" ...و يسألونك عن الروح ..."

7025.imgcache.gif
بسم الله والحمد لله و الصلاة و السلام على خير خلق الله .

ان مسألة الروح حيرت العقول وأرهقت الأذهان و الأبدان و السبب في ذلك هو نوع تشنج في الفكر و نوع ظلمة في القلب راكم كل منهما حجبا استعصى معها ولوج رحاب القرب من الروح و معانقة نسائمها و الارتشاف من لذيذ عذب فيوضات النفخة الربانية .
فهل تصبر معي أخي و هل تصبرين أختي في رحلة نتلمس فيها الطريق و نزيح الحجب و نرتمي في أحضان عالم اللطائف ؟
بسم الله و على بركة الله نفتح الباب .
" و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ...". هذه الاية لا تصرف المؤمنين عن شأن التفكر في مسألة الروح . بل الاية تحمل الجواب عن السؤال : " قل الروح من أمر ربي " أي من عالم الأمر لا من عالم الخلق " ألا له الخلق و الأمر " .
و عالم الأمر له نواميس خاصة تحكمه تختلف عن نواميس عالم الخلق . فكل مخلوق في عالم الخلق يخضع لظرفية الزمان و المكان . فأنت لا تستطيع أن تتصور مخلوقا لا يوجد في حيز مكاني في لحظة معينة . أما عالم الأمر فلا سلطة للزمان و لا للمكان عليه . فهو عالم اللطائف لا الكثائف . فأرواحنا باعتبارها لطائف تجوب الافاق و تنتقل بين عالمي الملك و الملكوت . و هي في حاجة لكي تواصل مهمتها في صلتها بالانسان أن تتخلص من أسر جسده و من ثقل أوزاره مرات في اليوم لتشحذ بأنوارحقيقة الحياة و تبث هذه الأنوار و هذه الطاقة في كيان الانسان فيحيا . و لذلك شرعت الصلاة لينتعش المسلم بنسائم القرب و يخلص روحه من ارتباطاتها بالدنيا و مادياتها و يتيح لها فرصة العروج الى بارئها لتحمل الصفاء و العطايا الربانية . ف " الصلاة معراج المؤمن " كما أخبر صاحب المعراج عليه الصلاة و السلام .
فالحياة الحقة هي الحياة النابعة من صلة العبد بالحي الذي لا يموت . والصلاة صلة . فمن حسنت صلاته حسنت صلاته .
ثم يبقى بعد ذلك مسلك ءاخر تستريح به الروح من الجسد و تبعاته ألا و هو النوم . فالشعور بالنوم اعلام بأن الروح ضاقت بمادة الجسد و ثقل ما علق به وتأهب لخروجها منه لتعرج ان كانت روح عبد مؤمن فتسجد تحت عرش الرحمان تستمد واردات القرب ( ولها شأن مع الملائكة التي تتلقاها لتفسحها في عالم الملكوت فتأتي الرؤيا التي يتواصل عن طريقها المؤمن بأرواح الخلائق الذين سبقوه و ربما الذين لم يأتوا بعد . وهذا له موضوع خاص ان شاء الله ). " الله يتوفى الأنفس حين موتها و التي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت و يرسل الأخرى الى أجل مسمى " . " و هو الذي يتوفاكم بالليل و يعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى " .
ثم ان عالم الأمر هذا يتأبى علينا تصوره و نحتار معه في شأن الروح لأننا نسقط عليه تجربتنا الحسية و نريد أن نخضعه لمقاييس لا تتناسب مع خصوصياته .
و لو اعتبرنا تعريف " الغزالي " للقلب ( القلب لطيفة نورانية روحانية ربانية ) فسنهتدي الى أن عالم الأنوار و الأرواح يتم تقصيه عن طريق القلب . و ليس القلب هنا تلك العضلة التي تضخ الدم في الجسم ثم تسحبه . و سنعرض لهذه المفاهيم و خاصة مفهوم الزمن بكثير من متعلقاته كماهية الزمن و الشعور بالزمن و توقف الزمن وتمدد الزمن و طي الزمن و نشر الزمن و ...في موضوع لاحق ان شاء الله .
بقي لكي نربط العجز بالصدر أن أدعوكم اخوتي لتأمل قوله تعالى " انما أمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " .
فعن أي أمر تتحدث الاية ؟
و ما معنى " كن فيكون "؟
هل يحتاج الأمر هنا الى زمن ؟
تساؤلات نقاربها ان شاء الله قريبا .
ملاحظاتكم ! اقتراحاتكم ! تصويباتكم ! دعواتكم !
و ءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
 
ماشاء الله اخي مهدي جميل جداً جزاك الله خيراً على هذا الحديث الشيِِِِِق كلام معبر . ولقد شوقتني اكثر لقراءة المزيد من مواضيعك الجميله جعلها الله في ميزان حسناتك . لااعرف كيف اشكرك فكلمة الشكر قليلة في حقك . بأنتظار ابداعاتك وفقك الله
تقبل تحياتي
 
7025.imgcache.gif
بسم الله والحمد لله و الصلاة و السلام على خير خلق الله .

ان مسألة الروح حيرت العقول وأرهقت الأذهان و الأبدان و السبب في ذلك هو نوع تشنج في الفكر و نوع ظلمة في القلب راكم كل منهما حجبا استعصى معها ولوج رحاب القرب من الروح و معانقة نسائمها و الارتشاف من لذيذ عذب فيوضات النفخة الربانية .
فهل تصبر معي أخي و هل تصبرين أختي في رحلة نتلمس فيها الطريق و نزيح الحجب و نرتمي في أحضان عالم اللطائف ؟
بسم الله و على بركة الله نفتح الباب .
" و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ...". هذه الاية لا تصرف المؤمنين عن شأن التفكر في مسألة الروح . بل الاية تحمل الجواب عن السؤال : " قل الروح من أمر ربي " أي من عالم الأمر لا من عالم الخلق " ألا له الخلق و الأمر " .
و عالم الأمر له نواميس خاصة تحكمه تختلف عن نواميس عالم الخلق . فكل مخلوق في عالم الخلق يخضع لظرفية الزمان و المكان . فأنت لا تستطيع أن تتصور مخلوقا لا يوجد في حيز مكاني في لحظة معينة . أما عالم الأمر فلا سلطة للزمان و لا للمكان عليه . فهو عالم اللطائف لا الكثائف . فأرواحنا باعتبارها لطائف تجوب الافاق و تنتقل بين عالمي الملك و الملكوت . و هي في حاجة لكي تواصل مهمتها في صلتها بالانسان أن تتخلص من أسر جسده و من ثقل أوزاره مرات في اليوم لتشحذ بأنوارحقيقة الحياة و تبث هذه الأنوار و هذه الطاقة في كيان الانسان فيحيا . و لذلك شرعت الصلاة لينتعش المسلم بنسائم القرب و يخلص روحه من ارتباطاتها بالدنيا و مادياتها و يتيح لها فرصة العروج الى بارئها لتحمل الصفاء و العطايا الربانية . ف " الصلاة معراج المؤمن " كما أخبر صاحب المعراج عليه الصلاة و السلام .
فالحياة الحقة هي الحياة النابعة من صلة العبد بالحي الذي لا يموت . والصلاة صلة . فمن حسنت صلاته حسنت صلاته .
ثم يبقى بعد ذلك مسلك ءاخر تستريح به الروح من الجسد و تبعاته ألا و هو النوم . فالشعور بالنوم اعلام بأن الروح ضاقت بمادة الجسد و ثقل ما علق به وتأهب لخروجها منه لتعرج ان كانت روح عبد مؤمن فتسجد تحت عرش الرحمان تستمد واردات القرب ( ولها شأن مع الملائكة التي تتلقاها لتفسحها في عالم الملكوت فتأتي الرؤيا التي يتواصل عن طريقها المؤمن بأرواح الخلائق الذين سبقوه و ربما الذين لم يأتوا بعد . وهذا له موضوع خاص ان شاء الله ). " الله يتوفى الأنفس حين موتها و التي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت و يرسل الأخرى الى أجل مسمى " . " و هو الذي يتوفاكم بالليل و يعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى " .
ثم ان عالم الأمر هذا يتأبى علينا تصوره و نحتار معه في شأن الروح لأننا نسقط عليه تجربتنا الحسية و نريد أن نخضعه لمقاييس لا تتناسب مع خصوصياته .
و لو اعتبرنا تعريف " الغزالي " للقلب ( القلب لطيفة نورانية روحانية ربانية ) فسنهتدي الى أن عالم الأنوار و الأرواح يتم تقصيه عن طريق القلب . و ليس القلب هنا تلك العضلة التي تضخ الدم في الجسم ثم تسحبه . و سنعرض لهذه المفاهيم و خاصة مفهوم الزمن بكثير من متعلقاته كماهية الزمن و الشعور بالزمن و توقف الزمن وتمدد الزمن و طي الزمن و نشر الزمن و ...في موضوع لاحق ان شاء الله .
بقي لكي نربط العجز بالصدر أن أدعوكم اخوتي لتأمل قوله تعالى " انما أمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " .
فعن أي أمر تتحدث الاية ؟
و ما معنى " كن فيكون "؟
هل يحتاج الأمر هنا الى زمن ؟
تساؤلات نقاربها ان شاء الله قريبا .
ملاحظاتكم ! اقتراحاتكم ! تصويباتكم ! دعواتكم !
و ءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
الف شكر على الشرح الرائع
 
قال تعالى : ( و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم الا قليلا )
تحياتي
 
عودة
أعلى