جيلالي بوبكر
New Member
منظومة تربوية ومناهج تعليمية من غير كيمياء وفلسفة
الأحد 17 أغسطس / آب 2014 - 17:51
د. جيلالي بوبكر
استاذ جامعي / الجزائر
جاء في نشرات الأخبار التي تبثها القنوات الفضائية العالمية في هذا اليوم السادس عشر من شهر أغسطس 2014 أنّ أمير المؤمنين والخليفة الإسلامي - البغدادي - في الدولة الإسلامية الفتية في العراق، التي لم يمض على قيامها سوى أشهر معدودات، بسبب ما آل إليه العراق من تفتّت جغرافي وتمزّق عرقي وتشتت طائفي وانقسام سياسي وديني ومذهبي، ومما عرف من فساد مالي واقتصادي واجتماعي، زار أرض الخلافة التي يتولى تطبيق الشريعة الإسلامية فيها بحراسة مشددة وبعدّة وعدد مميّزين ودعا إلى ضرورة تصحيح الفهوم الخاطئة للدين عقيدة وشريعة.
هذه الفهوم الخاطئة التي جاءت نتيجة تمسك الأنظمة العميلة لأعداء الإسلام في البلاد الإسلامية بمنظومات تربوية ومناهج تعليمية علمانية إلحادية كافرة، وأكّد على ضرورة التمسك بالعقيدة الصحيحة والشريعة السمحة في التربية والتعليم، وأمر ببناء مناهج تعليمية تستمد مبادئها وقيّمها من الإسلام الصحيح.
وأفتى بإبعاد مادة الكيمياء بحجة كونها معبرا إلى الأسلحة الذرية والنووية والبيولوجية وأسلحة الدمار الشامل، ونسي للأسف أنّ الكيمياء هي وراء التقدم الرهيب الذي عرفته الحضارة الحديثة والمعاصرة في جميع مجالات الحياة ومنها مجال الطب في العلاج وصنع الأدوية وفي الفلاحة وغيرها، وليس الكيمياء كعلم وكبحوث ودراسات وكشوف وصناعة هي المسئولة عن إنتاج الأسلحة الفتاكة وإنما الإنسان هو الذي حوّل العلم الكيمياء أو غيره من العلوم الأخرى في اتجاه الخراب والدمار والعبث بحياة الإنسان الذي كرّمه الله بالدين والعقل والعلم وغيره.
كما أفتى بإبعاد الفلسفة عن المناهج التعليمية في دولته الإسلامية بحجة كونها سبيلا للإلحاد والزندقة والكفر بالله، ونسي أن الله وهب الإنسان العقل والتفكير ومكنّه من الإرادة والإنسان أمام طريقين أو أكثر متروك له الاختيار ويتحمل مسئوليته كاملة، ولولا العقل والحرية وهما من السنن الكونية والفطرة الإلهية منحة إلهية مشتركة بين جميع بني البشر ما عرف الإنسان العلم والنقد والإبداع مقومات البناء الحضاري والاجتماعي ومحرك التاريخ في سبيل الإعمار والسيطرة والسيادة والتسخير والتحكم.
وكان الإنسان بالعقل والحرية على درجة عالية من التطور في كافة مناحي الحياة خاصة في المجال العلمي والتكنولوجي ميزة العصر الحديث والمعاصر، ثم لا سبيل لفهم العقائد والإيديولوجيات خارج إعمال العقل والعلم ومن دون حرية وبمناهج تعترف بسنّة الاختلاف وبالآخر ولا تلغي التواصل من أجل التعارف وتتبنى الحوار والتسامح، فيجتمع الديني مع الأخلاقي مع العلمي مع الفلسفي في انسجام وتكامل في المنبع والمصب، في الوقت الذي لم يتجاوز الحيوان بهيميته وغرائزه، ولم يتجاوز النبات وظائفه البيولوجية الحيوية، ولم يتجاوز الجماد جموده وعطله.
فتعطيل الكيمياء هو تعطيل للعلم وللروح العلمية شرط التحرر من الجهل والتخلف والانحطاط وسبيل في اتجاه الحضارة والرقي والمجد، وتعطيل الفلسفة هو تعطيل للعقل والتفكير، وتعطيل لإنسانية الإنسان، وإلغاء للفطرة البشرية التي فطره الله الإنسان عليها في تفضيل خلقه البشري وتكريمه عن بقية مخلوقاته، وتبديل سنّة الله وتحويلها لكن هيهات لا تبديل لسنّة الله.
كل هذا العبث بالعقل وبالدين وبسائر القيّم العليا وقلبها يجري في وقت يركب خليفة المسلمين السيارة الرباعية الدفع ويستخدم وسائل التواصل الأكثر تطورا والأسلحة الفتّاكة وهي بنت الإبداع اكتشافا واختراعا في حقل الكيمياء وبقية العلوم الأخرى التي يدعو إلى تعطيلها، ويتلقى الدعم المادي والمعنوي من جهات وأطراف هي جزء من الأنظمة العربية والإسلامية الاستبدادية وطرف في المنظومة الدولية العالمية التي تديرها عولمة شرسة وأمركة متصهينة.
إنّ دعوة التكفيريين والجهاديين في عالمنا الإسلامي الحديث والمعاصر إلى مثل هذه الأفكار دعوة سياسية لا صلة لها بالدين لا من بعيد ولا من قريب، فالإسلام بريء من هذا، فهو لم يعطل العلم بل يدعو إليه فمن أرد الدنيا فبالعلم ومن أرد الآخرة فبالعلم ومن أٍراد الاثنين فبالعلم، العلم ميراث النبوة ومبلغ الكمال الإنساني، ولم يعطل الإسلام العقل والتفكير والنقد بل يدعو الإنسان إلى التأمّل والتدبّر والتعقّل في الكون وفي نفسه ليقف على عظمة الصانع وليستثمر الموجودات لتحقيق حاجياته وخدمة مصالحه من خلال التسخير والسيطرة والتحكم والسيادة.
أمتنا في حاجة شديدة إلى فكر جديد في درجة الأزمة وفي مستوى التحدّيات وإلى وعي تنويري يحترم العقل والتفكير وينشد الحرية ويطلب العلم ويقدّسه ويتفاني في العمل ويقدّر الوقت ويعتبر الآخر ويستفيد من نهضته، وليس مناقشة قضايا بالية بائدة تجاوزها الزمن مثل قضية خروج المرأة إلى العمل وقيادتها السيارة وموضوع الجزية والفيء والغنائم والسبايا والتقليل من قدر بعض العلوم الطبيعية والفكرية مثل الكيمياء والفلسفة، إلى متى يبقى بعضنا يكرّس الجهل والتخلّف والتبعية والآخر في تقدّم رهيب نعيش على إنتاجه العلمي والفكري والمادي، بيننا وبينه مسافة سنة ضوئية، فنحن لا نأكل مما ننتج ولا نلبس مما ننسج ولا نركب مما نصنع، فلا حقّ لنا في اتخاذ القرار وقرار أمير المؤمنين – البغدادي- ضرب من الوهم وأضغاث أحلام تنتهي بسقوط البغدادي ومن معه بضربات الناتو وأمريكا العسكرية وربما بقنابل كيميائية بسبب حربه على الكيمياء وللفلسفة رب يحميها، فينتهي كيان الدولة الإسلامية في العراق وخارج العراق.
الدكتور جيلالي بوبكر
الأحد 17 أغسطس / آب 2014 - 17:51
د. جيلالي بوبكر
استاذ جامعي / الجزائر
جاء في نشرات الأخبار التي تبثها القنوات الفضائية العالمية في هذا اليوم السادس عشر من شهر أغسطس 2014 أنّ أمير المؤمنين والخليفة الإسلامي - البغدادي - في الدولة الإسلامية الفتية في العراق، التي لم يمض على قيامها سوى أشهر معدودات، بسبب ما آل إليه العراق من تفتّت جغرافي وتمزّق عرقي وتشتت طائفي وانقسام سياسي وديني ومذهبي، ومما عرف من فساد مالي واقتصادي واجتماعي، زار أرض الخلافة التي يتولى تطبيق الشريعة الإسلامية فيها بحراسة مشددة وبعدّة وعدد مميّزين ودعا إلى ضرورة تصحيح الفهوم الخاطئة للدين عقيدة وشريعة.
هذه الفهوم الخاطئة التي جاءت نتيجة تمسك الأنظمة العميلة لأعداء الإسلام في البلاد الإسلامية بمنظومات تربوية ومناهج تعليمية علمانية إلحادية كافرة، وأكّد على ضرورة التمسك بالعقيدة الصحيحة والشريعة السمحة في التربية والتعليم، وأمر ببناء مناهج تعليمية تستمد مبادئها وقيّمها من الإسلام الصحيح.
وأفتى بإبعاد مادة الكيمياء بحجة كونها معبرا إلى الأسلحة الذرية والنووية والبيولوجية وأسلحة الدمار الشامل، ونسي للأسف أنّ الكيمياء هي وراء التقدم الرهيب الذي عرفته الحضارة الحديثة والمعاصرة في جميع مجالات الحياة ومنها مجال الطب في العلاج وصنع الأدوية وفي الفلاحة وغيرها، وليس الكيمياء كعلم وكبحوث ودراسات وكشوف وصناعة هي المسئولة عن إنتاج الأسلحة الفتاكة وإنما الإنسان هو الذي حوّل العلم الكيمياء أو غيره من العلوم الأخرى في اتجاه الخراب والدمار والعبث بحياة الإنسان الذي كرّمه الله بالدين والعقل والعلم وغيره.
كما أفتى بإبعاد الفلسفة عن المناهج التعليمية في دولته الإسلامية بحجة كونها سبيلا للإلحاد والزندقة والكفر بالله، ونسي أن الله وهب الإنسان العقل والتفكير ومكنّه من الإرادة والإنسان أمام طريقين أو أكثر متروك له الاختيار ويتحمل مسئوليته كاملة، ولولا العقل والحرية وهما من السنن الكونية والفطرة الإلهية منحة إلهية مشتركة بين جميع بني البشر ما عرف الإنسان العلم والنقد والإبداع مقومات البناء الحضاري والاجتماعي ومحرك التاريخ في سبيل الإعمار والسيطرة والسيادة والتسخير والتحكم.
وكان الإنسان بالعقل والحرية على درجة عالية من التطور في كافة مناحي الحياة خاصة في المجال العلمي والتكنولوجي ميزة العصر الحديث والمعاصر، ثم لا سبيل لفهم العقائد والإيديولوجيات خارج إعمال العقل والعلم ومن دون حرية وبمناهج تعترف بسنّة الاختلاف وبالآخر ولا تلغي التواصل من أجل التعارف وتتبنى الحوار والتسامح، فيجتمع الديني مع الأخلاقي مع العلمي مع الفلسفي في انسجام وتكامل في المنبع والمصب، في الوقت الذي لم يتجاوز الحيوان بهيميته وغرائزه، ولم يتجاوز النبات وظائفه البيولوجية الحيوية، ولم يتجاوز الجماد جموده وعطله.
فتعطيل الكيمياء هو تعطيل للعلم وللروح العلمية شرط التحرر من الجهل والتخلف والانحطاط وسبيل في اتجاه الحضارة والرقي والمجد، وتعطيل الفلسفة هو تعطيل للعقل والتفكير، وتعطيل لإنسانية الإنسان، وإلغاء للفطرة البشرية التي فطره الله الإنسان عليها في تفضيل خلقه البشري وتكريمه عن بقية مخلوقاته، وتبديل سنّة الله وتحويلها لكن هيهات لا تبديل لسنّة الله.
كل هذا العبث بالعقل وبالدين وبسائر القيّم العليا وقلبها يجري في وقت يركب خليفة المسلمين السيارة الرباعية الدفع ويستخدم وسائل التواصل الأكثر تطورا والأسلحة الفتّاكة وهي بنت الإبداع اكتشافا واختراعا في حقل الكيمياء وبقية العلوم الأخرى التي يدعو إلى تعطيلها، ويتلقى الدعم المادي والمعنوي من جهات وأطراف هي جزء من الأنظمة العربية والإسلامية الاستبدادية وطرف في المنظومة الدولية العالمية التي تديرها عولمة شرسة وأمركة متصهينة.
إنّ دعوة التكفيريين والجهاديين في عالمنا الإسلامي الحديث والمعاصر إلى مثل هذه الأفكار دعوة سياسية لا صلة لها بالدين لا من بعيد ولا من قريب، فالإسلام بريء من هذا، فهو لم يعطل العلم بل يدعو إليه فمن أرد الدنيا فبالعلم ومن أرد الآخرة فبالعلم ومن أٍراد الاثنين فبالعلم، العلم ميراث النبوة ومبلغ الكمال الإنساني، ولم يعطل الإسلام العقل والتفكير والنقد بل يدعو الإنسان إلى التأمّل والتدبّر والتعقّل في الكون وفي نفسه ليقف على عظمة الصانع وليستثمر الموجودات لتحقيق حاجياته وخدمة مصالحه من خلال التسخير والسيطرة والتحكم والسيادة.
أمتنا في حاجة شديدة إلى فكر جديد في درجة الأزمة وفي مستوى التحدّيات وإلى وعي تنويري يحترم العقل والتفكير وينشد الحرية ويطلب العلم ويقدّسه ويتفاني في العمل ويقدّر الوقت ويعتبر الآخر ويستفيد من نهضته، وليس مناقشة قضايا بالية بائدة تجاوزها الزمن مثل قضية خروج المرأة إلى العمل وقيادتها السيارة وموضوع الجزية والفيء والغنائم والسبايا والتقليل من قدر بعض العلوم الطبيعية والفكرية مثل الكيمياء والفلسفة، إلى متى يبقى بعضنا يكرّس الجهل والتخلّف والتبعية والآخر في تقدّم رهيب نعيش على إنتاجه العلمي والفكري والمادي، بيننا وبينه مسافة سنة ضوئية، فنحن لا نأكل مما ننتج ولا نلبس مما ننسج ولا نركب مما نصنع، فلا حقّ لنا في اتخاذ القرار وقرار أمير المؤمنين – البغدادي- ضرب من الوهم وأضغاث أحلام تنتهي بسقوط البغدادي ومن معه بضربات الناتو وأمريكا العسكرية وربما بقنابل كيميائية بسبب حربه على الكيمياء وللفلسفة رب يحميها، فينتهي كيان الدولة الإسلامية في العراق وخارج العراق.
الدكتور جيلالي بوبكر