الفرق بين العاقل والجاهل

أول ما خلق الله تعالى العقل , فهو جوهر مضئ يدرك به بالوسائط والمحسوسات بالمشاهدة , وأن العقل أشرف صفات الإنسان , وهو ينقسم إلى قسمين

قسم لا يقبل الزيادة والنقصان , فهو العقل الغريزي المشترك بين العقلاء

والقسم الثاني : يقبلهما , فهو العقل التجريبي وهو مكتسب ,وتحصل زيادته بكثرة التجارب

ويستدل على حصول كمال عقل الإنسان بأمور متعددة منها ميله إلى محاسن الأخلاق وإعراضه عن رذائل الأعمال

والعاقل من لا تؤثر به مصائب الدنيا ولا يبخل بخيرها

فهو كالجبل لا يهتز وإن اشتدت عليه الريح, والجاهل إن أصابته الشدائد والمصائب أصبح يائساً قانطاً من رحمة الله ,فهو كالنبات يحركه أدنى ريح

وإن العاقل هو الذي يضع الشئ مواضعه

والجاهل هو الذي لا يضع الشئ مواضعه

وقيل من أعجب برأي نفسه بطل رأيه ومن ترك الاستماع من ذوي العقول مات عقله

والعاقل من اجتنب محارم الله تعالى وأدَّ فرائض الله تعالى , والجاهل من عمل السوء والفحشاء وتمنى على الله الأماني , ولقد صدق من قال

إن المكارم أخلاق مطهرة فالعقل أولها والدين ثانيها

والجاهل قوله سقيم وفعله ذميم

ومن صفات العقلاء : إذا ظهر لهم عدواً من غيرهم تركوا العداوة بينهم وتألفوا على عدوهم

وليسوا من يطعن بعضهم البعض من الخلف بخنجر مسموم

وإن العاقل يوافق العاقل والجاهل لا يوافق العاقل ولا الجاهل , مثل خط المستقيم الذي ينطبق على خط المستقيم وأما الخط المعوج فإنه لا ينطبق على خط المعوج ولا على خط المستقيم

ومن صفات الجهلاء : طول اللحية وسرعة الجواب والخلو من العلم والعجلة والسفه والظلم , وإن استغنى بطر وإن افتقر قنط وإن قال أفحش

ولقد كرم الله بني آدم بالعقل والعلم وبين له طريق الخير والشر والهدى والضلال

إن سلك طريق السعادة وتجنب طريق الشقاوة فاز وأفلح

وإن سلك طريق الشقاوة وتجنب طريق السعادة خسر وخاب

وقال الله تعالى { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا }

فإن كانت نفس الإنسان مشرقة صافية صدرت عنه أفعال كريمة فاضلة وإن كانت نفسه فاجرة شريرة صدرت عنه أفعال سيئة قبيحة ,وسيجزي الله كل عامل بعمله

والجهلاء يعلمون من الدنيا ظاهرها , وهي ملاذها وشهواتها والتمتع بهما , ولا يعلمون باطنها وهي مضارَّها ومتاعبها, أي أنهم عرفوا القشور ولم يعرفوا اللباب ,ولقد أحسن من قال

بُنَيَّ إنَّ مِنْ الرِّجَالِ بَهِيمَةً * فِي صُورَةِ الرَّجُلِ السَّمِيعِ الْمُبْصِرِ

فَطِنٌ بِكُلِّ مُصِيبَةٍ فِي مَالِهِ * وَإِذَا أُصَيبُ بِدِينِهِ لَمْ يَشْعُرْ

وأنهم لا يسمعون الحق ولا ينطقون به , ولايميزون بين الخير والشر والحق والباطل

هؤلاء الناس هم أشر من الكلب والخنزير والحمير

لأنهم لم يستفيدوا من حواسهم ,فصاروا أخسَّ من الخسيس ,بل أن الحيوانات تدرك منافعها ومضارها

وإن الحمار حين يرى جدولاً من المياه فوق قدرته تجده قد توقف رافضاً القفز أو المرور فوق هذا الجدول

ويظنون أنفسهم أنهم مصلحون , أي يتصورون إن الفساد في الأرض هو الإصلاح , لما في قلوبهم من المرض ,لأنهم ركبوا متن الباطل , ولكن لا يعلمون بحالهم في الضلالة والجهل

فهم الذين نهبوا خيرات الشعوب وسرقوا أموال الناس

وعملوا المنكرات في طول البلاد وعرضها , وأشاعوا الفاحشة في كل البلاد , وجعلوا الظلم منهجهم وأشاعوا القتل والقتال وسفك الدماء وكل ذلك يظنون أنهم مصلحون ,وأشر من ذلك تجد فئة من الناس يساندوهم ويقفون إلى جانبهم , هؤلاء الناس اللعن منهم

وإن الباطل الذين يتبعونه لا بقاء ولا ثبوت له لأنه يتلاشى وإن كانت له صولة وجولة , فسرعان ما يزول كشعلة النار في الهشيم ترتفع عالياً ثم تنطفئ سريعاً

ويظنون أن الله ليس بناصر الحق على الباطل

ومن كان يظن بذلك فليقتل نفسه إن كان ذلك غائظه

فإن الله ناصر الحق على الباطل لا محالة وأن طال الزمان

ومن أشد الناس جهلاً وظلماً الذين يكفرون الناس بالذنوب ويحلون سفك دمائهم وأكل أموالهم

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

إنه في آخر الزمان يُخلَّفُ الله حثالة من الناس يحسب أكثرهم أنهم على شيء وليسوا على شيء.

سؤال كم عدد العقلاء وعدد الجهلاء في الأمة العر
 
عودة
أعلى