الْمَوْجُودَةِ فِي الْقُرْآَنِ! فَهَذَا لَايَتَمَشَّى مَعَ الْحَضَارَةِ الْاِنْسَانِيَّةِ! وَلَا مَعَ الْعَصْرِ الْحَدِيثِ! وَلَا مَعَ التَّرْبِيَةِ الْحَدِيثَةِ فِي اَيَّامِنَا! نَعَمْ اَخِي: وَنَقُولُ لِلصُّلْبَانِ الْخَنَازِيرِ وَكِلَابِهِمْ مِنَ الْيَهُودِ وَاَذْنَابِهِمْ جَمِيعاً: هَذَا لَايُسَمَّى اعْتِدَالاً، وَاِنَّمَا يُسَمَّى كُفْراً وَزَنْدَقَةً وَاِشْرَاكاً وَاِلْحَاداً وَ خُرُوجاً عَنْ دِينِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ بَعْضُ النَّاسِ الْحَاقِدِينَ الْمَاكِرِينَ مِنْ هَؤُلَاءِ يَقُولُ عَنِ الْاِسْلَامِ: اَنَّهُ دِينُ اَخْلَاق! نَعَمْ اَخِي: وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ: هُوَ فِعْلاً دِينُ اَخْلَاقٍ، بَلْ كُلُّ اَحْكَامِهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْاَخْلَاقِ، بَلْ اَقْرَبُ مَايُقَرِّبُ الْعَبْدَ مِنْ رَبِّهِ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَاَقْرَبُ مَايُقَرِّبُ الْعَبْدَ مِنَ النَّارِ فِي دِينِنَا الْاِسْلَامِيِّ سُوءُ الْخُلُق، وَلَكِنَّكُمْ اَحْيَاناً تُرِيدُونَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنَ الْمَكْرِ الشَّيْطَانِيِّ بِالْاِسْلَامِ وَاَهْلِهِ مَالَايَعْلَمُهُ اِلَّا الله! نَعَمْ اَخِي: اِنَّهُمْ يُرِيدُونَ اَنَّ الْاِسْلَامَ مَاجَاءَ اِلَّا مِنْ اَجْلِ الْاَخْلَاقِ فَقَطْ! وَلَمْ يَاْتِ مِنْ اَجْلِ اَنْ يُنَظِّمَ الْحَيَاةَ! وَلِذَلِكَ لَايَسْتَحِقُّ الْاِسْلَامُ اَنْ يُنْشِىءَ دَوْلَةً! وَلَاشَرْعاً يَحْكُمُ بِهِ النَّاسَ! وَاِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اَخْلَاقٍ فَقَطْ! نَعَمْ اَخِي: وَهُنَا مَكْمَنُ الْخُطُورَةِ فِي قَوْلِ هَؤُلَاءِ؟؟؟ وَنَكْتَفِي بِهَذَا الْقَدْرِ حَتَّى لَانُطِيلَ عَلَيْكُمْ وَرُبَّمَا نَعُودُ اِلَى هَذِهِ النُّقْطَةِ الْحَسَّاسَةِ فِي مُشَارَكَاتٍ قَادِمَةٍ اِنْ اَحْيَانَا الله{سُبْحَانَكَ رَبَّنَا لاَعِلْمَ لَنَا اِلَّا مَاعَلَّمْتَنَا(وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته من اختكم في الله آلاء، وآخر دعوانا اَنِ الحمد لله رب العالمين





[/COLOR]
[/SIZE][/FONT][/CENTER]
 
برغم جودة محتوى مواضيعك المطروحة إلا أنه لدي بعض الملاحظات:
-مواضيعك دوماً غير منسقة وبشكل يصعب قرائته لذا من الأفضل تنسيق الموضوع بشكل جيد
-المواضيع التي تطرحها طويلة جداً بحيث أنه من امتعب للعين التحديق في شاشة الكمبيوتر لفترة طويلة لقرائتها (خلافاً للكتاب)، ناهيك عن الوقت وحيث يفضل غالبية -إن لم يكن كل- زوار المنتديات يفضلون المواضيع القصيرة التي لا تستغرق وقتاً طويلاً لقرائتها. يمكنك وضع الموضوع الطويل على شكل PDF file وترفقه
-لاحظت أنك تنشر نفس المواضيع في منتديات أخرى ومن الأفضل عدم التكرار
 
عودة
أعلى