الإسلام: دين العدل والرحمة

الإسلام: دين العدل والرحمة والوسطية والتسامح والتعايش بين بني البشر والتعاون على البر والتقوى , ولا ينهى عن الإحسان إلى الناس مهما اختلفت أديانهم ,قال الله سبحانه {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا } ويصون كرامة الإنسان وحريته في الاعتقاد والعيش الحر الكريم , لقد بين الله تعالى للإنسان طريق الهدى والضلال , والخير والشر ومنحه العقل وترك له حرية الاختيار ,قال ابن القيم رحمه الله :{ إن الله أرسل رسله وأنزل كتبه , ليقوم الناس بالقسط وهو العدل الذي به قامت السماوات والأرض , العدل الذي لا يجور ولا يظلم ولا يخاف عباده منه ظلماً , فهذا مما اتفقت عليه جميع الكتب والرسل ,فمن أسماء الله الحسنى العدل ,فهو منصف العدل المطلق , وهو العزيز الحكيم :فلا يليق بحكمه أن يضع رضاه ورحمته موضع العقوبة والغضب , ولا يضع غضبه وعقوبته موضع رضاه ورحمته } فإن العدل هو الغاية التي من أجلها أرسل الله تعالى الرسل وأنزل الكتب , قال الله تعالى :{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}{الحديد 25} وقال كذلك :{ وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ}{النساء 58} ليست خاصة للحاكم فقط، بل إنّ كل إنسان مطالب بالعدل، قال ابن القيم رحمه الله :{ فدين الله بين الغالي فيه والجافي عنه وخير الناس النمط الأوسط الذين ارتفعوا عن تقصير المفرطين ولم يلحقوا بغلو المعتدين وقد جعل الله سبحانه هذه الأمة وسطا وهي الخيار العدل لتوسطها بين الطرفين المذمومين والعدل هو الوسط بين طرفي الجور والتفريط والآفات إنما تتطرق إلى الأطراف والأوساط محمية بأطرافها فخيار الأمور أوساطها}

قال الله تعالى :{ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء: 107]

يعني أن كل ما يجيء به الإسلام داخل في عناصر الرحمة.

قال النسفي :

{ وَمَا أرسلناك إِلاَّ رَحْمَةً } قال عليه السلام « إنما أنا رحمة مهداة » { للعالمين } لأنه جاء بما يسعدهم إن اتبعوه ومن لم يتبع فإنما أتى من نفسه حيث ضيع نصيبه منها . وقيل : هو رحمة للمؤمنين في الدارين وللكافرين في الدنيا بتأخير العقوبة فيها . وقيل : هو رحمة للمؤمنين والكافرين في الدنيا بتأخير عذاب الاستئصال }

إن الله تعالى لم يجبر أحد على الإيمان

فلا إكراه لأحد ولا إجبار , فإنّ التكليف مبني على الاختيار دون الإجبار

وإنما هو بمحض الإرادة والاختيار {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}

{ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}

ولقد أمر الله تعالى رسوله بوعظ وتخويف الناس وليس بمتسلط عليهم ولا قاهر لهم حتى يجبرهم على الإيمان { وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} { لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمَسيْطِرٍ}

إن الله لم يكره خلقه ـ وهو خالقهم ـ على دين، وكان من الممكن أن الله يقهر الإنسان المختار، كما قهر السماوات والأرض والحيوان والنبات والجماد، ولا أحد يستطيع أن يعصى أمره. فيقول سبحانه:{ لَّوْ يَشَآءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً }[الرعد: 31] {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}{البقرة 256}

لكن الحق يريد أن يعلم من يأتيه محباً مختاراً وليس مقهوراً، أن المجيء قهراً يثبت له القدرة، ولا يثبت له المحبوبية، لكن من يذهب له طواعية وهو قادر ألا يذهب فهذا دليل على الحب،

أنت حر أن تؤمن أو لا تؤمن، لكن حين التزمت بالإيمان، فعليك مسئولية تنفيذ مطلوب الإيمان،{ إِنَّا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41)

فإنّ التكليف مبني على الاختيار دون الإجبار

ومن أبشع الخطايا والآثام التي حذر منها الإسلام سفك الدماء

وقد نهى الإسلام عن ترويع المسلمين وإخافتهم بأي وسيلة من الوسائل فضلاً عن سفك دمائهم , يقول النبي صلى الله عليه وسلم :{ لا يحلُّ لمسلم أن يُروِّعَ مُسلما » أخرجه أبو داود }{ من قتل مُعَاهِدا لم يَرَحْ رائحة الجنة ، وإنَّ ريحها يوجدُ من مسيرةِ أربعين عاما ».{ هذه رواية البخاري}

وأن الإسلام بريء مما تقوم به جماعة ظالمة مفسدة في الأرض من أعمال قتل وسفك الدماء بغير حق , وأكل أموال الناس بالباطل , وإجبار الناس على اعتقاد معين أو لبس لباس معين{إِنَّ الله لا ينظرُ إِلى صوركم وأَموالكم ، ولكن ينظر إِلى قلوبكم وأعمالكم». هذه روايات مسلم

هؤلاء الفئة الضالة والقدوة السيئة التي جعلت أعداء الإسلام يصيفون الإسلام بما يشاءون:

فهم يسمعون عن الإسلام دين قوة وعزة ,ولكنهم لا يرون إلا الضعف والذلة ,ويسمعون أن الإسلام يدعوا إلى الجماعة والوحدة , ولكنهم يرون المسلمين متفرقين , يسب بعضهم بعضاً ويقتل بعضهم بعضاً

ويسمعون أن الإسلام دين الرحمة ولكنهم لا يجدون إلا القسوة والعنف,يأكل القوي منهم الضعيف, ويسمعون أن الإسلام دين العدل,ولكنهم يرون الظلم بين المسلمين,ويسمعون أن الإسلام يدعو إلى الشجاعة ولكنهم يرون المسلمين جبناء تضيع حقوقهم

كل ذلك بسب هؤلاء الناس الضالين عن الحق,الذين يحسنون القول ويسيئون الفعل,ويدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء

ولا أجهل ممن يؤيدهم ويدافع عنهم,وصدق قول الشاعر

تَرْجُو النَّجَاةَ وَلم تَسْلُك مَسَالكها ... إنّ السَّفِينَةَ لا تَجْرِي عَلَى اليَبس

والحمد الله رب العالمين .
 
  • Like
التفاعلات: mann1
الحمدلله على نعمة الايمان

تسلم ع النشر الطيب
 
عودة
أعلى