تقرير حول يوم دراسي: المرأة: الأدب والهوية

جامعة الحسن الأول
نادي مسلك الدراسات العربية
سطات



تقرير في موضوع: المرأة: الأدب والهوية
يوم دراسي نظمه نادي مسلك الدراسات العربية
إشراف رئاسة جامعة الحسن الأول سطات

الأستاذ: إدريس ميموني




نظم نادي مسلك الدراسات العربية، بكلية الحقوق، جامعة الحسن الأول، التابع للكلية المتعددة الاختصاصات بخريبگة، يوما دراسيا في موضوع: المرأة: الأدب والهوية. يوم الاثنين 30 ابريل 2007، بالمدرج رقم 12.
شارك فيه الأساتذة الآتية أسماؤهم: الأستاذ العربي الذهبي رئيسا، والأستاذ إدريس ميموني مقررا، والأستاذ عبد الله الحوزي، وهم من كلية الآداب ببني ملال، والأستاذ عبد العزيز گسوس من كلية الآداب بمراكش، والأستاذة لطيفة مهداوي من كلية الآداب بالقنيطرة، والأستاذة خديجة توفيق من الكلية المتعددة الاختصاصات بخريبگة.

انطلقت الجلسة على الساعة التاسعة صباحا، واستمرت إلى حدود الساعة الواحدة زوالا.
في بداية اللقاء، رحب الأستاذ العربي الذهبي، رئيس الجلسة، بكافة الحاضرين والمساهمين في هذا اليوم، إدارة وأساتذة وطلبة، مؤكدا على أهمية مثل هذه اللقاءات الموازية، وما تكتسيه من خصوصية تحفيزية، داعمة لباقي الأنشطة الأساسية. وبلغ الحاضرين اعتذار رئيس الجامعة ونائبه في الشؤون البيداغوجية، عن عدم تمكنهما من حضور افتتاح هذا النشاط، ورحب باسمهما بالحضور وبالأساتذة المشاركين، شاكرا لهم حسن تعاونهم، ومساهمتهم في هذه الجلسة العلمية، وبما تحملوه من عناء في التنقل والمشاركة. كما نوه بأنشطة الطلبة في مسلكي الدراسات العربية وإعداد المجال، راجيا لهذا العمل النجاح والسداد والتوفيق.
ثم أعطى بعدها الكلمة للطالب محمد مرغوبي، رئيس النادي، الذي رحب بدوره فيها بالحضور، وبكافة الأساتذة المشاركين، منوها وشاكرا المجهود الذي تقدمه الجامعة، لهذين المسلكين، ولكافة طلبة الجامعة. في شخص رئيسها ونائبيه، وكافة الإداريين، وذلك بدعم أنشطتهم وتشجيعها. راجيا في ختام كلمته التوفيق لكافة الأساتذة في تدخلاتهم.
وأعقبت هذه الكلمة، كلمة المنسق البيداغوجي للمسلك، التي ألقاها نيابة عنه، الأستاذ مومنين، لكونه لم يتمكن من الحضور، شكر من خلالها السيد رئيس الجامعة ونائبيه، على المجهودات والرعاية التي يخصون بها طلبة مسلكي الدراسات العربية وإعداد المجال، وتشجيعهم لأنشطتهم، وكل ما يسهم في رفع مستواهم العلمي والمعرفي، شاكرا عمل الأساتذة في المسلك، وجهد الطلبة، ومثابرتهم فيه كذلك، كما أشاد باختيار هذا الموضوع، الذي يربط الماضي بالحاضر لتحقيق مستقبل أفضل، راجيا النجاح لأعمال هذا اليوم.

1 - المداخلة الأولى: ألقاها الأستاذ: عبد الله الحوزي، حول (المرأة والمواطنة).
يقول الأستاذ المتدخل في بداية حديثه، حول المرأة والمواطنة، إن عرضه جاء لتعميق النظر، في أحد المواضيع التي اشتغل فيها طويلا، مما شكل لديه أرضية لمشروع مؤلف سيرى النور قريبا إن شاء الله. وقد أبرز الأستاذ المتدخل، التراجع الذي عرفه مفهوم المواطنة، كمفهوم حداثي منذ سنوات الثمانين، مبينا غياب مفهوم واضح لهذا المصطلح في المصادر العربية. أما فيما يخص تداوله بين الناس، فيرجع فيما يرجحه الأستاذ إلى ترجمته من الفكر الغربي، الذي يجد فيه امتداده من أرسطو، الذي قال: إن المواطن، هو من ينخرط في معمعة السياسة، مذكرا بالتحدي الذي عاشه الفكر الغربي، مما طرح إشكال مشاركة المرأة في الحقل السياسي، بعدما حارب دخولها لوقت طويل. معتبرا أن ولادة المواطنة الحقيقية في الفكر الغربي ترجع إلى القرن 17م، قرن العقل والحرية. عندما تأسست القيم على الانخراط الفعلي في تدبير شؤون الدولة. لذا يتساءل الأستاذ، إذا كانت المواطنة الفعلية معناها بناء مفهوم جديد للإنسان، فلماذا ما زلنا نخاف من وصول المرأة إلى الحقل السياسي؟ برغم إيمان الجميع بالحداثة. ألا يحتاج هذا كما يقول الأستاذ، إلى تغيير ثقافة النساء تجاه الدور الأساسي الذي للمرأة في إدارة المجتمع؟ ثم ألا يحتاج أيضا، إلى تأسيس مرجعية نظرية تعطي كامل الحقوق للمرأة؟ وإلى معرفة وضعية المرأة بين الدولة والمجتمع؟ وللإجابة عن ذلك، يرى الأستاذ المتدخل، أنه لابد من تجاوز مرحلة إعادة الشعارات، إلى مرحلة بناء ثقافة جديدة، تنخرط فيها المرأة إلى جانب الرجل.لأن المواطنة الحقيقية هي المدخل الحقيقي إلى بناء مجتمع حداثي جديد، يتجاوز كل العوائق القديمة، نحو بناء علاقة جديدة لوضعية المرأة بالمواطنة. وقد خلص المتدخل في النهاية، إلى أن المواطنة كشعار وعنوان يتغنى به الناس لا علاقة له بواقعنا.

2 - المداخلة الثانية: ألقتها الأستاذة: خديجة توفيق حول ( المرأة: إنشاء الهوية، واثبات الذات)
ذكرت الأستاذة في بداية عرضها، بأهمية هذا النشاط الذي يساهم في تواصل أكبر بين جميع مكونات الحقل التعليمي، مذكرة ببعض النصوص التي تعبر عن حقوق المواطنة، ومبينة أن جملة هذه النصوص المهتمة بحق المواطنة، تغفل إلى حد ما ذكر المرأة، وهو ما اعتبرته تجاهلا لأحد مكونات المجتمع، ومما ينم أيضا عن خلفية، تتمثل في سيادة العقلية الرجولية، الشيء الذي يجعل الحديث عن هذا المفهوم، دون تنزيله في الواقع، حديثا زائفا دون معنى، وهذا ما يعني كون التمثلات شيئا، وواقع المرأة شيئا آخر.
فرغم التطور الذي عرفته أوربا، فقد ظل تفكيرها بخصوص المرأة منحصرا في الحقوق البيولوجية لها، وهو ما جعل الكثيرين يطالبون بوضع تشريعات أكثر عدلا، تتناول قوانين تخص التطليق والتصويت، ومحاربة العنف، والحق في الإجهاض. بالإضافة إلى حقها في الممارسة الجسدية، ومحاربة اغتصاب الزوجات. وهو تحول اعتبرته الأستاذة بناء نسقيا جديدا لمفهوم المرأة، يتجاوز المفاهيم القديمة التي هي من مخلفات الفترة القديمة. مما جعل المرأة الغربية تدخل معه في بناء هوية تعبيرية، أصبح الناس من خلالها يتحدثون عن الأدب النسائي، الذي اقتحمت من خلاله الكاتبات، ميدانا كان حكرا على الرجل. وهو ما يعني البحث عن هوية تعبيرية، تمكن المرأة من الحصول على سلطة خاصة.
وخلصت الأستاذة، إلى طرح أسئلة تتعلق بجوهر ما تكتبه المرأة، من مثل هل يكفي أن يكون كل ما تكتبه المرأة أدبا نسويا؟.

3- المداخلة الثالثة: ألقاها الأستاذ عبد العزيز گسوس حول ( المرأة في الأدب العربي)
ذكر الأستاذ في بداية مداخلته أن مشكل المرأة، أصبح يطرح في الآونة الأخيرة بقوة في بلدان كثيرة، ومن ضمنها المغرب أساسا، في مجال الدين والسياسة والفكر والثقافة. مبينا أهم القضايا التي تطرحها قضية الإقصاء في الحقول المذكورة، وهل هي نتاج خوف الرجل من المرأة، أم هي نتاج خوف السياسة من المرأة، في الوقت الذي تخاف فيه من الرجل كذلك. موضحا تشعبات الموضوع بالطريقة التي أوردها الأستاذان المتدخلان قبله، مفضلا العدول عن ذلك، للبحث في قضية المرأة من وجهة نظر أدبية شعرية فصيحة قديمة، محاولا التقاط صور المرأة، من هذا التاريخ الحافل، بشتى الأوصاف المتنوعة في مختلف مناحيها.
فجاء حديثه عن المرأة وفق التصور الذي وضعه من خلال ثلاثة مستويات:
1- المستوى الأول: المرأة باعتبارها موضوعا في الأدب، ترد فيها المرأة وفق أربع صيغ.
- الصيغة الأولى: المرأة المتخيلة الرمزية، كما هي عند امرئ القيس، والحارث بن حلزة..
- الصيغة الثانية: المرأة الحبيبة التي تظهر في الغزل كما هي عند عنترة وجميل بثينة..
- الصيغة الثالثة: المرأة الممتعة وهي صنفان: العربية القحة، كما هي عند طرفة بن العبد، وغير العربية، كما هي عند عمر بن أبي ربيعة..
- الصيغة الرابعة: المرأة الزوجة، وهي قليلة الحضور في تاريخ الشعر العربي، كما هي عند عروة بن الورد.
2- المستوى الثاني: المرأة باعتبارها منتجة للأدب، ومعبرة عن أفكارها وآرائها، وقد مثل لهذا المستوى قديما، بالخنساء، وحديثا بنازك الملائكة، وفدوى طوقان، ومي زيادة ...
3- المستوى الثالث: المرأة باعتبارها متلقية للأدب وهن كثيرات كما قال الأستاذ.
وأشار الأستاذ في مداخلته، إلى كون المرأة استغلت في الشعر العربي كذالك، في فن الإشهار والتجارة، كما هو الشأن بالنسبة لقصيدة ( قل للمليحة في الخمار الأسود).
وباختصار، يمكن إجمال موضوع المرأة في الأدب العربي في مستويين: مستوى المرأة التي كانت فيه مجالا للتعبير عن العواطف. ومستوى المرأة التي كانت فيه مجالا للتعبير عن الغرائز.
أما صورة المرأة في الأدب الحديث، فقد بين الأستاذ أنها اختفت كرمز، وبقيت كعاطفة، ومثالها المرأة عند نزار قباني.
وقد خلص الأستاذ في آخر مداخلته، إلى أن وضع المرأة في الأدب العربي، ارتبط في مجمله بوضعها في المجتمع، فكلما تطور المجتمع، تحسنت صورتها، وكلما تراجع، تراجعت معه هذه الصورة.
وفيما يخص الأدب النسائي يرى الأستاذ المتدخل، أنه ملفوف بكثير من التعاطف الزائد، مما جعل الكثير من الأعمال الأدبية النسوية، لا تتوفر فيها الشروط اللازمة للنص الأدبي، فإذا أزلنا التعاطف مع هذه الأعمال، فستهوي معه كثير من النساء.

4 - المداخلة الرابعة: ألقتها الأستاذة: لطيفة مهداوي حول: (المرأة في التراث العربي: نماذج نسائية).
تناولت الأستاذة في مداخلتها نماذج نسائية، في النصوص الأدبية العربية القديمة، من خلال نموذجين اثنين، أولهما تمحور حول الخنساء، مبينة مكانتها وتفوقها على كثير من الرجال، مما بوأها مكانة لائقة في كتب الأدب، بل وبالاهتمام بشعرها عند الباحثين والنقاد قديما وحديثا، حتى إنه أضحى يدرس في كثير من الجامعات. فشعرها ينبض بالحيوية والمعاني الإنسانية النبيلة، والقيم الأخلاقية الفاضلة. وهي من النساء المتقدمات في الشعر، كما وصفها به صاحب كتاب الأغاني، بل هي أشعر النساء عند ابن قتيبة، والأصمعي وغيرهم. وهو ما يدل على جودة شعرها، ومكانتها بين شعراء العرب، وفاعليتها في مجتمعها تدل على ذلك.

النموذج الثاني: يتمثل في إحدى النساء الفضليات اللواتي ظلمهن التاريخ على حد تعبير الأستاذة، التي ما زالت تبحث لاكتشاف المزيد عنها، إنها سكينة بنت الحسين رضي الله عنهما. فقد كانت كما يقول ابن خلكان في وفيات الأعيان، تفاضل بين الشعراء، وتجيزهم وتنتقدهم وتستمع إليهم، مما يدل على فضلها وتفوقها، ورجاحة عقلها، وتعرف في بعض المصادر باسم أميمة وليست سكينة.
وبعد انتهاء كل المداخلات، فتح باب النقاش، لكافة الطلبة الحاضرين، الذين أبانوا من خلال أسئلتهم، وردودهم، وانتقاداتهم، على مدى الاهتمام، والتتبع لقضايا المواضيع المشارك بها في اليوم الدراسي، لينتهي اللقاء بكلمة الأستاذ عبد العزيز گسوس، الذي نوه بهذا النشاط، وبالجهد المبذول فيه، من قبل جميع الأطراف المساهمة، إدارة وأساتذة وطلبة.


 
عودة
أعلى