متابعة في الرد على القرآنيين


اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُ وَبَعْدُ اَيُّهَا الْاِخْوَة، فَاِنَّنَا نُتَابِعُ مَابَدَاْنَا بِهِ مُنْذُ زَمَنٍ مِنَ الرَّدِّ عَلَى الْقُرْآَنِيِّينَ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ السُّنَّةَ النَّبَوِيَّةَ الْمُطَهَّرَة، وَقُلْنَا اِنَّ السُّنَّةَ هِيَ الْمَصْدَرُ الثَّانِي لِلتَّشْرِيعِ الْاِسْلَامِيِّ بَعْدَ الْقُرْآَنِ الْكَرِيم، نَعَمْ اَخِي وَجَدِيدُنَا فِي هَذِه الْمُشَارَكَةِ اَنَّ السُّنَّةَ الشَّرِيفَةَ قَدْ تَاْتِي بِحُكْمٍ لَمْ يَاْتِ بِهِ الْقُرْآَنُ، وَنَضْرِبُ لِهَذَا مَثَلاً: حِينَمَا ذَكَرَ الْقُرْآَنُ الْمُحَرَّمَاتِ قَائِلاً{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ اُمَّهَاتُكُمْ، وَبَنَاتُكُمْ، وَاَخَوَاتُكُمْ،(اِلَى اَنْ قَالَ{وَاَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْاُخْتَيْنِ اِلَّا مَاقَدْ سَلَفَ(بِمَعْنَى اَنَّهُ لَايَجُوزُ لَكَ اَخِي اَنْ تَتَزَوَّجَ اُخْتَيْنِ مَعاً اَوْ اَنْ يَكُونَا مَعَكَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ اَوْعَلَى فِرَاشٍ وَاحِد، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ اُخْتَ زَوْجَتِكَ هَلْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْكَ حُرْمَةً مُؤَقَّتَةً اَوْ مُؤَبَّدَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بَلْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْكَ حُرْمَةً مُؤَقَّتَة، بِمَعْنَى اَنَّكَ اِذَا طَلَّقْتَ زَوْجَتَكَ، يَجُوزُ لَكَ اَنْ تَتَزَوَّجَ مِنْ اُخْتِهَا بَعْدَ اَنْ تَعْتَدَّ اَنْتَ اَخِي مِنْ زَوْجَتِكَ كَمَا سَيَاْتِي، وَاَمَّا اِذَا كَانَتْ اُخْتُهَا الصُّغْرَى تَاْنَفُ مِنَ الزَّوَاجِ بِكَ؟ لِاَنَّكَ عَاشَرْتَ اُخْتَهَا الْكُبْرَى مَثَلاً ثُمَّ طَلَّقْتَهَا، فَهَذِهِ حَالَةٌ نَفْسِيَّةٌ لَاعَلَاقَةَ لِلْاِسْلَامِ بِهَا؟ لِاَنَّ هَذَا اَمْرٌ اَحَلَّهُ اللهُ تَعَالَى، وَلَامَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيه، وَالْاِسْلَامُ مَعَ ذَلِكَ لَمْ يُرْغِمْهَا عَلَى الزَّوَاجِ بِكَ، فَاِذَا رَفَضَتْ، فَلَمْ يُضَيِّقِ اللهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِير، وَاَمَّا اِذَا وَافَقَتْ، فَاِنَّنَا نُبَشِّرُهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَعَسَى اَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ( نَعَمْ اَخِي: وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: مَاذَا تَقُولُونَ فِي السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ الَّتِي زَادَتْ عَلَى الْقُرْآَنِ حُكْماً شَرْعِيّاً آَخَرَ حِينَمَا قَالَتْ[لَاتُنْكَحُ الْمَرْاَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا، اِنَّكُمْ اِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَطَعْتُمْ اَرْحَامَكُمْ( وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: يَبْدُو اَنَّكُمْ لَاتَجِدُونَ غَضَاضَةً وَلَاتَسْتَحُونَ وَلَاتَخْجَلُونَ مِنْ اَنْفُسِكُمْ اَنْ تَكُونُوا مِنْ اَهْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَهَلْ عَسَيْتُمْ اِنْ تَوَلَّيْتُمْ اَنْ تُفْسِدُوا فِي الْاَرْضِ وَتُقَطِّعُوا اَرْحَامَكُمْ اُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَاَصَمَّهُمْ وَاَعْمَى اَبْصَارَهُمْ( نَعَمْ اَخِي: وَالْمَعْنَى اَنَّكَ لَايَجُوزُ لَكَ شَرْعاً اَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْاَةِ وَبَيْنَ عَمَّتِهَا فِي تَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ كَمَا لَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَفْعَلَهُ بَيْنَ الْاُخْتَيْنِ فِي تَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ اَيْضاً، بِمَعْنَى اَنَّكَ لَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَجْعَلَ مِنَ الْمَرْاَةِ زَوْجَةً اُولَى وَمِنْ عَمَّتِهَا زَوْجَةً ثَانِيَةً اَوْ ثَالِثَةً اَوْ رَابِعَة، وَلَا مِنَ الْعَمَّةِ زَوْجَةً اُولَى وَابْنَةِ اَخِيهَا زَوْجَةً ثَانِيَةً اَوْ ثَالِثَةً اَوْ رَابِعَة، كَمَا لَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مَعَ الْاُخْتِ وَاُخْتِهَا، وَلَا مِثْلَ ذَلِكَ اَيْضاً مَعَ الْمَرْاَةِ كَزَوْجَةٍ اُوَلَى وَخَالَتُهَا هِيَ الثَّانِيَةُ اَوِ الثَّالِثَةُ اَوِ الرَّابِعَةُ وَلَا مَعَ الْخَالَةِ كَزَوْجَةٍ اُولَى جَامِعاً اِيَّاهَا مَعَ ابْنَةِ اُخْتِهَا جَاعِلاً مِنِ ابْنَةِ اُخْتِهَا هَذِهِ زَوْجَةً ثَانِيَةً اَوْ ثَالِثَةً اَوْ رَابِعَةً لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ غَالِباً يَحْصَلُ بَيْنَ الضَّرَائِرِ خِلَافٌ وَغَيْرَةٌ شَدِيدَة، فَمِنْ اَجْلِ اَلَّا يُؤَدِّيَ هَذَا الْخِلَافُ اِلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، بَيَّنَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَائِلاً[اَيُّهَا النَّاس، اَللهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآَنِ يَقُولُ لَكُمْ: لَاتُنْكَحُ الْمَرْاَةُ عَلَى اُخْتِهَا، وَاَمَّا اَنَا فَاَقُولُ لَكُمْ اَيْضاً[لَاتُنْكَحُ الْمَرْاَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا(نَعَمْ اَخِي: وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: هَلْ فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ آَيَةٌ تُبَيِّنُ النِّكَاحَ عَلَى الْعَمَّةِ وَالْخَالَة؟ اَوْ تُجِيزُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَرْاَةِ وَعَمَّتِهَا اَوْ تُجِيزُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَرْاَةِ وَخَالَتِهَا لِلْقَادِرِعَلَى الْعَدْلِ فِي تَعَدُّدِ الزَّوْجَات؟ وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِييِّنَ اَبَداً، فَاِنَّ الْقُرْآَنَ لَايُوجَدُ فِيهِ ذِكْرٌ لِلْعَمَّةِ وَلَا لِلْخَالَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ، وَاِنَّمَا فَقَطْ قَالَ الْقُرْآَنُ(وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ{اَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْاُخْتَيْنِ اِلَّا مَاقَدْ سَلَف(فَاِذَا قُلْتُمْ: لَانَاْخُذُ اِلَّا بِالْقُرْآَن! فَعَلَيْكُمْ اَنْ تَجْمَعُوا فِي تَعَدُّدِ اَزْوَاجِكُمْ بَيْنَ الْمَرْاَةِ وَعَمَّتِهَا! وَبَيْنَ الْمَرْاَةِ وَخَالَتِهَا! وَهَذَا نِكَاحٌ بَاطِل، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ اِذَا تَزَوَّجْتُ مِنَ الْعَمَّةِ اَوْ مِنَ الْخَالَةِ ثُمَّ طَلَّقْتُهَا؟ فَهَلْ يَجُوزُ لِي اَنْ اَتَزَوَّجَ مِنِ ابْنَةِ اَخِيهَا؟ اَوْ مِنِ ابْنَةِ اُخْتِهَا؟ قَبْلَ اَنْ تَنْتَهِيَ عِدَّةُ الْعَمَّةِ؟ اَوْ قَبْلَ اَنْ تَنْتَهِيَ عِدَّةُ الْخَالَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَايَجُوزُ ذَلِكَ قَبْلَ اَنْ تَنْتَهِيَ عِدَّةُ الْعَمَّةِ، اَوْ عِدَّةُ الْخَالَة، وَلِذَلِكَ كَانَ الْعُلَمَاءُ دَائِماً يُحَذّرُونَنَا بِقَوْلِهِمْ: هَلْ عَلَى الرَّجُلِ عِدَّة؟ فَنَقُولُ لَهُمْ: لَانَدْرِي! فَيَقُولُونَ: نَعَمْ عَلَى الرَّجُلِ عِدَّةٌ! كَمَا اَنَّ عَلَى الْمَرْاَةِ عِدَّة، نَعَمْ اَخِي: فَالرَّجُلُ فِي شَرْعِ الِاسْلَامِ، يَعْتَدُّ فِي اَحْوَال! فَمَثَلاً اِذَا كَانَ مُتَزَوِّجاً مِنِ امْرَاَةٍ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، ثُمَّ بَدَا لَهُ اَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ اُخْتِهَا، اَوْ عَمَّتِهَا، اَوْ خَالَتِهَا، فَلَايَجُوزُ لَهُ اَنْ يَتَزَوَّجَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جَمِيعاً، اِلَّا اِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُ مِنَ الْمَرْاَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا، نَعَمْ اَخِي: اَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَفَاةِ فَلَا، فَلَوْ مَاتَتْ هَذِهِ الْمَرْاَةُ، فَيَجُوزُ لَكَ اَخِي فَوْراً اَنْ تَتَزَوَّجَ بِاُخْتِهَا، اَوْ بِعَمَّتِهَا، اَوْ بِخَالَتِهَا، وَلَاعِدَّةَ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ اِلَّا بِمِقْدَارِ ثَلَاثَةِ اَيَّامٍ نِ اسْتِحْبَاباً لَا اِلْزَاماً؟ مِنْ اَجْلِ الْحِدَادِ عَلَى زَوْجَتِكَ الْمَيِّتَة، وَاَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلطَّلَاقِ، فَاَنْتَ مُلْزَمٌ بِالْعِدَّةِ وَخَاصَّةً فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ لِمَاذَا؟ حَتَّى لَاتَجْمَعَ بَيْنَ الْاُخْتَيْنِ وَهُمَا زَوْجَتُكَ وَاُخْتُهَا، وَحَتَّى لَاتَجْمَعَ بَيْنَ زَوْجَتِكَ وَعَمَّتِهَا، وَحَتَّى لَاتَجْمَعَ بَيْنَ زَوْجَتِكَ وَخَالَتِهَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّ زَوْجَتَكَ الَّتِي طَلَّقْتَهَا طَلَاقاً رَجْعِيّاً، فَطَالَمَا هِيَ فِي الْعِدَّةِ، فَيَجُوزُ لَكَ اَنْ تُرَاجِعَهَا؟ لِاَنَّهَا مَازَالَتْ عَلَى ذِمَّتِكَ، وَلَمْ يَنْجَلِ الْغُبَارُ عَنْ طَلَاقِهَا بَعْدُ، فَطَالَمَا هِيَ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، فَاِنَّ اَحْكَامَ زَوَاجِكَ بِهَا مَازَالَتْ قَائِمَةً، وَبِاِمْكَانِكَ اَنْ تُرْجِعَهَا اِلَى فِرَاشِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ دُونِ عَقْدٍ وَمَهْرٍ جَدِيدَيْنِ، بَلْ بِمُجَرَّدِ قُبْلَةٍ اَوْ لَمْسَةٍ شَهْوَانِيَّة، وَلِذَلِكَ لَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَتَزَوَّجَ اُخْتَهَا وَلَا عَمَّتَهَا وَلَا خَالَتَهَا فِي حَالَةِ طَلَاقِكَ الرَّجْعِيِّ مِنْهَا؟ لِاَنَّهَا مَازَالَتْ عَلَى ذِمَّتِكَ وَلَوْ طَلَّقْتَهَا طَلَاقاً رَجْعِيّاً، فَاِذَا انْتَهَتْ عِدَّتُكَ مِنْهَا مِنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، فَلَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَعُودَ اِلَيْهَا اِلَّا بِمَهْرٍ وَعَقْدٍ جَدِيدَيْنِ، فَاِنْ عُدْتَّ اِلَيْهَا بِمَهْرٍ وَعَقْدٍ جَدِيدَيْنِ، فَلَايَجُوزُ لَكَ الزَّوَاجُ هُنَا اَيْضاً جَمْعاً بَيْنَهَا وَبَيْنَ اُخْتِهَا اَوْ عَمَّتِهَا اَوْ خَالَتِهَا، فَاِذَا فَارَقْتَهَا وَلَمْ تَعُدْ اِلَيْهَا بِمَهْرٍ وَعَقْدٍ جَدِيدَيْنِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَجُوزُ لَكَ اَنْ تَتَزَوَّجَ اُخْتَهَا اَوْ عَمَّتَهَا اَوْ خَالَتَهَا، وَلَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَعُودَ اِلَيْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَابِمَهْرٍ وَلَابِعَقْدٍ جَدِيدَيْنِ حَتَّى تُطَلّقَ اُخْتَهَا اَوْ خَالَتَهَا اَوْ عَمَّتَهَا وَحَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ اِحْدَاهُنَّ مِنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ دُونَ اَنْ تَقُومَ بِمُرَاجَعَتِهَا؟ لِاَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اُخْتِهَا اَوْ عَمَّتِهَا اَوْ خَالَتِهَا حَرَام، لَكِنْ طَالَمَا هِيَ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، فَاِنَّكَ تَسْتَطِيعُ اَنْ تُرَاجِعَهَا، لَكِنْ اِذَا اَرَدْتَّ تَعَدُّدَ الزَّوْجَاتِ، فَيَحْرُمُ عَلَيْكَ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اُخْتِهَا اَوْ عَمَّتِهَا اَوْ خَالَتِهَا فِي كُلِّ الْاَحْوَال، لَكِنْ قَدْ يَقُولُ قَائِل: لَااُرِيدُ اُخْتَهَا! وَلَااُرِيدُ عَمَّتَهَا! وَلَااُرِيدُ خَالَتَهَا! اُرِيدُ زَوْجَةً رَابِعَةً جَدِيدَةً لَاتَقْرَبُهَا وَلَاتَنْصَبُهَا وَلَايُوجَدُ صِلَةُ قَرَابَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَاتِي الثَّلَاث! وَلَا اُرِيدُ اِلَّا وَاحِدَةً جَدِيدَةً تَحُلُّ مَكَانَ الَّتِي طَلَّقْتُهَا وَعِنْدِي مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَدْلِ الْمَادِّيِّ بَيْنَهُنّ، وَاَقُولُ لَكَ اَخِي، كَذَلِكَ لَوْ اَنَّكَ مُتَزَوِّجٌ بِاَرْبَعٍ مِنَ النِّسَاءِ، ثُمَّ طَلَّقْتَ اِحْدَاهُنَّ، فَعَلَيْكَ اَنْ تَعْتَدَّ مِنْهَا، وَلَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَتَزَوَّجَ بِاُخْرَى جِامِعاً بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَاتِكَ الثَّلَاثِ اِلَّا بَعْدَ اَنْ تَنْتَهِيَ عِدَّةُ الَّتِي طَلَّقْتَهَا لِمَاذَا، وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: حَتَّى لَاتَجْمَعَ بَيْنَ اَكْثَرِ مِنْ اَرْبَعِ نِسْوَة، لِاَنَّ الَّتِي طَلَّقْتَهَا طَلَاقاً رَجْعِيّاً مَازَالَتْ عَلَى ذِمَّتِكَ، وَلَمْ تَنْفُضْ غُبَارَ زَوَاجِكَ عَنْ طَلَاقِهَا بَعْدُ، وَلَمْ تَقُصَّ الشَّرِيطَ مِنْ اَجْلِ طَلَاقِهَا بَعْدُ، وَلَمْ يَنْحَلَّ الرِّبَاطُ الزَّوْجِيُّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَعْدُ، وَحَتَّى وَلَوْ طَلَّقْتَهَا طَلَاقاً رَجْعِيّاً، فَاِنَّهَا مَازَالَتْ عَلَى ذِمَّتِكَ كَمَا بَيَّنَا ذَلِكَ وَلَاحَاجَةَ اِلَى اِعَادَتِهِ مِنْ جَدِيد، وَنَحْنُ هُنَا نُفْتِي بِفَتْوَى اَهْلِ السُّنَّة وَسُبْحَانَ الله! لَااَرْتَاحُ لِفَتْوَى الشِّيعَةِ اَبَداً فِي جَوَازِ الْجَمْعِ عِنْدَهُمْ بَيْنَ اَكْثَرِ مِنْ اَرْبَعِ نِسْوَة! فَهَذَا لَيْسَ مِنْ دِينِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، نَعَمْ اَخِي وَقَدْ بَعَثَ اِلَيَّ اَحَدُ الْاِخْوَةِ بِرِسَالَةٍ يَقُولُ فِيهَا: طَلَّقْتُ زَوْجَتِي وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ طَلَاقِي الرَّجْعِيِّ لَهَا وَلَااُرِيدُ الْعَوْدَةَ اِلَيْهَا بِمَهْرٍ وَلَاعَقْدٍ جَدِيدَيْنِ؟ فَهَلْ يَجُوزُ لِي اَنْ اَجْمَعَ بَيْنَ عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا فِي زَوَاجِي بِكِلْتَيْهِمَا مَعاً؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَامَانِعَ مِنْ هَذَا الْجَمْعِ شَرْعاً وَزَوَاجُكَ بِهِمَا مَعاً صَحِيحٌ شَرْعاً وَلَاغُبَارَ عَلَيْهِ بِشَرْط؟ وَهُوَ عَدَمُ وُجُودِ صِلَةِ قَرَابَةٍ تَرْبِطُ بَيْنَ عَمَّتِهَا وَ خَالَتِهَا, فَانْظُرْ اَخِي اِلَى الْفِقْهِ الْاِسْلَامِيِّ! وَكَيْفَ يَجْعَلُ عَقْلَكَ وَتَفْكِيرَكَ يَتَحَرَّكُ بِاَجْمَلِ رِيَاضِيَّاتٍ ذِهْنِيَّة! نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ السُّنَّةُ بَيَّنَتْ لَنَا الْقُرْآَن، فَبِاللهِ عَلَيْكَ اَخِي، مَابَالُ هَذَا الْجَاهِلِ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّهِ مُتَكَبِّراً! ثُمَّ يَلُفُّ رِجْلاً عَلَى رِجْلٍ! وَيَقُولُ: عَلَيْنَا بِكِتَابِ الله! فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ حَلَّلْنَاهُ! وَمَاوَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ! وَنَقُولُ لِهَذَا الْقُرْآَنِيِّ الْجَاهِلِ لَا: فَمَا حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ، كَالَّذِي حَرَّمَهُ الله، وَمَااَحَلَّهُ رَسُولُ اللهِ، كَالَّذِي اَحَلَّهُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا الْمَصْدَرُ التَّشْرِيعِيُّ الثَّانِي بَعْدَ الْقُرْآَنِ وَهُوَ السُّنَّة، تَعَرَّضَ لِحَمَلَاتٍ كَثِيرَةٍ شَنَّهَا اَعْدَاءُ الْاِسْلَامِ عَلَى هَذَا الْمَصْدَرِ؟ لِاَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ جَيِّداً اَنَّهُمْ بِقَضَائِهِمْ عَلَيْهِ، فَاِنَّهُمْ يَقْضُونَ عَلَى هَذَا الدِّينِ قَضَاءً مُبْرَماً، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ سِيرَةُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، نَالَتْ حَظّاً وَافِراً مِنَ التَّشْوِيهِ وَالطَّعْنِ مِنَ الْجُهَلَاءِ اَوْ مِنَ الْاَعْدَاء، نَعَمْ اَخِي: وَالسُّنَّةُ الشَّرِيفَةُ لَهَا وَظِائِفٌ مُتَعَدِّدَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْقُرْآنِ الْكَرِيم، فَاَحْيَاناً تَاْتِي السُّنَّةُ مُؤَكِّدَةً لِمَا فِي الْقُرْآن، فَمَثَلاً يَقُولُ الْقُرْآًنُ الْكَرِيم{اَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاة{وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ اِلَيْهِ سَبِيلَا{فَاعْلَمْ اَنَّهُ لَا اِلَهَ اِلَّا الله(وَكُلُّ هَذَا جَاءَ فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيم، فَجَاءَتِ السُّنَّةُ مُؤَكِّدَةً لِهَذَا، وَمِنْ هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَال:[بُنِيَ الْاِسْلَامُ عَلَى خَمْس، شَهَادَةِ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا اللهُ وَاَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَاِقَامِ الصَّلَاةِ، وَاِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحِجِّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ اِلَيْهِ سَبِيلَا(نَعَمْ اَخِي: وَهُنَاكَ رِوَايَةٌ اَيْضاً تُقَدِّمُ الْحَجَّ عَلَى الصَّوْم، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا سَمِعْتَ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ: وَحِجِّ الْبَيْتِ لِمَنِ اسْتَطَاعَ اِلَيْهِ سَبِيلاً ثُمَّ صِيَامِ رَمَضَانَ، فَلَاتَسْتَغْرِبْ اَخِي، فَهَذِهِ رِوَايَةٌ صَحِيحَةٌ اَيْضاً عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ الْاُمُورُ الْخَمْسَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا رَسُولُ اللهِ، تُؤَكِّدُ مَا فِي الْقُرْآَنِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ اَصْلاً فِي الْقُرْآَن، نَعَمْ اَخِي: وَالْقُرْآَنُ فِيهِ الْاَمْرُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ، فَجَاءَتِ السُّنَّةُ لِتُؤَكِّدَ ذَلِكَ كُلَّهُ، نَعَمْ اَخِي: وَقُلْنَا كَذَلِكَ فِي مُشَارَكَةٍ سَابِقَةٍ:اَنَّ مِنْ وَظَائِفِ السُّنَّةِ، اَنَّهَا تُبَيِّنُ الْمُجْمَلَ مِنَ الْقُرْآَنِ، وَضَرَبْنَا لِذَلِكَ اَمْثِلَةً، وَنُعِيدُ شَيْئاً مِنْهَا لِاَهَمِّيَّتِهَا، فَمَثَلاً جَاءَ فِي الْقُرْآَنِ الْاَمْرُ بِالصَّلَاةِ، وَالْاَمْرُ بِالصَّوْمِ، وَالْاَمْرُ بِكَذَا وَكَذَا مُجْمَلاً اَوْ مُفَصَّلاً اَخِي؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بَلْ جَاءَ مُجْمَلاً مُلَخَّصاً بِرُؤُوسِ اَقْلَامٍ اِنْ صَحَّ التَّعْبِير, نَعَمْ اَخِي: فَمَنْ هُوَ الَّذِي فَصَّلَهُ؟ اِنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، نَعَمْ اَخِي: فَجَاءَ الْاَمْرُ بِمَا ذَكَرْتُ لَكَ مُجْمَلاً، وَالرَّسُولُ فَصَّلَهُ تَفْصِيلاً حِينَمَا بَيَّنَ لَنَا عَدَدَ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ مَثَلاً، نَعَمْ اَخِي وَكَذَلِكَ مِنْ وَظَائِفِ السُّنَّةِ اَنَّهَا تُطْلِقُ الْمُقَيَّدَ فَمَثَلاً قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَلَد{فَكُّ رَقَبَة(فَجَاءَتِ السُّنَّةُ لِبَيَانِ الْقُرْآَنِ فِي اَنَّهُ اَرَادَ جَسَدَ الْعَبْدِ كُلَّهُ اَنْ يَكُونَ عَتِيقاً لِوَجْهِ اللهِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ الْقُرْآَنُ بِالرَّقَبَةِ فَقَطْ، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ مِنْ وَظَائِفِ السُّنَّةِ، اَنَّهَا كَمَا تُطْلِقُ الْمُقَيَّدَ فَاِنَّهَا اَيْضاً عَكْسِيّاً تُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ، وَنَضْرِبُ لِذَلِكَ مِثَالاً، وَكَمَا يَقُولُ الْعَرَبُ: بِالْمِثَالِ يَتَّضِحُ الْمَقَال، فَمَثَلاً قَوْلُهُ تَعَالَى{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَااعْتَدَى عَلَيْكُمْ(فَهُنَا لَابُدَّ مِنْ تَحْقِيقِ الْمِثْلِيَّةِ فِي رَدِّ السَّيِّئَةِ بِمِثْلِهَا وَفِي رَدِّ الْعُدْوَانِ بِمِثْلِهِ دُونَ زِيَادَة، وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: فَلَوْ اَخَذْنَا بِالْقُرْآَنِ وَاَنْكَرْنَا السُّنَّةَ، فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ اَطْفَالِ الْمُعْتَدِينَ الْاَبْرِيَاءِ اِذَا قَتَلُوا اَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ الْاَبْرِيَاء؟ لِاَنَّ الْقُرْآَنَ يَاْمُرُ بِالْمِثْلِيَّةِ فِي رَدِّ الْعُدْوَانِ فِي قَوْلِهِ{بِمِثْلِ مَااعْتَدَى عَلَيْكُمْ(لَكِنَّ السُّنَّةَ جَاءَتْ لِتُبَيِّنَ اَنَّهُ لَايَجُوزُ قَتْلُ هَؤُلَاءِ الْاَطْفَالِ اِلَّا فِي اَحْوَالٍ خَاصَّةٍ وَنَادِرَةٍ لَمْ يَتْرُكْ فِيهَا الْعَدُوُّ لِلْمُسْلِمِينَ خَيَاراً اِلَّا بِقَتْلِ اَطْفَالِهِ وَلَوْ كَانُوا اَبْرِيَاء، وَرُبَّمَا يَهْلَكُ الْمُسْلِمُونَ جَمِيعاً اَوْ اَكْثَرُهُمْ اِذَا قَامَ الْعَدُوُّ بِالْغَدْرِ بِالْمُسْلِمِينَ اَوْ مُبَاغَتَتِهِمْ بِعُنْصُرِ الْمُفَاجَاَةِ مُتَّخِذاً مِنْ هَؤُلَاءِ الْاَطْفَالِ الْاَبْرِيَاءِ دُرُوعاً بَشَرِيَّةً وَاقِيَةً لَهُ مِنْ ضَرَبَاتِ الْمُسْلِمِين، فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اَنْ يَخْتَارُوا الضَّرَرَ الْاَخَفَّ لِهَؤُلَاءِ الْاَطْفَالِ اِذَا حَشَكَهُمْ عَدُوُّهُمْ بَيْنَ خَيَارَيْنِ اَحْلَاهُمَا مُرُّ، كَمَا وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ اسْتِعْمَالُ الضَّرَرِ الْاَشَدِّ بِحَقِّ هَؤُلَاءِ الْاَطْفَال، وَعَلَيْهِمْ اَنْ يَحْتَرِزُوا مِنْ قَتْلِهِمْ مَااسْتَطَاعُوا اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً بَاذِلِينَ كُلَّ مَابِوُسْعِهِمْ مِنْ جَهْدٍ مِنْ اَجْلِ مُحَاوَلَةِ اِنْقَاذِهِمْ اِذَا وَضَعَهُمُ الْعَدُوُّ بَيْنَ فَكَّيْ كَمَّاشَة، فَاِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بُدٌّ مِنْ قَتْلِهِمْ، فَاِنَّا لِلهِ وَاِنَّا اِلَيْهِ رَاجِعُون، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ جَاءَتِ السُّنَّةُ فِي الْاَصْلِ لِتُقَيِّدَ الْمُطْلَقَ الَّذِي اَطْلَقَهُ الْقُرْآَنُ فِي هَذِهِ الْمِثْلِيَّةِ، فَبَيَّنَتْ اَنَّهُ يَجُوزُ مُعَامَلَةُ الْعَدُوِّ بِالْمِثْلِ اِلَّا فِي اَحْوَالٍ وَهِيَ قَوْلُهَا[لَاتَقْتُلُوا طِفْلاً، وَلَاشَيْخاً كَبِيراً، وَلَا امْرَاَةً، مِنْ هَؤُلَاءِ الْاَعْدَاءِ اِذَا كَانُوا مُسَالِمِين، اِلَّا اِذَا كَانُوا مُحَارِبِينَ فَاقْتُلُوهُمْ اِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا اِلَى اَسْرِهِمْ سَبِيلاً، وَلَايَجُوزُ قَتْلُهُمْ اِلَّا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ تَخْشَوْنَ فِيهَا مِنَ الْهَلَاكِ عَلَى اَنْفُسِكُمْ اِنْ لَمْ تَقْتُلُوهُمْ، وَهِيَ اِمَّا قَاتِلٌ مُضْطَّرٌّ اِلَى الدِّفَاعِ عَنْ نَفْسِهِ، وَاِمَّا مَقْتُولٌ مِنْ هَؤُلَاءِ اضَّطَّرَّنَا اِلَى قَتْلِهِ بَعْدَ اَنْ هَجَمَ عَلَيْنَا هُجُوماً كَاسِحاً لَامَجَالَ لِلتَّفَاهُمِ مَعَهُ بِسَبَبِهِ، وَلَامَجَالَ لِلِاحْتِرَازِ وَالِاحْتِيَاطِ مِنْ قَتْلِ اَطْفَالِهِ، فَهُنَا هَلْ يُضَحَّى بِحَيَاةِ الْاُمِّ وَهِيَ الْاَصْلُ اِذَا خَافَ الطَّبِيبُ عَلَيْهَا الْمَوْتَ بِسَبَبِ حَمْلِهَا؟ اَمْ بِحَيَاةِ جَنِينِهَا وَهُوَ الْفَرْعُ مِنَ الْاَصْلِ وَهُوَ الْاُمّ؟ بِمَعْنَى هَلْ يُضَحَّى بِحَيَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَاَطْفَالِهِمْ وَهُمْ اَصْلُ التَّوْحِيدِ وَفُرُوعُهُ؟ اَمْ يُضَحَّى بِحَيَاةِ الْمُشْرِكِينَ وَاَطْفَالِهِمْ وَهُمْ اَصْلُ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ وَفُرُوعُهُ؟ وَاَتْرُكُ الْخَيَارَ لَكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ وَلَااَسْتَطِيعُ اَنْ اُعْطِيَ اِجَابَةً شَافِيَةً فِي هَذَا الْاَمْرِ اِلَّا بَعْدَ التَّشَاوُرِ مَعَ كَوْكَبَةٍ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَلَاتَقْطَعُوا شَجَرَةً وَلَانَخْلاً، اِلَّا مَاكَانَ مِنْ اَمْرِ قَوْلِهِ تَعَالَى بِحَقِّ الْيَهُودِ الْمُحَارِبِينَ{مَاقَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ اَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى اُصُولِهَا، فَبِاِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِين(وَلِذَلِكَ اَخِي كَانَ لَابُدَّ مِنِ اسْتِثْنَاءَاتٍ يَجِبُ مُرَاعَاتُهَا شَرْعاً فِي قَتْلِ هَؤُلَاءِ وَلَوْ كَانُوا اَبْرِيَاءَ اِذَا لَمْ يَتْرُكْ لَنَا الْعَدُوُّ خَيَاراً آَخَر، لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَى أَيِّ عَسْكَرِيٍّ اَنْ يَلْجَاَ اِلَى قَتْلِ هَؤُلَاءِ الْاَطْفَالِ الَّذِينَ تَتَرَّسَ وَاحْتَمَى بِهِمُ الْعَدُوُّ اِلَّا بِاَمْرِ قَائِدِهِ الْعَسْكَرِيّ، وَيَحْرُمُ عَلَى قَائِدِهِ الْعَسْكَرِيِّ اَنْ يَاْمُرَهُ بِذَلِكَ اِلَّا بَعْدَ مُشَاوَرَةِ كَوْكَبَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم، نَعَمْ اَخِي: وَنَضْرِبُ لِذَلِكَ مِثَالاً آَخَرَ عَلَى تَقْيِيدِ السُّنَّةِ لِلْمُطْلَقِ فِي الْقُرْآَن: فَمَثَلاً قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا اَيْدِيَهُمَا، جَزَاءً بِمَا كَسَبَا، نَكَالاً مِنَ اللهِ، وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيم(نَعَمْ اَخِي: فَجَاءَتْ كَلِمَةُ اَيْدِيَهُمَا مُطْلَقَةً عَلَى اِطْلَاقِهَا، فَيَاتُرَى هَلْ هِيَ الْيَدُ الْيُمْنَى؟ اَمْ هِيَ الْيَدُ الْيُسْرَى؟ هَلْ هِيَ الْيَدُ كُلُّهَا؟ اَمْ بَعْضُهَا؟ وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: اَلْقُرْآَنُ لَمْ يُفَصِّلْ ذَلِكَ، بَلْ قَالَ: فَاقْطَعُوا اَيْدِيَهُمَا عَلَى اِطْلَاقِ الْاَيْدِي جَمِيعاً، بِمَعْنَى اَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فَاقْطَعُوا يَدَيْهِمَا الِاثْنَتَيْنِ، بَلْ قَالَ فَاقْطَعُوا اَيْدِيَهُمَا الْاَرْبَع، فَاِذَا اَرَدْنَا اَنْ نَاْخُذَ بِالْقُرْآَنِ فَقَطْ، فَعَلَيْكُمْ اَنْ تَقْطَعُوا يَدَ السَّارِقِ كُلّهَا مِنَ الرُّسْغِ اِلَى الْكَتِفِ! بَلْ اِنَّ الْقَاضِيَ الْقُرْآَنِيَّ عِنْدَكُمْ مُخَيَّرٌ اَيْضاً وَلَاحَرَجَ عَلَيْهِ شَرْعاً اَنْ يَقْطَعَ الْيَدَ الْيُمْنَى السَّارِقَةَ اَوْ يَقْطَعَ الْيُسْرَى! فَاِذَا قَطَعَ الْيُسْرَى! فَلَنْ يَسْتَطِيعَ السَّارِقُ اَنْ يُنَظّفَ نَجَاسَتَهُ الشَّرْجِيَّةَ بِسُهُولَةٍ بِيَدِهِ الْيُمْنَى بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ مِنْ اِخْرَاجِ خُرَائِةِ وَبَوْلِهِ! وَعَلَى اَعْدَاءِ الْاِسْلَامِ اَنْ يَتَّهِمُوكُمْ اَنْتُمْ بِالْوَحْشِيَّةِ وَالْهَمَجِيَّةِ فِي تَطْبِيقِ حُدُودِ اللهِ، لَا اَنْ يَتَّهِمُوا اَهْلَ السُّنَّةِ الَّذِينَ يَاْخُذُونَ بِاَحْكَامِهَا وَلَايُنْكِرُونَهَا كَمَا تُنْكِرُونَهَا اَنْتُمْ، وَلِذَلِكَ نَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: اِنَّ فَضْلَ السُّنَّةِ كَبِيرٌ جِدّاً عَلَى حُدُودِ اللهِ فِي التَّخْفِيفِ مِنْ شِدَّةِ هَمَجِيَّتِهَا وَوَحْشِيَّتِهَا الْمَزْعُومَةِ عَلَى الْوُحُوشِ الْهَمَجِيِّينَ الْمُجْرِمِين! وَلَمْ يَكُنْ لِدِينِ الْاِسْلَامِ اَنْ يَرْحَمَ الْمُجْرِمِينَ هَذِهِ الرَّحْمَةَ الْحَمْقَاءَ الرَّعْنَاءَ الَّتِي يُرِيدُهَا اَعْدَاؤُهُ الْمُجْرِمُونَ لِلْمُجْرِمِينَ اَمْثَالِهِمْ؟ لِيُطْلِقُوا لَهُمْ عَنَانَهُمْ مِنْ سُجُونِهِمْ؟ وَيُسَاعِدُوهُمْ عَلَى الْهَرَبِ مِنْهَا؟ وَالْاِفْلَاتِ مِنْ قَبْضَةِ الْعَدَالَةِ؟ لِيَعِيثُوا فِي الْاَرْضِ فَسَاداً بِقَتْلِهِمْ وَانْتِقَامِهِمُ الطَّائِفِيِّ مِنَ الْاَبْرِيَاءِ دُونَ رَحْمَة، وَمَعَ ذَلِكَ جَاءَتِ السُّنَّةُ الَّتِي يُنْكِرُهَا الْقُرْآَنِيُّونَ لِمَصْلَحَةِ الْمُجْرِمِينَ؟ مِنْ اَجْلِ التَّخْفِيفِ مِنَ التَّنْكِيلِ الَّذِي اَمَرَ بِهِ ظَاهِرُ الْقُرْآَنِ لَوْ اَخَذْنَاهُ عَلَى اِطْلَاقِهِ دُونَ مُرَاعَاةِ السُّنَّة، وَلِذَلِكَ نَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّينَ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ السُّنَّةَ: مَنِ الَّذِي بَيَّنَ اَنَّ الْيَدَ السَّارِقَةَ الَّتِي تُقْطَعُ هِيَ الْيَدُ الْيُمْنَى؟ وَاَنَّهَا تُقْطَعُ مِنَ الرُّسْغِ وَهُوَ الْكُوع؟(وَالْعَوَامُّ عِنْدَنَا يُسَمُّونَ الْمِرْفَقَ بِالْكُوع! وَهِيَ تَسْمِيَةٌ خَاطِئَة؟ لِاَنَّ الْكُوعَ هُوَ الرُّسْغُ وَلَيْسَ الْمِرْفَقَ، وَاللهُ تَعَالَى اَمَرَنَا اَنْ نَغْسِلَ اَيْدِيَنَا اِلَى اَنْ نَصِلَ فِي غَسْلِهَا اِلَى الْمَرَافِقِ فِي مَسَافَةٍ طَوِيلَةٍ، وَلَمْ يَاْمُرْنَا اَنْ نَغْسِلَهَا اِلَى اَنْ نَصِلَ بِهَا اِلَى الْكُوعِ وَهُوَ الرُّسْغُ فِي مَسَافَةٍ قَصِيرَةٍ وَهِيَ الْمَسَافَةُ الْقَصِيرَةُ الَّتِي تُقْطَعُ فِيهَا يَدُ السَّارِق( وَلِذَلِكَ نَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: مَنْ سِوَى السُّنَّةِ بَيَّنَ اَنَّ الْيَدَ السَّارِقَةَ الْيُمْنَى هِيَ الَّتِي تُقْطَعُ مِنَ الْكُوعِ اَوِ الرُّسْغِ؟ لَا اَنْ نَصِلَ بِقَطْعِهَا اِلَى مَسَافَةٍ طَوِيلَةٍ جِدّاً اِلَى الْكَتِفِ كَمَا يَاْمُرُكُمْ بِذَلِكَ ظَاهِرُ الْقُرْآَنِ الَّذِي تُرِيدُونَ اَنْ تَقْتَصِرُوا عَلَيْه؟ وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: وَكَذَلِكَ يَقُولُ الْقُرْآَنُ الَّذِي لَاتُؤْمِنُونَ اِلَّا بِهِ: اَنَّ كُلَّ مَنْ سَرَقَ تُقْطَعُ يَدُهُ كَائِناً مَنْ كَان! وَلَكِنَّ السُّنَّةَ اشْتَرَطَتْ لِذَلِكَ الْقَطْعِ شُرُوطاً رُبَّمَا لَايَتَحَقَّقُ اَكْثَرُهَا مَعَ كَائِنٍ مَنْ كَان! نَعَمْ اَخِي: وَاَوَّلُ هَذِهِ الشُّرُوطِ، اَنْ يَكُونَ الْمُجْتَمَعُ فِي كِفَايَة، وَلِذَلِكَ لَايُمْكِنُنَا اَنْ نَقْطَعَ يَدَ السَّارِقِ فِي مُجْتَمَعٍ فِيهِ مِنَ الْمَجَاعَاتِ، وَفِيهِ مِنَ التَّفَاوُتِ فِي الطَّبَقَاتِ، وَفِيهِ مِنَ الْمُتْخَمِينَ الْمُتْرَفِينَ، وَفِيهِ مِنَ الْجَائِعِينَ، ثُمَّ نَرَى اِنْسَاناً جَائِعاً سَرَقَ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَاْكُلَ اَوْ يُطْعِمَ زَوْجَتَهُ وَاَوْلَادَهُ الْجَائِعِين؟ لِنُسَارِعَ بَعْدَ ذَلِكَ اِلَى قَطْعِ يَدِهِ! فَهَذَا لَاتَقُولُ بِهِ السُّنَّةُ الشَّرِيفَةُ اَبَداً، وَاِنَّمَا تَقُولُ بِشُرُوطٍ صَعْبَةٍ جِدّاً ظَاهِرُهَا وَبَاطِنُهَا فِيهِمَا الرَّحْمَة، بَلْ لَايَصِلُ السَّارِقُ وَالزَّانِي وَالْقَاتِلُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ اَصْحَابِ الْحُدُودِ اِلَى بَاطِنِهَا بِمَا فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ اِلَّا بَعْدَ جَهْدٍ جَهِيدٍ يَدْرَاُ عَنْهُ الشُّبُهَاتِ وَيَمْنَعُ عَنْهُ الْحَدَّ مَااسْتَطَاعَ الْقَاضِي اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً وَلَوْ بِشُبْهَةٍ بَسِيطَةٍ تُنْقِذُهُ مِنَ الْحَدِّ وَاِنْ لَمْ تُنْقِذْهُ مِنَ الْعُقُوبَةِ التَّعْزِيرِيَّة، نَعَمْ اَخِي: فَعَلَى الْمُجْتَمَعِ الَّذِي يُرِيدُ قَطْعَ يَدِ السَّارِقِ، اَنْ يَكُونَ فِي كِفَايَة، نَعَمْ اَخِي: وَاَلَّا يَكُونَ السَّارِقُ مُحْتَاجاً اِلَى مَاسَرَق، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا كَانَ مُحْتَاجاً بِسَبَبِ ظُرُوفٍ قَاسِيَةٍ اضْطَّرَّتْهُ اِلَى ذَلِكَ فَسَرَقَ لِيَاْكُلَ، اَوْ سَرَقَ لِيُدَاوِيَ مَرَضَهُ اَوْ مَرِيضَهُ مِنْ اَوْلَادِهِ اَوْ زَوْجَتِهِ اَوْ اَرْحَامِهِ اَوْ جِيرَانِهِ، اَوْ سَرَقَ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْاَسْبَابِ الِاضْطِّرَارِيَّةِ الَّتِي اضْطَّرَّتْهُ اِلَى السَّرِقَةِ، فَهَذَا لَايُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ السَّرِقَةِ، وَلَاتُقْطَعُ يَدُهُ، وَاِنَّمَا يُعَاقَبُ عُقُوبَةً تَعْزِيرِيَّة، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ يَجِبُ اَنْ تَبْلُغَ السَّرِقَةُ مِقْدَاراً مُعَيَّناً، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ اَنْ تَكُونَ السَّرِقَةُ فِي حِرْزِ الْمِثْلِ، كَاَنْ يَسْطُوَ سَارِقٌ عَلَى صُنْدُوقٍ مَقْفُولٍ اَوْ خَزْنَةٍ مُحْكَمَةِ الْاِغْلَاقِ فِي بَيْتٍ مَسْكُوٍن اَوْ مَهْجُورٍ ثُمَّ يَاْخُذُهُ مَعَهُ، فَهُنَا تَحَقَّقَ شَرْطُ الْحِرْزِ، وَهُوَ اَنَّ الْبَيْتَ الْمَسْرُوقَ، كَانَ حِرْزاً حَافِظاً لِلصُّنْدُوقِ وَالْخَزْنَةِ، وَهُوَ اَنَّ الصُّنْدُوقَ وَالْخَزْنَةَ اَيْضاً هُمَا حِرْزَانِ حَافِظَانِ لِهَذِهِ الْاَشْيَاءِ الْمَسْرُوقَةِ بِشَرْط؟ اَنْ يَكُونَا مَقْفُولَيْنِ، فَاِذَا كَانَا مَفْتُوحَيْنِ مُهْمَلَيْنِ، فَلَاتُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ، اِلَّا اِذَا كَانَ بَابُ الْبَيْتِ مُقْفَلاً وَخَلَعَهُ؟ لِاَنَّ الْبَيْتَ وَحْدَهُ يَكْفِي لِاَنْ يَكُونَ حِرْزاً حَافِظاً لِهَذِهِ الْاَشْيَاءِ جَمِيعِهَا، وَاَمَّا اِذَا وَجَدَ السَّارِقُ مِنْ اَصْحَابِ السَّوَابِقِ مِحْفَظَةً عَلَى الطَّرِيقِ وَاَخَذَهَا، فَالطَّرِيقُ لَيْسَ حِرْزاً حَافِظاً لِهَذِهِ الْاَشْيَاءِ، فَهَذَا لَاتُقْطَعُ يَدُهُ، وَاِنْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ اَنْ يُعَرِّفَ النَّاسَ عَلَيْهَا؟ لِيَرُدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ اِلَى صَاحِبِهَا الْحَقِيقِيِّ، بَعْدَ سُؤَالِهِ عَنْ مُحْتَوَاهَا؟ وَكَمْ مِنَ الْاَمْوَالِ الَّتِي افْتَقَدَهَا صَاحِبُهَا مَوْجُودٌ فِيهَا؟ نَعَمْ اَخِي: فَلَوِ اتَّضَحَ لِلْقَضَاءِ الْمُخْتَصِّ اَنَّهُ اَخَذَهَا وَلَمْ يُعَرِّفْ عَلَيْهَا، فَاِنَّهُ يُعَاقَبُ، وَلَكِنْ لَاتُقْطَعُ يَدُهُ؟ لِاَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْهَا مِنْ حِرْزٍ مَحْمِيٍّ حَافِظٍ لِاَمْوَالِهَا، وَاِنَّمَا اَخَذَهَا مِنْ طَرِيقٍ دَاشِرٍ وَفَالِتٍ وَغَيْرِ مَحْمِيٍّ، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ لَوْ سَرَقَ الْاَصْلُ مِنْ فَرْعِهِ، اَوْ سَرَقَ الْفَرْعُ مِنْ اَصْلِهِ، كَاَنْ يَسْرِقَ الْوَلَدُ مَثَلاً مِنْ مَالِ اَبِيهِ، اَوْ مِنْ مَالِ اُمِّهِ، اَوْ مِنْ مَالِ جَدِّهِ، اَوِ الْاَبُ اَوِ الْجَدُّ اَوِ الْجَدَّةُ سَرَقَ اَحَدُهُمْ اَوْ جَمِيعُهُمْ مِنْ مَالِ حَفِيدِهِمْ، فَهُنَا يُوجَدُ اُصُولٌ وَيُوجَدُ فُرُوعٌ تَخْتَلِطُ الْمَنْفَعَةُ بَيْنَهُمْ جَمِيعاً، وَلِذَلِكَ لَاتُقْطَعُ يَدُهُمْ، نَعَمْ اَخِي: وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ اَنَّهُ يَحِلُّ لِي اَنْ اَسْرِقَ مَثَلاً مِنْ مَالِ وَالِدِي، اَوْ يَحِلُّ لِوَالِدِي اَنْ يَسْرِقَ مِنْ مَالِي لَا، وَلَكِنْ اُعَاقَبُ وَيُعَاقَبُ وَالِدِي دُونَ قَطْعِ يَدِي وَلَا يَدِهِ, نَعَمْ اَخِي: وَلَا اَعْلَمُ فِي الشَّرْعِ الْاِسْلَامِيِّ اَنَّهُ يَجُوزُ لِاَحَدٍ اَنْ يَسْرِقَ مِنْ اَحَدٍ اِلَّا الْمَرْاَةَ؟ يَجُوزُ لَهَا اَنْ تَسْرِقَ مِنْ زَوْجِهَا؟ اِذَا كَانَ بَخِيلاً، وَلَوْ مِنْ دُونِ عِلْمِهِ؟ وَلَكِنْ مَايَكْفِيهَا فَقَطْ وَاَوْلَادَهَا بِالْمَعْرُوفِ دُونَ زِيَادَةٍ اِذَا خَافَتْ عَلَيْهِمْ اَوْ عَلَى نَفْسِهَا اَنْ يَمُوتُوا جَمِيعاً مِنَ الْجُوعِ اَوِ الْمَرَضِ اَوِ الْبَرْدِ اِلَى آَخِرِ مَاهُنَالِكَ، وَلَايُعْتَبَرُ عَمَلُ هَذِهِ الْمَرْاَةِ سَرِقَةً فِي الشَّرْعِ، وَاِنَّمَا اَخْذاً لِبَعْضِ حُقُوقِهَا الَّتِي مَنَعَهَا زَوْجُهَا عَنْهَا، وَخَاصَّةً اِذَا كَانَ يُضَيِّعُ اَمْوَالَهُ عَلَى مَاحَرَّمَ اللهُ مِنَ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَمَااِلَى هُنَالِكَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَخَاصَّةً اَيْضاً اِذَا كَانَ مُعَدِّداً لَايَعْدِلُ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ وَاَوْلَادِهِ مَادِّيّاً، وَلَايَعْدِلُ مَااسْتَطَاعَ سَبِيلاً اِلَى الْعَدْلِ بَيْنَهُمْ عَاطِفِيّاً، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ اِذَا سَرَقَ الشَّرِيكُ مِنْ شَرِكَةٍ مُخْتَلَطَةٍ، فَاِنَّ هَذَا يُعْتَبَرُ خِيَانَةً، وَلَايُعْتَبَرُ سَرِقَةً، وَاِنَّمَا يُعَاقَبُ عُقُوبَةً تَعْزِيرِيَّةً، وَلَهُ ذَنْبُهُ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلّ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ هَذِهِ الْحُدُودَ لَاتَتَحَقَّقُ وَلَايُعَاقِبُ الْاِسْلَامُ بِهَا اِلَّا بِشُرُوطٍ صَعْبَةٍ جِدّاً، وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الَّذِينَ يُهَاجِمُونَ هَذِهِ الْحُدُودَ! هُمْ جُهَلَاءُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ! حِينَمَا يَتَّهِمُونُ هَذِهِ الْحُدُودَ بِالْوَحْشِيَّةِ وَالْهَمَجِيَّة! وَنَقُولُ لِهَؤُلَاء: هَلْ نَظَرْتُمْ قَبْلَ اَنْ تُهَاجِمُوا اِلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ الَّتِي يَجِبُ اَنْ تَتَوَفَّرَ حَتَّى يُقَامَ الْحَدُّ؟ هَلْ تَوَفَّرَتْ عِنْدَ الدَّوَاعِشِ الْخَوَنَةِ وَاَمْثَالِهِمْ مِنَ الْمُتَطَرِّفِينَ قَبْلَ اَنْ يُقِيمُوا حُدُودَ اللهِ عَلَى النَّاس؟ هَلْ كَانَ الْاِسْلَامُ لِيَسْمَحَ لِهَؤُلَاءِ اَنْ يُقِيمُوا حُدُودَ اللهِ عَلَى النَّاسِ خَبْطَ عَشْوَاءَ كَيْفَمَا اتَّفَق؟ فَاِذَا كَانَ الْاِسْلَامُ لَمْ يَسْمَحْ بِذَلِكَ لِهَؤُلَاء، فَكَيْفَ تَسْمَحُونَ لِاَنْفُسِكُمْ اَنْ تَتَّهِمُوا الْاِسْلَامَ هَكَذَا خَبْطَ عَشْوَاءَ كَيْفَمَا اتَّفَقَ وَمِنْ دُونِ بَيِّنَةٍ وَلَا دَلِيل! وَنَقُولُ لِهَؤُلَاء:
 
اَنْتُمْ بِالتَّاْكِيدِ لَمْ تَنْظُرُوا اِلَى ذَلِكَ كُلّهِ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ الصَّعْبَةِ؟ وَلِهَذَا تُحَارِبُونَ السُّنَّةَ؟ لِاَنَّ السُّنَّةَ هِيَ الَّتِي بَيَّنَتْ لَنَا ذَلِكَ كُلَّهُ، وَلِذَلِكَ اَنْتُمْ تُحَارِبُونَهَا؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ تَصِلُوا اِلَى الطَّعْنِ بِالْقُرْآَنِ بِكُلِّ سُهُولَةٍ؟ لِاَنَّكُمْ تَعْلَمُونَ جَيِّداً: اَنَّ السُّنَّةَ هِيَ الْعَقَبَةُ الْكُبْرَى الْكَؤُودُ الْمَانِعَةُ لَكُمْ مِنَ الطَّعْنِ بِهَذَا الْقُرْآَنِ؟ لِاَنَّكُمْ اِذَا فَهِمْتُمُ الْقُرْآَنَ عَلَى فَهْمِ السُّنَّةِ، فَلَنْ تَجِدُوا سَبِيلاً اِلَى الطَّعْنِ بِهَذَا الْقُرْآَن, نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ هَؤُلَاءِ الْقُرْآَنِيِّينَ! يُسَاعِدُونَ هَؤُلَاءِ الْحَاقِدِينَ عَلَى الطَّعْنِ بِالْاِسْلَامِ مِنْ حَيْثُ يَشْعُرُونَ اَوْ لَايَشْعُرُون! ثُمَّ يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْحَاقِدُون:اُنْظُرُوا اِلَى هَذَا الْقُرْآَنِ وَمَافِيهِ مِنَ الْقَسْوَةِ وَالظُّلْمِ وَالْوَحْشِيَّةِ اللَّااِنْسَانِيَّة وَهُوَ يَقُولُ: اِنَّ الَّذِي سَرَقَ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَاْكُلَ، اَوْ مِنْ اَجْلِ حَبَّةٍ مِنَ الدَّوَاءِ تُنْقِذُهُ مِنَ الْمَوْتِ، فَاِنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ، نَعَمْ اَخِي: فَحِينَمَا يُحَارِبُونَ السُّنَّةَ بِالتَّعَاوُنِ مَعَ هَؤُلَاءِ الْقُرْآَنِيِّينَ الْعُمَلَاءِ لَهُمْ وَالْمَاْجُورِينَ، فَاِنَّهُمْ يَهْدِمُونَ الْحَجَرَ اَوِ الْاَسَاسَ الْاَوَّلَ لِهَذَا الدِّينِ الْعَظِيم، نَعَمْ اَخِي: وَمِنْ هَذَا الْهَدْمِ الْاَوَّلِ، يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ هَدْمٌ آَخَرُ لِكِتَابِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، نَعَمْ اَخِي: فَانْظُرْ اِلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ الصَّعْبَةِ جِدّاً اِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَحِيلَة! وَهِيَ نَادِراً مَاتَتَحَقَّقُ مِنْ اَجْلِ تَطْبِيقِ حُدُودِ الله! فَلَوْ اَرَادَ سُبْحَانَهُ الِانْتِقَامَ مِنَ النَّاسِ بِهَا وَالتَّنْكِيلَ عَلَيْهِمْ بِهَا، مَاجَعَلَ لَهَا هَذِهِ الشُّرُوطَ الَّتِي تَجْعَلُ الْعُقُوبَةَ بِجَمِيعِ اَنْوَاعِ حُدُودِهَا شِبْهَ مُسْتَحِيلَة لِتُخَفَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ اِلَى مَاهُوَ اَخَفُّ مِنَ الْحَدِّ وَهُوَ التَّعْزِير، نَعَمْ اَخِي وَلِذَلِكَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي عَامِ الرَّمَادَةِ، حِينَمَا حَصَلَ فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْقَحْطِ وَالْجَفَافِ، وَلَمْ تُمْطِرِ السَّمَاءُ لِعِدَّةِ سَنَوَاتٍ، حَتَّى صَارَ لَوْنُ التُّرَابِ كَاَنَّهُ رَمَادٌ وَصَفْيَةٌ مِنْ شِدَّةِ الْقَحْطِ وَالْجَفَافِ، فَكَانَ اِذَا سَرَقَ سَارِقٌ لَايَقْطَعُ يَدَهُ لِمَاذَا؟ لِشُبْهَةِ اَنَّهُ سَرَقَ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَاْكُلَ اَوْ يَتَنَاوَلَ حَبَّةً مِنَ الدَّوَاء، نَعَمْ اَخِي: وَدَائِماً اَيَّةُ شُبْهَةٍ فِي الشَّرْعِ، فَاِنَّهَا تَكُونُ فِي مَصْلَحَةِ الْمُتَّهَمِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام:[اِدْرَؤُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ مَااسْتَطَعْتُمْ( نَعَمْ اَخِي:وَكَلِمَةُ اِدْرَؤُوا بِمَعْنَى: اِمْنَعُوا تَطْبِيقَ الْحُدُودِ اِذَا عَرَضَتْ لَكُمْ شُبْهَةٌ مِنْ هَذِهِ الشُّبُهَاتِ الَّتِي تَشْفَعُ لِلْمُتَّهَمِ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ الصَّعْبَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مَااسْتَطَعْتُمْ اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً؟ لِيَنْجُوَ مِنْ اِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَاِنْ لَمْ يَنْجُ مِنَ الْعُقُوبَةِ التَّعْزِيرِيَّة، فَاِذَا عَرَضَتْ لِلْقَاضِي مَثَلاً شُبْهَةٌ وَلَوْ صَغِيرَةٌ فِي احْتِمَالِ بَرَاءَةِ الْقَاتِلِ مِمَّا نَسَبَهُ اِلَيْهِ الِادِّعَاءُ مِنَ الْجَرِيمَةِ، فَعَلَى الْقَاضِي اَنْ يُوقِفَ تَطْبِيقَ عُقُوبَةِ الْاِعْدَامِ عَلَيْهِ فَوْراً، وَاَنْ يُطْلِقَ سَرَاحَهُ اِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْقُوفاً بِجُرْمٍ آَخَرَ، وَاَنْ يَفْرِضَ عَلَيْهِ الْاِقَامَةَ الْجَبْرِيَّةَ حَتَّى يَنْجَلِيَ الْغُبَارُ عَنْ بَرَاءَتِهِ تَمَاماً، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَمَا قُلْنَا، اَوْقَفَ قَطْعَ يَدِ السَّارِقِ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ اَلْغَى، وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ: لَا، هُوَ لَمْ يُلْغِ الْعُقُوبَةَ، بَلْ اَوْقَفَ الْعَمَلَ بِهَا حَتَّى اِشْعَارٍ آَخَرَ؟ لِظُرُوفٍ حَرِجَةٍ اضْطَّرَّتْهُ اِلَى اَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، نَعَمْ اَخِي: وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: فَاِذَا اَرَدْنَا اَنْ نُوَافِقَكُمْ فِي اَهْوَائِكُمْ عَلَى اِلْغَاءِ السُّنَّةِ، فَاِنَّ أَيَّ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ يَاْتِي وَيَقُول: اِنَّ الْقُرْآَنَ اَمَرَ بِقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ مُطْلَقاً وَدُونَ شُرُوط، وَلِذَلِكَ نَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: لَانَسْتَطِيعُ الِاسْتِغْنَاءَ عَنِ السُّنَّةِ؟ لِاَنَّهَا جَاءَتْ وَقَيَّدَتْ هَذَا الْمُطْلَقَ الَّذِي اَطْلَقَهُ الْقُرْآَنُ فِي قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَالسَّارِقَة، وَنَقُولُ لْلْقُرْآَنِيِّينَ:(وَلِلهِ الْمَثَلُ الْاَعْلَى وَلِتَشْرِيعِهِ الْعُلَى(هُنَاكَ فِي الْقَانُونِ الْوَضْعِيِّ مَايُسَمَّى بِالْمُذَكِّرَةِ التَّفْسِيرِيَّة، وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: كَذَلِكَ السُّنَّةُ الشَّرِيفَةُ، هِيَ مُذَكِّرَةٌ تَفْسِيرِيَّةٌ لِكِتَابِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ وَظِيفَةِ هَذِهِ السُّنَّةِ: تَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ كَمَا شَرَحْنَا وَضَرَبْنَا لِذَلِكَ مِثَالاً.. نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ مِنْ وَظَائِفِ السُّنَّةِ تَخْصِيصُ الْعَامِّ فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيم: فَمَثَلاً حِينَمَا يَقُولُ اللهُ تَعَالَى{يُوصِيكُمُ اللهُ فِي اَوْلَادِكُمْ(فَاِذَا اَخَذْنَا الْقُرْآَنَ عَلَى اِطْلَاقِهِ، فَاِنَّنَا نَفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْآَيَةِ: اَنَّ كُلَّ وَلَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْاَوْلَادِ يَرِثُ؟ لِاَنَّ اللهَ يَقُولُ{لِلذّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْاُنْثَيَيْن(نَعَمْ اَخِي: لَكِنَّ السُّنَّةَ تَقُول[لَامِيرَاثَ لِقَاتِل( نَعَمْ اَخِي: فَهَلْ اِذَا قَتَلَ الْوَلَدُ اَبَاهُ؟ اَوِ الْاَبُ اِذَا قَتَلَ وَلَدَهُ؟ فَهَلْ يَرِثُ اَحَدُهُمَا الْآَخَرَ؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: اَنَّهُ لَايَرِثُ اَحَدُهُمَا الْآَخَرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ قَتْلِ اَحَدِهِمَا لِلْآَخَرِ، وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: مَنِ الَّذِي بَيَّنَ لَنَا ذَلِكَ اِلَّا السُّنَّة؟ وَاَمَّا الْقُرْآَنُ فَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا ذَلِكَ، وَاِنَّمَا قَالَ{ يُوصِيكُمُ اللهُ فِي اَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْاُنْثَيَيْنِ(ثُمَّ بَيَّنَ بَعْدَهَا مِيرَاثَ الْوَالِدَيْنِ فِي قَوْلِهِ{وَلِاَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ اِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ، فَاِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ اَبَوَاهُ فَلِاُمِّهِ الثُّلُثُ، فَاِنْ كَانَ لَهُ اِخْوَةٌ فَلِاُمِّهِ السُّدُسُ( نَعَمْ اَخِي: لَمْ يُبَيِّنِ الْقُرْآَنُ لَنَا شَيْئاً عَنْ وَضْعِ الْقَاتِلِ، فَتَاْتِي السُّنَّةُ وَتَقُولُ:[لَامِيرَاثَ لِقَاتِل( لَكِنْ قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ مَاذَا لَوْ قَتَلَ الْاَبُ وَلَدَهُ خَطَأً؟ اَوْ قَتَلَ الْوَلَدُ اَبَاهُ خَطَأً؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: هُنَاكَ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْاَلَة؟ وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ: اَنَّهُ كَقَتْلِ الْعَمْدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمِيرَاثِ لِمَاذَا؟ حَتَّى يَحْتَاطَ الْاِنْسَانُ كُلَّ الِاحْتِيَاطِ وَلَاتَقَعَ مِنْهُ جَرِيمَةٌ فِي الْقَتْلِ وَلَوْ خَطَأً، وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُ يُعَاقَبُ بِحِرْمَانِهِ مِنَ الْمِيرَاثِ عَلَى رَاْيِ الْحَنَفِيَّةِ؟ لِاَنَّهُ لَمْ يَسْتَدْرِكْ وَلَمْ يَحْتَطْ لِاَمْرِه، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا غَيْرُهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ، فَاِنَّهُمْ لَايَحْرِمُونَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ بِحَاجَةٍ اِلَى هَذَا الْمِيرَاثِ؟ لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى اَدَاءِ شَيْءٍ مِنْ دِيَةِ الْقَتْلِ الْخَطَأِ اِلَى وَرَثَةِ الْمَقْتُول، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ مَاذَا لَوْ قَامَ اَحَدُهُمْ بِقَتْلِ مَنْ اَوْصَى لَهُ؟ لِيَحْصَلَ عَلَى مَااَوْصَى لَهُ مِنَ الْاَمْوَالِ بِسُرْعَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: قَالَ الْعُلَمَاء: يُقَاسُ عَلَى حِرْمَانِ الْقَاتِلِ مِنَ الْمِيرَاثِ، حِرْمَانُ الْمُوصَى لَهُ اَيْضاً اِذَا قَتَلَ الْمُوصِي، فَمَثَلاً: اِنْسَانٌ مَا، اَوْصَى لِاِنْسَانٍ آَخَرَ، اَنْ يَحْصَلَ عَلَى نِسْبَةٍ كَبِيرَةٍ مِنْ اَمْوَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ فِي حَيَاتِهِ، فَفَكَّرَ الْمُوصَى لَهُ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً: هَلْ اَنَا مُلْزَمٌ بِانْتِظَارِهِ اِلَى اَنْ يَمُوتَ لِاَحْصَلَ عَلَى مَلَايِينِهِ الَّتِي اَوْصَى بِهَا مِنْ اَجْلِي؟ وَمَتَى سَاَتَمَتَّعُ بِهَذِهِ الْمَلَايِينِ الْهَائِلَة؟ وَرُبَّمَا يَكُونُ مَوْتِي قَبْلَ مَوْتِهِ؟ فَاِذَا مُتُّ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَمَاذَا سَتَنْفَعُنِي اَمْوَالُهُ الْهَائِلَةُ الَّتِي اَوْصَى بِهَا لِي؟ هَلْ سَآَخُذُهَا مَعِي اِلَى قَبْرِي؟ نَعَمْ اَخِي، فَعَاجَلَهُ فَقَتَلَهُ لِيَحْصَلَ عَلَى وَصِيَّتِهِ بِسُرْعَةٍ وَيَسْتَمْتِعَ بِهَا! فَمَا هُوَ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ هُنَا؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي:عَلَيْكَ اَنْ تَحْفَظَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ الشَّرْعِيَّةَ، وَمَا جَعَلْتُهَا عُنْوَاناً لِهَذِهِ الْمُشَارَكَةِ اِلَّا مِنْ اَجْلِ اَنْ تَحْفَظَهَا جَيِّداً! وَهِيَ مَايَلِي: مَنِ اسْتَعْجَلَ حَقّاً لَهُ قَبْلَ اَوَانِهِ، عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ، نَعَمْ اَخِي: مَنِ اسْتَعْجَلَ حَقّاً قَبْلَ اَوَانِهِ: وَنَحْنُ لَانُنْكِرُ لَهُ هَذَا الْحَقَّ، لَكِنْ هَلْ جَاءَ اَوَانُهُ؟ نَعَمْ اَخِي، اَوَانُهُ حِينَمَا يَمُوتُ الْمُوصِي الَّذِي اَوْصَى لَهُ، فَاسْتَعْجَلَ هَذَا الْحَقَّ؟ لِيَحْصَلَ عَلَيْهِ قَبْلَ اَوَانِهِ! فَقَتَلَ الْمُوصِيَ الَّذِي اَوْصَى لَهُ، فَكَانَتْ عُقُوبَةُ هَذَا الْقَاتِلِ اَنْ يُحْرَمَ مِمَّا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ مِنْ حَقٍّ لَهُ، وَلِذَلِكَ مَنِ اسْتَعْجَلَ حَقّاً قَبْلَ اَوَانِهِ، عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ، فَعَلَيْكَ اَخِي اَنْ تَحْفَظَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ غَيْباً عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، وَكَمْ لَكَ مِنَ الْاَجْرِ وَالثَّوَابِ عِنْدَ اللهِ اِذَا تَفَقَّهْتَ فِي اُمُورِ دِينِكَ فِيهَا وَفِي بَقِيَّةِ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ الْكَثِيرَةِ اَيْضاً، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْعِلْمَ هُوَ اَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ عِنْدَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لَكِنْ قَدْ يَقُولُ قَائِل: سَوَاءٌ عُوقِبَ الْقَاتِلُ بِحِرْمَانِهِ مِنَ الْوَصِيَّةِ، اَوْ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ مِنَ الْمِيرَاثِ، فَالْاَمْرُ سَيَّانَ، وَلَايَضُرُّ الشَّاةَ السَّلْخُ بَعْدَ الذَّبْحِ، وَلَنْ يَتَضَرَّرَ بِضَرَرٍ اَكْبَرَ مِنْ ضَرَرِ ذَهَابِهِ اِلَى حَبْلِ الْمِشْنَقَةِ وَالْاِعْدَام، فَمَاذَا يَفْرُقُ مَعَهُ اِذَا حَرَمْنَاهُ مِنَ الْمِيرَاثِ وَهُوَ يَعْلَمُ اَنَّهُ سَيُقْتَلُ لَامَحَالَةَ جَزَاءً وِفَاقاً عَلَى مَااقْتَرَفَتْ يَدَاهُ اِذَا لَمْ يَعْفُ عَنْهُ اَهْلُ الْقَتِيلِ اَوْ لَمْ يَرْضَوْا بِالدِّيَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَوْ لَمْ يُحْرَمْ هَذَا الْقَاتِلُ مِنَ الْمِيرَاثِ، لَانْتَقَلَ هَذَا الْمِيرَاثُ اَوْ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ اِلَى وَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَاَمَّا حِينَمَا يُحْرَمُ مِنَ الْمِيرَاثِ، فَلَاهُوَ يَسْتَفِيدُ، وَلَاوَرَثَتُهُ يَسْتَفِيدُون، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ الْمُوصَى لَهُ اِذَا قَتَلَ الْمُوصِي، لَايَجُوزُ اَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ، وَلَايَجُوزُ لِوَرَثَتِهِ اَنْ يَسْتَفِيدُوا اَيْضاً لِمَاذَا؟ حَتَّى لَاتَقَرَّ عَيْنُ الْقَاتِلِ بِذُرِّيَّتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِمَا اسْتَفَادَ مِنْ جَرِيمَتِهِ وَتَرَكَهُ مِنْ اَمْوَالٍ لِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ اَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ اَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ اِمَاماً(فِي الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافِ وَغِنَى النَّفْسِ بِهَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ لَا اِمَاماً فِي الْقَتْلِ وَالْاِجْرَامِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ وَالسَّرِقَة، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا عَلِمَ الْقَاتِلُ اَنَّهُ سَتَقَرُّ عَيْنُهُ بِذُرِّيَّتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَاِنَّهُ لَاشَيْءَ يَرْدَعُهُ عَنْ مَزِيدٍ مِنَ الْقَتْلِ وَالْاِجْرَام، وَلِذَلِكَ كَمْ مِنَ الْمُجْرِمِينَ يَتَحَمَّلُونَ الْبَقَاءَ فِي السِّجْنِ لِسَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ حَتَّى تَتَعَفَّنَ اَجْسَادُهُمْ اِذَا عَلِمُوا اَنَّ هُنَاكَ مَنْ هُوَ خَارِجَ السِّجْنِ يُنْفِقُ عَلَى اَوْلَادِهِمْ وَاَزْوَاجِهِمْ طِيلَةَ فَتْرَةِ بَقَائِهِمْ، وَاطْمَاَنُّوا عَلَى اَوْلَادِهِمْ وَلَمْ يَخْشَوْا عَلَيْهِمُ الضَّيَاعَ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَلِذَلِكَ هُمْ عَلَى اسْتِعْدَادٍ اَنْ يَقْتُلُوا مَزِيداً مِنَ الْاَبْرِيَاءِ؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يُكَحِّلُوا عُيُونَ مَنْ يُنْفِقُ عَلَى اَوْلَادِهِمْ وَيُحَقّقُوا رَغْبَتَهُمْ وَتَعَطُّشَهُمْ اِلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ وَاِرَاقَتِهَا؟ لِيُكَحِّلَ هَؤُلَاءِ بِدَوْرِهِمْ عُيُونَ الْقَاتِلِينَ الْمَاْجُورِينَ لَهُمْ بِالنَّفَقَةِ عَلَى اَوْلَادِهِمْ؟ لِتَقَرَّ اَعْيُنُ الْجَمِيعِ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا فَعَلُوهُ مِنْ اِجْرَامِهِمْ وَتَوَاطَؤُوا عَلَيْهِ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ الْبَرِيئَة، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ لِنَفْرِضْ جَدَلاً اَنَّ الْمُوصِيَ كَانَ مَرِيضاً، وَاَنَّ الْمُوصَى لَهُ اَهْمَلَ شَاْنَهُ وَلَمْ يَعُدْهُ وَلَمْ يَقُمْ بِزِيَارَتِهِ حَتَّى مَاتَ الْمُوصِي، فَهَلْ يُحْرَمُ مِنَ الْوَصِيَّةِ هَذَا الْمُوصَى لَهُ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَايُحْرَمُ؟ لِاَنَّهُ لَيْسَ مُلْزَماً بِرِعَايَتِهِ؟ لِاَنَّ وَرَثَةَ الْمُوصِي هُمُ الْمُلْزَمُونَ بِرِعَايَتِهِ مِنْ اَوْلَادِهِ اَوْ زَوْجَتِهِ مَثَلاً، وَدَائِماً تَكُونُ الْوَصِيَّةُ فِي الشَّرْعِ الْاِسْلَامِيِّ لِمَنْ لَايَرِثُ، وَلَايَجُوزُ شَرْعاً اَنْ تَتَعَدَّى هَذِهِ الْوَصِيَّةُ حُدُودَ الثُّلُثِ مِنْ اَمْوَالِ الْمُوصِي، وَمَنْ لَايَرِثُ لَيْسَ مُلْزَماً بِرِعَايَةِ مَنْ اَوْصَى لَهُ* حَتَّى لَوْ اَوْصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ الْاَكْبَرِ مِنَ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ الثَّلُثُ * اِلَّا مِنْ بَابِ النَّدْبِ وَالِاسْتِحْبَاب، وَاِنَّمَا اَلْزَمَ الشَّرْعُ الْوَارِثَ بِهَذِهِ الرِّعَايَة، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ لِنَفْرِضْ اَنَّ الْمُوصَى لَهُ رَاَى الْمُوصِي الَّذِي اَوْصَى لَهُ فَجْاَةً غَرِيقاً فِي الْبَحْرِ وَكَانَ بِاِمْكَانِهِ اَنْ يُنْقِذَهُ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، يُحْرَمُ الْمُوصَى لَهُ مِنَ الْوَصِيَّةِ اِذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ اسْتِهْتَارُهُ وَاِهْمَالُهُ لِاِنْقَاذِ حَيَاةِ مَنْ اَوْصَى لَهُ، نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ اَنَّ كُلَّ ذَلِكَ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ هَذِهِ الْاَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، بَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ الْقُرْآَن، وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: فَنَحْنُ لَوْلَا السُّنَّةُ كَيْفَ نَسْتَطِيعُ اَنْ نَصِلَ اِلَى هَذِهِ الْاَحْكَام! نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ مِنْ وَظِيفَةِ السُّنَّةِ: تَخْصِيصُ الْعَامِّ فِي اُمُورٍ اُخْرَى فِي الْقُرْآَن الكريم، وَنَضْرِبُ لِذَلِكَ مِثَالاً اَيْضاً: حِينَمَا يَقُولُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَثَلاً{اَلَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا اِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ؟ اُولَئِكَ لَهُمُ الْاَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُون(بِاللهِ عَلَيْكَ اَخِي! اُرِيدُ اَنْ اَسْاَلَكَ هَذَا السُّؤَال؟ كَمْ نَقْرَاُ هَذِهِ الْآَيَةَ الْكَرِيمَة! هَلْ اَحَدٌ مِنَّا ارْتَجَفَ لَهَا؟ اَوْ جَاءَ فَسَاَلَ عَالِماً مِنَ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ لَهُ: كَيْفَ ذَلِك؟ فَانْظُرْ اَخِي اِلَى الصَّحَابَةِ الْكِرَام، حِينَمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآَيَة{اَلَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا اِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ(نَعَمْ اَخِي: وَقَدْ كَانُوا يَعْلَمُونَ: اَنَّ كُلَّ مَنِ ارْتَكَبَ ذَنْباً مِنَ الذُّنُوبِ، فَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ اِنْ لَمْ يَكُنْ ظَالِماً لِغَيْرِهِ اَيْضاً، وَلِذَلِكَ لَمَّا جَاءَتْ هَذِهِ الْآَيَةُ، خَافُوا كَثِيراً! فَجَاؤُوا اِلَى النَّبِيِّ الْكَرِيمِ يَبْكُونَ! وَقَالُوا يَارَسُولَ الله: مَنْ مِنَّا لَمْ يَلْبِسْ(يَخْلِطْ(اِيمَانَهُ بِظُلْمٍ مِنْ هَذِهِ الذُّنُوبِ قَلَّتْ اَوْ كَثُرَتْ؟ مَنْ مِنَّا لَمْ يُذْنِبْ؟ مَنْ مِنَّا لَمْ يَظْلِمْ؟ فَقَالَ لَهُمْ: لَا، اِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ(اِذَا مُتُّمْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ مِنْهُ، وَاَمَّا اِذَا تُبْتُمْ نَصُوحاً مِنَ التَّوبَةِ لِلهِ وَرَسُولِهِ وَلِاَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ وَمُسْتَرْشِدِينَ مِنْهُمْ جَمِيعاً اِلَى كَيْفِيَّةِ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ وَدَاخِلِينَ فِي دِينِ الْاِسْلَامِ وَمُحَقِّقِينَ لِاَرْكَانِ الْاِيمَانِ وَالْاِسْلَامِ فَلَكُمُ الْاَمْنُ وَاَنْتُمْ مُهْتَدُون(نَعَمْ اَخِي كَانَ لَابُدَّ لِي مِنْ تَوْضِيحِ كَلَامِ رَسُولِ اللهِ؟ لِاَنَّ السُّنَّةَ كَالْقُرْآَنِ فِيهَا اُمُورٌ مُتَشَابِهَةٌ تَشْتَبِهُ وَتَخْفَى وَتَخْتَلِطُ فَهْماً عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ وَلَايَفْهَمُونَهَا وَرُبَّمَا يَخْتَلِطُ فَهْمُهَا عَلَيْهِمْ كَمَا يَخْتَلِطُ فَهْمُ الْقُرْآَنِ وَخَاصَّةً عَلَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ وَمَيْلٌ عَنِ الْحَقِّ اِلَى الْبَاطِلِ وَهُوَ اَنْ يُفَسِّرُوا السُّنَّةَ وَالْقُرْآَنَ بِمَا لَايَحْتَمِلَانِهِ مِمَّا يُوَافِقُ اَهْوَاءَهُمْ وَجَهْلَهُمْ وَيُغْلِقُونَ بِهِ بَابَ التَّوْبَةِ فِي وَجْهِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مُخَالِفِينَ فِي ذَلِكَ لِلْمُحْكَمِ مِنَ الْقُرْآَنِ فِي قَوْلِهِ{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِنْ يَنْتَهُوا(عَنِ الشِّرْكِ{يُغْفَرْ لَهُمْ مَاقَدْ سَلَف( وَلِذَلِكَ نَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: لَوْ كُنْتُمْ مُنْصِفِينَ حَقّاً مَعَ السُّنَّةِ لَعَكَفْتُمْ عَلَى دِرَاسَتِهَا لَيْلَ نَهَارَ لِمَا فِيهَا مِنَ الْمُتَشَابِهِ كَمَا فِي الْقُرْآَن، فَمَنْ يَدْرِي فَرُبَّمَا يُوَافِقُ شَيْءٌ مِنْهَا اَوْ اَكْثَرُهَا اَهْوَاءَكُمْ لِمَا فِيهَا مِنَ التَّسْهِيلَاتِ فِي اِقَامَةِ حُدُودِ الله، وَنَحْنُ لَانَبْغِي اِلَّا الْحَقّ، وَلَانُرِيدُ مِنْكُمْ اَنْ تَبْغُوا فِي دِرَاسَتِهَا اِلَّا الْحَقَّ وَالْحُجَّةَ وَالدَّلِيل، فَهَاهُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمْ يَتَّبِعْ مَاتَشَابَهَ مِنَ السُّنَّةِ وَلَا مَاتَشَابَهَ مِنَ الْقُرْآَنِ فِي قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ الْجَائِعِ اَوِ الْمَرِيضِ وَاِنَّمَا اتَّبَعَ الْمُحْكَمَ مِنَ السُّنَّةِ الَّذِي يَاْمُرُهُ بِاِيقَافِ الْقَطْعِ حَتَّى اِشْعَارٍ آَخَرَ وَهُوَ اَنْ يَقْضِيَ عَلَى الْجُوعِ وَالْمَرَضِ وَالْجَهْلِ فِي الْمُجْتَمَعِ اَوَّلاً، وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ اَخِي مَااَلْغَاهُ مِنْ بَعْضِ السَّهْمِ الَّذِي يَخُصُّ الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ وَمَا فَعَلَهُ اَيْضاً فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ بِسَبَبِ وُجُودِ الْمُتَشَابِهِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالَّذِي يَرْفُضُ الْقُرْآَنِيُّونَ اَنْ يَعْكُفُوا عَلَى دِرَاسَتِهِ بِسَبَبِ الزَّيْغِ الَّذِي هُوَ مَوْجُودٌ فِي قُلُوبِهِمْ اَصْلاً وَالَّذِي يَجْعَلُهُمْ لَايُلْقُونَ بَالاً اِلَى مَااَحْكَمَهُ اللهُ فِي الْقُرْآَنِ وَالسُّنَّةِ بِسَبَبِ هَذَا الزَّيْغِ الَّذِي هُوَ بِمَثَابَةِ تَشْوِيشٍ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعُقُولِهِمْ، لَكِنْ قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ مَابَالُ هَذَا الْمُتَشَابِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ فِي الْقُرْآَنِ وَالَّذِي ذَكَرَهُ رَسُولُ اللهِ فِي السُّنَّة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: يَجِبُ الْاِيمَانُ بِهِ وَلَكِنْ لَايَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا(بِمَعْنَى اَنَّهُمْ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِالْمُتَشَابِهِ وَالْمُحْكَمِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَلَكِنْ لَانَعْمَلُ اِلَّا بِالْمُحْكَمِ الَّذِي اَمَرَنَا سُبْحَانَهُ بِالْعَمَلِ بِهِ، وَنَتَجَاهَلُ الْمُتَشَابِهَ عَمَلاً لَا اِيمَاناً، وَنَحْتَفِظُ بِهِ فِي اَرْشِيفِ الْقُرْآَنِ وَالسُّنَّةِ كَمَا احْتَفَظَ سُبْحَانَهُ بِهِ لِيُشِيرَ اِلَى مَا حَصَلَ بِهِ التَّدَرُّجُ فِي الْاَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَبْرَ التَّارِيخِ الْبَشَرِيِّ قَائِلاً{تِلْكَ اُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَاكَسَبَتْ وَلَكُمْ مَاكَسَبْتُمْ وَلَاتُسْاَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(وَلَكِنْ تُسْاَلُونَ عَمَّا تَعْمَلُونَ اَنْتُمْ مِنِ اتِّبَاعِكُمْ لِلْاِسْلَامِ الْخَاصِّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ؟ لِاَنَّ اللهَ لَمْ يَعُدْ يَقْبَلُ مِنْكُمُ الْاِسْلَامَ الْعَامَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الرَّسُلِ اِلَّا اِيمَاناً لَاعَمَلاً، وَاَمَّا الْعَمَلُ وَالْاِيمَانُ مَعاً فَهُمَا بِاِسْلَامِكُمُ الْخَاصِّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّد، نَعَمْ اَخِي وَكَذَلِكَ الْحَالُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَتَشَابِهِ مِنَ الْقُرْآَنِ وَالسُّنَّةِ لَمْ يَعُدْ يَقْبَلُ سُبْحَانَهُ الْعَمَلَ بِهِمَا اِلَّا اِيمَاناً بِهِمَا، وَلَمْ يَعُدْ يَقْبَلُ الْعَمَلَ وَالْاِيمَانَ مَعاً اِلَّا بِالْمُحْكَمِ مِنَ الْقُرْآَنِ وَالسُّنَّة، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الظُّلْمِ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ، هُوَ الشِّرْكُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلّ، نَعَمْ اَخِي: وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّ كَلِمَةَ الظُّلْمِ تَشْمَلُ الشِّرْكَ الْاَكْبَرَ وَالشِّرْكَ الْاَصْغَرَ وَغَيْرَهُمْا مِنَ الذُّنُوبِ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَة، وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: لَوْلَا السُّنَّةُ الشَّرِيفَةُ، لَهَلَكَ الصَّحَابَةُ وَهَلَكْتُمْ مَعَهُمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا اَبَدَا؟ لِاَنَّهُمْ لَوْ لَبَسُوا اِيمَانَهُمْ بِاَيِّ نَوْعٍ مِنْ اَنْوَاعِ الظُّلْمِ الْعَامِّ اَوِ الْخَاصِّ فَلَيْسَ لَهُمُ الْاَمْنُ مِنْ عَذَابِ اللهِ وَلَاهُمْ مُهْتَدُونَ اِلَّا اِلَى صِرَاطِ الْجَحِيم، فَجَاءَتِ السُّنَّةُ الْمُطَهَّرَةُ هُنَا عَلَى الْآَيَةِ بِصَاحِبِهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَام عَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ، وَخَصَّصَتِ الظُّلْمَ الْعَامَّ الَّذِي اَطْلَقَهُ الْقُرْآَنُ بِعُمُومِهِ شَامِلاً جَمِيعَ اَنْوَاعِ الظُّلْمِ، فَخَصَّصَتْهُ بِنَوْعٍ خَاصٍّ مِنَ الظُّلْمِ؟ وَهُوَ الشِّرْكُ بِالله، فَاِذَا تَحَاشَى الظَّالِمُ الشِّرْكَ بِاللهِ شِرْكاً كَبِيراً كَانَ اَوْ صَغِيراً، وَلَمْ يَتَحَاشَ جَمِيعَ اَنْوَاعِ الظُّلْمِ الْاُخْرَى، بَلْ بَقِيَ مُصِرّاً عَلَيْهَا، فَاِنَّهُ لَايَنْجُو مِنَ الْخُلُودِ الطَّوِيلِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَكِنَّهُ رُبَّمَا يَنْجُو مِنْ اَبَدِيَّةِ الْعَذَابِ فِيهَا اِذَا تَحَاشَى الْاِشْرَاكَ بِاللِه وَكَانَ مُخْلِصاً فِي تَوْحِيدِه، فَانْظُرْ اَخِي اِلَى الصَّحَابَةِ، وَكَيْفَ كَانُوا يَتَعَامَلُونَ مَعَ الْقُرْآَن، وَنَحْنُ مَعَ الْاَسَفِ، لَانَتَاَثَّرُ بِهَذَا الْقُرْآَنِ اِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبِّي، وَلَمْ يَاْتِ وَاحِدٌ مِنَّا اِلَى عَالِمِ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي اَيَّامِنَا لِيَقُولَ لَهُ مِثْلَمَا قَالَ الصَّحَابَةُ مِنْ خَوْفِهِمْ وَوَجَلِهِمْ وَبُكَائِهِمْ وَلَمْ تَعُدْ رُكَبُهُمْ وَلَااَرْجُلُهُمْ تَسْتَطِيعُ اَنْ تَحْمِلَهُمْ مِنْ شِدَّةِ هَذِهِ الْآَيَة، نَعَمْ اَخِي: كَمْ نَسْمَعُ قَوْلَهُ تَعَالَى{لِلِه مَافِي السَّمَوَاتِ وَمَافِي الْاَرْضِ، وَاِنْ تُبْدُوا مَافِي اَنْفُسِكُمْ اَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله(نَعَمْ اَخِي: كَمْ نَقْرَاُ هَذِهِ الْآَيَةَ وَلَانُلْقِي لَهَا بَالاً! وَلَكِنَّ الصَّحَابَةَ الْاَجِلَّاءَ حِينَمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآَيَةُ، لَمْ يَسْتَطِيعُوا طَعَاماً وَلَاشَرَاباً وَلَانَوْماً، فَكَيْفَ تُحَاسِبُنَا يَارَبّ عَلَى مَانُخْفِيهِ فِي اَنْفُسِنَا مِنَ الْخَوَاطِرِ الشِّرِّيرَةِ الَّتِي تَاْتِينَا رَغْماً عَنَّا! يَارَبّ، يَامَنْ جَعَلْتَ مِنْ دِينِكَ الْاِسْلَامِيِّ نَصِيحَةً لَكَ وَلِرَسُولِكَ وَلِاَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ، وَنَحْنُ نَنْصَحُكَ يَارَبّ نَصِيحَةَ رَجَاءٍ وَخَوْفٍ مِنْكَ وَوَجَل اَلَّا تُحَاسِبَنَا! فَكَمْ مِنْ هَوَاجِسَ نَفْسِيَّةٍ تَمُرُّ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ! فَرُحْمَاكَ يَارَبُّ بِهَذَا الْاِنْسَانِ الَّذِي تَاْتِيهِ هَذِهِ الْهَوَاجِسُ وَالْخَوَاطِرُ رَغْماً عَنْهُ سَوَاءً كَانَتْ صَحِيحَةً اَوْ خَاطِئَة، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ جَاؤُوا اِلَى رَسُولِ اللهِ وَلَمْ تَعُدْ رُكَبُهُمْ وَلَا اَرْجُلُهُمْ تَسْتَطِيعُ اَنْ تَحْمِلَهُمْ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَالْاِشْفَاقِ عَلَى اَنْفُسِهِمْ وَعَلَى النَّاسِ، فَقَالُوا يَارَسُولَ الله! هَذِهِ الْآَيَةُ شَدِيدَةٌ عَلَيْنَا! فَكَيْفَ بِحَدِيثِ النَّفْسِ؟ وَكَيْفَ بِمَنْ تُحَدِّثُهُ نَفْسُهُ بِاَشْيَاءَ نَسْتَحِي وَنَخْجَلُ اَنْ نَذْكُرَهَا اَمَامَكَ يَارَسُولَ الله؟ نَعَمْ اَخِي: فَيَنْزِلُ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى بَعْدَهَا{فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ، وَيُعَذّبُ مَنْ يَشَاء(نَعَمْ اَخِي{اِنْ تُبْدُوا مَافِي اَنْفُسِكُمْ اَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ، فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاء(نَعَمْ اَخِي: يَغْفِرُ لِمَنْ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: يَغْفِرُ لِلَّذِينَ تُحَدِّثُهُمْ اَنْفُسُهُمْ بِالسُّوءِ وَلَكِنْ يُوقِفُونَهَا عِنْدَ حَدِّهَا، فَهَؤُلَاءِ يَغْفِرُ اللهُ تَعَالَى لَهُمْ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الَّذِينَ يَسْتَجِيبُونَ لِدَاعِي السُّوءِ عَمَلِيّاً وَيُطَبِّقُونَهُ تَطْبِيقاً يُخْرِجُهُ مِنْ اَنْفُسِهِمْ اِلَى وَاقِعِ حَيَاتِهِمْ لِيُصْبِحَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاقِعاً مَلْمُوساً، فَهُمُ الَّذِينَ يُعَذِّبُهُمُ الله، وَلِذَلِكَ نَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: لَوْلَا السُّنَّةُ الشَّرِيفَةُ، لَهَلَكْنَا وَهَلَكْتُمْ، وَلَكِنْ سُبْحَانَ الله{وَمَا اَرْسَلْنَاكَ(يَارَسُولَ الله{اِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ(بِهَذِهِ السُّنَّةِ الشَّرِيفَة، فَاِذَا سَاَلْتَنِي اَخِي لِمَاذَا عَاشَ الْمُسْلِمُونَ فِي اَمْنٍ وَاَمَانٍ وَسَعَادَةٍ لَامَثِيلَ لَهَا؟ فَسَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لِاَنَّهُمْ تَمَسَّكُوا بِالْقُرْآَنِ وَبِمَا فِيهِ مِنْ اَوَامِرَ وَنَوَاهِيَ بِاتِّبَاعِ الرَّسُولِ وَسُنَّتَهِ حَقَّ التَّمَسُّكِ، وَلِاَنَّهُمْ كَانُوا{يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً{وَرَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِين( نَعَمْ اَخِي: فَلَوْلَا اَنْ خَصَّصَ رَسُولُ اللهِ الظُّلْمَ الْعَامَّ فِي سُنَّتِهِ الشَّرِيفَةِ الَّتِي يُنْكِرُهَا الْقُرْآَنِيُّونَ، فَخَصَّصَهُ بِظُلْمٍ خَاصٍّ وَهُوَ الشِّرْكُ، لَهَلَكْنَا جَمِيعاً؟ لِاَنَّ كَلِمَةَ الظُّلْمِ كَلِمَةٌ عَامَّةٌ تَشْمَلُ جَمِيعَ اَنْوَاعِ الظُّلْمِ، فَخَصَّصَهَا النَّبِيُّ الْكَرِيمُ بِالشِّرْك، نَعَمْ اَخِي: كَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{لَيْسَ بِاَمَانِيِّكُمْ وَلَااَمَانِيِّ اَهْلِ الْكِتَابِ، مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ، وَلَايَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيّاً وَلَانَصِيرَا(نَعَمْ اَخِي: كَذَلِكَ جَاءَ الصَّحَابَةُ وَقَالُوا يَارَسُولَ الله! هَذِهِ الْآَيَةُ شَدِيدَةٌ عَلَيْنَا اَيْضاً، فَمَنْ مِنَّا لَايَعْمَلُ سُوءاً؟ فَقَالَ النَّبِيُّ الْكَرِيم: نَعَمْ سَتُجْزَوْنَ بِكُلِّ سُوءٍ تَعْمَلُونَهُ فِي الدُّنْيَا؟ لِتَرْتَاحُوا مِنَ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَة, فَقَالُوا: كَيْفَ ذَلِكَ يَارَسُولَ الله؟ فَقَالَ: بِالْهَمِّ، وَالْغَمِّ، وَالْمَرَضِ، وَالتَّعَبِ، وَكُلِّ مَايُصِيبُ الْمُؤْمِنَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا، فَاِنَّهَا تُكَفِّرُ عَنْهُ صَغَائِرَ الذُّنُوب، وَاَمَّا الْكَبَائِرُ فَلَا يُكَفِّرُهَا اِلَّا النَّصُوحُ مِنَ التَّوْبَةِ وَرَدُّ الْحُقُوقِ اِلَى اَصْحَابِهَا، وَنَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: لَوْلَا السُّنَّةُ الَّتِي تُنْكِرُونَهَا، لَهَلَكْنَا هُنَا اَيْضاً جَمِيعاً فِي هَذِهِ الْآَيَةِ مِنْ كَثْرَةِ ذُنُوبِنَا، فَسَلَامٌ عَلَيْكَ يَارَسُولَ الله، وَسَلَامٌ عَلَى عَبِيقِ سُنَّتِكَ الْفَوَّاحِ بِالرَّائِحَةِ الْعَطِرَةِ الَّتِي تُكَفّرُ الذُّنُوب، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ مِنْ وَظَائِفِ السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ، تَخْصِيصُ الْقُرْآَنِ الْكَرِيم، وَلِذَلِكَ خَصَّصَتْ مَااَطْلَقُهُ الْقُرْآَنُ مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ اَهْلِ الْكِتَابِ الْقُرْآَنِيِّ، وَعَلَى الْكَافِرِينَ مِنْ اَهْلِ الْكِتَابِ التَّوْرَاتِيِّ وَالْاِنْجِيلِيّ، فَجَعَلَتْ هَذَا الْجَزَاءَ فِي الْآَخِرَةِ عَلَى الْكَافِرِينَ مَحْصُوراً بِهِمْ اِنْ مَاتُوا عَلَى غَيْرِ دِينِ الْاِسْلَامِ جَزَاءً عَلَى الشَّارِدَةِ وَالْوَارِدَةِ وَالنَّقِيرِ وَالْقِطْمِيرِ وَالذَّرَّةِ مِنْ اَعْمَالِهِمْ وَاِنْ كَانَ سُبْحَانَهُ سَيُخَفِّفُ عَذَابَ مَنْ اَحْسَنَ مِنْهُمْ عَمَلاً فِي الدُّنْيَا وَلَكِنَّهُمْ لَنْ يَنْجُوا مِنْ اَبَدِيَّةِ الْعَذَابِ اِذَا مَاتُوا عَلَى غَيْرِ دِينِ الْاِسْلَام، وَاَمَّا الْمُؤْمِنُونَ، فَاِنَّ اللهَ سَيُعْفِيهِمْ مِنَ الْجَزَاءِ فِي الْآَخِرَةِ، وَلَنْ يُعْفِيَهُمْ مِنَ الْجَزَاءِ فِي الدُّنْيَا عَلَى ذُنُوبِهِمْ جَزَاءً وِفَاقاً لَهُمْ بِالْهَمِّ وَالْمَرَضِ وَالْفَقْرِ وَالْمَصَائِبِ وَالْاَحْزَانِ وَالْبُؤْسِ وَالشَّقَاءِ اِلَى آَخِرِ مَاهُنَالِك، وَاَمَّا كَبَائِرُ الذُّنُوبِ، فَاِنَّ جَزَاءَ الْمُؤْمِنِينَ سَيَكُونُ عَلَيْهَا فِي الْآَخِرَةِ اِذَا لَمْ تَحْصَلْ تَوْبَةٌ نَصُوحٌ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا وَرَدٌّ لِلْحُقُوقِ اِلَى اَصْحَابِهَا، وَلَكِنَّهُمْ سَيَنْجُونَ مِنْ اَبَدِيَّةِ الْعَذَابِ وَاِنْ لَمْ يَنْجُوا مِنَ الْخُلُودِ الطَّوِيلِ الْمُؤَقَّتِ فِي نَارِ جَهَنَّم، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ نَقُولُ لِلْقُرْآَنِيِّين: لَوْلَا السُّنَّةُ لَهَلَكْنَا جَمِيعاً بِمَا سَيُحَاسِبُنَا اللهُ عَلَيْهِ فِي الْآَخِرَةِ مَهْمَا كَانَ ذَنْباً صَغِيراً وَلَوْ كَانَ نَقِيراً اَوْ قِطْمِيراً اَوْ ذَرَّةً اَوْ جُزَيْئاً اَوْ شَارِدَةً اَوْ وَارِدَة.. وَبِهَذَا الْقَدْرِ نَكْتَفِي، وصلى الله على نبينا محمد رسول الله وازواجه وذريته وآله واصحابه، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته من اختكم في الله غصون، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
 
عودة
أعلى