اللحية.. من الإسلام؟.. أم هي الإسلام؟ (ملف خاص)

  • بادئ الموضوع haytham_chemist
  • تاريخ البدء
H

haytham_chemist

Guest
الموضوع دة كنت هاحطة فى قسم النقاشات الهادفة والبناءة ولكن ما نفعش........المهم اليكم الموضوع
------------------------
اولا:المقدمة
1- مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحَمدُ للّهَ رَب العالَمينَ، الرحمَن الرَّحيم، وأشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ وحده لا شَريكَ لَهُ يَهدي مَن يَشاءُ إلى صِراط مستَقيم، وأشهَدُ أن مُحمَداً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ صاحِبُ الهَديِ القَويمِ، صلى اللَهُ عليهِ وعلى آلِهِ وَمن سارَ على هُداهُ وَاقتَفى أثَرَهُ إلى يوم الفَصلِ العَظيمِ..
أمابَعدُ..
فإن اللهَ تَبارَكَ وَتَعالى نَصَبَ لهذا الدينِ المعالِمَ، وأقامَ بِما بينَ في الكِتابِ لأتْباعِ هذهِ الملةِ الدعائمَ، فَحَفِظَ ما تَستمِر بهِ الحُجةُ على الخَلقٍ ما بَقِيَت العَوالِمُ، فتلكَ المعالِمُ ظاهِرات، والدعائمُ ثابِتات، عصمةً لأهلِ العلمِ والإيمانِ، ونورا يَهتدي بهِ الراغِبُ من بَني الإتسانِ، فالحمد لله على عَظيمِ المنَّةِ، وواسِعِ الفَضلِ والرحمَةِ لهذهِ الأمةِ.
وَدونَ ذلكَ من مُكملاتِ الإيمانِ، وصالحِ عَمَلِ الإنسانِ، شَرائِعُ وأحكامٌ ، يَرِدُ متها الوارِدُ بحَسَبِ قَدرِ طَمَعِهِ فيما عندَ رَبهِ، وحرصهِ على زِيادَةِ القرب والتحليق في رِياضِ قُدْسِهِ، كَما قالَ اللّهُ تعالى في الحديثِ الإلهي: "ما تَقرب إلي عَندِي بشَيءٍ أحَب إلي مِما افتَرَضتُ عليهِ، وَما يَزالُ عَبدِي يَتَقرب إلي بالنوافلِ حَتى أحِبهُ ".
والنوافل ما زادَ من صالحِ العمَلِ على أمهاتِ الفَرائضِ والأصولِ، ومنْهُ كُلُ مُستَحب من القُرُبات.
كَما أن متهُ ما يَعود في تَقدير درَجَةِ حُكمِهِ إلى النظَرِ، ولم يَفْصِلْ في حُكمِهِ الخَبَر، فَمن بَدا لَه فيهِ وجه الطاعَةِ والقربةِ دَخَلَ في ذلكَ، سَواء عَده بنَظَرِهِ واجِباَ أو مَتدوباً، إذْ كل ما ليسَ مِما حكَمَ اللهُ وَرَسولهُ بفَرضَهِ فالقَولُ بفَرْضِهِ ظَن رَجَحَ لناظِرِ، وبنَدبِهِ ظَن مالَ إليهِ آخَر، ورُبما عتدَ ثالث لم يَبلُغ أن يَكونَ من قَبيلِ الظاهرِ، أي لم يَثبُت حُكمُهُ لخَفائهِ، وأرَدتُ بلفظ (الظاهر) مَعناهُ الأصولي، وَهُوَ اللفظُ الدال على المرادِ منهُ بنَفسِ صِيغَتِهِ من غَيرِ تَوقفِ على أمر خارجي، وليسَ المرادُ متهُ هُوَ المقصودَ أصالَة مِنَ السياقِ، ويَحتَمِلُ التأويلَ.
وهذا بابَ يَدخُلُهُ كل مَسائلِ الخلافِ في الفقهِ الإسلامي، وكل ما عادَ تَقديرُ حُكْمِهِ إلى الاجتِهادِ، وَلذلكَ وَسِعَ المتَنازِعَينِ فيهِ الدخول في رَحمَةِ اللّهَ بالأجرِ أو الأجرَينِ، كَما قالَ النبي
5865.imgcache.jpg
: ((إِذا حَكَمَ الحاكِمُ فاجتَهَدَ ثُمَّ أَصابَ فَلَهُ أَجْرانِ، وَإذا حَكَمَ فاجتَهَدَ ثُم أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ"، وَقَد قالَ اللّهُ تعالى: (مَا عَلَى المُحسِنِينَ مِن سبِيل وَإنَهُ غَفُور رَحِيم) التَّوبة:91،، فهذا في كُل مَن قَصَدَ الإحسانَ، أصابَهُ أو أخطأهُ.
وَالمقصودُ: أن يُدرِكَ من يَشتَغِلُ بفِقهِ شَرائعِ الإسلامِ أن الحق مَقطوع بهِ مُطلقاً في أصولِ الدينِ وَمقاصِدِهِ، لا في تَفاصيلِ شَرائعِهِ، فتلكَ للنَاسِ فيها الفُسحَةُ والسعَةُ.
فإذا استَحضَرتَ هذا المعنى، فاتظُر مَعي مِن بَعدُ متأملَا هذهِ المسألَةَ التي بينَ يَديناَ، وتعرف على منزِلَتِها في دينِ الإسلامِ من خلالِ ما وَرَدَ فيها من النقلِ، إذ هُوَ طَريقُ التعريفِ بحُكْمِها، ولاحِظ بنَفْس مُتجردة وعَقْلِ مُتفتحِ، وحيثُ بُغيَتُكَ الدليلُ من الكِتابِ والسنةِ فهو مَحل اتفاقِنا، فليسَ مِنا أحَد يَستَطيعُ المزايَدَةَ عليهِ، ولا الرضا بغيرِهِ.
ولَستُ أريدُ منكَ أن تَتتَهِيَ إلى ما انتَهَيتُ إليهِ، ولكني أرَدتُ أن أطلِعَكَ على نَظَرٍ قَد تَكونُ عتهُ غافلاً، كَما أرَدتُ أن تَعتَرِفَ بحقي في الرَأي كما تَراهُ لنَفسِكَ، إذْ نَستَقي جَميعاً من مَعينِ واحد. وَاعلَم أن هذا النقاش لا يقصد به الترف ، ولا الطَمَع في زائلٍ كَمن يَعْبُدُ اللّهَ على حَرف، بل يُعني بهِ تَشخيصَ واقع، بإبْرازِ قَدْرِ ما خَلَصَت إليهِ الأمةُ اليَوْمَ من تَعظيمِ مَسائلَ والمبالَغَةِ فيها إلى حَدٌ أن تكون قضايا مُفاصلَة في الدينِ، فيَفجُرُ بسَبِبها الأخُ أخاهُ، وُيفسقُهُ، وتارَة يُكفرُهُ، وُيقدَمُ آخَرُ وُيعَظمُ قَدرُهُ بسَبَبِ ما لَهُ من تلكَ المظاهرِ من حَظّ وافرٍ ، وَما يَبْلُغُ الأمْرُ ذاكَ، كالشأنِ في هذهِ المسألَةِ، وكمسألَةِ صِفَةِ اللباسِ، وكَثيرِ مِما يتصِلُ بجِنسِ النساءِ مِنَ الأحوالِ والأعمالِ، إلى قَضايا كَثيرَةٍ تُلامِسُ نُفوسَ المسلمينَ تتعلقُ بآدابِهم وأخلاقِهم وصِلاتِهم ببَعْضِهم، لا يَجوزُ الاستِهانَةُ بها بحال، ففَهمُها جُزْءٌ من فَهْمِ ذاتِنا وتَشخيصِ عِلَلِنا، وتَقديرُها منازِلَها جُزء من فَهمِ دينِنا، والمسألَهُ من هذهِ المسائلِ لا يَكمُنُ إشكالُها بالنظَرِ إليها من جِهَةِ جُزئيَّتِها، وإنما في منهجيةِ التفكيرِ ودَرَجَةِ التقديرِ عتدَ أصنافِ كَثيرَة من مُجتَمعاتِ المسلمينَ.
فَقد قالَ قائلْ: (حالِقُ اللحيَةِ فاسِقْ)!!
قلتُ: كَيفَ أفَسقُ مُسلماً بغيرِ حجًة من اللهَ ورَسولِهِ
5865.imgcache.jpg
، مُسلماً يَقِفُ إلى جانبي في صَف الصلاةِ، وحبه لدينِهِ وانتِصارُهُ لَهُ مِما يُنافَسُ فيهِ، ما بُرهانُ صِدقي في هذا الحكمِ عَليهِ، لو كانَ لي حَق أصلَا أن أنزلَ النَّاسَ مثلَ هذه المنازِل؟
وَحَيثُ حَكَم بفِسقه قالَ: (لا تَصِح إمامَتُه، وَلا يُقْبَلُ قُولُهُ، وَتُرَد شَهادَتُهُ) !!
فقلتُ: ماذا لو كانَ أقْرأَ الحاضِرينَ لكِتابِ اللهِ؟ والنبي
5865.imgcache.jpg
يَقولُ: "يؤم القَومَ أقرأُهم لكِتابِ اللهَ "، ولم يَتقُل أحَدْ في صِفَةِ الإمامِ اعتِبارَ مَتظَرِ أو هَيئةِ، وإنما الأصلُ فيما دلت عليهِ النصوصُ: (مَن صَحَّت صَلاتُهُ لنفسِهِ، صحت صَلاتُهُ بغيرِهِ)، ومن يَزعُمُ أن حالِقَ اللحيَةِ لا تصح صَلاتُهُ لنَفسِهِ فإنه يَزعُمُ الباطِلَ، وَيفتَري على دينِ اللّهَ الكَذِبَ.
جُزئية يَنبني على الرأيِ فيها مثلُ هذا الفَهمِ، مِما يَقَعُ بمِثلِهِ الاعتِداءُ والظلمُ، ألا يَجدُرُ بأهلِ الذٌ كرِ أن يُبينوا قَدرَها للناسِ، ويَكشِفوا عن حَقيقَةِ ما حاطَها من الالتِباسِ؟
وليسَ العَجَبُ في وُرودِ مِثْلِ هذا الخَلَلِ من بَعضِ عامةِ المسلمينَ، وَلا بَعضِ المنتَسبينَ لطَلَبِ العُلومِ الدينيةِ، فهؤلاءِ بسَبَبِ ضَعفِ المقدماتِ العلميةِ الشَرعيةِ لدَيهِم، مَعَ استِفزازِ الواقِعِ، يَصيرونِ كَثيراَ إلى أعرافٍ وعاداتِ غايَةُ أمرِها في الشرعِ أن تَكونَ مُباحَة، فيعدونَها هويةً تَعريفيةَ، فتَنبني عليها المفاصَلَةُ بَينَهم وبينَ مَن سِواهُم، وأدنى ما يَكونُ منهُم أن يَعدوا من لم يتصور بتلكَ الصورَةِ دونَ مَن أتى بها في القَدرِ والمكانَةِ والدينِ، رأينا ذلكَ في صُوَر شَتَى، شأن مَن يُصلي كاشِفَ الرَّأسِ عتدَ بَعضِ المسلمينَ، فكَيفَ باللحيَةِ التي وَجَدُوا شُبْهَةَ الأثَرِ فيها فتعلَقوا بهِ؟
وإنما العَجَبُ أن يَصدُرَ مِثلُ هذا الرأيِ من مُشتَغل بالعلمِ مُنتَسبٍ إليهِ، مُتصدٍ للفَتْوَى وَبيانِ شَرائعِ الإسلامِ، فتَتوالى وتتواطَأُ الكُتُبُ والرسائلُ تأتي جَميعاً في سِياق التهويلِ والتعظيمِ، مُورِدَةً على المسلمينَ الحَرَجَ، خارِجَة في أكثَرِ الأحيانِ عن مَتهَجِ البَحثِ، ومُعمِلَة قواعِدَ النظَرِ، ومُتعديَة أدَبَ الفِكرِ، يَنطَلِقُ الكاتِبُ فيها من فِكرَة مُسلمَةِ لديهِ، بل لو قلتَ: من عَينِ الحَقيقَةِ عتدَهُ لم تُباعِد، فيأتي بَحثُهُ دِفاعاَ عَنِ الفِكرَةِ، لا طَريقاَ لاستِفادَةِ الحُكمِ.
لِذا منَ المقصودِ أصالة بهذا النقاش الإيقافُ على الحُكمِ الشَرعي، وقَدرِهِ في الأحكامِ، دونَ المبالَغَةِ وَلا التَّجاوُزِ، مُنطَلقاً من مُسلماتِ الأصولِ، مُتجرداً لِما تَقودُ إليهِ خلاصَةِ البَحْثِ.
كَما أن لي من مِثلِ هذاِ النقاش مآرِبَ أخرَى، هِيَ مُنبهات وإيقاظات وَمعالم على الطريقِ، مِن أهَمها ما يلي:
أولاً: تَجرئةُ أهلِ العلمِ على العَمَلِ على إعادَةِ النظَرِ في كُل ما يَرجِعُ إلى الاجتِهادِ في تَحريرِ حُكمِهِ، وعَدَمِ الخُضوعِ للاجتِهادِ السابقِ كحُكم مُسلَّم، فذلكَ إنما بُنِيَ على نَظَر، ولا يَخلو من أن يَكونَ متأثِّراً بزَمانِ ومَكانِ وحالِ من صارَ إليهِ.
ثانياً: الإبانَةُ عن حُكم من أحكامِ شَريعَةِ الإسلامِ المتعلقَةِ بأفعالِ المكلفينَ من مُتطَلَقِ اعتِبارِ الشموليةِ فيها، حيثُ جاءَت لتَستغرِقَ الحياةَ بتَفاصيلِها، وَذلكَ بإبرازِ مَنزِلَةِ ذلكَ الحُكمِ وقَدرِهِ وُجوباً، أو نَدباً، أو حُرمَة، أو كَراهة، أو إباحَةَ، وإظهارِ مَحلهِ وَدَرَجَتِهِ في التطبيقِ والامِتثّالِ.
مَعَ مُلاحَظَةِ أن جَميعَ أحكام الشريعَةِ واجِبَةُ القَبولِ، لا يُحَقرُ منها شَي: صَغيرِها وَكَبيرِها، فالًذي علَّمنا أن أصلَ الأصولِ (لا إلَهَ إلا اللّه)، هُوَ الذي علمنا استِحبابَ إماطَةِ الأذَى عَنِ الطريقِ، وعَدَّ الجَميعَ مِن شُعَبِ الإيمانِ.
عَن سَلمانَ الفارِسي، رَضِيَ اللهُ عنهُ، قيلَ لَهُ: قَد عَلَمَكُمْ نَبِيكم
5865.imgcache.jpg
كُل شَيء حَتى قضاء الحاجة، قالَ: فَقالَ: أجَل، لَقَد نَهانا أن نستَقبِلَ القِبلَةَ لغائطِ أو بَول، أو أن نَستنجِيَ باليَمينِ، أو أن نَستنجِيَ بأقَل مِن ثَلاثَةِ أحجار، أو أن نَستنجِيَ برَجيع أو بِعَظمِ.
فهكَذا نُؤْمِنُ أن هذا الدينَ كَما علمَ أصولَ الإيمانِ وَقَواعِدَهُ علمَ فُروعَهُ وشُعَبَهُ، وكَما علَمَ العَقيدَةَ علمَ الأدَبَ، وكَما علمَ الصلاةَ علمَ الصِّلاتِ، حتَى استَغْرَقَ بِبَيانِهِ وشُمولِهِ كُل شَيء، فهُوَ الدٌينُ الكامِلُ الَذي لم يَدَعْ بَعْدَهُ لمستَدركٍ قَولًا، إذ ليسَ من شَيءِ خَلا متهُ حُكمُهُ.
ثالثاَ: إبرازُ الاعتِمادِ على الأدلَةِ الشرعيةِ من الكِتابِ العَزيزِ والسنَنِ النبويةِ لتَكونَ دائماً عتدَ مَن يؤمنُ باللهِ وَاليوم الاَخِرِ مَرجعيةَ الأحكامِ، وإليها تَستنِدُ آراءُ المجتهدينَ والحُكامِ، إذ هِيَ الحَكَمُ الفَصلُ فيما تَنازَعَ فيهِ الناسُ.
رابِعاَ: الإعلامُ بضَرورَةِ تَحريرِ صَحيحِ السنةِ، دَفعاَ للتعلقِ في الاَراءِ بِما لا أصلَ لهُ في الوَحيِ، أو بظَن ضَعيف مَرجوح لا يَحْسُنُ أن يُبنَى عليهِ رأيْ. وتَحريرِ النَّقلِ عَن عُلَماءِ الأمةِ، فكَم من رأي حُكِيَ عن إمامِ على غَيرِ وَجهِهِ؟ وكَم مِن إجماع ادُعِيَ فلا تَجِدُ إلا ما يَدل على نَقْضِهِ؟
خامِساً: إشعارُ المتعرٌضِ لإبانَةِ شَرائعِ الدينِ بان الثباتَ على التَقليدِ يُنافي التجديدَ، والخِلافَ لا يُرَد إلى الخِلافِ، والرأيَ قوي بحجتِهِ لا بقائِلِهِ. كَذلكَ، لا فِقْهَ مَعَ التِزامِ ظَاهِرِ الألفاظِ دونَ مَعانيها، ولا مَعَ التعلقِ بقَريبِ دَلالَتِها دونَ مَقاصِدها وَمَراميها. هذهِ المقاصِدُ وسِواها من بابِها ومَعناها، على مِثلها أقمتُ تَحريرَ هذهِ المساْلَةِ، مُستدلاً بثابتِ الخَبَرِ، ومستعملاً بَراهينَ النظَرِ.
كَما زِدتُ الاستِئناسَ بالآثارِ المرويةِ عن عُلماءِ السلَفِ، من الصحابَةِ والتَابعينَ، ثُم عن فُقهاءِ الأمةِ بَعدَهم، كالفُقَهاءِ الأربَعَةِ وأتْباعِهم وغَيرِهم من عُلَماءِ الملةِ والدينِ، ولا أرَجحُ مَذْهباً اْو رأياَ إلا بحسَبِ ثِقَلِهِ في ميزانِ الأثَرِ والنظَرِ.
فتَحَ اللهِ علينا وعليكَ، ورَزَقَكَ الاتصافَ وحسننَ القَصدِ ، ولم يَحرِمنا القَبولَ عندَهُ بمنهِ وفَضلِهِ.
والحمدُ للهَ أولاً وآخراً.

2- تفسير اللحية
اللِّحيَة في كَلامِ العَرَبِ واستِعمالِها:
لا يُختَلفُ في أن اللحيَةَ اسم للشعرِ النابتِ في مَحل في وَجهِ الرجُلِ. وَلا يُختَلَفُ أن ما نَبَتَ مِنَ الشعَرِ بَينَ الأنفِ والشفَةِ العُليا هُوَ (الشَارِبُ)، وهُوَ غيرُ اللحيَةِ، وما نبَتَ على أجفانِ العَينِ (هُدب)، وما نَبَتَ على أسفَلِ الجَبينِ فَوقَ العَينينِ (الحاجِبانِ)، وليسَ من هذا شيء يتصِلُ بمُسمى اللحية.
وإنما بَقِيَ ما سِوَى ذلكَ مِما ينبُتُ في وجه الرجل من الشعَرِ: ما يَتبُتُ على ذَقَنِهِ، وعارِضَيهِ أو خَديهِ، وعَتفَقَتِهِ وهِىَ ما تَحتَ الشفَةِ السفلى فَوقَ الذقَنِ.
لا يُختَلَفُ أن الشعرَ النابِتَ على الذَّقَنِ لحية، والذقَنُ: "مجتمع اللحيَينِ من أسفَلِهما" (القاموس المحيط: مادة "ذقن").
وإليهِ صارَ في تفسير اللحية بعض الفُقهاءِ الشافعية، وَقَصَرُوا مَعناها عليهِ، وَلم يدرجوا فيها ما يَنبُتُ على العارِضَيْنِ أو العنفقة، فَقالُوا فيها: "الشعر النابت على الذقَنِ خاصة".
وأدَق منه في تفسيرها: أنها ما نَبَتَ على اللحي، حَيثُ سميت (اللحية) بذلكَ لكون اللحي مَنبِتها، فاستُفيدَ اسمُها من اسمِ مَحل نَباتِها ، وَ (اللحيانِ): حائِطا الفَم، وَهما العَظمانِ اللذانِ فيهِما الأسنانُ من داخلِ الفَم من كل ذي لَحي .(لسان العرب)
وَ (اللحي) الذي يَنْبُتُ عليهِ العارِضُ. (لسان العرب)
وَالأصل في (العارِضِ): ما يَتبُتُ على عُرضِ اللحيِ فَوقَ الذَقَنِ.
قلتُ: فهذا يَدل على أن اللحي هُوَ العَظمُ الذي يَتتَهي مِن أعلى إلى الصدغ، والصدغ: ما اتحَدَرَ مِنَ الرأس إلى مُرَكبِ اللحي.
ويسمى ما يَنْبُتُ مِنَ الشعر على ما دونَ الصدغ مما يَكونُ عَلى جانِبِ الوجه أيضا (العِذار)، وهُوَ أول ما ينْبُتُ للأفرَدِ في الغالبِ، ورُبَّما أطلِقَ (العِذارُ) على (العارِضِ) ، فيَكونُ اللفظان اسما لِما يَنْبُتُ مِنَ الشعر على اللحيين الذينِ هُما جانِبَا الوجه. وَحاصِلُ هذا يدل على أن اللحية لَيسَتِ مَقْصورَة في استِعمالِهم على الشعر النابِتِ على الذقَنِ، وإنما يَدخل فيها الشَعْرُ النابت على العَظْمَيْنِ في جانِبَي الوجه أيضاَ.
قالَ ابنُ دريد: "اللحية: اسمْ يَجْمَعُ ما على الخدين والذقَنِ مِنَ الشَعْرِ" .
قلتُ: والتَعبيرُ الأدق بِناء على المقدّمَةِ السالِفَةِ أن يُقالَ: اللحية: اسمٌ يَجمع ما على اللحيين والذقَنِ مِنَ الشعر. أما إدخال عُموم (الخدين) في مَنْبِتِ اللحية فتوسع لم أرَ لَهُ شاهِدا في كَلامِهم، فإن غَيرَ العارِضَينِ مِنَ الخَدَّينِ ليسَ مَنْبتا للشعر في الأصْلِ. وَاختِيارُ الحنفية وَالمالكية في تَفسيرِ (اللحية) على هذا الذي بينت عَنْ أهل الفقه أظْهَرُ من اختِيارِ غَيرِهم، حيثُ عدوا الشعر النابِتَ على جانِبَي الوجه على ما بينَ الذَّقَنِ والصْدغ لحيةً، وألْحَقَهُ غيرُهم كالشافِعيةِ والحَنابِلَةِ بأحِكامِها في الوُضوءِ تَبعاَ.
قالَ ابنُ نُجَيمِ عن أصحابهِ الحنفية: "ظاهِرُ كَلامِهم أن المرادَ باللحية: الشَّعرُ النابِتُ على الخدينِ: مِن عِذارٍ وعارض، والذقَنِ ". (البحر الرائق)
وَقالَ الدرديرُ في "شرح مُختَصَرِ خليل" في فقهِ المالكية: "هِيَ الشعر النابتُ على اللحيينِ".
وَهَلِ الشعر النابت عَلى العَتفَقَةِ- وَقد يسمى (العَتفَقَةَ) أيضاَ- مِنَ اللحية؟
ظاهِرُ كَلام اللُّغويينَ أنها لَيسَت لحية، كَما قالَ في "القاموسِ المحيط": "شُعَيرات بينَ الشَفَةِ السفلَى وَالذقَنِ ".
وَعلى ما تقدم في تَفسيرِ (اللحية)، فإن ما نَبَتَ مِنَ الشعرِ على غيرِ الذقَنِ واللحيَينِ فليسَ بلحية.
ووجدتُ في رِوايَةٍ لحَديثِ أنسِ بنِ مالكٍ ، رَضِيَ الله عنهُ، في صِفَةِ النبي
5865.imgcache.jpg
إلحاقَها باللحية، فعَنهُ: أن النبي
5865.imgcache.jpg
لم يَخْضِب قَط، إنما كانَ البَياضُ في مُقدم لحيتِهِ: في العَتفَقَةِ قَليلا، وفي الرأس نَبْذ يَسيرُ لا يَكادُ يُرَى.
قلتُ: لكن هذا غَيرُ مُسلَّمٍ ، لمَجيءِ اللفظِ في رِوايَة أخرَى صَحيحَةِ: كانَ البَياضُ في مُقدم لِحْيَتِهِ، وَفي العَتفَقَةِ، وَفي الرَّأسِ. الحديثَ.
فغايَرَ بَينَ العَتفَقَةِ وَاللحية.

خلاصَة تَعريف اللحية:
يتحصَلُ مِمَا تقدم بَيانُه الاَتي:
أولا: اللحية هِيَ: الشَعْرُ النابت على الذقَنِ والعارِضَينِ مِن وَجهِ الرَجُلِ.
ثانياَ: ليسَ مِنَ اللحية: ما يَتبُتُ على العَنْفَقَةِ، وما يَنْبُتُ مِنَ الشعر على الخَد غَيرِ العارِضَينِ، والشعر الذي يَنْبُتُ على الرَّقَبَةِ خارِجا عَن حَد عَظمَي الفَحِيَينِ والذقَنِ.
 
3- حكم إعفاء اللحية في دلالة النصوص الثابتة

أولا: دلالة النصوص الواردة في صفة لحية النبي
5866.imgcache.jpg

الأحاديثُ الوارِدَةُ في صِفَةِ رَسُولِ اللهَ
5866.imgcache.jpg
الخَلقيةِ وَصَفَت لحيَتَهُ بأنها:
ا- كَثة.
والمعنى: كَثيرةُ الشعر بكَثرَةِ أصولِها مَعَ قِصَير فيها وجُعودَة.
قالَ أبو عُبَيد القاسِمُ بنُ سَلام في شرح هذه اللفظَةِ: "الكُثوثَةُ: أن تكونَ اللحية غَيرَ دَقيقَةٍ وَلا طَويلَةِ، ولكِن فيها كَثاثَةَ مِن غِيرِ عِظَمِ وَلا طُولٍ " (المعجم الكبير للطبراني).
وقالَ ابنُ أبي ثابِتٍ اللغوي: "يقالُ للحية إذا قَصُرَ شعرها وَكَثُرَ: أنها لَكَثةْ".
وفي "القاموسِ " (مادة "كثث"):، كَثت اللحية كَثاثَة وكُثوثَةَ وكَثَثاً: كَثُرَت أصولُها، وَكَثُفَتْ، وَ قَصُرَتْ، وَجَعِدَتْ ".

2- كَثيرةُ الشَعرِ.
وهذه الصًفةُ تناسَبَتْ معَ الوَصفِ السابِقِ كما تقدم في معناهُ.

3- ضَخمَة.
والضخامَةُ: العِظمُ. قالَ ابنُ فارِسٍ في (مقاييس اللغة): "الضادُ والخاءُ والميمُ أصل صحيح يدل على عِظَم في الشيءِ".
وهذا دال على أن لحية التَبي
5866.imgcache.jpg
كانَت عَظيمَةَ، لكن العِظَمَ معنى مجمَلْ يحتاجُ إلى تفسيرِ، وأحسن ما يُفيدُ حقيقَتَهُ إعادَةُ إجمالِهِ لما تضمنَتِ الأوصافُ الأخرى مِنَ الدلالةِ الواضِحَةِ.

4- حَسَنَةْ.
والحسنُ جمالُ الهَيئَةِ والصورَةِ، وجائز أن يكونَ ذلكَ في خَلقِها ونَباتِها، كما يجوزُ أن يكونَ مِن جِهَةِ عنايَتِهِ
5866.imgcache.jpg
بِها، والمعنَيانِ مُجتَمِعانِ مُتصوَرانِ في صِفَةِ النبي
5866.imgcache.jpg
.
فأما حُسنُهُ الخَلقي
5866.imgcache.jpg
فقد دلت عليهِ نُصوصْ صَحيحَة، منها حديثُ البَراءِ بنِ عازِبٍ ، رَضِيَ اللهُ عَتهُ، قالَ: كانَ رَسُولُ اللّهَ
5866.imgcache.jpg
أَحْسَنَ الناسِ وجهاً.
وفي روايةِ: سُئِلَ البَراءُ: أكانَ وجه النبي
5866.imgcache.jpg
مِثلَ السَّيفِ؟ قالَ: بَل مِثْلَ القَمَرِ (حديث صحيح).
وعَنْ جابِرِ بنِ سَمُرَةَ قالَ: كانَ رَسولُ اللهَ
5866.imgcache.jpg
قد شمط مقدم رَأسِهِ ولحيتِهِ، وكانَ إذا ادهَنَ لَم يَتبَين، وإذا شَعِثَ رَأسه (تفرق شعره و انتشر) تبيْن، وكان كَثيرَ شعر اللحية. فقالَ رَجُلٌ : وجههُ مِثلُ السيفِ؟ قال: لا، بك كان مِثلَ الشمسِ والقَمَرِ، وكانَ مستَديرا، ورأيتُ الخاتَمَ عِتدَ كَتِفِهِ مِثل بيضة الحَمامَةِ يُشبِهُ جَسَدَهُ (حديث صحيح).
فهذا حُسنُ صِفَتِهِ الخَلقيةِ
5866.imgcache.jpg
، أما اعتِناؤهُ بهَيئَتِهِ وإكْرامُهُ لشعرهِ فهُوَ الآمِرُ لأمتِهِ بذلكَ، وما كانَ كذلكَ فهُوَ أولى الناسِ بهِ.
وذلكَ كما ثَبَتَ عَنْ أبي هُرَيرَةَ، أن رَسولَ اللّهَ
5866.imgcache.jpg
قالَ: "مَن كانَ لَهُ شعر فَلْيُكرِمْهُ".

5- وكانَت لحيتُهُ
5866.imgcache.jpg
تملأ ما بينَ صُدغَيهِ حتى تكادَ تَمْلأ نَحرَهُ.

الصدغانِ في مَعناهُما أقوال:
(1) هما الموضِعانِ من جانِبَي الرأس حيثُ يلتَقي شَعْرُ الرَأسِ وشعرُ اللحية.
(2) هُما ما بينَ لِحاظَي العَينَينِ إلى أصلِ الأذُنِ.
(3) هُما ما انحَدَرَ مِنَ الرأس من جانِبَي الوجه إلى موضِعِ الماضغِ الذي يتحركُ إذا مَضَغَ الإتسانُ.
(4) مَوْصِلُ ما بينَ اللحية والرأس إلى أسفَلَ من القَرنَيْنِ، والقَرنانِ حَرفا جانِبَي الرأس.

وَهذه المعاني غيرُ مُتخالفةِ، فأتمها آخِرُها، وما قَبْلَهُ من بابِ تسميَةِ الجُزْءِ باسمِ الكُل، أو تكونُ جميعا من بابِ المُشتَرَكِ الذي يُعينُ المُرادُ بهِ بالقَرينَةِ.
وما جاءَ في صِفَةِ لحية النبي
5866.imgcache.jpg
أنها كانَت تَملأ ما بينَ صُدغَيهِ حتى تكادَ تملأ نَحرَهُ مُفسَّرٌ بنَفْسِهِ، وأن الصدغينِ فيهِ جانِبا الوَجْهِ إلى أسفَلَ مِنْ حرفي جانِبَي الرأس، وفيهِ كثافَةُ الشعر مِن أسفل جانِبَيِ الرأس، ثم تَتزِلُ طولًا حتَى تكادَ تَملأ منهُ النحرَ، والنحرُ موضِعُ القِلادَةِ حيثُ تكونُ الثُّغرَةُ أسفل الرََّقَبَةِ وفوقَ الصدرِ.
فالبينيةُ الممتلِئَةُ إنما هي ما بينَ الجانِبَينِ من أسفل حيثُ تنحَدِر اللحية مِنَ الوجه.
وهذه هي ضَخامَةُ لحيَةِ النبي
5866.imgcache.jpg
، وهوَ الذي كانَ يُهيئُ لمَن خَلفَهُ في الصلاةِ أن يَعْلَمَ بحرَكَتِها أنه يقرَا في السريةِ حيثُ كانَت لضَخامَتِها ومَلئِها ما بينَ الصُّدْغينِ يراها مَن خَلْفَهُ مِنَ الجانِبَينِ.
وحيثُ إنها تكادُ تملا نَحرَهُ فيهِ إشارَة إلى طولِ المتحدرِ منها بِمِقْدارِ دونَ بُلوغِ الصَّدرِ، فإنها لو بَلَغَتِ الصدرَ لَغَطتِ النحرَ، وهِيَ لم تكُن تملأ النحرَ إنما تُقارِبُ، وكانَ ذلكَ الطولُ كافِيا لإمكانِ الأخذِ بها أو القَبضِ عليها عتدَ الاهتِمامِ، كما أن ذلكَ الطولَ معَ الكثاثَةِ يُناسِبُ تخليلَها عتدَ الوُضوءِ.
هذه صِفَةُ لحية النبيً
5866.imgcache.jpg
التي ثَبَتَت بذِكرها الأخبارُ.
ولفا كانَ نَباتُ اللحية أمرا فِطرِيا خَلقيا يَستَوي فيهِ جِتسُ الرًجالِ، لم يَكُن يصلُحُ أن يُعَد مُجردُ أن النبي
5866.imgcache.jpg
كانَت لهُ لحية دَليلا على أنها مِن شَعائِرِ الدينِ.
نعم، في إبقاءِ النبي
5866.imgcache.jpg
لها دليلْ على أنها جائِزَة حَسَنَة، فإنَّه
5866.imgcache.jpg
لا يَفعلُ القَبيحَ، وهذه قاعِدة في الأفعالِ والتروكِ الجِبِلِّيةِ مِمَا لا يتصِلُ بخِطابِ التكليفِ، فإن أدنى دَرجاتِهِ إباحَةُ ذلكَ الفِعلِ أو التركِ لمُجردِ أن النبي
5866.imgcache.jpg
فَعَلَهُ أو تَرَكَهُ، إذْ لو كانَ فيهِ محذور لفعَلَ خِلافَهُ. كَذلكَ، كانَتِ اللحية عادَةَ جارِية في الناسِ قَبْلَ الإسلامِ، واستَمرت بعدَهُ، ولم يكُن وجودُها بمُجزدِهِ دَليلا على إسلامِ صاحِبِها، فَضلًا عَنْ أن تكونَ دَليلا على تقواهُ وصَلاحِهِ.
فَقَد قالَ اللهُ تعالى مِن قَبْلُ عَن هارونَ عليهِ السلامُ في قولهِ لأخيهِ موسى عليهِ السلامُ: (قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي..) طه: 94،
فهذا رَسولَ مِن رُسُلِ اللهِ كانَت لهُ لحية.
وعَن أَنَسِ بنِ مالكِ، رَضِيَ اللّهُ عتهُ، قالَ: قالَ النبي
5866.imgcache.jpg
يومَ بَدر: "مَن يَتظُرُ ما فَعَلَ أبو جَهلِ؟ " فاتطَلَقَ ابنُ مَسعودٍ فوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابنا عَفْراءَ حتى بَرَدَ، فأَخَذَ بِلحيتِهِ، فقالَ: أَنتَ! أبا جَهلِ، قالَ: وهَل فَوقَ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَومُه أو قالَ قَتَلتُمُوهُ؟ (حديث صحيح).
فهذا عَدُو اللّهِ أبو جَهل كانَت لَهُ لحية. وفي حَديثِ أُم سَلَمَةَ في قِصَةِ الهِجرَةِ إلى الحَبَشَةِ حينَ قرا جعفرُ بنُ أبي طالِبِ صَدرا مِن سُورةِ مريم على النجاشِيِّ، قالَتْ: فبَكى وَاللهِ النجاشِي حتَى أَخْضَلَ لحيتَهُ .
فهذا النجاشِي مَلِكُ الحَبَشَةِ كانَ نصرانِيا، وكانَت لَهُ لِحْيَةٌ .
وعَنْ جابِرِ بنِ عبد الله، قالَ: أُتِيَ بأَبي قُحافَةَ يومَ فَتْحِ مكَّةَ ورَأْسُهُ ولحيتُهُ كالثغامَةِ بَياضا، فقالَ رَسُولُ اللّهَ
5866.imgcache.jpg
ِ: "غَيروا هذا بِشَيءٍ واجْتَنِبُوا السو ادَ ".
فهذا أبو قُحافَةَ والِدُ أبي بكْرٍ الصًدًيقِ أُتِيَ بهِ ليُسْلِمَ يومَ الفَتْحِ وهوَ على تلكَ الصًفَةِ، فكانَ ذا لحية في الجاهليةِ والإسْلامِ.
وهذه أمثلة تَحكِي واقِعَ الناسِ يومَئذٍ ، كانَت اللحيةُ عنْدَ الرجالِ عادةً جارية وحالَا مُتبَعا، عتدَ مُسلِمِهم وكافِرِهم، سِوى ما سيأتي ذكرُهُ عَنِ المجوسِ فإنَّهم رُبما كانُوا يَحْلِقونَها عادةَ لَهم.
فهذا المقدارُ مِما يتصلُ باللحية لا يَدل على اعْتبارها منْ شعائر الدِّينِ.
فإنْ قيلَ: نَعَمْ كانَت كذلكَ، لكن جاءَت شَريعَة الاسلام بنقْل تلْكَ العادَةِ إلى شَعيرةٍ بأمرِ رَسُولِ اللهَ
5866.imgcache.jpg
بِها.
قلت: موضِعُ تقريرِ ذلكَ الكلامُ على النوعِ الثاني من الأحاديث الثابتَةِ في اللًحيةِ مِنَ السننِ القوليةِ، وسيأتي بيانُ وُجوه دلالاتها، لكنْ المقامَ هُنا في تحريرِ دلالةِ الصفَةِ النبويةِ، فإنه قَد ظَهر انها كانت من بابِ العادَةِ، وأنه لا يُعرَفُ رجُلٌ دخَلَ الإسلامَ على عَهد النبي
5866.imgcache.jpg
كان يَحلِقُ لحيتَهُ، فلمَا أسلَمَ أعفاها، وإنما كانَت عادةَ المسلمين وغيرهم، ولم تكُن بمُجرَدِها علامةً على إسلامِ ولا تَقوَى ولا دين.
نَعَمْ، استَفَدنا مِن صِفَةِ لحية النبي
5866.imgcache.jpg
أدنى ما يكون من المشروعيةِ، وهُوَ إباحَةُ اتخاذِ اللحية لا غَير، أما ما يزيد على الإباحةِ فهذا مِما يُطْلَبُ مِن أدلةِ أُخْرى، فتأمل ما سيأتي في المحور الثاني.

4-الكلمة الأخيرة

بَعدَ هذِهِ الدِّراسَةِ المستَوْعِبَةِ المستَعرِضَةِ بالتحقيقِ والتنقيحِ للنُّصوصِ في مَوضوعِ (اللحية) من السنَنِ والآثارِ، مَعَ اعتِبارِ بَيان أهلِ العلمِ وخِلافِهم، يَنتَهي بي هذا البَحثُ بخُصوصِ ذلكَ إلى النتائج التالِيَة:

أوّلا تَعريفُ اللحية:
اللحية هِيَ الشعر النابِتُ على الذقَنِ والعارِضَينِ من وجه الرجل.
وليسَ منها ما يَتبُتُ شاذا على غير العارِضَينِ من الخدين، ولا شعر العَتفَقَةِ، ولا ما ينبُتُ أسفَلَ الذقن على الرقَبَة، فليسَ ذلكَ لحيَةً.

ثانياً: خلاصَةُ الدراسَةِ الحديثيةِ:
ا- ما ثَبَتَ بهِ النقلُ في صِفَةِ النبيٌ
5866.imgcache.jpg
، أنه كانَ لهُ لحية، مَوصوفَة بكونِها: حَسَنَة، كَثة، ضَخمَة، كَثيرَةَ الشعر: تَملا من الصدْغِ إلى الصدغ حتَى تَكادُ تملا نَحرَهُ، وَكانَ يأخُذُ بها إذا اهتَم، وُيخلًلُها بالماء إذا تَوضا، وَيعرِفُ مَن خَلفَهُ في الصلاةِ السريَّة أنه يَقرا فيها بِما يَرَونَهُ من حَرَكَةِ لحيتِه
5866.imgcache.jpg
.
2- الأحاديثُ القوليَّةُ الآمِرَةُ بإعفاءِ اللحية ثَبَتَتِ الرٌوايَةُ بِها عَن ثَلاثَةِ من الصحابَةِ، في ثَلاثَةِ أحاديثَ: عَن عبد الله بنِ عُمَرَ، وأبي هريرة، وأبي أمامَةَ الباهلي.
وهذهِ الأحاديثُ الثلاثَةُ جَميعا جاءَت بالأمرِ بإعفاءِ اللحية وقَص الشَاربِ، مُعللة الأمرَ بمُخالَفَةِ من يفعَلُ عَكسَ ذلكَ بهما من غيرِ المسلمينَ.
3- مارُوِيَ في عَد اعفاءِ اللحية مِن سُنَنِ الفِطرَةِ لا يَثْبُتُ منه شيءٌ من جِهَةِ الروايَة.
4- الأحاديثُ المرويةُ عَنِ النبي
5866.imgcache.jpg
في الأخذِ مِنَ اللحية، لم يَثبُت منها شَيئ.
5- الآثارُ المرويةِ عَنِ الصحابَةِ في شأنِ اللحية جاءَت عن نَفَرِ كَثيرِ منهُم بإعفائها صَراحَة.
6- الأخْذُ منها وتَهذيبُها وتَحسينُ هيئَتِها ثَبتَ عَنِ الصحابَةِ العَمَلُ بهِ، وذلكَ في دلالَةِ النقولِ الثابِتَةِ عن جُمهورِهم، وكَذا عَنِ التَابعينَ، وعليهِ مَذاهِبُ الفِقْهِ المتْبوعَةُ، دونَ نَكيرٍ من أحَدٍ البتَةَ، فذلكَ جارِ على طَريقَةِ مَن يحتج بالإجماعِ السُّكوتي.
ولم أجِدْ مَن ذَكَرَ مَتعَ مَسًها وتَهذيبِها في رأي مَن سَلَفَ، سِوى شَيء شاذ مُحدَثِ في زَمانِنا.
7- وَمِنَ السلَفِ مَن كانَ يأخُذُ منها بحَد، كأخْذِ ما فَضَلَ عن قَبضةِ الكَف، وتَوقيتِ كالحج والعُمرَةِ، ومنهم مَن كانَ يأخُذُ منها دونَ اعتِبارِ حَد وَلا تَوقيت، حيثُ جاءَ النقْل عنهم بالإطلاق، ومنهم مَن ثَبَتَ عنهُ اْيْضا شَرعيةُ الأخذِ من العارِضَين.
8- كَما دَل الاستِقراءُ للنقلِ أن إعفاءَ اللحية مِما جرى في عرف الناسِ قَبلَ الإسلامِ، ولم تُلغه شَريعَةُ الإسلامِ، وإنما ابقته على ما جَرَى بهِ العُرفُ.
9- وَدَل الاستِقراءُ أيضا على أن حلقَ اللحية اختِيارا من صاحِبِها لم يُذْكَر عن صَحابيً ولا تابعي، ولا يُعرَفُ في المجتَمَعِ الإسلامي في صَدرِ الإسلام.
10- مَذاهبُ الفِقهِ المتبوعَةُ عتدَ أهل السنةِ في شأنِ إعفاءِ اللحية لم يأتِ في شَيءٍ منها إباحَةُ حَلْقِ اللحية، وإنما فيهِ عِتدَ أكثَرِهم وَجهانِ: أولهما: كَراهَةُ حَلقِها، وُيقابِلُهُ: نَدْبُ إعفائها، وهذا أحَد الوجهينِ للمالكية والشافعية والحَنابِلَةِ.
وثانيهما: تَحريمُ حَلقِها، ويُقابُلُه: وُجوبُ إعفانها، وهُوَ مَذهَبُ الحنفية، والوجه الاَخَرُ للمذاهِبِ الثلاثَةِ السابِقَةِ.

ثالثاً: خلاصَةُ الدِّراسَةِ الفقهيةِ:
ا- دلً اتخاذُ النبي
5866.imgcache.jpg
للحية الحَسَنَةِ على مَشروعيتِها لاباحَتِها، وَيكونُ فَضيلَة إذا اقتَرَنَ بقَصدِ المشابَهَةِ للنبي
5866.imgcache.jpg
.
2- دَلالَةُ النُّصوصِ الآمِرَةِ بإعفاءِ اللحية لا تتجاوَزُ الاستِحبابَ عنْدَ ؤجودِ مُقتَضي المخالَفَةِ لغيرِ المسلمينَ؟ من أجلِ أن تلكَ المُخالفَةَ فيما يَرجِع للمظاهِرِ والهَيئاتِ، ومنها اللحية، لم تُساعِدِ النصوصُ في حُكْمِها في الدلالَةِ على أكثَرَ من الندْبِ، وإنما يُسْتَثنى حالُ مَن يَقصِدُ مُشابَهَةِ غيرِ المسلمينَ في هيئَتهم الظاهِرَةِ بحلقِ اللحية، دونَ مُقتَضى لتلكَ المشابَهَةِ، فذلكَ قَصْدْ مُحرَّمٌ .
3- العُرْفُ مؤثرْ في بابِ العاداتِ، والسُّنةُ في العُرفِ مُجاراتُهُ إلَا في مُخالفَةِ الشرعِ، وحَيثُ قُلنا باستِحباب إعفاءِ اللحية بعلَّتِهِ، فلا يوصَفُ تَركُ المندوبِ بكونهِ مُخالفةَ للشَرْعِ.
وعليهِ، فلو شاعَ عُرفُ المسلمينَ في مَكانٍ بحَلْقِ الرجالِ لِحاهُم، وأصبَحَ إعفاءُ اللحية شُذوذا وشُهرَة، فمُوافَقَةُ العُرْفِ أوفَقُ للسنةِ، إذ لا يُحقَقُ إعفاءُ اللحية حينئذ مَصلحة مَقصودَةَ للشرعِ، وهُوَ إعفاؤُها إظهارا لتميُّزِ للمسلِمِ، وحيثُ إن الحُكمَ المعللَ بعلة يَدورُ مَعَ علَتِهِ وجودا وعَدما، وانتَفَت العلةُ هُنا إذ انتَفَت مصلحَةُ التميزِ، فتَسقُطُ بذلكَ فائِدَةُ الامتِثالِ للأحاديثِ الثلاثَةِ الآمِرَةِ بإعفاءِ اللحية.
4- القُدرَةُ والتمكُنُ والأمنُ على النفسِ أشياء مُعتَبَرة لامتِثالِ إبرازِ المخالَفَةِ لغيرِ المسلمِ في الهيئَةِ الطاهِرَةِ، وَقَد يَقتَضي حالُ المسلمِ في مَكانٍ أو زَمانِ أن يُظهِرَ مُوافَقَةَ غيرِ المسلمينَ من أهل بيئَتِهِ في العلامَةِ الظاهِرَة، فيسقُطُ في حقهِ مَشروعيةُ المخالَفَةِ في ذلكَ، بل لا يكونُ مَذموما حتى مَعَ قَصدِ المشابَهَةِ لهم إذا كانَ يَفْعَلُ ذلكَ لمصلَحَةِ راجِحَةِ له في دينِهِ، إذ الأمرُ الشرعي بذلكَ وَردَ في ظَرْفِ التمكُنِ.
5- لو شاعَ إعفاءُ اللحية من مُسلم وَغيرِهِ في مُجتَمَعٍ ، لم يؤمر المسلمُ بالحلقِ مُخالَفَة لغيرِه، وإنما يُطلَبُ التميزُ بشَرطِهِ (وهُوَ التمكن) بغيرِ ذلكَ من الهَيئاتِ، وَلا يَكونُ إعفاءُ اللحية حينئذِ من تلكَ العلاماتِ الفارِقَةِ المطلوبَةِ، وذلكَ مِن أجلِ أن الحُسنَ في اتًخاذِها ذاتي، لِذا اتخَذها النبي
5866.imgcache.jpg
في الوَقْتِ الذي كانَ اتخاذُها فيهِ من عادَةِ المشْرِكينَ من أهل بيئَتِهِ.
6- الاستِدلالُ بما هُو خارج عن النصوصِ المباشِرَةِ في إعفاءِ اللحية لتَثبيتِ فَرضِ إعفائها، كادعاءِ أن حَلقَها خُروجْ عَنِ الفِطرَةِ، وأنه مُشابَهَة للنساءِ، وأنه مُثلَة، وَمُحدَثْ، وتَغيير لخلقِ اللهَ، فكلْهُ مِما بينت ضَعفه وخطأهُ.
7- اتخاذُ اللحية مِن اتخاذِ الشعر، والسنةُ لمن كانَ لهُ شعر أن يُكرِمَهُ وُيحسِنَ هَيئَتَهُ ومَنظَرَهُ، بقَص مُناسبِ، وتَرتيب وتَرجيلِ ودَهْنِ وإصلاحِ وصَنع وغَيرِ ذلكَ مِما يُوافِقُ الهَيئَةَ الحسَنَةَ، وبذلكَ جاءَت الآثارُ ومَذاهِب أهل العلمِ، كَما كانَ مَتظَرُ لحية النبيٌ
5866.imgcache.jpg
حَسَناً.
أما إهمالُها وتَركُها مُبَعثَرَة ثائِرَة فذلكَ قَبيح في المنظَرِ لا يَتناسَبُ مَعَ مَقاصِدِ الشرعِ وَغاياتِهِ، وَيقبُحُ أكثَرُ إذا كانَ صاحِبُهُ يُظهِرُ ذلكَ على أنه السنةُ، فهُو يُسيء بذلكَ إلى النبي
5866.imgcache.jpg
الموصوفِ بحُسنِ لحيتِهِ وَجمالِ مَنظَرَهِ وهَيئَتِهِ.
أما مَن رأى قُدسيةَ شعر لحيتِهِ، فيَستعظِمُ أخذَ شعرةٍ متها تَحسينا لهيئَتِها، فهذا على غيرِ هَديِ النبي
5866.imgcache.jpg
، حيثُ لم نَرَ لهذا الصنيعِ أصلَا في سُنةٍ ولا أثَرٍ ، بل وَنجدنا بعض غيرِ المسلمينَ يُعظمونَ مَس شَيءٍ من شعر اللحية دِيانَة.

وَأختِمُ هذا بالقول:
مَعَ ما بينْتُ فيم سبق، وصِرتُ إليهِ مِنَ النتائجِ، فأنا أرى- كغَيري- اللحية اليَومَ تَشيعُ في كَثيير مِنَ المتدينينَ على أنها- فيما يَرَونَ - سُنةْ، أو واجِب، أحتَرِمُ لَهُم ذلكَ، فذَلكَ منهُم فَهمٌ مَرجعهُ إلى الاجتِهادِ، وليسَ مِن حَرَج على من يَقعَلُ ذلكَ قاصِدا الخيرَ، كما لا حَرَجَ على مَن أذرَكَ ما تقدًمَ أو بعضهُ اْو قلدَ مُفتيا من عُلماءِ المسلمينَ فحَلَقَ لحيتَه معَ الدينِ والأدَبِ وحُسنِ الخُلُقِ.
وإنما الحَرَجُ على طائفَة مِنَ المسلمينَ عَظمَت هذهِ المسألَةَ وبالَغَت فيها مِمن يَرى حُرمَةَ حَلقِ اللحية، حتى أعطَوها مِنَ القُدسيةِ أن جَعَلُوا حالِقَها مُرتكبا لكَبيرَةِ، بل تَناوَلَ بَعْضُهم بهذا الوَصْفِ مَن يَعتَني بهَيئَتِها بالأخْذِ متها وتَرتيبِها.
والقول لهذهِ الطائفَة: ائتونا ببُرهانِ غيرِ ما فصلتُ في هذا البحثِ يُبلغُ هذهِ المسألَةَ ما بلغتُموها، ولا أراكُم إلا عاجِزينَ عن ذلكَ، وسَتَرجعونَ إلى نَفسِ ما بينت مُستقصِيا هُنا، وعندَئذِ أقولُ: قَد أوجَدَني النظَرُ في هذا البَيانِ غيرَ ما أوجَدَكُم، ولم تَفصِل النصوصُ في خلافِنا، فبالله عليكُم ما كانَ هذا بابُهُ من مَسائلِ الشرعِ كَيفَ يَستقيمُ وَصفُ المخالفِ فيهِ بارتِكابِ كَبيرَة!
كَذلكَ أقولُ: اتقوا اللهَ ، وكُفوا عن عَد اللحية مِيزانا تَحسُبونَ بهِ مَقاديرَ التقوى عتدَ غَيرِكُم، فكَم مِن ذي عَقْلٍ ورأيٍ ودين وَفَضلٍ لا لِحيَةَ لَهُ؟ وكَم فيمَن تَمس لحيتُهُ سُرتَهُ ألصَقُ حالًا بعبد الله بنِ أبيٌ بن سَلول؟ واللّهُ المستَعانُ!
وَما أحْسَنَ قول أبي عُمَرَ ابنِ عَبد ِالبَر الأتدَلُسي: "الشَعرُ والحَلْقُ لا يُغْنِيانِ يوم القِيامَةِ شَيئا، وإنما المُجازاةُ على النياتِ وَالأعمالِ، فرُبَّ مَحلوقِ خَيرْ من ذِي شَعْرِ، ورُب ذِي شَعْر رَجُلا صالحاَ".
وَقالَ سُفيانُ بنُ حُسَيْنٍ الواسِطيُ، وَكانَ مُؤدٌباً: أتَدري ما السمتُ الصَالحُ؟ ليسَ هُوَ بحَلقِ الشاربِ، وَلا تَشميرِ الثوبِ، وإنما هُوَ لُزومُ طَريقِ القَومِ، إذا فَعَلَ ذلكَ قيلَ: قَدْ أصابَ السمتَ.
وتَدري ما الاقتِصادُ؟ هُوَ المشْيُ الذي ليسَ فيهِ غُلو وَلا تَقصير.
نَسْألُ اللهَ أن يهْدِيَنا سَواءَ السبيلِ، وأن يَعمُرَ قُلوبنا بالعلم المورِثِ لخَشيَتِهِ، ويُعيذَنا مِن الرياءِ والنفاقِ والخُروجِ عَنِ الصراطِ المستَقيمِ، وأستَعفرُهُ من ظلْمِ نَفْسي وتَفريطي في جَتبِهِ، إنه هُوَ الغفور الرحيم.
سُبحانَكَ اللهُم وبَحَمدِكَ، لا إلَهَ إلا أتتَ، استغفرُكَ وأتوبُ إليكَ.
وَالحَمدُ للهِ رَبٌ العالَمينَ.
 
5-الأحاديث الدالة على صفة لحية النبي"ص"

ا- حديِث جابر بن سَمُرةَ
عَن جابِرِ بنِ سَمُرَةَ، رَضِيَ اللّهُ عَتهُ، قالَ: كانَ رَسولُ اللَهِ
5867.imgcache.jpg
(فذَكَرَ نَعتَ النبي
5867.imgcache.jpg
) وقالَ فيهِ: وَكانَ كَثيرَ شعر اللحية.
• حَدِيثَ صحيح.

2- حديِث علي بن أبىِ طالب
والرواية عنهُ في ذلكَ ثلاثَةُ أحاديثَ:
الحديث الأوَّل:
عَن وَلَدِهِ مُحمَّدِ ابن الحنَفيَّة، عَتهُ، رَضِيَ اللّهُ عَتهُ، قالَ:
كانَ رَسولُ اللّهَ
5867.imgcache.jpg
... كَث اللحية.
حَدِيث حَسَن.
الحديث الثاني:
عَن جُبَيرِ بنِ مُطعِم- اْو وَلَدِهِ نافِعِ- عن عَلي بنِ أبي طالِبٍ ، رَضِيَ اللّهُ عَتهُ، قالَ:
كانَ رَسولُ اللّهَ
5867.imgcache.jpg
ضَخمَ الرأس وَاللحية.
حَدِيث صحِيحٌ .
الحديث الثًالث:
عَن وَلَدِهِ عُمَرَ بنِ عَلي بنِ أبي طالبٍ ، عَتهُ قالَ:
بَعَثَني رَسولُ اللّهِ
5867.imgcache.jpg
إلى اليَمَنِ، فإنًي لأخْطُبُ يوما على الناسِ وَحَبرٌ مِن أحبارِ اليَهودِ واقِف في يَدِهِ سِفر يَتظُرُ فيهِ، فنادى إلي فقالَ: صِفْ لَنا أَبا القاسِمِ، فقالَ علي، رَضِيَ اللهُ عنهُ: رَسولُ الله
5867.imgcache.jpg
ليسَ بالقَصيرِ وَلا بالطويلِ البائنِ... (فذَكَرَ الحديثَ) حتى قالَ: قالَ علي: ثم سَكَتُ، فقالَ ليَ الحَبرُ: وَماذا؟ قالَ علي: هذا ما يحضُرُني، قالَ الحَبْرُ: في عَيْنَيْهِ حُمرَة، حَسَنُ اللحية، حَسَنُ الفَمِ، تام الأذُنَيْنِ، يُقْبِلُ جَميعا، وُيدبِرُ جَميعا، فقالَ علي: هذه وَاللَهِ صِفَتُهُ... (وذكَرَ سائرَ الحديث).
*إسنادُهُ ضَعِيف جِدا.

3- حدبث البَراء بن عازب
عَنِ البَراءِ بنِ عازِب، رَضِيَ اللهُ عَتهُ، قالَ:
كانَ رَسولُ اللَهُ
5867.imgcache.jpg
رجُلا مَربوعا، عَريضَ ما بيِنَ المَتكِبَيْنِ، كَثَّ اللحية، تَعلوهُ حُمرَة، جمتهُ إلى شَحمَتَي أُذُنَيهِ، لَقَد رأيتُهُ في حُلةٍ حَمْراءَ ما رأيتُ أحسن مِنْهُ.
*إسنادُهُ صَحِيحٌ .

4- حديث عبد الله بن عباس
عَن عوف بنِ أبي جَميلَةَ، عَن يَزيدَ الفارِسي، قالَ:
رَأَيتُ رَسولَ اللّهَ جمي! في النؤمِ زَمَنَ ابنِ عباس- قالَ: وَكانَ يَزيدُ يكتُبُ المَصاحِفَ- قالَ: فقُلتُ لابنِ عباس: إِني رَأَيتُ رَسولَ اللّهَ
5867.imgcache.jpg
في النومِ، قالَ ابنُ عباس : فإن رَسولَ اللهَ
5867.imgcache.jpg
كانَ يقولُ: "إِن الشيطانَ لا يَستَطيعُ أَن يَتَشَبهَ بي، فمَن رآني في النومِ فَقَد رآنِي "، فهَل تَستَطيعُ أن تَنْعَتَ لَنا هذا الرجُلَ الذي رَأَيتَ؟ قالَ: قلت: نعم، رأيت رَجُلا بينَ الرجلينِ، جِسمَهُ وَلَحْمَهُ، أَسْمَرَ إلى البَياضِ، حَسَنَ المَضحَكِ، أَكحَلَ العَينَينِ، جَميلَ دوائِرِ الوَجْهِ، قَدْ مَلأَت لحْيَتُهُ مِن هذه إلى هذه (وأشارَ بيَدِهِ إلى صُدغَيهِ)، حَتَّى كادَت تَمْلا نَحرَهُ، قالَ عَوْف: لا أدْري ما كانَ معَ هذا مِنَ النعتِ، قالَ: فقالَ ابنُ عباس : لو رأَيتهُ في اليَقَظَةِ ما استَطَعْتَ أن تَنعَتَهُ فَوْقَ هذا.
* إسنادُهُ صحيح.

5- حديث عبد بن أبي هالهَ التَميِمي
عَن الحَسَنِ بنِ علي، قالَ:
سَأَنتُ خاليَ هِتدَ بنَ أبي هالَةَ التَميمي- وَكانَ وَصافاً- عن حليَةِ النبي
5867.imgcache.jpg
، وَأنا اشتَهي أَن يَصِفَ لي منها شَيئا أَتَعَلَّقُ بهِ، فقالَ: كانَ رَسولُ الله
5867.imgcache.jpg
فَخما مُفَخماً... (فذكَرَ حديثا طويلًا) وقالَ فيه: كَث اللحية.
*إسنادُهُ ضَعِيف جِدا.

6- حديث أبي هريرة
عَن أَبي هُرَيرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَتهُ، قالَ:
كانَ رَسُولُ الله
5867.imgcache.jpg
... حسَنَ اللحيَة 00. (الحديث).
إسنادُه ضَعِيف جدا.

7- حديث العَدَّاء بن خالد بن هَوذَة
عَن جَهضَمِ بنِ الضحَاكِ، قالَ:
مَرَرتُ بالزَّجَيحِ، فرَأَيْتُ بهِ شَيْخاً، قالُوا هذا العَدَاءُ بنُ خالِدِ بنِ هَودَةَ، فقالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهَ
5867.imgcache.jpg
، فقُلْتُ: صِفهُ لي، قالَ: كانَ حَسَنَ السَّبَلَةِ.
وكانَتِ العَرَبُ تُسَمي اللحيَةَ السبَلَةَ.
• إسنادُهُ صالِحٌ .

من الأحاديث غير الصريحة في صفة لحية النبي
5867.imgcache.jpg

8- حديث عائشة أم المؤمنين
عَق عَلقَمَةَ بنِ وقاص، قالَ: أَخبَرَتني عائِشَةُ، رَضِيَ اللّهُ عنها، قالَت:
خَرجتُ يومَ الخَندَقِ (فَذَكَرَت قِصةَ موتِ سَعدِ بنِ مُعاذ رَضِيَ اللّهُ عنهُ) وفي آخِرِها: قالَتْ عائِشَةُ: فَحَضَرَهُ رَسولُ اللهَ
5867.imgcache.jpg
وَأبو بَكرٍ وعُمَرُ، قالَتْ: فَوالذي نَفسُ مُحمد بِيَدِهِ إني لأعرِفُ بُكاءَ عُمَرَ مِن بُكاءِ أبي بَكرِ وَأنا في حُجْرَتي، وكانوا كما قالَ اللّهُ :"رُحَمَاَءُ بينهم" الفتح: 29،.
قالَ عَلْقَمَةُ: قلت: أَي أُمَّة، فكَيفَ كانَ رَسولُ اللّهَ
5867.imgcache.jpg
يَصْنَعُ؟ قالَتْ: كانَتْ عَينُهُ لا تدمَعُ على أَحَد، ولكنه كانَ إذا وَجِدَ فإنما هُوَ آخِذ بلحيتِهِ.
*إسنادُهُ حَسَن.

9- حديث خباب بن الأرت
عَن أَبي معمر عَبدِ اللهِ بنِ سَخْبَرَةَ الأزدي، قالَ: قلت لخَبابِ بنِ الأرَت: أَكانَ النبي
5867.imgcache.jpg
يَقرأ في الظهرِ وَالعَصْرِ؟ قالَ: نعم، قالَ: قُلت: بأَيٌ شَيء كُنتُم تَعلَمونَ قِراءَتَهُ؟ قالَ: باضطِرابِ لحيتِهِ، أوفي لَفظ: بتَحَركِ لحيتِهِ،.
* حَدِيث صحيح.

10- حديِث عثمان بن عفان
عَن عُثمانَ بنِ عفانَ، رَضِيَ اللّهُ عنْهُ: أَن النبي
5867.imgcache.jpg
توَضَأ فخلَلَ لحيتَهُ.
*إسنادُهُ حَسَن.

خلاصة هذه الأحاديث:
تَبَئنَ من التُّحقيقِ المتقدم أن الأحاديثَ المذكورَةَ في صِفَةِ لحية رَسولِ اللهَ
5867.imgcache.jpg
منها الثابتُ ومِنها الضَّعيفُ المردودُ، والأحكامُ لا تُبنى إلا على النقلِ الثَّابتِ، فحاصِلُ ما ثَبَتتْ بهِ الأسانيدُ مِن ذلكَ:
أن النبي كانَت لهُ لحية، وُصِفَت بأنها:
1- كَثةٌ ، كما ثَبَتَ من حَديثِ علي بنِ أبي طالبِ والبَراءِ بنِ عازِبِ.
2- كَثيرةُ الشعرِ، كما صَح مِن حَديثِ جابِرِ بنِ سَمُرَةَ.
3- ضَخمَة، كَما صح مِن حَديثِ علي بنِ أبي طالبِ.
4- حَسَنَة، كما جاءَ في حَديثِ العَداءِ بنِ خالِدٍ .
وُيفَسِّرُ هذه الأوْصافَ أنها:
5- كانَت تَملأ مِنَ الصدغِ إلى الصُّدْغِ حَتى تكادَ تملأ نَحرَهُ، كَما صح من حَديثِ ابنِ عباس.
6- وكانَ يأخُذُ بِها إذا اهتم، كَما ثَبَتَ من حَديثِ عائِشَةَ.
7- وكانَ يُخَلًلُها بالماءِ في الوُضوءِ، كَما ثَبَتَ من حَديثِ عُثمانَ.
8- كما كانَ مَن خَلفَه يَعرِفُ أنه يقرأ في صَلاتَي الظهرِ والعَصرِ بِما يَرَونَهُ من حَرَكَةِ لحيتِهِ، كَما صح مِن حَديثِ خَبابِ بنِ الأرَت.
 
جزاك الله خير الجزاء أخى الكريم ( هيثم ) على هذا المجهود الأكثر من رائع :clap: ، جعله الله ( عز وجل) لك فى ميزان حسناتك يوم القيامة ،، بارك الله فيك وفى صالح أعمالك أخى الكريم ...
موضوع رائـــــــــع :yes: ...​
 
جزاك الله خير الجزاء أخى الكريم ( هيثم ) على هذا المجهود الأكثر من رائع :clap: ، جعله الله ( عز وجل) لك فى ميزان حسناتك يوم القيامة ،، بارك الله فيك وفى صالح أعمالك أخى الكريم ...


موضوع رائـــــــــع :yes: ...​

وجزاك الله خيرا اخى فى الله المجاهد. امين يا رب
 
عودة
أعلى