رحيق مختوم
Member
اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُ وَبَعْدُ اَيُّهَا الْاِخْوَة، فَاِنَّنَا نُتَابِعُ مَابَدَاْنَا بِهِ مُنْذُ زَمَنٍ مِنَ الرَّدِّ عَلَى الْقُرْآَنِيِّينَ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ السُّنَّةَ النَّبَوِيَّةَ الْمُطَهَّرَة، وَقُلْنَا اِنَّ السُّنَّةَ هِيَ الْمَصْدَرُ الثَّانِي لِلتَّشْرِيعِ الْاِسْلَامِيِّ بَعْدَ الْقُرْآَنِ الْكَرِيم، نَعَمْ اَخِي وَجَدِيدُنَا فِي هَذِه الْمُشَارَكَةِ اَنَّ السُّنَّةَ الشَّرِيفَةَ قَدْ تَاْتِي بِحُكْمٍ لَمْ يَاْتِ بِهِ الْقُرْآَنُ، وَنَضْرِبُ لِهَذَا مَثَلاً: حِينَمَا ذَكَرَ الْقُرْآَنُ الْمُحَرَّمَاتِ قَائِلاً{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ اُمَّهَاتُكُمْ، وَبَنَاتُكُمْ، وَاَخَوَاتُكُمْ،(اِلَى اَنْ قَالَ{وَاَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْاُخْتَيْنِ اِلَّا مَاقَدْ سَلَفَ(بِمَعْنَى اَنَّهُ لَايَجُوزُ لَكَ اَخِي اَنْ تَتَزَوَّجَ اُخْتَيْنِ مَعاً اَوْ اَنْ يَكُونَا مَعَكَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ اَوْعَلَى فِرَاشٍ وَاحِد، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ اُخْتَ زَوْجَتِكَ هَلْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْكَ حُرْمَةً مُؤَقَّتَةً اَوْ مُؤَبَّدَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بَلْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْكَ حُرْمَةً مُؤَقَّتَة، بِمَعْنَى اَنَّكَ اِذَا طَلَّقْتَ زَوْجَتَكَ، يَجُوزُ لَكَ اَنْ تَتَزَوَّجَ مِنْ اُخْتِهَا بَعْدَ اَنْ تَعْتَدَّ اَنْتَ اَخِي مِنْ زَوْجَتِكَ كَمَا سَيَاْتِي، وَاَمَّا اِذَا كَانَتْ اُخْتُهَا الصُّغْرَى تَاْنَفُ مِنَ الزَّوَاجِ بِكَ؟ لِاَنَّكَ عَاشَرْتَ اُخْتَهَا الْكُبْرَى مَثَلاً ثُمَّ طَلَّقْتَهَا، فَهَذِهِ حَالَةٌ نَفْسِيَّةٌ لَاعَلَاقَةَ لِلْاِسْلَامِ بِهَا؟ لِاَنَّ هَذَا اَمْرٌ اَحَلَّهُ اللهُ تَعَالَى، وَلَامَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيه، وَالْاِسْلَامُ مَعَ ذَلِكَ لَمْ يُرْغِمْهَا عَلَى الزَّوَاجِ بِكَ، فَاِذَا رَفَضَتْ، فَلَمْ يُضَيِّقِ اللهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِير، وَاَمَّا اِذَا وَافَقَتْ، فَاِنَّنَا نُبَشِّرُهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَعَسَى اَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ( نَعَمْ اَخِي: وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: مَاذَا تَقُولُونَ فِي السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ الَّتِي زَادَتْ عَلَى الْقُرْآَنِ حُكْماً شَرْعِيّاً آَخَرَ حِينَمَا قَالَتْ[لَاتُنْكَحُ الْمَرْاَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا، اِنَّكُمْ اِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَطَعْتُمْ اَرْحَامَكُمْ( وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: يَبْدُو اَنَّكُمْ لَاتَجِدُونَ غَضَاضَةً وَلَاتَسْتَحُونَ وَلَاتَخْجَلُونَ مِنْ اَنْفُسِكُمْ اَنْ تَكُونُوا مِنْ اَهْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَهَلْ عَسَيْتُمْ اِنْ تَوَلَّيْتُمْ اَنْ تُفْسِدُوا فِي الْاَرْضِ وَتُقَطِّعُوا اَرْحَامَكُمْ اُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَاَصَمَّهُمْ وَاَعْمَى اَبْصَارَهُمْ( نَعَمْ اَخِي: وَالْمَعْنَى اَنَّكَ لَايَجُوزُ لَكَ شَرْعاً اَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْاَةِ وَبَيْنَ عَمَّتِهَا فِي تَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ كَمَا لَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَفْعَلَهُ بَيْنَ الْاُخْتَيْنِ فِي تَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ اَيْضاً، بِمَعْنَى اَنَّكَ لَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَجْعَلَ مِنَ الْمَرْاَةِ زَوْجَةً اُولَى وَمِنْ عَمَّتِهَا زَوْجَةً ثَانِيَةً اَوْ ثَالِثَةً اَوْ رَابِعَة، وَلَا مِنَ الْعَمَّةِ زَوْجَةً اُولَى وَابْنَةِ اَخِيهَا زَوْجَةً ثَانِيَةً اَوْ ثَالِثَةً اَوْ رَابِعَة، كَمَا لَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مَعَ الْاُخْتِ وَاُخْتِهَا، وَلَا مِثْلَ ذَلِكَ اَيْضاً مَعَ الْمَرْاَةِ كَزَوْجَةٍ اُوَلَى وَخَالَتُهَا هِيَ الثَّانِيَةُ اَوِ الثَّالِثَةُ اَوِ الرَّابِعَةُ وَلَا مَعَ الْخَالَةِ كَزَوْجَةٍ اُولَى جَامِعاً اِيَّاهَا مَعَ ابْنَةِ اُخْتِهَا جَاعِلاً مِنِ ابْنَةِ اُخْتِهَا هَذِهِ زَوْجَةً ثَانِيَةً اَوْ ثَالِثَةً اَوْ رَابِعَةً لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ غَالِباً يَحْصَلُ بَيْنَ الضَّرَائِرِ خِلَافٌ وَغَيْرَةٌ شَدِيدَة، فَمِنْ اَجْلِ اَلَّا يُؤَدِّيَ هَذَا الْخِلَافُ اِلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، بَيَّنَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَائِلاً[اَيُّهَا النَّاس، اَللهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآَنِ يَقُولُ لَكُمْ: لَاتُنْكَحُ الْمَرْاَةُ عَلَى اُخْتِهَا، وَاَمَّا اَنَا فَاَقُولُ لَكُمْ اَيْضاً[لَاتُنْكَحُ الْمَرْاَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا(نَعَمْ اَخِي: وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: هَلْ فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ آَيَةٌ تُبَيِّنُ النِّكَاحَ عَلَى الْعَمَّةِ وَالْخَالَة؟ اَوْ تُجِيزُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَرْاَةِ وَعَمَّتِهَا اَوْ تُجِيزُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَرْاَةِ وَخَالَتِهَا لِلْقَادِرِعَلَى الْعَدْلِ فِي تَعَدُّدِ الزَّوْجَات؟ وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِييِّنَ اَبَداً، فَاِنَّ الْقُرْآَنَ لَايُوجَدُ فِيهِ ذِكْرٌ لِلْعَمَّةِ وَلَا لِلْخَالَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ، وَاِنَّمَا فَقَطْ قَالَ الْقُرْآَنُ(وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ{اَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْاُخْتَيْنِ اِلَّا مَاقَدْ سَلَف(فَاِذَا قُلْتُمْ: لَانَاْخُذُ اِلَّا بِالْقُرْآَن! فَعَلَيْكُمْ اَنْ تَجْمَعُوا فِي تَعَدُّدِ اَزْوَاجِكُمْ بَيْنَ الْمَرْاَةِ وَعَمَّتِهَا! وَبَيْنَ الْمَرْاَةِ وَخَالَتِهَا! وَهَذَا نِكَاحٌ بَاطِل، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ اِذَا تَزَوَّجْتُ مِنَ الْعَمَّةِ اَوْ مِنَ الْخَالَةِ ثُمَّ طَلَّقْتُهَا؟ فَهَلْ يَجُوزُ لِي اَنْ اَتَزَوَّجَ مِنِ ابْنَةِ اَخِيهَا؟ اَوْ مِنِ ابْنَةِ اُخْتِهَا؟ قَبْلَ اَنْ تَنْتَهِيَ عِدَّةُ الْعَمَّةِ؟ اَوْ قَبْلَ اَنْ تَنْتَهِيَ عِدَّةُ الْخَالَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَايَجُوزُ ذَلِكَ قَبْلَ اَنْ تَنْتَهِيَ عِدَّةُ الْعَمَّةِ، اَوْ عِدَّةُ الْخَالَة، وَلِذَلِكَ كَانَ الْعُلَمَاءُ دَائِماً يُحَذّرُونَنَا بِقَوْلِهِمْ: هَلْ عَلَى الرَّجُلِ عِدَّة؟ فَنَقُولُ لَهُمْ: لَانَدْرِي! فَيَقُولُونَ: نَعَمْ عَلَى الرَّجُلِ عِدَّةٌ! كَمَا اَنَّ عَلَى الْمَرْاَةِ عِدَّة، نَعَمْ اَخِي: فَالرَّجُلُ فِي شَرْعِ الِاسْلَامِ، يَعْتَدُّ فِي اَحْوَال! فَمَثَلاً اِذَا كَانَ مُتَزَوِّجاً مِنِ امْرَاَةٍ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، ثُمَّ بَدَا لَهُ اَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ اُخْتِهَا، اَوْ عَمَّتِهَا، اَوْ خَالَتِهَا، فَلَايَجُوزُ لَهُ اَنْ يَتَزَوَّجَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جَمِيعاً، اِلَّا اِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُ مِنَ الْمَرْاَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا، نَعَمْ اَخِي: اَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَفَاةِ فَلَا، فَلَوْ مَاتَتْ هَذِهِ الْمَرْاَةُ، فَيَجُوزُ لَكَ اَخِي فَوْراً اَنْ تَتَزَوَّجَ بِاُخْتِهَا، اَوْ بِعَمَّتِهَا، اَوْ بِخَالَتِهَا، وَلَاعِدَّةَ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ اِلَّا بِمِقْدَارِ ثَلَاثَةِ اَيَّامٍ نِ اسْتِحْبَاباً لَا اِلْزَاماً؟ مِنْ اَجْلِ الْحِدَادِ عَلَى زَوْجَتِكَ الْمَيِّتَة، وَاَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلطَّلَاقِ، فَاَنْتَ مُلْزَمٌ بِالْعِدَّةِ وَخَاصَّةً فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ لِمَاذَا؟ حَتَّى لَاتَجْمَعَ بَيْنَ الْاُخْتَيْنِ وَهُمَا زَوْجَتُكَ وَاُخْتُهَا، وَحَتَّى لَاتَجْمَعَ بَيْنَ زَوْجَتِكَ وَعَمَّتِهَا، وَحَتَّى لَاتَجْمَعَ بَيْنَ زَوْجَتِكَ وَخَالَتِهَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّ زَوْجَتَكَ الَّتِي طَلَّقْتَهَا طَلَاقاً رَجْعِيّاً، فَطَالَمَا هِيَ فِي الْعِدَّةِ، فَيَجُوزُ لَكَ اَنْ تُرَاجِعَهَا؟ لِاَنَّهَا مَازَالَتْ عَلَى ذِمَّتِكَ، وَلَمْ يَنْجَلِ الْغُبَارُ عَنْ طَلَاقِهَا بَعْدُ، فَطَالَمَا هِيَ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، فَاِنَّ اَحْكَامَ زَوَاجِكَ بِهَا مَازَالَتْ قَائِمَةً، وَبِاِمْكَانِكَ اَنْ تُرْجِعَهَا اِلَى فِرَاشِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ دُونِ عَقْدٍ وَمَهْرٍ جَدِيدَيْنِ، بَلْ بِمُجَرَّدِ قُبْلَةٍ اَوْ لَمْسَةٍ شَهْوَانِيَّة، وَلِذَلِكَ لَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَتَزَوَّجَ اُخْتَهَا وَلَا عَمَّتَهَا وَلَا خَالَتَهَا فِي حَالَةِ طَلَاقِكَ الرَّجْعِيِّ مِنْهَا؟ لِاَنَّهَا مَازَالَتْ عَلَى ذِمَّتِكَ وَلَوْ طَلَّقْتَهَا طَلَاقاً رَجْعِيّاً، فَاِذَا انْتَهَتْ عِدَّتُكَ مِنْهَا مِنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، فَلَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَعُودَ اِلَيْهَا اِلَّا بِمَهْرٍ وَعَقْدٍ جَدِيدَيْنِ، فَاِنْ عُدْتَّ اِلَيْهَا بِمَهْرٍ وَعَقْدٍ جَدِيدَيْنِ، فَلَايَجُوزُ لَكَ الزَّوَاجُ هُنَا اَيْضاً جَمْعاً بَيْنَهَا وَبَيْنَ اُخْتِهَا اَوْ عَمَّتِهَا اَوْ خَالَتِهَا، فَاِذَا فَارَقْتَهَا وَلَمْ تَعُدْ اِلَيْهَا بِمَهْرٍ وَعَقْدٍ جَدِيدَيْنِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَجُوزُ لَكَ اَنْ تَتَزَوَّجَ اُخْتَهَا اَوْ عَمَّتَهَا اَوْ خَالَتَهَا، وَلَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَعُودَ اِلَيْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَابِمَهْرٍ وَلَابِعَقْدٍ جَدِيدَيْنِ حَتَّى تُطَلّقَ اُخْتَهَا اَوْ خَالَتَهَا اَوْ عَمَّتَهَا وَحَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ اِحْدَاهُنَّ مِنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ دُونَ اَنْ تَقُومَ بِمُرَاجَعَتِهَا؟ لِاَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اُخْتِهَا اَوْ عَمَّتِهَا اَوْ خَالَتِهَا حَرَام، لَكِنْ طَالَمَا هِيَ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، فَاِنَّكَ تَسْتَطِيعُ اَنْ تُرَاجِعَهَا، لَكِنْ اِذَا اَرَدْتَّ تَعَدُّدَ الزَّوْجَاتِ، فَيَحْرُمُ عَلَيْكَ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اُخْتِهَا اَوْ عَمَّتِهَا اَوْ خَالَتِهَا فِي كُلِّ الْاَحْوَال، لَكِنْ قَدْ يَقُولُ قَائِل: لَااُرِيدُ اُخْتَهَا! وَلَااُرِيدُ عَمَّتَهَا! وَلَااُرِيدُ خَالَتَهَا! اُرِيدُ زَوْجَةً رَابِعَةً جَدِيدَةً لَاتَقْرَبُهَا وَلَاتَنْصَبُهَا وَلَايُوجَدُ صِلَةُ قَرَابَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَاتِي الثَّلَاث! وَلَا اُرِيدُ اِلَّا وَاحِدَةً جَدِيدَةً تَحُلُّ مَكَانَ الَّتِي طَلَّقْتُهَا وَعِنْدِي مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَدْلِ الْمَادِّيِّ بَيْنَهُنّ، وَاَقُولُ لَكَ اَخِي، كَذَلِكَ لَوْ اَنَّكَ مُتَزَوِّجٌ بِاَرْبَعٍ مِنَ النِّسَاءِ، ثُمَّ طَلَّقْتَ اِحْدَاهُنَّ، فَعَلَيْكَ اَنْ تَعْتَدَّ مِنْهَا، وَلَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَتَزَوَّجَ بِاُخْرَى جِامِعاً بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَاتِكَ الثَّلَاثِ اِلَّا بَعْدَ اَنْ تَنْتَهِيَ عِدَّةُ الَّتِي طَلَّقْتَهَا لِمَاذَا، وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: حَتَّى لَاتَجْمَعَ بَيْنَ اَكْثَرِ مِنْ اَرْبَعِ نِسْوَة، لِاَنَّ الَّتِي طَلَّقْتَهَا طَلَاقاً رَجْعِيّاً مَازَالَتْ عَلَى ذِمَّتِكَ، وَلَمْ تَنْفُضْ غُبَارَ زَوَاجِكَ عَنْ طَلَاقِهَا بَعْدُ، وَلَمْ تَقُصَّ الشَّرِيطَ مِنْ اَجْلِ طَلَاقِهَا بَعْدُ، وَلَمْ يَنْحَلَّ الرِّبَاطُ الزَّوْجِيُّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَعْدُ، وَحَتَّى وَلَوْ طَلَّقْتَهَا طَلَاقاً رَجْعِيّاً، فَاِنَّهَا مَازَالَتْ عَلَى ذِمَّتِكَ كَمَا بَيَّنَا ذَلِكَ وَلَاحَاجَةَ اِلَى اِعَادَتِهِ مِنْ جَدِيد، وَنَحْنُ هُنَا نُفْتِي بِفَتْوَى اَهْلِ السُّنَّة وَسُبْحَانَ الله! لَااَرْتَاحُ لِفَتْوَى الشِّيعَةِ اَبَداً فِي جَوَازِ الْجَمْعِ عِنْدَهُمْ بَيْنَ اَكْثَرِ مِنْ اَرْبَعِ نِسْوَة! فَهَذَا لَيْسَ مِنْ دِينِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، نَعَمْ اَخِي وَقَدْ بَعَثَ اِلَيَّ اَحَدُ الْاِخْوَةِ بِرِسَالَةٍ يَقُولُ فِيهَا: طَلَّقْتُ زَوْجَتِي وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ طَلَاقِي الرَّجْعِيِّ لَهَا وَلَااُرِيدُ الْعَوْدَةَ اِلَيْهَا بِمَهْرٍ وَلَاعَقْدٍ جَدِيدَيْنِ؟ فَهَلْ يَجُوزُ لِي اَنْ اَجْمَعَ بَيْنَ عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا فِي زَوَاجِي بِكِلْتَيْهِمَا مَعاً؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَامَانِعَ مِنْ هَذَا الْجَمْعِ شَرْعاً وَزَوَاجُكَ بِهِمَا مَعاً صَحِيحٌ شَرْعاً وَلَاغُبَارَ عَلَيْهِ بِشَرْط؟ وَهُوَ عَدَمُ وُجُودِ صِلَةِ قَرَابَةٍ تَرْبِطُ بَيْنَ عَمَّتِهَا وَ خَالَتِهَا, فَانْظُرْ اَخِي اِلَى الْفِقْهِ الْاِسْلَامِيِّ! وَكَيْفَ يَجْعَلُ عَقْلَكَ وَتَفْكِيرَكَ يَتَحَرَّكُ بِاَجْمَلِ رِيَاضِيَّاتٍ ذِهْنِيَّة! نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ السُّنَّةُ بَيَّنَتْ لَنَا الْقُرْآَن، فَبِاللهِ عَلَيْكَ اَخِي، مَابَالُ هَذَا الْجَاهِلِ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّهِ مُتَكَبِّراً! ثُمَّ يَلُفُّ رِجْلاً عَلَى رِجْلٍ! وَيَقُولُ: عَلَيْنَا بِكِتَابِ الله! فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ حَلَّلْنَاهُ! وَمَاوَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ! وَنَقُولُ لِهَذَا الْقُرْآَنِيِّ الْجَاهِلِ لَا: فَمَا حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ، كَالَّذِي حَرَّمَهُ الله، وَمَااَحَلَّهُ رَسُولُ اللهِ، كَالَّذِي اَحَلَّهُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا الْمَصْدَرُ التَّشْرِيعِيُّ الثَّانِي بَعْدَ الْقُرْآَنِ وَهُوَ السُّنَّة، تَعَرَّضَ لِحَمَلَاتٍ كَثِيرَةٍ شَنَّهَا اَعْدَاءُ الْاِسْلَامِ عَلَى هَذَا الْمَصْدَرِ؟ لِاَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ جَيِّداً اَنَّهُمْ بِقَضَائِهِمْ عَلَيْهِ، فَاِنَّهُمْ يَقْضُونَ عَلَى هَذَا الدِّينِ قَضَاءً مُبْرَماً، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ سِيرَةُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، نَالَتْ حَظّاً وَافِراً مِنَ التَّشْوِيهِ وَالطَّعْنِ مِنَ الْجُهَلَاءِ اَوْ مِنَ الْاَعْدَاء، نَعَمْ اَخِي: وَالسُّنَّةُ الشَّرِيفَةُ لَهَا وَظِائِفٌ مُتَعَدِّدَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْقُرْآنِ الْكَرِيم، فَاَحْيَاناً تَاْتِي السُّنَّةُ مُؤَكِّدَةً لِمَا فِي الْقُرْآن، فَمَثَلاً يَقُولُ الْقُرْآًنُ الْكَرِيم{اَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاة{وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ اِلَيْهِ سَبِيلَا{فَاعْلَمْ اَنَّهُ لَا اِلَهَ اِلَّا الله(وَكُلُّ هَذَا جَاءَ فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيم، فَجَاءَتِ السُّنَّةُ مُؤَكِّدَةً لِهَذَا، وَمِنْ هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَال:[بُنِيَ الْاِسْلَامُ عَلَى خَمْس، شَهَادَةِ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا اللهُ وَاَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَاِقَامِ الصَّلَاةِ، وَاِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحِجِّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ اِلَيْهِ سَبِيلَا(نَعَمْ اَخِي: وَهُنَاكَ رِوَايَةٌ اَيْضاً تُقَدِّمُ الْحَجَّ عَلَى الصَّوْم، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا سَمِعْتَ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ: وَحِجِّ الْبَيْتِ لِمَنِ اسْتَطَاعَ اِلَيْهِ سَبِيلاً ثُمَّ صِيَامِ رَمَضَانَ، فَلَاتَسْتَغْرِبْ اَخِي، فَهَذِهِ رِوَايَةٌ صَحِيحَةٌ اَيْضاً عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ الْاُمُورُ الْخَمْسَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا رَسُولُ اللهِ، تُؤَكِّدُ مَا فِي الْقُرْآَنِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ اَصْلاً فِي الْقُرْآَن، نَعَمْ اَخِي: وَالْقُرْآَنُ فِيهِ الْاَمْرُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ، فَجَاءَتِ السُّنَّةُ لِتُؤَكِّدَ ذَلِكَ كُلَّهُ، نَعَمْ اَخِي: وَقُلْنَا كَذَلِكَ فِي مُشَارَكَةٍ سَابِقَةٍ:اَنَّ مِنْ وَظَائِفِ السُّنَّةِ، اَنَّهَا تُبَيِّنُ الْمُجْمَلَ مِنَ الْقُرْآَنِ، وَضَرَبْنَا لِذَلِكَ اَمْثِلَةً، وَنُعِيدُ شَيْئاً مِنْهَا لِاَهَمِّيَّتِهَا، فَمَثَلاً جَاءَ فِي الْقُرْآَنِ الْاَمْرُ بِالصَّلَاةِ، وَالْاَمْرُ بِالصَّوْمِ، وَالْاَمْرُ بِكَذَا وَكَذَا مُجْمَلاً اَوْ مُفَصَّلاً اَخِي؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بَلْ جَاءَ مُجْمَلاً مُلَخَّصاً بِرُؤُوسِ اَقْلَامٍ اِنْ صَحَّ التَّعْبِير, نَعَمْ اَخِي: فَمَنْ هُوَ الَّذِي فَصَّلَهُ؟ اِنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، نَعَمْ اَخِي: فَجَاءَ الْاَمْرُ بِمَا ذَكَرْتُ لَكَ مُجْمَلاً، وَالرَّسُولُ فَصَّلَهُ تَفْصِيلاً حِينَمَا بَيَّنَ لَنَا عَدَدَ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ مَثَلاً، نَعَمْ اَخِي وَكَذَلِكَ مِنْ وَظَائِفِ السُّنَّةِ اَنَّهَا تُطْلِقُ الْمُقَيَّدَ فَمَثَلاً قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَلَد{فَكُّ رَقَبَة(فَجَاءَتِ السُّنَّةُ لِبَيَانِ الْقُرْآَنِ فِي اَنَّهُ اَرَادَ جَسَدَ الْعَبْدِ كُلَّهُ اَنْ يَكُونَ عَتِيقاً لِوَجْهِ اللهِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ الْقُرْآَنُ بِالرَّقَبَةِ فَقَطْ، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ مِنْ وَظَائِفِ السُّنَّةِ، اَنَّهَا كَمَا تُطْلِقُ الْمُقَيَّدَ فَاِنَّهَا اَيْضاً عَكْسِيّاً تُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ، وَنَضْرِبُ لِذَلِكَ مِثَالاً، وَكَمَا يَقُولُ الْعَرَبُ: بِالْمِثَالِ يَتَّضِحُ الْمَقَال، فَمَثَلاً قَوْلُهُ تَعَالَى{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَااعْتَدَى عَلَيْكُمْ(فَهُنَا لَابُدَّ مِنْ تَحْقِيقِ الْمِثْلِيَّةِ فِي رَدِّ السَّيِّئَةِ بِمِثْلِهَا وَفِي رَدِّ الْعُدْوَانِ بِمِثْلِهِ دُونَ زِيَادَة، وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: فَلَوْ اَخَذْنَا بِالْقُرْآَنِ وَاَنْكَرْنَا السُّنَّةَ، فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ اَطْفَالِ الْمُعْتَدِينَ الْاَبْرِيَاءِ اِذَا قَتَلُوا اَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ الْاَبْرِيَاء؟ لِاَنَّ الْقُرْآَنَ يَاْمُرُ بِالْمِثْلِيَّةِ فِي رَدِّ الْعُدْوَانِ فِي قَوْلِهِ{بِمِثْلِ مَااعْتَدَى عَلَيْكُمْ(لَكِنَّ السُّنَّةَ جَاءَتْ لِتُبَيِّنَ اَنَّهُ لَايَجُوزُ قَتْلُ هَؤُلَاءِ الْاَطْفَالِ اِلَّا فِي اَحْوَالٍ خَاصَّةٍ وَنَادِرَةٍ لَمْ يَتْرُكْ فِيهَا الْعَدُوُّ لِلْمُسْلِمِينَ خَيَاراً اِلَّا بِقَتْلِ اَطْفَالِهِ وَلَوْ كَانُوا اَبْرِيَاء، وَرُبَّمَا يَهْلَكُ الْمُسْلِمُونَ جَمِيعاً اَوْ اَكْثَرُهُمْ اِذَا قَامَ الْعَدُوُّ بِالْغَدْرِ بِالْمُسْلِمِينَ اَوْ مُبَاغَتَتِهِمْ بِعُنْصُرِ الْمُفَاجَاَةِ مُتَّخِذاً مِنْ هَؤُلَاءِ الْاَطْفَالِ الْاَبْرِيَاءِ دُرُوعاً بَشَرِيَّةً وَاقِيَةً لَهُ مِنْ ضَرَبَاتِ الْمُسْلِمِين، فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اَنْ يَخْتَارُوا الضَّرَرَ الْاَخَفَّ لِهَؤُلَاءِ الْاَطْفَالِ اِذَا حَشَكَهُمْ عَدُوُّهُمْ بَيْنَ خَيَارَيْنِ اَحْلَاهُمَا مُرُّ، كَمَا وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ اسْتِعْمَالُ الضَّرَرِ الْاَشَدِّ بِحَقِّ هَؤُلَاءِ الْاَطْفَال، وَعَلَيْهِمْ اَنْ يَحْتَرِزُوا مِنْ قَتْلِهِمْ مَااسْتَطَاعُوا اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً بَاذِلِينَ كُلَّ مَابِوُسْعِهِمْ مِنْ جَهْدٍ مِنْ اَجْلِ مُحَاوَلَةِ اِنْقَاذِهِمْ اِذَا وَضَعَهُمُ الْعَدُوُّ بَيْنَ فَكَّيْ كَمَّاشَة، فَاِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بُدٌّ مِنْ قَتْلِهِمْ، فَاِنَّا لِلهِ وَاِنَّا اِلَيْهِ رَاجِعُون، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ جَاءَتِ السُّنَّةُ فِي الْاَصْلِ لِتُقَيِّدَ الْمُطْلَقَ الَّذِي اَطْلَقَهُ الْقُرْآَنُ فِي هَذِهِ الْمِثْلِيَّةِ، فَبَيَّنَتْ اَنَّهُ يَجُوزُ مُعَامَلَةُ الْعَدُوِّ بِالْمِثْلِ اِلَّا فِي اَحْوَالٍ وَهِيَ قَوْلُهَا[لَاتَقْتُلُوا طِفْلاً، وَلَاشَيْخاً كَبِيراً، وَلَا امْرَاَةً، مِنْ هَؤُلَاءِ الْاَعْدَاءِ اِذَا كَانُوا مُسَالِمِين، اِلَّا اِذَا كَانُوا مُحَارِبِينَ فَاقْتُلُوهُمْ اِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا اِلَى اَسْرِهِمْ سَبِيلاً، وَلَايَجُوزُ قَتْلُهُمْ اِلَّا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ تَخْشَوْنَ فِيهَا مِنَ الْهَلَاكِ عَلَى اَنْفُسِكُمْ اِنْ لَمْ تَقْتُلُوهُمْ، وَهِيَ اِمَّا قَاتِلٌ مُضْطَّرٌّ اِلَى الدِّفَاعِ عَنْ نَفْسِهِ، وَاِمَّا مَقْتُولٌ مِنْ هَؤُلَاءِ اضَّطَّرَّنَا اِلَى قَتْلِهِ بَعْدَ اَنْ هَجَمَ عَلَيْنَا هُجُوماً كَاسِحاً لَامَجَالَ لِلتَّفَاهُمِ مَعَهُ بِسَبَبِهِ، وَلَامَجَالَ لِلِاحْتِرَازِ وَالِاحْتِيَاطِ مِنْ قَتْلِ اَطْفَالِهِ، فَهُنَا هَلْ يُضَحَّى بِحَيَاةِ الْاُمِّ وَهِيَ الْاَصْلُ اِذَا خَافَ الطَّبِيبُ عَلَيْهَا الْمَوْتَ بِسَبَبِ حَمْلِهَا؟ اَمْ بِحَيَاةِ جَنِينِهَا وَهُوَ الْفَرْعُ مِنَ الْاَصْلِ وَهُوَ الْاُمّ؟ بِمَعْنَى هَلْ يُضَحَّى بِحَيَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَاَطْفَالِهِمْ وَهُمْ اَصْلُ التَّوْحِيدِ وَفُرُوعُهُ؟ اَمْ يُضَحَّى بِحَيَاةِ الْمُشْرِكِينَ وَاَطْفَالِهِمْ وَهُمْ اَصْلُ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ وَفُرُوعُهُ؟ وَاَتْرُكُ الْخَيَارَ لَكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ وَلَااَسْتَطِيعُ اَنْ اُعْطِيَ اِجَابَةً شَافِيَةً فِي هَذَا الْاَمْرِ اِلَّا بَعْدَ التَّشَاوُرِ مَعَ كَوْكَبَةٍ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَلَاتَقْطَعُوا شَجَرَةً وَلَانَخْلاً، اِلَّا مَاكَانَ مِنْ اَمْرِ قَوْلِهِ تَعَالَى بِحَقِّ الْيَهُودِ الْمُحَارِبِينَ{مَاقَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ اَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى اُصُولِهَا، فَبِاِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِين(وَلِذَلِكَ اَخِي كَانَ لَابُدَّ مِنِ اسْتِثْنَاءَاتٍ يَجِبُ مُرَاعَاتُهَا شَرْعاً فِي قَتْلِ هَؤُلَاءِ وَلَوْ كَانُوا اَبْرِيَاءَ اِذَا لَمْ يَتْرُكْ لَنَا الْعَدُوُّ خَيَاراً آَخَر، لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَى أَيِّ عَسْكَرِيٍّ اَنْ يَلْجَاَ اِلَى قَتْلِ هَؤُلَاءِ الْاَطْفَالِ الَّذِينَ تَتَرَّسَ وَاحْتَمَى بِهِمُ الْعَدُوُّ اِلَّا بِاَمْرِ قَائِدِهِ الْعَسْكَرِيّ، وَيَحْرُمُ عَلَى قَائِدِهِ الْعَسْكَرِيِّ اَنْ يَاْمُرَهُ بِذَلِكَ اِلَّا بَعْدَ مُشَاوَرَةِ كَوْكَبَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم، نَعَمْ اَخِي: وَنَضْرِبُ لِذَلِكَ مِثَالاً آَخَرَ عَلَى تَقْيِيدِ السُّنَّةِ لِلْمُطْلَقِ فِي الْقُرْآَن: فَمَثَلاً قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا اَيْدِيَهُمَا، جَزَاءً بِمَا كَسَبَا، نَكَالاً مِنَ اللهِ، وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيم(نَعَمْ اَخِي: فَجَاءَتْ كَلِمَةُ اَيْدِيَهُمَا مُطْلَقَةً عَلَى اِطْلَاقِهَا، فَيَاتُرَى هَلْ هِيَ الْيَدُ الْيُمْنَى؟ اَمْ هِيَ الْيَدُ الْيُسْرَى؟ هَلْ هِيَ الْيَدُ كُلُّهَا؟ اَمْ بَعْضُهَا؟ وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: اَلْقُرْآَنُ لَمْ يُفَصِّلْ ذَلِكَ، بَلْ قَالَ: فَاقْطَعُوا اَيْدِيَهُمَا عَلَى اِطْلَاقِ الْاَيْدِي جَمِيعاً، بِمَعْنَى اَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فَاقْطَعُوا يَدَيْهِمَا الِاثْنَتَيْنِ، بَلْ قَالَ فَاقْطَعُوا اَيْدِيَهُمَا الْاَرْبَع، فَاِذَا اَرَدْنَا اَنْ نَاْخُذَ بِالْقُرْآَنِ فَقَطْ، فَعَلَيْكُمْ اَنْ تَقْطَعُوا يَدَ السَّارِقِ كُلّهَا مِنَ الرُّسْغِ اِلَى الْكَتِفِ! بَلْ اِنَّ الْقَاضِيَ الْقُرْآَنِيَّ عِنْدَكُمْ مُخَيَّرٌ اَيْضاً وَلَاحَرَجَ عَلَيْهِ شَرْعاً اَنْ يَقْطَعَ الْيَدَ الْيُمْنَى السَّارِقَةَ اَوْ يَقْطَعَ الْيُسْرَى! فَاِذَا قَطَعَ الْيُسْرَى! فَلَنْ يَسْتَطِيعَ السَّارِقُ اَنْ يُنَظّفَ نَجَاسَتَهُ الشَّرْجِيَّةَ بِسُهُولَةٍ بِيَدِهِ الْيُمْنَى بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ مِنْ اِخْرَاجِ خُرَائِةِ وَبَوْلِهِ! وَعَلَى اَعْدَاءِ الْاِسْلَامِ اَنْ يَتَّهِمُوكُمْ اَنْتُمْ بِالْوَحْشِيَّةِ وَالْهَمَجِيَّةِ فِي تَطْبِيقِ حُدُودِ اللهِ، لَا اَنْ يَتَّهِمُوا اَهْلَ السُّنَّةِ الَّذِينَ يَاْخُذُونَ بِاَحْكَامِهَا وَلَايُنْكِرُونَهَا كَمَا تُنْكِرُونَهَا اَنْتُمْ، وَلِذَلِكَ نَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: اِنَّ فَضْلَ السُّنَّةِ كَبِيرٌ جِدّاً عَلَى حُدُودِ اللهِ فِي التَّخْفِيفِ مِنْ شِدَّةِ هَمَجِيَّتِهَا وَوَحْشِيَّتِهَا الْمَزْعُومَةِ عَلَى الْوُحُوشِ الْهَمَجِيِّينَ الْمُجْرِمِين! وَلَمْ يَكُنْ لِدِينِ الْاِسْلَامِ اَنْ يَرْحَمَ الْمُجْرِمِينَ هَذِهِ الرَّحْمَةَ الْحَمْقَاءَ الرَّعْنَاءَ الَّتِي يُرِيدُهَا اَعْدَاؤُهُ الْمُجْرِمُونَ لِلْمُجْرِمِينَ اَمْثَالِهِمْ؟ لِيُطْلِقُوا لَهُمْ عَنَانَهُمْ مِنْ سُجُونِهِمْ؟ وَيُسَاعِدُوهُمْ عَلَى الْهَرَبِ مِنْهَا؟ وَالْاِفْلَاتِ مِنْ قَبْضَةِ الْعَدَالَةِ؟ لِيَعِيثُوا فِي الْاَرْضِ فَسَاداً بِقَتْلِهِمْ وَانْتِقَامِهِمُ الطَّائِفِيِّ مِنَ الْاَبْرِيَاءِ دُونَ رَحْمَة، وَمَعَ ذَلِكَ جَاءَتِ السُّنَّةُ الَّتِي يُنْكِرُهَا الْقُرْآَنِيُّونَ لِمَصْلَحَةِ الْمُجْرِمِينَ؟ مِنْ اَجْلِ التَّخْفِيفِ مِنَ التَّنْكِيلِ الَّذِي اَمَرَ بِهِ ظَاهِرُ الْقُرْآَنِ لَوْ اَخَذْنَاهُ عَلَى اِطْلَاقِهِ دُونَ مُرَاعَاةِ السُّنَّة، وَلِذَلِكَ نَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّينَ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ السُّنَّةَ: مَنِ الَّذِي بَيَّنَ اَنَّ الْيَدَ السَّارِقَةَ الَّتِي تُقْطَعُ هِيَ الْيَدُ الْيُمْنَى؟ وَاَنَّهَا تُقْطَعُ مِنَ الرُّسْغِ وَهُوَ الْكُوع؟(وَالْعَوَامُّ عِنْدَنَا يُسَمُّونَ الْمِرْفَقَ بِالْكُوع! وَهِيَ تَسْمِيَةٌ خَاطِئَة؟ لِاَنَّ الْكُوعَ هُوَ الرُّسْغُ وَلَيْسَ الْمِرْفَقَ، وَاللهُ تَعَالَى اَمَرَنَا اَنْ نَغْسِلَ اَيْدِيَنَا اِلَى اَنْ نَصِلَ فِي غَسْلِهَا اِلَى الْمَرَافِقِ فِي مَسَافَةٍ طَوِيلَةٍ، وَلَمْ يَاْمُرْنَا اَنْ نَغْسِلَهَا اِلَى اَنْ نَصِلَ بِهَا اِلَى الْكُوعِ وَهُوَ الرُّسْغُ فِي مَسَافَةٍ قَصِيرَةٍ وَهِيَ الْمَسَافَةُ الْقَصِيرَةُ الَّتِي تُقْطَعُ فِيهَا يَدُ السَّارِق( وَلِذَلِكَ نَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: مَنْ سِوَى السُّنَّةِ بَيَّنَ اَنَّ الْيَدَ السَّارِقَةَ الْيُمْنَى هِيَ الَّتِي تُقْطَعُ مِنَ الْكُوعِ اَوِ الرُّسْغِ؟ لَا اَنْ نَصِلَ بِقَطْعِهَا اِلَى مَسَافَةٍ طَوِيلَةٍ جِدّاً اِلَى الْكَتِفِ كَمَا يَاْمُرُكُمْ بِذَلِكَ ظَاهِرُ الْقُرْآَنِ الَّذِي تُرِيدُونَ اَنْ تَقْتَصِرُوا عَلَيْه؟ وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: وَكَذَلِكَ يَقُولُ الْقُرْآَنُ الَّذِي لَاتُؤْمِنُونَ اِلَّا بِهِ: اَنَّ كُلَّ مَنْ سَرَقَ تُقْطَعُ يَدُهُ كَائِناً مَنْ كَان! وَلَكِنَّ السُّنَّةَ اشْتَرَطَتْ لِذَلِكَ الْقَطْعِ شُرُوطاً رُبَّمَا لَايَتَحَقَّقُ اَكْثَرُهَا مَعَ كَائِنٍ مَنْ كَان! نَعَمْ اَخِي: وَاَوَّلُ هَذِهِ الشُّرُوطِ، اَنْ يَكُونَ الْمُجْتَمَعُ فِي كِفَايَة، وَلِذَلِكَ لَايُمْكِنُنَا اَنْ نَقْطَعَ يَدَ السَّارِقِ فِي مُجْتَمَعٍ فِيهِ مِنَ الْمَجَاعَاتِ، وَفِيهِ مِنَ التَّفَاوُتِ فِي الطَّبَقَاتِ، وَفِيهِ مِنَ الْمُتْخَمِينَ الْمُتْرَفِينَ، وَفِيهِ مِنَ الْجَائِعِينَ، ثُمَّ نَرَى اِنْسَاناً جَائِعاً سَرَقَ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَاْكُلَ اَوْ يُطْعِمَ زَوْجَتَهُ وَاَوْلَادَهُ الْجَائِعِين؟ لِنُسَارِعَ بَعْدَ ذَلِكَ اِلَى قَطْعِ يَدِهِ! فَهَذَا لَاتَقُولُ بِهِ السُّنَّةُ الشَّرِيفَةُ اَبَداً، وَاِنَّمَا تَقُولُ بِشُرُوطٍ صَعْبَةٍ جِدّاً ظَاهِرُهَا وَبَاطِنُهَا فِيهِمَا الرَّحْمَة، بَلْ لَايَصِلُ السَّارِقُ وَالزَّانِي وَالْقَاتِلُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ اَصْحَابِ الْحُدُودِ اِلَى بَاطِنِهَا بِمَا فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ اِلَّا بَعْدَ جَهْدٍ جَهِيدٍ يَدْرَاُ عَنْهُ الشُّبُهَاتِ وَيَمْنَعُ عَنْهُ الْحَدَّ مَااسْتَطَاعَ الْقَاضِي اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً وَلَوْ بِشُبْهَةٍ بَسِيطَةٍ تُنْقِذُهُ مِنَ الْحَدِّ وَاِنْ لَمْ تُنْقِذْهُ مِنَ الْعُقُوبَةِ التَّعْزِيرِيَّة، نَعَمْ اَخِي: فَعَلَى الْمُجْتَمَعِ الَّذِي يُرِيدُ قَطْعَ يَدِ السَّارِقِ، اَنْ يَكُونَ فِي كِفَايَة، نَعَمْ اَخِي: وَاَلَّا يَكُونَ السَّارِقُ مُحْتَاجاً اِلَى مَاسَرَق، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا كَانَ مُحْتَاجاً بِسَبَبِ ظُرُوفٍ قَاسِيَةٍ اضْطَّرَّتْهُ اِلَى ذَلِكَ فَسَرَقَ لِيَاْكُلَ، اَوْ سَرَقَ لِيُدَاوِيَ مَرَضَهُ اَوْ مَرِيضَهُ مِنْ اَوْلَادِهِ اَوْ زَوْجَتِهِ اَوْ اَرْحَامِهِ اَوْ جِيرَانِهِ، اَوْ سَرَقَ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْاَسْبَابِ الِاضْطِّرَارِيَّةِ الَّتِي اضْطَّرَّتْهُ اِلَى السَّرِقَةِ، فَهَذَا لَايُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ السَّرِقَةِ، وَلَاتُقْطَعُ يَدُهُ، وَاِنَّمَا يُعَاقَبُ عُقُوبَةً تَعْزِيرِيَّة، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ يَجِبُ اَنْ تَبْلُغَ السَّرِقَةُ مِقْدَاراً مُعَيَّناً، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ اَنْ تَكُونَ السَّرِقَةُ فِي حِرْزِ الْمِثْلِ، كَاَنْ يَسْطُوَ سَارِقٌ عَلَى صُنْدُوقٍ مَقْفُولٍ اَوْ خَزْنَةٍ مُحْكَمَةِ الْاِغْلَاقِ فِي بَيْتٍ مَسْكُوٍن اَوْ مَهْجُورٍ ثُمَّ يَاْخُذُهُ مَعَهُ، فَهُنَا تَحَقَّقَ شَرْطُ الْحِرْزِ، وَهُوَ اَنَّ الْبَيْتَ الْمَسْرُوقَ، كَانَ حِرْزاً حَافِظاً لِلصُّنْدُوقِ وَالْخَزْنَةِ، وَهُوَ اَنَّ الصُّنْدُوقَ وَالْخَزْنَةَ اَيْضاً هُمَا حِرْزَانِ حَافِظَانِ لِهَذِهِ الْاَشْيَاءِ الْمَسْرُوقَةِ بِشَرْط؟ اَنْ يَكُونَا مَقْفُولَيْنِ، فَاِذَا كَانَا مَفْتُوحَيْنِ مُهْمَلَيْنِ، فَلَاتُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ، اِلَّا اِذَا كَانَ بَابُ الْبَيْتِ مُقْفَلاً وَخَلَعَهُ؟ لِاَنَّ الْبَيْتَ وَحْدَهُ يَكْفِي لِاَنْ يَكُونَ حِرْزاً حَافِظاً لِهَذِهِ الْاَشْيَاءِ جَمِيعِهَا، وَاَمَّا اِذَا وَجَدَ السَّارِقُ مِنْ اَصْحَابِ السَّوَابِقِ مِحْفَظَةً عَلَى الطَّرِيقِ وَاَخَذَهَا، فَالطَّرِيقُ لَيْسَ حِرْزاً حَافِظاً لِهَذِهِ الْاَشْيَاءِ، فَهَذَا لَاتُقْطَعُ يَدُهُ، وَاِنْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ اَنْ يُعَرِّفَ النَّاسَ عَلَيْهَا؟ لِيَرُدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ اِلَى صَاحِبِهَا الْحَقِيقِيِّ، بَعْدَ سُؤَالِهِ عَنْ مُحْتَوَاهَا؟ وَكَمْ مِنَ الْاَمْوَالِ الَّتِي افْتَقَدَهَا صَاحِبُهَا مَوْجُودٌ فِيهَا؟ نَعَمْ اَخِي: فَلَوِ اتَّضَحَ لِلْقَضَاءِ الْمُخْتَصِّ اَنَّهُ اَخَذَهَا وَلَمْ يُعَرِّفْ عَلَيْهَا، فَاِنَّهُ يُعَاقَبُ، وَلَكِنْ لَاتُقْطَعُ يَدُهُ؟ لِاَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْهَا مِنْ حِرْزٍ مَحْمِيٍّ حَافِظٍ لِاَمْوَالِهَا، وَاِنَّمَا اَخَذَهَا مِنْ طَرِيقٍ دَاشِرٍ وَفَالِتٍ وَغَيْرِ مَحْمِيٍّ، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ لَوْ سَرَقَ الْاَصْلُ مِنْ فَرْعِهِ، اَوْ سَرَقَ الْفَرْعُ مِنْ اَصْلِهِ، كَاَنْ يَسْرِقَ الْوَلَدُ مَثَلاً مِنْ مَالِ اَبِيهِ، اَوْ مِنْ مَالِ اُمِّهِ، اَوْ مِنْ مَالِ جَدِّهِ، اَوِ الْاَبُ اَوِ الْجَدُّ اَوِ الْجَدَّةُ سَرَقَ اَحَدُهُمْ اَوْ جَمِيعُهُمْ مِنْ مَالِ حَفِيدِهِمْ، فَهُنَا يُوجَدُ اُصُولٌ وَيُوجَدُ فُرُوعٌ تَخْتَلِطُ الْمَنْفَعَةُ بَيْنَهُمْ جَمِيعاً، وَلِذَلِكَ لَاتُقْطَعُ يَدُهُمْ، نَعَمْ اَخِي: وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ اَنَّهُ يَحِلُّ لِي اَنْ اَسْرِقَ مَثَلاً مِنْ مَالِ وَالِدِي، اَوْ يَحِلُّ لِوَالِدِي اَنْ يَسْرِقَ مِنْ مَالِي لَا، وَلَكِنْ اُعَاقَبُ وَيُعَاقَبُ وَالِدِي دُونَ قَطْعِ يَدِي وَلَا يَدِهِ, نَعَمْ اَخِي: وَلَا اَعْلَمُ فِي الشَّرْعِ الْاِسْلَامِيِّ اَنَّهُ يَجُوزُ لِاَحَدٍ اَنْ يَسْرِقَ مِنْ اَحَدٍ اِلَّا الْمَرْاَةَ؟ يَجُوزُ لَهَا اَنْ تَسْرِقَ مِنْ زَوْجِهَا؟ اِذَا كَانَ بَخِيلاً، وَلَوْ مِنْ دُونِ عِلْمِهِ؟ وَلَكِنْ مَايَكْفِيهَا فَقَطْ وَاَوْلَادَهَا بِالْمَعْرُوفِ دُونَ زِيَادَةٍ اِذَا خَافَتْ عَلَيْهِمْ اَوْ عَلَى نَفْسِهَا اَنْ يَمُوتُوا جَمِيعاً مِنَ الْجُوعِ اَوِ الْمَرَضِ اَوِ الْبَرْدِ اِلَى آَخِرِ مَاهُنَالِكَ، وَلَايُعْتَبَرُ عَمَلُ هَذِهِ الْمَرْاَةِ سَرِقَةً فِي الشَّرْعِ، وَاِنَّمَا اَخْذاً لِبَعْضِ حُقُوقِهَا الَّتِي مَنَعَهَا زَوْجُهَا عَنْهَا، وَخَاصَّةً اِذَا كَانَ يُضَيِّعُ اَمْوَالَهُ عَلَى مَاحَرَّمَ اللهُ مِنَ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَمَااِلَى هُنَالِكَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَخَاصَّةً اَيْضاً اِذَا كَانَ مُعَدِّداً لَايَعْدِلُ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ وَاَوْلَادِهِ مَادِّيّاً، وَلَايَعْدِلُ مَااسْتَطَاعَ سَبِيلاً اِلَى الْعَدْلِ بَيْنَهُمْ عَاطِفِيّاً، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ اِذَا سَرَقَ الشَّرِيكُ مِنْ شَرِكَةٍ مُخْتَلَطَةٍ، فَاِنَّ هَذَا يُعْتَبَرُ خِيَانَةً، وَلَايُعْتَبَرُ سَرِقَةً، وَاِنَّمَا يُعَاقَبُ عُقُوبَةً تَعْزِيرِيَّةً، وَلَهُ ذَنْبُهُ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلّ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ هَذِهِ الْحُدُودَ لَاتَتَحَقَّقُ وَلَايُعَاقِبُ الْاِسْلَامُ بِهَا اِلَّا بِشُرُوطٍ صَعْبَةٍ جِدّاً، وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الَّذِينَ يُهَاجِمُونَ هَذِهِ الْحُدُودَ! هُمْ جُهَلَاءُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ! حِينَمَا يَتَّهِمُونُ هَذِهِ الْحُدُودَ بِالْوَحْشِيَّةِ وَالْهَمَجِيَّة! وَنَقُولُ لِهَؤُلَاء: هَلْ نَظَرْتُمْ قَبْلَ اَنْ تُهَاجِمُوا اِلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ الَّتِي يَجِبُ اَنْ تَتَوَفَّرَ حَتَّى يُقَامَ الْحَدُّ؟ هَلْ تَوَفَّرَتْ عِنْدَ الدَّوَاعِشِ الْخَوَنَةِ وَاَمْثَالِهِمْ مِنَ الْمُتَطَرِّفِينَ قَبْلَ اَنْ يُقِيمُوا حُدُودَ اللهِ عَلَى النَّاس؟ هَلْ كَانَ الْاِسْلَامُ لِيَسْمَحَ لِهَؤُلَاءِ اَنْ يُقِيمُوا حُدُودَ اللهِ عَلَى النَّاسِ خَبْطَ عَشْوَاءَ كَيْفَمَا اتَّفَق؟ فَاِذَا كَانَ الْاِسْلَامُ لَمْ يَسْمَحْ بِذَلِكَ لِهَؤُلَاء، فَكَيْفَ تَسْمَحُونَ لِاَنْفُسِكُمْ اَنْ تَتَّهِمُوا الْاِسْلَامَ هَكَذَا خَبْطَ عَشْوَاءَ كَيْفَمَا اتَّفَقَ وَمِنْ دُونِ بَيِّنَةٍ وَلَا دَلِيل! وَنَقُولُ لِهَؤُلَاء: