مهدي عبد الوفي
New Member
بداية أشكر جميع أحبابنا الذين يتابعوننا من خلال هذا الملتقى على تفاعلهم البناء مع هذا الموضوع . و أقول لمن تساءل عن بعض الجوانب من هذا الطرح ان موضوع الروح وحدة متكاملة في عقيدة المسلم تدخل في نسق مدركي واسع تترابط عناصره لتقدم لمحة جلية المعالم عن هذه النفخة الربانية .
و عليه أعود فأقول : صبرا أحبتي فجلاء الصورة سوف يتضح ان شاء الله مع تواثق العناصر المرتبطة بالموضوع . و أطلب من أحبابي استفراغ الوسع في استقراء مراحل الاستدلال التي أعرضها في هذا الشأن و التحقق من أن تساؤلاتهم لم ترد الاجابة عنها بين السطور . فأنا لا زلت أجد من لم يتخلص بعد من اسقاط التجربة الحسية في قياس متعلقات الروح .
و مهما يكن فلنجعل حادينا في هذا التواصل ابتغاء مرضاة الله و تعميق المحبة بيننا ( المتحابون في على منابر من نور ...) و لننزل الاختلاف منزلته فنجتمع على ما اتفقنا عليه و ليعذر بعضنا بعضا في ما اختلفنا فيه .
و بعد ,
يقول الله تعالى : " انما أمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " . فأمر الله لا يحتاج الى زمان . و أما خلقه فتأمل قوله سبحانه : " خلق السماوات و الأرض في ستة أيام " .
فكيف نقارب مفهوم الزمان و متعلقاته ؟
سأكتفي اليوم بهذه الحلقة من الموضوع ( و وددت لو أسعفني الوقت لأطرح كل الجوانب ) : الشعور بالزمن من خلال كتاب الله عز وجل :
لنتأمل الايات التالية :
" و يوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة "
" كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية أو ضحاها "
"قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم ........ و لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين و ازدادوا تسعا "
" أو كالذي مر على قرية و هي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت . قال لبثت يوما أو بعض يوم . قال بل لبثت مائة عام ..."
و لنقف مع هذه الاية :
ان عزير عليه السلام مر ببيت المقدس في سنة مجذبة فتساءل عن قدرة الله في احياء هذه القرية ( لم يكن منكرا لهذه القدرة و ذلك على غرار قول ابراهيم عليه السلام " رب أرني كيف تحيي الموتى ") . " فأماته الله مائة عام " . لقد توقف سريان الزمان على عزير. و جاء أن عزير كان عمره اذ ذاك 50 سنة و كان قد ترك زوجته حاملا . فلما بعثه الله بعد 100 عام و رجع يتفقد أهله وجد أغلبهم مات و وجد ابنه الذي تركه جنينا بلغ من العمر 100 سنة . فلم يعرفه أحد . غير أن خادمة كانت في بيته تقدم بها العمر و فقدت بصرها أرشدتهم الى علامة لم تكن تتخلف عند عزير . قالت : ان عزير كان مستجاب الدعوة فاطلبوا منه أن يدعو الله لكم في أمر فان أجاب الله دعاءه علمتم أنه هو . ففعلوا . فدعا عزير ربه أن يعيد البصر على الخادمة فأبصرت الخادمة و أكدت لهم أنه عزير .
وفي هذه المسألة ملمح عجيب هو أن عزير الذي توقف سريان الزمن في حقه 100 عام بقي عمره 50 سنة و ابنه أصبح عمره 100 عام . فهذا هو الابن الذي يفوق عمره عمر أبيه .
ثم ان الاية تعرض مظهرا ءاخر لتوقف الزمان :
" فانظر الى طعامك و شرابك لم يتسنه " . الطعام و الشراب لم يخضعا لتأثير الزمان . و الا لتحلل الطعام و تبخر الشراب . في المقابل " و انظر الى حمارك . و لنجعلك ءاية للناس " ( فهل فقهنا الاية ؟ ) . " و انظر الى العظام كيف ننشرها ثم نكسوها لحما " . لقد أحيا الله الحمار على مرأى من عزير . " فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير " .
أحبتي ! لا زالت عناصر الموضوع متواصلة باذن الله .
نسأل الله أن يعصم أناملنا من أن تخط ما لا يرضيه و قلوبنا من أن يخطر بها سوء ظن بأحد من عباده .
دعواتكم !
و ءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .