كان الحطيئة إذا لم يجد من يهجوه، يهجو أمه وزوجته وحتى نفسه.
ذات يوم خرج الحطيئة إلى قارعة الطريق يبحث هنا وهناك بحثاً عمن يهجوه فلم يجد ولما ضاق عليه ذلك كتم غيظه في صدره وأنشأ يقول:
أبت شـــفتاي اليوم ألا تكلما *** بشر فما أدري ما أنا قائله
أرى لي وجهاً شوه الله خلقه *** فَقُبِّحَ من وجه وقُبّح حامله
الحطيئة يهجو أمه...
ذات يوم وجدته أمه جالساً شارد الذهن فأرادت أن تخفف عنه فجلست إلى جواره تسأله عن سبب شروده فانطلق كالثور الهائج بعيداً عنها وهو يصرخ فيها:
تنحى واجلسي عني بعيداً *** أراح الله منك العالمــينا
ألم أظهر لك البغضاء مني *** وإنــي لا أخالك تعقليــنا
أغر بالاً إذا استودعت سراً *** وكانوناً على المتحدثينا
حياتك ما علمت حياة سوءٍ *** وموتك قد يسر الصالحينا
هجاؤه لزوج أمه
فلما رآه زوج أمه يهجوها بهذا الهجاء المقذع خرج إليه يسأله عن سبب نهره وسبه لها ويعنفه على ذلك فصرخ في وجهه هو الآخر:
لحـــاك الله ثــم لحـــاك حقـــــاً *** أبـــاً ولحــــاك من عــــــم وخال
فنعم الشيخ أنت لدى المخازي *** وبئس الشيخ أنت لدى المعالي
جمعــــت اللؤم لا حيــــاك ربي *** وأبواب الســـــــفاهة والضـــــلال
هجاؤه لضيفه
حتى ضيفه الذي له حق الإكرام أكرمه على طريقته والمرء بالذي يجود وليس عنده أغزر ولا أوفر من الهجاء فهو في سعة من السباب والسفالة وها هو نصيب الضيف منه:
وسلم مرتين فقلت مهلاً *** كفتك المرّة الأولى السلاما
ونقنق بطنه ودعا رؤاساً *** لما قد نال من شـــــبعٍ وناما
آخر شعره:
كان آخر ما قال الحطيئة من شعر قبل وفاته في هجاء نفسه:
لا احد ألآم من حطيئة ... هجا بنية وهجا المريه
من لؤمة مات على فريه