متاع قليل ثم ماواهم جهنم وبئس المهاد

  • اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُمْ وَبَعْدُ، فَلَا اُرِيدُ صَخَباً وَلَا اُرِيدُ ضَوْضَاءَ عِنْدَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَاِنَّمَا اُرِيدُ الْاِنْصَاتَ التَّامَّ لِمَا يَقُولُهُ خَطِيبُ الْجُمُعَةِ؟ لِاَنَّ الْاِنْصَاتَ مَعَ التَّدَبُّرِ هُوَ الَّذِي يَنْفَعُنَا وَيُفِيدُنَا. نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ الْكِرَام: قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ سُورَةِ آَلَ عِمْرَان{ لَايَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَاد، مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَاْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَاد، لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَمَاعِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْاَبْرَار(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ الْكِرَامُ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْتَوَيَات: اِيمَانُ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ يَمُرُّ فِي امْتِحَان! نَعَمْ يَمُرُّ فِي امْتِحَانٍ لَايَثْبُتُ فِيهِ اِلَّا مَنْ آَمَنَ بِاللهِ حَقَّ الْاِيمَان، نَعَمْ اَخِي: وَرُبَّمَا هَذِهِ الْاَفْكَارُ تُرَاوِدُ كَثِيراً مِنَ النَّاس؟ وَهِيَ قَوْلُهُمْ لِمَاذَا يَتْرُكُ اللهُ تَعَالَى النَّاسَ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضَا؟ لِمَاذَا لَايَنْتَصِفُ اَوْ يَنْتَصِرُ اللهُ تَعَالَى لِلْفِئَةِ الَّتِي عَلَى الْحَقِّ؟ وَهَكَذَا تُرَاوِدُ الْاِنْسَانَ هَذِهِ الْاَفْكَار، وَلَكِنْ لِيَعْلَمْ اَنَّ مَقَايِيسَ اللهِ تَعَالَى تَخْتَلِفُ عَنْ مَقَايِيسِ الْبَشَرِ، وَاَنَّ النَّاسَ كُلَّمَا كَانُوا اَقْرَبَ اِلَى الدُّنْيَا وَخِدَاعِهَا وَزَخْرَفَتِهَا، فَاِنَّهُمْ يُصَابُونَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْهَوَاجِس، وَاَمَّا الْمُؤْمِنُ الْحَقُّ: فَيَعْلَمُ اَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَكِيمٌ، لَايَتَصَرَّفُ اِلَّا بِحِكْمَةٍ، وَجَعَلَ لِكُلِّ اَجَلٍ كِتَاباً، وَلِكُلِّ شَيْءٍ اَجَلاً لَابُدَّ اَنْ يَصِلَ اِلَيْه. وَلَكِنْ مَامَوْقِفُنَا نَحْنُ مِنْ هَذِهِ الزَّخَارِفِ الدُّنْيَوِيَّةِ الَّتِي قَدْ تَبْهَرُ اَبْصَارَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاس؟ نَعَمْ اَخِي: اَلْقُرْآَنُ يُعَالِجُ ذَلِكَ مُعَالَجَةً اِيمَانِيَّة، فَيُخَاطِبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ مِنْ وَرَائِهِ كَاَنَّهُ يُخَاطِبُ كُلَّ فَرْدٍ مِنَّا، نَعَمْ لَمْ يَقُلْ هُنَا لَايَغُرَّنَّكُمْ، وَاِنَّمَا قَالَ {لَايَغُرَّنَّكَ(وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّ الْخِطَابَ مُوَجَّهٌ اِلَى كُلِّ فَرْدٍ؟ لِيَقِفَ مَعَ ذَاتِهِ؟ وَلِيُحَاسِبَ نَفْسَهُ قَبْلَ اَنْ يُحَاسِبَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلّ! وَلِذَلِكَ{لَايَغُرَّنَّكَ(يَارَسُولَ اللهِ، وَيَااَيُّهَا الْاِنْسَانُ، وَيَاكُلَّ مَنْ تَقْرَاُ هَذِهِ الْآَيَةَ اَوْ تَسْمَعُهَا{لَايَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَاد(اَيْ لَايَخْدَعَنَّكَ تَقَلُّبُ هَؤُلَاءِ فِي النَّعِيم ِالدُّنْيَوِيِّ وَتَنَقُّلُهُمْ سَائِحِينَ مِنْ مَكَانٍ اِلَى آَخَر، نَعَمْ لَايَخْدَعَنَّكَ هَؤُلَاءِ بِمَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِوَىً مَادِّيَّةٍ سَوَاءً كَانَتْ جَسَدِيَّةً اَمْ كَانَتْ مَالِيَّةً اَمْ كَانَتْ اَيَّ نَوْعٍ مِنْ اَنْوَاعِ الْقِوَى، نَعَمْ اَخِي: فَرْقٌ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي اُفُقُهُ وَاسِعٌ جِدّاً، وَبَيْنَ اَهْلِ الدُّنْيَا الَّذِينَ اُفُقُهُمْ ضَيِّقٌ جِدّاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْمُؤْمِنَ يَنْظُرُ بِمِنْظَارِ الله! نَعَمْ يَنْظُرُ بِمِنْظَارِ الْاِيمَانِ الْوَاسِعِ الَّذِي لَايَتَقَوْقَعُ فِي مَكَانٍ مَا، بَلِ الَّذِي لَايَتَقَوْقَعُ فِي الدُّنْيَا كُلِّهَا، وَاِنَّمَا مِنْظَارُ الْمُؤْمِنِ هُوَ مِنْظَارٌ كَاشِفٌ وَاسِع يَكْشِفُ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا، وَيَكْشِفُ لَهُ كَذَلِكَ شَيْئاً مِنَ الْآَخِرَةِ عَلَى قَدْرِ مَا شَاءَ اللهُ اَنْ يُحِيطَهُ بِعِلْمِهِ فِيهِمَا، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا هَؤُلَاءِ الدُّنْيَوِيُّونَ، فَاِنَّهُمْ مُتَقَوْقِعُونَ عَلَى اَنْفُسِهِمْ، فَاِذَا اَنْعَمَ اللهُ عَلَى اَحَدِهِمْ بِقُوَّةِ الْجِسْمِ، ظَنَّ اَنَّهُ لَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ضَعْفٌ بَعْدَ قُوَّة! وَاِذَا اَنْعَمَ اللُهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِنِعْمَةِ الْمَالِ، ظَنَّ بِاَنَّ الْمَالَ سَيَبْقَى سَنَداً لَهُ! وَاِذَا اَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِقُوَّةِ السِّلَاحِ، ظَنَّ بِاَنَّ هَذَا سَيَحْمِيه{وَظَنُّوا اَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ! فَاَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا! وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ! فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَاْسُرُونَ فَرِيقَا( نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُؤْمِنُ فَاِنَّهُ يُرْجِعُ كُلَّ نِعْمَةٍ اِلَى اللِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَيَقُولُ يَارَبّ، يَامَنْ وَهَبْتَ ،اَنْتَ قَادِرٌ عَلَى الْاَخْذِ! نَعَمْ اَخِي الْمُؤْمِن: فَكَيْفَ تُحَافِظُ عَلَى نِعَمِ اللهِ وَعَلَى الْقِوَى الَّتِي اَيَّدَكَ اللهُ بِهَا؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: تُحَافِظُ عَلَيْهَا بِاَنْ تَشْكُرَ اللهَ، وَاَلَّا تُنْسِيَكَ هَذِهِ النِّعَمُ الْمُنْعِمَ الْمُتَفَضِّلَ وَهُوَ الله، وَاَنَّ الَّذِي اَعْطَى قَادِرٌ عَلَى اَنْ يَاْخُذَ{وَاَنَّهُ هُوَ اَضْحَكَ وَاَبْكَى! وَاَنَّهُ هُوَ اَمَاتَ وَاَحْيَا{وَاَنَّ اِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى{هُنَا اَخِي الْمُؤْمِن: قِفْ عِنْدَ هَذِهِ الْآَيَةِ! وَاعْلَمْ اَنَّ اِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى مَهْمَا اسْتَقْوَيْتَ بِقِوَى الدُّنْيَا، وَمَهْمَا ظَنَنْتَ بِاَنَّهَا سَتَكُونُ لَكَ حِصْناً حَصِيناً، فَتَذَكَّرْ يَاهَذَا بِاَنَّ مُنْتَهَاكَ اِلَى الله، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: مَنِ الَّذِي يَفْقَهُ هَذِهِ الْحَقِيقَة؟ هَلْ هُمْ طُلَّابُ الدُّنْيَا؟ هَلْ هُمُ الشَّارِدُونَ عَنْ مَنْهَجِ الله؟ هَلْ هَؤُلَاءِ يَفْقَهُونَ هَذِهِ الْحَقَائِق؟ لَا وَرَبِّي؟ لِاَنَّ اللهَ طَمَسَ عَلَى قُلُوبِهِمْ؟ وَجَعَلَ عَلَى اَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةً؟ فَانْعَدَمَتْ عِنْدَهُمُ الرُّؤْيَةُ الصَّحيِحَةُ الْوَاضِحَة؟ فَتَخَبَّطُوا فِي ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَالْجَهَالَةِ؟ حَتَّى اَهْلَكَهُمْ جَهْلُهُمْ وَجَهَالَتُهُمْ، وَلِذَلِكَ{لَايَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَاد(نَعَمْ اَخِي: وَهَذِهِ الْآَيَةُ لَهَا سَبَبٌ فِي النُّزُول، فَلَقَدْ جَاءَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ اَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِلَيْهِ، وَقَالُوا يَارَسُولَ الله: نَحْنُ الَّذِينَ آَمَنَّا بِاللهِ، وَآَمَنَّا بِكَ، وَآَمَنَّا بِرُسُلِ اللهِ، وَآَمَنَّا بِمَا اَنْزَلَ اللهُ، وَاَسْلَمْنَا وُجُوهَنَا لِلهِ، مَالَنَا نَعِيشُ فِي خَوْفٍ! وَنَعِيشُ فِي جُوعٍ! وَنَعِيشُ فِي فَزَع! وَاحِدُنَا لَايَاْمَنُ اَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ خَوْفاً عَلَى نَفْسِهِ! وَاَمَّا اَهْلُ الدُّنْيَا: فَهَذِهِ قُرَيْشُ الْمُتَمَرِّدَةُ عَلَى الله! وَهَذِهِ قُرَيْشٌ الَّتِي لَطَالَمَا آَذَتْ رَسُولَ اللهِ! وَآَذَتِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِين! مَالَهُمْ يَارَسُولَ اللهِ؟! يَتَقَلَّبُونَ فِي الْبُلْدَانِ! وَهُمْ فِي نَعِيمٍ آَمِنُونَ مُطْمَئِنُّونَ فِي رِحْلَتَيِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ! وَلَايَتَعَرَّضُ لَهُمْ اَحَدٌ كَرَامَةً لِبَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ الَّذِي يُقِيمُونَ فِيه؟! نَعَمْ اَخِي: فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ: اِصْبِرُوا، وَاللهِ لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْاَمْرُ مَبْلَغَهُ، حَتَّى اَنَّ الظَّعِينَةَ لَتَخْرُجُ مِنَ الْحِيرَةِ اِلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ تَطُوفُ حَوْلَهُ، ثُمَّ تَعُودُ لَاتَخَافُ شَيْئاً اِلَّا اللهَ وَالذِّئْبَ عَلَى نَفْسِهَا وَغَنَمِهَا{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون(لَكِنْ اَخِي اُنْظُرْ اِلَى النَّتِيجَةِ؟ وَتَفَكَّرْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{لَايَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَاد مَتَاعٌ قَلِيل( نَعَمْ اِنَّهُمْ يَتَمَتَّعُونَ قَلِيلاً مَهْمَا مَلَكُوا، وَمَهْمَا عَاشُوا{وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَاْكُلُونَ كَمَا تَاْكُلُ الْاَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ(نَعَمْ اَخِي مَهْمَا عَاشُوا فَاِنَّهُمْ سَيَمُوتُونَ لَامَحَالَة، وَسَيَكُونُ مُنْتَهَاهُمْ اِلَى اللهِ{وَمَااَغْنَى عَنْهُمْ مَاكَانُوا يَكْسِبُون{وَمَااَغْنَى عَنْهُمْ مَاكَانُوا يُمَتَّعُون( نَعَمْ اَخِي سَتَنْعَقِدُ هُنَالِكَ اَمَامَ اللهِ (رَغْماً عَنْهُمْ رَضُوا بِذَلِكَ اَمْ لَمْ يَرْضُوا( مَحْكَمَةُ الْعَدَالَةِ الرَّبَّانِيَّةِ الَّتِي {لَايَخْفَى (فِيهَا(عَلَى اللهِ شَيْءٌ فِي الْاَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ! فَلَاتُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَاِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ اَتَيْنَا بِهَا! وَكَفَى بِنَا حَاسِبِين{مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَاْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَاد(نَعَمْ مِهَادُهُمْ جَهَنَّم، وَنَحْنُ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ نَعْلَمُ اَنَّ الْمِهَادَ هُوَ فِرَاشُ الطِّفْلِ الَّذِي يُمَهَّدُ لَهُ حَتَّى يَسْتَرِيحَ عَلَيْهِ وَاَيُّ عَثَرَةٍ فِيهِ تُصِيبُهُ بِالْقَلَقِ وَالسَّهَر، فَهَؤُلَاءِ مِنْ بَابِ السُّخْرِيَةِ بِهِمْ مَامِهَادُهُمْ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: نَارُ جَهَنَّم{لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَل{لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاش(نَعَمْ اَخِي: مِنْ تَحْتِهِمُ النَّارُ، وَمِنْ فَوْقِهِمُ النَّارُ، وَيَتَقَلَّبُونَ فِي النَّارِ وَالْعَذَاب، نَعَمْ اَخِي: وَالطِّفْلُ الصَّغِيرُ فِي مَهْدِهِ، لَايَتَقَلَّبُ بِذَاتِهِ، وَاِنَّمَا يُقَلِّبُهُ مَنْ يَرْعَاه، نَعَمْ اَخِي: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَقَلَّبُوا فِي الْبِلَادِ وَتَنَقَّلُوا فِيهَا، وَاَكْثَرُوا فِي الْاَرْضِ الْفَسَادَ، رُبَّمَا لَنْ يَسْتَطِيعُوا اَنْ يَتَقَلَّبُوا بِاَنْفُسِهِمْ وَهُمْ مَغْلُولُونَ مُقَيَّدُون، وَاِنَّمَا الَّذِي جَعَلَهُمْ يَتَقَلَّبُونَ رَغْماً عَنْهُمْ هُوَ جَحِيمُ جَهَنَّمَ وَوَجَعُهَا وَاَلَمُهَا وَعَذَابُهَا وَالْعَيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى، وَاَمَّا اَنْتُمْ اَيُّهَا الْمُتَّقُونَ، وَاَيُّهَا الْمُؤْمِنُون {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَاَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون{لَكِنْ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا(نَعَمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْاَنْهَارُ، نَعَمْ اَخِي: وَهُنَا لَمْ يَذْكُرِ اللهُ تَعَالَى نَعِيمَ الدُّنْيَا، وَلَمْ يَعِدْهُمْ بِشَيْءٍ مِنْهُ! وَمَعَ ذَلِكَ لَابُدَّ اَنْ يَنْتَصِرُوا لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ لَابُدَّ لِلْحَقِّ اَنْ يَنْتَصِرَ عَلَى الْبَاطِلِ مَهْمَا انْتَكَسَ الْحَقُّ فِي نَظَرِ النَّاسِ وَانْتَفَشَ الْبَاطِل، نَعَمْ اَخِي: وَلَكِنَّ مُبْتَغَى الْمُؤْمِنِ الْاَوَّلَ وَالْاَخِيرَ، هُوَ اِرْضَاءُ اللهِ عَزَّ وَجَلّ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اَمَا قَرَاْتُمْ شَيْئاً عَنْ بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ؟ حِينَمَا جَاءَ الْاَنْصَارُ مِنْ زُعَمَاءِ الْاَوْسِ وَالْخَزْرَجِ يُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَارَسُولَ الله(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة، اِسْتَمِعُوا اِلَى الْاِيمَانِ كَيْفَ يَنْطِقُ بِذَكَاء(يَارَسُولَ الله! اِشْتَرِطْ لِرَبِّكَ وَلِنَفْسِك(مَاذَا تَشْتَرِطُ عَلَيْنَا لِرَبِّكَ وَلِنَفْسِك(فَانْظُرْ اَخِي مَاذَا يُجِيبُ رَسُولُ الله( يَقُولُ[اَشْتَرِطُ لِرَبِّي اَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَاتُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَاَشْتَرِطُ لِنَفْسِي اَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعوُنَ مِنْهُ اَنْفُسَكُمْ وَاَمْوَالَكُمْ[سُبْحَانَكَ يَااَللهْ! مَنْ يَنْطِقُ بِهَذَا الْكَلَام؟ اِنَّهُ رَسُولُ الله، مَاذَا تَشْتَرِطُ لِرَبِّك؟ لَاتُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَاَمَّا اَنَا وَاِنْ كَانَ رَبِّي يُؤَيِّدُنِي، لَكِنِّي بِحَاجَةٍ كَذَلِكَ اِلَى الْاَخْذِ بِالْاَسْبَاب! فَهَلْ تَمْنَعُونَنِي(هَلْ تُحَافِظُونَ عَلَيَّ كَمَا تُحَافِظُونَ عَلَى اَمْوَالِكُمْ وَعَلَى اَنْفُسِكُمْ(نَعَمْ اَخِي: اُنْظُرْ اِلَى هَذَا الْحِوَارِ الْاِنْسَانِيِّ الرَّاقِي! هَذَا الْحِوَارِ الصَّرِيحِ الَّذِي لَمْ تُوضَعْ لَهُ شُروطٌ! وَلَيْسَ فِيهِ تَهْدِيدٌ مُبَطَّن! فَمَاذَا قَالَ هَؤُلَاءِ الزُّعَمَاءُ مِنَ الْاَنْصَار؟ قَالُوا: وَمَالَنَا يَارَسُولَ اللهِ اِنْ فَعَلْنَا ذَلِك؟ اِسْتَمِعْ هُنَا جَيِّداً يَااَخِي بِاُذُنَيْكَ وَبِقَلْبِك! مَالَنَا اِذَا عَبَدْنَا اللهَ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ؟ مَالَنَا مِنَ الْاَجْرِ اِذَا حَفِظْنَاكَ كَمَا نُحَافِظُ عَلَى اَمْوَالِنَا وَعَلَى اَنْفُسِنَا؟ هَلْ قَالَ لَهُمُ الرَّسُولُ الْكَرِيمُ حِينَمَا سَتَكُونُ لَنَا الْكَلِمَةُ وَتَكُونُ لَنَا الْقُوَّةُ وَالْغَلَبَةُ سَاُعَيِّنُكَ يَافُلَانُ وَالِياً؟ هَلْ قَالَ سَاُعَيِّنُكَ يَازَيْدٌ مِنَ النَّاسِ اَمِيراً؟ هَلْ قَالَ سَاُعَيِّنُكَ يَاعَمْرُو مِنَ النَّاسِ عَلَى بَيْتِ الْمَال؟ هَلْ قَالَ سَاُعْطِيكَ مَنْصِباً مِنَ الْمَنَاصِب؟ هَلْ قَالَ لَهُمْ نَصْرُ اللهِ هُوَ اَنْ تَتَوَحَّدُوا وَاَنْ تَكُونَ لَكُمُ الْكَلِمَة؟ هَلْ قَالَ لَهُمْ نَصْرُ اللهِ هُوَ تَوْحِيدُ الصَّفِّ وَالْكَلِمَةِ بَعْدَ تَوْحِيدِ اللهِ اَوَّلاً؟ نَعَمْ اَخِي: لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَاَجَابَهُ رَبُّهُ {لَوْ اَنْفَقْتَ مَافِي الْاَرْضِ جَمِيعاً مَااَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ اَلَّفَ بَيْنَهُمْ( هَلْ قَالَ لَوَاحِدٍ مِنْهُمْ سَاُعَيِّنُكَ يَافُلَانُ عَلَى النَّاس عَرْعُوراً؟ هَلْ قَالَ سَاُعَيِّنُ حَسَنْ نَصْرَ الشَّيْطان عَرْعُوراً عَلَى الشِّيعَة؟ وَسَاُعَيِّنُ الشَّيْخَ عَدْنَانَ عَرْعُوراً عَلَى السُّنَّة؟ لَا يَااَخِي كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَقُلْهُ رَسُولُ اللهِ، وَاِنَّمَا اِسْتَمِعْ اَخِي اِلَى مَاقَالَهُ لَهُمْ: قَالُوا مَالَنَا يَارَسُولَ اللهِ اِذَا عَبَدْنَا اللهَ وَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئاً وَاِذَا حَفِظْنَاكَ كَمَا نَحْفَظُ اَنْفُسَنَا وَاَمْوَالَنَا؟ قَالَ لَكُمُ الْجَنَّة! نَعَمْ اَخِي: لَكُمْ اَيُّ شَيْءٍ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَكُمُ الْجَنَّة، وَلَمْ يَعِدْهُمْ بِاَيِّ نَوْعٍ مِنْ اَنْوَاعِ النَّصْرِ الدُّنْيَوِيِّ لِمَاذَا؟ حَتَّى يَكُونَ الْعَمَلُ مُتَجَرِّداً خَالِصاً لِوَجْهِ الله، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الَّذِي يَثُورُ وَيَغْضَبُ مِنْ اَجْلِ مَنَاصِبِ الدُّنْيَا وَمِنْ اَجْلِ زِينَتِهَا وَزَخَارِفِهَا، فَهَذَا الْاِنْسَانُ لَيْسَتْ نِيَّتُهُ خَالِصةً لِوَجْهِ الله، نَعَمْ اَخِي: اَيُّ شَيْءٍ لَكُمْ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَكُمُ الْجَنَّة، نَعَمْ اَخِي: فَمَاذَا قَالُوا لِرَسُولِ الله؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: قَالُوا رَبِحَ الْبَيْعُ يَارَسُولَ الله! لَانُقِيلُ وَلَانَسْتَقِيل! نَعَمْ لَانَطْلُبُ الْاِقَالَة، اَيْ لَانَطْلُبُ فَسْخَ هَذِهِ الْمُعَاهَدَةِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ يَارَسُولَ الله، نَعَمْ اَخِي: وَهَكَذَا يَرْقَى الْاِسْلَامُ بِاَتْبَاعِهِ؟ لِيَكُونُوا اَحْرَاراً فِي اَفْكَارِهِمْ؟ وَلِيَكُونُوا سَادَةً غَيْرَ اَذِلَّاءَ وَغَيْرَ مُذِلِّينَ لِغَيْرِهِمْ، نَعَمْ رَبِحَ الْبَيْعُ! وَلَانُقِيلُ وَلَانَسْتَقِيل{لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا(نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الَّذِينَ تَقَلَّبُوا فِي الْبِلَاد، وَاَمَّا الَّذِينَ تَنَعَّمُوا بِنِعَمِ الدُّنْيَا بَطِرِينَ بِالنِّعْمَةِ! وَمُتَجَاهِلِينَ لِلْمُنْعِمِ الْمُتَفَضِّلِ! مُتَحَدِّينَ لَهُ! وَتَقَوَّوْا بِهَا، وَاسْتَقْوَوْا بِغَيْرِ اللهِ عَلَى عِبَادِ الله! فَهَؤُلَاءِ مِهَادُهُمْ جَهَنَّم، وَاَمَّا الْمُؤْمِنُونَ الْمُخْلِصُونَ، فَمِهَادُهُمْ فِي جِنَانِ النَّعِيمِ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِهِمْ وَعَنْ اَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَمِنْ اَمَامِهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا اَخْلَصُوا النِّيَّةَ، تَاْتِي النَّتِيجَةُ الَّتِي لَمْ تَدْخُلْ فِي هَذَا الشَّرْطِ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِين، وَاِنَّمَا دَخَلَتْ فِي آَيَةٍ اُخْرَى؟ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْاَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ، وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ اَمْناً؟! يَعْبُدُونَنِي لَايُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً(نَعَمْ اَخِي: لِمَاذَا الْعَالَمُ فِي اَيَّامِنَا فَقَدَ نِعْمَةَ الْاَمْنِ؟ لِمَاذَا فَقَدَ نِعْمَةَ الطَّمَاْنِينَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي:؟ لِاَنَّ النَّاسَ بَطِرُوا مَعِيشَتَهُمْ{وَكَاَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ اَهْلَكْنَاهَا بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا، فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ خَاوِيَةً لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ اِلَّا قَلِيلاً، وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِين(نَعَمْ اَخِي اَهْلَكَهُمُ اللهُ، وَهَدَمَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَفَعَلَ فِيهِمُ الْاَفَاعِيل{وَاِذَا اَرَدْنَا اَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً اَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا(بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْنَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، اَوْ{اَمَّرْنَا مُتْرَفِيهَا(بِمَعْنَى مَلَّكْنَاهُمْ زَمَامَ الْاُمُورِ وَالسِّيَادَةِ وَالزَّعَامَةِ وَالرِّئَاسَةِ وَرِقَابَ الْعِبَاد، وَاَمَرْنَاهُمْ بِاَنْ يُطِيعُوا اللهَ، وَاَلَّا يُنْسِيَهُمُ التَّرَفُ مَااَوْجَبَهُ اللهُ عَلَيْهِمْ، نَعَمْ اَخِي: وَلَكِنَّ اَصْحَابَ التَّرَفِ، لَيْسَتْ لَهُمْ آَذَانٌ صَاغِيَة، وَلَيْسَتْ لَهُمْ عُقُولٌ وَاعِيَةَ، وَلَيْسَتْ لَهُمْ قُلُوبٌ نَابِضَةٌ بِحُبِّ الْخَيْرِ الَّذِي يُرْضِي الله، وَلَيْسَتْ لَهُمْ مَشَاعِرُ حَسَّاسَةٌ رَائِعَةٌ نَظِيفَة، بَلْ بَلِيدَةٌ وَحَقِيرَةٌ وَمُتَّسِخَةٌ بِجُوعِ الطَّمَعِ الَّذِي لَايَشْبَع، فَمَاذَا كَانَتِ النَّتِيجَة؟{فَفَسَقُوا فِيهَا، فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ، فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرَا(نَعَمْ اَيُّهَا الْبَشَر: نَعَمْ اَيُّهَا النَّاس: اِقْرَؤُوا التَّارِيخَ مِنَ الْقُرْآَنِ قَبْلَ اَنْ تَقْرَؤُوهُ مِنْ اَيِّ مَصْدَرٍ آَخَر{وَكَمْ اَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوح، وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيرَا( نَعَمْ كَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ النِّظَامِ الْمُجْرِمِ وَالْمِيلِشْيَاتِ الطَّائِفِيَّةِ الْقَذِرَةِ الشِّيعِيَّةِ وَالسُّنِّيَّةِ الدَّاعِشِيَّةِ الْمُتَطَرِّفَةِ الْبَغِيضَةِ وَالشُّيُوعِيَّةِ الْعَالَمِيَّة الْاِلْحَادِيَّةِ وَالْمَاسُونِيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ وَالْعَلْمَانِيَّةِ وَالْخَنَازِيرِ الصُّلْبَانِ الْخَوَنَةِ وَالْبُوذِيَّةِ الظَّالِمَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعُتَاةِ الظَّالِمِين، فَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ هَؤُلَاءِ خَبِيراً بَصِيرَا، وَلَسْنَا بِحَاجَةٍ اِلَى السُّفَهَاءِ مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ يَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَالَايَعْلَمُونَ فِي قَوْلِهِمْ{مَاوَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ(مِنْ نَصْرِ الْفِئَةِ الْمُسْتَضْعَفَةِ عَلَى الْفِئَةِ الْمُسْتَضْعِفَةِ{اِلَّا غُرُورَا( بَلْ هُمْ مِنْ اَوْقَحِ النَّاسِ؟ لِاَنَّهُمْ لَيْسَ لَدَيْهِمْ خِبْرَةٌ كَافِيَةٌ فِي مَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَفِي رَبِّ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ{الرَّحْمَنِ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيرَا( نَعَمْ يَااَهْلَ السُّنَّة،هَلْ تَاْمَنُونَ اَنْ يَمْكُرَ اللهُ بِكُمْ اِذَا نَجَّاكُمْ مِنْ كَيْدِ الطَّاغِيَةِ كَمَا مَكَرَ بِبَنِي اِسْرَائِيلَ الَّذِينَ عَبَدُوا الْعِجْلَ شُكْراً لِلهِ بَعْدَ اَنْ نَجَّاهُمُ اللهُ مِنْ كَيْدِ الطَّاغِيَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ سُبْحَانَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ التَّوْبَةِ اِلَّا اَنْ يَقْتُلُوا اَنْفُسَهُمْ بَعْدَ اَنْ نَجَّاهُمْ مِنْ قَتْلِ فِرْعَوْنَ ذَبْحاً لِاَبْنَائِهِمْ وَاسْتِحْيَاءً لِنِسَائِهِمْ مِنْ اَجْلِ اِذْلَالِهِنَّ بِذُلِّ الْحَسْرَةِ وَاللَّوْعَة؟ فَهَلْ تَاْمَنُونَ اَنْ يَمْكُرَ اللهُ بِكُمْ كَمَا مَكَرَ بِبَنِي اِسْرَائِيلَ مَكْراً لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ اَكْثَرُهُمْ بِمَا اَضَلَّهُمْ مِنْ ذَاكَ السَّامِرِيِّ الْاَحْمَقِ الَّذِي{اَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالَ هَذَا اِلَهُكُمْ وَاِلَهُ مُوسَى فَنَسِي( هَلْ تُرِيدُونَ اَنْ يُعِيدَ اللهُ مَعَكُمْ هَذِهِ التَّجْرِبَةَ الْمَرِيرَةَ الَّتِي جَلَبَتْ عَاراً وَخِزْياً لِبَنِي اِسْرَائِيلَ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآَخِرَة؟ وَاُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيم، اَنَّ صَبْرَكُمْ عَلَى مَايَفْعَلُهُ الطَّاغِيَةُ بِكُمْ مِنَ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ وَالْبَرَامِيلِ، خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ اَنْ تَتَعَرَّضُوا لِهَذَا الِامْتِحَانِ الرَّبَّانِيِّ الْمُرَوِّعِ الْمُخِيفِ الَّذِي لَمْ يَصْمُدْ اَمَامَهُ اَكْثَرُ بَنِي اِسْرَائِيلَ فَكَانَتِ نَتِيجَتُهُمْ مَاذَكَرَ اللهُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَه{اِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِين(نَعَمْ اَخِي: اِنَّهَا الذُّنُوبُ الَّتِي يَجِبُ اَنْ نَتَخَلَّى عَنْهَا، اِنَّهُ الْمَرَضُ الَّذِي خَيَّمَ عَلَى مُجْتَمَعَاتِنَا، اِنَّهَا الذُّنُوبُ الَّتِي تَفَشَّتْ فِي كُلِّ مَرَافِقِ الْحَيَاةِ، فِي الشَّارِعِ، وَفِي الْمَحَاكِمِ، وَفِي الْمَحَلَّاتِ، وَفِي الْبُيُوتِ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ{اِلَّا مَارَحِمَ رَبِّي( نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اَلَا يَااَيُّهَا الْعُقَلَاء، يَامَنْ تَسْتَمِعُونَ اِلَيْنَا دَاخِلَ الْجَامِعِ وَخَارِجَهُ عَبْرَ مُكَبِّرَاتِ الصَّوْتِ، اَمَا آَنَ لَنَا اَنْ نَعْقِلَ؟ اَمَا آَنَ لَنَا اَنْ نَعُودَ اِلَى اللهِ؟ اَمَا آَنَ لَنَا اَنْ نَقُولَ يَارَبّ اِنَّ كُلَّ نِعْمَةٍ اَنْعَمْتَهَا عَلَيْنَا هِيَ مِنْكَ، نَعَمْ هِيَ مِنْكَ وَحْدَكَ، وَاَنْتَ سُبْحَانَكَ اَعْطَيْتَ وَاَنْتَ قَادِرٌ عَلَى اَنْ تَسْلُبَ فِي اَيِّ وَقْتٍ تُرِيد، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ حِينَمَا الْاِيمَانُ يَتَغَلْغَلُ فِي النُّفُوسِ هَذَا التَّغَلْغُلَ الْحَمِيم، فَوَاللهِ اِنَّ اِيمَانِي يَمْنَعُنِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اَنْ اَضْرِبَ الْحَيَوَان، فَمَا بَالُكَ اَخِي بِمَنْ يَضْرِبُ الْاِنْسَان؟! نَعَمْ اَخِي: مُجَرَّدُ الضَّرْبِ! مُجَرَّدُ اِهَانَةِ الْاِنْسَانِ فِي كَرَامَتِهِ الْاِنْسَانِيَّةِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ مَيِّتاً! يَقُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام: كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ، كَكَسْرِهِ حَيّاً، نَعَمْ اَخِي الْاِنْسَان: اَنْتَ مُكَرَّمٌ عَلَى اللهِ، فَاِذَا كَسَرْتَ عَظْمَ اِنْسَانٍ مَيِّتٍ، فَكَاَنَّكَ كَسَرْتَ عَظْمَهُ وَهُوَ حَيٌّ، نَعَمْ اَخِي: اَيُّ رُقِيٍّ اَعْظَمُ مِنْ هَذَا الرُّقِيِّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم؟! اَيَّةُ رَحْمَةٍ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ جَمِيعاً! وَاَخُصُّ الْاَقْوِيَاءَ؟ لِاَنَّهُمْ بِحَاجَةٍ اِلَى هَذِهِ الْقِيَمِ الْاِنْسَانِيَّةِ اَكْثَرَ مِنَ الضُّعَفَاء، هَلْ اَنْتَ اَخِي سَتَبْقَى قَوِيّاً؟ هَلْ اَنْتَ ضَامِنٌ اَنَّكَ سَتَبْقَى عَزِيزاً؟ هَلْ اَنْتَ ضَامِنٌ عَلَى اَنَّ الدُّنْيَا سَتَبْقَى لَك؟ لَا وَرَبِّي مَنْ يَضْمَنُ هَذَا؟ اَيْنَ الْآَبَاءُ؟ اَيْنَ الْاَجْدَادُ؟ اَيْنَ الْمُلُوكُ ذَوُو التِّيجَانِ مِنْ يَمَنٍ؟ وَاَيْنَ مِنْهُمْ اَكَالِيلٌ وَتِيجَانُ؟ اَتَى عَلَى الْكُلِّ اَمْرٌ لَامَرَدَّ لَهُ، فَكَانُوا وَكَاَنَّ الْقَوْمَ مَاكَانُوا، نَعَمْ اَخِي: وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ، لَمَّا تَوَلَّى اَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِي نَعْتَبِرُهُ خَامِسَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَهُوَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَرَحِمَهُ اللهُ، فَمَاذَا طَلَبَ مِنَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ؟ نَعَمْ اَخِي: طَلَبَ مِنْهُ اَنْ يَنْصَحَهُ! وَيَاسَلَامْ حِينَمَا وَلِيُّ الْاَمْرِ! حِينَمَا خَلِيفَةُ الْمُسْلِمِينَ! يَطْلُبُ مِنَ الْعَالِمِ اَنْ يَنْصَحَهُ! فَمَاذَا قَالَ لَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ بَعْدَ اَنْ اَرَاحَ اللهُ تَعَالَى النَّاسَ مِنَ الْحَجَّاجِ؟ نَعَمْ اَخِي: وَلَمَّا قَتَلَ اللهُ الْحَجَّاجَ بِمَرَضٍ عَجِيبٍ، فَلَمَّا مَاتَ الْحَجَّاجُ سَجَدَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ شُكْراً لِلهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا سَجَدَ رَسُولُ اللهِ حِينَمَا سَمِعَ بِمَقْتَلِ اَبِي جَهْلٍ، نَعَمْ اَخِي: فَكَتَبَ اِلَيْهِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ بِكَلَامٍ لَاتَفْخِيمَ فِيهِ وَلَاتَعْظِيمَ، وَاِنَّمَا نَادَاهُ بِهَذَا النِّدَاءِ، يَااَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يَاابْنَ عَبْدِ الْعَزِيز! اِعْلَمْ هَذِهِ الْحَقِيقَة، وَمَاهِيَ هَذِهِ الْحَقِيقَةُ؟ لَوْ دَامَتِ(السُّلْطَةُ اَوِ الْخِلَافَةُ لِغَيْرِكَ(يَابَشَّار وَيَازُعَمَاءَ الْعَرَبِ وَالْعَالَم( مَاوَصَلَتْ اِلَيْكَ، نَعَمْ اَخِي: مَااَعْظَمَهَا مِنْ وَصِيَّةٍ تُكْتَبُ بِمَاءِ الذَّهَبِ، فَاَيْنَ الْمُلُوكُ؟ وَاَيْنَ الْخُلَفَاءُ؟ اَيْنَ الطَّالِحُونَ مِنْهُمْ؟ بَلْ اَيْنَ الصَّالِحُونَ مِنْهُمْ؟ وَاَيْنَ الْمُتَّقُونَ مِنْهُمْ؟ اَيْنَ الْمُتَمَرِّدُونَ عَلَى اللهِ مِنْهُمْ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اَلْكُلُّ ذَهَب وَلَنْ يَعُودَ اِلَى هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا اَبَداً، بَلْ {اِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى( نَعَمْ اَخِي: وَكَمَا قُلْنَا فِي مُشَارَكَةٍ سَابِقَةٍ: اَنَّ الْبُهْلُولَ اَخَا هَارُونَ الرَّشِيدِ الَّذِي يَصِفُونَهُ بِاَنَّهُ مَجْنُونٌ! لَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ عَاقِلٌ! وَكَانُوا يَصِفُونَهُ بِالْجُنُونِ؟ لِاَنَّهُ كَانَ بَعِيداً عَنْ طَمَعِ الدُّنْيَا، قَالَ لَهُ اَخُوهُ هَارُونُ: عِظْنِي يَااَخِي! وَكَانَ هَارُونُ قَدْ طَلَبَ كَاْساً مِنَ الْمَاءِ وَشَرِبَهُ، وَبَعْدَ اَنِ انْتَهَى مِنْ شُرْبِهِ قَالَ اَخُوهُ يَااَمِيرَ الْمُؤْمِنِين: لَوْ مُنِعَ عَنْكَ هَذَا الْكَاْسُ مِنَ الْمَاءِ! بِكَمْ تَشْتَرِيهِ؟ فَقَالَ: بِنِصْفِ مَمْلَكَتِي، فَقَالَ: وَاِنْ حُبِسَ عَنْكَ وَلَمْ تَعُدْ تَسْتَطِيعُ اَنْ تُخْرِجَهُ، فَمَاذَا تَدْفَعُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْكَ هَذَا الْمَاءُ بَوْلاً؟ قَالَ: اَدْفَعُ كُلَّ مُلْكِي، بَلْ كُلَّ مَااَمْلِكُ، فَقَالَ: اِذاً تَبّاً لِمُلْكٍ لَايُسَاوِي بَوْلَة، فَقَالَ: عِظْنِي يَااَخِي بِمَزِيدٍ مِنَ الْوَعْظِ! فَقَالَ: بِمَاذَا اَعِظُكَ! وَهَذِهِ قُصُورُكُمْ! وَتِلْكَ قُبُورُكُمْ! نَعَمْ اَنْتَ الْآَنَ فِي الْقَصْرِ! وَغَداً سَتَكُونُ فِي الْقَبْرِ! وَانْظُرْ اِلَى مَقَابِرِ الْخُلَفَاءِ هُنَالِكَ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَكَ! مَاذَا اَخَذُوا مِنْ قُصُورِهِمْ؟! نَعَمْ لَمْ يَاْخُذُوا اِلَّا حُفْرَةً عَلَى مَقَاسِ كُلِّ مِسْكِينٍ مِنْهُمْ! فَاِنْ كَانَ طَالِحاً، اِخْتَلَفَتْ فِيهَا اَضْلَاعُهُ، وَاِنْ كَانَ صَالِحاً، وُسِّعَتْ عَلَيْهِ وَكَانَتْ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَاِذَا ضُيِّقَتْ عَلَى الطَّالِحِ، كَانَتْ حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النَّارِ، اِنْتَهَى كَلَامُ الْبَهْلُول.. اَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَاَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، حَمْداً لَكَ يَارَبّ، لَا اِلَهَ اِلَّا اَنْت، يَااِخْوَان، وَاللهِ الْعَظِيم تَكْفِينَا نِعْمَةُ الْاِيمَان، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَالْمُؤْمِنُ مَهْمَا اُصِيبَ، لَايَيْاَسُ وَلَايَجْزَعُ، وَمَهْمَا ضُيِّقَ عَلَيْهِ، فَاِنَّهُ يَعْلَمُ اَنَّ رِحَابَ الْاِيمَانِ اَوْسَعُ، وَمَهْمَا قُتِّرَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، فَاِنَّهُ يَعْلَمُ اَنَّ نَعِيمَ الْجَنَّةِ اَعْظَم، يَقُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[مَاالدُّنْيَا وَمَافِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِاَهْلِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا، اِلَّا كَمَا يَغْمِسُ اَحَدُكُمْ اِصْبَعَهُ فِي الْيَمِّ، فَبِمَ يَرْجِع؟(نَعَمْ هَذِهِ هِيَ الدُّنْيَا كُلُّهَا اَيُّهَا الْمَغْرُورُونَ بِالدُّنْيَا بِبَرِيقِهَا بِزِينَتِهَا، سَتَفْنَى، وَاَنْتُمْ سَتَفْنَوْنَ، وَاَنْتُمْ سَتَمُوتُونَ، كُلُّنَا سَنَمُوتُ، وَلَكِنْ فَرْقٌ بَيْنَ مَنْ جَاءَ رَبَّهُ مَطْمُوساً عَلَى قَلْبِهِ وَبَصَرِهِ بِحِمْلٍ ثَقِيلٍ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْآَثَامِ، وَبَيْنَ مَنْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيم، نَعَمْ يَامَنْ تَضْحَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا{اِنَّ الَّذِينَ اَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ، وَاِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ، وَاِذَا انْقَلَبُوا اِلَى اَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ(فَاكِهِينَ{ وَاِذَا رَاَوْهُمْ قَالُوا اِنَّ هَؤُلَاءِ(الْمُؤْمِنِينَ{لَضَالُّونَ، وَمَااُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ(نَعَمْ اَخِي: هَذَا فِي الدُّنْيَا، فَيَارَبّ اُنْقُلْنَا فَوْراً اِلَى الْآَخِرَة{فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ، عَلَى الْاَرَائِكِ يَنْظُرُونَ، هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَاكَانُوا يَفْعَلُون(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اَشْكُرُكُمْ وَاَشْكُرُ هَؤُلَاءِ الشَّبَابَ الَّذِينَ اَتَوَسَّمُ فِيهِمْ كُلَّ خَيْرٍ، وَاَنَا اَعْرِفُ وَاللهِ مَصْلَحَتَهُمْ اَكْثَرَ مِمَّا اَعْرِفُ مَصْلَحَتِي، وَوَاللهِ لَااَقْصِدُ بِذَلِكَ فِي اَيِّ تَصَرُّفٍ اَتَصَرُّفُهُ، لَا اَقْصُدُ نَفْسِي، وَاِنَّمَا اَقْصُدُكُمْ جَمِيعاً، وَخَاصَّةً الشَّبَابَ مِنْكُمْ، فَاِنَّهُ لَايَنْفَعُنَا اِلَّا اَنْ نَعُودَ اِلَى الله، فَلَكُمْ شُكْرِي الْجَزِيل، فَلَقَدْ رَفَعْتُمْ مِنْ سِهَامِي، وَرَفَعْتُمْ مِنْ شَاْنِي، بِاسْتِمَاعِكُمْ لِنَصِيحَتِي، وَتَقَبُّلِهَا، وَالْعَمَلِ بِهَا، وَاَنَا اَعْلَمُ عِلْمَ الْيَقِينِ اَنَّكُمْ تُحِبُّونَنِي، كَمَا اَنَا اُحِبُّكُمْ فِي اللهِ اَيْضاً{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ اَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَاْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ( نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اَنْتُمُ ارْتَفَعْتُمْ عِنْدِي كَثِيراً، وَاَنْتُمْ رَفَعْتُمُونِي، وَنَحْنُ يَرْفَعُ بَعْضُنَا بَعْضاً، وَالَّذِي يَرْفَعُنَا فِي الْاَصْلِ هُوَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِين، اَللَّهُمَّ ارْفَعْ دِينَكَ، وَارْفَعْ اُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَارْفَعِ الْحَقَّ وَاَهْلَهُ يَارَبّ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: نُجِيبُ عَنْ بَعْضِ الْاَسْئِلَةِ الَّتِي وَرَدَتْ اِلَيْنَا، وَمِنْ جُمْلَتِهَا سُؤَالٌ يَقُولُ فِيهِ السَّائِل؟: اِنْسَانٌ يُصَلِّي الْاَوْقَاتَ الْخَمْسَةَ بِوُضُوءٍ وَاحِد، بِمَعْنَى اَنَّ اِنْسَاناً مَا يَتَوَضَّأُ مَثَلاً فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ يُصَلِّي بِنَفْسِ الْوُضُوءِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ! فَمَا حُكْمُ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ فِي شَرْعِنَا الْاِسْلَامِيِّ الْحَنِيف؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: اَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُول{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اِذَا قُمْتُمْ اِلَى الصَّلَاةِ، فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَاَيْدِيَكُمْ اِلَى الْمَرَافِقِ، وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَاَرْجُلَكُمْ{وَاَرْجُلِكُمْ{ اِلَى الْكَعْبَيْن(نَعَمْ اَخِي: لَابُدَّ لِهَذِهِ الْآَيَةِ مِنْ تَقْدِيرَات، بِمَعْنَى اَنَّهُ لَابُدَّ لَهَا مِنْ كَلَامٍ مُقَدَّرٍ مَحْذُوف، فَمَا هُوَ الْمَعْنَى التَّقْدِيرِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى{اِذَا قُمْتُمْ اِلَى الصَّلَاة(وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اَيْ اِذَا اَرَدْتُّمُ الْقِيَامَ اِلَى الصَّلَاة، نَعَمْ اَخِي: وَلِمَاذَا هَذَا الْمَعْنَى التَّقِديرِيّ؟ هَلْ نَحْنُ مُضْطَّرُّونَ لَهُ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: نَعَمْ لِمَاذَا؟ لِاَنَّكَ اِذَا اَخَذْتَ بِظَاهِرِ الْكَلَامِ فِي الْآَيَةِ، يُصْبِحُ الْمَعْنَى غَرِيباً وَعَجِيباً وَغَيْرَ مُسْتَسَاغٍ عَلَى الشَّكْلِ التَّالِي {اِذَا قُمْتُمْ اِلَى الصَّلَاةِ(اَيْ عَلَيْكُمْ اَنْ تَتَوَضَّؤُوا بَعْدَ اَنْ تَقُومُوا اِلَى الصَّلَاةِ وَتُؤَدُّوهَا وَتَنْتَهُوا مِنْ اِقَامَةِ شَعَائِرِهَا بِالتَّسْلِيمَتَيْنِ الْمَعْرُوفَتَيْن، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الَّذِينَ يَدْرُسُونَ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ مِنَ الْاَجَانِبِ غَيْرِ الْعَرَبِ، لَايَتَذَوَّقُونَ هَذِهِ الْمَعَانِي، وَلِذَلِكَ اَحْيَاناً اِذَا كَانُوا مُغْرِضِينَ اَوْ جُهَلَاءَ، تَرَاهُمْ اَخِي يَتَّهِمُونَ الْقُرْآَنَ قَبْلَ اَنْ يَتَّهِمُوا اَنْفُسَهُمْ بِالْغَبَاءِ وَالْبَلَادَةِ وَالْجَهْلِ وَالْحَمَاقَةِ وَالتَّقْصِيرِ فِي فَهْمِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ هُنَاكَ مِنَ الْاُمُورِ الَّتِي لَابُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهَا{فَاِذَا قُمْتُمْ اِلَى الصَّلَاةِ(اَيْ اِذَا اَرَدْتُّمُ الْقِيَامَ اِلَى الصَّلَاةِ وَلَسْتُمْ مُتَوَضِّئِينَ، فَافْعَلُوا كَذَا وَكَذَا وَكَذَا، نَعَمْ اَخِي: فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، هُنَاكَ مُفْرَدَاتٌ وَجُمَلٌ لَابُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ كَلَامِ اللهِ تَعَالَى فِيهَا، فَمَثَلاً قَوْلُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{يَسْاَلُونَكَ مَاذَا اُحِلَّ لَهُمْ؟ قُلْ اُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَاعَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ(وَالْجَوَارِحُ اَخِي هِيَ الْكِلَابُ وَالْفُهُودُ وَالصُّقُورُ وَالنُّسُورُ اِلَى غَيْرِ ذَلِك، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا اَرَدْتَّ اَنْ تَاْخُذَ بِظَاهِرِ الْكَلَامِ هُنَا فِي الْآَيَةِ، فَاِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي يَتَبَادَرُ فَوْراً اِلَى ذِهْنِكَ، هُوَ اَنَّ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي تَصْطَادُونَ بِهَا يَجُوزُ ذَبْحُهَا وَ اَكْلُهَا! وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَسَاغ، وَلِذَلِكَ اَخِي اَنْتَ بِحَاجَةٍ هُنَا اِلَى اَنْ تُقَدِّرَ مَعْنَى كَلَامِ اللهِ عَلَى الشَّكْلِ التَّالِي: قَالَ اللهُ تَعَالَى{يَسْاَلُونَكَ مَاذَا اُحِلَّ لَهُمْ: قُلْ اُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ(وَصَيْدُ{مَاعَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِح(نَعَمْ اَخِي فَلَابُدَّ مِنَ التَّقْدِيرِ، وَهُوَ جَلْبُكَ لِلْمَعْنَى الْقُرْآَنِيِّ الْمُرَادِ عَلَى حَقِيقَتِهِ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ وَغَيْرِهَا، وَتَجَاهُلُكَ لِلْمَعْنَى الرَّكِيكِ غَيْرِ الْمَقْبُولِ الَّذِي يَتَبَادَرُ فَوْراً اِلَى ذِهْنِكَ لِلْوَهْلَةِ الْاُولَى اِذَا لَمْ تَتَعَمَّقْ فِي مَعَانِي الْقُرْآَن، نَعَمْ اَخِي: وَاَضْرِبُ لَكَ مَثَلاً آَخَرَ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً اَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ اَيَّامٍ اُخَرَ(نَعَمْ اَخِي: بَعْضُ الْفُقَهَاءِ اَخَذُوا بِظَاهِرِ الْآَيَةِ وَقَالُوا: اِنَّ الْمُسَافِرَ لَايُقْبَلُ مِنْهُ الصَّوْمُ وَكَذَلِكَ الْمَرِيض، بِمَعْنَى اَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ لَوْ صَامَا لَايُتَقَبَّلُ مِنْهُمَا؟ لِاَنَّ اللهَ يَقُولُ لَهُمَا{فَعِدَّةٌ مِنْ اَيَّامٍ اُخَر( نَعَمْ اَخِي: لَكِنَّ فُقَهَاءَ آَخَرِينَ يَقُولُونَ: بَلْ يُقْبَلُ الصَّوْمُ مِنْهُمَا اِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ مِنْ تَاْخِيرِ السَّفَرِ الَّذِي يَقْضِي مَصَالِحَ الْمُسْلِمِينَ بِمَا شَرَعَهُ اللهُ وَاَحَلَّهُ وَمِنْ تَاْخِيرِ الشِّفَاءِ لِلْمَرَضِ اَوِ انْعِدَامِ الشِّفَاءِ وَاِشْرَافِ الْمَرِيضِ عَلَى الْهَلَاكِ اَوِ الْمَوْتِ بِسَبَبِ الصَّوْم؟ وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءِ لِمَاذَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُمَا؟ قَالُوا لِاَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ هُوَ عَلَى الشَّكْلِ التَّالِي{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً اَوْ عَلَى سَفَرٍ(فَاَفْطَرَ{فَعِدَّةٌ مِنْ اَيَّامٍ اُخَرَ(نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْخِلَافَ يَحْدُثُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي مَفْهُومِ الْآَيَةِ وَفِي مَفْهُومِ الْحَدِيثِ، وَلَكِنَّهُمْ مَهْمَا اخْتَلَفُوا، فَلَايَمْنَعُ اَنْ يَكُونَ خَلَافُهُمْ مُنْضَبِطاً بِالنَّصِّ وَبِمَا يَفْهَمُ هَؤُلَاءِ الْمُجْتَهِدُونَ فَهْماً يَحْتَمِلُ الصَّوَابَ لِكُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ وَلَوْ كَانَ فَهْماً يُخَالِفُ الْفَهْمَ الْآَخَر، بِمَعْنَى اَنَّهُمْ لَايَجْتَهِدُونَ خَارِجَ مَوْرِدِ النَّصِّ وَحُدُودِهِ، وَلَايُحَمِّلُونَ النَّصَّ الْقُرْآَنِيَّ اَوِ النَّبَوِيَّ مَالَايَحْتَمِلُهُ مِنَ الْمَعْنَى غَيْرِ الْمُرَاد، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ نَحْنُ نَقُول{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اِذَا قُمْتُمْ اِلَى الصَّلَاةِ(اَيْ اِذَا اَرَدْتُّمُ الْقِيَامَ اِلَى الصَّلَاةِ وَاَنْتُمْ غَيْرُ مُتَوَضِّئِينَ{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَاَيْدِيَكُمْ اِلَى الْمَرَافِقِ، وَامْسَحُوا بِرُؤَوسِكُمْ، وَاَرْجُلَكُمْ اِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَاِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا(اَيْ فَاغْتَسِلُوا وَاسْتَحِمُّوا، نَعَمْ اَخِي: وَمِنْ هُنَا نَسْتَنْتِجُ اَنَّهُ مَنْ صَلَّى الْخَمْسَةَ اَوْقَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ؟ لِاَنَّهُ قَامَ اِلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ مُتَوَضِّىءٌ، لَكِنْ لَايَنْبَغِي لَهُ اَنْ يَتَّخِذَ مِنْ ذَلِكَ عَادَةً دَائِمَةً لَهُ؟ لِمَا فِي الْوُضُوءِ مِنْ ثَوَابٍ وَاَجْرٍ عَظِيمٍ لِاُمَّةِ مُحَمَّد! فَاِنَّهُمْ يَاْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرّاً مُحَجَّلِينَ مِنْ آَثَارِ الْوُضُوءِ كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ صَحِيح! وَفِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ آَخَرَ اَنَّ الْحِلْيَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَبْلُغُ بِالْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ وَهَذِهِ نَاحِيَة! وَاَمَّا مِنَ النَّاحِيَةِ الْاُخْرَى: فَاِذَا صَلَّيْتَ اَخِي الْاَوْقَاتَ الْخَمْسَةَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، فَقَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ صِحِّيٌّ كَبِيرٌ اِذَا حَصَرْتَ الْبَوْلَ اَوْ حَقَنْتَ مَايَخْرُجُ مِنْ فَضَلَاتِ الطَّعَامِ، فَقَدْ تُصَابُ بِالْاَمْرَاضِ، فَاِذَا كُنْتَ تُصَلِّي وَاَنْتَ حَاقِنٌ لِلْخُرَاءِ اَوْ حَاصِرٌ لِلْبَوْلِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَكُونُ الصَّلَاةُ مَكْرُوهَةً كَرَاهَةً تَحْرِيمِيَّةً اَقْرَبَ اِلَى الْحَرَامِ مِنْهَا اِلَى الْحَلَالِ؟ لِاَنَّكَ بِحَقْنِكَ وَبِحَصْرِكَ تَنْشَغِلُ عَنِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ فَتَخْسَرُ الْفَلَاحَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{قَدْ اَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُون(نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ اَنَّ صَلَاتَكَ صَحِيحَةٌ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ جَمِيعاً وَخَاصَّةً اِذَا كُنْتَ شَابّاً قَادِراً عَلَى الْمُحَافَظَة عَلَى وُضُوئِكَ، لَكِنْ مِنَ النَّاحِيَةِ الصِّحِّيَّةِ، يَحْرُمُ عَلَيْكَ شَرْعاً اَنْ تَحْصُرَ الْبَوْلَ اَوْ تَحْقِنَ الْخُرَاءَ مِنْ فَضَلَاتِ الطَّعَام، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ لِوَلَدِهِ: اِذَا كُنْتَ يَابُنَيَّ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ وَجَاءَكَ الْبَوْلُ، فَمَاذَا تَفْعَلُ؟ قَالَ: اَنْزِلُ فَاَبُولُ، فَقَالَ اِذاً اَلْوَقْتُ طَوِيل وَالْاَفْضَلُ اَنْ تَبُولَ بِثِيَابِكَ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ وَذَلِكَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ اَنْ تَحْصُرَ الْبَوْلَ، فَانْظُرْ اَخِي اِلَى الْفَتْرَةِ الزَّمَنِيَّةِ الَّتِي تَحْصُرُ فِيهَا نَفْسَكَ عَنِ الْبَوْلِ اَوِ الْخُرَاءِ، فَاِنَّهَا تُعْتَبَرُ وَقْتاً طَوِيلاً؟ لِاَنَّ هَذِهِ الْفَضَلَاتِ بِمُجَرَّدِ مَاتَشْعُرُ اَخِي اَنَّكَ بِحَاجَةٍ اِلَى اِخْرَاجِهَا، فَعَلَيْكَ اَنْ تُخْرِجَهَا فَوْراً؟ حَتَّى لَايَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ ضَرَر، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ اَكْثَرَ اَمْرَاضِ الْمَعِدَةِ وَالْكُولُونِ وَغَيْرَهَا مِنَ الْاَمْرَاضِ الْخَطِيرَةِ، تَاْتِي نَتِيجَةَ اسْتِهْتَارِكَ وَتَرَاخِيكَ فِي اِخْرَاجِ هَذِهِ الْفَضَلَاتِ مِنَ الْخُرَاءِ وَالْبَوْلِ الْاَخْبَثَيْنِ، فَلَا اَضَرَّ عَلَى الْاِنْسَانِ مِنْ حَصْرِهِمَا.. نَعَمْ اَخِي بَعْدَ ذَلِكَ هُنَاكَ سُؤَالٌ يَقُولُ فِيهِ السَّائِلُ: مَاحُكْمُ اِقَامَةِ الصَّلَاةِ فِي الشَّرْعِ الْاِسْلَامِيّ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي اِقَامَةُ الصَّلَاةِ عِنْدَنَا فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ سَوَاءً كَانَتِ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً اَمْ كَانَتِ الصَّلَاةُ مُنْفَرِدَة .. نَعَمْ اَخِي: بَعْدَ ذَلِكَ هُنَاكَ سُؤَالٌ آَخَرُ؟ هَلْ يَجُوزُ اَنْ يُصَلِّيَ الْمُسْلِمُ قَاعِداً مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَام؟ بِمَعْنَى اَنَّ اِنْسَاناً مَا يَسْتَطِيعُ اَنْ يُصَلِّيَ قَائِماً، وَلَكِنَّهُ يُصَلِّي قَاعِداً بِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ، فَهَلْ صَلَاتُهُ صَحِيحَة؟ اَمْ غَيْرُ صَحِيحَة؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: اَوّلاً بِالنِّسْبَةِ لِفَرَائِضِ الصَّلَاة: اِتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ جَمِيعاً عَلَى اَنَّ الْقِيَامَ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ رُكْنٌ مِنْ اَرْكَانِ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَقُومُوا لِلهِ قَانِتِين(نَعَمْ اَخِي: هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْضِ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى اَنَّكَ اَخِي اِذَا كُنْتَ تَسْتَطِيعُ اَنْ تُصَلِّيَ قَائِماً فَلَايَجُوزُ شَرْعاً اَنْ تُصَلِّيَ قَاعِداً بِغَيْرِ قِيَامٍ اَوْ وُقُوف(نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ قَاعِداً بِمَعْنَى اَنْ تَكُونَ قَاعِداً عَلَى مَقْعَدَتِكَ، فَهُنَاكَ فَرْقٌ بَيْنَ الْقُعُودِ وَ بَيْنَ الْجُلُوس؟ اَمَّا الْجُلُوسُ: فَهُوَ اَنْ تَكُونَ عَلَى الْاَرْضِ عَلَى اَيَّةِ هَيْئَة، وَاَمَّا الْقُعُودُ فَهُوَ اَنْ تَتَمَكَّنَ بِمِقْعَدِتِكَ(مُؤَخِّرَتِكَ(مِنَ الْاَرْضِ( وَلِذَلِكَ اَخِي اِذَا كُنْتَ مُتَمَكِّناً مِنْ قَعْدَتِكَ عَلَى مَقْعَدَتِكَ، فَاِنَّكَ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوؤُكَ وَلَوْ نِمْتَ نَوْماً عَمِيقاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّكَ بِقَعْدَتِكَ هَذِهِ سَدَدْتَّ مَجْرَى شَرْجِكَ فَاَصْبَحَ مِنَ الصُّعُوبَةِ بِمَكَانٍ اِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِيلاً اَنْ يَخْرُجَ مِنْكَ ضُرَاطٌ اَوْ فُسَاءٌ، اِلَّا اِذَا كُنْتَ مُصَاباً بِنَزْلَةٍ قَوِيَّةٍ شَدِيدَةٍ مِنَ الْاِسْهَالِ الْحَادِّ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَنْتَقِضُ وُضُوؤُكَ اِذَا نِمْتَ نَوْماً عَمِيقاً(نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ اَنَّكَ اِذَا كُنْتَ قَادِراً عَلَى الْقِيَامِ، فَلَايَجُوزُ اَنْ تُصَلِّيَ فَرَائِضَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِغَيْرِ قِيَامٍ، اِلَّا اِذَا كُنْتَ مَرِيضاً لَاتَسْتَطِيعُ اِلَى الْقِيَامِ سَبِيلاً، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْفَرْضِ، فَاِنَّ سُنَنَ الرَّوَاتِبِ وَالنَّوَافِلَ وَمِنْهَا صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ، وَمِنْهَا قِيَامُ اللَّيْلِ وَصَلَاةُ التَّهَجُّدِ، وَمِنْهَا صَلَاةُ الْاَوَّابِينَ عِنْدَ الضُّحَى وَبَيْنَ الْعِشَائَيْنِ، كُلُّ هَذِهِ تُعْتَبَرُ مِنَ النَّوَافِل، نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ اِذَا صَلَّيْتَهَا وَاَنْتَ قَاعِدٌ مَعَ قُدْرَتِكَ عَلَى الْقِيَامِ، صَحَّتْ صَلَاتُكَ، وَلَكِنْ نَقَصَ اَجْرُكَ، فَيَكُونُ لَكَ نِصْفُ الْاَجْرِ، نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ سُنَنِ الرَّوَاتِبِ: هِيَ بِمَعْنَى الَّتِي رَتَّبَهَا الشَّرْعُ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ وَبَعْدَ الْفَرِيضَةِ، فَمَثَلاً صَلَاةُ الظُّهْرِ: رَتَّبِ الشَّرْعُ الْاِسْلَامِيُّ قَبْلَهَا رَكْعَتَيْنِ اَوْ اَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَرَتَّبَ بَعْدَهَا اَيْضاً رَكْعَتَيْنِ اَوْ اَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَرَتَّبَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ، وَ رَتَّبَ بَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ اَوْ اَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَرَتَّبَ قَبْلَ الْفَجْرِ رَكْعَتَيْنِ وَهِيَ اَهَمُّ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ بَيْنَ هَذِهِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ جَمِيعِهَا، نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ جَمِيعُهَا تُسَمَّى سُنَنَ رَوَاتِب: اَيْ رُتِّبَتْ عَلَى الْفَرَائِضِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا، نَعَمْ اَخِي: فَسُنَنُ الرَّوَاتِبِ وَالنَّوَافِلُ كُلُّهَا يَجُوزُ اَنْ تُصَلَّى قُعُوداً مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ، وَلَكِنْ يَكُونُ لَكَ اَخِي نِصْفُ الْاَجْرِ فَقَطْ، وَاَمَّا اِذَا كُنْتَ لَاتَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ، وَكَانَ مِنْ عَادَتِكَ اَنَّكَ حِينَمَا كُنْتَ فِي عَافِيَتِكَ وَصِحَّتِكَ كُنْتَ تُصَلِّي وَاقِفاً، وَالْآَنَ لَاتَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ فَصَلَّيْتَ وَاَنْتَ قَاعِدٌ، فَلَكَ بِذَلِكَ الْاَجْرُ كَامِلاً عِنْدَ الله، نَعَمْ اَخِي: وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيَّة: لَانَسْمَعُ لَكُمْ صَوْتاً فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَةِ! فَمَاذَا دَهَاكُمْ؟! وَمَارَاْيُكُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْاَلَة؟ قَالُوا: اَلْوِتْرُ لَايَجُوزُ اَنْ يُصَلَّى قَاعِداً مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَام، وَنَقُولُ لَهُمْ لِمَاذَا؟ قَالُوا: لِاَنَّ الْوَتْرَ وَاجِبٌ؟ وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيَّة: وَمَامَعْنَى وَاجِبٌ عِنْدَكُمْ؟ قَالُوا: بِمَعْنَى اَنَّ الْوِتْرَ اَقْرَبُ اِلَى الْفَرْضِ مِنْهُ اِلَى النَّافِلَة، وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيَّة: وَهَلْ هُنَاكَ صَلَاةٌ اُخْرَى رَاتِبَةٌ اَوْ نَافِلَةٌ لَاتُصَلَّى قُعُوداً عِنْدَكُمْ مَعَ قُدْرَتِكُمْ عَلَى الْقِيَام؟ قَالُوا: نَعَمْ هُنَاكَ اَيْضاً سُنَّةُ الْفَجْرِ الَّتِي لَانُصَلِّيهَا قُعُوداً مَعَ قُدْرَتِنَا عَلَى الْقِيَامِ؟ لِاَنَّهَا مِنْ اَقْوَى السُّنَن، نَعَمْ اَخِي: وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيَّة: مَاذَا عَنْ صَلَاةِ الْوَتْرِ عِنْدَكُمْ؟ وَمَاذَا عَنْ سُنَّةِ الصُّبْحِ؟ قَالُوا: صَلَاةُ الْوِتْرِ وَاجِبَة، وَاَمَّا رَكْعَتَا الْفَجْرِ قَبْلَ رَكْعَتَيِ الْفَرِيضَةِ، فَهُمَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَة، وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيَّة: اَيُّهُمَا اَقْوَى عِنْدَكُمْ؟ قَالُوا: اَلْوَاجِبُ اَقْوَى مِنَ السُّنَّة، وَلِذَلِكَ فَاِنَّ صَلَاةَ الْوِتْرِ اَقْوَى مِنْ رَكْعَتَيْ سُنَّةِ الْفَجْرِ، وَنَقُولُ لِلشَّافِعِيَّة: مَاذَا عَنْ صَلَاةِ الْوَتْرِعِنْدَكُمْ؟ وَمَاذَا عَنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ؟ قَالُوا: صَلَاةُ الْوِتْرِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ قَبْلَ الْفَريضَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ اَيْضاً، وَنَقُولُ لِلشَّافِعِيَّة: اَيُّهُمَا اَقْوَى عِنْدَكُمْ؟ قَالُوا: سُنَّةُ الْفَجْرِ اَقْوَى مِنْ سُنَّةِ الْوِتْرِ، وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيَّة: اِنَّ قِيمَةَ سُنَّةِ الصُّبْحِ اَوِ الْفَجْرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ اَقْوَى مِنْ قِيمَتِهَا عِنْدَكُمْ! قَالُوا: نَعَمْ؟ لِاَنَّ الْوَاجِبَ عِنْدَنَا اَقْوَى وَالْوَتْرُ وَاجِبٌ عِنْدَنَا، وَمَعَ ذَلِكَ نَقُول: بَلْ قِيمَتُهَا عِنْدَنَا اَقْوَى؟ لِاَنَّنَا نُؤَكِّدُ عَلَى صَلَاتِهَا حَتَّى وَلَوْ دَخَلْتَ اَخِي اِلَى الْمَسْجِدِ وَالْاِمَامُ يُصَلِّي ظُهْراً اَوْ عَصْراً اَوْ مَغْرِباً اَوْ عِشَاءاً، فَيَجِبُ عَلَيْكَ اَنْ تَلْحَقَ بِالْاِمَامِ فَوْراً، وَلَايَجُوزُ اَنْ تُصَلِّيَ سُنَّةً قَبْلِيَّةً رَاتِبَةً مُؤَكَّدَةً اَوْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ فِي هَذِهِ الْاَوْقَاتِ لَا رَكْعَتَيْنِ وَلَا اَرْبَعَ مُؤَكَّدَةٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَلَا اَرْبَعَ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَلَا رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَلَا رَكْعَتَيْنِ اَوْ اَرْبَعَ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَاِنَّمَا تَلْحَقُ بِالْاِمَامِ فَوْراً مِنْ اَجْلِ اَدَاءِ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ جَمَاعَةً مَعَهُ، اِلَّا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ عِنْدَنَا نَحْنُ الْحَنَفِيَّة، وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيَّة: مَابَالُ صَلَاةِ الصُّبْحِ؟ قَالُوا: يُصَلِّي سُنَّةَ الصُّبْحِ مُنْفَرِداً وَلَوْ اَدْرَكَ الْاِمَامَ يُصَلِّي جَمَاعَةً مَعَ النَّاسِ، ثُمَّ يَلْحَقُ بِالْاِمَامِ بِشَرْط؟ وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيَّة: مَاهُوَ هَذَا الشَّرْط؟ قَالُوا: اَنْ يَحْتَاطَ فِي صَلَاةِ سُنَّةِ الْفَجْرِ بِحَيْثُ يَسْتَطِيعُ اَنْ يَنْتَهِيَ مِنْهَا فِي الْوَقْتِ الْمُنَاسِبِ؟ لِيُدْرِكَ الْاِمَامَ اَوْ يَلْحَقَ بِهِ وَلَوْ قَبْلَ التَّسْلِيمَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَة، وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيَّةِ: لِمَاذَا كُلُّ هَذَا؟ وَمَاقِيمَةُ سُنَّةِ الْفَجْرِ عِنْدَكُمْ؟ قَالُوا: قِيمَتُهَا كَبِيرَةٌ جِدّاً؟ فَهِيَ مِنْ اَقْوَى السُّنَنِ لِاَنَّهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَافِيهَا كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ حَتَّى وَرَدَ اَيْضاً [صَلُّوهَا وَلَوْ كُنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الْخَيْلِ تُقَارِبُونَ(تُقَارِعُونَ اَوْ تُقَاتِلُونَ( عَدُوَّكُمْ( وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيَّة: مَاذَا لَوْ عَلِمَ الْمُصَلِّي مِنْ قَرَارَةِ نَفْسِهِ اَنَّهُ لَنْ يَسْتَطِيعَ اَنْ يَلْحَقَ بِالْاِمَامِ قَبْلَ التَّسْلِيمَتَيْنِ اِذَا صَلَّى سُنَّةَ الْفَجْرِ وَاَنَّهَا سَتَسْتَغْرِقُ مَعَهُ وَقْتاً يَجْعلُ صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ جَمَاعَةً تَفُوتُهُ؟ قَالُوا: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَاِنَّ سُنَّةَ الصُّبْحِ لَاتُصَلَّى مُنْفَرِدَةً عَنْ صَلَاةِ الْفَرْضِ، وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُ يُصَلِّي فَرْضَ الْفَجْرِ فَقَطْ وَلَايَقْضِي السُّنَّة، وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيَّةِ: لِمَاذَا؟ قَالُوا: لِاَنَّ السُّنَّةَ لَاتُقْضَى وَحْدَهَا، وَاِنَّمَا تُقْضَى مَعَ الْفَرِيضَةِ قَبْلَهَا، بِمَعْنَى اَنَّكَ اَخِي اِذَا لَمْ تَسْتَيْقِظْ مَثَلاً اِلَّا بَعْدَ شُرُوقِ الشَّمْسِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقْضِي سُنَّةَ الصُّبْحِ مَعَ الْفَرِيضَةِ، لِاَنَّكَ هُنَا اَخِي لَدَيْكَ الْوَقْتُ الْكَافِي الَّذِي تَسْتَطِيعُ فِيهِ اَنْ تُصَلِّيَ السُّنَّةَ قَضَاءً قَبْلَ الْفَرْضِ، وَاَمَّا هُنَاكَ فَقَدْ فَاتَتْكَ صَلَاةُ السُّنَّةِ الْقَبْلِيَّةِ الْفَجْرِيَّةِ وَلَايُمْكِنُكَ اَنْ تُصَلِّيَهَا عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ اِلاَّ قَبْلَ الْفَرْضِ وَلَيْسَ بَعْدَ الْفَرْضِ الْجَمَاعِيِّ مَعَ الْاِمَام،لَكِنْ اِيَّاكَ اَخِي وَاُحَذِّرُكَ تَحْذِيراً شَدِيداً جِدّاً؟! اَنْ تَتَّخِذَ مِنْ ذَلِكَ عَادَةً دَائِمَةً طِيلَةَ حَيَاتِكَ، بَلْ عَلَيْكَ رَغْماً عَنْكَ شَرْعاً اَنْ تَتَّخِذَ مُنَبِّهاً يُوقِظُكَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ؟ مِنْ اَجْل ِاَنْ تَدْخُلَ اِلَى الْحَمَّامِ؟ لِتَقْضِيَ حَاجَتَكَ؟ ثُمَّ تَلْحَقَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْهَزِيعِ الْاَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ؟ مِنْ اَجْلِ قِيَامِ اللَّيْلِ قَبْلَ اَذَانِ الْفَجْرِ؟ لِاَنَّ الْهَزِيعَ الْاَخِيرَ مِنَ اللَّيْلِ هُوَ اَحَبُّ الْاَوْقَاتِ اِلَى اللهِ؟ مِنْ اَجْلِ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ بِالْاَسْحَار، ثُمَّ عَلَيْكَ اَنْ تَذْهَبَ اِلَى الْمَسْجِدِ مِنْ اَجْلِ اَدَاءِ رَكْعَتَيْ سُنَّةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ تَجْلِسَ لِتَقْرَاَ شَيْئاً مِنَ الْقُرْآَنِ{قُرْآَنَ الْفَجْرِ اِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً(تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِقِرَاءَتِهِ وَالصَّلَاةِ بِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ وَدُعَائِهِ قَبْلَ الْاِقَامَةِ وَلِمُدَّةِ خَمْسٍ وَاَرْبَعِينَ دَقِيقَةً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلِمُدَّةِ نِصْفِ سَاعَةٍ عِنْدَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمَذَاهِبِ؟ لِاَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يُفَضِّلُونَ اَدَاءَ فَرِيضَةِ الصُّبْحِ فِي وَقْتِ الْاِسْفَارِ، وَاَمَّا غَيْرُهُمْ مِنَ الْمَذَاهِبِ فَيُفَضِّلُونَ اَدَاءَهَا فِي وَقْتِ الْغَسَقِ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ الْكِرَام اِنِّي دَاعِيَةٌ فَاَمِّنُوا، رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَاَب جَهَنَّمَ اِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامَا، اِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَامَا، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ اَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا قُرَّةَ اَعْيُنٍ، وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ اِمَامَا، رَبَّنَا اَوْزِعْنَا اَنْ نَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي اَنْعَمْتَ عَلَيْنَا وَعَلَى وَالِدِينَا، وَاَنْ نَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ، وَاَدْخِلْنَا بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِين، وَاَصْلِحْ لَنَا فِي ذُرِّيَّاتِنَا، اِنَّا تُبْنَا اِلَيْكَ، وَاِنَّا مِنَ الْمُسْلِمِين، رَبَّنَا لَاتُزِغْ قُلوُبَنَا بَعْدَ اِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً اِنَّكَ اَنْتَ الْوَهَّاب، رَبَّنَا اِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَارَيْبَ فِيهِ، اِنَّ اللهَ لَايُخْلِفُ الْمِيعَاد، يَارَبُّ اهْدِنَا يَارَبّ، اَللَّهُمَّ اهْزُمِ الْبَاطِلَ وَجُنْدَهُ، يَارَحْمَنُ يَارَحِيم اَيِّدْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِين، اَللَّهُمَّ مَنْ اَرَادَ دِينَنَا وَبِلَادَنَا وَاَوْطَانَنَا وَاَعْرَاضَنَا بِخَيْرٍ فَوَفِّقْهُ اِلَى كُلِّ خَيْر، وَمَنْ اَرَادَ بِذَلِكَ سُوءاً فَاَنْتَ وَلِيُّهُ بِتَعْذِيبِهِ وَالِانْتِقَامِ مِنْهُ، اَللَّهُمَّ يَالَطِيفُ الْطُفْ بِنَا، هَذَا حَالُنَا لَايَخْفَى عَلَيْكَ، اَنْتَ عَوَّدْتَّنَا عَلَى الْجَمِيلِ يَاجَمِيلُ يَامَنْ تُحِبُّ الْجَمَالَ، يَارَبّ آَمِنَّا فِي اَوْطَانِنَا، وَاحْفَظْ عَلَيْنَا دِينَنَا وَدِمَاءَنَا وَاَمْوَالَنَا وَاَعْرَاضَنَا وَاَهْلِينَا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِاَجْدَادِنَا وَلِمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا، عِبَادَ الله{فَهَلْ عَسَيْتُمْ اِنْ تَوَلَّيْتُمْ اَنْ تُفْسِدُوا فِي الْاَرْضِ وَتُقَطِّعُوا اَرْحَامَكُمْ! اُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَاَصَمَّهُمْ وَاَعْمَى اَبْصَارَهُمْ{اِنَّ اللهَ يَاْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْاِحْسَانِ وَاِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون(قُومُوا اِلَى الصَّلَاةِ {وَاَقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَآَتُوا الزَّكَاة( وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللِه وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِاِحْسَانٍ اِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته من اختكم في الله غصون، وآخر دعوانا اَنِ الحمد لله رب العالمين
 
عودة
أعلى